قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف))
لا شك أن لترابط القلوب والأرواح له في الواقع أثر ، واجتماع الأصحاب والخلان لم يأتي بصدف إنما بقدر . .
والإنسان بطبعه يأنس بغيره ولا يمكنه العيش بمفرده ويستوحش من الوحدة . .
وعلى هذا يختار رفقاء له وأصدقاء يستأنس بهم ويألفهم . . "عدا كون أن له أهل وزوج وأبناء . ." .
عالم الأرواح والقلوب ؛ عالمٌ يختلف عن عالمنا المادّي . .
ومهما كانت الأمصار متباعدة والأجساد متفرقة تبقى للقلوب والأرواح قوانينها غير خاضعة للمادة
يقول العلماء : "الأرواح و إن اتفقت في كونها أرواحا لكنها تتمايز بأمور مختلفة تتنوع بها
فتتشاكل أشخاص النوع الواحد و تتناسب بسبب ما اجتمعت فيه من المعنى الخاص لذلك النوع للمناسبة ، و لذلك نشاهد أشخاص كل نوع تألف نوعها و تنفر من مخالفها ، ثم إنا نجد بعض أشخاص النوع الواحد يتآلف" .
وما دمنا من أبٍ واحد وأمٍ واحدة والخالق هو الله سبحانه وتعالى ، فسنرى الكثير من بني البشر من يوافقنا في الأخلاق والتصرفات والطباع . .
ومن الطبيعي أن النفس تحب وترغب وتميل إلى من تجد فيه الخصال المتشابهة معه والتي تريدها .
وكلٌّ مع ما عليه "نفسه" وينجذب نحوه ، أكانت في الخير والنفس الطيبة أم في الشر والنفس الخبيثة . .
فكما أن المسلم الصالح التقيّ متى ما ذهب إلى أي بلد يبحث عن المسجد أو مظاهر الإسلام فكذلك تجد الفاسق الفاجر يبحث عن المعاصي وبيوت الدعارة . .
وعلى هذا الامثلة كثيرة سواء في تآلف قلوب المؤمنين فيما بينهم ، أو من ترى أنه يشبهك ويوافقك أو حتى من يذهب إلى البلاد الكافرة فانظر على ماذا يبحث فهذا مافي قرارة نفسه !!
ولكل قاعدة شواذ ، لكن في الغالب أن "الطيور على أشكالها تقع" !
ولعل ممن يشذ هنا هم : أهل المصالح الدنيوية ، كالتجار والسياسيين وغيرهم ، فهمهم المادة ولا يأبهون بالنفوس . . نسأل الله العفو والعافية
ولعل هناك نقطة ترتبط بالموضوع وهو أنك قد تلتقي ببعض الأشخاص لأول مرة فتجد الراحة وانشراح الصدر ، وتطمئن نفسك إليه ، والبعض الآخر تعافه وتبغضه من أول لقاء ، حتى لا تعرف السبب !، قد يكون ذلك من الفراسة والتوسم التي جعلها الله في قلب المؤمن (وما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه . .) ، والفراسة : حدة في النظر وصفاء في الفكر . . قال تعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}
عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وَسَل عَن قَرينَهُ . . فَكُـــلُّ قَريــنٍ بِـالمُقــارِنِ يَقتَدي
القرين : الصاحب والصديق . .
فتحرّوا اختيار خْلّانكم ، فالصحبة الصالحة تقودك إلى الجنة والسيئة ترديك إلى التهلكة . .
وما أرفقت الحديث عنها هنا إلا لأنها من علامة ترابط القلوب . .
وكما قالوا : (إياك وقرين السوء فإنك به تُعرف)
ولا تُعرف به إلا لتوافق السرائر والبواطن . .
؛ ؛ ؛
ولطيفة الموضوع بأكمله أني تذكرت الصحبة ونظرت في بعض أعضاء المنتدى وفرحت لأني وجدت ما أريد ، هكذا أحسبهم وأظنهم ولا أستطيع تزكية أحد . . وأتمنى حقاً رؤيتهم وأتوق شوقاً لذلك . .
نسأل الله أن نلتقي بهم في الفردوس الأعلى من الجنة
أدامكم الله صُحبة الخير ؛ ناصحة دالة على البر ، معينة على التقوى ، منجية من كل بلوى . .
وسلامتكم
المفضلات