المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [إبداع] ~~ نـــــور القدر ~~~ {الروايـــــة}



Lara_300
21-1-2007, 03:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


~~مـ ــقـــ ـــــــد مـــ ـــة~~


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~



ها أنذا .. وضعت القلم .. وركنت الأوراق في تلك الزاوية .. توجهت لحاسوبي الحبيب .. نقرت أزرار كيبوردي المقرّب .. ظهرت صفحة منتداي الغالي .. ابتسمت ، صمتت ، فكّرت ، حاولت أن أبدع قدر الإمكان .. ترددت حين دخلت لهذا القسم ، لأن دخولي له هذه المرة ليس عادياً ..


فسأضع هنا اول رواية تستطيعون أن تطلقوا عليها مسمى {رواية} كتبتها بقلمي ..
أعترف أنني لم أكملها بعد .. لكنني أحببت أن أحاكي ولادتها هنا , في منتداي الغالي ..


لقد أنهيت منها جزءاً , كبيراً بالنسبة للكلمات والصفحات..
قليلاً من الأحداث..



لكنني لن أبخل عليكم بأي جديد بها , وسأستمر بالكتابة , وأضع لكم كل جديدٍ منها بإذنه تعالى..
لكن , بين الآن ولاحقاً ..



إخوتي وأخواني الكرام .. نوع الرواية , لا يندرج تحت نوعٍ معين ,, فعند قراءتها ، قد تعتقدونها(اسلامية ) , أو ( بوليسية) ، أو (عاطفية) ..




:وعندي ملاحظة::
: أكره كلمة (رومانسية) , فهي تعطي معناً خاطئاً للمقصود .. فقصتي لها هدفٌ ظاهري ومغزى .. وبإذن الله تستمتعون بقراءتها حتى النهاية ..


أما عن (آرائكم وانتقااتكم وتعليقاتكم ..) فأرجو من لديه أيٌ منها التوجه إلى موضوع ساحة النقاش ..



من هذا الرابط ..



~ ساحة النقاش على الرواية ~ (****************************************************?t=7692)



وقد تم تحديد مدة مؤقتة لتنزيل الأجزاء ..



فبإذن الله .. كل 5 أيام.. تجدون رداً جديداً على هذا الموضوع .. فيه التكملة ..


ويداً بيد .. معكم أنهيها على خير .. وأتمنى للجميع قراءة موفقة وممتعة ..


~~~~~~~~~~~~~~~~
لكم مني أعذب وأرق التحايا أحبائي ..
~~~~~~~~~~~~~~~~


الرواية ابتداءاً من الرد التالي ..

Lara_300
21-1-2007, 03:22 PM
الجزء الأول
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
دَخَلَتْ إلى قاعة المحاضرة , وانْتَظَرَت بصبر انتهاء الطبيب من الحديث .. لتعود لمنزلها بعد ارهاق يومٍ طويل , تنقّلت فيه بين عدة محاضرات , وبعد خروجها
, استوقف الطبيب((طبيب الجامعة)) صديقتها حنان التي اشارت لها بتحية سريعة مودّعة , ذهبت حنان لترى ما يريد الطبيب منها , سألها :
-آنسة حنان , أريد أن أستفسر عن صديقتك "حبيبة" ,,؟؟ لماذا تغيبت طوال هذه الفترة ؟؟ وبعدها تعود متعبة هكذا وهبط مستواها بشكلٍ كبير ؟؟



ابتسمت حنان , ودائماً ما تبتسم عندما ينطق مواطني كاليفورنيا اسمائهم العربية بهذا الشكل "هنان" أو "هبيبة" .. طبعا حرف الحاء ينطقونه "هاء" ..
وأطلت من عينيها نظرات تأسف , وقالت للطبيب :
-انها حالة مؤقتة , أنا واثقة , فقد مرت بظروف صعبة قبل ايام .. لكنها مثابرة وقوية العزيمة وستتعدى الامر مع الوقت ..
-أتمر بأزمة عائلية أو ما شابه ذلك ؟
-بل الأزمة , هي انها فقدت عائلتها ,, أمها المطلقة تعيش في موطنها , ووالدها توفي قبل ايام , وتركها هنا , وأنت تعرف أننا في بلدٍ أجنبي , كلٌ منا تواجد هنا لظروفٍ مختلفة .. فهي وحيدة الآن ..
-نعم ... أقدر هذا ,, شكراً لك يا آنسة حنان على وقتك , كان الله في عونها , لكنها فتاة مجتهدة ,. أشعر بالأسى عند تراجع أي طالبٍ عندي .. أتمنى لكما التوفيق ,, عذراً... سأنصرف الآن ..
-شكراً لك أستاذ "ادوارد" ,, وداعاً ..
سارت حنان في ممرات الجامعة , وهي تأمل أن تعود "حبيبة " ,صديقتها الوحيدة والحبيبة, كما كانت , لكنها كانت واثقة من أنه لا شيء قد يقف أمام قوة ايمانها ومثابرتها .. فهي دائماً قدوتها و اقرب الناس لقلبها ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


أما عن "حبيبة " , فبعد وصولها لمنزلها الصغير , دلفت للمنزل بخطواتٍ بطيئة , وكأنها تترنح في مشيها , كانت مرهقة بحق ,, ومن كل النواحي , لم تعد تنام جيداً , بعد أن أصيبت بنوعٍ من الأرق , فصارت تدرس وتصلي ليلاً وتدعوا الله أن يطمئن قلبها ..

استلقت على فراشها وهي مازالت تفكر في حالها , وكم هي ممتنة لصديقتها الوفيّة حنان , التي لم تتركها في أصعب أوقاتها , ومن المؤسف أنها ستسافر في الغد مع أسرتها لحضور مناسبة عائلية في موطنها , وهذا مما يزيد الطين عندها بلة .. فستبقى وحيدة تماماً ..
كانت الايام الماضية صعبة , كان والدها قاسياً جداً , ويجبرها على فعل اشياء لم تكن ترغب بها , كدراستها الحالية , والتي ستكملها رغماً عن أنفها رغم وفاة والدها , لأنها لا تريد تضييع دراسة ثلاث سنواتٍ سُدى ,, قضتهم مجبرة , وستكملهم كذلك ., وكان والدها من القسوة حيثُ طلّق والدتها , فاضطرت الأخيرة ُ للسفر وترك ابنتها تحت رعاية والدها , ولكنها على اتصال بحبيبة على الدوام...
. , بعد وفاة والدها , اقترحت والدتها عليها ان تأتي لتعيش معها الى أن تكمل
دراستها , لكنها رفضت بسبب ظروف والدتها الصحية المتدهورة , وأنها لن تتمكن من الاعتناء بها بشكل جيد بسبب الدراسة المكثفة , وبدلاً من ان تحيط الام ابنتها بالرعاية , سيصبح العكس ,, لذا قررت انهاء هذه السنة الأخيرة , والعودة إلى وطنها وأهلها ..

حبيبة فتاة مؤمنة وملتزمة , ومحتفظة بحجابها على عكس زميلاتها الذين يجدون في التغرّب فرصة للتحرر من قيود الشرع والوطن , وتستعين بالله دوماً , و لا تهتم ما دامت توكلت على ربّها ,,
مرّت الأيام .. وبدأت نفسيتها تتحسن , وبدأت حبيبة تعود إلى شخصيتها القديمة , المعروفة بين زميلاتها .. ولكن الامر الذي كان يضايقها هو سفر حنان الذي قد يطول لمدة شهرين على الأكثر .. فقد اعتادت وجودها بالقرب منها ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
اليوم , أنهت حبيبة امتحاناتها لأول الشهر ,وعادت إلى منزلها وهي سعيدة , لأنها راضيةٌ عن تقديمها لامتحاناتها , وتشعر بأنها لم تقصر تجاه دراستها كالسابق
, صلّت العصر , ثم تناولت وجبةً خفيفة , وذهبت لتتصل بوالدتها التي تنتظر منها طمأنة ً على احوالها ..
نسيت أن أذكر لكم , دخل حبيبة المادي , يعود لوالدها الذي ترك لها إرثاً قيّماً ,وشركات خلّفها والدها يديرها اقاربها في الوطن, ولديها عملٌ جانبي يوم الخميس
من كل اسبوع ,..
ضربت اناملها رقم والدتها , وانتظرت طويلاً ,, واتصلت مرةً أخرى , وأخرى , لكن لا مجيب , حطّم القلق قلبها , وفجأة شعرت بصوتٍ ما حولها , فأغلقت الهاتف , واستدارت بخوف وقلق لترى مصدره ,,جزمت بأنه قادم من الخارج , فلا يمكن أن يحدث من داخل المنزل بتاتاً ,, فهي وحدها ..
استعادت شيئاً من هدوئها , ورفعت سماعة الهاتف الى أذنها وأعادت الاتصال , وهي تحدث نفسها " أين أنت يا أمي , أسأل الله أن لا تكوني أصبت بمكروه "
, وكادت تقع من الفرح , إذ سمعت صوت والدتها على الطرف الآخر , وهي تجيب بصوتها الوقور الحنون :
:السلام عليكم ..
- وعليكم السلام أمي الحبيبة ..
- أهلاً بنيتي غاليتي .. أخبارك حبيبتي حبيبة ؟؟"
- الحمد لله , بخير حالٍ يا أماه ..
- هاه ..ما فعلتِ بامتحاناتك ؟؟
- الحمد لله اجتزتها بسهولة ..
- أسأل الله أن يوفقك ويحفظك ويعيدك لنا سالمةً عزيزتي ..
بينما هي تحدث والدتها إذ تسمع صوتاً قوياً مدوياً ..فارتعدت أوصالها وشهقت في خوف , فقد كان يبدو واضحاً أنه صوت رصاصة اخترقت الاجواء خارج المنزل ..
أدركت أنه هناك معركة ما , ولم العجب؟؟ , فهي في بلدٍ تباع بها الاسلحة للاطفال , لكنها المرة الاولى التي تسمع شيئاً كهذا في منطقتها , ..انتبهت حبيبة لوالدتها التي تهتف في قلق

"حبيبة ..حبيبة .؟؟؟"
- نعم يا أماه .. آه ..لقد حدث شيء ما ..
- ماذا هناك , ما هذا الصوت؟؟
- لا عليكِ يا أمي يبدو انه قادم من بعيد
-حفظك الله .. أنا قلقة عليكِ كثيراً ..
- لا داعي لذلك أمي , أنا بخير , ولن يصيبني مكروه بإذن الله..
-بإذن الله عزيزتي ..
.. حسناً امي .. سأتصل بك يوم السبت إن شاء الله ..
- حسناً حبيبتي , في حفظ الله ورعايته ..
انهت المحادثة وتوجهت للنافذة في قلق .. ونظرت خارجها , فرأت مجموعة من الرجال يحومون حول منزلها والمنازل القريبة, ما إن رأتهم حتى وضعت يدها
على فمها من الدهشة القلقة , فقد رأتهم مسلحين , وكلٌ منهم يجري في اتجاه , كما المطاردات في الأفلام ... تجاهلت الأمر , وجعلت تخاطب نفسها " لا علاقة لي بالامر , هذه البلد كريهة .. متى أعود للوطن؟؟" ..لكن ما أقلقها أن منزلها هو الوحيد الشاغر , فالمنازل حولها سافر أهلها وبعضها غير مستأجر , فقد أعدّت للطلاب والطالبات للدراسة أو للأسر الصغيرة , فكان منزلها يتوسط ثلاث منازل مهجورة .,.
توجهت لغرفتها و أحست بالملل الشديد , فقرأت بضع آياتٍ من القرآن , وصلت فرضها , وبعد ذلك استغرقت في النوم

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الجزء الثاني
~~~~~~~~~~~~~
~~جيم~~
في منتصف الليل , والقمر يتوسّطُ كبد السماء , وفي منطقة منزل حبيبة بالتحديد .. تحرك خمسة رجالٍ بملل , وشيّعهما خامسٌ ببصره من داخلِ سيارة ذو طرازٍ راقي ذات لونٍ أسود ,, ثم فتح بابها أخيراً وخرج منها هاتفاً :
" أريد أن أجده بأي طريقة ..!!"
هتف أحدهم ."لا أثر له يا سيدي "
" انه لم يغادر هذه المنطقة , لقد حاصرها سام و طوم وفريقهما , ولم يخرج منها بالتأكيد "
"اننا نبذل قصارى جهدنا يا سيد مات "
ثار مات بأعلى صوته وتحرك من جانب سيارته باتجاه الرجل في غضب :
"كم مرةً قلت لك أيها الحقير , لا تنطق اسمي على لسانك القذر مرةً أخرى .."
وأمسك الرجل من ياقته بعنف وأطاح به :
"اذكره مرةً أخرى و سأرسل فاتورة لأهلك بسعر رصاصة ،اخترقت دماغك الغبي .."
قال الرجل في ذعر :
"آسفٌ يا سيدي .. لن تتكرر ثانيةً ..أرجوك "
وانحنى أرضاً يطلب السماح من مات .. فرمقه الأخير بنظرة احتقارٍ بغيضة , وركب سيارته ,. وألقى ببعض الكلمات عبر نافذته التي فتحها قليلاً :
"لا أحد يغادر حتى ظهر الغد , وسأبلغكم حينها بالأوامر الجديدة , ابحثوا في كل شبر وكل سانتي متر , لا تتركوا أي شيء , حتى لو اضطررتم لاقتحام
المنازل .. افعلوا ذلك بلا تردد .."
تابعه الرجال بأنظارهم وهو يغادر المنطقة بسيارته .. وفور مغادرته , صاح الرجل الذي أخطأ بذكر اسم مات ,في غضب :
".تبــــاً....ذاك المتحذلق "
قال له أحدهم :
"هـــــــيه جاك .. لا تفقد أعصابك ,., الرجل الذي نبحث عنه مصابٌ وسنجده بسهولة "
جاك :
"ذاك الحقير , سأقتله فور رؤيته "
تابع جاك :
"كنت أظنه رجل أعمالٍ عادي ْ , يبدو أنه داهية ..كيف استطاع الفرار منا .. نحن رجال مات واطسون ..لو سمع رجال المافيا ذلك لاستهزئوا بنا "
قال رجل منهم :
"لو سمعك مات وأنت تذكر اسمه ثانيةً, لاضطرت عائلتك لدفع ثمن الرصاصة..."

" هاهاهاها , وتظنني أخشى منه ..ذلك الحقير ... لستُ خادماً عنده ليهينني بتلك الطريقة ..!!"

" ولماذا كنت ترتجف خوفاً أيها الذكي ؟؟؟ لدرجة انك جثوت تحت قدميه!!"

"هههههه ... ألم أخبرك أن لي تجربةً في التمثيل من قبل .. ثمّ إنني لم أشأ أن أفقد مصدر رزقي ..فقط"
وبينما هم في نقاشاتهم تلك ,, مرّ خيالٌ من خلفهم , لرجلٍ في أوائل الثلاثينات تقريباً , تسللّ من خلفهم في سرعةٍ وخفّة , دون أن ينتبه من هؤلاء المعتوهين أحد
, واتجه نحو أحد المنازل , ذات الشرفات المفتوحة من الخارج ، ذات السور القصير, حيث تسمح لمن بالخارج بالدخول إليها , بينما تكون مغلقةً من الداخل
بإحكام .. ...
وبمهارة , حاول فتح الشرفة , وحركها في قوة , حتى لانت معه , وانفتحت , فأسرع بالدخول إليها , وأغلقها خلفه , ليتنفّس الصعداء ..
كان يعلم ان هذه المنطقة لا يوجد بها الكثير من السكان , لذا لم يتوقع أن يتواجد أحدهم هنا .. لكنه ما أن رأى الأثاث , راوده الشك في وجود سكان بالمنزل ..
كان المنزل يغرق في سكونٍ وظلامٍ تامّيْن ,
تحرك في حذر , وهو يمسك ذراعه التي كان بها جرحٌ بسيط , جلس على الأريكة التي أمامه في بطىء , لم يكن يستطيع الرؤية بوضوح في الظلام الدامس الذي يغرق فيه المنزل , أراد أن يقوم من مكانه لكنه تعثّر فجأةً وبدون سابق انذار , ليُصدر صوتاً كفيلاً بإزعاج شخصٍ نائم ..
انتفض واقفاً , فقد سمع صوتاً يصدر من مكان مجاور .. يبدو أن المنزل لم يكن خالياً كما يعتقد .. ترى ماذا سيفعل الآن ..؟ وكيف سيكون موقفه ؟؟....
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

Lara_300
21-1-2007, 03:27 PM
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ِِ~~جيم~~
لم أكن أعرف كيف أتصرف في مثل هذا الموقف ..!! من المؤكد أنني سأكون في ورطةٍ الآن ,حين يراني ساكنو هذا المنزل , قد يصدر أحدهم صراخاً ,فينكشف أمري ,أو قد يعتقدونني لصاً , ويهاجمونني , وقد ...

"يا إلــــــهي ..!!!!!!!"

انطلقت هذه الكلمة من صوتٍ ملؤه الخــوف والرعب , التفتت في خوف وتوتر مماثل , لأراها ..
فتــاة .. يبدو أنها تعيش هنا بمفردها .. كانت تحدق فيّ برعبٍ وعينان متسعتان عن آخرهما , وفمٍ مفتوح من الصدمة , ووقفت أنا أحدق فيها بالمثل , لم أتوقع أن تعيش فتاة هنا .. لا أدري لماذا , مع أنه شيء طبيعي , لكنه ليس كذلك في مثل موقفي ..
عندما أفاقت قليلاً من الصدمة , تحسَّسَتْ رأسَها , >ربما ظنَّت أنها فقدت عقلها< ..و ركضت فزعةً ثم اغلقت عليها باب إحدى الغرف وعادت بعد قليل . لكنها لم تكن كما كانت قبل قليل... كان تضع عليها رداءا طويلا محتشما وتغطي شعرها بقطعةٍ ما ... تشبه ما تضعه النساء في القنوات العربية ..
صرخَت في غضب :

"من أنت ؟؟ "

حمدت الله أنني كنت أرتدي بذلة عملي , فمنذ أن حصل معي ذلك الحادث مع هؤلاء الاشرار , وأنا في مطاردة مستمرة معهم .. ولو كنت أرتدي شيئاً آخر لتأكدت أنني لص .. لكن يبدو أنها ذكية وشجاعة , بعكس ما توقعت , فها هي تواجهني بشجاعة .. لكن مهلاً , ذلك الشيء الذي وضعته فوق رأسها , .....صحيح
..يبدو أنها ....

" كيف دخلت إلى هنا أيها اللص ؟؟ من أنـــت ..؟؟ أنا أحدثك ؟؟ هذا منزلي , لا يحق لك اقتحام منازل الآخرين بهذا الشكل !!؟!"

قاطعتني بسيل الكلمات هذا .. بصراحة ، لا أدري ماذا أصابني وقتها , لقد كنت أقف كالــ >مسطول< .. وخرج مني السؤال هكذا بدون أي عقبات ..

"أنت مسلمة ؟؟"

طرحت سؤالي .. وانتظرت الجواب كالأبله ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~حبيبة~~~
لا أستطيع شرح موقفي , فقد كنت أكاد أموت قلقاً وخوفاً من ذاك الصوت الذي سمعته من داخل منزلي , وبعد أن استجمعت شجاعتي ,
انصدمت بوجود ذلك الشخص في ردهتي الصغيرة ...
, لم أكن أرتدي حجابي , إذ لم أتوقع أن يحدث ما يحدث أبداً
,, ولكن ذلك الشخص يبدو من مظهره أنه ليس لصاً,,
لكن كيف يجرؤ على اقتحام المنازل هكذا ؟؟ ... القانون يعاقب على هذا بالتأكيد ..
عندما دخلت غرفتي كنت أبحث عن وسيلة اتصال كي اتصل بالشرطة , لكنني تذكرت أن هاتفي المحمول في الردهة والهاتف الآخر كذلك ..!
كنت واثقة من قدرتي على مواجهته , فأنا بطبيعة الحال لست جبانة , فأنا لا أخشى أحداً مثله , لكن ماذا لو كان يحمل ....سلاحــاًً؟؟!!!!!!!
واجهته بسيل كلماتي التهديدية , لكنني صعقت بسؤاله الغريب ، الذي ألقاه وكأنه سيّد الموقف , غير مبالٍ لما قلته صارخةً به قبل قليل ..
.................................................. ...................
~~جيم ~~
خرج سؤالي هكذا لا شعورياً , تعلمون .. قد يصدر من الانسان أحياناً أفعال وأقوال لا شعورياً ..
وقفت الفتاة برهةً تنظر باندهاش ٍ حيران ..تأمّلتها للحظات , وكأن المجال مفتوح لي ,, ..
كان وجهها صافياً ويشوبه بعض السمار , او بالاحرى ، قمحياً يميل الى البياض .. وتملك شامةً صغيرة بخدّها الأيمن , تُظهر بشرتها أكثر بياضاً مما هي عليه..
كانت من نوعية الناس الذي اذا نظرت الى وجوههم احسست بالراحة تجاههم , وشعرت بالهدوء والامان .. أتعرفون ذلك النوع من الناس؟؟
وأكبر دليلٍ هو هدوئي في ذلك الموقف واقوالي الغير مناسبة .. وإلا بم تفسرون ما فعلت , بدلا من أبدأ بشرح موقفي ؟؟؟؟؟؟
لا اعلم ..ولكن هؤلاء الناس تشعر نحوهم بجاذبية تجعلك تتمنى مرافقتهم ومصاحبتهم على الطوال..
لا تتوقعوا انني >فصفصت< شخصيتها وملامحها في هذه الثواني , لكنني اصف لكم انطباعاتي اول ما رأيتها .. وتلك المصادفة في الموقف الذي لا أحسد عليه ..
تنبهت إلى صوتها الذي يقول في هدوء :

" نعم , أنا مسلمة ..."

قلت بسرعة :

"أووه ..كما توقعت .."

عادت تقول بأسرع مما قلت :

"لكن من أنت .. لا أظن أنك لصٌ أو ماشابه ذلك !! , هل لك علاقة بالازعاج المستمر منذ الصباح في المنطقة ؟؟ وكيف تقتحم منزلي هكذا؟؟؟ ألا تعلم أن هذا مخالف للقانون ؟؟؟ ماذا تريد ؟؟؟؟"

قلت مترجيّاً:

" أنا لست لصاً , أرجوكِ .. أنا أطلب منك حمايتي لبعض الوقت , اسمحي لي بالمكوث لبعض الوقت..فقط ..وسأشرح لك كل شيء "

تطلعت حولها في تفكيروحيرة .. ثم عادت تنظر إليّ قائلةً :

"حسناً..."

جلست على الأريكة بارتياح ... وتنهدت في عمق ... قائلاً في امتنان :

"شكرا لك يا آنسة .."

قالت لي متسائلة :

"من أنت بالضبط ؟"

تنهدت ثانيةً .. ثمّ قلت في هدوء رغبةً في توضيح الصورة :

"أنا جيم ويلسون , رجل أعمال , أدير شركة "فاست ديب" للاستيراد والتصدير .. .."

قبل أن أكمل حديثي ..لمحت أمارات الاستنكار والدهشة على وجهها , فأسرعت أكمل بدون ترتيب للكلام .:

" لقد تعرضت لمحاولة قتلٍ مدَبّرٍ هذا الصباح , لاكتشافي احداثاً رهيبة تحدث في المدينة .. لكن أولئك الأشرار لم يدعوا لي الفرصة حتى للتفكير , وأسرعوا بمحاولة التكتّم علي"

صمتتُ ولم أكمل حديثي , متأملاً أن يصدر منها أي تعقيبٍ أو تعليق ,, لكنها بقيت صامتةً .. فأكملت :

" ولحقوا بي صباح اليوم , من منزلي مطاردةٍ بالسيارات , إلى أن وصلت إلى هذا الحيّ المليء بالمنازل , فأخفيت سيارتي وخرجت سيراً على الأقدام , .. لكنهم لحقوا بي , وهكذا إلى أن وصلت لمنزلك هنا , .."

لم تنفرج شفتاها عن أي حرف .. تابعت :

"أنا آسفٌ حقاً لما فعلت ,, لكن لم يكن أمامي حلٌّ آخر .. أنا حقاً آسف .."

طأطأت برأسها متفهمة , وقالت في تساؤل :

"إذن فهؤلاء الرجال المسلحين كانوا يبحثون عنك ,؟؟"

أجبت :

"نعم .. وما اكتشفته بصدد أولئك الرجال , متعلّقٌ بعملي , وكأيّ شريفٍ و مخلصٍ لوطنه والقانون , كان يجب عليّ التبليغ عنهم .. ولذلك تمّ اختطافي "

قالت :

"نعم .. فهمت .."

قلت لها بارتياح :

"إذن ستسمحين ببقائي لبعض الوقت ..؟!"

هتفت في دهشة :

"ماذا ؟؟؟؟!!"

كررت في عجب :

"ماذا ماذا ؟؟"

تابعتُ :

"إنهم بالخارج ينتظرون لحظة ظهوري لينقضوا عليّ , أو يرموني بسيلٍ من رصاصاتهم .."

قالت في ارتباك :

"لا ......... ، أقصد نعم .. ولكن ... أه .. حسناً .. كم من الوقت ؟ ... أعني .."

قاطعتها :

"أنا آسفٌ حقاً , لكن... يمكنني المكوث حيث تشاءين , حتى وإن بقيتُ جالساً عى هذه الأريكة إلى أن تمر الأزمة على خير , فهذا عائدٌ لكِ .."

قالت باعتذار :

" حسناً ... أنا آسفة , لكنني مسلمة , وهذا أمرٌ غير معتادٍ لدينا وغير مسموح ..انتظر قليلاً .."
قبل أن أنطق بحرف , قامت من مكانها ودخلت إلى تلك الحجرة -نفسها- ..

.................................................. ..........................
ترى كيف ستتصرف حبيبة الآن ـ بعد ان اضطرت لحماية "جيم" ...؟؟

وماذا سيحصل مع تلك العصابة , التي أصبحت خطراً يهدد حبيبة أيضاً ..؟؟؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~~~~~~~~~~~~
~~~حبيبة ~~~
كيف اصف لكم حالي ..
تخيلوا حال فتاة ملتزمة , يقتحم منزلها رجل أجنبي , و.. ويطلب منها حمايته ..!!
ماذا عليّ أن أفعل ...؟؟ لكنه مسكينٌ حقاً ,, ويبدو أنه شخصٌ محترم .. "رجل أعمال"؟؟!! ... شيٌ غير متوقع ..
شعرت ببعض الاندهاش من تلك المواقف التي يضعني بها القدر ..
ترددت كثيراً .. كيف أفعل هذا يا إلهي ؟؟ هل يجوز لي ابقاءه هنا ؟؟؟ لم أجرؤ على التعامل مع أي رجل كان في حياتي ... لكن هذه المرة .. فأنا مضطرة لكل شيء ..
آه .. يا إلهي أرشدني ..
أخرجت ملائةً وفراشاً إضافياً ومعه غطاء سميك , وعدت للردهة , ووضعتها على الأريكة بجانبه .."جيم " ..
قلت في تردد :

" أه .. هذا فراشٌ إضافيّ كنت أحتفظ به , يمكنك استخدامه , فأرض الردهة باردة جداً , والأريكة غير مناسبة للنوم .."

أجاب في امتنان واضح :

"لا أعرف كيف أشكرك آنسة ...!!"

قلت ببعض الارتباك :

"اسمي حبيبة .. "

كرر في استغراب :
"حبيبة ؟؟ أنت عربية ؟"

منعت نفسي من الابتسام كالعادة , ..ولطالما فعلت أنا وحنان, حين ينطق الأجانب اسمنا بهذه الطريقة "هنان/هبيبة" مع أننا اعتدناها , لكن بكل مرةٍ نبتسم وكأنها المرة الأولى .,,

قلت :

"نعم أنا عربية .. وأدرس هنا"

قال في تفهم ..:

"هكذا إذن .. لكن لهجتك صحيحة تماماً , حتى ظننت أنك مواطنةٌ من المدينة"

قلت:
" هذا يعود لنشأتي هنا , واتقاني للإنجليزية منذ الصغر .."

أومأ برأسه قائلاً :
"هذا رائــع .."

لم أملك سوى الابتسام .. ونهضت قائلةً :
"حسناً , سأترك المكان لك , أتمنى أن تمر هذه الأزمة على خير .."

قال :
"حقاً أنا مدينٌ لكِ بالشكر ،آنسة حبيبة ..وسأغادر حالما أجد المفرّ .. تقبلي اعتذاري "

قلت مغادرةً الردهة :
"لا بــأس "

توجهت لغرفتي , واغلقت الباب من خلفي ,, لم أستوعب بعد ما حدث ..!!
ماذا سيفعل أولئك الرجالُ بالخارج يا ترى ؟؟
أما "جيم", أسلوبه أنيق ومحترمٌ جداً في حديثه وتعامله .. على عكس غيره من مواطني هذه البلدة , فجميع من صادفتُ منهم يملك بعض الطباع الخشنة والمائلة للسيئة , كفظاظة ألفاظهم .. و>شوارعيتها< بعض الشيء ,, مسكين حقاً. .

أتمنى أن تزول عنه أزمته , كدت أدعو الله له ,, لكنني تذكرت أنه مشركٌ أجنبي , فدعوت الله أن ينصر الحق حيثما كان .. لكنّ ما أدهشني حقاً ., هو ردةُ فعله على كوني مسلمةً محجبة وعربية ..فلم يعلّق مطلقاً على هذا الجانب , وحتى لم يظهر أي تعبيرٍ على وجهه من حيث هذه الناحية ..ففي الواقع ،يكون لدى الأجانب فكرة محدودة عن العرب ,,
استسلمت لشبح النوم .. والافكار تطوف برأسي مجيئاً وذهاباً .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

Lara_300
21-1-2007, 03:28 PM
الجزء الثالث ..
.................................................. .
~~جيم ~~
لا أدري كيف استسلمت للنوم وأنا في هذا الموقف المعقّد .. لكنني استيقظت على صوتٍ ما يناديني ..
"سيد جيــم ... سيد جيــم "
فتحت عيني واعتدلت جالساً , حين رأيت شبح فتاةٍ واقفة على مقربة مني .. , كانت تفصل بيننا حوالي مسافة متر كامل ..
حين وقعت عيني على رأسها , ورأيت قطعةً بلونٍ آخر تغطيه , استوعبت الأمر .. وعادت إلي الذاكرة , بعد أن استفقت من النوم , الذي لم أذق طعمه سوى لساعتان سابقتان فقط ..رفعت رأسي إليها أكثر , وتنبهت لقولها :
"صباح الخير "
أجبت مع ابتسامة خافتة :
"صباح الخير...أه .. آنسة حبيبة .. "
قالت ببعض الخجل :
" آسفة لايقاظك , لكنني مضطرةٌ للذهاب لبعض الوقت .. فلدي بعض الأعمال .."
سألت بتهوّر :
"أعمال ؟؟ "
لم اعرف لم نطقت هذا السؤال .. أظنه من داعي فضولي الغبيّ .. اعتذرت مسرعاً :
"أسف .. ليس هذا من حقي .."
قالت بخجلٍ أكبر :
"لا بأس , لدي بعض الدروس , والأعمال الجانبية , لذا لم أشأ أن تصدم باختفائي .."
قلت :
"شكراً لك .. لقد أمضيت ليلةً هادئة , أستطيع تولي الأمر ., سأرحل فور ذهابــ ..."
توقفتُ فجأةً حين تذكرت أولئك الرجال .. توجهت للنافذة في سرعة , وأطللت منها , أحاول مدّ بصري إلى حيث يمكنني الجزم بوجودهم أو عدمه ., التفتت إلى حبيبة حين سألتني في قلق :
"لم يرحلوا بعد !!؟؟ "
قلت في توتر و خوف :
"لا أظنهم ينوون ذلك .."
قالت :
"ولم لا تبلغ الشرطة عنهم ...؟؟"
قلت متنهداً :
"إنها منظمة أو مؤسسة غير قانونية أو ماشابه ذلك , وأخشى أن يلاقطوا أي ذبذبات قريبة ثم يكتشفوا مكان تواجدي بعدها ,,"
أومأت برأسها متفهمة .. واستأذنت للذهاب لغرفتها بعض الوقت ... عادت بعدها وقد أبدلت ردائها و غطاء رأسها .. لا ادري أكان وجهها هو المشرق ام اشعة الشمس النافذة من خلال زجاج الغرفة .. بصراحة .. كانت مشرقة.. بالرغم من غطاء رأسها , لكن هذا مجرد شعور..!
قالت :
"أتريد أي مساعدة من الخارج ؟؟ هل تحتاج شيئاً ما ؟؟ ..فقد تظل حبيس المنزل لفترة"
قلت بلطف امتناناً لسؤالها :
" شكراً لكِ .. "
فكّرَت قليلاً ثم قالت :
"أه , يمكنك استخدام المطبخ أوالحاسوب أو أي شيءٍ تريده , قد أتأخر قليلاً .."
قلت خجلاً من لطفها :
" شكراً جزيلاً آنسة حبيبة . أنا ممتن لك , لا تقلقي نفسك , أرجو أن لا أسبب المزيد من الازعاج بتواجدي .."
قالت مبتسمة :
" مادام هذا في سبيل الحق , فلا داعي للقلق .. أتمنى أن تسير الأمور على مايرام ..."
أعقبت :
"إلى اللقاء .."
وخرجت من المنزل , فتنفست أنا الصعداء , وأطللت بنظري من النافذة , لأطمئن لخروجها من دون أي متاعب أو إثارة لشك هؤلاء الأسود بالخارج .. تنهدت بارتياح حين رأيتها تغادر في أمان ,, .. ثم انصرفت أبحث عن شيء آكله في منزل هذه الآنسة المسلمة ..


..........................................
~~حبيبة~~
جلست في تعبٍ على مقاعد المنتزه الصغير الواقع قرب مركز شؤون الطلبة , .. لقد أنهكني طول انتظاري بذلك الطابور الطويل , فقد كنت أنهي أحد أوراق زميلتي حنان ,التي سافرت مضطرة , وها أنا أرتاح في هذا المنتزه قليلاً .. فجأة , تذكرت ذلك الرجل الذي اقتحم منزلي أمس , وتلك الحادثة الغريبة التي مازالت آثارها حيةً في منزلي , ترى ماذا يفعل الأن ؟؟ ... يجب أن أجلب بعض الطعام معي , فلن أستطيع طهي أي شيءٍ وأنا مرهقة هكذا ,, ولكن ألا يجب عليّ إبلاغ الشرطة , ؟؟؟ هل أثق به ؟؟؟ ..
يا إلهي , أرشدني إلى الصواب , لا يجوز لي أن أبقي على رجلٍ بمنزلي ... لكنني مضطرةٌ لذلك , والضرورات تبيح المحظورات .. أليس كذلك ؟؟؟ ... والحمد لله , يبدو أنه شابٌ محافظ ومحترم , لن يقدم على أي شيءٍ سيء , يبدو صادقاً في رجاءه وحديثه .. و .. ماذا كنتم ستفعلون لو كنتم مكاني ..!!
أووه , نظرتُ لساعتي , فإذا الوقت قد مرّ من دون أن أنتبه له , يا لهذه الافكار التي تأخذك لعالمٍ آخر .. أو لآخر ِ العالم كما يقولون ..
قمت لأبحث عن محلٍ مناسب لشراء بعض الأطعمة ,, والحمد لله أن وجدت واحداً في طريقي .. وصلت للمنطقة بسيارتي , نسيت أن أقول لكم , فأنا أقود سيارةً هنا , وإلا لما سكنت بهذه المنطقة البعيدة , ولما عرفت التحرك في هذه البلدة ..
دب شعورٌ غريبٌ في أوصالي حين رأيتُ هؤلاء الرجال المسلحين ,وأنا أجتاز المنطقة المؤدية لمنزلي , .... فقد تفرقوا في المنطقة وحاصروها , حيث لا يستطيع أحد الدخول أو الخروج منها إلا تحت أنظارهم .. هل العثور على جيم مهم بالنسبة إليهم هكذا ؟؟؟ ..بالطبع ,فقد اكتشف أمراً يبدو أنه سيفضح تاريخهم كاملاً..!!
ويبدو أن إقامة "جيم" ستطول في منزلي .. يجب أن نجد حلاً ..
دلفت إلى المنزل في تردد , بعد أن أحدثت جلبةً بسيطة بالمفتاح , لينتبه لوصولي , .. قلت :
“مرحباً .. لقد عدت سيد جيم "
دلفت إلى الردهة الصغيرة وأنا أسمعه يقول :
"مرحباً آنسة حبيبة .. يوماً موفقاً .."
رددت ببعض الاختصار :
"نعم ,لقد كان كذلك والحمد لله "
تابعت :
"وأنت ,كيف كان يومك ؟"
اجاب ببعض الحرج :
"لا بأس به , رغم أنه كان مملاً , فلقد اعتدت الانشغال بالاعمال الطائلة في عملي ,.. "
لمحتُ علبة اسعافاتي الأولية , موضوعةً بجانبه , ونَمَتْ ملامحي عن التساؤل :
فقال :
"أه , إنه جرحٌ بسيط , حين طاردني أولئك الأوغاد ,, ورأيت علبة الاسعاف , فاستعملتها .."
قلت :
"لا بأس .. امم .. لقد أحضرت بعض الطعام ., هل تريد تناول شيءٍ ما؟"
قال بامتنان :
" لا أعرف حقاً كيف أشكرك على حسن استضافتك , رغم المصادفة السخيفة تلك "
قلت مهدئةً شعوره بالذنب :
" لا بأس سيد جيم .. فقد يقع من الظروف ما هو غير متوقع اطلاقاً . ثم إنك مضطر لهذا , وأحب أن أحميك , نصرةً للحق . فهكذا يأمرنا ديننا "
قال :
" شكراً لك يا آنسة .. أنا مدين لك .."
ابتسمتُ ..
قال في استفسار :
" أه , وهل يتوجب عليكم أن تردتوا غطاء الرأس هذا ؟؟"
قلت في ثقة :
" نعم , وهو ما نسميه الحجاب .. وهو فرضٌ على كل مسلمة .."
قال :
" لقد قابلت الكثير من المسلمين , وأراهم كثيراً على شاشات التلفاز , لكني لم أعرفهم يوماً .. ولم اقتنع ابداً بصورة الاعلام عن أي بلد .. "
قلت :
" نعم , فالاعلام دائماً يشوه صورتنا أمام العالم , ونادراً ما تجد مدحاً أو خبراً صحيحاً في الاسلام "
قال :
" ممم.. كنت سأسألك عن بعض الأشيئاء التي طالما حيرتني عنكم .. وطالما أنك عربية فستعرفينها جيداً .. لكن .. هل تسمحين ببعضٍ من وقتك ؟؟"
قلت :
"لا مشكلة أبداً .. فليس لدي جداولٌ معينة لليوم .. فقط سأحضر بعض الطعام .. واسأل بعدها ما شئت "
ابتسم قائلاً :
" حسناً .."
قمت بعدها لأضع الوجبة التي أحضرتها .. واستأذنت من... "جيم " ..
يبدو أنه فعلاً كغيره , ممن يعتقدون بعض الأفكار السيئة عنّا , ليس عن المسلمين فقط .. بل عن العرب أيضاً .. أووووه .. لا أحب هذه المناقشات .. فهي تمسي باختلاف الرأي احياناً .. لكن الحمد لله أن لدي اسلوبٌٌ منسق في الحديث .. يارب وفقني في الاجابة عليه ..!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~



أعلم أن الأحداث تمضي ببطىء .. لكن .. ماذا أفعل ؟؟ .. هكذا وجدت نفسي أكتب .. يبدو أنه سيكون أسلوبي بالقصة .. !
لكن .. أتمنى وأتمنى وأتمنى أن ... أن لا يكون مملاً ..

حتى لو مللتم قليلاً.. سأحاول مباغتتكم بالأحداث حتى لا تملوا كثيراً ..

وللحديث بقية .. وللرواية بقية طويلة ..

في امان الله

Lara_300
24-1-2007, 01:08 AM
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


~~~جيم~~~

يالها من فتاة طيبة ..

كنت أعتقد أنها ستعاملني بجفاء بكون أنها مسلمة , مع أن المسلمين هنا يبدو أنهم لا يهتمون بدينهم .. لكن هذه الفتاة مختلفة .. فهذا أول مرة أرى "محجبةً" في وطني على الحقيقة ..>بالنسبة لي <..ربما لأنني لا أختلط بالمجتمع خارج إطار عملي كثيراً ..

لقد أحضرَت بعض الطعام , وها هي ذهبت لتعدّه .. حمداً للرب .. لقد كنت جائعاً بحق ..
حقاً أنا مدين لها بمعروف كبير .. سأحاول رده إليها حال خروجي وعودتي لحياتي الطبيعية >إن خرجت من هذا المأزق!!!< ..

يبدو أن هؤلاء الرجال لا ينوون التزحزح من أماكنهم .. يجب أن أجد حلاً ..

أه .. لو تكمل حبيبة معروفها , وتساعدني في ايجاد حلّ ,,

لكنني أخشى عليها من هؤلاء الاشرار , لا أريد توريطها بالأمر ..

اووه .. يا لهذا المأزق .. لـو

"تفضل , وجبتك .."

قاطعني صوت حبيبة وهي تمد لي صينية صغيرة , عليها وجبةٌ صغيرة مصحوبةً بالعصير ..

قلت شاكراً:
"شكراً جزيلاً لك.."

قالت :

"لا شكر على واجب .. "

أردفت :

"سأعود بعد قليل إن أردت الحديث بذلك الموضوع.."

قلت :

"بالطبع ، على ألا أشغلك...."

قامت من مكانها . . وبقيت أنا أتناول وجبتي بصمت ..

مهما كانت ديانة الإنسان , فمجرد محافظته وشخصيته الرزينة المحترمة ، تجعلني أكن له المزيد من الاحترام والتقدير،حقيقةً أنا لا ألتزم بديني ولا أذهب للكنيسة بالتزام..... يمكنكم أن تقولوا .. إن ديننا لدى الأغلبية مجرد مفاهيم نسير عليها هكذا .. ولايهم الاقتناع .. المهم أننا نتحرر من القيود الدينية .. مع وجود أشياء لا نكلف أنفسنا بالاقتناع بها ، بل بأخذ ما نحب منها .. والباقي .. لن يحصل شيءٌ إذا تركناه!! ..مع أننا نصدق ونستعين بديننا كثيراً .. لكن .. القليل من يلتزم بجد!

قد نتحدث عنه بشكل جيد ,ظاهراً , لكننا من الداخل لا نهتم .. عجيبون أولئك المسلمون .. فهم مقتنعون تماماً بما يفعلون ! .. ما هو السرُّ ياترى ؟؟ .. فشخصٌ مثل ما رأيت حبيبة عليه من حديثها ، لا يمكن أن يقتنع بشيءٍ خاطىء ...

لدي فعلاً الكثير من الفضول عن الاسلام .. والعرب .. فضولي دائماً يسبقني ويجعلني متلهفاً لمعرفة بعض الأمور .. لكنه فضولٌ عاديٌ، عن أناسٍ آخرين يعيشون معنا على نفس الكوكب ولهم عالمٌ خاص , لا زلت أجهل عنهم كل شيء ..

لكن مع رؤية حبيبة , والاعجاب الذي صاحب ذلك في نفسي , جعلني أتوق أكثر لمعرفة هذا الدين الذي تتبعه فتاةٌ مثلها ,, رغم حريتها في الحياة .. فلا رقيب عليها هنا , لكنها مع ذلك تحافظ عليه ..

أنهيت وجبتي , وأنا أفكر في شتّى الأمور .. وأهمها ,. الخطة التي أريد بها الفرار من هنا .. فلن أجلس هكذا للأبد .. فماذا لو استمروا بمراقبة المكان ليومين مثلا ..؟؟ أو فتشوا المنازل ؟؟؟ لا أحد يتوقع أعمال أولئك الاشرار ... يكفي أنهم كانوا يخدعوننا طوال الوقت في تعاملاتهم بالشركة.. بقيت شارداً ببصري للحظات إلى أن سمعت صوتها ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~

~~ حبيبة ~~

تناولت شيئاً بسيطاً من طعامي , ثم صليت فرضي واستخدمت بعدها حاسوبي "المحمول" لبعض الوقت .. يجب علي الاستعداد للعودة للجامعة , فسيستأنف دوامي الاسبوع القادم , رغم انني انهيت اختباراتي قبل ايام .. إلا أنها الجامعة .. وليست كالدراسات الأخرى .. كما أن اختصاصي يتوجب علينا تكريس العمل والدراسة فيه. وإذا أجلت شيئاً ما بها , فستكون كارثة , فسأتعذب لتراكم جبال ٍ من الواجبات والاعمال فوق رأسي ..
أنهيت عملي , وحملت أطباقي وخرجت بها إلى المطبخ , توجهت قبل ذلك للردهة , فإذ بـ "جيم" قد أنهى وجبته , شكرني كثيراً , يبدو أنه محرجٌ جداً ,,, سأموت من الاحراج لو كنت مكانه ,, لكنني لا اشعر بداعٍ لذلك في تقديم هذه الخدمة له , مع أنني أشعر بخطرٍ شديد , وخوف يلازمني وقلق لتجاوزي الحدود بابقاءه هنا .. لكن مع ذلك , فأشعر أن حياتي المللة , قد تجددت بكسر" روتينها" ..

رجعت للردهة بعد أن أنهيت تنظيف الاطباق .. وقلت لـ "جيم " :

" لو كنت تريد بعضاً من وقتي , فأنا متفرغةٌ الآن .."

قال مبتسماً :

"حسناً .. الأمر ليس بتلك الأهمية .. لكنها فرصةٌ للتعرف قليلاً على شعبكم .. فلدي الكثير من الفضول نحوكم ، خصوصاً مع صورتكم المهتزة في أذهاننا "

أصغيت باهتمام , وصمتتُ ليقول ما عنده ,,

تابع قائلاً :

" بالنسبة لي . فأنا لا أحكم على شخصٍ إلا عند رؤيته , والتعامل معه , وهكذا أيضاً عوّدني عملي .. فأضطر فيه لمقابلة الكثير من الناس والأصناف . والديانات أيضاً ..لكن السبيل الوحيد لمعرفتكم جيداً لا نجده سوى في الاعلام"

أشعر أن "جيم" إنسانٌ عاقل وواعي ، يفهم ما يقول ، .. شخصٌ كهذا ، يمكنه اختيار قراراته بحكمة تتضح من حديثه .. لكن إلى أين سيصل الحديث !!؟

تابع جيم :

"لكنني حتى الآن, لم أر مسلماً على الحقيقة هنا .. أو بمعنى أصح .. مسلمة , أعني أنه حين تراها تعرف بذلك أنها مسلمة من تقيدها بدينها .."

قلت :

"مع أنه يوجد الكثير هنا ."

قال :

"يبدوأن أغلبيتهن من الطالبات اللاتي تأتين للدراسة هنا , أما لرؤيتهن في المجتمع الغربي وأوساطه الاقتصادية والتعاملات الخاصة بها .. يندر تواجد المسلمون بهذه الطبقات .."

قلت :

"نعم "

قال :

" ماذا تدرسين ..حبيبة ؟؟"

احسست ببعض الحرج , لم أعتد على هذه المحادثات ، التي ينطق بها اسمي جافاً ...!

قلت :

" أدرس في مجال الأحياء وعلومها.."

قال :

" يالها من دراسة .... ولماذا اخترت هذا المجال بالذات ؟؟ الا تجدين به صعوبة ؟"

قلت :

"بالتأكيد , لكنني ... "

قطعت جملتي ,, كنت سأذكر له أمر اجبار ي على الدراسة من قبل والدي , لكنني خشيت أن يعتقد أن هذه طباع المسلمين .. وأنهم يجبرون أبنائهم دائماً...

عدت أقول :

" لكنني , تخرجت بشهادة متميزة والحمد لله من دراستي "الثانوية" , فأحببت دخول مجالٍٍ تستحقه شهادتي ..فكنت مخيرة بين مجموعة من العلوم ..وهذا ما فضلته .."

قال :

"أتمنى لك التوفيق .. فهو مجالٌ ليس بهيّن .."

قلت :

"شكراً لك .... لقد أوشكت على انهاء فترة دراستي .."

سأل:

"بالسنة الأخيرة ؟؟"

اجبت :

"نعم .. لكن بقي على انتهائها الكثير .,,"

ابتسم قائلاً:

"الوقت يمر بسرعة هذه الأيام .. لن تشعري بمروره ثقيلاً ..مادام هناك هدفٌ تسعين لتحقيقه .."

فكرت في نفسي .. هل هناك هدفٌ حقاً أسعى لتحقيقه من دراستي ؟؟؟ ... سآخذ شهادةً قيمة .. وماذا بعد ذلك ؟؟ ..ما الهدف من حياتي بأكملها ..إن لم أنفع نفسي أو وطني ..أو ..... ديني ..

قلت :

"أرجو ذلك .."

سألني :

"ولماذا تعيشين هنا ..؟؟"

قلت :

"لقد أتيت مع والديّ إلى هنا , بسبب أعمال والدي , ولكنه انفصل عن والدتي فرحلت والدتي ,وبقيت أنا .. وبعدها مات والدي .. وتركني هنا .. لكنني فضلت إنهاء دراستي ثم العودة بعدها .."

قال وقد ارتسمت على وجهه بعض علامات التعجب التي لم أعرف لها معنى :

"حقاً ؟؟ ....أنا آسفٌ بشأن والدك .. "

تابع :

"لكنك فتاةٌ قوية .. حتى أنك واجهتني حين اقتحمت منزلك .."

ابتسمت للذكرى.. لا أدري لم أصبحت ذكرى ,مع أنها حدثت بالأمس .. قلت :

" الشيء الوحيد المخيف في الحياة , هو حوادث القدر ومفاجآته.... "

قال :

"هذا صحيح ...."

شعرت ببعض الندم على أنني ذكرت الكثير عن نفسي .. إنني لم أعرفه ,فقط لأنه يبدو جيدا ..لا أدري لم .. ولماذا ..؟

قال :
"لقد توفي والدي أيضاً .. وترك لي شركته بأكملها لأديرها .. لقد جعلني أقصد دراسة الاعمال والادارة لكي أساعده في ادارته للشركة .. لكنه توفي وتركها لأديرها أنا .."

قلت في أسى :

"اوه .. آسفة .. "

قال :

"لا بأس .. لكلٌ مصائبه .. لكن الحياة تسير .. "

وافقته :

"نعم "

قال فجأةً :

"عجيــب .."

استفسرتُ بنظرة مندهشة ,

فقال مفسراً :

أقصد .. العجيب هو أنك لا تمتلكين تلفازاً .."

قلت:

"نعم .. فأنا لست متعلقةً به كثيراُ .,. من لديه الوقت ليشاهده ؟؟ .. ثم إنني أستعمل جهاز الكمبيوتر ... فقد أصبح الحاسوب بديلاً للتلفاز في هذا العصر لدى البعض .."

قال :

"هكذا إذاً ..."

كنت أعلق على حديثه ، لكنه لم يتطرق لأي موضوع عن المسلمين .. , انتظرت سؤاله عن تلك الامور التي كان يريد التحدث بشأنها .. لكنه لم يسأل حتى الآن ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

Lara_300
24-1-2007, 01:13 AM
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~



هذا الجزء ستكون به بعض االحوارات .. أرجو أن لا تملوا منها , فبعدها ستحدث الكثير من الاحداث... تحياتي لكم ..

الجزء الرابع ~


~~جيــم~~

كنت متشوقاً لمعرفة كلّ شيءٍ ... لكن ذهني كان مشتتاً .. لم أكن أستطيع منع نفسي من التفكير في مأزقي الذي تناسيته بانتظار رحيل أولئك الرجال .. هل سأجلس هكذا منتظراً رحيلهم كالجبناء ,,, إنني خائفٌ حقاً .. لو كان والدي من تعرض لهذا الموقف .. لحطم أنوفهم وخرج وتحداهم ..فهو معتاد على مقابلة المخاطر .. أما أنا .. فبالكاد أستطيع الدفاع عن نفسي .....
لكنني وجدت في جلوسي فرصةٍ لمعرفة تلك الفتاة .. التي بدأت أود معرفة الكثير عنها .. دائماً ما يقابلك الكثير من الناس الذين ترتاح لهم . وتتمنى معرفتهم , لكنك نادراً ما تأتيك فرصة معرفتهم ..
سألتها لأدخل في قلب موضوعي الاساسي :

"لماذا تساعدينني حبيبة ؟"

اعتلتها الدهشة قائلة :

"ماذا تعني ؟ "

قلت :

" في الحقيقة ، في البداية ، وعند رؤيتي لك كمسلمة عربية ، خشيت أن ترفضي مساعدتي وتقبل الفكرة .. ولم أتوقع أن تعاملينني هكذا .."

قالت :

" كيف أعاملك سيد جيم ؟"

" أقصد تفهمك للأمر والسماح لي بالبقاء .."

" ولماذا لم تتوقع ذلك ..؟؟ ألفكرتك عنا ؟؟"

قلت :

" صحيح أنني لم اقتنع تماماً بفكرة الاعلام , لكن كل معلوماتي عنكم هي أنكم شعبٌ جاف وعدائي .. كما هناك أمثلةٌ كثيرة نراها في الأخبار ، و التعاملات اليومية مع بعض المسلمين .."

" انظر يا سيد جيم .. في كلّ بلدٍ وكل قوم ، هناك الصالح والفاسد ، فالأخلاق تختلف من شخصٍ لآخر ، وليس من دينٍ لدين أو شعبٍ لشعب .."

لم أنطق ، إذ كانت ستقول المزيد ..:

" فلا تقل لي أن بشعبكم لا يوجد عدائيٌ او جافٌ ؟؟"

صمتٌ

تابعت :

" وهكذا ، فيوجد بالمسلمين من يتمسك بدينه ، ومن يخالفه ، ومن تمسك بدينه فأخلاقه ستكون حميدةً بالتأكيد .."

قلت :

" نعم معك حق .. ولكن .."

صمتتُ ثانيةً ، أيعقل أن تكون أنهت تساؤلاتي برد واحد !

عندما وجدتني تراجعت ، أكملت :

" مثلاً .. سأسألك .. إذا اعتدي مواطنٌ هنا على مواطنٍ آخر .. وانتشرت مقولةٌ بالعالم تقول : إن مواطني بلدتكم يا سيد جيم ، عدائيون ! .. ويقع اللوم لما فعله ذلك المعتدي عليكم أجمع .. ! ... هل ترى ذلك صواباً؟؟؟"

قلت وقد وصلت لمغزى الموضوع سريعاً :

" كلا بالطبع !"

قالت :

" إذن مالفرق بيننا وبينكم ؟؟ أليس عدائكم أنتم لنا ، غير منطقي ؟؟ "

لم أجب !! .. وبماذا أجيب؟؟؟ .. قلت في النهاية :

" أنا عاجزٌ عن إجابتك .. .. أنا مقتنعٌ تماماً بما ذكرت .. هذا يعني أنكم شعبٌ متميز .. لكن لا أحد أصبح ينظرللجواهر .. بل انشغلنا بالمظاهر فقط .. أنا آسفٌ لحمل تلك الفكرة عنكم .."

قالت :

" اعلم سيد جيم ، أن الاسلام دينٌ عظيم .. تعاليمه منطقية حكيمة .. شرعه وأحكامه سهلةٌ و قيمة مفيدة .. وكل أمرٍ من الله ورسوله يعم بفائدةٍ على المجتمع .."

أصغيتُ بانتباه .. لقد جذبني الحديث .. لدرجة أنني نسيت الأزمة التي أمرُّ بها .. أو تناسيتها أكثر ..

" انه دين الرحمة والعدالة للبشرية كلها .. وبمعرفتك له فقط ، ستجد الكثير من الأمور الرائعة فيه ، والتي تدعوك لمعرفة المزيد .. "

حقاً أجد نفسي مهتماً بالأمر .. لقد لفتت انتباهي له .. وأقنعتني ببضع كلمات .. ياله من أسلوب !

قالت منهيةً للحديث :

" صدقني سيد جيم .. مهما سمعت عن الاسلام من صور مشوَّهة ، أو اعلامٍ رخيص ، أو ارهابٍ مجرّد .. فهو مخالفٌ لتعاليم ديننا نفسه .. وذلك مذكورٌ بكتابنا .. كلام الله "

قلت :

" هذا يتضح من حديثك .. شكراً لك على هذا التوضيح .. لقد اقتنعت بأقوالك .. الآن سيمكنني المضي بفكرةٍ صحيحة عنكم .. "

قالت :

"يسعدني أن أتحدث عن ديني .. وأغير وجهة النظر الخاطئة عنًا .. "

تابعت بابتسامة :

" وخصوصاً إذا كان الحديث مع شخصٍ عاقلٍ مثلك سيد ~جيم~ "

شعرت وكأنه كان مديحاً .. لكنه ليس كمثله .. إنه من حبيبة ..

قلت :

"شكراً لك .."

يبدو أن حبيبة كانت تنتظر مني أن أسأل المزيد .. لكنني لم أشأ أن أتعمق بالموضوع..
عدت بتفكيري لمأزقي الراقي !

أردتُ قول شيءٍ ما :

"ومـــ ..,,,"

قطع كلماتي صوت جرس الباب .. انتفضت دمائي بعروقي , وقلت في قلق هلع :

" أيأتيكِ زوارٌ هنا ؟؟؟؟"

قالت في توتر واضح :

"لا .. لا أعرف .. أرجو أن تدخل إلى تلك الغرفة إلى أن أنظر ما الأمر ..!"

أشارت بيدها نحو غرفةٍ ما .. توجهت إليها بحركة سريعة , وأنا أتمنى أن لا يحدث مكروه ..

دلفت للغرفة وأغلقت الباب ,,




~~حبيبة~~

كنت أرتعد خوفاً ,,, والغريب أنني هذه المرة أكثر خوفاً من الأولى ... مع أنه يجب أن تكون الحالتين معكوستين .. توجهت للباب وأنا أسمي الله كعادتي ..

قلت بصوت مرتفع نسبياً ليصل لمن خلف الباب:

"من ...؟"

سمعت صوت أحدهم :

"افتحي الباب سيدتي .."

فتحت فتحة صغيرة , وأطللت منها بمساحة أستطيع معها الرؤية بوضوح بينما لا يستطيع من بالخارج ذلك ..

قلت :

"من أنت ؟ "

قال وهو يناولني بطاقةً ما :

"جيمس بيتر .... شرطي .."

لاحظت أنه ناولني شارةً تشبه تلك التي تظهر بالافلام ... ارجعتها إليه , وشعورٌ غريب يمتزج بنفسي .. لا أدري إن كان خوفاً أم طمأنينة , أم كلاهما ... أم هو الشــك ؟؟

قلت :

"وماذا تريد يا سيدي ؟؟؟"

قال :

"عندي أوامرٌ بتفتيش المنطقة .. "

كدت أتيقن أن هذا شرطيٌ حقاً.. فكرت في نفسي .. كيف وصل الى هنا , وبيتي يقع وسط المنطقة .. فكيف تجاوز أولئك الرجال , إن لم يغادروا لثانيةٍ حتى ؟؟ ... أخشى أنه أحدهم ...!

قلت :

"ولماذا تفعلون شيئاً مماثلاً ... فأنا أعيش هنا منذ ثلاث سنوات ولم يحدث شيءٌ مماثل .."

قال :

"لقد حدثت سرقةٌ مؤخراً في المنزل المجاور لك .. وأبغلنا أصحابه بالقدوم , فيتوجب علينا تفتيش كل المنازل المحيطة .."

يالذكائهم .. لقد كشفوا أنفسهم .. أعتقد أن المنازل المجاورة بنا مهجورة منذ عام .. فهل ياترى يلقي هذه المحاضرة عن كل من يلتقيه!.. أم أنه يعلم بوجود جيم هنا ؟؟ أم أنه .....حقاً شرطي ..؟؟!!!

قلت :

" وهل ستفتش المنزل وحدك سيدي .. ؟؟ "

قال في لهجة ضيق :

" لم آتي لكي تفتحي معي هذا التحقيق ؟؟ يتوجب علي أنا أن أحقق معك !"

قلت :

"أنا آسفة .. لكن لا يمكنني أن أسمح لك بتفتيش منزلي ..."

قال في استنكار :

"ولماذا ؟؟"

قلت في لهجةٍ مماثلة :

"أولاً أنا لست سارقة , وإن أردت تفتيش منزلي فبه خصوصياتي , ولن أسمح بذلك إلا مع تصريح ٍ رسمي , و أن يرافقك أحدٌ يؤيد كلامك هذا ..ثم قد يكون السارق من الخارج ، كيف علمتم بعدم هروبه؟؟"

قال في عصبية :

" اسمعي يا امرأة .. لست مستعداً لتضييع الوقت في هذه التفاهات .. افسحي الطريق ولا تقفي بوجهي , وإلا فتشت المنزل بالقوة .. هذه أوامر .."

لم آبه لحديثه , لأنه لو كان شرطياً حقاً , من المؤكد أنه سيفعل شيئاً آخر .. على الاقل سيحاول أن يثبت لي قصته المزعومة ، أو يرافقه زميلٌ ما.. فالدولة هنا تهتم بعدم ازعاج الناس بدون سبب .. ويتعامل الشرطة بأسلوب أكثر هدوئاً ..

كدت أغلق الباب في وجهه علامة الاعتراض والثبات على موقفي .. حين منعني شيءٌ ما , وُضِع بين الباب و مكان ارتكازه , شهقت شهقة رعبٍ حين رأيته .. لقد كان بكل جرأة .. "مسدس .."

صرخت به :

"ماذا تفعل أيها المجنون .."

قال :

"لقد طلبت منك بالبداية التخلي عن عنادك , ليس امامي الا استعمال القوة .."

قلت له ::

"هل يفعل رجال الشرطة ذلك ..؟؟"

قصدت من حديثي أن أوضح له أن لعبته في التنكر بشخصية شرطي واضحة الخسارة , لكن يبدو أنه فهم شيئاً آخر ..

قال في عصبية :

"نعم يفعلون ذلك عندما تقف مسلمة حقيرة مثلك في وجههم وتمنعهم من أداء عملهم .."

فار دمي في عروقي .. لكنني تمالكت نفسي , إذ كان مسدسٌ موجه لرأسي .. مع ازدياد خوفي عند علمي أنه من أولئك الاشرار ..

وقبل أن أتكلم .. سمعت أحداً ينادي من خلف ذلك الشرطي المزيف :

"هيث .. انتظر يا هيث .. دعك من هذا الآن .. لقد طلبوك لأمر مهم .."

التفت .ذلك المدعو "هيث " .. إلى الذي يبدو أنه رفيقه ..وقال :

"ماذا بحق الجحيم ؟؟"

قال الآخر :

"عذراً سيدتي .. لقد حدث خطأٌ ما .. أعتذر لك .."

قال "هيث" :

"ماذا تقول أيها الأحمق .. "

خطا رفيقه خطوة واحدة داخل الشقة , وانتفض قلبي .. لكنه عاد يرجع بخطواته , فقد اقترب للداخل ليسحب الباب , وقبل أن يغلقه تماماً , كرر :

"أعتذر مجدداً ... تعرفين أن عمل رجال الشرطة يحتمل الكثير من الضغوطات .. سنسيطر على الأمر قريباً ..عذراً سيدتي"

قبل أن أنطق بحرف , كان قد أغلق الباب ..

وقفت خلف الباب أتنهد بعمق .. وبراحة , بينما أنا كذلك إذ بي أسمع حديثهما ,, لقد كان باب منزلي مصنوعاً من الخشب الخفيف .. فكان سهلاً وصول الصوت للداخل .. كما دويّ تلك الرصاصة أمس ..

سمعت ذلك الفظ هيث يقول :
" أيها الأبله , كدت أفتش المنزل .."

خفت .. انتفضت ..إذاً لقد كان يعرف بوجود جيم ..؟!

لكنني ارتحت بشكل عجيب حين أكملا حديثهما ..

"لا أبله سواك .. ألم تنتبه أنها مسلمة ؟؟ كيف تظن أنه دخل بيتاً مسكوناً ..؟؟ حتى لو فعل .. فقد رأيت منزلها من الداخل .. ولم يكن به أحد .."

رآه .. متى ؟؟؟

هيث :

"قد يكون احتمى بشخصٍ ما .. وحكى له ما حدث ..و.."

"أووه , كف عن هذا. . لقد اتصل السيد الكبير وأرسل مات ليعطينا أوامر أخرى جديدة .."

سمعت بقية الحديث هذه بصعوبة ، فقد كان صوتهما ينخفض تدريجياً وهما يبتعدان ، حمدت الله أن لم يتطور الأمر ، كنت سأذهب أنا وجيم في "خبر كان " ...

توجهت إلى الغرفة التي لجأ إليها جيم .. ودققت على الباب .. ففتح ببطىء قائلاً بصوت منخفض :

" حبيبة ؟؟؟"

قلت :

" لا بأس لقد ذهبوا .."

قال في توتر :

" ماذا حدث ؟؟؟"

حكيتُ له ما حدث .. فقال لي بعدها:

" يجب أن أتصرف .. "

قلت في قلق :

" ماذا ستفعل .؟؟؟ "

قال مطمئناً :

" لن أخرج بالطبع .. فلا يوجد لديهم أي مجالٍ للتفاهم .. ثم إنني لن أكتم أمرهم .."

تردد جيم في إكمال حديثه ... فبقيت صامتة ..

قال فجأة :

" ماذا لو أديتِ لي خدمةً صغيرة ..؟"

قلت في عجب :

"ماذا ؟"

" أعلم أنني أثقلتُ عليك , لكن طرأت لي فكرة ، بإمكانها تخليصي من هذه الورطة ، وبذلك سأكون ممتناً لكِ "

قلت :

"ماهي ؟"

قال :

" سأعطيك عنوان الشركة .. وهناك يعملُ صديقٌ لي .. سأطلب منك إخباره .. فهو مقربٌ مني جداً .. يستطيع تخليصي مؤقتاً بإخراجي من هنا .. "

قلت :

"حسناً لا بأس .. لكن ماذا سيفعل صديقك ؟؟"

قال :

"سيفعل الكثير .. فأنت لا تعرفين هذا الصديق .. !!"

لم أفهم .. لكنني تجاهلت الأمر منتظرةً منه التوضيح ..

قال :

" أعتقد أنني أستطيع الاعتماد عليه في مثل هذا الأمر .. فقط سيكون عليكِ إخباره بالورطة التي وقعت فيها .. وسبب اختفائي .. وأخبريه عن مكان تواجدي .. و .. إن استطاع إخراجي من هنا .. "

قلت :

" حسناً .. يبدو الأمر سهلاً .."

قال :

" صحيحٌ أنه يحمل الكثير من المخاطرة .. لكنني لا أعلم شيئاً عن هذه العصابة .. لذا فنفعل ما يمكننا عمله بالتحرك بسرعة .."

يا للفكرة .. أعتقدأنها ستفشل ... و .. قد أتعرض للكثير من المخاطرة ... لكن ماذا يجب أن أفعل .. هل سيبقى هنا طوال الوقت ؟؟ لا أستطيع احتمال ذلك القلق طويلاً .. استحسنتُ الفكرة كثيراً ... وقلت :

" إذن فلأذهب لتنفيذ الفكرة .الآن .."

قال :

" الآن ؟؟ .. ماذا لو شكوا بالأمر .."

قلت :

" حقاً .. إذن سأذهب بعد فترةٍ قصيرة .."

وأمضيت بعض الوقت مابين حاسوبي ، وبعض الترتيبات على أوراق الجامعة ومستنداتي.. ولم أستطع منع تفكيري من الخوض في موضوع جيم وتلك المهمة ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

من ناحية أخرى ... وفي تلك المنطقة ... اجتمع مات برجاله في زاويةٍ مهجورة .. وقال بعصبية :

"أستطيع أن أوقع مئة ورقةٍ على فشلكم .الآن .."

تلعثم الرجال .. واضطربوا .. فمنظر زعيمهم الغاضب طالما جعل حلوقهم تجف خوفاً ، و عروقهم تنتفض دمائها هلعاً .كالجاني ينتظر الحكم بالاعدام !

قال مات :

" ماذا سيقول السيد الكبير عنا الآن ؟؟؟ لقد أوكل إلينا مهمة أخرى , تبعد عن هنا بحوالي خمسين كيلو متر .. "

ارتسمت علامات التعجب والدهشة الممزوجة بالتوتر على وجوه الرجال ..بينما أكمل مات :

" وهذا يعني أنه قد استغنى عنا في هذه المهمة .. وهذا توقيعه بفشلكم في الأمر ..."

تابع :

" والآن سنتجه لتنفيذ الأوامر الجديدة وسننسى أمر ذلك الأخرق "رجل الأعمال " الآن .. "

قال :

" وإن غضب السيد الكبير .. فسيتلقى كلٌ منكم رصاصةً محترمةً في جبهته الحمقاء .... هذا كل ما في الأمر...."

امتلأت نفوس الرجال بالحنق والغضب .. لكن السبيل إلى تنفيسه كان كتمانه بالنهاية ..

تحركوا جميعاً مع مات في سياراتهم لتنفيذ المهمة الجديدة .. فياترى ما مقصد السيد الكبير في ذلك ؟؟ ومن هو ؟؟؟ وهل سيتجاهلون أمر جيم ؟؟؟ كيف وماذا ولماذا ؟؟ ,,
وماذا ستفعل حبيبة؟؟ ومن هو صديق جيم؟؟ و...................يكفي هذا!
أسئلةٌ ظلّت معلقةً في السماء .. منتظرةً بقية الأحداث .. لتكوّن جواباً مناسباً ..
ِِِِِِِِِِ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

Lara_300
24-1-2007, 01:20 AM
الجزء الخامس ..
~~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم~

لقد غادرت الآن لتنفيذ تلك الفكرة .. أتمنى أن تمضي الأمور على خير ... فأنا شبه محطمٍ من الخوف والقلق والتوتر .. كيف سأخرج من هنا .. لقد طرأ صديقي العزيز ادوارد على بالي فجأةً ... رغم أنه يكبرني بعشر أعوام .. إلا أنني كونت معه صداقةً ممتازة.. فقد كان في السابق صديقاً لوالدي... فهو الآن يعمل كمساعدٍ لي بدل والدي .. لكنه حقيقةً يعمل كطبيب .. إنه حكيم جداً وشجاع .. قد يحسن التصرف عنّي ويأتي بحل ٍ يخرجني من هنا .. ماذا أفعل مع حبيبة .. لإنني مدينٌ لها بالكثير .. لم أعتد أن يقدم لي الآخرون خدمات .. بل العكس تماماً .. لذا سأنتظر أن تمر الأزمة .. وبعدها فلأفكر في كل شيء ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~حبيبة~

نعم .. إنها هي .. شركة فاست ديب .. تأملت ذلك المبنى الكبير القابع أمامي .. وتوجهت إلى بوابته الكبيرة .. إنها شركةٌ راقية .. يبدو أن جيم ثريٌ جداً .. يا للظروف !
سألت مكتب استعلامات الشركة عن السيد "ادوارد " الذي اخبرني جيم أن أقصده ..
صعدت للطابق الثاني بعد أن أخبروني عن مكان مكتبه ..
استأذنت الـ "سكرتيرة " الخاصة بمكتبه بالدخول .. فأخبرتني أنه مستعد لاستقبالي ، بعد أن أخبَرَته ..
دلفت إلى المكتب بخطوات مترددة .. و ... تفاجأت .. فكانت تنتظرني مفاجأة مدهشة !!
رباااااه .. لقد تعاونت المفاجآت والأحداث المدهشة للظهور في حياتي !!!
لقد كان السيد " ادوارد" , هو نفسه معلمي في الجامعة !! ... هكذا إذن .. فهو طبيب كما قال جيم !!! ... ألجمتني الدهشة , فسمعت صوته يقول في عجب :

" مرحباً .. أنتِ ... ! "

قلت بتلعثم :

" أه .. سيد ادوارد .. أنا . .. في الحقيقة ..لقد .. "

قال :

" أوه .. مرحباً آنسة حبيبة ... لقد ذهلت لرؤيتك هنا .."

قلت :

" سيد ادوارد , في الحقيقة لقد فاقت دهشتي دهشتك , لأنني هنا لسببٍ مهم .. يخص السيد "جيم" .."

قال بتساؤل :

" جيم .. وما علاقتك بـ "جيم" ,., وكيف عرفت بعملي هنا ؟؟ .. لستُ
أفهم شيئاً آنسة حبيبة .."

قلت :

"مهلاً . سيد ادوارد .. سأشرح لك كل شيء .."

شرحت للسيد "ادوارد" كل شيء .. وكان مندهشاً جداً .. وأخبرني بأنه سيتصرف .. فقام ببعض الاتصالات .. قائلاً للعاملين أنه سيغادر الآن .. ورافقني إلى باب الشركة .. وهو يحادثني عن الأمر واندهاشه به .. ثم قال لي :

" في الحقيقة لستُ أدري كيف سأتصرف .. لكنني سأصحبك على أي حال .. لأرى النطقة و قد ألهم بطريقةٍ ما عندها .لاخراج جيم .."

تابع السيد ادوارد مكملاً ونحن نصعد للسيارة .. :
" هذا الشاب .. لا يحسن التصرف ، .."

صمتتُ وأنا أقود سيارتي .. إنني مستسلمة ٌ تماماً لكل ما سوف يحدث .. برغم القلق العارم الذي يلازمني ..

تابع :ادوارد " :

" إنه متهورٌ وطائش .. ولهذا وقع في قبضة تلك المنظمة .. ماذا لو كانوا أصابوه في مقتلٍ فور اكتشافهم لأمره ... ؟؟ لقد سارع بكشف أوراقه... ياله من متهوّر"

أوأمأت برأسي .. لم أعلم إن فعلت ذلك موافقةً على كلامه .. أم مجاراةً لحديثه !
لكن .. ألا تلاحظون أنه يبالغ قليلاً .. فــ "جيم" يبدو لي عاقلاً .. متفهماً .. يعلم ما يفعل .. لكنه قد يتهور كأي شخصٍ ببعض الأمور فقط ..

تابع "ادوارد " :

"يجب على الانسان التصرف ببعض الحكمة .. و التفكير جيداً قبل أي عملٍ يقدم عليه .. حتى لو كان مضطراً لفعله على وجه السرعة أو تحت تهديد الوقت .. .. فقط عليه التفكير في العواقب .."

صمتت .. معه حق .. إن السيد " ادوارد " حكيم جداً .. وهذا معروفٌ أيضاً بين طلابه .. حقاً يا لها من صدفة !!!

مهما كان أو يكن .. كل ما أرجوه أن تسير الأمور على خير .. وأن أعود لحياتي الطبيعية قريباً ..

تجاوزت حدود المنطقة والخوف يتصاعد مع انفاسي أقوى فأقوى .. تخطيت الشوارع المؤدية لمنزلي ، وأنا مندهشة .. فقد كانت .. خاليــة .. !
نعم .. أين ذهب هؤلاء الرجال .. بعد أن ملأوا المنطقة ..! !! وهذا الصباح .. لقد كانوا يحاصرون المنطقة تماماً ,, يا للعجب؟؟ ...
هل يعقل أن ....
أن يكونوا قد .. قد .. علموا بمكان جيم ؟؟!!
وهاجموه مثلا ّ ؟؟؟ يا الهي ... !!
لا لا يمكن ..
انتبهت على صوت ادوارد " :

" آنسة حبيبة ..؟؟"

انتفضت مع تلاشي افكاري .. وقلت في عودةٍ للواقع :

" عفواً .. لقد كنت أفكر ... "

قال متسائلاً :

" ماذا هناك ؟؟ "

قلت :

" لا أدري .. لكنني لست أرى أحداً من أولئك الرجال .. لقد كانوا هنا صباحاً يملأون المكان ... والآن فقد اختفوا .."

كرر في دهشة :

"اختفوا ؟؟ .... لقد أعددت خطةً للفرار .. لكن إذا كانوا قد اختفوا .. فـــ "

لم أنتبه لنفسي وأنا أقاطعه :

" أوه .. وصلنا "

التفت أمامه ليرى المنزل .. بينما خجلت كثيراً لمقاطعتي حديثه .. فهو مازال معلمي بالجامعة .. الضرورات تبيح المحظورات .. تخطوا الأمر ..!


" أهذا منزلك ؟؟ "

"نعم .. أتمنى أن يكون جيم بالداخل .. "

" هل تظنين أن ... "

لم يكمل حديثه .. لكنه أسرع بفتح باب السيارة .. وقال فجأة :

" هيا أسرعي .. دعينا نتأكد بأنفسنا .. لو سمحنا لهذه الشكوك بانتشالنا .. فلن نتفرغ للواقع .."

تقدمته بخطوات لأفتح المنزل .. و .. ارتحت عندما رأيت جيم ينظر إلينا بأمل من الداخل ..

اغلقت الباب ., بينما سار جيم نحو "ادوارد " ، وصافحه بارتياح :

" صديقي العزيز ... ومنقذي ..."

لكزه "ادوارد " على كتفه بقوة ، جعلتني أنتفض من الدهشة !

قال له بعصبية مصطنعة :

" أيها الأحمق المتهوّر ... "

ثم ابتسم قائلاً :

" كيف حالك ؟ "

كدت أضحك من هذاالموقف الغير مناسب لما نحن فيه .. أو بالأصح .. لما هما فيه ..!
حقيقةً بدا لي السيد "ادوارد " مختلفاً .. فلم أتوقع وجود جانبٍ مرح بشخصيته .. رغم طيبته الزائدة معنا بالجامعة ..


ترى ماذا سيفعل هذا الثنائي العجيب في ايجاد حلٍ ؟؟ وماذا حصل مع العصابة ..
انتظروا المزيد من الاحداث المشوقة ..

تابع -------<><><><><><><><><><><>الجزء الخامس & السادس ..
بعد 3 ايام بإذن الله ..

Lara_300
28-1-2007, 12:16 AM
أتمنى أن تعذروني على التأخر .. لكن الظروف تحكم الانسان @@@

وهذا الجزء الجديد .. أتمنى أن يعجبكم ، مع أنه قصير بعض الشيء .. لكنني كنت منشغلة هذه الفترة .. لذا أعدكم بجزء أطول إن شاء الله ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

لكزه "ادوارد " على كتفه بقوة ، جعلتني أنتفض من الدهشة !
قال له بعصبية مصطنعة :
" أيها الأحمق المتهوّر ... "
ثم ابتسم قائلاً :
" كيف حالك ؟ "
كدت أضحك من هذاالموقف الغير مناسب لما نحن فيه .. أو بالأصح .. لما هما فيه ..!
حقيقةً بدا لي السيد "ادوارد " مختلفاً .. فلم أتوقع وجود جانبٍ مرح بشخصيته .. رغم طيبته الزائدة معنا بالجامعة ..

قال جيم :


" كما تراني ، والفضل يعود لحبيبة "


قال ادوارد :


" أوه حبيبة ، أنت حقاً فتاةٌ صالحة كما عرفتك بأخلاقك .. أشكرك على حماية جيم ، فلو كنت مكانك ، لسلمته لهؤلاء الرجال بنفسي "


لم أعرف بم أرد .. لم أميز جده من هزله !


قال جيم وهو يرمقه بنظرة عميقة بجدية :


" كفى الآن .. وقل لي قبل أن تحبط صورتي أمام الآنسة ، هل لديك اقتراحٌ محدود لحل هذه الأزمة ؟ ، أم أنك جئت لتعرض بعضاً من فلسفاتك ؟!"


قا ادوارد بجدية مماثلة :

" حسناً حسناً ، ها نحن ذا ..."

تابع ملتفتاً إلي :

" هل لديكِ اقتراحٌ بهذا الشأن ؟؟"

استوعبت فجأةً أن دفة الحديث توجهت إلي ، فقلت بسرعة :

" حقيقةً لو كان لدي اقتراحٌ محدود ، لكان جيم الآن بالخارج .."

قال جيم :

" ادوارد .. هل نفذت أفكارك ؟؟ ... لماذا دائماً تنبع بالأفكار باستثناء أوقات حاجتنا إليها ؟؟"

قال ادوارد بجدية :

" جيم عزيزي .. أنا لست أرى أي مسلحٍ بالخارج ... فلماذا العناء ؟؟ .. وكيف أضع خطةً هباءً ؟؟ "

ارتفع حاجبا جيم دهشةً وقال :

"ماذا ؟"

والتفت بسرعةٍ إلى النافذة مطّلِعاً من خلف ستائرها و قال بتوتر :

"كــ .. كيف ؟؟ "

قلت أنا :

" لستُ أدري . لقد درت بالمنطقة كلّها ولم يكن لهم أدنى أثر!"

قال جيم :

"أنا غيرُ مطمئنٍ لهذا .."

قال ادوارد :

: ربما استسلموا للأمر ، ورأوا أنك لست موجوداً بالمنطقة ، فانطلقوا ليبحثوا بمكانٍ آخر .."

قال جيم :

" لا أعتقد .."

قال ادوراد :

" إذن .. هل لك أن تصطحبني قليلاً ؟؟ "

نظر جيم إليه بدهشة :

" ماذا ؟ إلى أين ؟ "

قال ادوارد ببساطة :

" إلى الخارج .."

وقف جيم متعجباً من ادوارد وقال :

" ادوارد ، ألم تستوعب بعد أن هذا ليس وقت المزاح ؟؟ "

قال ادوارد بجدية :

" ومن يمزح هنا ؟؟؟ ... إنني أطلب منك بكل بساطة اصطحابي للخارج.. "

كنت أراقبهما في عجب ، بينما لم يترك ادوارد فرصةً لجواب جيم ، واقترب منه ممسكاً بذراعه يجره كالأطفال خلفه ، بنما اعترض جيم بالبداية ، لكن يبدو أنه وثق بإدوارد فتركه يقوده ..

شيعتهما ببصري في اندهاش وتبعتهما بخطواتٍ بطيئة ، بينما سمعت جيم يقول :

" ادوارد .. أنت مجنونٌ ... ! "

ضحك ادوارد بخفة ، ووقف أمام باب المنزل من الخرج مع جيم .. قائلاً :

" أرأيت لم يحدث شيء ..!........ولن يحدث شيءٌ ...."

ثم جذب جيم بحركة فجائية نحو سيارتي قائلاً :

"ما لم تدخل السيارة الآن "

طلب ادوارد مفتاح سيارتي مني ، وفتح الباب لجيم ، بينما ركب جيم وادوارد إلى جانبه ، ووقفت أنا أراقبهما وأشيع سيارتي بنظراتي الحائرة !

قال ادوارد :

" اقتربي آنسة حبيبة .."

اقتربت قليلاً من نافذة السيارة ، فقال ادوارد :

" آسفٌ لاستعارة سيارتك ، لن تحتاجيها اليوم ، أليس كذلك ؟ "

قلتُ في تساهل :

" لا ، يمكنك أخذها لبعض الوقت ، مادامت ستحقق الفائدة .."

قال جيم :

" حبيبة .. "

انتبهت لجيم قائلة :

" نعم ..؟ "

قال جيم :

" أنا حقاً آسف ..، و.. أتمنى أن تنسي كل ماحدث بمجرد عودة سيارتك إليكِ .."

قلت :

" بالتأكيد .. لا بأس .. يسعدني أن خرجت بأمان "

نظر إلى ادوارد في قلق :

" لست متأكداً تماماً حتى هذه اللحظة "

قلت :

" سأعلم بما حصل معكم عند استعادة سيارتي .. أتمنى أن تمضي اموركما على خير "

قال :

" شكراً جزيلاً لكِ .. و السيارة ..."

قال ادوارد مقاطعاً :

" سيبدأ دوامك الاثنين القادم صحيح ؟ "

قلت :

" نعم .. يمكنني استعادتها منك في الدوام .. "

قال :

"إذاً اتفقنا .."

تابع جيم حديثنا بدهشة وتساؤل صامت ، أوه صحيح ، إنه لا يعلم أن ادوارد هو معلمي !

قبل أن أنطق بحرف ، تحرك ادوارد بالسيارة سريعاً ، قائلاً عبر النافذة المفتوحة :

" إلى اللقاء .."

وقبل حتى أن أنطق بحرف ..

دلفت للمنزل مجدداً .. ودرت ببصري في انحاءه وردهته .. هل حقاً حدثت كل هذه الاحداث منذ الأمس ؟؟ ... هل حقاً عدت لحياتي الطبيعية ؟؟ .. لن يتواجد شخصٌ اسمه جيم مجدداً في حياتي ؟؟!! وأخيراً زال القلق والخوف وشعوري بالذنب وتأنيب الضمير...
توجهت للهاتف لأحادث والدتي ، لست أدري لمَ الآن بالذات ؟ ...ربما لأنني أريد أن أفعل شيئاً ما يشعرني بعودتي لعالمي الطبيعي المعتاد !

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم ~

لقد كنت في حالة تشتت ذهني غريبة ! ... لم أستوعب أفعال ادوارد أو "أهضمها" كا يقول البعض !
لقد تركت له الأمر ليتصرف به ـ لأنني أثق به كثيراً ، وهو أفضل أصدقائي .. لكن ، ما فعله ؟؟ ماذا لو كنت تعرضت معه لخطرٍ كبير ، من هذه العصابة المخادعةّ!؟!؟
من المتهوّر منا ؟؟
لكن حقاً يبدو أنهم غادرواً .. فها نحن قد تجاوزنا المنطقة بسلام .. لا أصدق !!
كنت قبل قليل أتوقع رصاصةً تسحقني ، أو هجوماً مباغتاً يهلكنا ... لكن .. مازلت لا أصدق ..
يأبى تفكيري الا أن يفكر بالأمر .. هل حقاً تركوني وشأني .. أم أنهم يعدون خطة أخرى ..؟؟ هل يا ترى ذهبوا للشركة ؟؟
أه .. لقد أصابني الصداع !

فجأة تذكرت أمراً ..
انه اهم شيءٍ بالموضوع ! .. كيف لي أن أنساه ؟؟؟ إنه .. إنه الدليل الذي اكتشفته بصدد هؤلاء .. الدليل الذي كدت أهلك لأجله ! .. لازالوا لا يعرفون مكانه ! .. إذاً ، لم يكونوا ليقتلوني إلا مع اكتشافه .. !
فتحت فمي لأخبر ادوارد بالأمر ، فإذا به يسألني بنفس اللحظة :

" ما الذي اكتشفته بسأن تلك المنظمة ؟ "

ياللصدفة ! ..

قلت :

" لقد كدت أتفوه بالأمر .. أنت تعرف بالتأكيد شركة (آندرسون كلاودز ) ، التي نتعامل معها منذ العام الماضي أليس كذلك ؟؟

قال :

" نعم ، ماذا بها ؟؟ "

قالت :

" لقد أرسلوا البضائع كالعادة مرفقةً بها الملفات والأقراص المضغوطة التي تحوي تعدادات البضائع لنخزنها على حواسيب شركتنا .."

قال :

" حسناً وبعد ؟؟ "

قلت :

" بينما أنا أتصفح الاقراص ، إذ بي ألمح قرصا غريب الشكل ، كان أصغر بكثير من القرص العادي ، وتفريغة دائرته واسعة .. فالتقطته ظناً مني أنه معلوماتٌ أخرى عن الضائع ، وإذ بي أضع الشفرة السرية المعتادة ، فلم يفتح .. "

أنصت ادوارد باهتمام ، تابعتُ :

" تكاسلت في اعادته إليهم و طلب الشفرة منهم ، فقمت باستخدام خبرتي في التعامل مع الشفرات ، واكتشفت الشفرة ... وفتحت القرص ، وصدمت مما رأيت ..!"

قال ادوارد في عجب :

" ماذا رأيت ؟؟ "

قلت :

" صفقات غير مشروعة "

قال ادوارد :

" كيف ؟؟ أي نوع من الصفقات تلك ، التي يقلبون الارض رأساً على عقب بحثاً عنك من أجلها ؟.؟؟ "

قلت :

" أسلحة ... إنها صفقات أسلحة .."

كرر ادوارد في ذهول :

" أسلحة .. ؟؟؟ أسلحة يا جيم!! ...وكيف اكتشفوا أمرك ؟؟"

قلت :

" بعد اكتشافي الأمر بدقائق وبقائي في حالة الذهول هذه لفترة ، فوجئت بوفدهم الذي أتى مدّعياً أنه سيسترجع عيّنة من البضاعة ليسلجها لديهم ......
لكنه عندما سألني عن الأقراص ؟؟ وهل قمت بفتحها ، أجبته بنعم ، وأنني أريد أن أكلم صاحب شركتهم .."

تابعتُ عندما لم أجد ردة فعل لادوارد غير الانصات بهدوءٍ وعمق :

" وجدته يبتسم بخبث قائلاً (يبدو أنك اكتشفتها يا جيم ! ) صمتتُ بغضبٍ حينها وهددته بسحب تعاملاتي معهم ، وطالبته باسترجاع بضائعه كلها ، ولا يكتفي بأخذ عينة ، بل بكل ما تعاملوا معنا به ، وطالبت باسترجاع اموال الشركة .."

قال ادوارد :

" لماذا يا جيم ؟؟ كان يمكنك اخفاء الأمر بذكاء ..! "

قلت بعصبية :

" ماذا كنت تريدني أن أفعل .. لقد اكتشف الأمر وانتهى ! وقد كانت اللعبة مكشوفةً منذ بداية الكلام !"

تنهد ادوارد :

" ها قد اقتربنا .. لا بأس .. علينا أن نفكّر في الحاضروالآتي لا في الماضي .."

قلت بقلق :

" ذاهبٌ للشركة ..؟؟ "

تجاهل سؤالي قائلاً :

" وأين ذلك القرص ؟ "

قال جيم :

" إنه بدرج والدي في مكتبه القديم .. لم أجد مكاناً أفضل من مكتبه المهجور منذ وفاته ! "

ابتسم ادوارد قائلاً :

" وأخيراً .. هذه المرة الأولى التي تصرفت بها بحكمة "

أثار غيظي .. يالهذا الادوارد اللا مبالي ، يجب أن يغيظني بفلسفته مهما كانت الظروف ! .. لا وقت لذلك الآن ..

قلت :

" وماذا ستفعل الآن أيها الحكيم ؟ "

قال :

" لن تذهب أنت بالطبع ، فماذا لو راقبوا المكان ؟؟ .. سأذهب أنا لأحضر القرص ،و.. خمّن عندها أين سنذهب! "

قلت :

" الشرطة ؟ "

قال :

" بل المخابرات نفسها .."

رفعت حاجبيّ مندهشاً من مخططات ادوارد الغريبة دوماً ، ........والناجحة .. باستثناء هذه المرة ، فمصيرها مجهول حتى الآن !
كنت قد أحنيت رأسي حين اقترابنا من الشركة ، كي لا يلمحني أحدٌ من الموظفين .. وخوفاً من أن يتواجدوا هنا ، أو تنكرهم كالسابق .. أخذ الحذر واجب !
توجه ادوارد بالسيارة نحو مواقف الشركة التي تقع بطابق ٍ سفلي (أرضي ) .. وحينها رفعت رأسي ، لخلو الموقف من أي سيارات ..

ركن ادوارد السيارة ونزل منها قائلاً :

" انتظرني هنا .. ولا تدع أحداً يراك .. أيَّ أحد .."

قلت :

" لا بأس ولكن لا تتأخر .."

ذهب ادوارد بخطواتٍ سريعة ، بينما راقبته أنا من بعيد ، فقد كان الموقف مصممٌ بحيث يمكنك أن تصل ببصرك للأعلى ، إلى المنحنى المؤدي لباب الشركة تقريباً ..
بقيت أنتظر .. وأنا أفكر بالخطوة التالية !

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~

أمام باب شركة ( فاست ديب ) للاستيراد والتصدير .. خرج مساعد المدير ، السيد "ادوارد دونهام " من الباب الرئيسي للشركة ، في خطواتٍ واثقة ، ومظهرٍ أنيق .. لكن حاجباه انعقدا حين استوقفه رجلان ضخما الجثة عريض المنكبين .. وقال أحدهم بغلظة :

" إلى أين يا سيد ادوارد ؟؟"

كاد القلق يلتهم ادوارد والتساؤلات تمزّق كيانه ، هل أمسكوا بجيم ؟؟!! .. إنهم هم .. لاشك هم !.؟؟

إلا أنه تظاهر بالصرامة قائلاً :

" هل تحتاجان لخدمةٍ ما أيهاالسيدان ؟ "

قال الآخر بسخرية :

" يمكنك أن تطلق عليها مسمىً آخر .."

قال ادوارد في دهشة مصطنعة :

" آسف ، ليس لدي الوقت لأضيعه مع عابثان مثلكما.. عذراً ، سأغادر .."

استوقفته يد ثقيلة وضعت على كتفه ، بينما أحس بجسمٍ صلب يرتطم بظهره ..فالتفت في حركةٍ سريعة ، ليجد أحدهما قد دس سلاحاً خلف ظهره وأخفاه تحت بذلة ادوارد ، حتى لا يراه المارة ، والآخر قد وضع كتفه بثقلٍ عليه ، وهو يقول :

" يبدو أنك ستضطر للذهاب معنا بنزهةٍ قصيرة "

قال ادوارد بعبية وتوتر :

" ماذا تفعلان أيها المجنونان !! لن أذهب لأي مكان .."

قال الرجل :

" أعدك انها ستكون نزهةً ممتعة ، خصوصاً بزيارةٍ جميلة ورقيقة ، للسيد جيم المحترم .."

تمنى ادوارد في نفسه أن يزفر ارتياحاً وقلقاً بآن واحد ، فقد أمسكوا به ولا يعلمون شيئاً عن جيم ..
قال ادوارد في هدوء مفاجىء :

"وماذا لو رفضت نزهتك ؟؟ "

ثم انطلق مندفعاً من بينهما ، راكضاً حيث المنحنى المؤدي لباب الشركة ، والذي يطل عليه موقف السيارات ، الذي يختبأ به جيم !

رآه جيم ولمح مطارديه ، فانتقل إلى مقعد القيادة ، في تصرفٍ سريعٍ ووحيد ، لينقذ رفيق العمر .. وانطلق بالسيارة نحو ادوارد ، وتوقف بها لثوانٍ بجانبه ، هاتفاً :

"اصعد بسرعة "

صعد ادوارد إلى جانب جيم ، بينما انطلق جيم بالسيارة في توتر بلا هدف .. المهم أن ينجو من مطارديه ، الذي رآهم قد لحقوه بسيارةٍ كبيرة ، وهاهم يطاردونه ،
زاد من سرعته ، وهتف به ادوارد :

"توجه لمبنى المخابرات ، الآن ، انه في هذا الطريق "

ابتسم جيم رغم ما هم به ، فتفكير ادوارد حكيم ، ففي الوقت الراهن ، هذا أفضل ما يمكنهم فعله !
زاد جيم من سرعته ، ليبتعد أكثر مسافةٍ ممكنة عن تلك السيارة التي تطارده بجنون ..
رباااااه ,,, لقد أصبحتا سيارتين !
هاهو مبنى المخابرات يلوح من بعيد .. والسيارتان المطاردتان كذلك .. ترى من منهما يقترب أكثر ؟؟

هتف ادوارد :

"رباه ساعدنا .."

قال جيم :

"كيف سنفعلها ؟؟ "

قالها وهو يقف امام بوابة المبنى ويغادر السيارة في سرعة ويركض مع ادوارد لداخل المبنى ، حاول حراس المبنى منعهم ، قال لهم احد الحارسين :

" إلى أين تظنان نفسيكما تدلفان ؟ "

قال ادوارد :

" عفواً يا سيد ، يجب أن ندخل حالاً فهناك من يطاردنا .."

وتجاهل ادوارد الحراسة ودلف مع جيم من البوابة ، لكن استوقفتهما رصاصةٌ انطلقت في الأجواء ، مخترقةً ذراع أحدهم في عنف ممزفةً لحم ذراعه .. فأخرج الحارسان مدفعيهما ، و...... بدأت حرب الرصاص ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

القاكم قريباً

Lara_300
31-1-2007, 03:29 PM
الجزء السادس

~ جيم ~


لم أستوعب بعد المأزق الذي نحن فيه ..
ولم أتصور لثانيةٍ واحدة ، أن تستمد بهم الجرأة إلى إطلاق النار أمام مبنى الـ مخابرات الأمريكية !! ..التفت نحو إدوارد ونحن ندلف إلى باب المبنى الرئيسي ، وإذ به يمسك ذراعه المصابة ويضغطها بقوة .. أنا السبب .. لقد عرضته للخطر .. كنت الأجدر بهذه الرصاصة.. أنا مدين له .. ومدين للكثير و...لحبيبة..
استقبلنا بالداخل عددٌ من الضباط .. أشار أحدهم لرفيقه باصطحاب إدوارد بعد أن رأى اصابته .. وقال لي :
- تعال معي يا سيد ..
وصحبني منفرداً إلى احدى مكاتب المبنى .. وهو يقول :
- أظنه مكاناً مناسباً لتوضيح الأمور ..
حقيقةً لقد بقيت صامتاً .. لم أستوعب بعد الشعور بالأمان .. فكل ما حدث ، قد حدث بسرعة ! و... أحتاج للاستيعاب ببطىء وهدوء ..
دعاني الضابط للجلوس على أريكة الغرفة .. فجلست برويّةٍ .. وجلس بجانبي لثوان .. لكنه قام ثانيةً ، واستأذن قائلاً :
- اعذرني لثوانٍ ..
ذهب ..!
عدت لأفكاري .. تلمّستُ الأريكةَ من تحتي ، وضغطت بقدمي على الأرض . محاولات قمت بها للتأكد من أنني مازلت في عالم الواقع ، لا عالمِِ الأحلام ..!
ماهي إلا ثوان ، وعاد الضابط .. وجلس بجانبي قائلاً :
- أأنت بخير ؟
قلت :
- نعم .. هل .. هل مازالوا يطلقون النار بالخارج ؟؟
قال :
- لا تُـقلق نفسك بالأمر .. ما هي إلا دقائق ونسيطر على الأمر .. نحن الـ سي آي إيه يا رجل ! .. ولن تصمد مجموعةٌإرهابيةٌ صغيرة كهذه في وجهنا ...
نعم .. لم أقلق نفسي بالأمر ؟! .. آن الأوان لأرتاح نفسياً وجسدياً من هذا القلق المتواصل .. لقد نجونا .. أكاد لا أصدق .. ادوارد كان له الفضل في نجاتنا ، رغم أنه ........
قطعت أفكاري سائلاً بسرعة :
- وأين إدوارد ؟
قال الضابط مبتسماً :
- ظننتك ستنام وأنا أحدثك ..! من المؤكد أنك تعني صديقك المصاب !
قلت متجاهلاً عبارته الأولى .. فعليه تقدير حالتي .. :
- نعم .. كيف وأين هو ؟
قال:
- لا تقلق .. لقد صحبه رفيقي إلى عيادة المبنى ليعالج اصابته .. سيكون هنا قريباً ..
تنهدت بارتياح .. لكنه عاد يقول :
- هل لك أن تخبرني بالتفاصيل الآن ..؟؟
قلت :
- بالتأكيد .. و..
قاطعني :
- إذن أول ما ستخبرني به .. هو من أنت ؟؟
قلت :
-جيم واطسون .. أدير شركة فاست ديب التي تملكها عائلتي ..
قال بدهشة :
- أأنت قريبٌ لـ مايكل واطسون ؟؟!!
قلت بدهشةٍ أكبر وابتسامة فخر :
- إنك تتحدث إلى ابنه مباشرةً الآن ..
قال بعجب سعيد :
- أنت ابنه حقاً ؟؟؟ يا لها من مفاجأة ..!
يبدو أن أبي كان واسع الصيت شهيرُه ُ ، ويعرف الكثير من الشخصيات الكبيرة .. عاد يقول :
- ولكن .. كيف حدث ما حدث ؟! وماذا حصل لك ؟ ومن هؤلاء ؟؟
قلت :
- مهلاً يا سيدي.. سأشرح لك الأمر ..
شرعت أحكي له ما حدث .. وهو ينصت في صمت واهتمام بالغين ..إلى أن وصلت لأطلاق النار .. فقال الضابط :
- وما اسم هذه الشركة التي اكتشفت أمر صفقاتها ؟
قلت :
- (آندرسون كلاودز ) ..
كنت أودّ اخباره المزيد عنها ، إلا أنني تذكّرتُ أمراً بالغ الخطورة .. وقلت منفعلاً :
- الــ .. قرص !!!
تحولت ملامحي إلى هلعٍ .. لقد تذكرت القرص الآن ...! كيف أنسى أمراً كهذا .. إنه السبب في تواجدنا هنا ..!!هل نسيناه في.......السيارة!!!
قلت بتلعثم :
- القرص .. الدليل .. لقد .. في السيارة .. نسيناه ، و...!!
قاطعني صوتٌ مرهق من خلفي قائلاً :
- كفاك قلقاً بعد اليوم عزيزي ... إنه بخيرٍ معي..
التفت بحركةٍ سريعة لمصدر الصوت العزيز .. وبحركةٍ سريعة كنت أقف أمامه وأحتضنه برفق قائلاً وأنا أنظر لاصابته :
- أأنت بخير عزيزي ادوارد ؟
قال :
- لا بأس يا صديقي .. لقد كانت تجربةً مريرة .. وسيصبح كل شيءٍ على مايرام ..
قلت بامتنان :
- إدوارد .. شكراً لك .. أنت تعرف أنني لن أستطيع موافاتك حقك مهما فعلت ..
قال ادوارد مغيراً دفة الحديث ببساطته وحكمته المعتادة :
- والآن .. هل سنحل ضيوفاً ثُقلاء على مخابرات دولتنا العزيزة ؟!
قال الضابط وهو يطلق ضحكة بسيطة :
- مخابرات دولتكم تتشرف بدعوة اثنان مثلكما .. سنسيطر على الأمر قريباً .. بعدها يمكنكم الخروج بأمان..
قلت :
- شكراً لك يا سيد ......
قال بدهشة :
- أوه .. يبدو أنني نسيت التعريف عن نفسي ..
تابع وهو يمد لي يده طالباً المصافحة :
- "طومسون جايكوب " .. ضابط في الادارة العامة لمخابرات داخلية كاليفورنيا ..
صافحته باحترام .. بينما صافحه ادوارد هو الآخر .. حينها .. وبهذه اللحظة بالذات .. أخذت نفساً عميقاً ، شاعراً بالأمان والطمأنينة .. أمم .. ماهذا ؟ .. لقد مازجََتِ الهواء الذي أتنفسه رائحةٌ ما شهية ! ... لقد أحضروا لنا طعاماً .. يا له من حظ رائع في النهاية .. أوه .. النهاية ؟؟ .. هل هذه هي ؟؟ .. من يدري !




~ حبيبة ~


انه ثاني يوم ، بعد تلك الحادثة .. أو لكي لا ألقي لها بالاً .. يمكنكم القول ، انه ثاني يوم منذ اختفاء سيارتي .. ترى ماذا حصل معهم ..؟ هل انتصر الحق على الشر أم أن سوءاً قد حلّ بإدوارد وجيم ؟؟؟ ... ألا يمكنني الكفُّ عن التفكير قليلاً بالأمر !؟! لكن ... سيارتي ... إنها ما يجعلني أفكر بالأمر .. يجب أن أنتظر دوام الجامعة حتى أستعيدها ..يا له من وقتٍ مملٍ ذلك الذي أٌقضيه ... ليتني كنت مع أمي وأقاربي ..العودة للوطن .. حلمٌ أستيقظ منه كل صباح .. وأبات به كلَّ مساء .. الشوق للأهل والأحباب .. والعيش وحيداً بعيداً عن المعارف والأصحاب .. بل وحتى من يشاركك عقيدتك وأفكارك .. وضعٌ لا يحتمل .. لكن .. نهاية الصبر الفرج ..
سمعت صوت رنين هاتفي المحمول .. وإذ باسمٍ رّقّصّ له قلبي فرحاً .. وانحلت قيود الملل فجأةً ليصبح القلب بكامل حريته .. رفعت الهاتف لأذني وأنا أقول في سعادة واضحة :
- السلام عليـــكم ! أهلاً أهلاً ..


- حبيبة!! كيف حالك ؟؟؟؟


- أنا بخيرٍ يا عزيزتي حنان .. كيف حالك أنت ؟؟


- أنا بخير .. كيف تمضي أمورك..؟


- بخير .. لا تسأليني وأسرعي هيا أخبريني .. متى العودة ؟؟؟


قالت بخبث طفولي :


- خمّني ماذا ؟؟


قلت :


- ستعودين غداً .؟؟


قالت :


- لا أيتها الذكية .. حبيبة .. أين ذهب ذكائك ؟؟


قلت بغيظ :


- لم أرك منذ مدة طويلة وتمزحين بثقلٍ كعادتك ..


قالت بمرح :


- لا أمزح يا عزيزتي.. لكنني تأكدت فعلاً أن ذكائك قد ذهب في نزهةٍ قصيرة ..


- أوه حنان لا تضيعي الوقت وأسرعي بالمهم .. فالمكالمة ستكلفك الكثير إذا لم تتوقفي عن هذه الطريقة !!


أطلقت حنان ضحكة أغاظتني .. وقالت :


- أنا الآن واثقةٌ من ذهاب ذكائك .. ياترى هل له من عودة !


عدت إلى طبيعتي الهادئة .. فمع حنان أتعامل بحريةٍ كبيرة .. فهي صديقتي المفضلة والقريبة ..
قلت :
- حسناً .. ذهب أو لم يذهب .. يبدو أن هناك أمراً ما تريدين اخباري به .. أسرعي هيا..


قالت بعد أن أنهت ضحكاتها المستفزة :


- انظري لشاشة هاتفك يا حلوتي ..


نظرت إليها في عجب قائلةً :


- مابها ؟؟


قالت ويبدو أن أعصابها قد احترقت غيظاً من "ذكائي المفقود " كما تقول :


- أيتها العبقرية .. انظري للرقم الذي أتحدث منه !!!


نظرت إليه و ........ أأأه !! كيف لم أنتبه للأمر ..الرقم داخلي!!
و... هذا يعني أنّ .......


صحت بها في فرح :


- أنت هنا !!! يا لها من مفاجأة !!! لماذا لم تخبريني يا حناان !! لقد اشتقت إليك ؟؟


قالت في ودّ :


- وأنا أكثر يا صديقتي .. ما رأيك بزيارةٍ هادئة إلى منزلك الآن ؟؟


قلت :


- مفاجأة عودتك .. وزيارتك لي الآن ... لا لا . هذا كثير .. يا لسعادتي.. هيا أسرعي أنا بانتظارك ..


أنهيت المحادثة معها ,, وأنا سعيدةٌ حقاً .. لقد حقق الله أمنيتي .. فقد كان الملل يخيّم على قلبي .. وها قد حصلت المفاجأةُ التي كنت أتمناها وقدمت حنان ، وبصورة فجائية !!!
بعد قليل وصلت حنان ورحبت بها في سعاةٍ بالغة متبادلة .. وراحت تحكي لي ما حدث معها في اجازتها الصغيرة مع عائلتها .. لقد تفاجأت حقاً من عودتها المبكرة .. لكنها أوضحت لي أن أمور عائلتها لم تكن على مايرام ، مما اضطرهم للعودة .. كما أن بقائها هناك لم يعد يفيد ، بل على العكس ستضر دراستها بالتغيب كل هذه الفترة .. كنت مترددة .. هل أحكي لها ما قصتي مع جيم .. وإدوارد ؟؟
مع أنّ حنان صديقتي المقربة والحبيبة .. لكنني لم أشأ أن أخبرها أمراً كهذا ، ربما لأنه انتهى ,, ولن أتورط به مجدداً .. وربما ..... لا أدري .. لكنني لم أتفوه بحرفٍ عنه ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم~

تم القبض على تلك المجموعة الصغيرة التي أطلقت النار علينا أمام المبنى الرئيسي للمخابرات ، والتي تتبع تلك المنظمة .. لكنهم أكدوا للضباط أنهم لا يعرفون شيئاً ، بل إنهم مستأجرون بواسطة شخصٍ مجهول .. لذا ، اتجهت المخابرات ناحية تلك الشركة لتقاضيها بعد أن رأوا القرص ومابه ..

أما عنّي أنا وإدوارد ، فقد عدنا لحياتنا الطبيعية ، ولكن بالطبع تحت الحراسة .. فقد وضعت المخابرات من يراقب الشركة ، و من يراقب منزل كلانا ، إلى أن يتم الانتهاء من أمرُ هذه المنظمة المجهولة .. لكن رغم هذا .. فأنا أشعرُ ببعض المخاوف .. تابعت عملي بالشركة وكأن شيئاً لم يحدث .. لقد خسرنا حتى الآن تعاملاتنا بتلك الشركة ، لقد كانت تعود علينا بالكثير من الفوائد .. والآن ، سيهبط دخل الشكرة كثيراً .. !
إدوارد منشغلٌ هذه الأيام بالاعداد لعمله بالجامعة .. لقد كنت أعتمد عليه بكل شيء .. أما الآن ، فنادراً ما يأتي للشركة ..! ..
مر يومان منذ مغادرتنا لمنزل حبيبة .. ترى هل نست الأمر ..؟ يجب أن أفكر لاحقاً بشكرها بطريقةٍ ما .. ولا بد أيضاً أن أراها ثانيةً بطريقةٍ مناسبة ، ليس كالمرة السابقة !
انشغلت بتحضير بعض الملفات ومراجعتها .. إنها ملفاتُ شركةٍ جديدة تعرض التعامل معنا .. الآن يجب عليّ التدقيق أكثر حين قبول الشركات ورفضها .. فلننظر .. إنها شكرة تدعى ( الضياء ) !
ماهذا الاسم الغريب .. بدأت بفتح ملفاتها ومراجعة معلوماتها .. وأول ما وقعت عيناي عليه ، هو اسم البلد .. إنها بلدٌ عربي ، من المؤكد أن الاسم عربيٌ أيضاً لهذا لم أفهمه .. والآن بعد أن تغيرت نظرتي عنهم .. لا بأس بقبولها ، ربما أتعمق أكثر بعالمهم ، وإنني أتلمّس الأمانة في تعاملاتهم ، أقنعت نفسي بقبولها ، لكن هذه المرة قبلتها بنظرةٍ جديدة ، كان لحبيبة الفضل فيها .. يبدو أيضاً أن حبيبة لن تفارق تفكيري كلما توقفت لعمل أمرٍ ما ..
اتصلت بهم وحددت موعد مقابلة وفدهم ، الذي سيبقى هنا لمتابعة العمل من جهته .. هل تعاملي معهم في محلّه حقاً ؟؟؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

Lara_300
3-2-2007, 03:06 AM
الجزء السابع ..

~ حبيبة ~

عدت للدوام أنا وحنان .. واستعدت سيارتي من السيد "إدوارد " بعد أن علمت منه أن الأمور قد تيسّرت وأنهما بخير .. طبعاً بعد واجهتني حنان باستفسارها عن الأمر .. سأخبرها لاحقاً..
.. لقد بدأنا في الشهرين الأخيرين من هذه السنة .. وبدأ العمل الجاد ، وبعدها سنتخرّج ويذهبُ كلٌ منا لــ ......وطنـــه ! ... الأيام تمرُّ كالمعتاد ، لا جديد ، سوى أن حنان ستنهي اختباراتها أول الشهر القادم ، أما أنا فسيتبقى لي مدةٌ أكثر .. والسببُ يعود لظروف عائلتها .. ما زلت أجهل هذه الظروف ، مع أن حنان تحاول إخفاء الكثير .. لكنني أستطيع تلمُّسَ سببٍ خفِيٍ في عينيها ، يدل على حزنٍ وتلهُّف ، أو .. لا أدري ، فلستُ خبيرةً نفسية ... لكنني متأكدة أنني سأجبرها ذات يومٍ على الإفصاح بما لديها .. إنني أعرفها جيداً ..

كنت جالسةً في ساحة الجامعة ، على أحد مقاعد الانتظار مع حبيبة ، عندما سمعت رنين هاتفي ، فأخرجته مجيبةً :

- نعم ..

" حبيبة ابنتي كيف حالك ؟؟ "

لم أميّز الصوت بدايةً .. تساءلت :

- عذراً .. من معي ؟؟

" أنا خالتك سعاد ... كيف أنتِ ؟ ألم تعرفينني ؟؟ "

قلت بسعادة :

- أهلاً أهلاً خالتي .. انا بخير والحمد لله ، ما هذه المفاجأة ؟؟.. مرت فترة طويلة لم اسمع صوتك ، لهذا لم أتعرّفكِ ..

لم يبدُ على صوتها الارتياح .. ولا أي سعادةٍ ولا تلهّف .. بل بدا صوتها حزيناً وهي تقول :

- بإذن الله تعودين لنا سالمةً غانمةً يا عزيزتي ..

قالتها بسرعة وأردفت بعدها بتردد :

- حبيبة ..!

قلت بقلق :

- ماذا هناك يا خالتي ؟؟

قالت :

- كم بقي على عودتك ؟؟

قلت :

- شهرين تقريباً .. ماذا هناك يا خالة .. أرجوكِ أخبريني ..

قالت وصوتها ينم عن قلق وحزن شديد :

- أختـــي... أعني أمكِ أنها ........

وصمَتَتْ .. بينما أصابني الهلع وأنا أقول هاتفةً بصوت مفزوع :

- أمـــي ؟؟؟؟ ماذا بها أمي ..؟؟؟!!

قالت خالتي في توتر :

- حبيبة ... لا ، لم أقصد إخافتك لهذه الدرجة .. كلُّ ما هنالك أنَ والدتك بدأت صحتها تتدهور .. ويجب عليكِ أن تسرعي بالعودة ..

قلت في فزعٍ لم يزل :

- خالتي أرجوكِ أخبريني الحقيقة ؟؟ أحدث لها شيءٌ ما ؟؟ ... أنا أعلم أن صحتها متدهورة .. لكنك لن تتصلي بي هنا إلا لحدثٍ طارىء !؟

شعرت بيدٍ تربت على كتفي ، فالتفت حولي لأجد حنان تبتسم في هدوء وتشير بيدها مطمئنةً بمعنى " اهدئي .." .. بينما سمعتُ خالتي تقول :

- حبيبة .. صدقيني ، لم يحدث مكروهٌ كما اعتقدتِ .. لكن .. سأخبرك بصراحة .. إن والدتك تصاب الآن بنوباتٍ متقطعة .. وأقرّ الأطباء أنها قد تصاب بجلطةٍ في أي لحظة .. وأنا أخشى عليها لأنها وحيدةٌ يا حبيبة .. وإن أكثر ما يزيد حالتها سوءاً هو بعدك عنها ، رغم أنك لا تشعرين بها وبما تعانيه .. أتفهمين ؟؟ كل هذا تحتمله من أجلك يا حبيبة .. يجب أن توافيها حقّها قبل أن ... قبل أن .. يفوت الأوان بأي لحظة .. وهذا ممكن جداً كما قال الأطباء..

تجمدتُ مكاني .. لم أقوَ على النطق بحرف واحد .. لا يمكنني أن أتخيل ..! ... أمي .. فداك روحي وقلبي .. لا تهم دراستي .. مستقبلي أضعه بين يديك .. انحدرت دموعي على خدّاي وأنا أبتعد عن المكان لكي لا يراني أحدٌ بهذه الحالة ، رغم أن خالتي ما زالت معي على الهاتف .. وحنان ، ها هي تتبعني ..
سمعت خالتي تكرر :

- حبيبة .. حبيبة .. ؟؟

قلت بصوت يكسوه المرارة :

- نعم خالتي ..

قالت :

- حبيبة .. إنني أحدثك لكي لا تطيلي مدة مكوثك .. إذا ما تمكنت من الحضور فأسرعي بذلك .. ستتحسن حالُ والدتك حينها وستعتنين بها عوضاً عن الغير .. صحيحٌ أنني أختها ، لكنك تعلمين ظروفي جيداً ، قد لا أستطيع المكوث بجانبها على الدوام .. ثمّ إننا لا يجب أن نخفي عنك حال والدتك ..فتلومينا بعدها

قلت لها قبل أن تكمل :

- خالتي .. يجب أن آتي .. سأستقل أول طائرة .. أعلم بأن هناك شيئٌ ما يحدث ..

قالت لي بترجّي :

- حبيبة لن أطيل عليكِ ، فلقد أطلت بما فيه الكفاية والمكالمات ليس بهينة .. اسمعيني جيداً .. شهرين ليست بالمدة الطويلة ، فلا تقطعي دراستك الآن .. ابذلي جهدك وانهي الشهرين ونحن بانتظارك .. وادعِ الله أن تظلّ والدتك بخير حتى ذلك الحين .. وأن لايحدث لها مكروه وأنت بعيدةٌ عنها ..

عجزت عن الكلام .. قلت فقط :

"حسناً .. ان شاء الله يا خالتي"

قالت :

" في حفظ الله .."

اغلقت الهاتف ببطىءٍ شديد .. وبكيت .. أتلومني خالتي على مالاذنب لي به ؟! أليس والدي هو السبب ُ في كلّ هذا ؟؟ أأقطع دراستي وأتجاهل مستقبلي في آخر لحظاته ؟؟ لكن ماذا يمكنني فعله لوالدتي ؟؟ إنني أتعذب لمجرد معرفتي لمرضها وهي بعيدةٌ عني .. أقصّرتُ في حقّها ولم أبرّها كما يجب ؟؟ ... أسندت رأسي إلى شجرةٍ مجاورة ، وسمعت صوت حنان .. حنان التي أنستني الصدمة تواجدها بقربي .. نعم ، إنها هي من أحتاجه الآن .. رفعت رأسي إليها فوجدتها تقول بهدوءٍ كعادتها :

- أتسندين رأسك لجذعٍ بينما كتفي موجودٌ أمامك ؟؟ ..

" حــ .. حنـــان .. !! "

قلتها وأنا أرمي بنفسي بين أحضانها.. وهي تقول :

- حبيبة .. اهدئي بالله عليكِ .. ليس هذا المكان المناسب .. هيا تعالي معي ..

بعد قليل أصبحنا في منزلي .. وأخبرت حنان بما دار بيني وبين خالتي .. قالت :

- ستكون والدتك بخير إن شاء الله.. ماذا بيدك أن تفعلي يا حبيبة ؟ ... دراستك أوشكت على الانتهاء ، إذا ذهبتِ الآن فستضطرين لإعادة السنةِ كاملة ! ثم إن والدتك لا تحتاج إلا لعناية ، ولم يحدث شيءٌ خطير حتى الآن .. فلندعُ الله أن لا يحدث لها مكروهُ حتى أوان عودتك ..

معها حق ٌ .. ماذا كنت سأفعل من دونك ياحنان ؟؟ .. قلت لها :

- حنان ...............شكراً لكِ ..

ارتفع حاجبيها دهشةً ثم قالت :

- اصمتي ..

ورمتني بوسادةِ الأريكة قائلةً :

- لا تنهاري هكذا ثانيةً .. اعتدتكِ قويةً دوماً ..

ابتسمت ابتسامةً حزينة وقلت :

- ليس عندما يتعلق الأمر بوالدتي ، التي لم أرها منذ ما يزيد عن السنة ..

قالت:

- ما هم إلا شهرين وستعودين بإذن الله إلى ظلها ورعايتها .. هيا قومي نحضّر شيئاً للغداء .. ألستِ جائعة ؟؟

ومضت حنان في محاولاتها لرفع معنوياتي التي هبطت بشكلٍ كبير .. مازحةً تارةً ومخففةً عني تارةً أخرى ..

لكن ، ياترى ... ماذا يخبىء لي القدر من أحداثٍ ومصائب .. أو سعادة ؟؟؟؟؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ ~

~ جيم ~

"أحمد علي .. مندوب شركة الضياء في كاليفورنيا .."

قالها المندوب وهو يصافحني في رحابة .. وقلت أنا بدوري :

" جيم واطسون .. صاحب الشركة .."

قال مبتسماً :

" يسعدنا التعامل معك يا سيدي .."

رددت :

" وأنا أيضاً يسعدني التعامل معكم .."

سألته مباشرةً :

" أتحب أن نبدأ الآن بالعمل ..؟ "

قال بحزم :

" نعم .. لا بأس بذلك .."

صحبته لإتمام الاجراءات التي تتطلب توقيعه ، من معاهداتٍ وغيرها ، يبدو شاباً حازماً ومجداً .. ويبدو أنني لن أندم بالتعامل معهم كما آمل ..
بالفعل لا يمكن لهؤلاء الناس أن تكمن العدائية في طباعهم .. وإن لم يكن من دليلٍ سوى ما رأيت .. فإستشعاري للأمر يكفي ..

مضت أيام تقابلنا بها أنا و " أحمد " كثيراً لاتمام أعمالنا المشتركة .. وكان إدوارد قلّما يشاركنا هذه الاجتماعات الصغيرة .. إنه منشغلٌ جداً بوظيفته ، وينوي افتتاح عيادةٍ صغيرة ، أخشى مع افتتاحها ، انسحابه من أعمال الشركة .. لا أستطيع إدارتها وحدي ، هذا محال ..!

في هذه الليلة ، قمت بدعوةِ "أحمد " إلى منزلي لاتمام باقي الأعمال .. لقد كوّنتُ عنه فكرة ممتازة .. ووجدت العمل معه سلساً مريحاً ..
بدأنا بمراجعة منتوجات الشهر القادم وما يستجد بالشركة .. قمت لأحضر شراباً لــ " أحمد " ، فقد بقينا نعمل كثيراً ..
فتحت إحدى أرفف المكتبة ، واحضرت زجاجةً شراب ، مصحوبةً بكأسين .. وضعت أحدهما أمام " أحمد " وقلت :

" أتريد شراباً .."

لاحظت علاماتِ واجمةٍ على وجهه .. وقال بحزمٍ مفاجىء :

" أنا لا أشرب الخمر ... "

قلت له محاولاً :

" لن يظهر مفعوله كثيراً .. فقد خصصت هذا النوع للعمل .. وبالتالي فهو غير مضر كثيراً .."

قال :

" آسف سيد جيم .. إنني لا أمتنع من أجل تلك الأسباب .. لدي أسبابٌ أكثر أهمية .."

غلب العجب على ملامحي .. وأرخيت الزجاجة من يدي .. وأرجعتها لمكانها .. وقلت :

" هل لك أن تخبرني ما هي ؟؟ علّي أمتنع عنه أنا الآخر؟؟ "

ابتسم " أحمد " قائلاً :

" في الحقيقة .. أنا مندهشٌ لأنك لا تعلم ذلك ... لكنني مسلم .. وديني يمنعني من شرب الخمر .."

وكأن أحداً رشّ وجهيَ بقطراتِ ماءٍ باردة .. قلت :

" أه ... أيمنعكم عن الخمر أيضاً ..؟ "

قال ببساطة :

"نعم .."

قلت بتفهّمٍ :

" فهمت .. حسناً لا بأس .. لكن .. أليس كلُّ إنسانٍ حرٌّ بنفسه وعقله ؟؟ "

قال :

" في ديني .. حريّة الانسان تحدها الفوانين والحدود التشريعية .."

عجبت منهم .. كيف ؟؟ كيف يتواجد قومٌ كهؤلاء؟؟!

قلت :

" هذا جميل .. رغم أنه يقيّد البعض .."

قال مبتسما ببساطة :

" هؤلاء الــ "بعض" .. هم المتضررون في النهاية .."

أكلّهم لديهم نفس الأسلوب .. ؟؟ في البداية حبيــبة .. والآن "أحمد " ..

قلت :
" لقد عرفت عنكم الكثير .. هذا يسعدني ويشبع فضولي .."

قال بعجب :

" عنّا نحن ؟؟ "

" نعم . أقصد المسلمين .. "

سألني :

" وماذا رأيت فينا ؟؟ هل لديك نظرةٌ مختلفة ؟؟ "

قلت :

" نعم .. فقد قابلت شخصاً مسلماًً من قبل ، وأخبرني كم هو رائعٌ شعبكم .. رغم ما يشوّه صورته .. وهاأنتذا تزيدني من الشعر بيتاً .. من الجيد أن يمنعك حدٌ ما عن جلب الضرر لنفسك.."

قال متبسماً بسعادة :

" هذا رائعٌ سيد جيم .. من المفرح أن أجد شخصاً يكوّن فكرةً جيدةً عنّا .. وكل الشكر لذلم الخص الذي غير من تفكيرك .. فمن المؤسف أن ترى الناس يسدّون عقولهم قبل آذانهم عن سماع الحقيقة ..! "

أمضيت معه الأمسية وغادر بعدها على اتفاقٍ بلقاءٍ آخر .. لقد أعجبني أحمد كثيراً .. فبتُّ الآن أعتبره كصديقِ لي ..

أووه .. نسيتُ أمراً .. لقد حان وقت شكر حبيبة مرةً ثانية ..

ســأزورها بالغد ..

وباتت هذه الفكرة في عقلي إلى اليوم التالي ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~حبيبة ~

إنه اليوم الأول في عطلة آخر الأسبوع .. التي هي ، اليوم وغداً .. أما عن اليوم .. فقد قضيت وقتاً طيّباً مع حنان ، وها قد أوشك وقت المغرب على الدخول ..
انتظرت موعد الأذان المفترض .. وأديت فرضي .. واتصلت للاطمئنان على والدتي مجدداً .. وكم سعدت حين أجابتني بنفسها .. لقد أنكرت مرضها على غير علمٍ باتصال خالتي بي .. يا لك من معطاءةٍ يا والدتي الحبيبة .. فه لا تريدني أن أقلق عليها وأهمل دراستي .. سلّمتُ أموري للخالق عزّ وجل .. و........

رنين جرس الباب .. ذهبت لأفتح وأنا أتوقع أن تكون حنان ، قد نست غرضاً لها أو أوراقاً .. و.. فتحت الباب ، لأتلقى مفاجأةً غير متوقعة !!

إنه ...... " جيــــــــم " !!!

لا يمكن !! لماذا جاء ؟؟؟ لماذا ؟؟؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

أعتذر إن شعرتم بقصور في الاحداث ... ربما أضع جزءاً غداً .. وليس بعد ثلاث أيام ..

Lara_300
5-2-2007, 09:14 PM
تابع الجزء السابع
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

مالذي أتى به ؟؟ ألم تنته الأمور ؟؟
أهناك شيءٌ يدعوه للمجيء ؟

قلت بصوتٍ خافت :

" سَـ سيد جيم ؟؟ "

ابتسم قائلاً :

" مرحباً؟ كيف حالك حبيبة ؟؟ "

لم اظهر أي ردة فعل .. ليس لي الحق بذلك ، قلت :

"بخير"

اعترته الدهشة سائلاً :

"ألن تسمحي لي بالدخول ؟ "

يجب أن أحزم الأمر منذ هذه اللحظة ، قلت :

"عفواً .. لا أستطيع "

بدت عليه علامات الاستغراب ،وقلت أنا مستطردة :

- ماسببُ هذه الزيارة سيد جيم ؟

قال بدهشة :

" حبيبة ..؟ ماذا حصل لكِ ؟؟لماذا تتحدثين هكذا ؟؟ ...زيارتي عاديةٌ جداً ، بكون أننا أصدقاء .."

قلت بحزم :

"أنا لست صديقتك .."

تابعت :

"المعذرة .. عليّ انهاء هذه الزيارة .. في المرة سابقة كان كل شيء محض صدفة وكان الامر ضرورياً ، وتعاطفي كان مع موقفك لا أكثر .."

لم يتحدث وبقي منذهلاً ومصدوماً ..

فتابعت انا :

"لا يوجد أي سبب يدعوني للاستمرار في هذا .. حريتي يحدها ديني وأنت تعلم ذلك!"

صمت قليلاً ثم قال بهدوء وصوت خافت :

" لا بأس .. لم أكن أنوي إزعاجك ِ .. سوى أنني ومنذ فترة أريد أ أشكرك بأي طريقة ..."

تابع متنهداً :

"لذا ... شكراً لكِ على كل شيء ... فأنت لم تحميني فقط .. بل غيّرتِ من نظرتي لبعض الأمور .."

واستدار مغادراً وهو يقول :

"أعتذر مجددا على ازعاجك .. وداعاً .."


اغلقت الباب وأنا أتنهّد .. ألا يمكن لأولئك الأجانب أن يفهموا أنهم ليسوا وحدهم المتحكمين بالأمور ..؟! سبحان الله ، وكأنّهم ولدوا مسيطرين بطبيعتهم .. كما نتجت عن ذلك حروبٌ الآن ! ...
المهم أنه تفهّم وقدّر الوضع آخراً .. كلُّ ما أرجوه أن لا يؤثّر ذلك على نظرته لنا ثانيةً !..يا الله .. أتمنى أن أكون فعلتُ الصواب .. فلأنسى أمر جيم .. فلا أعتقد أنني سأراه ثانيةً بعد هذا الموقف .. وهذا أفضل بالطبع ..

مرت أيامٌ على نفس الموّال والحال .. دراسةٌ وقلق وملل .. لم يكن يصبّرني سوى صديقتي حنان التي بدأت تكشف الستار عن أمورٍ خطيرة ..! كنت أعلم منذ البداية أنها تخفي أمراً ما .. أنا واثقةٌ أنها ستخبرني ولكنها كعادتها تنتظر اللحظة التي تسميها بـ(المناسبة ) ! لذا سأنتظر ..
بالنسبة لوالدتي ..فهي تطمئني على حالها كلما اتصلت .. بينما كنت أتصل أنا على خالتي وأستفسر منها ، لأنني أعلم أن والدتي ستخفي عنّي أي شيء وكلّ شيء ..
وسأبذل جهدي إن شاء الله لأعود إليها غانمةً وتعود إلي سالمة .. فليس لكم أن تتصوروا كم اشتقت إليها .. سامح الله أبي على كلّ مافعل ..

ترى ماذا يخبىء القدر لي بعد أن استقرّت أموري حالياً !؟
من يدري ؟!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الجزء الثامن ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~جيم~

"مرحباً إدوارد .."

أجاب إدوارد بصوته العميق :

" مرحباً .. كيف العمل ؟ "

" ألا تسأل عني أولاً ثم عن العمل ؟؟ "

" أنت والعملُ واحد ، ما أخباركما ؟؟ "

زفرت في ارهاق :

" على العموم .. كلانا لسنا بخير "

قال في قلق :

" جيم أأنت مستيقظ ؟؟ أشعر بأنك تحدّثني وأنت غارقٌ في النوم ؟؟ ماذا بك ؟"

قلت:

" كفّ عن فلسفتك قليلاً .. اسمعني إدوارد ، حقاً أنا متعب ! أشعر بأن نياط الأمور وعقالها يفرُّ من يدي ..! "

قال ادوارد بجدية :

" انتظرني ، أنا قادمٌ إليك .. يبدو أنه لديك الكثير لتصرّح به .. انتظرني "

"حسناً .."

اغلقت الهاتف .. حقاً أنا متعبٌ مرهق .. بدأت أخسر الكثير من الصفقات في الشركة .. لم تعد شركاتٌ كثيرة ترغب بالتعامل معنا .. حتى الآن هم خمس شركات فقط .. في السابق كانت تشاركنا الكثير قد يصل عددها إلى العشرين في آنٍ واحد.. صحيح أن هناك فترات خمود بالأسواق .. لكنها لم تصل لهذا العدد مطلقاً سابقاً .. هل ستخسر الشركة الكثير؟.. أم أن هناك من يمكنه انقاذ الموقف ..؟
أنا أعلم أن ادوارد هو الحلُّ الوحيد للمشكلة .. إنني أعتمد عليه كلياً بالعمل .. ولكم يؤسفني انشغاله مؤخراً كثيراً .. فلقد بات يأتي الآن للشركة كل اسبوعٍ مرة ! بعد أن كان يداوم بها يومياً .. أما الآن فيكتفي بذلك اليوم ليشرف على ما عملت عليه !! ترى علامَ ينوي ؟؟
لن تخذلني ادواردو اليس كذلك ؟؟ توجّه تفكيري مع هذا اليأس الذي شعرتُ به ، نحوَ ..حبيبة ... منذ ذاك الموقف وأنا لا أجرؤ على ذكرها ! لم يخطر ببالي أنها محافظةٌ حتى من هذه الناحية !؟ ....... ولماذا أهتم أنا بأمرها .. لقد شكرتها وانتهى الأمر .. لماذا أهتم بأمرها .. أعترف بأنها قد شدّت انتباهي ، لكنني يجب أن أنساها للأبد .. فهناك الكثير من الفروق بيني وبينها ، لا يمكن أن تذاب ..

سمعت صوت طرقات على باب مكتبي ، قلت بصوت عالٍ :

" أهلاً ادوارد .."

فتح الباب ولكن القادم لم يكن ادوارد ، بل كان أحمد .. إنهاصداقةٌ هادئة تلك التي كوّنتها معه ..

قلت :

" أحمد ؟؟ مرحباً بك .. تفضل "

تقدم وجلس أمامي سائلاً :

" كيف حالك ؟؟ "

"بخير وأنت ؟ "

" بخير ... كيف تسري الأعمال ..؟"

"حقيقةً الأعمال معكم تجري بشكل رائعٍ وممتاز .. لقد كنت محظوظاً بالتعامل معكم ..والحصول على صديقٍ مثلك "

قال :

" وأنا أيضاً .. لكن .. لم يبدو بعض الوجوم على وجهك ؟؟ أتسير بقية أعمالك بخير ؟؟"

تنهّدت .. خشيت أن أخبره بالأمر فيظن أن هذا عيبٌ بالشركة وأن باقي الشركات انسحبت لذلك .. لكنني تلّمست فيه التفهّم والعقلانية فحكيت له موقفي والمشاكل التي بدأت تهطل عليّ وانشغال ادوارد ..

قال :

" لا تقلق ، إنها مجرّد فترة وستمضي.. "

" انها المرة الأولى التي يحدث فيها هذا بتاريخ الشركة منذ زمن طويل!"

أنصت لي بصمت وعمق تفكير .. فقلت له :

" ثم إنني أشعر ... أن هذا يحدث لقصورٍ في إدارتي .."

قال :

" أتعترف بذلك .."

قلت :

" نعم .. لست أشعر أنني على ما يرام هذه الأيام .. لست أعرف سبباً آخر "

" أنت لم تقصر بشيءٍ معنا .."

" لستم أنتم وحدكم من أتعامل معه .."

" اسمعني سيد جيم .. سأخبرك أمراً .. هناك قاعدةٌ عندنا نحن .. أنه ...."

كنت أنصت له جيداً .. لكن طرقاتٍ على الباب جعلته يتوقف عن حديثه .. كنت منتظراً اجابته بلهفةٍ كبيرة .. لقد شعرت أنه يملك الحل ..

دلف ادوارد إلى المكتب قائلاً :

" اهلاً .."

توقف بنظره ناحية أحمد .. وقال برسمية :

" مرحباً .. "

تصافحا ، ثم قال لي ادوارد :

" أأنت مشغولٌ الآن ..؟ "

سبقني أحمد إلى الكلام :

" لا إنه غير مشغول .. أنا سأذهب لإنهاء بعض الأعمال .. وسأنتظر اتصالك يا جيم بأي وقت.."

قالها وغادر مودعاً ..

التفت بعدها إلى ادوارد الذي قال :

" إنها تلك الشركة العربية .! كيف تسري الأمور معها ؟"

" تعاملنا ممتاز معهم .. لكن الأحوال من حولي تتدهور .. "

بدأت أسرد لإدوارد حال الهبوط الذي تعرضت له الشركة في غيابه بيأسٍ شديد .. فقال ادوارد :

" جيم .. أنت تعلم أنني مشغولٌ هذه الأيام جداً .. فليست الشركة وحدها ما يجب علي الاهتمام به .. "

قلت له :

" أعلم ذلك .."

" لذا يجب أن تعذرني وتعتاد منذ الآن أن تتحمل المسؤولية كاملةً لوحدك .. "

قلت :

" أنا أفعل .. لكنني لا أستطيع . لن أنجح في ذلك .. "

تابع متجاهلاً حديثي :

" يجب أن تغيّر من هذه الطريقة المملة يا جيم .. أنت مدير هذه الشركة وصاحبها وعليك أن تستوعب الأمر .. وأنا فقط أساعدك كصديق وأخ ووالد .. إن لم تتدارك نفسك فستخسر الشركة أمام عينيك وستنساب من بين يديك .."

كان يتكلم بجدّية لم أعهدها .. لم أفهم ، ما المطلوب مني إذاً ؟؟

قلت :

" وماذا تريدني أن أفعل حيال الأمر؟؟"

قال :

" أنت من يملك الجواب .. إنها مشكلتك أنت .. في كل مرة أقدم لك يد المساعدة ،لكن هذه المرة لن يجدي شيءٌ نفعاً في حلها سوى أنت ..!!"

قلت :

" أنا .... أنا حقاً لا أعرف .. لا أستطيع أن أتحمل الأمر كلّه على عاتقي .. ادوارد ماذا أفعل .. ؟؟ ساعدني ولو للمرة الأخيرة .."

قال :

" جيم ! حقاً أنا أتعجب من يأسك المفاجىء ... لكن صدقني يمكنك تحمل الأمر .. فقط حاول أن تطوّر من نفسك وأ سلوبك .. على الأقل تفائل واستخدم بعض الوسائل لتحسين الشركة .. لن أظل أقترح عليك .. يجب أن تكتشف هذه الامور وتفعلها بنفسك ..!"

قلت :

" وماذا ستفعل أنت حيال الأمر .. ألن تساعدني بهذه الأمور ؟"

قال :

" أكرر لك .. أنت وحدك من سيغير كل شيء ويجتاز هذه العقبات .. وثانياً .. لدي ما أخبرك به .. أعلم أنك ستنصدم و ستغضب ، لكن لا يمكننا الاستمرار على هذه الطريقة .. "

قلت بقلق :

" ماذا ..؟؟ "

قال :

" يجب أن تتولى الأمور كلها بنفسك منذ الآن ، ستعجز في البداية عن استيعاب الأمر .. لكنني أثق بك وبعقلك . ما أردت قوله هو أنني .... جئت أقدم استقالتي "

قلت بأكثر من الصدمة :

" كيف ....؟؟؟؟؟! لماذا ؟؟؟ ادوارد لماذا؟؟؟ أعلم أنك منشغل لكن ... استقالتك ادوارد ؟؟؟ هذا كثيرٌ علي .."

قال بحزم وجدية تامة :

" لقد فعلت هذا لمصلحتك قبل مصلحتي يا جيم "

قلت بمرارة :

" أين مصلحتي في هذا ؟؟"

قال :

" ستتعلم تولّي الأمور وحدك .. ماذا إن حصل لي مكروه؟؟ ستضيع شركة والدك من بين يديك ؟؟ أنت لست طفلاً يا جيم ... أنت جيم العاقل المدير .. لست من يعتمد اعتماداً كلياً على شخص ما ... "

لقد تلقّيت اليوم ما فيه الكفاية من الاقوال .. أشعر بإحباط شديد !!

قلت :

" ادوارد ... أتمنى أن لا يؤثر هذا على علاقتنا .."

قال :

" ماذا تقول ! بالطبع كلاّ .. أنت صديقي الوحيد يا جيم .. وأنا أعتبرك كأخي وابني قبل أن تكون صديقي ..وما أفعله كله كان سيفعله والدك .. وكله من أجلك ومن أجله .."

كم هو رائعٌ ادوارد .. شعرت لحظتها بروعته ووفاءه .. قلت بامتنان شديد :

" ادوارد .. أشكرك من كل قلبي على كل ما فعلته من أجلنا .. وستظل صديقي للأبد .. شكراً لك ..أقدّر ظروفك.."

قال مداعباً وهو يغادر :

" لا داعي لذلك يا صديقي .. أراك لاحقاً .."

غادر .. بينما امتزج بعض الأمل مع اليأس في نفسي .. هل أستطيع حقاً تولّي الأمور .. كيف سأطوّر من نفسي ؟؟ لقد أعطاني ادوارد أبواب الحل .. لكن أين أجد المفتاح يا ترى ؟؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

أعلم أنني مقصرة في حق المتابعين .. لكن أتمنى أن تعذروني لظروفي القاهرة ..

Lara_300
9-2-2007, 10:52 PM
تابع الجزء الثامن ..


~ حبيبة ~


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

"وأخيراً .."

كانت حنان ناطقة هذه العبارة ونحن نخرج من مبني الجامعة ، بعد أن أخذَتْ موافقة على أن تُجري اختباراتها النهائية مع الطلاب المتقدمين ، وستنتهي بعد شهر واحدٍ فقط ، أي قبلي بكثير..

قلت لها باستفسار :

" أأنتِ سعيدة لذلك ؟؟ "

" لأن أجري امتحاناتي مع المتقدمين وأنهيها قبلك ؟؟ كلا بالطبع ولكن ... .."

سألتُها بجدية :

" ماذا هناك يا حنان ..؟؟ أي ظروفٍ تلك التي جعلتك تقدمين على ذلك ؟؟ "

قالت :

" ولِمَ العجلة ..؟ سأخبرك عاجلاً أو آجلاً .."

" ولِمَ ليس الآن ؟؟ "

" لست مستعدة لأن أشغل بالكِ بالأمر.."

" أهو سيءٌ لهذا الحد ؟؟"

" لا لا إنه ليس سيئاً... لكن ربما لأنه حصل أثناء بعض المشاكل العائلية .. لكنه سيمضي بلا مشاكل .."

زَفَرْتُ بغيظ وقلت بعصبية مفتعلة:

" تكلمي بمنطقية ! ما هو الذي حدث في أثناء ماذا ولماذا ؟؟؟ "

أطلقت ضحكة قصيرة وقالت :

" سأخبركِ عزيزتي .. والآن .. لكن تحمّلي العواقب .."

قلت :

" سبحان الله .. كنت أعتقدك حزينةً منذ مدة لهذا الأمر ..ولكنك تبدين سعيدة .."

قالت :

" لم أكن قد استوعبت الأمر بعد .. ثم كما قلت لكِ ، لقد كنّا نعاني من بعض المشاكل .. لكن أظن أنها انتهت الآن .. وبَقيَ ذلك الأمر الذي سأعجل الامتحانات من أجله ، والذي تتحرّقين شوقاً لمعرفته .."

هتفْتُ بها:

"أخبريني هيا "

" حسناً ألن نجلس بمكانٍ ما ؟؟ "

" كلا .. ستخبريني الآن ، وحالاً .."

ضَحِكَتْ مجدداً وقالت :

" في الحقيقة لقد ... لقد .."

انتظرت بفارغ الصبر ، لكنني فوجئت بحمرةٍ خفيفة تعلو وجنتيها .. وقالت فجأة :

" لقد خُطبت ..! "

صَرَخْتُ بها :

" ماذا ؟؟ حقاً ..؟"

قالت بابتسامة :

" حقاً يا حبيبة .."

سحبْتُها من يدها وأنا أهتف بها :

" هذا رائعٌ حقاً .. لِمَ لَمْ تخبريني أيتها الحمقاء منذ البداية ؟؟؟ تعالي معي .."

صحبتها إلى حديقة قريبة ، وجلست معها لأجبرها على الحديث .. هذه الكتومة ، كيف استطاعت أن تكتم عني الأمر ؟؟ وأنا التي ظننت الكثير من الأمور السيئة !

جلسنا على أحدِ المقاعد وقلت :

"احكِ لي كل شيء .."

" الأمر ليس كبيراً لهذه الدرجة .. سوى أنه في الاجازة السابقة ، كانت هناك مشكلة قائمة بين أبي وبين عمي ،
وبعد أن تصالحا فيما بينهما ، علمت أن ابن عمي كان يود خطبتي منذ فترة ، لكن المشاكل هي التي منعته ..وهكذا فقد تقدم لخطبتي ووافقتُ .."

سألتُها بدهشة :

"ولِمَ أجّلتِ امتحاناتِكِ ؟؟"

قالت :

"لأن عمي سيسافر ليتعالج بالخارج ، وستطول فترة غيابه ، فأراد أن يَشهد زفاف ابنه قبل سفره ، لكي لا يعطله .."

قلت فجأة :

" أهذا يعني أنني لن أحضر زفافكِ ؟؟ سأكون في فترة امتحاناتٍ هنا ؟؟ "

قالت :

"كلا .. سأسافر قبل شهرٍ لإتمام التجهيزات .. وأنت أوّل من سأدعوها يا عزيزتي .."

قلت :

"كم أنا سعيدة من أجلكِ .. حقاً يا له من خبرٍ رائع يا حنان .. "

ثم ضحكْتُ قائلةً "

" ستتزوجين .. هههههههه "

خجِلَتْ من قولي وقالت لي :

" (عقبالك)...!!"

أطلقْتُ ضحكةً قصيرةً من قولها .. وأمضينا سوياً باقي الوقت في الحديث تارةً عن هذا الموضوع ، وتارة ً عن غيره..
لقد ظهر هذا الأمر فجأةً في سماء الحياة ، والذي لم أحسِب له حسباناً في المستقبل .. ماذا لو حصل معي أمرٌ مماثل ؟؟ على الأقل مستحيل أن يحصل الآن .. لكنه قادمٌ عاجلاً أم آجلاً ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الجزء التاسع ..


~ جيم ~

مضت الأيام بسرعة .. أبذل قصارى جهدي لأصلح من الأحوال ، وأتدارك الخسائر .. لكن يبدو أنني أنافق نفسي ! .. لم أفعل ما أخبرني به ادوارد ! لم أطوّر من نفسي .. ماضٍ وحاضر بلا هدف .. وكأنني سائرٌ في طريقٍ لا ينتهي .. مشوارٍ لن ينتهي ، ولا أبغي الوصول لمكانٍ معيّن .. بدأت أفكر في الآونة الأخيرة كثيراً مع نفسي .. إن التفكير جيدًا ومليّا بالأمور قد يُصلحها بعض الأحيان .. أو يزيد من تعقيدها .. بدأت أتأمّل كل شيء بحياتي .. لماذا أدير الشركة ؟؟ لماذا أجني الأموال رغم ملكي للملايين ؟؟ لماذا أستمر ؟؟ لماذا أعيش ؟؟ ... فكرت بالكثير والكثير...
لطالما كنت "جيم " الذي ولد ليحلّ محلّ والده .. لطالما كنت "جيم " رجل الأعمال وهو لم يبلغ الثامنة والعشرين بعد ! .. لطالما كنت " جيم " صاحب الشركة الشهيرة ، وحفيد الرجل المشهور المليونير ! لماذا لا أشعر بطعم الحياة المنتعش كالسابق ؟؟ وهل شعرت به سابقاً أم كان حلماً واهياً مضى بلا رجوع ولا حقيقة ! ... لقد حطمت نفسي بنفسي ..
نفضت رأسي بقوة ، في محاولةٍ لطرد تلك الأفكار عن رأسي .. ثم أعدت النظر في الأوراق أمامي محاولاً التركيز أكثر .. شركات تود العمل معنا .. أقصد معي .. لكنها لا تصلح .. ليست مناسبة ، الشروط غير مكتملة ..!! أين تلك النجوم اللامعة في عالم الشركات ..؟؟ أين اختفت ؟؟ لم يعد منها سوى عدد ضئيل .. لقد اعتدت على الربح لا الخسارة .. لكن يبدو أن على كل انسان أن يتجرّع حلاوة الربح ومرارة الهزيمة والخسارة بهذه الحياة ..
لن أنجو من كل هذه الأفكار قط .. زفرتُ بقوة .. و.. طرقات على الباب ..

" ادخل "

أطل أحمد ، الذي وقف بجانبي هذه الأيام كصديق أكثر من شريك .. قال :

" جيم ؟ هل أنت منشغل ؟؟ "

قلت :

" لا أبداً تفضل .."

" كيف حالك ؟؟ أما زلت تعاني من تلك الأزمات بالشركة ؟؟ "

قلت بأسىً :

"ليس بالشركة وحدها .. بل من داخلي أيضاً .. أشعر أن الحياة مملة ومحبطة أكثر يوماً بعد يوم !"

قال :

" لم كل هذا الحزن ياصديقي .. تفائل خيراً تجده .."

قلت وقد تذكرت أمراً ما :

" صحيح ، أحمد .. لقد كنت تود قول أمرٍ ما لي ، أتذكر تلك المرة التي قاطعنا بها ادوارد منذ فترة ؟؟ .. قد لا تذكر .. لكن هل لديك حلٌّ مناسب لما أمرُّ به ؟؟ أحتاج لمساعدةِ أحدٍ ما .. أشعر بأنني ضالٌ طريق العودة .."

ابتسم قائلاً بثقة :

" كلكم تقولون نفس الشيء بالنهاية .."

رفعت حاجبي في غير فهم وقلت :

" مَنْ ؟؟ "

قال باستدراك :

" انظر جيم .. إن كنت أنا مكانك ، فبالتأكيد سأكون مختلفاً .. لأنني أسير على منهجٍ غير منهجك .. هذا إن كان لديك منهجٌ تسير عليه .."

قلت :

"كيف ؟؟ ماذا كنت ستفعل إذاً ..؟؟ "

قال :

" كنت سأغيّر من نفسي .. اضافةً للكثير من الأشياء التي لن تستوعبها ، لأنك لا تتبع نفس منهجي في الحياة "

قلت :

" إنني أحاول التطوير من نفسي ، لكن أجدني عاجزٌ عن ذلك .. لقد قمت بتحسين كل شيء بالشركة .. وعملت بوقتٍ اضافي ، وجدّدتُ كل ..."

قاطعني :

" ماذا عن جوانب الحياة الأخرى ؟؟ "

قلت بتساؤل :

" مثل ماذا ؟ "

قال :

"مثل حياتك الطبيعية .. فعادةً ما تؤثر الحياة الطبيعية على العمل .... هل تسير بشكل جيد ؟ "

قلت :

" مملة وكئيبة .. أعترف أنني أفتقد ادوارد .. وأنه كان من يشجعني دوماً على العمل والحياة .. لكنني الآن أصبحت وحيداً .. لم أشعر يوماً بفقد أسرتي ووالدي مثل هذه الأوقات .. لا يوجد من يقف بجانبي.."

ابتسم قائلاً :

" أنت رجلٌ جيد جيم .. تستطيع أن تصل لأهدافك ، ولا يليق بك دور الخاسر أبداً .."

تطلّعت إليه بأمل :

" وكيف أطوّر نفسي ؟؟ "

قال بثقة :

" غير من أسلوب معيشتك .. غيّر قلبك ، ليتغير ما حولك .. ابنِ حياةً جديدة .. كوّن أسرة .. شارك بهدف ، مازلت شاباً .. "

قلت :

" كلّها أفكارٌ جيدة .. لكنها تحتاج لجهد ووقت ..."

قال باستنكار :

" وهل هناك ما يأتي بدون جهدٍ ووقت ؟؟"

أدركت أنني تفوهت بخطأ .. صحيح .. ليس هناك شيءٌ بالحياة بدون جهدٍ ووقت !

قلت :

" أنا مستعدٌ لتغيير هذا الروتين .. لدي الكثير من الآمال بآرائك ..."

ابتسم أحمد ، وبانت عليه السعادة ، وقال :

" لماذا ..؟ "

قلت :

" لأنكم تبهرونني بضميركم يا أحمد... هذه هي الحقيقة .. ! لم أتوقع أن أجد نفسي يوماً مُطّلعاً إلى أناسٍ مثلكم .. لكنني اكتشفت الكثير من الأشياء الثمينة جداً منكم .. صدقني ، أنا أحسدكم لقِيَمِكُم ومبادئكم وضمائركم .. وأهنِّئكم بشدة .. "

أنصت لي وأنا أتكلم بكل صدق .. سألته :

" أحمد .. ما هو هدفك في الحياة ؟ "

قال :

" هدفي ؟؟ .... يجب أن يكون للمسلم عدة أهداف ، لكلٍّ منها الأولوية قبل الأخرى .. أوّلها ، أن نُرضي الله ونُطيعه .. ثم نسعى لرضى الوالدَيْن .. وبعدها نضع أيّ هدفٍ في الدنيا ، كالعمل والأسرة وكل شيءٍ آخر لا يغضب الله .."

قلت متأثراً:

" وهل إلهكم غير إلهنا ؟؟ "

قال :

" الله هو واحدٌ .. ولا يوجد غيره .. أخبرني جيم .. أتريد التطوير من نفسك حقاً ؟؟ أتريد حلاّ ؟؟ "

قلت:

" هذا أكيد .."

قال بحزم :

" لِمَ لا تدخل للإسلام ؟؟ فأنت لا تهتم بديانتك كما أرى ، وقد شدّك الإسلام كثيراً ..."

وقع عليّ قوله كالصاعقة بل كمئة ألف صاعقة !!! كيف ؟؟؟ كيف ؟؟؟؟ لا يمكن هذا أبداً ...

قلت له بخفوت :

" لا يمكن ...ماذا تقول يا أحمد ..؟؟ "

قال أحمد :

" إنني أتحدّثُ بجديّةٍ تامة .. أنت تريد تطوير نفسك وتغيير حياتك .. صدقني فالإسلام هو ماء الحياة للبشر ، وستجد كل الحلول لكل المشاكل .. ستجد السعادة تقطر من كل اتجاه تذهب إليه .. وللمصائب والمشاكل رؤية أخرى ، تجعلك سعيداً مهما حصل .. ما رأيك ؟؟ "

قلتُ وكأن معركةً اشتعلت بذاتي :

" لا يا أحمد ، هذا من سابع المستحيلات .. "

قال بعجب :

" ولماذا مستحيل ؟؟ لماذا هذا الأمر بالذات هو المستحيل ؟؟ إذا كان الحلّ مستحيلاً ، فستظل قابعاً في موقعك حتى النهاية "

قلت :

" وهل أترك ديانة وطني وأهلي جميعهم ؟؟ "

قال :

" نعم ، كن أفضل منهم ، وستفوقهم عقلاً ورجاحة لأنك اخترت الطريق الصحيح "

قلت :

" لا أعلم .. لا أعلم سوى أنه لا يمكنني القيام بذلك .. إنني لا أعلم شيئاً عنكم ..فقط أعجبتني الكثير من مبادئكم .. "

قال :

" ولو نظرت للباقي فستجد كل مبادئنا رائعة كذلك .."

قلت بتردد وتوتر ليس له مثيل :

" لا أستطيع ..هذه خطوة لا يمكنني المخاطرة بها مهما كان"

تنهد أحمد ، وقال :

" يبدو أنني أزعجتك .. سأترك لك فرصةً للتفكّر بالحل الذي عرضتُّه عليك .. بالرغم من معارضتك له من دون تفكيرٍ حتى .. لكنني أثق بتفكيركَ وعقلك الواعي يا جيم .. وأنت من أفضل من رافقتهم في حياتي .. وتؤسفني رؤيتك وأنت على هذه الحال .. "

قلت له ممتناً :

" لم تفعل ما يزعجني بتاتاً .. بل فعلت ما طلبته منك ، وعرضت عليّ حلاً .. لكن ، أرجو أن لا تتأثّر صداقتنا إن رفضته .."

قال مبتسماً :

" بالتأكيد .. وإن أردت معرفة المزيد ابقَ على اتصالٍ بي .. "

صافحته مودِّعاً .. وأنا في حيرةٍ أكثر من السابق .. لا أصدق حتى الآن أن الإسلام قد عُرضَ عليّ .. لم أعتد بحياتي أن أنساق لديانةٍ أبداً .. وهي ليست أيّ ديانة ! لم يخطر على بالي مرةً أنني قد أفكّر حتى بالأمر !
خطرت ببالي فكرة .. لكنها ستبدو جنونية و...غبيةً بعض الشيء ... لكن أتمنى أن تلاقي قبولاً ممن أفكّر به !

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~حبيبة~

مرت ثلاث أسابيع حتى الآن .. أنهت حنان اختباراتها ، والآن هي مستعدة للسفر ، ستسافر الليلة .. سأفتقدها مجدداً وكثيراً .. كنت معها بشقتها أساعدها في توضيب أغراضها وحاجياتها .. وسأقلّها أيضاً للمطار .. قلت لها بعد أن أنهينا لملمة الأغراض :

" هل تعلمين يا حنان أنني ... سأفتقدك كثيراً في هذا الشهر ؟؟ "

نظرت إليّ بعتاب قائلة :

" ستلحقين بي بعد أسابيع أليس كذلك ؟؟ "

قلت :

" بلى ،، لكنني اعتدتُ مرافقتكِ ، ستكون فترةً صعبة جداً .."

" هوّني عليكِ .. ستمر سريعة .. وسنلتقي بعدها في الوطن بإذن الله .. ابذلي جهدك فقط وعودي للجميع سالمةً .."

احتضنتُها بقوة وأنا أقول :

" حقاً حقاً سأفتقدكِ .. أم أنك نسيتِ أن زواجكِ على الأبواب ؟ ولن تعود هذه الأيام ثانيةً .."

" سيكون القادم أجمل إن شاء الله .."

أوصلتها إلى المطار وودعتها هناك ثانيةً .. وعدت أدراجي لمنزلي .. وقبل أن أصل ، كان الاتصال ُ الذي قَلَبَ من موازين الأمور بعد أن استقرّت بعض الشيء !!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الجزء العاشر ..

~جيم ~

" مرحباً جيم .. أين أنت يا رجل ؟؟ ...وأخيراً تكرّمت بالمجيء لرؤيتي "

صافحت ادوارد وأنا أبتسم قائلاً :

" أنت أعلم بالشركة ، ولقد حاولت العمل لتحقيق ما قلته لي بالمرة السابقة ..لذا كان الجهد مضاعفاً .."

قال ادوارد بتعجُّب :

" ولم اخترت زيارتي في مكتبي بالجامعة بالذات ؟؟ "

قلت وأنا أغلق باب مكتبه :

" لأنني سأطلب منك معروفاً ، يتعلق بالجامعة ..."

قال في دهشة :

" بالجامعة ؟"

ٌقلت مستدركاً :

" بأحد طلابها ... "

تابعت مجيباً نظرات حيرته:

" وبالتحديد .. حبيبة .."

قال ادوارد في دهشة :

" حبيبة ؟؟ ماذا بها ؟؟ ظننتك نسيت أمرها منذ أن خرجنا من منزلها في ذلك اليوم .."

قلت :

" لم أنسها أبداً .. "

" ماذا تريد منها يا جيم ؟؟ "

قلت ببساطة :

" أريد التحدث معها بموضوع ... "

قال ادوارد في شك :

" ألمح في حديثك نيتك للقيام بعملٍ ما .. ألن تخبرني ؟؟ "

قلت :

" إدوارد .. أنت تعلم أنني لا أخفي عنك شيئاً .. لكنني سأخبرك في الوقت المناسب .."
قال :

" أرجو أن لا يكون عملاً جنونياً .. "

قلت ضاحكاً :

" لن يكون كذلك ، وسأفكر به ألف مئة مرة .."

" أخشى من قراراتك .."

" لا تخشَ شيئاً .."

قال فجأة :

" وماذا تريد بشأن حبيبة ؟؟ "

قلت :

" أريد ملَفّها الخاص بالجامعة .."

قال بانفعال :

" ماذا ؟؟ .. "

قلت :

" أظن أنك كطبيب بالجامعة يحق لك الاطّلاع عليه كما تشاء .. "

قال :

" جيم ! كيف تريدني أن أطلعك على ملف طالب وأنت لا تملك الصلاحية لذلك ؟؟ "

" أنت تملكها .."

" أنا أمين بعملي ولا أستطيع فعل ذلك .. و يجب أن تعرف ذلك .."

قلت مهدئاً :

" ادوارد ! لن آخذ منه أكثر من رقم هاتفها ... أنت فقط اعطني صورةً منه وسأرجعها إليك بعد ساعة .."

قال :

" جيم ... أنا أحذّرك .. لا تقم بشيءٍ متهور .. اترك الفتاة بحالها ، فهي لا تتعامل مع من مثلنا أبداً .. ثم إنها مسلمة ، ألم تستوعب ذلك ؟؟ "

قلت مبتسماً :

"هذا هو السبب الرئيسي .."

لَمْ يستوعب ادوارد الأمر .... وقام بعصبية وقال:

" مع أنني لم أعد أفهمك ,, لكنني سأجلبه بأي حال .,"

ثم خرج من المكتب قائلاً :

" مازلتُ أثق بعقلانيتك .. انتظِرْ قليلاً .."

انتظرتُهُ وأنا أبتسم من موقفه .. لا يرفض لي طلباً .. مع مظهره هذا ، لكنه طيبٌ جداً ..
بالنسبة لما أقوم به الآن .. ترى هل هو صحيح ؟؟
سأحاول الاتصال بحبيبة .. وسأخبرها عن الأمر ، وأحمد والإسلام .. أظنّها لن تمانع إذا حدّثتها بهذا الأمر ، وهذه مجرّدُ مكالمة هاتفية ، وليست زيارة أو مواجهة مباشرة .. وما ستقوله لي ، سأعطيه ثقتي .. فمازلت ممتناً لها ، وآثار أقوالها ترنُّ في عقلي ..

عاد ادوارد بالملف وأعطاني اياه وقال :

" تصفَّحْه هنا وخذ منه ما طلبْت .. لكنه لن يغادر معك .."

ابتسمت ، ........هذا أفضل من لا شيء .. قلت :

" أشكرك عزيزي. ."

قال :

" انتظرني سأنهي أمراً وأعود .."

خرج وتركني مع الملف أتصفحه بفضول .. حبيبة محمد .. 23 سنة .. مدينة "....." ، رباه ، يوجد كل شيءٍ بالملف ، عنوانها هنا وبوطنها وارقامها كلّها ، وعائلتها و...... يتيمة ! .. أوه صحيح ، لقد أخبرتني أنها فقدت والدها ..
قمت بذلك الــ "تهوّر " الذي يقصده ادوارد دوماً... والذي أعترفُ به للمرة الأولى ، ووضعت الملف على آلة تصوير مكتبه ، ونسخت صفحة الارقام والعناوين .. ووضعت النسخة بجيبي .. و..... دلف ادوارد بنفس اللحظة التي جلست بها على الكرسي .. قال :

" هل انتهيت ؟؟ خذ رقمها وأعطني الملف,,,"

قلت وأنا أناوله الملف :

" لقد انتهيت ..تفضّل ..."

أخذ الملف .. بينما قمت أنا مغادراً وأنا أقول:

" سأغادر الآن .. أشكرك جزيل الشكر .. لن أنسى معروفك هذا .."

قال :

" لا بأس ، ولكنني محتارٌ ، ماذا ستفعل ؟؟ "

قلت وأنا أمسك بمقبض الباب للمغادرة :

" إن فعلت ما أخطط له ، ستعلم به عاجلاً أو آجلاً ، وإن لم أفعله ، فلا داعي لذكره .. "

قال ادوارد فجأة :

" جيم ! "

" نعم ؟ "

" ماذا بينك وبين حبيبة ؟؟ "

" ماذا تقصد .؟؟ ليس بيني وبينها أي شيء !! "

" أخبرني بصدق جيم ؟؟ لماذا لم تنسها ؟؟؟ "

قلت بتردد :

" إنني أريدها بموضوعٍ مهم ، وهذا كلُّ ما بالأمر .. "

قال :

" أأنت معجبٌ بها ..؟؟ "

مـ مممــ ماذا ؟؟

" إنني فقط .. فقط لم .. لم أفكر بهذه الناحية.. ادوارد ماذا تقصد ؟؟ "

ابتسم قائلاً :

" أتمنى لك التوفيق بما تريد القيام به .. لكن .. لا تنس إخباري بما يستجدّ معك .."

قلت بتوتر :

" حسناً .. إلى اللقــا ء ..:

خرجت من الجامعة .. وعدت لمنزلي .. لقد فهم ادوارد الموضوع بشكلٍ خاطىءٍ بالتأكيد ! لكنني لا أنكر ما تفوّه به .. وأنا أشعر به منذ البداية ..
تناولت النسخة التي حصلت عليها ، وأنا أبحث عن رقم هاتفها .. و أحضّرُ ما سأقوله لها وكيف سأُفْهِمُها الأمر ..
ترى كيف ستحدّثني هذه المرة ؟!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~ حبيبة ~

هنا كان الاتصال الذي زلزل كياني ! وعصف بقلبي ، ودمّر أعصابي وحطّم كل مشاعري .. انهرتُ بعده تماماً ..
لقد كانت المتصلة هي ابنة خالتي رحاب .. وكان حديثها منفعلاً و...دار بيننا الآتي :

" مرحباً خالتي .."

" حبيبة ؟؟ أنا رحاب .."

" رحاب ؟ كيف حالك ؟؟؟ ماذا هناك ؟؟"

انفجرَت تبكي وتقول :

" حبيبة تعالي الآن .. أرجوكِ الكل يحتاجك .. خالتي ستموت .."

صرخْتُ بها :

" ماذا تقولين يا رحاب !! ماذا بها أمي ؟؟؟ ماذا حصل ؟؟؟ "

كدت أقطع اشارةً حمراء بالطريق .. سرت إلى موقفٍ قريب ، وتوقَّفْتُ فيه كي لا أتسبب بحادثٍ..

قالت رحاب بأنفاس متقطعة :

" إنها تحتضر لقد قالوا ذلك .. لن تقوم من غيبوبتها أبداً .."

قلت منهارة وأنا أصرخ بها مجدداً :

" غيبوبة ؟؟ احتضار ؟؟ من ؟؟ أمي ؟؟ رحاب لا لا .. لا يمكن ... أخبريني أنها بخير .. أعطيني خالتي .. "

قالت رحاب بانفعال:

" نعم أمك ياحبيبة .. وأمي انهارت بجانبها ، وهي مَنْ طلبت مني إخبارَكِ .. يجب أن تأتي بالحال "

انهرْتُ تماماً .. ماذا كان سيفعل إن كان أحدٌ بموقفي .. أمي قد تموت في أي لحظة ، إن لم تكن قد فعلت الآن ! أحتاج للتحدث مع شخصٍ آخرٍ غير رحاب ..

قلت بصوت منهار :

" اعطِ الهاتف لخالتي ، أريد الحديث معها .. "

قالت باكية :

"انتظري ..."

انتظرت وأعصابي تشتعل محترقةً ، وقلبي يتآكل من دموعي المنهمرة .. سمعْتُ صوت خالتي واهناً :

" حبيبة .. بنيتي ؟؟ "

" خالتي ماذا بها أمي بالله عليكِ ، أكاد أنهار "

" لقد أصيبت بجلطة ! وهي في غيبوبة الآن .."

صرخت :

" لا .. قدّر الله وماشاء فعل .. "

بكيت ولم أتكلم .. قالت خالتي :

" حبيبة .. قد تتحسن حالها .. والله أعلم .. أنا لم أشأ قطع دراستك بهذه الأخبار .. لكن رحاب هي من قامت بالاتصال .. "

قلت بعصبية :

" لم أكن لأسامحكم إن أخفيتم عني أمراً كهذا ... سأسافر هذه المرة ، لن أحتمل هذا .. "

قال خالتي بحنان :

" كم تبقَّى لك بنيتي ؟؟ "

قلت بمرارة :

" ثلاث أسابيع .."

قالت خالتي بانفعالٍ واهن :

" ثلاث أسابيع ؟؟ حبيبة .. إنها فترة قصيرة .. اسمعيني جيداً .."

قاطعتها باصرار :

" لا تمنعيني يا خالتي ، سأموت إن حصل لأمي مكروه وأنا بعيدةٌ عنها .."

تابعَتْ خالتي وكأنها لم تسمعني :

" اسمعي يا حبيبة .. ستنهين هذه الأسابيع ، لتعودي وأنتِ مرتاحة .. وفي كلا الحالتين ، إن عاشت والدتك وتحسنت حالها ، ستعاتبك بأن تركتِ دراستكِ في لحظاتها الأخيرة .. وستكونين قد أضعتِ مجهود سنوات طويلة .. وإن ساءت حالتها ، لا قدّر الله ، ففي هذه الحال ستخسرين كل شيء .. وستضطرين بعدها لاكمال مستقبلك بدون شهادة !! "

استمعْتُ إليها ودموعي تنساب مُحرقةً قلبي .. قلت :

" لا يمكنني الانتظار هكذا .."

قالت خالتي :

" أنهي دراستك يا حبيبة .. صدقيني هذا هو الاختيار الحكيم .. وأنتِ عاقلة ، وبعد أن تهدئي ستعلمين أن هذا هو الصواب .. ووالدتك ستلومكِ بشدة إن أقدمتِ على خطوة متهورة ٍ الآن .. "

قلت بألم:

" لكنها تحتاج لرعاية .. "

قالت :

" وأين ذهبت أنا ؟؟ سأبقى بجانبها ، فهي أختي ولا أستطيع تركها .. وحتى تعودي لن أفارقها .. وأنت لم يتبق أمامكِ الكثير .. "

ظلّت خالتي تقنعني وأنا أقتنع شيئاً فشيئاً ، لكن نفسيتي كانت متعبةً لأبعد الحدود .. أكملت طريقي بعد أن أنهيت المحادثة الطويلة .. وسرت بهدوء نحو منزلي الذي أصبحت أراه كئيباً ومظلماً ... ابتهلت إلى الله بالدعاء ، ولم أنم تلك الليلة ،بل ظللت أدعو وأرجو الله أن تسلم أمي من هذا المرض ..

أهذا ما كان يخبِّئه القدر لي ؟؟ أم أن هناك المزيد .. ؟ لا شك أن خبايا القدر لا يمكن عدُّها أو انتهائها ..
أتمنى أن يكون القادم خيراً يمحو ما قبله من مصائب ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الجزء من تدقيق أخي الفاضل : MaJid

ملاحظة 1 : لقد تم تغيير موعد نزول الأجزاء بالموضوع ، إلى كلّ 5 ايام .. بسبب الظروف والدراسة ..

ملاحظة 2 : النهاية اقتربت ( قد تقولون : لقد حسبنا ما وضعته مجرد البداية! لكن هذا ما يحصل ! ")

ملاحظة 3 : انتظروا تحليل الشخصيات في القريب العاجل ..

ملاحظــ... لا لا .. يكفي هذا ..^^

ألقاكم قريباً إن شاء الله ..

دمتم سالمين ..

Lara_300
14-2-2007, 11:41 PM
تابع الجزء العاشر


~ جيم ~
ّّّّّّّّّّّّ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

"هذا هو .."

قلتها وأنا ألمح رقم هاتفها المحمول ، ضغطت رقم الهاتف منتظراً الإجابة :

" نعم ..؟؟"

إنـ ..إنه صوتها .. قلت بتلعثم :

" حبيبة .."

قالت بحيرة :

" من .؟!!"

لمحتُ الضيق بصوتها .. فترددت في الحديث ، إذ لم تشجعني هذه النبرة !

" أريد محادثتك بموضوعٍ هام .. أتمنى أن تستمعي إلي .."

قالت بعصبية :

" أهو أنت سيد جيم ؟؟ صدقني أنا لا أحتمل المزيد من المتاعب .."

قلت أنا بعصبيةٍ هذه المرة :

" أظن أنه لا مانع إن حادثتكِ بموضوعٍ هام .. اسمعيني حبيبة .. "

قالت :

" آسفة جداً .. يجب ان أنهي المحادثة .."

قلت بغضب :

" وهل اعتبرتها محادثةً حقاً ؟؟"

قالت فجأة :

" مع السلامة "



إهانة ... نعم ، اعتبرتها إهانةً قوية .. أهذه أخلاقها المعهودة ، والتي رأيتها منها سابقاً ؟؟؟
لقد قدّرت موقفها المرة السابقة .. لكنها لم تبادلني نفس التقدير .. وهذه المرة ، لم تستمع حتى لما أردت قوله .. لماذا فعلَتْ ذلك ؟؟ متاعب!!! أي متاعب ؟؟ هل تعاني هي من المتاعب ...؟
كنت أودّ محادثتها عن الموضوع الذي حدثني به أحمد .. عن الاسلام .. أريد رأيها .. لدي الكثير من الثقة نحوها ، لا أدري كيف ؟ لكنني أشعر أنني أحتاج لأحد مثلها ليقف إلى جانبي ..
كنت متلهفاً لسماع رأيها ، معتقداً أن من ستحدثني هي حبيبة العاقلة المتفهمة التي رأيتها ذات مرة ..
لكن ، يبدو أن ما حدث قد حزم الأمر وانتهى ! .. لكنني واثقٌ أنني لن أنساها ، حتى ولو كان تواصلي معها مستحيلاً ..
لقد فكّرت ومازلت أفكّر كثيراً بأحوالي وأحوال الشركة ، والهموم والمسؤوليات القابعة فوق رأسي ! وفكرت بأحمد وشخصيته وصداقتي به .. و..عرضه عليّ بذاك الحل ..
فكّرت بما عرفته عن المسلمين حتى الآن ... استحالة ! مستحيلٌ أن أكون أحدهم يوماً من الأيام ! ثم إنني لست عربياً ، وهذا ما سأتحجج به لأحمد .. كل ما أعرفه أن جوابي هو "مستحيل " ..
كلمة " الله " ، لم تعنِ لي شيئاً منذ قدمتُ لهذه الحياة .. سوى بعض الكلمات التي نصّها عليّ ديني المزعوم ..
أهو موجود حقاً ؟؟ الله ؟؟ ... يا إلهي .. إن كنت تسمعني ، فأنا أرجوك أن تساعدني لمعرفتك .. وأن ترشدني لما هو صواب .. لم يعد أمامي سوى الاتجاه إليك .. فأنت ملاذي الأخير ..وإن كان هذا المنفذ مغلقاً فستقتلني الحياة بمللها ومتاعبها وسيرها التائه .. أأقدم على هذه الخطوة وأجرب حظي .. أم أنني سأتعثّر وأندم ؟؟
عليّ التفكير والتمهّل .. كم أتشوق أن أغيّر من حياتي وطبيعتها .. وتزايد شوقي مع هذه النقطة .. والبحث عن الحقيقة ..قررت أن أسأل أحمد .. لأرى .. هل سأقتنع ؟؟ وهل لديه الإجابة المناسبة ؟؟ ...
و سأنسى أمر حبيبة نهائياً أو مؤقتاً .. فبرأيها أو بدونه ، ستستمر الحياة .. مع آمالي للوصول لحالٍ أفضل وأحسن ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~حبيبة~

لماذا تمضي الأيام بهذا البطىء ... ؟؟ أصبحت الدراسة شيئاً لا يطاق .. أشعر بكل لحظة أن رأسي سينفجر وذهني المشتت سيضيع ويُجَن !!
اتصلت بخالتي كثيراً .. لكنها لم تعد تجيب ! اتصلت على أقارب والدتي الآخرين .. لكن كلٌ مشغولٌ بحاله !!
ربما قد حدث مكروه .. ربما .......
آه ! يا الله .. يا الله .. فوّضت أمري إليك ..
أدرس بصعوبةٍ بالغة .. كان ينقصني فقط نقرة إصبعٍ لأنهار من جديد ..
وهاهو اتصال جيم .. الذي جاء بوقتٍ من أسوأ أوقات حياتي .. لِمَ لا يفهم ؟؟ لِمَ؟
كانت أعصابي مُحطَّمة ذلك الوقت .. لذا أياًّ كان الموضوع الذي سيحدثني عنه ، لم أكن أستطع الحديث بتلك الحالة .. ثمّ كيف أحضر رقمي ؟؟ لماذا يحاول محادثتي ..؟؟
لقد واجهته بعصبية ، كان عليّ الاستماع لأرى ما هو الأمر الضروري ذاك ؟؟ إذ لم أتوقّع أن ينفعل ويغضب من رفضي .. ! .. لكنّ ما بي يكفيني .. وعلى الانسان أن يقدّر حال من أمامه ..
بدأت اختباراتي منذ أيام .. وأنا لا أكفُّ عن القلق المتواصل والتوتر .. لا أستطيع التركيز بأي شيء .. لم أتوقّع أن أمُرّ بشيءٍ كهذا بعمري كلّه .. أمي دائماً كانت بجانبي حتى وأنا بغربتي هذه .. إن أمّي هي كلُّ ما أملك بهذه الحياة .. ثم إنني حُرمت منها لمدةٍ طويلة ، لم أرها قبلها إلا للحظات ! ...
إنني لست بخير ... لست بخيرٍ أبداً ..
ترى ماذا حصل وماذا سيحصل !؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم ~

طرقاتٌ على باب مكتبي .. قلت :

" تفضل "

دلف أحمد إلى المكتب قائلاً بابتسامة تعلو وجهه السمِحْ :

" صباح الخير .. كيف حالك ؟ "

قلت بمثل الابتسامة:

" بخير .. وأنت ؟"

.. كم تشعرني رؤيته بالراحة .. خصوصاً بعد أن فقدت ادوارد من جانبي فجأة .. لكن ها هو يقف بجانبي من هو بمثابة الأخ والصديق ..

تابعنا أحاديثنا العادية ، ودخلنا بأمور الشركة والأعمال التي بيننا ، وأعدنا ترتيب بعض الأمور سوياً .. وبعد الانتهاء من تلك الترتيبات .. حمل أحمد الملفات وهمّ بالخروج .. فاستوقفته قائلاً :

" أحمد ! "

التفت مبتسماً :

" نعم ؟ "

"هل لديك بعضُ الوقت ؟ "

قال :

"بالتأكيد "

قلت :

" أتسمح لي بشَغْلِه ؟ "

قال :

" بالطبع .. "

ثم التفت واضعاً ملفاته على طاولة بالغرفة ، وجلس بمقابلي مستفسراً .. فقلت :

" أتعلم أنني فكّرتُ بالموضوع ؟ "

كاد يستفسر ، لكن يبدو أنه تذكّر الأمر .. فقال بدهشة :

" حقاً ؟! ظننتك لن تفعل .. "

ابتسمت .. و...تراودت لذهني فجأةً تلك الكلمات :"الناس يغلقون عقولهم قبل آذانهم عند سماع الحقيقة " .. فهل أفعل أنا المثل وأقول "مستحيل " قبل التفكير والتفكّر ؟

قلت :

" تعلّمتُ مرةً أن أستخدم عقلي قبل أن أتسرّع بقول ٍ أو فعل .."

تابعتُ مبتسماً :

" لذا فكّرتُ بالأمر .. أتعلم يا أحمد ؟ إنني متشوقٌ للقيام بتغيير ما .. وصوتٌ في أعماقي يؤيد .. لكن آخر يرفض ! .. ثم إنّ هناك الكثير والكثير من العوائق .."

قال أحمد :

" بالنسبة للمؤيد والمعارض .. فعليك باتباع المؤيد ، لأنك لو اتبعت الآخر ستتوقف عن القيام بأي أمرٍ في الحياة .. لأن الأول هو الضمير والنفس الراغبة بالتغيير للأفضل .. والآخر هو ما يريد منك البقاء في هذا القعر المظلم"

قلت :

" والعوائق ؟ "

استفسر أحمد :

" من المؤكد ستواجهك الكثير من العوائق ، وهكذا الحال عند القيام بخطوةَ تغييرٍ جذري ..لكن ما هي العوائق التي تراها؟"

قلت :

" إنني غربي .."

قال أحمد :

" الإسلام لا يُفرِّق بين عربي ولا غربي ولا هندي ... بل الفرق في فعل الإنسان وقلبه وصدقه وإيمانه .."

قلت :

" لن أستطيع التعايش مع المجتمع هنا .."

قال :

" كثيرون قبلك فعلوها واستطاعوا بسمعتهم الطيبة وتعاملهم الرائع أن يتعايشوا كالسابق بدون فروق ، إلا الفروق اللازمة البسيطة ..وأنت لديك الكثير من الشهرة والسمعة الطيبة هنا"

بنفسي ، اقتنعت .. لكن لا أدري لِمَ أصرُّ على البحث عن العوائق .. لست أتخيّلُ الأمر !! ماذا إن علم ادوارد بما أفكر .. هل سيعتبره تهوّراً ..؟..

قلت لأحمد :

" أهذا رأيك ..؟؟ "

قال :

" بالطبع .. اسمعني جيم .. هذه خطوةٌ عظيمة .. أنا أعلم أنها ليست بالهيّنة ... لأنك إن قبلت الدخول في الإسلام ستواجهك بالطبع صعوبات .. وستندرج تحت قائمة ٍ شوهت سمعتها الوسائل الاعلامية .. ولكنك ستحظى بأثمن ما في الحياة .. وهي الهداية للطريق الصحيح ومعرفة الله والراحة النفسية .."

أنصتُّ جيداً .. وتمعنت في أقواله .. قلت :

" أحتاج لمزيدٍ من الدعم .. "

ابتسم أحمد :

" ستقتنع .."

قلت :

" ماذا ؟"

قال :

" جيم .. إن لك قلبٌ صادقٌ وأنا أعلم أنه سيرشدك للحقيقة .. أو أنه أرشدك لكنك تعاند نفسك .. "

تنهدت ..واكتفيت بذلك .. إنه أكثر أمرٍ حيّرني بحياتي كلّها .. حتى إنني انشغلت عن متاعبي بالتفكير بالأمر !

قال أحمد :

" أنت حرٌ بنفسك وما ستقوم به .. وتذكّرتُ الآن القاعدة التي كنت سأخبرك إياها سابقاً ، حين قاطعنا السيد ادوارد .. "

ركّزت في قوله .. كنت أريد سماع تلك القاعدة ، لدي شعورٌ أنها هي من ستغيّرني من قبل أن ينطق بها تلك المرة ..

قال :

" في القرآن الكريم .. ذكر الله تعالى أن الانسان لا يستطيع تغيير ما حوله ، إلا لو غيّر ما بنفسه أولاً .. أي أنك لن تستطيع تغيير هذه الحياة ، إلا لو غيّرت نفسك وطورتها "

ابتسمت .. فقال أحمد ضاحكاً :

" هل ينطبق عليك المثل : السكوت علامة الرضا ؟ "

قلت :

" أنا واثقٌ من أقوالك .. وأشعر أن الإسلام هو الحقيقة المفقودة ... "

قال :

"ممتاز "

قلت :

"لكن...."

قاطعني بقوله :

"سأنصرف الآن مضطراً ..وأترك لك فرصةً أكبر للتفكير فهذا ما تحتاجه .. " " لكن اعلم أنني بجانبك ان احتجت لمشورةٍ أو سؤال أو قرار أو أي شيء "

قمت إليه وصافحته بودّ :

" أشكرك جزيل الشكر يا عزيزي .. لقد أرحتني كثيراً .. وسأخبرك بأي جديد يدور بهذا العقل "

وأشرت لرأسي .. فابتسم احمد وغادر قائلاً :

" إلى اللقاء "

بينما بقيت أنا أفكّّرُ وأفكّر ..شَعَرْتُ أنني دخلت عالماً جديداً .. بين ليلةٍ و ضحاها ، انقلبت أحوالي وتجاذبت نحو تلك النقطة .. محور التغيّر في حياتي .. فهل سأقدم على هذه الخطوة ؟!

تسابقت كلمات ٌ سمعتها سابقاً على لسان حبيبة ..

"الاسلام دينٌ عظيم .. تعاليمه منطقية حكيمة .. شرعه وأحكامه سهلةٌ و قيمة مفيدة .. وكل أمرٍ من الله ورسوله يعم بفائدةٍ على المجتمع .."

"إنه دين الرحمة والعدالة للبشرية كلها .. وبمعرفتك له فقط ، ستجد الكثير من الأمور الرائعة فيه ، والتي تدعوك لمعرفة المزيد .. "

"مهما سمعت عن الاسلام من صور مشوَّهة ، أو إعلامٍ رخيص ، أو إرهابٍ مجرّد .. فهو مخالفٌ لتعاليم ديننا نفسه .. وذلك مذكورٌ بكتابنا .. كلام الله "


وأنا من أبحث عن رأي حبيبة! .. إنه كامنٌ في كلماتها .. في عقلي الباطن ..
درت بفكري نحو شتى الأمور .. إنها المرة الأولى التي أُقدم فيها على خطوةٍ دون سؤال ادوارد واستشارته ..
الله .. أنت من أرشدتني لهذا الطريق ,,, أليس كذلك ؟؟ ... إنني قادمٌ إلى بابك .. أرجو الأمل في هذه الحياة .. فهل أنا على صواب حتّى الآن ؟!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الجزء الحادي عشر ..

~ حبيبة ~

لا جديد ..

حال الأمس كاليوم واليوم كالأمس .. مرّ أسبوع .. أتألّم لعدم معرفتي لما يدور بالوطن .. ماذا حصل لأمي .. أتصل بخالتي كل دقيقة بل لو كنت أدق لقلت كل ثانية .. لا أنكبُّ على الدراسة كالسابق .. و هل يستطيع أحدٌ الدراسة في ظروفٍ كهذه ؟ ..
أدائي بالامتحانات ليس على أكمل وجهٍ من الدقة والصحة .. لدي الكثير من الزلاّت .. أحتاج لأي خبرٍ جيد .. أي خبر ..
وسبحان الله ... بينما تدور أفكاري تلك في رأسي .. إذ بهاتفي يرن ..
رفعته ورددت على الرقم الذي لم أتعرفه :

" نعم ؟ "

" السلام عليكم .. "

جاءني صوت حنان المرح من الطرف الآخر .. فقلت بهدوء :

" حنان !! الآن تذكرتني ؟؟ "

قالت هاتفةً :

" ماذا تقولين .. ؟ لقد انشغلت كثيراً هذه الايام .. لماذا يحمل صوتك كل هذا الحزن ؟؟"

قلت بتنهد :

" إنها أمي .."

هَتَفَتْ :

"مابها؟"

قَصَصْتُ عليها الأمر بسرعة .. فقالت بحزن :

"قدّر الله وماشاءَ فَعَلْ .. لا تقلقي سأطمئن عليها وأخبرك .."

قلت :

" كيف ؟؟ "

قالت :

" لديّ وسائلي الخاصة .. ركزي في امتحاناتكِ ودراستكِ .. يجب أن تتغلبي عليّ كالعادة ..هل فهمتِ ؟"

ابتسمْتُ .. وقلت :

" جزاكِ الله خير .."

قالت :

" هيا سأغلق هذا الهاتف .. إنكِ تُنهين رصيد هاتفي دائماً .. مع السلامة "

قلت :

" مع السلامة .. أراكِ بعد أيام .."

قالت :

"إن شاء الله "

و.... انتهت المحادثة .. شعرت ببعض الأمل والبهجة .. حنان هناك بالوطن .. يمكنها الاطمئنان على والدتي .. كم شعرت بالراحة بعد هذه المحادثة .. لا حرمني الله من هذه الصديقة الرائعة .. كم أتلهف للعودة للوطن !

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~ جيم ~

" اليوم يومٌ جديد .."

خاطبت نفسي بهذه العبارة ، وأنا أنطلق بسيارتي نحو عملي .. وقد قررت أخيراً أن أخطو خطوةً نحو الأمام .. فالحياة تسير بلاهدف .. والانتظار للاشيء هو أمرٌ ممل ويبعثُ على الاكتئاب ..
منعت نفسي من التفكير بالعواقب والعوائق ! فكرت في إخبار ادوارد .. لكنني عارضت رغبتي الملحّة ، مع أنه صديقي العزيز .. لكن ، سأمنع أي شيءٍ قد يدعوني للتراجع .. يكفي ما سبق من تردد ... سأقْدِم وبعدها فليحصل ما يحصل ..
فكم من سنواتٍ بقيتُ بها قابعاً بنفس النقطة .. ولَمْ أكتفي بالبقاء بها ، بل تراجعت للخلف ... لكنني سأعوّض هذا التراجع بقفزةٍ تعوّض وقوفي لسنواتٍ عاجزاً عن التغيير والتحسين .. والمكوث بلا هدفٍ ولا أحلام !

نعم إنني متردد .. خائف .. متوتر .. قلق ..
لكنني مضيت بثقةٍ واطمئنان .. متأملاً الخير ، مستمعاً لنداءٍ داخليْ ،أجاب حيرتي وترددي ..
إنه الله .. استجاب لندائي وطلبي .. أرسل لي أحمد ليدلّني .. حتى من قبل أن أتعثر وأسقط !
سأمضي بلا تراجع ..
رفعت بصري إلى السماء لاشعورياً .. و ,,نظرت بعينٍ ملؤها العزم والأمل .. لم أعهد نفسي كذلك من قبلُ قط ..!







~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

مرّت أيام قليلة .. حدث بها الكثير ... تغييرٌ شامل .. سعادةٌ في طرف .. وحزنٌ في الآخر .. تطورٌ في الأول .. وتراجعٌ في الثاني ..

جيم .. أقدم على أعظم خطوةٍ قد يُقْدِمُ عليها من مثله .. أَيُصَدِّق أحد؟؟ جيم .. أســ ..أسلـــــــم ؟؟؟
تعجز العين عن كبت دموع السعادة .. إن الإسلام ينتصر حيناً بعد حين .. رغم كلِّ ما يفعله أهل الكتاب والكفار واليهود بنا في أوطاننا .. رغم تخلّفِ كثيرٍ من شبابنا .. نجد الأعداد الهائلة التي تدخل للإسلام راغبةً بالحقيقة والصدق والسعادة ..
هذا هو أبسط مثال قد يُضرب .. وأبسط حكايةٍ قد تحدث... فجيم لم يمرّ بمواقف عصيبة
للغاية .. تضطره للجوء للإسلام اضطراراً.. بل مشاكل بسيطة ضاقت لها نفسه ، وشعر معها بالفراغ والوهم الذي يعيشه ..فبحث عن الحقيقة ..
.... إنها نظرةٌ واعية ، أدخلت بقلبه نوراً لا ينطفىء .. صحيحٌ أن القليل أو من النادر أن نجد مثل هذه العقول .. لكننا نذكر قوله تعالى
" إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء "
بابتسامتك ومنطقيتك وعقلك ، يُقَدِّر الله هداية البشر على يديك ..

حبيبة .. على الطرف الآخر ، تبتلع الأيام ابتلاعاً ، منتظرةً ما كتبه الله لوالدتها .. لكن حالها متدهورةٌ ، وخاصةً مع امتحاناتها النهائية .. كسى الحزن ملامحها والقلق لازمها كظلّها ..

ادوارد .. لا يدري شيئاً عن جيم .. بل غرق في بحر عمله ، ولم يعد متفرغاً حتى للحديث .. فهو أيضاً في فترة الامتحانات هذه ،لديه الكثير ليفعله ..

أحمد .. يلازم جيم ، ويعلمه على أمور الدين والحياة ..ويصحبه إلى المراكز ليتعرف أكثر ويتعمق في حياته الجديدة.. وكلّه سعادة أن وصل شخصٌ على يديه إلى باب الهداية ..

وهكذا مضت الأمور من هذه الناحية ..
أما من منطلقٍ آخر .. فكان ينتظر جيم وحبيبة قدرٌ آخر يجمعهما .. فماذا سيحصل بينهما من جديد .. ؟! .. وبعد إسلام جيم .. ما موقف ادوارد من الأمر ..؟!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

Lara_300
22-2-2007, 12:28 AM
تابع الجزء الحادي عشر ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم~



" أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسولُ الله "


مازالت تتردد في ذهني منذ أن نطقتها ، وسعادةٌ وأمل انتاباني منذ أن هداني الله لهذا الطريق .. فالحمد لله ..
تعلمت الكثير من الأمور ، قد تبدو لبعضكم قليلة ، لكنها بالنسبة لي العديد والعديد من الأفعال والأقوال ، تعلمتها في فترة قصيرة ..
اضطررت لتغيير نمط حياتي بأكمله ، وتضمّن يومي الكثير من الأعمال الأخرى التي تخص الدين ..لا أستطيع وصف مشاعري تجاه كوني مسلماً .!! أشعر أنني على هدفٍ ، فإن عشت بقية حياتي فبراحة ، وإن متُّ في أي لحظة ، سأموت على عقيدةٍ ومنهجٍ وشريعة .. أليس هذا وحده رائعاً ؟؟

أحمل الكثير من الاعتزاز والجميل لأحمد ، الذي أوصلني الله به إلى الهداية والصواب .. ومازلت أحمل جميلاً لشخصٍ آخر .. هو من فتح عقلي وتفكيري ، وأصاب مشاعري لأوّل مرة ، فبات يشغل جزءاً من تفكيري ومشاعرَ أخرى لا أفهمها .. لكن مشكلة هذا الشخص أنه عنيدٌ وغامض ، رغم ظني بأنني أفهمه ، لكن اتضح لي العكس .. كيف ستكون ردة فعل ذلك الشخص على إسلامي إن علم ؟! .. أتوق فعلاً لمعرفة ذلك .. وبما أنني الآن قد انضممت لركبها ، فلن أتركها لأنني أعلم أنها لن تفارق تفكيري خصوصاً بعد أن أسلمت .. سأحدّثها أو أجدها ، فأنا مصرٌّ على رأيي .. وإن لم تتقبل هذه المرّة فسأنهي الأمر ولن أعود لهذه المحاولات .. إنها فرصتي الأخيرة !
لقد بدأت أتحدث بتأنيث الكلام ، إذن ، انكشف هذا الشخص لمخيلتي ! نعم .. إنها حبيبة ..

صحيح .. متى سأخبر إدوارد ؟ ! لا يجب أن أتعجل الأمور .. عاجلاً أو آجلاً سيعرف ..

مرت ثلاث أيام ، بدت كأنها أول ثلاث أيامٍ بحياتي .. خصّصتُ غرفةً خاصةً بالشركة للصلاة .. وتخلّصتُ من جميع المحرمات سواء بمنزلي أو بالشركة .. وأوّلها زجاجات الخمر تلك ، التي اعتبرتها قيّمةً يوماً ،، سبحان الله ! أرى حياتي الماضية وكأنّها ذكرى مشوّشة ، تبَدّدت ، فتحسرت لأني لم أ تعرف الحقيقة منذ زمن .. لكن الحمد لله ، لقد تحوّلتُ لإنسانٍ جديدٍ الآن ، ذا همّةٍ عاليةٍ وروحٍ نقيةٍ طاهرة ، ونفسٍ مرتاحة ..

استرخيت على فراشي بعد أن أدّيتُ الصلاة ..، أتقلّبُ مع تقلُّبِ الأفكار في رأسي ، ........كنبذةٍ عن بدايتي الجديدة ، حفظت بعض الآيات القصيرة ، وكم كان ذلك عسيراً ، فالقرآن باللغة العربية ، مما جعلني أحمل همّ معرفة القرآن ، لكن أحمد العزيز ، أهداني كتيبات وكتبا كثيرة ، مما يسّرعليّ المهمّة ، وخفّفَ من الثقل الذي حملته .. كان أول ما تعلمته هو الصلاة ، لتكوين علاقتي بالله ، ولأنها أساس الإسلام كما تعلّمت .. فأقرأ ما حفظته بها ، وعلى كلّ حال ، مازلت في البداية ،، إنني لا أستطيع النوم هذه الأيام من كثرة المشاعر المزدوجة والأفكار العديدة والحياة الجديدة ..
سمعتُ رنين هاتفي ، فالتقطته مجيباً :

" مرحباً ..؟ "

" أهلاً جيم .. أين أنت ؟؟ كيف حالك ؟ "

" أهلاً أهلاً إدوارد عزيزي .. أنا في المنزل .. كيف حالك أنت ؟ "

" أقصد أين أنت منذ زمن ؟؟ أتعلم ، لقد اشتقت للعمل معك .. "

" لا تلومنّ إلا نفسك .. لقد كنت هنا منذ البداية ، أنت من نسيتني "

" آه منك يا جيم .. !!! طبعاً لم أنسك ، إني منشغلٌ جداً هذه الأيام ، وخمّن ماذا ؟ "

قلت بحيرة :

" ماذا ؟ "

" إنني في طريقي لفتح عيادةٍ خاصة .. "

فرحت للخبر وقلت :

" حقاً ؟؟ هذا رائعٌ جداً !! لقد سعدت لهذا الخبر .."

قال بحماس :

" نعم .. وسأبدأ في العمل فيها بعد انتهاء هذه الدفعة الجامعية .. وكيف عملك ..؟"

" حيقةً هناك خبرٌ سعيدٌ أيضاً حدث لي ، لكنني سأخبرك عنه لاحقاً .."

" ماذا حدث ؟ أتوق فعلاً لمعرفة هذا الأمر .."

" لقد عملت بنصيحتك إدوارد .. وستعرف النتيجة قريباً .."

" جيدٌ جداً .. أنتظرك بأي وقت .. يجب أن تأتي لزيارتي هل تفهم ؟ "

" ولماذا لا تفعل أنت ؟"

" أنت الأصغر .. "

ضحكت ، وأنهيت حديثي معه ، يا له من رجلٍ ! كردٍ لجميله هو الآخر ووقفاته معي كثيراً ، سأحاول أن أجذبه للطريق الذي سلكته ، فلديه الكثير من الطموح والهمّة ، وهو عاقلٌ أيضاً ، قد يتنبّه للحقيقة فور معرفتها .. عزمت على فعل ذلك في المستقبل القريب ... أوالبعيد ، إن شاء الله ..

قبل أن أضع الهاتف من يدي ، رفعته مرةً أخرى إلى مستوى بصري ، وتأمّلته متردداً ، هل ..؟؟ هل أجرّب الآن ؟ العجيب أنني إن سألتُ نفسي ماالهدف مما أفعل ؟ فأنا حقيقةً لا أعلم .. لكن كلُّ ما أعلمه هو أنني لا يمكنني تركها بحالها .. أظنُّ أنني .. أنني .... لا لا أظنه لهذه الدرجة .. أووه لستٌ أعلم ..!!

جذبت تلك الورقة ذات البيانات ، وضغطت أرقام الهاتف .. (هيا ردي حبيبة .. أتمنى أن تكوني بمزاجٍ جيّدٍ للحديث.. لكن بمَ أنوي أن أحدّثها ؟؟ .. سأحدّثها عن إسلامي بالطبع ، و...)

" عفواً .. "

سمعت صوتاً ، بدا غريباً ، فقلت بتساؤل :

" حبيبة ؟ "

" أهي صاحبة هذا الهاتف ؟؟ من أنت يا سيد ؟ "

قلت بتردد وعجب :

" أيمكنني التحدث مع حبيبة ؟ "

قالت المرأة :

" أأنت قريبها ؟ .. حسناً اسمع يا سيد .. هنا مشفى (الخط الأحمر ) ، صاحبةُ هذا الهاتف مصابةٌ في حادث ، واتصالك مهمٌ بالنسبة إلينا .. لقد احتفظنا بهاتفها الذي كان معها ، منتظرين اتصالاً كهذا منذ مدّة لنأخذ معلومات ٍ عن صاحبة الهاتف .. سيدي هل أنت معي ؟؟ ماذا تكون لها ؟ "

حقيقةً لم أكن أسمع حديثها بالكامل ، بل استوعبت موجزه فقط ! لقد أصابتني شبه صدمة !! حبيبة مصابة ؟؟ بحادث ؟؟ ماذا حدث ؟؟ وكيف ؟

قلت بتلعثم :

" وأين أجدها .. أقصد المشفى ؟ "

أعطتني العنوان ، وطلبت مني الحضور بأسرع وقت ، حقيقةً لم أكن أحتاج لتوصيةٍ بذلك ، فحتى الآن لم أستوعِبِ الأمر ..

توجهت لذلك المشفى وأنا أدعو الله أن تكون على مايرام وأن تخرج من هذا الحادث سالمةً معافاة ، وأن يوفقني للوصول لما أريد ..

ِِِِِِِِِِ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

حبيبة ..


خرجت ذلك اليوم من الجامعة وأنا مشتتة الذهن ، اتصلت بي حنان ذلك الصباح ، لقد كانت تحدّثني من المكان الذي ترقد به أمي طريحة المرض .. ! حاولَتْ طمأنتي ، لكنني أعلم أن أمي تحت خطر المرض ، وأنهم يحاولون إبعاد القلق عني ، لكن في الحقيقة ، لا أحد منهم يتصوّر مدى القلق الذي يغمرني من رأسي إلى أخمص قدمي ّ ، إنني خائفة .. جداً خائفة .. تذكّرتُ تلك العبارة التي قلتها لجيم ذات مرة .. " الشيء المخيف هو حوادث القدر ومفاجآته " ، وما أبلغها من عبارة .. فكل المخاوف لا تساوي شيئاً أمام ما قد يغيّره القدر في حياتك فجأةً وبلحظة ..

خرجت من الجامعة ، إنه اليوم الأخير .. أنهيت اختباراتي ، بقي فقط ثلاث أيامٍ فارغة ، لن أفعل بها شيئاً سوى انتظار يوم التخرُّج واستلام الشهادات ..

واليوم بالذات ، كنت مشوّشة الذهن جداً ، كان أدائي سيئاً بآخر امتحان ، خرجت وأنا مصابةٌ بدوّارٍ وهبوطٍ شديد في ضغط الدم ، إضافةً لأعصابٍ منهارة .. كنت أعبُرُ الطريق لأركب سيارتي ، ولم ألحظ تلك الشاحنة التي قطعت المسافة بيني وبين السيارة ، أسرعت بالالتفات والتراجع ، لكنها اصطدمت بذراعي وقدمي ورأسي ، وشعرتُ بآلامٍ شديدة قاسية حين وقعت أرضاً إثرَ الحادث.. وبعدها ، غابت الدنيا من حولي ، وأظلمت السماء ولم أعد أرى أو أعي شيئاً من حولي ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الجزء الثاني عشر ..


~جيم~

"مصابةٌ في حادثٍ وقع هذا الصباح ..أين يمكنني إيجادها ؟ "

قادتني إحدى الممرضات إلى قسمٍ خاص ، وبدأت بالبحث ، إلى أن رأيت إحداهنّ تقترب مني قائلةً :

" أأنت من اتصلت قبل قليل على هاتف الآنسة المصابة ؟ "

قلت :

" نعم إنه أنا .. كيف هي ؟؟ "

قالت :

" اصحبني من فضلك .."

صحبْتُها من جديد إلى قسمٍ آخر ، إلى أن أوصلتني لأحد الأطباء .. الذي خاطبني :

" ما صلتك بالمريضة ؟ "

" إنني مجرد صديق .."

قال :

" إنها لم تُفِقْ بعد .. لقد ارتطمت بها شاحنة هذا الصباح أمام جامعة (...) ، وفقدت الوعي مع إصاباتٍ بسيطة ، إلا أن ذراعها كُسِر ، وقد أصيبت بخدوش في عظام قدمها .. إضافةً إلى جروحٍ بسيطة .. "

يا إلهي !! كلُّ هذا يا حبيبة ..؟؟ كيف تعرضِّتِ لمثل هذا الحادث ؟؟ لكن الحمد لله ، فبالنسبة لشاحنة ، هذا أقلُّ شيء ، والإصاباتٌ بسيطة بالنسبة لحادث كهذا ..

قال الطبيب :

" تحتاج لبعض المعلومات منك ، ألست قريبها ؟ "

قلت :

" كلاّ .."

" وماذا تعرف عنها ؟ "

" اسمها حبيبة .. وتدرس في جامعة (..) للدراسات الأحيائية .. وهي عربية .."

" أتعرف أيّاً من أقاربها ؟؟ نحتاج لوالدتها أو والدها .. أليسوا هنا ؟ "

" لا ، إنها وحيدةٌ هنا .. من الجيد أن وجدتم أحداً يعرفها هنا .. "

" حسناً ، أتودُّ رؤيتها ؟ "

ترددت .. قلت :

" لا أدري .. ربما حين تستفيق .."

قالت الممرضة :
" سيدي لا يمكننا السماح لك برؤيتها قبل أن تثبت علاقتك بها .. إلا لو استفاقت .."

قال الطبيب :

" نعم صحيح .. يمكنك العودة غداً .."

قلت :

"حسناً .. شكراً لكم .. هذا رقمي سأتركه هنا .."

وتركت رقمي ، وهممت بمغادرة المشفى ، وحين وصلت لبوابتها ، سمعت صوتاً ينادي :

" يا سيّد .. يا سيّد جيم .."

التفتت لأرى الممرضة وقد لحقت بي ، قالت :

" لقد أفاقت المريضة .. و ... إن كنت تودُّ رؤيتها .. "

تردَّدْتُ ، لكنني صعدتُ مرةً أخرى للقسم ذاته ... وصحبتني الممرضة للغرفة التي بها حبيبة .. قالت لي :

" يمكنك الدخول لرؤيتها ، فقد استفاقت للتوّ .."

ناولتني هاتف حبيبة لأعطيها إياه ..
وقفْتُ عند الباب أفكّر .. هل ما أفعله صحيح ؟؟ .. إنه وقتٌ لردّ جميلها .. أودُّ تقديم يد العون لها .. أود الاقتراب منها ..
طرقْتُ الباب طرقاتٍ خفيفة ، وقلبي يخفق بسرعة .. الآن سأراها للمرة الثانية .. الفتاة التي غيّرت الكثير بحياتي ، من دون أن تعلم .. والتي تركَتِ الأثر الكبير بنفسي ..
ذكرتُ اسم الله في نفسي ، عسى أن يهديني ويحسن عاقبتي ، إلى أن سمعتها تقول :

" انتظر ...."

ربما أرادت وضع حجابها أو شيئاً مماثل .. يا لقومي أنا ، فالممرضة قالتها لي بكل بساطة : يمكنك الدخول .. ! ولم تحسب حساباً لحالة المريضة بالداخل ..

سمعتها تقول ثانيةً :

" تفضّل .."

قلت "بسم الله .." وأنا أفتح الباب ، وأدلف للغرفة ، وأنا أقول :

" السلام عليكم .."

لمحْتُ أَمَاراتِ الدهشة والاستنكار والتعجب كلها على وجهها ، لكنني خفضت بصري ولأول مرةٍ منذ أن التقيتُها ، وقلت :

" أتمنى أن تسمحي لي .. "

كانت ترتدي حجابها ، وتجلس على ذلك السرير الأبيض ، ويدها مجبّسة .. قالت بصوتٍ خافت :

" وعليكم ... السلام .."

تعجّبتُ حين قالت لي :

" تفضّلْ ..."

جلستُ على إحدى كراسي الغرفة البعيدة ، وقلت بتردد وارتباك :

" كيف حالكِ ؟ "

قالت بهدوء :

" الحمد لله .. "

قلت مجدداً:

" ماذا حصل لكِ ؟ كيف أصبتِ بهذا الحادث ؟ "

قالت :

" كيف جئت إلى هنا سيّد جيم ؟ "

ابتسمت قائلاً :

" لقد اتصلتُ على هاتفك ، فإذا بالمشفى يجيبني ، ويطلبون مني الحضور .."

قالت:

" شكراً لك .. يمكنك الرحيل الآن .. لقد أتفقت والحمد لله ، سأتولى الأمور .."

قلت بإصرار :

" لا .. هناك شيءٌ ، بل أشياء أريدك بها ، وكما أنني أودّ تقديم المساعدة لكِ حبيبة .. يكفي ما فعلته المرّة الماضية "

صمتَتْ قليلاً ثم قالت :

" أنا آسفة بشأن تلك المرّة .. لكنك تعلم أنني لا أستطيع المماطلة في مثل هذه الأمور .. وكانت لدي بعض الظروف التي دعتني للانفعال .. "

قلت :

" لا بأس .. لكن هل يعني هذا أنك ستستمعين إليّ ؟ "

قالت بخفوت :

" لِمَ كنت تود محادثتي ؟ "

قلت وقد زال التوتر قليلاً من الأجواء :

" لقد كنت أودُّ استشارتك بأمرٍ ما .. لكن بعد ردة فعلك السابقة ، أقدمت على الأمر بدون استشارة .. "

تابعْتُ :

" لقد هداني الله ُ بكِ وبإنسانٍ صالحٍ عرفته ، للإسلام يا حبيبة .. إنني مسلمٌ الآن .."

ورفعْتُ بصري إليها لوهلةٍ ،

قالت بدهشة :

" حــ .... حقـــاً ؟؟ "

ما إن أنهت جملتها حتى تأوّهَتْ فجأةً بشدة ، وهي تُمسك رأسها ، فوعيتُ الأمر ... كيف لم أقدّر ظروفها؟ ، وأنها استفاقت للتوّ من بعد تلك الحادثة ، قلت :

" هل أنت بخير ؟؟ أنا آسف ، لم يكن هذا الوقت المناسب للحديث ..يجب أن أتركك ترتاحين الآن.."

قالت بعد أن تركِتْ رأسها :

" لا بأس .. يسعدني سماع ذلك حقاً .. الحمد لله أن هداك إلى الحقّ .. نفع الله بك الإسلام سيّد جيم .. "

قالت متابعة :

" لم أتوقّع أن يترك حديثي أثراً ، لكن .. الحمد لله .. وجزى الله ذلك الإنسان الصالح خيراً .. "

قلتُ :

" الحمد لله .. شكراً لكِ حبيبة .. "

استنكرَتْ :

" لا يجب أن تشكرني .. فلا شكر على واجبٍ "

ابتسمْتُ وقلت :

" حسناً ، أه تفضّلي هذا هاتفك ِ .."

ناولتُها الهاتف ، أطلقَتْ شهقةً صغيرة لا شعورياً حين رأت الهاتف ، وإذ بعلامات القلق التي لم أعرف لها معنىً ترتسم على مُحيّاها ، ، أسرعَتْ تلتقطه وتتفحصه ، أهي خائفةٌ عليه إلى هذه الدرجة ؟؟

قلت :

" لا تقلقي ، لقد كانوا يحتفظون به ، ولم يعبث أحدٌ به .."

قالت متداركة :

" لا .. إنني أنتظر محادثةً هامّة .. فلديّ بعض الظروف المستعصية .."

لم تكن توضّح كلامها ابداً ، إنها ليست من النوع الذي يُظهر مشاعره .. قلت :

" ألها دخلٌ في الحادث ..؟ .. تلك الظروف؟؟ "

قالت :

" نعم .."

قالتها كمن يودُّ انهاء الحديث ، لكنني تابعتُ معانداً :

" إذن كيف قدّمتِ امتحاناتك ؟ "

قالت :

" جيد .."

وضعت الهاتف بجانبها والتزمِتِ الصمت ..

فقمت أنا قائلاً :

" شكراً لك على وقتكِ .. وكل ما أردته هو الاطمئنان ، وإخبارك بتلك الأمور .. وأتمنى أن تمضي ظروفكِ على خير .. "

قالت :

" شكراً لك .. "

قلت :

" لا شكر على واجب .. حفظكِ الله "

"السلام عليكم "

قلت :

"وعليكم السلام .. أراكِ على خير "

غادرتُ وأنا أشعر براحةٍ تفوق الوصف .. لقد رأيتها وحدّثتها ، واعتذرَتْ لي .. لقد تبقّت خطوةٌ واحدة .. سأقوم بها بعد مدةٍ قصيرة ، وأسأل الله أن يوفقني ويُحسن عاقبتي ، فهي خطوةٌ مصيرية .. لكنني أثق بحبيبة ، وأعلم أنني لن أجد أفضل منها أو أقرب ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~ حبيبة ~

"أراكِ على خير " ؟؟؟؟؟؟

ماذا يقصد بهذه العبارة ؟؟؟

لا تتمادى يا سيّد .. هييه!! لقد أسلمْتَ الآن ..!!!!

حقيقةً لم أستوعب الأمر .. أحقاً أسلم ... ؟؟ يا الله .. علمْتُ كم كنت مخطأةً تلك المرة التي انفجرت بها في وجهه ، لكن الحمد لله ، مازال الخير موجوداً بالأمة ورجالها وشبابها ، والإسلام ينتصر يوما بعد يوم .. حقاً سعدتُ جداً بهذا الخبر .. لكنه ليس غريباً جداً على جيم ، لأنني منذ أن رأيته سابقاً ، كنت أشعر أنه عاقلٌ حتى ومع بعض التهوُّر ..لكنه يستطيع التمييز بين الحقّ والباطل إن علم بالأمور بشكلٍ جيّد ..
كم هذا رائع !!

رنّ هاتفي .. فأسرعت أجيبه ، إنه رقم خالتي :

" السلام عليكم .."

كدت أصرخ من السعادة ، بل كدت أقفز على قدمي المصابة ، حين سمعت صوتها الدافىء الحنون يجيبني .. أمي .. لا اصدّق ...!!!! قلت بصوت أشبه بالصراخ :

" أمــــــــي؟!! "

ضَحِكَتْ بصوتٍ خافت جداً .. صوتها يبدو مرهقاً لأبعد الحدود .. قالت :

" كيف حالكِ حبيبتي ؟ "

قلت وقد انهمرت دموعي التي لم أستطع منعها :

" أنا بخير يا أمي .. كيف أنتِ ؟ لقد كدت أموتُ قلقاً وخوفاً .. "

قالت مُطَمْئِنةً :

" أنا بخيرٍ يا حبيبة ؟ لِمَ الخوف والقلق ؟؟ كيف امتحاناتك وهل انتهيت ؟ "

ابتسمْتُ ، مازالت مصرّة على إخفاء الأمر والطمأنة فقط !! قلت :

" لقد انتهيت اليوم والحمد لله .. بقي ثلاثة أيام ٍعلى موعد استلام الشهادة والتخرّج .. وبعدها سآتي على أوّلِ طائرةٍ بإذن الله .."

قالت فَرِحَةً :

" حقاً ؟؟؟؟؟ الحمد لله .. كم أتوق لرؤيتك قبل أن تغدر بي الأيام ..لا تتأخري عزيزتي سأكون بانتظارك "

"لا تقولي هذا أمي .. سيكون كل شيءٍ على مايرام بإذن الله . . "

"بإذن الله عزيزتي .. تذكرْتُ .. صديقتك حنان كانت عندي من لحظات وهي تبعث إليك بالسلام .. إنها فتاةٌ رائعة .. أنتظركِ لنحضر زفافها سوياً .."

قلت :

" بالتأكيد .. "

وحاورتها وأنا لا أصدق أنها أفاقت من غيبوبتها تلك !! الحمد لله .. الحمد لله .. هذه نعمةٌ كبيرةٌ من الله .. وهذه هي الحياة ، متفاوتةٌ بين الأخبار السعيدة والأحداث الحزينة .. بالطبع لم أذكر أمراً عن الحادث الذي وقع لي ، وإلا لكانت والدتي الآن في غيبوبةٍ مرةً أخرى .. عافاها الله .. ... لكن هذا يدلُّ على تطوّرٍ كبيرٍ وتحسن في صحتها .. فالحمد لله

الآن ، ارتاح بالي ، ويمكنني العودة لمنزلي وترك هذا المشفى بهدوءٍ واطمئنان ..
والله أعلم ، هل يخبّىء القدرُ المزيد ؟؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

Lara_300
3-3-2007, 12:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أعزائي ، يبدو أنني أجيد قول الأعذار من كثرها ...

لكنني بصدق انشغلت وأشعر بالأسف لأنني تأخرت حوالي الــثلاث أيام عن الموعد المحدد هذه المرة ، وذلك كما ذكرت بتوقيعي بسبب الامتحانات ! وأيضاً لبعض الظروف الصحية (عافاكم الله )

والآن الحمد لله أنهيت كتابة الجزء الجديد ، وهو فقط تحت التدقيق اللغوي (تدقيق : أخي الفاضل majid) ...

لكنني لم آتي فارغة الكفّيْنِ .. لقد قمت بعملِ تقرير بسيط عن شخصيات القصة .. (أعرف أنه جاء متأخّراً ،لكن الحمد لله أنه جاء ..

وأحب أن أتقدم بالشكر والسلام لكل من تابع الرواية ولكل من أشاد برأيه ، أو بنقده ، أو باقتراح ، أو بمرور .. ولا أستطيع سوى أن أقول لكم : جزاكم الله خيراً .. ولولا الله عز وجل ثمّ أنتم ، لما استطعت المثابرة واتمام هذا العمل ..

إليكم التقرير ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


تقرير مبسط عن شخصيات الرواية
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~



~حبيبة~



الوصف : طالبة جامعية في الثالثة والعشرين من عمرها .. جميلة الشخصية والأخلاق والمظهر ..حنونة وطيبة لكنها لا تظهر مشاعرها حتى لنفسها ، إلا لو كان الأمر متعلقاً بوالدتها ..


شخصيةٌ رئيسة بالرواية .. محبوبة لشخصيتها المتميزة ، سافرت إلى بلدٍ أجنبي مع أمها وأبيها بسبب عمل أبيها .. أجبرها والدها على دراسةٍ معينة ، فقد كان قاسياً ، ثم طُلِّق والدتها ، فعادتوالدتها مضطرةً للوطن وتركتها مع أبيها لتكمل دراستها .. وبعد مدة ، عندما كانت حبيبة في آخر سنةٍ لها ، توفي والدها وتركها وحدها في الغربة ، لتكمل الدراسة التي أجبرت عليها .. فقررت إنهاء هذه السنة والعودة بأسرع ما يمكن ..
وخلال هذه السنة تحصل الصدفة العغريبة والمخيفة التي تلتقي فيها بجيم ..



~جيم~



الوصف : رجلٌ في الثامنة والعشرين تقريباً ، متسرعٌ قليلاً ، لكنه ذا شخصيةٍ مدركة .. يعتمد كثيراً على غيره ، إلا أنه يبدأ في تغيير هذه العادة شيئاً فشيئاً .. وهو صريحٌ أيضاً ومندفعٌ في إظهار مشاعره وردود فعله ..


شخصيةٌ رئيسة بالرواية ، وهو رجل أعمال ، رحل والده وترك خلفه شركةً كبيرة ليديرها ابنه الوحيد جيم .. ويعمل جيم بجد بمعاونة صديقه وصديق والده العزيز إدوارد ، إلى أن تعاون في أحدِ المرات مع شركة هي في حقيقتها منظمة إجرامية تقوم بأعمال .. واكتشف بالصدفة قيامهم بعقد صفقات أسلحة ومما إلى ذلك ، فتورط معهم وكشفول أمره ، فطاردوه إلى أن التقى بحبيبة بصدفةٍ غريبةٍ أيضاً وموقفٍ اضطراري ..




~ إدوارد ~



الوصف : رجلٌ في أوائل الخمسينات تقريباً .. حكيمٌ جداً ومفكّر .. ومخلصٌ يحب الخير لجيم ودائماً ما ينصحه ويشور عليه ..


شخصيةٌ ثانوية ذات دورٍ رئيسي..


وهو طبيبٌ يعمل في أحد الجامعات كمعلم ويدرّس حبيبة في الجامعة ..، كان يعمل مع جيم في شركته ، لكنه يتركه بسبب انشغاله ..ولاحقاً يقوم بفتح عيادةٍ خاصةٍ به ..




~حنان~



الوصف : فتاةٌ مرحة ولطيفة وطيبة ، وصديقةٌ مخلصة جداً ..


هي شخصيةٌ ثانوية ، تدرس مع حبيبة في الجامعة ، لكنها تتفاوت معها بسنةٍ في الدراسة ، تقف مع حبيبة في مواقف كثيرة وتساندها ... إلا أنها تعود للوطن قبلها لأن زفافها يكون على الأبواب ..




والدة حبيبة (السيدة صفاء )



الوصف : امرأة حنونة ومرهفة إلى أبعد الحدود .. وهي طيبة جداً وكما يقولون (على نيّاتها )!


شخصية ثانوية ، تحب ابنتها كثيراً ومستعدة للتضحية من أجلها وفعل أي شيءٍ لتراها بخير أمامها دائماً ... تتعذب كثيراً من مرضها ومن بعد حبيبة عنها ، مما يؤثر على حبيبة المغتربة بعيداً ..




~أحمد ~



الوصف : رجلٌ في الثلاثين من عمره ، لديه شخصيةٌ جذابة ومثالية ..


شخصيةٌ ثانوية ، ذات دورٍ رئيسي ..


يعمل في شركة عربي ويلتقي بجيم في تعاملات شركتيهما مع بعضها ،حين يكون هو وفدُ شركته والوسيط بينهما ..


يصبح صديقاً عزيزاً لجيم ، بعد موقفٍ يحصل بينهما .. ويجذب جيم إلى طريق الخير ..




شخصيات ثانوية تظهر بالقصة سريعاً وتختفي سريعاً :


افراد العصابة في البداية .. وخالة حبيبة .. وابنة خالة حبيبة (رحاب) ..





~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


أتمنى أن يكون قد نال على إعجابكم ، وان شاء الله الجزء القادم فيه تطورات كبيرة ..


شكرا لكم ..

Lara_300
3-3-2007, 01:42 PM
الجزء الثالث عشر


~جيم~
~~~~~~~~~


" أهلاً أهلاً جيم"


صافحت إدوارد وأنا أدلف إلى شقته ، لقد مضت مدةٌ طويلة منذ آخر مرةٍ التقيته فيها ، جلستُ معه وهو يسألني :



" ما أخبارك َ وأخبار العمل ؟ "



قلت :






"كلانا بخير ؟ "



قال إدوارد بتساؤل :






" ما بك يا جيم ؟ ألم يتحسن الوضع ؟ "



" ماذا بي ؟ "


"لست كعادتك .. صامتٌ وهادىء .."


قلت :






" كنت ... كنتُ أودُّ إخبارك بأمرٍ ما ..."



قال باستغراب :






" ومنذ متى تتردد في إخباري بأي شيء ؟ "



قلت :






"لكن هذا الأمر ليس كأي شيء ..إنه أمرٌ متعلّقٌ بي أنا ، بشخصي .."



قال وقد اعترته الدهشة والتساؤل بوضوح :






" لقد أقلقتني ..لم أعد أفهمك.."



قلت مبتسماً :






" لا داعي للقلق .. إنه خبرٌ سار كما أراه .. فقد عملت بنصيحتك يا إدوارد وطوّرت أساليبي وشخصيتي ونفسي .."



رأيت ملامحه المتلهفة ، والتي معها ازدادت خشيتي من ردة فعله..


..قلت:


" لقد أسلمت .."


نظر إلي بعدم استيعاب ، وبصدمة وشك ..لم أستطع بدايةً تمييز خيبة الأمل من عدمها ..


قال بتلعثم :


" مــ ..ماذا قلت ؟"


قلت :


" لقد أسلمت يا إدوارد .. هداني الله للصواب "


قال بتوتر وبحركة عصبية :


" لا يمكن .. جيم .. قل غير هذا !"


عرفت الآن ردة فعله وإلى أي جانبٍ تنتمي .. فإدوارد العزيز سيعارض الأمر ..


قلت :


" ولماذا أقول غير هذا ؟؟ لقد كان قراري الأخير ، ولم أكن لأتنازل عنه ، ولن أفعل ! ..ثم ألم تنصحني أنت بالتطور التغيير !؟ "


قال بعصبية لم أرها به من قبل :


" أيها المجنون المتسرّع .. أتسمي هذا تطوراً يا جيم ؟؟ "


كل هذا لأنني أسلمت إدوارد ؟؟ ماذا تعرف أنت عن الاسلام ؟!


تابع قائلاً :


: "أهي تلك الفتاة ؟؟ أهي من جرتك معها إلى هذا الطريق ؟؟ أهي من خدعتك ؟؟ "


قلت وأنا أشعر ببعض الغيظ :


" أتقصد حبيبة !؟"


قال :


" ومن غيرها .. لهذا كنت تسعى خلفها ! لم أكن أتخيل قيامك بأمرٍ مماثل ! إنك تزداد سوءاً ليس إلا .. وبفعلك هذا تنتقل لعالمٍ بغيض سيء ..عد للسابق ياجيم ، قبل أن تتعمق بهذه الهاوية"


تركته يكمل حديثه .. أنا الذي لم أكن أتخيل أن يصل إدوارد لهذه الدرجة من العصبية ..


قلت بعد أن أفرغ ثورته :


"لا يا إدوارد ، لن أتراجع أبداً .. لن أضع غطاء البصيرة ذاك مجدداً ، بعد أن أزال الله غشاوة عيني وفتح بصيرتي .."


كاد ينطق بشيءٍ ما .. لكنه عاد يقول بحنق :


" أنتَ وشأنك .. لقد حذرتك ، فتحمّل العواقب "


قلت وأنا أسعى لتخفيف وطأة الخبر عليه ، وتهدأة نفسه :


" ادوارد .. لو عرفت ما عرفته أنا عن الاسلام ورأيت ما رأيته منهم ونظرت لنفس الناحية التي نظرت أنا لها ، فأنا متيقن أنك ستتأثّر وتغيّر فكرتك عنه .. وأنت أحكم شخص ٍ رأيته يا إدوارد ، وأنت تعلم أنني أثق بك كثيرا وأستشيرك بكل شيء ، فلذلك إن عرفت الحق فستميّزه .. صدقني يا إدوارد ..إنني على صواب وسأتحوّلٌ للأفضل .."


صَمَتَ طويلاً وهو ينظر إلي .. وكأنّ آلاف الصراعات تدور بداخله حول تقبّل حديثي أو عدم الاقتناع به ..


قال أخيراً وقد هدأ بعض الشيء :


" جيم .. أنت تعلم أنني أريد مصلحتك فقط .. لكنك أيضاً تعلم أنني لن أتركك من أجل أمرٍ مماثل ..
رغم أنّي غيرُ مقتنعٍ بما فعلت ، لكنني سأترك لك تحمُّلَ عواقبه .."


ابتسمت ، وارتحت من كلماته هذه ، فآخر شيءٍ كنت أريده هو أن يقطع علاقته بي ، فهذا ليس أمراً بسيطاً ..
قضيت معه بعض الوقت ، ولاحظت شروده لبعض الوقت ، لكنني قدَّرت وضعه ، فمن الصعب استيعاب هذا التغيير الجذري غير المتوقّع ..
غادرت بعدها بقليل ، وأنا شبهُ مرتاح .. لكن نظرة إدوارد ومعارضته ظلّت راسخةً بعقلي بشكلٍ مؤسف ..


توجَهت للشركة ، وهناك قابلت أحمد العزيز .. صافحته بقوة وودّ ، وجلستُ أحادثه ..
لقد حدد لي موعداً يتفرغ فيه لكي يصاحبني ويعلمني المزيد من الشرائع .. ومما أسعدني وأشعرني بالسعادة والامتنان ، أنه يفعل كل هذا من قلبه .. كم هو رائعٌ هذا الانسان ، ليت كل الناس مثله وبنفس إخلاصه!
قال لي أحمد ونحن نتحادث :


" ممم جيم .. سأعرض عليك أمراً .."


قلت :


" تفضل "


قال:


" لقد حددت لي الشركة فترة إجازة ، وسيكون الشهر القادم هو إجازتي .."


سألت :


" ستسافر ؟ "


قال :


" نعم ، يجب أن أعود لوطني لفترة ، فما رأيك لو تسافر معي لنقضي الإجازة سوياً ؟؟"


قلت بدهشة :


"ماذا ؟ هل أنت جاد ؟؟ "


قال :


" بالطبع .. "


قلت :


" كيف ولماذا ؟؟ كيف أترك الشركة وكل هذه الأعمال ؟؟ إضافةً إلى أنني لم أسافر لبلدٍ عربي من قبل "


قال مبتسماً :


" لم لا تتوقف عن وضع الأعذار في كل شيء .."


وتابع :


" بالعكس ياجيم .. ستكون فرصةً ممتازة لتزور بلداً مسلماً ، وهناك ستجد الجميع قريبين منك ومن أفكارك ومشجعين لك ..شهرٌ واحد ! مدةٌ ليست بالقصيرة جداً ولكنها ليست بالطويلة أيضاً "


قلت بحيرة :


"حقيقةً لا أدري .."


قال :


" يجب أن تدري هذه المرة ..فسأحجز لكلينا ، لا تتردد ، ثق برأيي .."


قلت :


" أنا أثق بكل ما تقول يا أحمد ، لا يمكنك أن تتصور كم كبيرةٌ هي معزتك بقلبي ..لكنني قلقٌ من ترك أعمالي ، وكل شيءٍ هنا يحتاج للترتيب والتنظيم "


قال :


" سأساعدك في تنظيم الأعمال قبل السفر .. لا تحمل همّها ، ...أتعلم . هناك فائدةٌ أخرى من سفرك .."


قلت :


" ماذا تقصد ؟ "


قال :


" هناك العديد من الشركات هناك .. يمكنك أن تعقد معها صفقات وسينضمون إليك بالتأكيد .. على عكس إن ظللت هنا فلن يعرفوا شيئاً عن شركتك ..أما إن كنت هناك ، فسيكون بتواجدك فرصةٌ أكبر "


قلت وقد شعرت فعلاً أن فكرة السفر هذه ستعود بالنفع :


" صحيح .. شجعتني للفكرة ."


قلت أخيراً :


".لذا لا أجد إلا أن أقول .. موافق "


ابتسم أحمد ، وقلت أنا :


" شكراً جزيلاً لك يا أحمد .. لا أعرف حقاً كيف أشكرك على وقوفك معي .."


قال أحمد :


" لا عليك ، هذا من دواعي سروري .."


وهكذا ، كنت قد اتفقت معه على السفر .. و....بقي أمرٌ أخير ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


~حبيبة ~


" وأخيراً انتهيت !"


قلتها وأنا أمسح جبيني المتعرّق قليلاً من العمل .. لقد انتهيت للتو من ترتيب حقائبي وبقي على سفري ساعتان تقريباً ..
مرت ثلاث أيام ، وَكّلت فيها أناساً ليقوموا ببيع اثاث المنزل ، بينما قد عرض المنزل للبيع بالكامل .. فبعد أن خرجْتُ من المشفى باشرتُ العمل وتجهّزت ُ للسفر .. مع أن العمل كان صعباً جداً وبالذات مع يدٍ مجبّسة وقدمٍ مصابة ! أتساءل ماذا ستفعل أمي حين تراني بهذا المنظربعد هذه المدة الطويلة !!
صحيح .. نسيت أمراً هاماً ، لقد ذهبت لاستلام نتائج التخرج والشهادة ، والحمد لله ، كانت نسبتي مرتفعة و تقديري كان "جيد جدا " ، نقصت بضع درجاتٍ فقط بآخر امتحان وتفاوت بسيط بالدرجات ، الحمد لله .. وأخيرا سأخرج من ديار الغربة هذه ..
جاءت السيارة التي اتفقت معها على إيصالي للمطار ، فبعد أن بعتُ سيارتي بحثت عن سيارة أجرةٍ تتكلف بهذا الأمر ..
مضتْ السيارة بي وأنا أتأمل شوارع المدينة .. وداعاً أيتها البلدة ، سأتركك للأبد ، وهذا آخر عهدي بكِ .. وها أنا قادمةٌ يا وطني ، وبحوزتي ما عملتُ عليه واجتهدتُ لأصل إليه .. ليكون هديةً لك ..
مضت ساعاتٌ بعد أن ركبتُ الطائرة ، وبعد ساعاتٍ مماثلة ، سأتنفس هواء وطني وأسير على تراب أرضه ، وألقى روحي التي تركتها فيه ، والغالية أمي ، وأهلي وأقاربي .. كم أنا سعيدةٌ حقاً .. حمدا الله كثيراً ، فبالشكر تدوم النعم ..
بتُّ أعد الثواني والدقائق المتبقية على وصولي ، و...أخيراً .. وصلنا إلى الوطن ! ونزلتُ مسرعةً من الطائرة مع ركب المغادرين .. أبحث وأدور بعيني هنا وهناك .. جلستُ على أحد المقاعد لأرتاح قليلاً من حمل الحقائب .. ووضعتها بجانبي ..
قمتُ مجدداًً أبحث ، عنهم عند البوابات .. و....


" مرحباً ......"


سمعتُ هذه الكلمة التي انطلقت على هيئة صرخةٍ من خلفي ، فالتفتُّ ..كانت رحاب ابنة خالتي ، قفزتْ إلي واحتضنتني بقوة ، بينما ضحكتُ أنا وأنا أضمها إلي ، وسألتُ :


" أين أمي ؟؟ ألم تأتِ ؟"


قالت بسعادةٍ واضحة :


" بلى ، إنها هناك مع خالتي ، تعالي معي ، لقد رأيتكِ صدفةً .."


ذهبتُ معها بعد أن ساعدتني بحمل الحقائب وجرّها .. وهناك ، على تلك المقاعد كانت تجلس مع خالتي... اقتربتُ من خلفها ببطىء وقلت ممازحة بسعادة :


" من هذه المرأة العجوز ؟؟ أنا لا أعرفها .."


شهقتْ أمي ، والتفتتْ بسعادة وسالت دموعها وقامت لتحتضنني وتمطرني بالقُبُلات وتقول من بين دموعها :


" حبيبة ، لا أصدق لا أصدق .."


ضحكتُ وأنا أشعر بسعادة ٍ فائقة ، فأنا الأخرى لا أصدق ، ها أنا بين أحضان أمي ، وذراعيها الحانتين كما في السابق ..
بعد أن استوعبتْ أمي الأمر التفتتْ لخالتي و احتضنتها هي الأخرى ، وقالت لي :


" أخيراً يا حبيبة .. لقد طال انتظاركِ .. أخيراً عدتِ إلينا يا ابنتي .."


قلت :


" الحمد لله ياخالتي .. هيا فلنذهب إلى المنزل .."


قالت أمي وهي تمسك ذراعي اليمنى :


"أبها شيءٌ ذراعك ؟؟"


وحين تحسستْ صلابة الجبس شهقتْ وقالت :


"ماذا حصل ؟؟"


قلت :


"كنت أظن أنني أخفيتها جيداً ..لا تقلقي أمي ، إنها حادثةٌ بسيطة وانتهت على خير والحمد لله .."


نظرتْ إلي بتأثر وقالت :


"الحمد لله .."


رافقوني جميعاً ، وتشبثتْ أمي بيدي لا شعورياً ونحن نسير .. آه يا أمي العزيزة .. أتخشين أن أذهب أم ماذا ؟؟ ..لن أفارقك إن شاء الله ثانيةً ..
صعدنا إلى السيارة التي قادَها زوج خالتي .. وجلستُ بجانب أمي وأتأمّل الوطن من نافذتي ,.. ما أجمل العودة للديار ..
ما نقول سوى .. الحمد لله .. واللهم أدِمْها نعمة ..


عسى القادم كله خير إن شاء الله ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


~جيم~


كنت متردداً في ما خطَّطتُ له .. وطبعاً كالعادة ، الأمرُ متعلّق بحبيبة ، التي تعلّقتُ بها وتيقّنتُ من مشاعري نحوها .. لكن كيف سأخبرها بالأمر ؟؟ إن الحديث معها في الأمور العادية صعبٌ للغاية ، فماذا إن كان بأمرٍ غير عادي!!
فلأجرّب .. ولقد تفهّمتْ في المرة الأخيرة ، ولعلّها مع معرفتها بإسلامي ، تتفهمُ أكثَر ..
اتصلت عليها وأنا أجهّز ما سأقوله .. إنها المرةُ الأخرة مع هذه الفتاة .. وسأخبرها بكل شيء ، فإن رفضتْ فهذا من حقها ، ولكن عليّ أن أتحدث معها بوضوح ، وليس هكذا للا سبب ..
لاحظتُ أنني غرقتُ في التفكير والهاتف لم يردَّ عليه أحد .. لم لا تجيب ؟؟
عاودتُ الاتصال فلم تجب ..
أصبت بإحباطٍ طفيف .. لكن ..سأعاود الاتصال ثانيةً في وقتٍ لاحق ..
لقد انتهيتُ تقريبا من تخطيط الأعمال التي ستتم حين غيابي ، وأوكلت مهمة الإشراف على الأعمال لبعض ٍ ممن أثق بهم .. أتذكرون أمر تلك الشركة والعصابة ؟؟ لن أدع الأمر يتكرر ثانيةً ، فقد تم الكشف عن مخططاتهم والتصرف معهم من قِبل الشرطة والمخابرات بالسابق ، لكن هذا لا يعني أن الخطر قد زال .. فليست تلك المنظمة الوحيدة ، هناك الكثير ، لكن من خلف الكواليس ! كما قالت لي الشرطة..
والآن وبعد أن خططتُ للسفر ، فــــ ... قُطعتْ أفكاري بسماع رنين هاتفي فرفعته لأجد اسم إدوارد وقد أضاءت به الشاشة .. فأجبته :


"مرحباً إدوارد .."


قال :


" أهلاً جيم كيف حالك ؟؟"


قلت :


" بخير .. وأنت ؟ "


قال :


" لقد اتصلتُ كي لا تعتقد أني قاطعتك .. "


قلت ضاحكاً :


" بالطبع لن تفعل .. وإلا فكنت سترى عاقبة فعلك .."


قال مستنكراً بمزاح :


" وماذا كنت ستفعل !؟"


قلت ببساطة :


" خمّن .."


وفجأة طرأ لي خاطرٌ أن أسأله عن الجامعة ، وطلاب الدفعة الثالثة التي تنتمي إليها حبيبة ، فأجابني :


" قلها ببساطة ، لا داعي للفّ والدوران يا جيم ..فلم ستهتم بالجامعة وأمرها ؟؟ "


ابتسمتُ :


" أعلم أنك ستكشف الأمر .. إذاً ..هل تخرَّجَتْ دفعتها؟ "


قال :


" نعم لقد أنهيت عملي بالجامعة بعد تخرج تلك الدفعة مباشرةً ، لقد أخبرتك بفتحي للعيادة .."


قلت :


" نعم .. تهانينا يا دكتور إدوارد .."


أطلق ضحكةً قصيرة ثم قال :


" بالنسبة لتلك الفتاة فآخر ما أعلمه عنها ، أنها أنهت أوراقها هنا قبل يومين ، كانت عازمةً على السفر على ما أظنّ ، و...."


قاطعته :


"هل سافرت ؟"


قال :


" ستفعل بالتأكيد ، لكن متى ؟لا أعلم .. هيه جيم أخبرني .. ماذا بينك وبينها ؟؟ "


قلت :


" لا أدري يا إدوارد .. إنني أريدها بموضوعٍ هام . .وإن كانت سافرت فسيكون الأمر قد انتهى ! "


قال :


" يبدو أنك توقفتَ عن إخباري بكل شيءٍ كالسابق .."


قلت :


" لا يا إدوارد ، أنت تعلم أنني بتُّ منشغلاً أكثر عن السابق ، وأنت كذلك ، فسابقاً كنا قريبين أكثر في الشركة وكنت أقضي معك وقتاً طويلاً ، أما الآن فقد تغير كلّ شيء..ولا شيء يبقى على حاله.."


قال :


"إذن أخبرني ..ماذا يحدث ؟؟ أظنها سافرتْ فقد أنهت أوراقها على عجل ، وختمتْ شهاداتها وجميع تقارير التخرّج .."


قلت :


" أرجو أن لا تكون سافرت .."


قال :


" ماذا تريد منها .."


اعتذرت من إدوارد بحجة قدوم بعض الزوار والعملاء للشركة ووعدته بالاتصال قريبا ،فقال :


" أعلم أنك تتهرب ، لكنك ستخبرني يوماً .. إنني أهتم بأمرك يا جيم .."


قلت :


أنا أعلم يا إدوارد .. ولا أعلم كيف أشكرك .. وسأخبرك لاحقاً بكل شيء .. لكن هذا ليس بالوقت المناسب .."


أنهيت المحادثة معه وأنا أتنهد بعمق .. أيمكن أن تكون سافرت؟؟ هل ستتوقف مخططاتي هنا ؟؟ هل ضاعت حبيبة من بين يدي ؟؟ هي أساساً لم تكن بيدي ، لكن فرصةً كبيرة ستضيع إن كانت حقاً غادرت .. فقد تملكتْ من أفكاري وتعلّقتُ بها كثيراً .. إنني وبصراحة أحببتها منذ أول لقاء .. وكم أتمنى أن يجمعني القدر بها ثانيةً .. فهل لأمنيتي أن تتحقق ؟!


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

Lara_300
10-3-2007, 12:02 PM
الجزء الرابع عشر
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~ حبيبة~


كان الصباح مختلفاً هذه المرة حين قمت من نومي ، فأول ما وقع عليه بصري كانت غرفتي
. وثاني ما وقعت عليه عيني هي أمي ، التي جاءت لتوقظني ..


قالت بحنان بعد أن أَفَقْت :



" صباح الخير "



قلت وأنا أقبّل جبينها :






" صباح الخير أمي .. إن الصباح هذا اليوم أجمل صباح رأيته في عمري "



قالت بحنان :



" بالطبع يا حبيبتي .. وهو كذلك بالنسبة لي ... آهٍ يا حبيبة ، أشعر أنني في حلمٍ جميل لا أود الاستيقاظ منه .. رعاكِ الله وحفظكِ يا حبيبة .."



قلت وأنا سعيدةٌ بهذه الأجواء ، أشعر أن حنان الأرض كله مجتمعٌ بأمي . فهي ليست كمثلها من النساء .. فهي لا تسيء لأحدٍ ولا تحقد على أحدٍ أبداً .. لكن والدي سامحه الله كان دائماً يصفها بالسذاجة لأنها طيبةٌ جداً ، وكان يقف عند زلاّتها كثيراً ليشعرها بالتقصير ، إلى أن وصل الأمرُ للطلاق ..
نفضتُ تلك الذكريات عن رأسي وأنا أهبط الدرج إلى طابق منزلنا الأول ، لتناول الإفطار الذي أعدّته أمي ..
اتخذت مقعدي على المائدة ، التي رأيت عليها الكثير من الأطعمة الرائعة ، من عمل أمي .. أكاد لا أصدّق أنني عدت كالسابق ، أراها معي دوماً ، وأستمتع بطهوها المميز .. وأنعم برقتها وحنانها ورعايتها .. إن هذه نعمةٌ عظيمة ، لا يشعر بقيمتها الكثير ، إلا لو فقدوها .. فاللهم أعنّا على طاعة والدينا وبرّ أمهاتنا ..
تناولت الكثير من الطعام ، بشهيةٍ مفتوحةٍ على غير العادة .. وبعدها قمت لأتصل بحنان وألتمس أخبارها ، وأخبرها بعودتي ..
اتصلت عليها من هاتف أمي النقّال والتي لم تكن تعرف رقمه ، وقلت مغيّرةً نبرة صوتي بخشونةٍ حين أجابتني :



" هل أنت الآنسة حنان ؟ "



قالت باستغراب :



" نعم من أنتَ ؟"



أووه لقد اعتقدتني رجلاً !!



قلت :


" ألم تعرفينني ؟ "



قالت:


" عفواً ليس لدي الوقت لهذه الألعاب .. "


قلت :


" أنا أبحث عن صديقةٍ لي ، اسمها حنان .. وأعتقد أنها أنتِ ,, فــ ..."



أغلقت الهاتف ..يا إلهي .. كانت مجرد مزحة .. اتصلت ثانيةً فأجابتني بعصبية :






" ماذا تريد ؟؟"



انفجرت ضاحكةً بسعادة ، و أمطرتني هي بوابلٍ من عبارات التأنيب والترحيب معاً ، وقالت :



" منذ متى وأنتِ هنا إذاً ؟"

" وصلت مساء أمس .."




ضحكتْ وقالت :






" حمداً لله على السلامة .. وأخيراً ! أرأيتِ ! قلت لك أن كل شيءٍ سيمضي على خير .. فالحمد لله .. "



رددتُ :



" الحمد لله .."



قالت فجأة :



" من الجيد أنك وصلتِ باكراً فموعد زفافي في نهايةِ هذا الأسبوع! "



قلت بمفاجأةٍ حقيقية :



" حقاًً؟؟؟؟؟ يا الله ! لم لم تخبريني ؟؟ حقاً حقاً أنا سعيدةٌ جداً من أجلك .. وسأكون أول الحاضرات .."



قالت بسعادةٍ واضحة :



" لا .. لن تكوني أول الحاضرات .. فأنت ستكونين معي من أول الصباح يا حلوتي ..وستحضرين معي كل التجهيزات"



شعرت بسعادة أكبر لأنني لم أتوقع هذا .. وقلت :



" هذا رائع ! يسعدني هذا بالطبع .. حنان ! لا أصدّق أن الأمور سارت بهذه السرعة ! مبروكٌ لك يا غالية ألفُ مبروك .."

قالت بجدّية :



" حبيبة .. سأحتاج إليكِ في ذلك اليوم أكثر من أيِّ وقتٍ مضى .. فهل أنت مستعدة للوقوف إلى جانبي ..؟؟ وحضور جميع التجهيزات !؟ ...."



قلت بتأثّر :


"بالطبع يا حبيبتي سأكون إلى جانبك طوال الوقت ، من تجدين أفضل مني لهذه المهمة ؟؟ لا تقلقي يا حنان .. سيمضي كلُّ شيءٍ على مايرام يا عزيزتي .."



وهكذا وعدُّتها بالحضور من الصباح الباكر يوم زفافها ، و أمضيتُ هذه الفترة أجهّز هديتي لها وما سأرتديه في حفلتها .. حقاً حقاً أنا سعيدةٌ من أجلها ..




~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~



~جيم~



شعرتُ بدوار وأنا أجلس على مقعدي بالطائرة .. وحاولتُ أن أشغل نفسي بتصفح جريدةٍ للأخبار .. لكن الدوار هزم تفكيري ، فأنا دائماً ما أشعر بالدوار عند ركوب الطائرات ..ولكن هذه المرة أصعب بكثير ، فالرحلة أطول من أي رحلةٍ أخرى ، إنها لبلدٍ عربية ، أي في قارةٍ أخرى بعيدةً عن هنا بآلاف المساحات ..
أمسكتُ رأسي أنفضه بقوة فشعرت بغثيان أكبر ، فلاحظ أحمد حركتي ، وسأل:






" جيم .. مابك ؟"



قلت :



" إنني مصاب بدوار الطائرات فقط .."



ابتسم مشفقاً وناولني أقراصاً تساعد في هذه الحال وسأل :



" ألا تسافر كثيراً .؟؟"



قلت :



" بلى .. أسافر وفي كل مرة يحدث الشيءَ نفسه .. لكن هذه المرة المسافة طويلة ولن أحتمل الأمر طويلاً .. شكرا لك .."



ابتسم و أومأ برأسه قائلاً :



" سيذهب عنك الدور بعد قليل .. فلهذه الأقراص دوراً كبيراً مع من مثلك من الذي يتحسسون من الطائرات "



ابتسمتُ وأنا أسند رأسي إلى المقعد وأنا أتذكر بعض الأحداث ..
فبعد أن أكملتُ إعدادات السفر قمت بإخبار إدوارد عن سفري ، كان الضيق واضحاً في نبرته لأنه شعر أن الأمر متعلقٌ بإسلامي


.. لكنني تجاهلتها وأنا أخبره عن الشركات التي من الممكن أن تنضم لي ، وحينها تجاهل الموضوع هوالآخر ..



أما الأمر العجيب الذي حصل معي ، فعندما كنت أحجُزُ في شركة الطيران مع أحمد ، وكنت حين ذاك متضايقٌ لفكرة مغادرة حبيبة وسفرها ، حينها تفاجأتُ وذهلتُ حين انتبهتُ للأمر


.. إن وطن أحمد هو نفسه بلدُ حبيبة !!! أمرٌ لا يكاد يُصدَّق ؟؟ أهناك أملٌ آخرٌ بلقائها ؟؟؟ أكاد لا أصدّق فعلاً ! يا لهذه المصادفات العجيبة .. يبدو أنني في سبيلي لتحقيق أمنيتي ..


اختفى الدوار تدريجياً لبعض الوقت .. وعدت أنا للواقع بعد أن أخذتني الأفكار ..


فتحتُ محفظة أوراقي وأغراضي البسيطة لأضع بقية الاقراص في جيبٍ بها ، علّني أحتاجه في وقتٍ لاحق .. و..قبل أن أغلقها ، أخرجت من جيبٍ آخر بالمحفظة ، ورقةً مطويةً بعناية ، تأكدت من وضعها في محفظتي .. إنها ورقة عناوين حبيبة التي أخذتُها خلسةً من إدوارد وقمت بتصوييرها في ذلك اليوم .. وضعتها بعد أن ظننتُ أن لا فائدة لها مجدداً .. لكن القدر جاء بمفاجأته العجيبة وأصبحت ذا أهميّةٍ شديدة ..فتحتها وأنا أقرأ ما بها .. والتفتت لأحمد أسأله :


" أتعرف شارع السلام ؟؟"



قال لي باستغراب :



" نعم إنه شارعٌ مشهورٌ في بلدتي .. من أين لك أن تعرفه ؟



قلت مرتبكاً :



" إن صديقاً لي يسكن فيه.."



قال بعجب :



" ألك صديقٌ من وطني ؟؟ كيف لم تخبرني من قبل ؟ "



قلت بارتباك أيضاً :



" إنني أعرفه منذ مدة .. و... رأيت أنه من الجميل لو قمت بزيارته لأراه ثانيةً .."



ابتسم بهدوء قائلاً :



" نعم .. جيدٌ جداً .."



ثم نظر إلى الورقة التي بيدي وسأل بعفوية :



" أهذا عنوانه ؟"



قلت :



" لا ...نعم .. أقصد إنه رقمه وعنوان شارعه ومنزله .. لاحقاً نذهب إليه .."



أومأ برأسه مؤيّداً .. وهكذا مرّت الساعات ، تارةً نقضيها في الحديث ، يحدثني بها عن وطنه ويعلمني بها الكثير من الأمور .. وتارةً في الاستماع إلى المذياع و مناقشة الأخبار .. إلى أن انقضت الساعات الطويلة بصعوبةٍ وملل .. وحين سمعنا صوت المضيف يعلن وصولنا ، حملنا أغراضنا وخرجنا ..لقد كان كل شيءٍ مختلفًا ، ما عدا المباني التي تتشابه تقريباً قليلاً والسيارات إن ذكرناها .. لكن كل شيءٍ آخر مختلف ، الناس .. الهواء .. السماء ... حتى إن كانت هذه أشياءُ معنوية ، فهي تشعرك بأنك في مكانٍ آخر .. في عالمٍ آخر .. انتظرَنا أمام بوابة المطار شابٌ في أوائل العشرين من عمره تقريباً ..لا أعرفه بالطبع ، لكن ما إن رأى أحمد حتى قَدِمَ إليه وصافحه بودٍّ واضح ، وكلّمه بالعربية ، ثم يبدو أن أحمد عرّفه بي ، فقدِمَ إليّ وقال بابتسامةٍ كبيرةٍ :




" السلام عليكم ، كيف حالك يا سيدي ؟ "



صافحته وأنا أبادله السلام ، وعرّفني به أحمد :



" جيم .. هذا أخي طارق .."



قلت :



" مرحباً طارق ..يسعدني التعرف عليكَ حقاً .."



قال :



"وأنا كذلك .."



لم يكن شديد الشبه بأحمد ، لكن يبدو عليه الصلاح والاحترام ...صحبتهما إلى السيارة ، وركبنا بها ، فقلت لأحمد :



" أحمد .. دعنا نتجه إلى الفندق .."



قال أحمد باستنكار :
" لا يا جيم .. إلا هذا .. ! ستقضي الليلة معنا .. لقد أخبرتُ عائلتي أنك قادمٌ معي .. وهم جاهزون لاستقبالك .."



قلت خجلاً من كرمه :
" حسناً ، ولكن ، لليلةٍ واحدةٍ فقط .. لا أريد التضييق عليكم .."



قال وقد أحسّ بجدّيةِ كلامي :



" حسناً كما تشاء .. لكن هذه الليلة معدةٌ لك خصّيصاً .. فرفضها ممنوع !"



ضحكت قائلاً :



" لا أعرف كيف أشكرك .. "



قال :



" لا داعي لهذا .."



عدت بعدها لتأمّل المدينة .. كان كل شيءٍ بالعربية ، العبارات في الطرقات ، اللافتات على المحلاّت التجارية ، كل شيءٍ يترك انطباعاً مختلفاً ، أو ربما فيَّ أنا وحدي لأنها المرة الأولى التي أرى وأزور فيها بلداً مماثل.. والغريب أن صورة البلاد العربية في مخيلتي لم تكن قط كهذه الصورة الراقية قبل تغيير حياتي وأفكاري .. بل كنت أظن أنهم بلدٌ غير متحضّر ، وجهلاء عدوانيين ، ولم أكن أشك بوجود قطاع طرقٍ حتى .. ...أو أن أحدهم قد يخرج مطلقاً عليك رصاصاته أو ضرباته وأنت تسير بأمان .. كنت أتوقعهم أناساً عابسين مكْفهرّي الوجوه .. وحتى بعد أن التقيتُ أحمد ، ظننت مثله نادرٌ من قومه ، لكنني عرفت الآن أنهم في الأصل طيبون كلهم ، يالهذا الإعلام السخيف حقاً ..يستغل أنه الوسيلة الوحيدة والرؤية الواحدة للتطلع على العالم من عينيه الخبيثتين ، فينقل لك أبشع الصور ويركب عباراته الواهية عليها ....
تابعت تأملي بعد دفعة الأفكار تلك ....، كم هذا جميل ! الشعور هنا مختلفٌ تماماً .. أشعر الآن أنني لست نادماً أبداً على السفر .. ولا على أي خطوةٍ قمت بها حتى الآن ..



~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

أعلم أن الجزء قصير .. لذا ، ألقاكم مع بقية الجزء الرابع عشر+الجزء الخامس عشر والأخير ، نهاية الأسبوع القادم ، اعذروني كالعادة ، لكن هذان الاسبوعان مليئان بالاختبارات التقويمية .. وإن شاء الله تكون النهاية ملائمة لحسن ظنكم بالرواية ..
وجزاكم الله خيراً

MaJiD
12-10-2007, 03:45 PM
~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الفصل الخامس عشر

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم~


كنت قد استقريت قليلاً بعد سفري ، فقد بدأت أخرج مع أحمد للمؤسسات ودراسة الشركات وإمكانياتها هنا .. وقد عرضت العمل على عددٍ من الشركات ..
أمضيت بعض المشاوير ، ومنها رأيت المساجد والمراكز وتعرفت على المجتمع الاسلامي والعربي بشكل مختلف .. مما جعلني مسروراً بهذا السفر ..
بالنسبة لحبيبة ، فقد قررت أن أنفذ ما ببالي ، ولكن رجحت أن أستشير أحداً قبل أن أقدم على الأمر ... ومن غير أحمد ؟
كنت في غرفتي في الفندق ، حين اتصلت به ، وحدثته بالموضوع :

" كنت أود استشارتك في أمرٍ عزمت عليه .."

قال :

" على الرحب والسعة . .تفضّل .."

قلت :

" كنت أفكر في أن أخطب فتاة مسلمة ..."

قال بدهشة :

" حقاً ؟؟"

ابتسمت وأنا أقول :

" إنعم ، لكنها عربية ، وتعيش هنا في وطنك .."

استغرب الأمر وسألني :

" ومن أين تعرفها ؟"

قلت :

" التقيتها صدفةً في وطني ثم تفاجأت أنها تسكن هنا في مدينتك .. "

قال :

" هل أنت متأكد يا جيم ؟"

قلت :

"نعم ، لقد عزمت على ذلك منذ فترة .. ولكن ، لم تسمح الظروف .."

قال بقلق :

" لكنك .. أقصد أنك مختلفٌ عنها ، وهذا أمرٌ شاذٌ بالنسبة لمجتمعنا ومجتمعك .."

قلت محتجاً وكأنه عارضني!:

" أعلم ذلك .. ولكن .. ليس مستحيلا .. أه ، حقاً لا أدري يا أحمد .. ولكني أريد أن أخطب هذه الفتاة بالذات .. ثم إنها عاشت فترةً طويلة بالخارج .. إضافةً إلى أنها تعرفني .. و...."

صمتُّ وقلت له فجأة :

"لا أدري حقيقةً .. أعرف أن فيه نوعٌ من المجازفة لكن كنت أود المحاولة "


قال :

" مادمت مصراً وعازماً ، فلا ضير من ان تحاول .. ووفقك الله لما فيه الخير لك .."

بعد أن شجعني أحمد ببعض الكلمات ، التي لم تمنعني من قراءة الاستنكار في عينيه
وهنا شعرت أن الرفض سيكون من نصيبي . ووصل شعوري إلى نسبة التسعين في المئة .. ولكن حبيبة مختلفة . .ليست كغيرها .. لها أفكارها ومبادئها الخاصة ، هذا ما كونته عنها .. وأنا مصرٌ على ذلك .. من يدري ؟ ولكن سأحاول !

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~ حبيبة ~

اليوم ، هو يومٌ خاصٌ جداً .. لا أستطيع وصف سعادتي اليوم من أجل صديقتي الغالية حنان .. فاليوم هو يومها المميز .. والذي ستتألق فيه وتنتقل لحياتها الثانية .. الكل يعمل بجد ، وحين تنظر إلى الجميع يخيّلُّ إليك أنهم لا يسيرون ، بل يطيرون وكأن اليوم عيد بالنسبة إليهم. قدمتُ إلى منزل حنان منذ الصباح الباكر ، لأرافقها في مشوار تجهيزاتها .. والآن انتهينا من كل شيء ، وحانت اللحظات الحاسمة ..
و ....بدأ الحفل .. وقدم المدعوون والزوار والأقرباء .. وأمي جاءت أيضاً .. إن هذه الأجواء جميلةٌ حقاً .. فكم هي مختلفةٌ عن تلك التي عشناها في الغربة .. إنها أيام عذابٍ تلك التي قضيناها هناك .. والحمد لله .. كل شيءٍ على مايرام الآن ..
تألقت حنان هذا المساء ، وبدت عروساً رائعة .. فليبارك الله لها ..
اقتربت منها أعبر لها عن سعادتي :
- مباركٌ لك يا حنان
1شكراً لك حبيبة .. لقد وقفت معي كثيراً .. بارك الله فيك
قبلتها على جبينها ودعوت لها فقالت بسعادة :
2سأرد لك الجميل في يومك ..
ضحكت وقلت :
3بالطبع ستفعلين .. !
اكملت معها بعض الأحاديث .. إلى أن زُفّت حنان وخرجت مع زوجها في وقتٍ مبكّر ، بينما بقي المدعوون مع الأقارب والأهل يكملون السهرة .. فاستأذنت أنا من أمي أن أذهب لأرتاح ، فمادامت حنان قد ذهبت ، فهنا ينتهي دوري .. ولقد بقيت أعمل منذ الصباح الباكر وظللت بجانبها طوال الوقت .. فأذِنت لي والدتي بالمغادرة ، وفضلت هي البقاء مع والدة حنان والبقية .. نظرت إلى ساعتي وأنا أغادر ، كان الوقت مازال مبكراً على غير العادة ، لكنني فضلت العودة ...
كنت عائدةً للمنزل مع جارةٍ لنا ،.. وافترقنا عندما أوصلتني لباب منزلي ..
وماكدت أرفع بصري إلى باب المنزل ، حتى ...رأيته !

لم تنقضي فترةٌ طويلة منذ آخر مرةٍ رأيته بها .... لكن الأمر الأكثر غرابة ، أن أراه هنا .. في الوطن ! ماذا يفعل هنا ؟ في هذا الوقت ؟وعند منزلي !!! كيف ؟؟ماذا يحدث؟؟

قلت بذهولٍ رهيب :

" كيف .......!"

تحدث قائلاً بارتباك :

"......؟! لقد ...لقد أتيت لوطنط صدفة .... أرجو أن تتمهلي فسأعلمك بسبب وجودي هنا "

تابعَ بسرعة :

"... هل والدتك موجودة ؟"

قلت بارتباك :

" لا ...انها غير موجودة .."

قال في كلمات ٍ متوترة :

" .كنت أريد التحدث معها...لقد جئتُ لأنني... "

قطع كلماته، ورفع بصره لثانيةٍ خاطفة ، وتابع :

"لأنني أريد أن أخطبكِ ......"

تنهد وقال مدركا :

" لقد صارحتك بما جئت من أجله .. "

نظرت للارض في ذهول ولم ادر ما افعل !

لم اكن اتوقع حديثا كهذا ولا لقاء كهذا...ووجدتني اريده ان ينصرف بأي شكل

أريد سد اذني باي شيء...نما عن ارتباكي غمغمة خافتة

قال مودعا :

" الى اللقاء .. "

ماذا يفعل هذا المتهوّر ! صدق ادوارد ...
كدت أعود للمنزل وأتركه واقفاً .. فعليه أن يتوقف عن محاولاته هذه ولقاءاته المفاجأة ..ألا تكفيه أول مرة ؟!والآن حتى هنا ؟؟؟؟ثم ماذا عن اسلامه ؟ الا يفكر في الامر ؟

قلت محاولة استعادة سكوني :

"انتظر.."

التفت في عجب ، وحقيقةً لا أدري من أين جئتُ بتلك الشجاعة لأتحدث معه بعد ماقاله أو أن أوقفه بهذا الشكل...

قلت :

" لماذا تصر على مقابلتي بهذا الشكل ؟"

قال:

"صدقيني ،لم اكن اقصد هذه المرة ، وكنت أعتقد أن والدتك موجودة ... أما من قبلُ ، فقد أخبرتك بالسبب الآن .."

قلت بتوتر وبدون تخطيط :

" إنني ......"

أوقفني ترددي لكنني أكملت أخيراً بارتباك:

"انني مخطوبة.."

بدا كأنه تفاجأ ... بل أعتقد انه صُدم ..واستدار ببطىءٍ بعد قليل لينصرف ..

قلت لما رأيته ينصرف:

" السلام عليكم "

ودخلت لمنزلي بسرعة قبل ان اسمع الرد
ووجدتني الهث بشدة
شعرت بارهاق اليوم بأكمله يعلن قوته وانتصاره علي ، فتوجهت لغرفتي احاول نفض اللقاء الاخيرعن فكري
كيف حدث هذا ؟؟ لا أعلم .. انه مصرٌ على عدم الخروج من دائرة حياتي !! لماذا يفعل ذلك ؟؟؟
الذهول ظل يرافقني لمدةٍ طويلة .. حدث الكثير مؤخراً مما أعجز عن استيعابه ..
لقد كذبت وأظنني قلت مخطوبة .. لكن .... !!!

رأسي أصابه صداع ! ستؤدي بي هذه المفاجآت إلى الجنون حقيقةً وأتمنى أن تكون هذه النهاية ..

آخر ما كنت أتوقعه هو وجوده هنا بالذات !!!
كيف حصل على عنواني وكيف عرف أنني أقطن هنا ؟؟
كيف؟؟؟ ...ولماذا ...؟َ!!...ومتى؟
زفرت بعجب ! .. وعدت أفكر فيما قلته له ..
.. كذبتي كانت لانهاء الأمور ولكي لا يتعمق فيما يفعل .. ولا أدري أأسعد لأن والدتي لم تكن موجودة أم أن وجودها كان أفضل ؟
أظنني أرجّح الاختيار الأول ...
وفعلاً يجب عليه أن يفكر بالأمر .. فكما رأيته الآن ، رأيته شخصاً يقوده ما يريد لأن يتحرك بدون تفكيرٍ فيه ولا دراسةٍ للأمر !

حاولت نفض الافكار والموضوع كله عن رأسي ، فقد انتهى للأمر .. وسيعود كل شيءٍ كما كان !في هذه اللحظة ، شعرت بحاجتي إلى حنان ومزاحها الذي يغير الأجواء ، وطيبتها التي تمحو القلق والتوتر ، ومشورتها التي تدفع الوساوس والأفكار المتضاربة ..أووه ! كم أنا ساذجةٌ !! تذكرت أنني قد عدت للتو من حفل زفافها !! يا الله !!
شعرت حقاً بحاجتي لها ، وندمت على أنني لم أخبرها بالأمر منذ البداية .. أحياناً تتواجد أشياء بالحياة لا يمكنك الحديث بها مع والديك، بل أفضل مستمع لك في
هذه الحالة ، هو صديقك أو أي شخص يفهمك جيداً ,,. حيث يقدّر أكثر وتكون له نظرةٌ خاصة ، تختلف عن نظرة الوالدين التي تكون مقتصرة على وجهات نظرٍ
محدودة ، وداخل إطارٍ واحد بعض الأحيان !
توجهت إلى غرفتي ، وما هي إلا لحظات وإذ بأمي تعود .. يبدو أنها أصيبت
بالصداع من الضجيج المتواصل بالحفل ، و رأت اللحاق بي أفضل حلٍ كعادتها ..، فصحّتها لا تحتمل الكثير من الإرهاق ..
احضرت لها الدواء والماء ، وارتجفت وأنا أسمعها تتأوه قليلاً ، أسرعت أقول :

"أمي مابِك؟؟"

قالت :

" لا عليكِ ... صداعٌ وسيزول ... "

قلت :

" لا ..هناك شيءٌ آخر .."

قالت وهي تتصنع الابتسام :

" حبيبة ... كفى ! ... لا تقلقي هكذا .. "

ثم امسكت بيدي واجلستني بجانبها على فراشها وقالت بعد صمت استمر لثوانٍ :

" حبيبة .. ليس لي بهذا العالم سوى أنتِ .. ولست أخشى شيئاً ما دمت بجانبي ... "

شعرت بضعف أمي ، الذي طالما تخفيه .. إنها رقيقةٌ وشفافة .. وأصابتها العديد من الصدمات القاسية بحياتها ..

قلت لها وأنا أقبل وجنتها :

" وأنا إلى جانبك .. فلا تخشي شيئاً وأخبريني .. ماذا بكِ أمي ؟؟"

قالت وهي تتنهد بعمق :

" انه صداعٌ فقط .,. أظنها الشقيقة عادت .."

قلت بقلق :

" أما زلت تعانين منها ؟؟"

تركت كفي لتتناول الدواء وقالت :

" لا عليك ، فأظن أن ربع الكرة الارضية مصابون بها .. والحفل كان فيه ضجة كبيرة أيضاً .."

تركتها تتناول الدواء وقمت لأطفىء الضوء .. وقلت لها :

" ستؤدي الاقراص مفعولها بعد قليل .. سأتركك الآن لتنامي .."

قالت ممازحةً:

" أمللت من الجلوس معي ؟؟"

قلت بسرعة :

" لا ، بل قصدت أن أتركك ترتاحين .. فلو جلست لن تتوقفي عن الحديث ولن أرفض أنا الاستماع .. وسأزيد صداعك !!"

قالت ضاحكةً :

" انا من يجب ان يتركك ترتاحين فقد ارهقت نفسك اليوم كثيرا مع حنان ... "

وتركتها بعد قليل ..متوجهةً لغرفتي ..
وجدت صعوبةً كبيرةً في النوم .. فالأفكار ملأت رأسي .. وليست أفكاراً محددة .. بل مشتتة ومتفرقة ..
أفكر في العمل .. لقد كنت أنوي إخبار أمي عن رغبتي في العمل .. وأفكر في حنان .. ورغبتي في اخبارها بما حصل منذ البداية .. وأفكر في خطوبتي المزعومة وموقف جيم !!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~

جيم

بالتأكيد أخذت عني أفكاراً خاطئة .. ولكن ماذنبي أنا إن كانت الصدفة والقدر هما من يرتبان هذه اللقاءات !!
لكن شيئاً بات يرن في أذني .. يجب أن أنسى حبيبة تماماً .. وكما حكيت لأحمد عما حدث .. فقد عاتبني على ما فعلت وعلى حديثي معها بهذا الشكل ! وقال لي "قدر الله وماشاء فعل .. عوضك الله خيراً "
لكن.. الأمر انتهى .. ولست أحب نبش المواقف التي ماتت ..
أنا مصدومٌ من ما سمعته منها .. فلماذا جمعني القدر بها وهي مخطوبة !
حاولت ابعاد الافكار عن رأسي .. لكنني حقاً كنت قد بدأت أتعلق بها كثيراً .. و أخطأت عندما ظننت أن كل ما أريده يمكنني الحصول عليه .. وهذا ما تعلمته من مواقف كثيرة مؤخراً ..
ومع أنني قررت أن أنساها ، لكنني متأكدٌ أن امتناني لها سيظل إلى آخر العمر ..

في الآونة الأخيرة اعلنت شركتان عربيتان رغبتهما في التعاون مع شركاتنا .. بعد ما شاهدوا عروضاً كنت قد جهزتها عن الشركة والعمل فيها ومميزاتها .. وراقت لهم كثيراً ..
وفي هذه الأثناء ، تذكرت إدوارد .. وأنني لم أعد أسأل عنه كالسابق .. فانتابني شعورٌ بالانقباض ، هو نفسه شعوري حين عارض اسلامي ..
امسكت بهاتفي واتصلتُ به ..

قال مجيباً:

" مرحباً ؟؟"

قلت بلهجةٍ غامضة :

" مرحباً .. هل هذا الدكتور ادوارد ؟"

قال بشك :

" جيم ؟؟"

قلت :

" جيم من ؟؟ أنا لا أعرف عم تتحدث .. هل انت الطبيب ..."

قال مقاطعاً :

" لو كنت جيم فكف عن هذا .. وتحدث كالبشر ! "

ضحكت لجديته هذه ! فأظنها ساخرةً كعادته .. قلت :

"كيف حالك ادوارد ؟؟"

قال بنفس اللهجة :

" حاول ان تبرر لي افعالك اولاً ..ثم بعدها اتحدث معك بشكلٍ عادي .."

قلت :

" ماذا بك ادوارد ؟؟وماذا أبرر لك ؟"

قال :

" لم لم تتصل بي ؟ يبدو أنك انغمست في عالمٍ آخر .. ماهو هدفك الرئيسي لهذه الرحلة يا جيم ؟؟ "

قلت :

" لم أتصل بك لأني كنت مشغولاً جداً ، وأنا آسفٌ من أجل هذا .. والعالم الآخر هذا ، هو عالمي الآن .. ! "

زفر وقال :

" وماذا كان هدفك من السفر ياجيم ؟؟ لقد وعدت بإخباري .."

قلت :

" لقد سافرت من أجل العمل .. أما ما وعدت بإخبارك إياه ، لم ينجح ، ولاداعي لاتحدث عنه .."

قال :

" من الجيد أنه لم ينجح .. فأنا لست ساذجاً وأعلم أنه متعلقٌ بتلك الفتاة ! "

قلت :

" ادوارد انتهى الأمر .. وقل لي ما اخبار عيادتك؟.."

قال :

" بخير ... متى ستعود يا جيم ؟"

قلت :

"بعد ثلاث أيام .. لقد قدمت موعد سفري ... لكنني سأعود وقد ربحت الكثير .. لقد تعاونت معي أكثر من شركةٍ يا ادوارد .. "

قال بسعادةٍ حقيقية :

"هذا رائعٌ جيم .. لقد فعلت كل هذا وحدك .."

شعرت أنه يحادث طفلاً ، لكنني سعدت لتغير مزاجه فجأة وقلت :

" أشككت في هذا ؟"

قال :

" لا ، بل كنت واثقاً .. إنك تذكر حديثي معك سابقاً بالتأكيد .."

قلت :

" نعم ...وهذا هو التغيير الذي حدثتني عنه .. والذي قمت به .. فلا تعارضه يا ادوارد .. فهو التوفيق الذي حصلت عليه .."

قال :

" لا تلمح للأمر كثيرا ، المهم هو أن تظل الأمور بخير .. "

استسلمت لرغبته ، ولكنني إن لم أذكره بإسلامي فسيراه بعينيه واضحاً ..
انهيت معه المحادثة ، وقد صعب علي الابتعاد عن ادوارد .. ولكن على كل حال فهو منشغل بعمله وأنا بعملي ، وستكون هذه حجةً لابتعادي عنه .. فمع اسلامي
ليس هناك مجالٌ لنفس الصداقة السابقة والمحبة الكثيفة ..
وكان الله في عوني !


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

ثم إني وضعت بقية الرواية لانشغال الأخت لارا بأمور سفرها .. فاسألوا الله أن يعينها
و الجزء الأخير سيتم وضعه غدا أو بعده كما تفضلون

شيء أخير تأخرت الرواية بسبب حفظ حقوقها
و قد تم هذا الأمر بفضل الله

http://www.4img.com/up/07/10/03/08f1cfeb47a2e7a7bef79366f8dddde6ab75583e.jpg

و كل عام و أنتم بـ "وطن" !
كل عام و أنتم بخير :)

MaJiD
15-10-2007, 02:12 PM
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الفصل السادس عشر

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


حبيبة

في هذه الأيام ، بدأت أشعر بالملل ، والروتين الثقيل ! ، لذا فكرت في شهاداتي ورغبتي في العمل ..
عملٌ أستفيد منه وأفيد به ، فسألت والدتي :

" أمي ، ما رأيك لو تقدمت لوظيفة ..."

دهشت أمي وقالت :

" لماذا يا حبيبة ؟ لسنا بحاجةٍ والحمد لله .."

قلت لها مفسرة :

" ولكنني بدأت أشعر بالملل هكذا من الجلوس بلا هدفٍ ولا غاية ، ولا بد ان أغير من الأمر في يومٍ ما .. ففكرت في استغلال شهادتي .."

قالت :

" الأمر عائدٌ لكِ بالطبع ، مع أنني لا أحبذ الأمر .. "

قلت :

" سيكون من الجيد لو استفدت من وقتي وأفدت غيري .."

قالت :

" وماذا تنوين أن تعملي ؟ "

قلت :

" حقيقةً لم أفكر في الأمر بعد ، لكنني سأختار وظيفةً بسيطة تناسب مؤهلاتي.."

قالت :

" وفقك الله .. صحيح .. ستأتي خالتك الليلة .. يمكنك مناقشتها بالأمر .."

لكن خالتي عندما قدِمت، اقترحت علي العمل في المختبرات والمستشفيات بحكم دراستي العلمية الأحيائية ! فعارضت الأمر ، .. إن هذه الأماكن لا تناسبني ، ولم أفكر يوماً بالعمل هكذا .. قلت لها :

" إنني لا أفكر في وظيفةٍ كهذه .. كل ما أردته هو شغل الوقت وأن أختلط بمجتمع العمل المفيد .,, "

وعندما قلت لها :

" ثم إن المستشفيات تكون عادةً مختلطة ، وأنا التي حاولت الخروج من الغربة نفاذاً من الانحلال هناك .. فالآن ، لستُ مضطرةً لعملٍٍ كهذا .."

قالت بضيق :

"ومن قال ان هذه الأماكن بها انحلال؟؟؟"

قلت :

" لا يا خالتي لم أقصد .. بل إنني الآن أسعى للهدوء والتغيير عما كنت عليه هناك . .وطموحاتي لا تتعدى التزامي ومكوثي في المنزل أغلب الوقت .."

قالت :
"إذاً ماذا تريدين مثلاً .. لقد طلبت أن أقترح عليكِ .. فماذا ترين مناسباً لمتخرجةٍ بمثل شهادتك العالية ؟؟ "

قلت :

"كنت أقصد وظيفة بسيطة الهدف منها أبسط بكثير .. كمعلمةٍ مثلاً أو ..."

لم أكمل ، قاطعتني بذهول :

" معلمة ؟؟؟! .. حبيبة لا يمكن !! "

قلت متعجبةً :

" ولماذا ؟؟"

قالت :

" درستِ في الخارج ثلاث أو أربع سنوات في ارقى الجامعات والمجالات وتاتي لتعملي كمعلمة ؟؟"

استنتجت وجهة نظر خالتي فرحت اقنعها أنني ما درست باختياري ولكن .. بدأت بعدها تتحدث عن حديث الناس وماذا سيقولون .. وكيف أنني عدت بعد سنين لأعمل معلمةً و...إلى آخره من هذه الأحاديث .. إلى أن أصابني الملل ، قلت متململة :

" خالتي !!! "

قالت :

"حسناً حسناً ... لن أعارضك مجدداً ،فالأمر عائد لك .. لكن من المحزن أن تهدري كل ما حصلت عليه .. ولو كان والدك حياً لما تركك تقومين بذلك .. ولأجبرك على وظيفةٍ أخرىوأدخلك بها بنفوذه .."

تضايقت أمي حينها من وصول الحديث لأبي وقالت :

" لكنه مات وليرحمه الله ، ولم أكن لأسمح له أن يجبرها من جديد ، فيحق لها اختيار كل ما تفعله .. ولا يهمني ولا يهمها المظهر يا سناء .. فلنترك المظاهر والحديث للناس .. ثم إنني أعارض أن تبقى ابنتي لمدة اثنا عشر ساعةٍ مثلاً بالخارج ! "

توقفت خالتي عن جدالها ، فكنت أرغب باستشارتها ، ولكن مشورتها لم ترق لي ..
المهم الآن أن أنظر في الأمر .. وسآخذ أيضاً برأي حنان ، ولكن بعد أن تستقر بحياتها قليلاً ، فلي معها حديثٌ طويل ....

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم~

أظن أن الغد سيكون آخر أيامي هنا .. ولكن .. ربما أعود مع أحمد يوماً ..
اليوم اقترح علي أحمد اقتراحاً .. ترك فيّ الكثير من التضارب .. قال :

" جيم ، هناك أمرٌ فكرت فيه كثيراً ، ولم أجد الوقت لطرحه .. "

قلت بفضول :

" تفضّل ، ما هو ؟"

قال :

" عادةً من يسلم يقوم بتغيير اسمه إلى اسمٍ عربي بلغة القرآن .. فما رأيك ؟ مع انني أظن أنه سيصعب عليك .."

قلت بقلق :

" كيف يا أحمد ؟؟ أغير اسمي وقدعرفني به الجميع ؟؟ وقد استعملته طوال ثلاثين عامٍ !! أيتوجب عليّ ذلك ؟؟؟"

قال :

" من الأفضل أن تفعل ، ولكن .. أعلم أنه من الصعب عليك ، ولكنك أسلمت يا جيم ، وهي الخطوة الرئيسية وأظن أن الباقي سيكون سهلاً أمامها,,"

فكرت قليلاً ثم قلت :

" لكن اسلامي قد يتجاهله الناس في تعاملهم معي ، أما الاسم ، الكل يستخدمه .... لست أقصد أنني سأخفي اسلامي ، ولكنك تعرف كمَ المعارضات والانتقادات التي من المتوقع أن أحصل عليها ، فالاسم سيزيد الأمر ثورة.."

قال مفكراً :

" وما رأيك أن يكون لديك اسمان .. ؟؟ "

سألته بدهشة :

" كيف ؟"

قال :

" طرأت لي هذه الفكرة ، فلو كان لك اسمان ، سيكون اسمك المعتَمد كما هو .. ويكون اسمك الثاني هو ما تعرف به كمسلم .."

قلت :

" أظن هذا أفضل فعلاً ... آه يا أحمد .. كم تروقني أفكارك .."

ابتسم مشجعاً وقال :

" أنا في الخدمة .."

نظرت إليه بامتنان :

"شكراً لك ,.. أنت صديقٌ رائع .."

قال :

" وأنت كذلك .. أنا سعيدٌ من أجلك .."

حقاً إن أحمد صديقٌ رائع ، احتل مكانةً كبيرةً في قلبي .. يشعرني دائما بالصدق والايمان والوفاء .. يشجعني في كل خطوة أقوم بها ..

كنت جالساً في غرفتي وأنا أرتب حقيبتي مستعداً للسفر في الغد .. وفكرت لوهلةٍ في حبيبة .. وتنهدت بعمق فقد وعدت أن أنسى أمرها .. لكن ، ماذا لو فعلت أمراً أخيراً أعبر فيه عن امتناني وتأسفي لأنني ضايقتها كثيراً ..
هي لن تراني بعد الآن وسأحرص على هذا .. ولن تسمع صوتي كذلك ..
أحضرت محفظتي، وأخرجت منها الورقة المثنية ، وفتحتها لأنقل منها معلومةً أخيرة ، ومزقتها ورميتها في السلة احتراماً لحبيبة ..
لن انسى يوماً جميع من وقفوا معي إلى أن وصلت إلى هذه النقطة .. لقد عوضت كل الإحباط الذي شعرت به ، وكل التراجع الذي عمّني سابقاً .. بمساعدة أفضل من قابلتهم في حياتي .. تعلمت الكثير ، وأخذت الكثير .. فالحمد لله .. وفي المستقبل الكثير .. وأرجو الأفضل ..
ودعت أحمد ثاني يومٍ وأنا أغادر وقد ارتاح ضميري ، وشعرت لأول مرة بالسعادة الحقيقية ..
وجدت الضالة المفقودة .. والكنز الثمين .. والنجاح المنشود ... ولن يرجعني أحدٌ ولن أتنازل عما حصلت ، ولو عارضتني قارّتي بأكملها ..
والحمد لله حمداً كثيراً ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~ حبيبة ~

هاتفتني خالتي اليوم ، وهي تخبرني بمفاجأة ، حسبت أنها اعتذارٌ منها عن مهاجمتها لي بالأمس .. قالت لي :

" لقد وجدت لك وظيفةً ممتازة ! ومناسبة جداً .."

قلت بلهفة وأنا أرجو من الله أن تكون مناسبة حقاً .. قالت :

" إنه مركزٌ نسائي عبارةٌ عن أقسامٍ علمية ، تابعٌ لعدة مدارس ، به مختبراتٌ ودروسٌ ومما إلى ذلك.. وهم يحتاجون لمثلك فيه .. "

قلت فرحةً لأنها راعت متطلباتي ، وقلت ممتنة :

" رائعٌ جداً .. أشكرك جداً يا خالتي .. "

مازحتني وأعطتني عنوانه ، وأرقامه ،وكان فعلاً مركزاً ممتازاً وفرصةً ذهبية لمواصفات العمل الذي أبحث عنه ..

بعدها وأنا في هذه الحالة من صفاء الذهن ، قمت بالاتصال بحنان ،باركت لها من جديد ، وأطلت معها الحديث كثيراً .. أخبرتها بالكثير والكثير مما أخفيته عنها من قبل وكان العتاب من نصيبي ، ولقد انفعلت بصدق ، وشعرت بالندم لأنني استخففت بالموضوع ولم أخبرها عنه .. لكنه انتهى الآن .. وكل شيء عاد لما كان عليه ..

قلت بعدها لأغير الموضوع :

" هييييه! حنان متى تنوين زيارتي ؟؟ "

قالت مازحةً بتحدي :

" أنت تمزحين بلا شك .. أتطلبين من ديقتك زيارتك وهي في ثالث يومٍ من زواجها ؟؟؟"

لم أجب بل ضحكت ، فقالت :

" محاولةً فاشلة لتغيير الموضوع .. لكن لا بأس سأجيبك .. سآتي لزيارتك قريباً .."

قلت بسعادة :

" حقاً .؟؟؟ "

قالت متحدية :

" ربما في حفل خطبتك المزعومة ! "

ضحكت منها ، فهي لا تتوقف عن التشمت بي !! أنهيت محادثتي بعدها لكي لا أطيل عليها .. وأثقل على حياتها الجديدة ..

أما أنا فكنت سعيدةً والحمد لله ، مع أن موضوع جيم كان يبدد هدوئي قليلا ، وأنا أتخيله يظهر من جديد ! لكنني كذبت أفكاري ، وقلت بالطبع لن يظهر !! فقد انتهى الأمر ، وكذبتي أوقفت كل شيء !

في اليوم الثاني كنت قد ذهبت إلى المركز ليزودوني بالمعلومات عن الوظيفة ، ووجدتها رائعةً وهادئة .. وأيضاً ليست متعبة كالتعليم المهلك للراحة .. ولا كالطب .. فهي وسطٌ ومحدودة المواعيد .. وقبلوني لديهم والحمد لله ..

لكن عندما عدت إلى المنزل .. وجدت أمي تفتح لي بانشغال وهي تقول :

" لدي ضيوفٌ يا حبيبة ، لذا سأناديكِ بعدما أنتهي ..."

قلت وأنا أصعد :

" حسناً .. لكن من هم ؟"

قالت مبتسمة :

" سأخبرك فيما بعد .."

واستطردت :

" صحيح كيف كان يومكِ ؟"

قلت :

" الحمد لله كان رائعاً ، سأخبرك فيما بعد أيضاً .."

أومأت بضحكة قصيرة ، وعادت لضيوفها .. لا أدري لم راودني شعورٌ غريب ! وكأن الأمر متعلق ٌ بي .. فلو كانوا صديقات أمي ، لكانت دعتني للدخول .. أما من هذا فأفهم أن لديها ضيوفٌ ، ذكور ...

لم تتأخر أمي كثيراً بل عادت بعد قليل مبتسمةً بسعادة وتفاجأت حين احتضنتني ، فابتسمت لها وقالت :

" خمّني ماذا ؟؟ "

قلت بشك حاولت إخفاه في لهجةٍ مرحة :

" بشأن الضيوف ؟"

قالت بجدية فرحة :

" نعم .. لقد تقدّم أحدهم لكِ ..."

قلت مذهولة ، و امتلاً قلبي قلقاً، وشكوكا ..

قلت :

" حقاً ؟ من هو ؟"

استغربت أمي ، وقالت :

" انه ابن جارتنا القديمة ، عبد الله .."

تابَعَتْ :

"حبيبة .. ماذا بك ..؟"

كانت المفاجأة تلفّني .. أيمكن أن تتحول الكذبة لحقيقة ؟؟

قلت بسرعة :

" لا شيء يا أمي ، ولكني تفاجأت فقط .. "

قالت أمي :

" أنا سعيدةٌ من أجلك .. فهو معروفٌ بخلقه والتزامه ، وكانت معي منذ قليل والدته ، إنها طيبة ٌ جداً .. وأنت تذكرينها أليس كذلك ؟؟"

قلت محاولةً الاستيعاب والتذكّر :

" أظن ذلك .. إنها خالتي منى كما أذكر .."

قالت ضاحكةً :

" لقد تذكرتها رغم مرور زمنٍ طويل بعد سفرك .."

ثم قالت :

" سأخبر عمّكِ وسننظر في الأمر .. فهو يروق لي كثيراً وأريد أن أسعد بك يا حبيبة قبل أن أفارقك .."

انتفضت وأنا أقول لأمي :

" أمي ، لا تقولي هذا ثانيةً ..ويقدر الله الخير إن شاء الله .."

قالت وقد غلبتها عواطفها وسالت دموعها :

" ان شاء الله "

، فاحتضنتها وأنا أربت على كتفيها وقلت معاتبةً :

" أمـــي !!! "

وتابعتُ :

" أطال الله بعمرك يا أمي .. لا تقولي مثل هذا الكلام ، فأنا من سيبكي .."

إن ضيق أمي يشعرني أنا بالضيق ، وكثرة أقوالها هذه تخيفني .. أصررت على الاعتناء بها أنا هذه الفترة لترتاح ، ونسأل الله السلامة ..

بعد حوالي اسبوعان .. قبلت فيهما عبد الله ، الذي كان على خلقٍ ودين ، شعرت حقاً أن الله قد وفقني للقبول بعد الاستخارة ومشورة الأهل ..

وقالت لي حنان مداعبةً حين قدمت لزيارتي في الحفلة التي أقيمت إعلاناً للخطبة :

" لقد أخبرتك أنني سأزورك في حفل خطبتك !! "

قلت :

" لكنها ليست مزعومة... "

كانت الأيام والأحداث يسيران بسرعة ، وتطورات كليهما تجري كالسيل ، تجرفنا معها ..
في هذه الفترة ، كان العمل يروقني جداً ، وكنت سعيدةً به ، فقد أثبتت مهارتي ، واستحقاقي لشهاداتي ..
جلسّت حنان بجانبي تلقي عليّ دعاباتها القصيرة .. والسعادة تلفنا جميعاً ..
هل هذه حفلة خطبتي انا ؟؟ لا أكاد أصدق !!
في نفس الليلة بعد أن انتهى الاحتفال البسيط ..، طرق أحدهم باب المنزل وفتحت أمي الباب ، انتظرت لأعرف منها فوجدتها عادت تقول لي :

" هناك من يريدك عند الباب .."

قمت من مكاني لأرى من الزائر ، ارتديت حجابي ، وفتحت الباب .. كان رجلاً متقدّماً في السنّ قليلاً .. قال :

" أأنت الآنسة حبيبة ..؟"

قلت :

" نعم أنا .. خيراً ؟ "

قال :

" هذه رسالةٌ موجهة لكِ من السيد محمد .."

قلت باستغراب وأنا أتناول الرسالة وأتفحصها :

" مَن ؟؟ محمد ..؟؟ لا أعرف أحداً بهذا الاسم .."

لكنه كان قد التفت ليغادر وهو يقول :

" دوري هو ايصال الرسالة ، ولا أعرف شيئاً .. وداعاً .."

دخلت للمنزل وسألتني أمي بدهشة:

" من هذا الشخص وماذا أراد منك ؟"

قلت أنا بنفس الدهشة :

" لا أعرف لقد سلمني رسالة .."

قالت أمي بعد تفكير :

" ربما هي من عبد الله ، أراد أن يرسلها لك في ليلة خطبتك .."

قلت وأنا أفكر :

" لا أظن ... فقد قال لي إن المرسل ...."

قطعت حديثي ، أحببت أن أفتح الرسالة أولاً ثم أقول لأمي إن وجدت الأمر مهماً .. قلت لها وأنا أتجه للدرج:

" سأفتحها و أرى مالأمر ، وسأخبرك إن كان بها شيءٌ مهم أمي .. .."
وابتسمت وأنا أقول لها :

" تصبحين على خيرٍ يا أمي الحبيبة "

قالت :

" تصبحين على خير حبيبتي .."

وفي غرفتي ، جلست بنفس الذهن الصافِ ،و الفضول يتردد على جدار تفكيري .. أيمكن أن تكون من عبد الله ؟؟ لكنه قال (محمد ) ..

فتحتها لأنهي تساؤلاتي ، وجدت ورقةً مثنيةً بانتظام .. ورقةٌ عاديةٌ بيضاء .. وفتحتها وبدأت أقرأها .. والدهشة تتملكني شيئاً فشيئاً .. كان هذا نصها :

" السلام عليكم ورحمة الله

بالتأكيد تساءلتِ من هو محمد ؟ ..
إن محمد وجيم هما شخصٌ واحد .. ولأنني قطعتُ عهداً على نفسي ألا أعترض مجرى حياتك مجدداً ، لذا أحببت في النهاية أن أعبر عن شكري وامتناني ، اللذان لم أستطع أن أعبر عنهما من قبل .. وبنفس الوقت أن أعبر لكِ عن أسفي ، في هذه الرسالة .. لأنني أجبرتك على التورط بمواقف كنت تتجنبينها ... مرةً بغير قصدٍ ومرةً بقصد ..،ولكن القصد كان لتعلقي بك منذ أول لقاءٍ ، اللقاءُ الذي لن أنساه أبداً ، إنها تجربةٌ قاسية ، لكنها عادت علي بالكثير والكثير .. وصدق الله تعالى حين قال ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ) .. فخلال تدارسي القرآن وتعمقي بالاسلام ، وجدت الكثير من المعاني الصادقة التي انطبقت على الواقع ..
أتمنى أن تعذريني عما أزعجتك به مسبقاً ،، ولقد أدركت بعد حينٍ الفروق الاجتماعية الكثيرة التي لن تنجح في أمرٍ كهذا .. وعلمت أن الله فقط يسر لي عن طريقك باب الهداية .. أنت أولاً وبعدك من أكملوا معي المشوار ..
وكما أنكِ أخبرتني أنكِ مخطوبةٌ .. مما أورثني شعوراً بالندم والخجل ، كما وأنا أشعر بهما وأنا أرسل لكِ هذه الرسالة .. لكنها الختام......فأعتذرُ وأعتذر ..!
.. لقد لاقيتُ الكثير من النجاح في شركتي بعد أن هداني الله للإسلام .. وقد منّ علي بالكثير من النعم .. لذا استمري بنشر أفكارك ودعوة غيرك .. فقد تجذبين الكثير للنور بأسلوبك .. وتكسبين الأجر بشخصيتك .. وإنني لأرجو أن أخدم الاسلام وأدافع عنه الآن لأعوض ما مضى وأثبت للعالم أنني اخترت الصواب...
لقد عدت لوطني وأنا أحمل الكثير من الفخر والسعادة ..
أشكرك جداً ، وسأدعو الله لكِ بالتوفيق والنجاح ، والجنة .. ولا تنسيني من دعائك ..
وإن احتجت شيئاً في المستقبل ، فتذكرين شركتي .. حتى ولو بعد خمسين عام .. فأنا متيقنٌ أنني لن أنسى من أخذوا بيدي لأولى درجات سلم النور...
دمت بخير لوالدتك وعائلتك ، وزوجك .. وأتمنى لك التوفيق ..
تقبلي تقديري واحترامي .. والسلامُ عليكم

جيم

"

تنهدتُ بعمقٍ وأنا أقرأ الرسالة ، وقلت :

" وفقه الله وثبّته .."

عذرته في نفسي .. فهذا كان مطلبه .. أما شكره ، فتقبلته عن طيب خاطر ..
لم أتوقع أيضاً و- كالعادة - أن تكون الرسالةُ مرسلةً منه ..
محمد ... سأدعو له بالثبات والزيادة في الايمان والتيسير في حياته .. فمثل من اقدم على الاسلام في ظل هذه الظروف يحتاج منا إلى أكثر من ذلك ..
أخذت الرسالة وفعلت بها أمراً عجيباً .. لقد أحرقتها ..لكن احتراماً وتقديراً ..

واستعدت ذكرى الليلة وكيف أن حياتي قد تحسنت هي الأخرى .. والحمد لله رزقني الله بزوجٍ صالحٍ معروفٌ بأخلاقه .. وها هي قصة جيم تنتهي معي بنهايةٍ عادلةٍ وسعيدة .. والعمل وقد حصلت عليه .. وأمي بصحةٍ جيدة ..
حمدت الله كثيراً .. فبالشكر تدوم النعم .. وشعرت برغبتي في السجودلله عز وجل ، سجودَ شكرٍ حمداً له..
ودعوته أن يرزقنا الرضا بالقدر .. فكل ما يأتي من الله خيرٌ ولو أزعجنا .. ولو أصابتنا المآسي .. كله خير .. كما قال سيد البشر صلى الله عليه وسلم :
" عجباً لأمر المؤمن كله له خير "

" إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له .."

" وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له .."

فالقدر ركنٌ من الإيمان .. يأتي علينا فيصيب الانسان بالخير أو الشر.. وللمؤمن ، سيكون في كل احواله مصدراً للفوز ورضا الله

وفي هذه الليلة ، شعرت أن نور القمر ، هو ذاتُهُ نورُ القدر ، الذي أضاء حياة الناس في هذه الساعة ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

النهـــــــــــايــة ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

MaJiD
15-10-2007, 02:14 PM
خاتمة بقلم المؤلفة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إلى كل من قرأ الرواية .. أشكره جزيل الشكر على مبادرته و أتمنى أن تكون قد نالت على استحسانكم وإعجابكم ..

في هذه الرواية ، أحببت أن أجمع أكثر من جانبٍ في أحداثها ، و تفرقت الأحداث مرويةً على لسان شخصينِ من شخصياتها .. تغييراً للنمط المعروف ، وتسييراً للأحداث بشكلٍ مختلف ..وأحببت أن أحمّلها أفكاراً وحقائق واقعية، وأنبّه عليها .. علّها كانت واضحةً لكم ومنطقية ..

وربما كان اسلام جيم ، هو نقطة التحول في الرواية وأكثر أحداثها ثورةً ، من بعد أول حدث .. فبه حاولت إثبات أن العالم لو عرفنا وعرف الإسلام على حقيقته ، فسيلجأ إليه ولو في أبسط الظروف ..

وأوضحت شخصية حبيبة التمسك و الالتزام ، وعدة قِيَم ، كالصداقة وحب الوطن وبر الوالدين ، والابتعاد عن الفتن ..

كان للصداقة جانباً أوضحتُ أهميته ، فكان لها دورٌ كبيرٌ في تحريك الأحداث ..

أما عنوانُ القصة .. فيحوي الكثير من المعاني التي خرجت على هيئة كلمتان ، وتجلت واضحةً في النهاية .. فالقدر كتبه الله علينا خيراً كان أوشراً ، وفي كلا الحالتين نرضى ونحمد الله ، وهنا أنار القدر حياة جيم ، و حبيبة ، بعد أن واجهتهم بعض المتاعب والمصائب ..وبلقائهم ، كانت البداية ..
ففي كل الظروف مانقول سوى (قدر الله وماشاء فعل ) .. ومن أحسن وسار نحو الأفضل فله الخير في النهاية بإذن الله ..

هذه كانت كلمات ، أردت أن أذيّل بها الرواية ، لتعبّر عما أردت الوصول إليه ..وأرجو من الله العلي القدير أن أكون وفقتُ حقاً في كتابتها ، وأن لا يكون بها ما يعيب...أو يغضبه عز وجل .. ونيّتي فيها خيّرة ، والله أعلم بها ,,

التوقيع :
كاتبة الرواية .:.
رضوى