السلام عليكم ورحمة الله وبركاتٍ منه..


~ {{ مَدخل :.

تطاردنا.. رائحة الطفولة التي عِشناها يوماً..


ونَهرب منها لاهثوا الأنفاس.. حتى يصدمنا ما نهرب نحوه..

بأنه مجرد مرءاة.. لما نهرب منه..





ورَغم برودة ذلك اليوم.. وصوتُ الرياح القاسية يَصُرُّ في النوافذ صريراً يؤذي السامعين..

وقفت بجسدها الهزيل.. وضفيرتها الطويلة تتأرجح ورائها بطفوليةٍ لم يُدركها أحد..

أمام خمسة وعشرون فتاة في عمرها.. ممسكةً بمسطرة المعلمة الطويلة.. وضربت بها طاولة أمامها..

"هل تخشَين المَطر !! ها.. يا للحماقة.. منذ ثوانٍ كنتنَّ تلهون تحته وتلعبن..

هل لأن الرياح اشتدت قليلاً أصبحتنّ ترتجفن وتصرخن!!"

تأملتها تلك العيون الصغيرة لثوانٍ قليلة.. ليبدأن بعدها في اللعن والسبّ لتلك الفتاة الحمقاء التي لا تحس بالخوف..

نبذنها جميعهن.. وعُدن من جديد لصراخهن وعويلهن..

...،،

لم تكن المعلمة قادرة على مفارقة حجرتها.. لأن المطر الشديد والرياح العاتية كانت تحول بينها وبين صفّها..

وأمضت الطالبات حصصهن الثلاث الأخيرة في ذلك الجو الدرامي..

ثمَّ.. وما أن قُرعَ جرسُ الإنصراف.. حتى تأبَّطت كل واحدةٍ منهنّ يدُ الأخرى ومضينَ نحو سياراتهن..

بَقيتْ وحيدةً بعد أن رحل الجميع.. في سياراتٍ دافئة.. تقيهنّ البرد والمطر..

فضمَّت يديها الصغيرتين الى بعضهما البعض.. مُحتضنةً حقيبتها السوداء المملؤة كُتباً..

وخرجتْ من حجرة الصف.. لِتلَفعها الريح.. باردةً جافة.. قاسية حد الألم..

ومضت.. حتى نهاية الساحة الكئيبة.. الغارقة ماءً.. ومَضت في طريقها نحو البيت.. مشياً على الأقدام..

في طريقٍ زَلِقة.. تزل قدمها تارةً في الطين.. وتُسقطها الرياح تارةً أخرى..

حتى وصلتْ.. ملطخةٌ بالوحل.. ومريولها الرمادي إحتوى شَقاً طفولياً أمام رُكبتها..

وخدّيها اكتسبا حُمرةً مُضاعفة.. مرَّت بهدؤ فوق أنفها الصغير البارد..

...،،

في اليوم التالي.. أربعة وعشرون طالبة يتلقين الدرس بهدؤ.. ثم يخرجن وقت استراحتهن..

ليتبادلن الحديث حول كم كانت تلك الـ......... قاسية كالوحش.. لا تخاف من المطر ولا من الهواء الشديد..

ولم يتساءل أحد.. أين إختفت ذلك اليوم..

وتمضي الأيام ....،،



لافِندر }} ~