أتابع ما بدأت به من مقارنة بين السنة و الشيعة نقلاً عن كتاب حقائق مجهولة و اليوم ستكون المقارنة من حيث التقية :
السنة : التُّقْيَة ( هي أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن اتقاء للشر ) و أهل السنة لا يأخذون بها إلا عند الضرورة القصوى و لا يعتبرونها ركناً من أركان الدين ، و إنما هي رخصة شرعية يجوز للمسلم أن يأخذ بها إذا خاف على حياته أو ذهاب عضو من أعضائه و يفضلون الأخذ بالعزيمة و عدم الترخص بالتقية لما للأخذ بالأسباب من الثواب و الثبات على الحق و إغاضة أهل الباطل و عدم فتح الباب للمترخصين بها لغير ضرورة و لأبسط الأمور حتى لا تصبح طريقاً للنفاق و عدم انكار المنكر و قد استدل أهل السنة على مشروعية الترخص بها عند الضرورة بقصة إكراه المشركين للصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنه على التفوه بما يرضيهم من النيل بالإسلام و رسوله صلى الله عليه و سلم ، و ما نزل في ذلك من إعذاره رضي الله عنه بقوله تعالى : (( إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان )) فقد بينت هذه الآية نوع الضرورة الملجئة للتقية ألا و هي الهلاك المحتم الذي كان ينتظر عماراً رضي الله عنه لو لم يجبهم لطلبهم لساناً .
الشيعة : يعد الشيعة التقية عقيدة من عقائدهم الأساسية ، و يعدون من ينكرها كافراً فقد نقل الكليني عن الإمام جعفر الصادق أنه قال : ( التقية من ديني و دين آبائي و لا إيمان لمن لا تقية له ) و نقل أيضاً عن الإمام الرضا أنه قال : ( لا دين لمن لا ورع له ، و لا إيمان لمن لا تقية له ) الكافي ص 483 . و لهذا توسع الشيعة في استعمال التقية لضرورة و لغير ضرورة باعتبارها ديناً لا رخصة يلجأ إليها عند الضرورة . حتى أنهم وصلوا بها إلى درجة الهروب من كثير من المواقف التي تستدعي الوضوح و المصارحة و قول الحق ، بل وصلوا بها إلى مراتب الكذب و النفاق بإظهار الود الزائف و النصح الكاذب لمن يرجون منه مصلحة ، أو يأنسون منه قوة ، أو يخافون منه أذى و إن كان بسيطاً أو بعيد الوقوع حتى أنهم ادّعوا أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد بايع أبا بكر رضي الله عنه ( تقية ) و الظن فيه أنه لم يبايع أبا بكر تقية و إنما بايعه بعد أن علم أحقيته بالخلافة بمبايعة جميع الصحابة رضي الله عنهم له ، بدليل أنه لما تمت البيعة له بالخلافة بعد قتل عثمان رضي الله عنه و أصبح أهلاً لها قاتل معاوية رضي الله عنه و من معه دفاعاً عن حقه فيها ، فلو كانت له ابتداء على زعمهم لم يبايع أبا بكر و لسل السيف دفاعاً عنها و هو من هو شجاعة و إقداماً ، و لما سلمها تقية و إيثاراً للسلامة كما يزعمون .
المفضلات