السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هل يمكن أن يكون التطور شيئا سيئًا و غير مرغوب فيه ...
كنت قد قرأت منذ شهر مضى مقالا في كتاب لمفكر اسلامي محترم ومشهود له بالصلاح والاعتدال ولانزكي على الله أحدا أ.د. عبد الكريم بكار بعنوان " النمو ليس بهدف " وتوقعت أن يكون جوابا مناسبا لهذا السؤال
لا أدري أرجو أن تشاركونا اراءكم...
وهذا هو المقال وهو طويل قليلا فتحملونا إذا كان "رخم " على قول إخواننا المصريين
النمو ليس بهدف
[SIZE="5"]يكتسب مفهوم النمو في ظل العولمة التي تجتاح العالم أهمية إضافية حيث أن عقليتنا تتغذى اليوم بمفاهيم أجنبية كثيرة تجافي روح ثقافتنا الإسلامية الأصيلة . وقد أضحى اكتساب المزيد من القوة والسيطرة وتكديس المزيد من الأموال من أهم المفاهيم الجذابة في العصر الحديث وأكثرها تأثيرا في توجيه السلوك و العلاقات الإنسانية.
إن الغرب الذي يعد المحرك الرئيسي للعولمة والمستفيد الأساسي منها لا يمتلك أي أهداف حقيقة تتجاوز الحياة الدنيا ولذا فإنه قد اعتمد النمو في كل الاتجاهات وكل المجالات بوصفه الهدف الأسمى والأكثر جاذبية وتألقا .
وقد كان مفهوم النمو في العقلية الغربية يشمل التنمية الروحية والأخلاقية والمادية وقد قلصه الغرب ليدل على التنمية المادية فحسب . وبما أن النفس الإنسانية لا تشبع من جمع الأموال وامتلاك الأشياء وبما أن المال في الأصل محدود فقد نشبت منافسة أممية ومحلية ضارية على امتلاك أسباب الثروة ومصادرها .
ويجري الآن من خلال تلك المنافسة نشر أسباب هائلة من الفساد والتخريب فالمصادر الأولية غير القابلة للتجدد تستنفد بسرعة و البيئة تلوث و الظلم وأكل الحقوق في تزايد مستمر وأمراض كثيرة مثل الكذب والرشوة تستفحل وأكل الربا والمتاجرة بجسد المرأة والخروج على القوانين المرعية في تصاعد . وقد أضحى كثير من الناس يقومون بأعمال لايقوم بها الحيوان الذي يتهم دائما بالانحطاط . إن الحيوان لا يصاب بالتخمة كما هو شأن الإنسان كما أن المفترس منه لا يفترس أكثر من حاجته على حين أننا نرى كثيرا من الناس يمارس التضييق والتجويع ضد مئات الناس ممن يعملون لديه من أجل زيادة درجة رفاهيته أو رفع أرقام أرصدته .
إن الرؤية الإسلامية في هذا الشأن شديدة الوضوح والتألق كما أنها عظيمة الرفعة والمستوى ؛إنها تنظر إلى النمو على أنه لا يصلح أن يكون غاية نهائية ، بل ينبغي أن يكون طريقة للوصول إلى أهداف مشروعة ، كما أن المال على وجه الخصوص هو أداة لتبادل المنافع وقضاء الحاجات وكسب رضوان الله تعالى .
وفي الكتاب والسنة الكثير من النصوص التي تحذر من الركون إلى الدنيا واستهداف الاستمتاع بها ، وتحويل امتلاك المال إلى هدف نهائي . يقول الله جل وعلا " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أأعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " وفي حديث الشيخين : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله ، فقال : "إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها " وفي حديث الترمذي : "إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال " . وفي حديث مسلم : "قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا وقنعه الله بما اتاه " .
حين يكون النمو هو المنتج الطبيعي لتأدية الأشياء بطريقة صحيحة فإنه يكون خيرا وبركة على صاحبه وعلى المجتمع المسلم وسيلقى صاحبه المعونة من الله تعالى على توظيف ما كسبه وانفاقه في طرق مشروعة على ماهو الغالب فيما نشاهده من أحوال الناس . ولكن حين يصبح النمو نفسه هدفا فإنه يتحول إلى محرض على رسم الأهداف المستحيلة وسلوك السبل الشائنة . إنه انذاك يعبر عن شهوة مستعرة اكثر من ان يعبر عن أي شيء اخر .
إن الإسلام لايريد من المسلمين أن يكونوا فقراء يعانون من ويلات الجدب وضيق ذات اليد لكنه يريد من الواحد منهم ان يجعل امتلاك المال جزءا من عتاده للاستقامة والصلاح والفوز بالجنة كما في قوله عليه الصلاة والسلام " نعم المال الصالح للرجل الصالح " . وهذا في الحقيقة أكبر ضامن لجعل المسلم يتحرز من اكتساب المال من طرق غير مشروعة واكبر ضامن كذلك لجعله يتحرى المواضع والمجالات التي ينفق فيها ماله .
إن المسلم الذي يكتسب المال من أجل اعفاف اسرته وصلة رحمه والإنفاق في سبيل الله تعالى وتشغيل إخوته من المسلمين في الوظائف التي يوفرها المال يجد دائما الروادع التي تردعه عن سلوك السبل غير المشروعة للحصول على المال . إنني أعرف أن السباحة ضد التيار الجارف ليست بلأمر اليسير ولايقوى عليها كل الناس لكن أعتقد ان اغناء حياتنا بالانشطة الروحية والدعوية والأدبية و الإنسانية سوف يخفف من الطلب على المال .
وقد دلت بعض الدراسات على أنه كلما ارتقى المستوى المعرفي والعقلي للإنسان قل إقباله على الزخارف والكماليات وضعفت شهيته نحو استهلاك الأشياء والعكس صحيح . فإذا أردنا فعلا أن نحاصر الكثير من الشر الذي ولده استهداف النمو فلنبدع في ايجاد الأطر التي تساعد الناس على إغناء حياتهم بالأنشطة التي لا تستهدف الحصول على المال ولاتحتاج إليه .
[/SIZE]
خلص المقال والحمد لله
أرجو التفكير بالعنوان قليلا
فقد يكون الجواب بديهيا
ولكني وجدت نفسي لم أجب بشكل صحيح في الماضي
اسف على الاطالة أرجو أن تشاركونا
والسلام عليكم ورحمة الله
المفضلات