{ وصية ممن كان هنا } الوَقْر .. [ حزب المواضيع النثريَّة ]
[ سَعَـادَة ]
تخفيفا من وطأة الحزن التي يشعر بها , و سطوة الألم الضارية التي شلت حواسه , كان يسافر إليها ..
فيلفى عندها السعادة التي يرجو ..
كان معدل سفره إليها يختلف من فترة لأخرى , تبعا لشدة الألم , و الحزن ..
فالعلاقة علاقة - كما يسمونها - طردية محضة , ذلك أنه كلما ارتفع معدل الحزن والألم , كثرت زياراته وسفراته إليها ..
[ صَمَم ]
نفرٌ محسن من الناس نصحوا له , و أخبروه بكل لباقة أن تلك الأرض ليست سوى مثوى العابثين ..
و مكانا للتائهين الذين نبذتهم دولهم , لكون وجودهم بلا معنى ..
و لكن ..
هل يصغي ميــت ؟ّ!
[ عَزَيمَة ]
هكذا - كما ترون - استمر في غيه اللامنقطع , مستمسكا بكلامه هو فقط , معتقدا أنهم لايمكن أن يفهموا علة زياراته وسفراته المتكررة
لها ..
[ مُجَابَهَة ]
وقف هو - وحيدا - بأفكاره تلك عن دولته و أرضه التي أفرط في زيارتها , وجها لوجه مع من نصحه , فقال مبتسما : لن يغير مني أحد
فأنا مقتنع تمام الاقتناع بما أفعل ..
لا مجال للفتنة فيما بيننا ..
فقام حكيم من بينهم , و قال بلطف : نحن لن نصدك عنها إن أنت ضبطت نفسك ووازنت بين زيارتك لها , و بين تواجدك في
عالمنا الواقعي ..
كل ما نحن بصدد منازعتك فيه هو : إفراطك في الزيارة , ونسيانك لموطنك الأصلي ..
و لكن الميت - مثل ما قلت - لا يصغي ..
[ أَجَـل ]
بعد أمد من الزمن ليس بالقصير,عاد أخونا من مكانه الخيالي , و مشى على أرض واقعه المحسوس , فاستغرب كثيرا
أنى له هذا التباين الفظيع !!
لقد انقطع عنه لمدة يسيرة - بالنسبة له - , فكيف بالله حدث هذا ؟
تحسر لما تحسس وجهه فألفاه متشققا شائخا , و نظر شعره في المرآة , و انصدم لمرأى شعره الأبيض , فكأنما الثلج قد تساقط على رأسه
و أبطأ الذوبان ..
وَصِيَةُ مَنْ عَاشَ هَذِهِ الحَيَاةِ ...
جميل هو نسج عالم من الخيال , فهو ببساطة يخرجنا من عالمنا ذا الضغوط و الأحزان , إلى عالم مليئ بالسعادة التي نرجوها , و التي
نكون - أساسا - نحن من بناها ..
إن افتقادنا لها في عالمنا الواقعي , دعانا إلى اختلاقها غي عالمٍ افتراضي الوجود ..
افتح ستائر الخيال , و اجعل نور الواقع يتغلغل في أعماقك , ليذكرك الهدف الأسمى
عزيزي الإنسان ..
هل وجدت يوما مكانا مريحا في سفر , تكون راحته مماثلة تماما لراحة بيتك و موطنك الأصلي ؟؟
قد تجيب بنعم , و قد تجيب بلا ..
فإذا كانت الإجابة نعم , فسأسألك سؤالا آخر ..
هل كنت تشعر بالاستقرار , بنسبة مساوية لما كنت عليه في بيتك و موطنك ؟
أما إذا كانت إجابتك بـ لا على السؤال الأول ..
فدعني أقل لك شيئا ..
إن عالمنا الواقعي الذي تراه حزينا مؤلما مليئا بالضغوطات , ليس إلا جزءٌ من طريق طويل ..
زادنا فيه إيمان بالله , و عدتنا القوة و الصبر و اليقين بأن هذا ليس إلا طريق , لا يجب أن نحمِّله أكثر مما يستحق !!
فلا يجب أن نفرط في التفكير بشأن الأحزان والمصائب التي تلم بنا , بل يجب أن نفكر بكيفية اجتياز هذا الطريق الوعر ..
انس همومك , وواصل سيرك , فإن أنت توقفت عن السير ، فتلك نهايتك !
لاتدع نوائب الدهر تنسيك الهدف , الذي بسببه تواجدت في هذا الطريق الطويل ..
::[ افتح ستائر الخيال,و اجعل نور الواقع يتغلغل في أعماقك,ليذكرك الهدف الأسمى الذي تريد تحقيقه ]::
المفضلات