المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [إبداع] ܔܓ܏ܛܜ رواية خَفايا قَلْبٍ نابِضٍ بالأسْرار ܔܓ܏ܛܜ



**ReLeNa**
23-5-2009, 06:03 PM
http://xs139.xs.to/xs139/09216/1787.jpg


تحيةطيبة لجميع أعضاء منتدانا العزيز وبالأخص رواد قسم اللغة العربية الذي يندر دخولي له، كما أن هذا أول موضوع أضعه في هذا القسم لقلة اهتماماتي.. أو لنقل، لست جيدة فيما يخص اللغة العربية وقواعد النحو والصرف أو الخواطر والأشعار وما إلى ذلك . :)


بمناسبةوصول مشاركاتي إلى الـ 1000 مشاركة ! ...
و بسبب قلّة ما قدمّته للمنتدى –مقارنة بطول فترة وجودي (قرابة 4 سنين)- ! .....


أحب أن أقدم هذا العمل كهدية من جهدي الخاص إلى المنتدى الوحيد الذي قضيت بين صفحاته أكثر أيام حياتي الأنترنتية ، وعاصرته منذ بدايته في موقع مسومس –البرتقالي- المشهور !


يعدهذا العمل أول عمل لي في عالم تأليف الروايات وكتابة القصص والتعبير .. سبقه قصة قصيرة واحدة عادية جداً.
لذلكألتمس العذر إن كان هناك أخطاء نحوية ولغوية أو مطبعية فلست أرى نفسي بين مبدعي التعبير والتأليف واللغة! :)



http://img36.imageshack.us/img36/6236/19872339.jpg



http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gif اسم الرواية : " خفايا قلب نابض بالأسرار".
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gif النوع : غموض، درامي ، آكشن .
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gif عدد الفصول :14 فصل حتى الآن.
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gif عدد الصفحات الإجمالية بـ M.Word :ء107 حتى الآن.
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gif الحالة : مستمر



http://xs139.xs.to/xs139/09216/3463.jpg




http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتأليف وطباعة :YuuRiN
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتدقيق :قلة قليلة ممن قرءوا الرواية في بدايتها + Dragonier
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتصميم البانرات والفواصل:beautiful bird
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifالناشر : منتدى مسومس.
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifرقم الطبعة : الطبعة الأولى والأخيرة 2009 / 1430



http://img39.imageshack.us/img39/92/28388997.jpg




http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتاريخ ولادة الفكرة :يوم ما من شهر نوفمبر 2006 !


http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتاريخ البدء بالعمل :يوم ما من شهر نوفمبر 2007 !


http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتاريخ الانقطاع عن العمل:أواخر شهر ديسمبر 2007 .
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتاريخ العودة للعمل :منتصف شهر أكتوبر 2008 !
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتاريخ الانتهاء من العمل : (بانتظار ذلك اليوم).
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتاريخ الصدور والنشر في المنتدى :الأحد الموافق 24 / 05 / 2009 ، 28 جمادي الأول 1430 .
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifتاريخ الانتهاء من النشر : (بانتظار ذلك اليوم).


حقوق الطبع والنشر محفوظة لدى صاحبة العلاقة ومنتدى مسومس ، ويمنع منعاً باتاً نسخها ونشرها في المنتديات الأخرى


http://img40.imageshack.us/img40/3026/33905761.jpg




http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifخارج المنتدى :
أختي Nuriko H. الغالية ، التي كانت السبب في جعلي أنهي الفصول الأولى بأقصى سرعة تفوق التخيل ! بالإضافة إلى تشجيعها واهتمامها بالرواية أيام ولادتها.
بالإضافة إلى مجموعة من معارفي الآخرين.




http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifداخل المنتدى :
أختي وتوأمي fatleo العزيزة ، كانت أول مدققة للرواية في بداية أيامها ، وأشكر اهتمامها وتشجيعها لي خلال تلك الفترة . ほんとうにかんしゃしてます
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifإهداء إلى مجموعة كبيرة ممن أكن لهم احتراماً وتقديراً ولمن أحبهن في الله.. والذين يصعب عليّ ذكرهم جميعاً، لكن أتمنى أن يكون الإهداء واصلاً لهم !
http://i214.photobucket.com/albums/cc105/24168/egobox/vf/pixels/icons/80.gifشكر خاص لأختي الغالية beautiful birdلتصميمها للفواصل.



http://img41.imageshack.us/img41/5931/15467228.jpg




لأسباب خارجة عن الإرادة، سيكون موعد نزول الفصول مرتين في الشهر أو ثلاثة مرات!
أتمنى لو يبقى هذا الموضوع خاص لفصول الرواية فقط دون أي ردود أخرى ، وسيكون من دواعي سروري استقبال وقراءة الآراء والردود والتعليقات في الموضوع العام في هذا الرابط .. من هنــــــا (http://www.msoms-anime.net/showthread.php?p=1762017#post1762017).




حقوق الطبع والنشر محفوظة لدى صاحبة العلاقة ومنتدى مسومس ، ويمنع منعاً باتاً نسخها ونشرها في المنتديات الأخرى.



وفي الختام ، أرجو من الله القدير بأن تنال هذه الرواية المتواضعة على إعجابكم وحسن متابعتكم لها.




أختكم في الله، المؤلفة :


http://img39.imageshack.us/img39/8954/yuui.jpg

http://img43.imageshack.us/img43/3941/88516392.jpg

**ReLeNa**
23-5-2009, 06:57 PM
http://img194.imageshack.us/img194/7332/70486101.jpg



صفحة من مذكراتي :


كان اليوم ... يوماً عصيباً ومحزناً بالنسبة لي، كرهت نفسي فعلاً لانضمامي إلى "قوة الدفاع"وندمت على ذلك ، حيث عرفت اليوم أنّ هناك أمر سيء يدور من ورائنا ونحن لا نعرف عنه شيئاً ....


اليوم.. ، فقدت أعزّ شخص على قلبي ..
كنت أحسبه كوالدي دوماً وأحترمه وأقدّره كثيراً ....
كان ذا حكمة واسعة وأفكار نيرةٍ عظيمة وأخلاق كريمة يحسده الحاسدون ويغبطه الآخرون ... إلى أن جاء اليوم..
هذا اليوم الذي أنهى حياته بدون ذنب وبسبب مجهول...
كنتُ معه في لحظاته ما قبل الأخيرة أترجاه بأن يعدل عما يفكّر به لكني أعرف في قرارة نفسي أنّ ذلك محال الآن ، لا سبيل للتراجع بعد وصوله لتلك النقطة .....


لم أخالفه الرأي في حياتي أبداً .. حتى في هذا اليوم ... مع جهلي بما يفعله وجهلي إن كان صواباً أم خطأً لكني بقيت أوافقه ومستعداً لمساندته في ما يفعله...


لا أصدق أنّي كنت هناك طوال الوقت ولم يكن بوسعي فعل أي شيء... أعرف أنه لا فائدة من الندم الآن ..
دكتور صلاح...
سأبقى وفياً لك وسأعمل على وصيتك وإنهاء ما كنتَ قد بدأته حتى أعيد جزءاً من معروفك لي....


رحمكَ الله يا دكتور صلاح ...





http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg




الساعة: 3:46 فجراً، اليوم: الأربعاء، التاريخ: 7 يوليو 1999
المكان: المختبر د-555 > معامل النفط الفرعية > المنطقة ب


..
...
....
إلى ابني العزيز،


أكتبُ لك هذه الرسالة على عجل حيث أني في وضع لا أحسد عليه...


أتركُ بين يديك هذه الرسالة و ما معها و أتمنى حقاً أن تحفظه بأمان وأن تعرف كيف تستفيد منه، لأنك لا تعلم قدره وما قمتُ به في سبيل إيصاله إليك و لقياك إلا أنّ الحظ قد خذلني ولم أستطع ذلك.. وها أنا ذا أواجه مصيري ..


أرجو أن تتفهم موقفي و أنا آسف فعلاً لما سببته لك ولوالدتك وأختك الصغرى .. وأتمنى أن تكونوا جميعاً بـخير.



والدكَ المخلص



صلاح إسـ..



- " أخيراً ! ..... وجدتك!"


استدار الرجل الجالس أمام الطاولة المقلوبة فجأة وهو يقف جفلاً من الصوت الذي سمعه ليجد أمامه شاباً طويلاً نحيلاً أسود الشعر أخضر العينين ،تشوب بشرته بعض السمرة ، يرتدي بذلة عسكرية يبدو أنه في العشرين من عمره ، ممسكاً بقبضة الباب وهو يلهث من الجري ووجهه يتصبب عرقاً من حرارة المكان ...


أمسكَ الرجل عن الكتابة و طوى الورقة جيداً بيدين مرتعشتين وألقاها في مظروف بينما استأنف الشاب كلامه قائلاً:
- "دكتور صلاح، ألا تعلم أنهم يبحثون عنك في كل مكان ؟! وقد يصلون إلى هنا في أي لحظة ! ذلك الضابط المزعج أصدر أوامره فجأة بقتلك هنا ويرفض البوح بالسبب متحججاً بأنك خائن وخطر علينا !"


لم يعقّب الدكتور صلاح بأي كلمة بل جال ببصره في أنحاء المختبر المقلوب رأساً على عقب ذي النوافذ المحطمة والأدوات المتناثرة وكأنه يبحث عن شيء ما،بينما يتابعه الشاب بنظرات يغمرها الخوف والدهشة حيث أنه لم يعتد على رؤية الدكتور على هذا الوضع السيئ ..


وجهٌ يملأه التعب والغبار وقطرات العرق المنحدرة من جبينه ، عينان جاحظتان من التفكير والإرهاق ، شعرٌ أشعث ونظارة مكسورة ، ثيابه متسخة و حالته يرثى لها .
"يا إلهي، بمَ يفكر الدكتور الآن ؟" ...


توقف الدكتور عن البحث ومدّ يده الممسكة بالمظروف و التفت بسرعة ينظر إلى الشاب وقال له بصوت مبحوح:
- "هشام يا بني ، أنت الوحيد الذي أثق به بين هؤلاء القوم وأعلم أنك مختلف تماماً عنهم ،وأنا أأتمنك على ما بداخل هذا المظروف وأرجو أن تحرص عليه جيداً . لدي ابن يصغرك بعدة سنوات لكن لا أعلم أين هو ، أرجو أن تبحث عنه وتسلّمه هذا المظروف وهو يعرف ما سيفعله – أو هذا ما أرجوه".


نظر هشام إلى المظروف بدهشة وبقي عدة ثوانٍ لا يعرف ماذا يقول ثم رفع رأسه قائلاً:
- " وأنا أيضاً أثق بك تماماً يا دكتور وأعلم أنك تتصرف بحكمة وعلى صواب دائماً وأنك لن تخوننا، لكن لماذا.. لماذا كل هذا العناء وهذه المشاكل التي أنت بها ؟ أمن أجل هذا المظروف أم ماذا ؟؟ لماذا ينتهي بك الأمر بأن تُقتل لسبب مجهول في هذا المكان النائي وبكل تكتم ؟! "


- " لكل شيء وقته .. لا تستعجل بالبحث عن الإجابات الآن، دوري ينتهي هنا ما قمتُ به مجرد بداية وسأترك لك ولابني المقوَد لإكمال المشوار، خذ المظروف وأسرع بالمغادرة قبل أن يأتي زملاؤك “.
- " لكنهم سـيردمون هذه المختبرات بـ... "


توقف هشام عن الحديث بمجرد سماعه صوت خطوات وجلبة خارج المختبر فأسرع يجري نحو الباب وهو يشاهد الدكتور يقف أمام الحائط الآخر وهو يقول له:
- " إياك والتفريط به فهو مهم جداً و إن وجدت ابني فساعده واحمه وثق به في كل ما يفعله. أنت مسئول عنه يا هشام ، تذكر هذا " .


أخفى هشام المظروف في سترته و أسرع يجري نحو زملائه وهو يحثهم على الخروج من المكان لخلوه ممن يبحثون عنه ولأنه سيصبح بعد قليل هدفاً لطلقات المدفعية وشاحنات الردم.


وقف الضابط المسئول على بعد عدة كيلومترات من المكان ممسكاً بجهاز اللاسلكي وهو ينتظر الأخبار من المجموعة التي دخلت للتفتيش..
بقي يدور ويدور في مكانه وهو يفقد صبره تدريجياً إلى أن انتبه بعد عدة دقائق لخروج المجموعة وقدوم شاب طويل نحوه قائلاً:
- "سيدي الضابط تم تفتيش المختبرات كلها ولا أثر له، لكننا وجدنا بعض الأدلة التي تشير إلى ما يشبه محطة إذاعة ومن الواضح إنها مصدر الإذاعة التي كانت تبث الإشاعات. أوامرك سيدي" .
- " اجمعوا ما تستطيعون جمعه من أدلة مهمة... وماذا عنه ؟ لا أثر له ؟ هل قمتم بالتفتيش جيداً أيها الجندي هشام، لقد تم التأكد من مشاهدته يدخل هنا قبل عدة ساعات، لن تغادروا المكان حتى تخرجوا جثته أو تردموا المكان فوق رأسه! "
- " لم نترك مكاناً لم نبحث فيه، قد يكون هرب من مخارج سرية أو إنه في أحد المخازن السفلية “.
- " هه ! هرب ! وكأني سأصدق هذا، فليبدأ الإطلاق وهدم المختبرات هذه على من فيها “.
- " .... " ، " حاضر سيدي " .


تمتم الضابط قائلاً بعد ابتعاد الشاب :
- " ستنال مصيرك بهدوء يا دكتور مع ما تملكه ولن نسمح لك أبداً بالهرب “.


وقف هشام مع بقية المجموعة المكلفة بمهمة البحث عن الدكتور وقتله و ردم المختبرات القديمة النائية بمشاهدة الشاحنات وهي تنطلق باتجاه المختبرات ثم خطى متراجعاً إلى الخلف وهو يفكر في كلمات الدكتور الأخيرة وما أصبح بحوزته الآن،
بعدها توقف ملتفتاً ليرسل بنظراته الأخيرة إلى المباني وهي تتهاوى على الأرض، فتمتم بحزن وهو مقطب الحاجبين:
-" أنا آسف لعدم تمكّني من مساعدتك، دكتور صلاح".


http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg


صفحات من مذكراتي :


* الاثنين، تاريخ: 20 مارس 2000.
قبل شهرين تقريباً قدّمت استقالتي من "قوة الدفاع"، أحسست وقتها بشعور لا يوصف ! وكأنني أصبحت حراً !!
بدأت بعدها بالتركيز على قضية الدكتور صلاح والبحث عن ابنه وأسرته إذ أني كنت مقيداً بعملي في قوة الدفاع ولم أستطع المخاطرة بحياتي وجلب الأنظار إذا ما رآني أحدهم وأنا أعمل على قضية الدكتور !


مرّت أيام وأسابيع وشهور وأنا أحاول البحث عن أي خيط يوصلني لابن الدكتور صلاح، وقد قمت حتى الآن بجمع بعض المعلومات البسيطة التي تتضمن بعض البيانات عن الدكتور صلاح لكن لا شيء عن أسرته حتى الآن !


قمت بزيارة منزل الدكتور اليوم، أصبح مهجوراً موحشاً بعد ما حدث ولا أحد يقترب منه، جمعت ما استطعت جمعه من الأغراض المفيدة التي بقيت صالحة حتى لا تتعرض للسرقة أو لعوامل الطبيعة..
وجدت الكثير من الكتب والمذكرات والمستندات، يبدو لي أنها مفيدة، أخذتها مع بعض الأمور الأخرى ووضعتها في مخزن منزلي، أتمنى أن أجد أسرة الدكتور بسرعة.


يا إلهي ، أعنّي على ما أنا به !


* الجمعة، تاريخ: 1 يونيو 2001
المستجدات في قضية الدكتور صلاح : ..
مررت اليوم ليلاً على منزل الدكتور وإذا بي أجده كتلة لهب مشتعلة !
أسرعت بالاتصال بالإطفاء وأخمدوا النار، أصبح شكل المنزل مرعباً جداً بعد الحريق..


> ملاحظة مضافة في أكتوبر : اضطررت للذهاب للتحقيق لعدة شهور بما أني أعَّد شاهداً كان متواجد أثناء الحريق ، لكن حاولت جهدي إبعاد نفسي عن الأنظار حتى لا يشك بي أي شخص ، يبدو لي أن هناك من يعتقد أن هناك من يستخدم هذا المنزل أو أن الأسرة قد عادت أو هناك سبب آخر أجهله !
لدي كل الصحف التي تتحدث عن الحادثة، قمت بوضعها مع كل المقالات و قصاصات الصحف التي جمعتها طوال السنتين الماضيتين والتي تتحدث عن الدكتور ! طبعاً أشك أنها أخبار كاذبة ومعلومات واهية، لكن لا ضير في الاحتفاظ بها.


لا جديد عن الأسرة حتى الآن ! أرى القضية من منظوري و كأنني أبحث عن إبرة في كومة قش !


* الثلاثاء، تاريخ 10 ديسمبر 2002
آخر المستجدات في قضية الدكتور : ..


يبدو لي أنهم قاموا بحذف جميع البيانات عن الدكتور وعن أسرته، بالكاد جمعت معلومات جديدة عن أسرة الدكتور !
وها قد وجدتُ عنوان السكن.. لكن بعد زيارتي له تبين أنهم غادروه قبل شهر !
دخلتُ الشقة وبقيت أسأل مالكها عنهم، عرفت أنّ زوجته وابنته فقط كانتا تسكنان هنا، وكان يزورهم بين فترة وأخرى شاب... إذن هل هو ابنه ؟ وهل يسكن وحده ؟!


كانت الشقة فارغة تماماً، فقد قام المالك بتنظيفها ورمى كل المخلفات، قال إنه لم يكن هناك ما يفيد.
وعرفت أيضاً أن زوجته مريضة ويبدو أن مرضها ليس سهلاً، كان الله في عونها.


قمت بالبحث في جميع المستشفيات والمراكز الصحية عن أي معلومة توصلني إلى زوجة الدكتور المريضة، لكن يبدو أنها لا تذهب للعلاج ولا يوجد أي بيانات عنها ولا عن ابنتها.


* الخميس، تاريخ 14 أغسطس 2003
كدت أفقد الأمل مؤخراً لأنني لم أتقدم في قضية الدكتور.... لكن لولا الله ثم لولا صندوق الأدوات الكهربائية في المخزن لما كنت تقدمت أبداً في إيجاد الحل !!
قبل خروجي من المخزن شاهدت صناديق الأغراض والمستندات التي أخذتها من منزل الدكتور والتي أحتفظ بها هنا في هذا المخزن نفسه !


كيف لم أفكر طوال هذه السنوات بفتح مستندات الدكتور ومذكراته التي لدي !!!؟


صعدت مسرعاً وأنا أحمل المستندات ثم نفضت الغبار المتراكم عنها وفتحت المستندات واحداً بعد الآخر وأنا أقرأ بكل انتباه !


أمضيت 5 ساعات وأنا أقرا ، آآه ينتابني شعور بتأنيب الضمير وأنا أقرأ مذكرات الدكتور دون إذن أسرته !!
كما أنه يحزنني تذكر الدكتور صلاح و أيامه .


كان يأتي لزيارة الدكتور العديد من الشخصيات المهمة ! قام بتسجيل تاريخ كل زيارة أو مقابلة وما كانت أهم النقاط فيها ، كم أنت دقيق يا دكتور .
وأخيراً عرفت عدة أمور عن ابنه وابنته !!
اكتفى الدكتور بوضع الحرف الأول من أسماء أبنائه، يا لحرصه الشديد، يدعى ابنه ( A ) وابنته ( A) أيضاً !!!
ماذا يكون اسم الابن يا ترى ؟ أحمد –أمير – أمجد – أسعد ... يا إلهي .. هناك الكثير !


ذكر الدكتور ملاحظة عيد ميلاد ابنه العاشر في تاريخ 23/1/1991
إذن فهو يبلغ 21 من عمره الآن ! ربما يكون يدرس في إحدى الجامعات ، لن يضرني البحث فيها !
يبدو أن عيد ميلاد ابنته في نفس الشهر .. وتبلغ أربعة سنين في 1991 ! إذن فعمرها الآن 16 سنة .


اقتربت كثيراً من الوصول إلى هدفي .. !


* السبت، تاريخ 30 أكتوبر 2004
مضت سنة ولم أجد ابن الدكتور (A) في أي جامعة، ولم أجد معلومات عن زوجته أيضاً.. هل شُفيت من مرضها أم ماذا حلّ بها ؟ ..وماذا عن ابنته ؟ هل تدرس في الثانوية أم ماذا ؟


يا إلهي .. هل هم في هذه المدينة أساساً !!!؟
كلما أصلُ إلى خيط أمل ضعيف سرعان ما يتبخر ويختفي ! أراهن أنهم يعيشون بكل تكتم ويخفون أنفسهم جيداً ويغيرون محل سكنهم بين فترة و أخرى.


بدأت العمل مؤخراً كمحرر في إحدى الصحف المشهورة، أعرف أنه غريب جداً لجندي سابق في قوة الدفاع أن يعمل في صحيفة ! لكني لم أعمل هناك إلا لأنني أريد أن أكون قريباً من مصادر الأخبار وأجهزة البحث الكثيرة التي أتمنى أن تعينني حقاً في ما أعمل عليه.


عرفت أموراً كثيرة حقاً كنت أجهلها واطلعت على بيانات مهمة وسرية لا يعرفها أصحابها !
أعرف أن مراقبة أخبار الناس ودس أنفي في خصوصياتهم أمر قبيح لكني مضطر لهذا !


>ملاحظة تشدّني : قضايا الحوادث المجهولة والانتحار لبعض المشاهير زادت مؤخراً ! ويبدو لي أنها متصلة مع بعضها البعض لسبب ما ، هل أترك عملي وأبدأ بالتحري عنها ؟! لا لا، عملي يناسبني أكثر حيث يمكنني جمع الكثير من المعلومات التي تتضمن كل المجالات !


* الأحد، 10 ابريل 2005
تطور كبير جداً !! شكراً لله كثيراً ! حقاً أن الجهد المبذول لا يضيع سدىً !
أخيراً عثرت على ابنة الدكتور صلاح !


كنت جالساً في مكتبي الهادئ أعمل على بعض التقارير التي قُدّمت لي لطباعتها فجاء مسئولي وطلب مني أن أتابع وفد الطالبات اللاتي يفكرن في دراسة الصحافة ولأرشدهن حول هذا الموضوع وأريهن طريقة العمل لدينا !


كنت أكره هذا النوع من الأعمال فهو لا يناسبني إطلاقاً ! سرت معهن في أرجاء المكان وأنا أحدثهن عن فكرة العمل في الصحافة و غيره
بعدها بساعة تقريباً جلسنا في صالة الاستراحة وأنا أجيب على أسئلتهن برحابة صدر ظاهرة لكن من داخلي أفكر (متى أنتهي من هذا!!)..
عندما حان وقت المغادرة وقفت مرشدتهن تجمع أسمائهن والتقارير التي أعدتها كل طالبة ، كنت قد استدرت وابتعدت بمسافة قليلة لأشرب كوباً من الماء إلى أن وصل لمسامعي اسمٌ جعلني ألتفت بحدة نحوهن !


لم ألتقط اسم الفتاة فقد كنت سارحاً لكن سمعت اسم الأب بكل وضوح [صلاح إسماعيل ].. ! إنه اسم الدكتور !!
بقيت أفكر في طريقة لمحاولة التحدث معها وأخذ كل المعلومات عن أخيها و والدتها، تقدمت نحو المرشدة التي كانت تمسك بالتقارير بيد وتستقبل تقرير ابنة الدكتور في يد أخرى..


حسناً، ماذا أفعل، ها هي ابنة الدكتور أمامي، تفكر في دراسة الصحافة [يا لها من مصادفة ]، أذكر من المستندات أنها كانت تبلغ السادسة عشر وقتها، إذن فهي في الثامنة عشر من عمرها الآن !


ألقيت بنظري في ورقة التقرير محاولاً قراءة الاسم ( عمل الصحافة يعلّم الدناءة ! ) لكني لم أفعل هذا إلا لأتأكد من أنها ابنة الدكتور التي يبدأ اسمها بحرف (A) ! وصلت إلى نهاية الورقة و .. ها هو ! ( .. آيا صلاح إسماعيل.. )، آيا، Aya، وأخيراً وجدت خيطاً مهماً جداً !!


طلبت التقرير من المرشدة وتصنعت أني كنت أقرأه ثم قلت:
" عفواً ، لكن هناك بعض الأخطاء المذكورة هنا " ..
شعرت أني أحمق بعض الشيء لكن أعرف أن ما قمت به كان لإعطاء دفعة أمامية للقضية !


تقدمت ابنة الدكتور وعلى وجهها علامات الاستفهام ، وشرحت لها أن هناك نقاط غير صحيحة وأنه يمكنها الاستعانة ببعض المصادر المفيدة في مخزن المكتبة لدينا ، وافقت بكل بساطة على القدوم و تقدمت ثلاث طالبات أخريات معها بينما بقيت المرشدة مع الأخريات في الاستراحة .


قمت بشرح الكثير من الأمور لهن وساعدتهن لتعديل تقاريرهن وأعطيتهن بعض المصادر والكتب التي تفيد ما يبحثن عنه ، تركتهن يتجولن في المكان كما يشأن ووجدت فرصة للتحدث مع ابنة الدكتور حيث أنها بقيت جالسة تنهي التقرير ، لا أعلم لماذا أحسست أن فمي أغلق تماماً ولم أستطع التحدث عن الموضوع .. ( أعتقد أن هذا طبيعي )! ...
فقط اكتفيت بعبارة " أتمنى لكِ التوفيق في دراستكِ وأن نراك هنا يوماً ما صحفية ناجحة “، فابتسمت للتشجيع وشكرتني على ذلك.


هذا كل شيء ! أعرف أني أضعت فرصة كبيرة لكن على الأقل أعرف أين هي الآن وماذا تفعل، سأحاول أخذ المزيد من المعلومات عنها يوماً ما.


* الأربعاء، 13 سبتمبر 2006
وإضافات: الجمعة، تاريخ 20 ابريل 2007 / الخميس، 26 يوليو 2007


مرّت فترة طويلة لم أكتب بها عن قضية الدكتور ! وها أنا ذا أفرغ بكل ما في جعبتي . [ حصيلة أشهر متواصلة ] .


ابنة الدكتور الآن تدرس في كلية الإعلام القريبة منا (يمكن القول أنه كان لي يد في ذلك ! بقيت على اتصال مع مرشدتها وأقنعتها بطرقي الخاصة أن تسجل مجموعة الطالبات تلك في هذه الكلية ! )، و هي تأتي لزيارة مقر صحيفتنا بين حين وآخر مع زميلاتها للاستفادة من الخبرات وكتابة البحوث وغيرها.


أصبح لدي العديد من الفرص للتحدث معها عن القضية وعرفت بعض الأمور الجيدة والغير جيدة لكن حتى الآن لم أطلعها على تفاصيل كثيرة أو مهمة جداً (أقصد ما يتعلق بالمظروف).


× عرفت أن اسم أخيها [ عمّار ] وليس أحمد وغيره !!! يا لذكائي ، وأنا كنت أبحث عمن يبدأ اسمه بحرف الألف ، لم انتبه إلى أن حرف العين يمكن أن يكون ( A) بالإنجليزية !
× عرفتْ ابنة الدكتور أني كنت طالباً لدى والدها في الجامعة وكنت مقرباً منه جداً، لكن لم أخبرها أني تركت الدراسة لأصبح جندياً !
× توفيت زوجة الدكتور قبل أربعة شهور بسبب مرض السرطان الذي كانت تعاني منه منذ عدة سنوات > أحزنني هذا الخبر كثيراً.
× لا تعرف أي خبر عن أخوها ، آخر مرة التقت به في سنة 2002 قبل مغادرتهم الشقة التي كانوا يعيشون بها وقد اضطروا لمغادرتها فوراً بعد شكوكهم أن هناك من يراقبهم ، أما عن أخيها فآخر ما كانت تعرفه أنه كان يعيش وحده أو مع زملائه في الدراسة وقد كان يواجه مشكلة لم يخبرهم بتفاصيلها وبعدها انقطعت أخباره ، لكنها متأكدة تماماً أنه كان موجوداً في يوم وفاة والدتهما .
× كان أخوها مولعاً بكل ما يتعلق بالهندسة المعمارية والفن منذ صغره .
× حزنتْ كثيراً عند سماعها حقيقة مقتل والدها، حاولت أن أخفف التفاصيل وألا أتطرق كثيراً بالموضوع.
× أدركت ابنة الدكتور أني أعرف الكثير عن والدها أو أني مهتم بالبحث عن معلومات تخص أسرتها وأخوها بالذات وبدأت تراودها الشكوك !
× أصبحت ابنة الدكتور تعينني في مهمتي وتحاول حل قضية والدها والبحث عن خفاياها، إضافة إلى البحث عن أخاها.
× وجدنا خيطاً عن [ عمّار ]، عمله مهندس معماري ولديه عدد من المشاريع المهمة والتي نالت شهرة سريعة.


لم يتبق الآن إلا أن أجد الوقت المناسب و اجمع كل ما لدي من معلومات و أُنظّم أوراقي ثم أذهب لزيارة ابن الدكتور أخيراً الذي قضيت ثمانية سنين وأنا أبحث عنه !


كيف سألقاه ؟ وماذا سأفعل بعدها ؟ وفيمَ أساعده ؟
ما هي القضية التي يريدنا أن نكملها عنه ؟
كان الله في عوني حقاً ..


نهاية صفحات المذكرات .
نهاية الفصل الأول .


http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg

**ReLeNa**
23-5-2009, 07:28 PM
*ملاحظة:
-الفصل ينقصه الترتيب والفواصل .. لكن بسبب بعض المشاكل مع اتصالي في الانترنت لا استطيع ذلك حالياً .. وان شاء الله اقوم بتعديلها لاحقاً ..
-المربعات الموجودة بجانب الحوارات بسبب نوع الخط الذي لا يناسب خطوط المنتدى .. سأقوم بتعديلها لاحقاً ايضاً .. !
- وقراءة ممتعة ان شاء الله :)



.. .. الفصل الثاني ..

الساعة: 9:30 ليلاً، اليوم: الخميس، التاريخ: 15 نوفمبر 2007
المكان: قاعة المعارض > صالة رقم 7 > معرض –مشروع "أرض السلام" الجديد-.


أسرع عمّار بخطاه داخلاً الصالة السابعة وهو يقوم بتعديل سترته وتمرير يده بين خصلات شعره بسرعة، ثم أخذ نفساً عميقاً وسار بين العديد من الزائرين الذين قدموا لمشاهدة عرض المشروع الجديد وهو يحيي بعضهم مستعجلاً..

بعدها اتجه نحو الرجال الواقفين أمام زجاجات العرض الرئيسية التي تحوي مجسمات عدة مبانٍ متجاورة ، انتبه أحدهم إلى قدوم الشاب الطويل النحيل ذي البذلة الأنيقة السوداء والشعر البني الكستنائي الداكن والعينان العسليتان فالتفت نحوه يستقبله بابتسامة عريضة :
- " عمّار، أيها المهندس العبقري الفذ ! أخيراً وصلت ؟ لمَ كل هذا التأخير في هذا اليوم المهم ؟! "
- " آسف جداً ، ديز ، لكن كان عليّ إنهاء عدة مخططات صغيرة ولم انتبه للوقت، وأنت تعرف كيف الزحام في الخارج ، المهم ، هل فاتني شيء ما ؟ "
- " للأسف نعم ، فقبل ربع ساعة انصرف الوفد الذي كنت تحلم بمقابلتهم وتعد خطاباً طويلاً لهم ، لكن لا تقلق فقد شرحت لهم تماماً كل ما كنتَ تردده في المكتب وتزعج رأسي به "

بدت علامات الخيبة على سيماء عمّار حيث تنهّد بأسى وأغلق عينيه لوهلة وقطب حاجبيه وتمتم ما بين نفسه " أوه لااا .. تباً ! " ..
ثم نظر إلى زميله والآخر يبتسم له بخبث ويستفزه أكثر بإعادة ما كان ينوي عمّار قوله للوفد..

كان المهندس ديزموند بعمر عمّار و كان مرحاً خفيف الدم متواضعاً ، وهو متوسط الطول ، أشقر الشعر و عيناه زرقاوان داكنتان ، لديه شارب خفيف ، يشوب لون بشرته بعض السمار الخفيف من أثر حرارة المدينة التي بقي فيها أكثر من 6 سنين ، وكان يرتدي قميصاً عملياً أبيض بخطوط زرقاء و بنطال جينز عملي فهذا ما اعتاد على ارتدائه ولا يحب الثياب الرسمية !

وضع المهندس ديزموند يده على كتف عمّار واستأنف حديثه مشيراً إلى الرجال الواقفين أمام المجسمات :
- " أنصحك بالذهاب إليهم فبعضهم كان ينتظر مقابلتك يا صاح ، خصوصاً ذلك الشاب الصارم الأشعث الشعر ذو البذلة الزرقاء الذي يقف بجانب السمين ، يبدو أنه يعرف صاحب المشروع الذي طلب منا عمل هذا "الصداع" ؛يقصد المشروع؛وأعتقد أنه يريدك في موضوع ما ، لكن لحظة انتظر ... ! عدني أنك ستُشركني في العمل معك إن عرضوا عليك مشروعاً جديداً !"

ابتسم عمّار لطرافة زميله وقال وهو يبعد يده عن كتفه :
- " وكيف أستغني عن مهاراتك وأفكارك الغريبة ؟ بالتأكيد أنت معي منذ تخرّجنا وبدأنا العمل . "
- " معاً منذ البداية وحتى النهاية.. هه ؟ .. أمازلت تذكرها ؟ "
التفت عمّار وهو يسير نحو الرجال قائلاً بابتسامة هادئة:
- " وكيف أنساها ؟ "

وقف ديزموند يراقب عمّار عن بعد عندما وصل إلى مكان وقوف الرجال أمام عارضة المشروع وهو يحييهم ويناقشهم عن العمل ويجيب على أسئلتهم بكل رحابة وهم يدورون معه حول مجسم المشروع المميز ، ثم شاهد الشاب الذي ذكره مسبقاً يتقدم نحو عمّار ويتحدث إليه بكل رسمية ورأى علامات الاستغراب و التحّير على وجه عمّار ثم استدارا وسارا نحو باب الخروج الفرعي .

-" يبدو إن عمّار في مأزق أو على أبواب عمل جديد صعب ، هذا ما أعتقد من علامات وجههما ، ذلك الشاب الجاد لا أرتاح له ، يبدو وكأنه في مهمة رسمية خطيرة ، هه ، كم أحب تحليل الشخصيات وأن أسرح في خيالي الواسع " .

ابتسم ديزموند وعاد يتابع الحوار مع الرجال ومع الزوار المهتمين برؤية مشروع ؛أرض السلام؛ وبقي لأكثر من ساعة ونصف حتى انتبه أن عمّار قضى وقتاً طويلاً في الخارج ولم يعد حتى الآن .

وقف عمّار بعد إغلاقه الباب خلفه وهو يراقب الشاب أمامه بتفكّر..

كان الشاب يكبره بعدة أعوام و أقصر منه بعدة سنتيمترات ، أشعث الشعر ويميل لونه إلى البنّي، ذو عينين خضراوين تميلان إلى الزرقة ، وبشرة حنطاوية فاتحة، وملامحه جدية بشكل غير مألوف !

أعاد عمّار ما قاله الشاب قبل قليل في رأسه..
" اسمه حازم وهو صيدليّ يعمل في مختبرات الرحاب الطبية المشهورة من مختبرات متعددة المجالات، ما الذي جاء به إليّ ؟ آه صحيح، قد يودون افتتاح بعض مراكزهم في مشروع أرض السلام.. " ..

قطع الشاب حبل أفكار عمّار وقال له بحدة :
- "إنسَ ما قلته قبل قليل عن المشاريع السخيفة.......... أين هو ؟ "

بقي عمّار ينظر إلى الشاب بضع دقائق وعلامات الاستفهام تملأ رأسه ثم قال بهدوء :
- " .. عفواً .. سيد حازم، لم أفهمك، هلاّ وضحّتَ سؤالك بالضبط ؟ "
- " كفّ عن التحذلق والتمثيل يا عمّار، أنت تعرف تماماً ما أريده وأعلم أنه بحوزتك، فكن مهذباً كما هي عادتك وسلمّه لي بكل هدوء ."

كاد عمّار يسأله "هل تعرفني جيداً ؟" لكنه تذكر إن اسمه مكتوب على جميع أعماله التي تعرض وقد يكون قرأ عنه من قبل..

حاول عمّار التفكير بسرعة فيما يقوله لهذا الشخص العنيد أمامه وحاول أن يكون الهدوء سيد الموقف
" حسناً ، حسناً .. عليّ أن أبقى هادئاً .... الزم الهدوء يا عمّار وخذ نفساً عميقاً قبل التناقش معه " .... ، عاد يسأله:
- " هل لي أن أعرف من تكون بالضبط وقد أعرف بعدها عما تريده مني ؟ "

ضحك الشاب ضحكة استهزاء قصيرة ثم اقترب قليلاً من جهة عمّار وهو يقول له :
- "لا تجعلني أفقد أعصابي ولا تجب على سؤالي بسؤال آخر "

استاء عمّار من طريقة محادثة حازم فقال له :
- " لا داعي لأن تفقد أعصابك يا سيد حازم وأنا لم أجب على سؤالك بسؤال آخر إلا لأني لم أفهم ما تريده وأنت لا توضح حديثك لي !"
-" إنه الإنذار الأخير لك يا عمّار ، نحن على علم تام أن الملف المهم جداً الذي فقدناه قبل ثماني سنين قد وصل إليك من طرف أعوان الخائن العجوز المتوفى ، لذلك إما أن تسلمه لي الآن أو أنك لن تسلم مني " .

زادت علامات الاستفهام في رأس عمّار وبدا حائر الفكر لا يعلم ماذا يقصد هذا الشخص ،لكنه يعلم تماماً إن لم يجب على سؤاله الآن فمن الواضح أنه لن يغادر المكان سالماً ، خطى عمّار عدة خطوات إلى الخلف ثم توقف وقال بهدوء :
-" أنا واثق أنك أخطأت بالشخص يا سيد حازم ، لأنني لا أعرف ما هو الملف الذي تقصده ولا ما حدث قبل ثمان سنين و لا أعرف أي شخص تقصد ، أتمنى لك التوفيق في إيجاد من تبحث عنه " .

ثم التفت عائداً إلى الداخل ولم يكمل الخطوة الثالثة إلا وأحس بحركة سريعة خلفه فأحنى رأسه ورمى نفسه إلى الأمام والتفت ينظر إلى حازم الذي بدا أنه فقد صبره فعلاً وبدأ بالهجوم عليه.
عاد حازم يوجه ضربته على عمّار الذي كان يحاول التصدي له ، " يا إلهي ! ماذا يريد مني هذا ، هل فقد عقله !!؟"

كرر حازم الهجمات مرات وكرّات على عمّار الذي يتصدى له بصعوبة، كان واضحاً أن حازم قوي ويعرف القتال جيداً بينما عمّار لا يجيد إلا التصدي والمراوغة ومحاولة الابتعاد عنه !

رفع حازم قبضته بقوة محاولاً ضرب عمّار بها إلا أنه استوقفه اهتزاز جيبه فتوقف غاضباً مستاءً من ذلك، ورفع جهاز الإنصات الرفيع سريعاً ووضعه على أُذنه وقال صارخاً:
- " هل تعتقد أنّه الوقت المناسب للاتصال الآن ! ألا ترى أنّي مشغول ؟! "

جلس عمّار يتلقط أنفاسه المتسارعة وهو يراقب حازم الذي يحاول الابتعاد قليلاً ، ظلّ ينصت له بدقة وعقله يدور بسرعة " (تَرى) ؟ .. لابد أن له أعواناً يراقبوننا الآن ! يا إلهي، ما هذا المأزق الذي أنا فيه "..

قطع حبل أفكار عمّار صوت حازم وهو يصرخ حانقاً " تباً، تباً ! " ثم التفت ينظر إلى عمّار نظرة حقد وقال له :
- " لنا لقاء آخر يا عمّار،و أنا انتظره بفارغ الصبر " .

وأسرع يجري مبتعداً حتى غاب عن أنظار عمّار الذي وقف ينظر إلى خياله بصمت ودهشة وفكر مضطرب ..
ثم التفت مرتاعاً عند سماعه صوت الباب الخلفي يُفتح ، لكن سرعان ما هدأ روعه عندما رأى رأس ديزموند يطل من وراء الباب والآخر يلتفت بدهشة ويتقدم صوب عمّار ويمطره بسيل من الأسئلة عما جرى وما الذي أخرّه وما سبب تغيّر مظهره واتساخه لكن عمّار اكتفى بهزّ رأسه وقال :
- " أرجوك يا ديزموند دعني أهدأ الآن وأسترجع ما حدث لأني لا أعلم إن كنت في حلم أم علم وسأخبرك به لاحقاً ، وأرجو أن تأخذ مكاني اليوم وتستمر بمتابعة المعرض في الداخل ، أنا عائد إلى المنزل لأرتاح .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

أمسك عمّار بهاتفه الملقى بجانب رأسه وهو ينظر إليه بعين نصف مغلقة لكن سرعان ما فتحها على آخرها و نهض من سريره فزعاً عند استيعابه الأمر ورؤيته الساعة فقد كانت تشير إلى التاسعة والنصف صباحاً غير أن هناك 13 اتصالاً جديداً ، 7 من ديزموند والبقية من معارفه المختلفين .
-" يا إلهي ! لقد تأخرت كثيــــــــراً !!! "

توقف عمّار للحظات ممسكاً برأسه بعد قيامه المفاجئ من السرير وهو يئنّ قليلاً ، فما زال الصداع يلازم رأسه من أثر حادثة البارحة ، وكان يشعر بثقل في رأسه وعينه ، كما أنه لم ينل قسطاً كافياً من النوم فقد كان يفكّر كثيراً فيما جرى .

تحرك مسرعاً نحو الحمام واستحم بسرعة ليخفف من صداع رأسه ثم أسرع يرتدي ثيابه ويجمع حاجياته وبينما هو كذلك إذ علا رنين هاتفه طويلاً وهو لا يجيب فكان وقتها يتمتم قائلاً
" انتظر قليلاً ، قليلاً فقط .. ليس الآن يا ديز. ،آآه أكاد أفقد صبري" ..

ثم هرع إليه وقبل أن يفتح فمه مجيباً أتاه صوت ديزموند صارخاً :
-" وأخيراً قررت الإجابة على الهاتف !! أتعلم أني حسبتك ميتاً بعدما جرى البارحة ؟! أين كنت طوال هذا الوقت ولمَ لم تجب على اتصالاتي ؟! ولمَ لم تتصل بي ليلة البارحة وأنا كنت انتظرك بفارغ الصبر ؟! ولا تحسب نفسك في عطلة ! ألا تعلم أن المكتب في قمة الفوضى بعد تجهيزاتنا للمعرض ؟! ولا تنسَ أن علينا الذهاب مرة أخرى لمعرض -أرض السلام- فهو سيستمر لأربعة أيام أخرى ! هل جهزّت نفسك لذلك أم لا ؟! "

-"ديزموند ! ديزموند ، اسمعني !! أنا آسف جداً جداً، استيقظت متأخراً ، أقصد لم استيقظ إلا قبل أقل من ثلث ساعة وكنت أجمع حاجياتي قبل ثوان ، وهل تظنني مسروراً لتأخري ؟! بالله عليك لو كنت في مكاني ماذا كنت ستفعل لو كنت عائداً من شجار مفاجئ وصداع قوي يلازم الرأس طوال الليل !!؟ -يا إلهي أين المفاتيح ؟! - بالمناسبة ،، آسف لجعلك تقلق عليّ البارحة ! ها أنا ذا قادم إليك .. أعدك أني لن أتأخر أكثر ، إلى اللقاء .

-" ...................... " ،، " آآه عمّار ، سأجعلك تعمل ضعف أعمالك عقاباً لك ! ، كيف تجرؤ على إغلاق الهاتف في وجهي ! .. يا إلهي ! "

وصل عمّار بعد ربع ساعة إلى المكتب القابع في الدور الحادي عشر من مبنى 3 الذي يتوسط مباني جمعية المهندسين المعماريين السبعة وفتح الباب عنوةً بحيث أسقط ديزموند الملفات التي كان يحملها مرعوباً والتفت نحو الباب ليشاهد عمّار وهو يلهث من الجري رامياً ما بيده على الأرض ملقياً بنفسه على الكنبة الزرقاء الطويلة الموضوعة على شمال المكتب .

وقف ديزموند يراقب عمّار للحظات وهو يفكّر أن يعلّق عليه ساخراً لكن تذكر أن صاحبه مشغول البال بحادثة أمس فأمسك نفسه عن ذلك وبقي صامتاً ..

كان عمّار مختلفاً عن البارحة فقد كان متألقاً ليلة الأمس ببذلة رسمية ، أما اليوم فهو يرتدي قميصاً أبيضاً بكتابات ملونة و بنطالاً وحذاءان أسودان عمليان .

كان المكتب واسعاً وشرحاً حوائطه مطلية باللون السماوي المعتّق تملئه اللوحات الفنية والهندسية وأرضيته من السيراميك الفاتح ، والمكتب ذو نوافذ كبيرة واسعة تمتد من الجهة الشمالية وحتى الجهة المقابلة للباب ، و نرى أمام النوافذ -الجهة الأمامية- مكتبان رسميان مجاوران لبعضهما تعلوهما الأوراق والملفات المفتوحة وعلى كلٍ منهما جهاز حاسوب محمول ويتوسط المكتبان مكتب صغير لآلات الطابعة والتصوير وغيرها ..
وهناك مكتبان آخران عمليان -الجهة اليمنى - تغطيهما أدوات الرسم والتصميم والعديد من الأوراق الكبيرة المبعثرة وخلفهما خزانات كبيرة عالية ممتدة من السقف إلى الأرض بعضها مكشوف وبعضٌ بزجاج مغيّم والآخر محجوب بأبواب خشبية طبيعية داكنة اللون ،وفي الجهة المجاورة للباب -شمال-نرى عارضات زجاجية تحوي مجسمات (واضح أن عمّار وزميله هما من صنعها!) و جوائز وشهادات وصور كثيرة تعود لديزموند وعمّار مع معارفهم .
و أمام العارضة –مقابل النوافذ الشمالية-كنبات زرقاء طويلة مريحة عملية -يستلقي على أحدها عمّار - وأمام الكنبات طاولات تقديم صغيرة ، أما في الجهة اليمنى المجاورة للباب فنرى طاولة تحضير طعام عليها أكواب وكؤوس وبعض الوجبات الخفيفة كالكعك والبسكويت والفطائر الصغيرة -ضرورية في فترات الراحة القصيرة المستقطعة من العمل!-> كم أحب هذه التفاصيل الصغيرة اللذيذة !

حمل ديزموند ما ألقاه أرضاً ووضعه على طاولة العمل -التي كانت تبدو وكأنها ستصرخ مستنجدة من الفوضى العارمة فوقها لولا أن الجماد لا يتكلم !-وذهب يجلس أمام عمّار الذي بدأ يسترجع أنفاسه ومازال مستلقياً واضعاً يده على جبهته ، بدأ ديزموند حديثه قائلاً :
-" أتعلم أني أتطلع شوقاً لسماعك ؟ لقد أقلقتني كثيراً يا عمّار ، بقيت أفكر بك البارحة ولم أكن طبيعياً -كما قيل لي في المعرض- ! .... هل أنت بخير ؟؟ هل هناك من يزعجك ؟؟ لا تقل لي أنك سببت مشكلة والآن لك أعداء يتمنون قتلك ! "
- "على مهلك يا صاح، لا تغرقني بالأسئلة هكذا ! فمازلت أفكر في ذلك وعلمي علمك فلا أعرف ماذا يجري " .

ثم نهض واتجه ببطء نحو مكتبه يزيل بعض الأوراق ويرتب البعض الآخر ويرمي أوراقاً أخرى وباله في عالم آخر ، ثم أردف متمتماً :
-" أعتقد أن لقضية والدي ضلعاً في ما جرى البارحة " .

التفت ديزموند إليه بينما كان يقوم بترتيب المكان أيضاً واستفسر قائلاً :
-"هه ؟ والدك ؟؟ .. آه صحيح ، على ما أذكر أنك قلت أن والدك توفي بحادث مفاجئ بينما كان في عمله قبل ثماني سنين ، أليس كذلك ؟ "
صمت عمّار وسرح بفكره قليلاً وهو يقلّب الأوراق أمامه وقبل أن يجيب على سؤال ديزموند علا صوت هاتفه بالرنين فترك الأوراق على مكتبه وسار نحو النافذة متأملاً وهو يجيب على المتصل :
-" وعليكم السلام ، أهلاً سيد مراد ،..... ، أرجو أن تعذرني فقد كنت منشغلاً ولم أنتبه له ، ....... ، نعم مازال المعرض قائماً وسيستمر لأربعة أيام أخرى ، ..... ، شكراً جزيلاً لك هذا من دواعي سروري ، ..... ، يمكنك التحدث عن هذا مع السيد حسام و السيد جليل فلهما خبرة أكثر مني في هذا المجال ، ...... ، نعم بالتأكيد ، هذا ممكن ، يمكنك القدوم إلى المعرض ليلاً وسنتناقش في ذلك لاحقاً إن شاء الله ، ......... ، لا شكر على واجب يا سيد مراد ، ...... ، نعم .... نعم .... ربما التاسعة ليلاً ، ...... ، نراك لاحقاً ، .. إلى اللقاء . " .

أغلق عمّار هاتفه متنهداً ورماه جانباً على المكتب ثم اتجه نحو طاولة الطعام يعد كوباً من القهوة له ويتناول شيئاً من الكعك فالوقت لم يسمح له بتناول فطوره في المنزل ! ثم عاد لترتيب المكان مع ديزموند والآخر يسأله :
-" سيد مراد ، صاحب شركة العقارات التجارية تلك ؟ ... هل هو عمل آخر ؟؟ "

-"نعم ، يريد العمل على مشروع سوق تجاري صغير في إحدى الأراضي التي اشتراها مؤخراً " .

ثم تنهد مردفاً وهو ينهي تناول قطعة كعك صغيرة :
-" لم ننتهِ من مشروع أرض السلام إلا الأمس وها قد جاءنا مشروع جديد من دون إجازة ! أعتقد أني سأطلب منه تأجيل ذلك لما بعد أسبوعين حتى نهنأ براحة واستجمام "

علّق ديزموند ساخراً :
-" جزاء من يغلق الهاتف في وجه ديزموند !"

فرمقه عمّار بنظرة ثاقبة جعلت الآخر يسترسل ضاحكاً كمن قال " أضحكتني والقلبُ متألمُ!" .

مرّت حوالي قرابة 6 ساعات أنهى فيها عمّار وزميله ديزموند ترتيب المكان وإنهاء بعض الأعمال الصغيرة -كرسم مخططات وطباعة تقارير عمل و إجراء مكالمات مهمة - ..

بعدها اقترح ديزموند على عمّار النزول إلى إحدى المطاعم القريبة منهم لتناول الغداء ولسماع ما حدث مع عمّار فأومأ عمّار موافقاً على ذلك .

رمى ديزموند بحقيبته على الطاولة ثم رمى بنفسه على المقعد المقابل لها والمجاور للنافذة في مطعم "أس تي –Secret Taste" حتى يحظى بمنظر خلاّب فقد كان المطعم يطل على حديقة عامة كبيرة تتوسطها بحيرة صغيرة بها نافورة هادئة وبجانب المطعم سوق مركزي صغير . كان الجو جميلاً اليوم فالغيوم تملأ السماء الزرقاء والنسيم بارد خفيف . جلس عمّار مقابل ديزموند محدقّاً في السماء وهو سارح بأفكاره فقطعها عليه ديزموند قائلاً :
-" ألا ترى أني متسامح معك كثيراً ؟ "

فالتفت إليه عمّار قائلاً بعدما فهم مقصده:
-" وماذا تريدني أن أقول ؟ ... كما رأيت، طلب مني ذلك المعتوه أن أرافقه للخارج ثم بقي يطلب مني شيئاً لا أعرفه بعدها بدأ بالهجوم عليّ، هذا كل شيء، لا أعرف ماذا يريد لكنني أشك بأنه أخطئني بشخص آخر "
-" إذن ما علاقة والدك كما قلت اليوم ؟ "

لم يكن يريد عمّار أن يتعمق بتفاصيل الحادثة وقضية والده مع ديزموند ، مع أنه زميله في العمل وصاحبه الوفي لكنه لا يحب إخباره بتفاصيل كثيرة فحاول قدر استطاعته أن يزيل قلق زميله ويسد سيل أسئلته وشكوكه ، فأجاب قائلاً بابتسامته الهادئة المعهودة :
-" لست متأكداً ، كانت مجرد شكوك ، لا تقلق يا ديز ، فكما قلت لك ربما يكون حسبني شخصاً آخر ، لن أفكر في هذا الموضوع أكثر فلدينا ما هو أهم منه بكثير ، دعنا نتناول طعامنا الآن ونرى ما سنقوم به الليلة في المعرض " .

كان هذا كافياً لإرضاء ديزموند فالآخر كان منشغلاً أيضاً بالتفكير في معرض الليلة فقرر عدم توجيه أسئلة أخرى عن الحادثة وأسرع يغيّر الجو بمرحه المعتاد وأمسك بقائمة الطعام و نادى على النادلة يطلب وجبته المفضلة التي يحب تناولها دائماً ، ساندويتش اللحم المشوي المتبل مع الصلصة الحارة ، بينما اكتفى عمّار بتناول بيتزا صغيرة فلم تكن شهيته مفتوحة للطعام .

بعد ساعة تقريباً خرج عمّار و ديزموند من المطعم وهما يسيران في الحديقة ويحمل كلٌ منهما ملفاً يتصفحانه ليراجعا ما عليهما شرحه في المعرض ، بعدها أعاد ديزموند ملفه إلى حقيبته وأمسك بصحيفة اليوم يقلبها قارئاً بغير اهتمام ثم قال :
-" توفي أستاذ جامعي قبل يومين بمرض مفاجئ يرفض التصريح عنه ويضاف إلى الضحايا المشهورين الخمس الذين ماتوا خلال الشهرين الماضيين ، له علاقات مهمة مع الكثير من المحامين المشهورين وعلى الأخص المحامي الذي مات الشهر الماضي بسبب حادث سيارة ! يا للحوادث الكثيرة التي تحدث هذه الأيام ! ".

ثم استأنف حديثه قائلاً :
- " سمعتُ إشاعة تقول إنه لم يكن على علاقة جيدة مع الكثيرين وكان يعرف أموراً لم يكن يتوجب عليه أن يعرفها ! لدي فضول في معرفة ذلك حقاً "

فقال عمّار مضيفاً:
-"الأمر يدعو للشك فعلاً ، هناك ما يحدث خفية و أشعر أن أعين الجميع محجوبة عن الحقيقة ، أغلب أسباب الوفيات كانت بسبب حوادث عرضية أو مرض مجهول ، أعتقد أن ... "

ثم أمسك عن الحديث فجأة وبقي يفكر عدة دقائق ثم غيّر ما كان ينوي قوله وأردف مكملاً :
-" أعتقد أنها جرائم قتل مدبّرة " .

~~~~~~~~

نهاية الفصل الثاني ..

**ReLeNa**
9-7-2009, 05:33 PM
الفصــــــــــــــل الثالــــــــــــــــــــــــث



http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg



الساعة: 8:30 ليلاً، اليوم: الجمعة ، التاريخ : 16 نوفمبر 2007
المكان: خارج معرض –مشروع "أرض السلام" الجديد-.




رفع عمّار يده لينظر إلى الساعة عندما نزل من سيارة ديزموند -جيب لكزس -والآخر يقوم بترتيب قميصه الرسمي فقد قرر اليوم أن يتنازل قليلاً ويرتدي شيئاً رسمياً !


بعدها دخلا إلى المعرض ثم التفتا يسيران متجهين نحو الصالة السابعة ، ألقى عمّار نظرة تفحّص على المكان فلم يكن الوقت يدركه لذلك ليلة الأمس ..
كان المعرض ضخماً وراقياً فعلاً ، تزيّن جدران ممراته لوحات رائعة ذات براويز ذهبية مزخرفة عريضة والأرض من الرخام الفاتح يتوسطه سجاد أحمر ثقيل يؤدي إلى كل صالة من صالاته ، والسقف العالي ذو الزخارف المميزة والمصابيح الضخمة المزينة بالكريستال .


لم يمضِ على دخول عمّار و ديزموند إلى الصالة ربع ساعة فقط إلا واجتمع عليهما حشد من الضيوف والزوار والمعارف يمطرانهما بوابل من الأسئلة والأحاديث المختلفة وهما يحاولان إيجاد طريقة لفك هذا الحشد المخيف من حولهما !


لكن لم يطل الأمر كثيراً فقد تقدم نحوهما رجلان وطلبا منهما مرافقتهما بحجة مناقشة أمر ضروري وبعدما ابتعدا مسافة بضعة أمتار تنفس ديزموند الصعداء قائلاً وهو يرتّب شعره وثيابه :
- " وااو ، لم يتركوا لنا فرصة أبداً ! يا لهؤلاء البشر العجيبين ! شكراً لكمامهندس سمير و مهندس وليد للإنقاذ ! "
ابتسم المهندس سمير وقال مازحاً:
-"لا شكر على واجب، لكن أنت الآن مدين لنا بواحدة ! "
ثم قال المهندس وليد بسرعة مغيراً الموضوع :
-" هيا بنا فقد تأخرتما كثيراً، الجميع بانتظاركما لسماع كلمة منكما بمناسبة مشروعكما "


تنهد ديزموند قائلاً :
-"كعادتك جاد كثيراً يا مهندس وليد، ألا يمكننا تلطيف الجو قليلاً فهو مضطرب خصوصاً عند اقتراب موعد إلقاء الكلمة "


عندها قطع حوارهما صوت رنين هاتف عمّار الذي حمله مسرعاً واعتذر مبتعداً قليلاً ثم رفعه مجيباً:
-" وعليكم السلام أهلاً سيد مراد ، .... ، نعم الآن أنا في المعرض وسنبدأ بعد قليل الكلمة، متى ستصل إلى هنا ؟
... ، حقاً ؟ يا للأسف ، ... ، حسناً لا بأس ، أقدّر لك وضعك يمكنك القدوم إلى المكتب متى ما وجدت الوقت المناسب ، .... ، لا شكر على واجب ، ... ، حسناً ، نراك فيما بعد ، إلى اللقاء . "


أغلق عمّار جهاز هاتفه مبتسماً فقد كان يفكر في تأجيل موعده مع السيد مراد وها هو السيد مراد يعتذر بسبب مشاغله !
ثم همّ بوضع الهاتف في جيبه لكنه عاد للرنين مرة أخرى فنظر عمّار إلى الشاشة وإذا به رقم غريب لكنه أسرع بالإجابة قائلاً:
- " نعم ؟ "


مرّت دقيقة كاملة لم يجب فيها أحد فعاود عمّار ما قاله بصوت أعلى وانتظر دقيقة أخرى حتى أتاه صوت عميق لرجل يبدو كبيراً في السن يقول بكل هدوء:
-" هل أنت المهندس عمّار صلاح إسماعيل ، المهندس لمشروع -أرض السلام-؟ "
-" نعم، أنا هو . عفواً من معي ؟ "
-" هل والدك هو الدكتور صلاح الذي كان يدرّس في جامعة الإتحاد ؟ "


دار عقل عمّار مفكراً لبضع ثوانٍ ثم أجاب بتردد :
-" نعم "
-" أوه يا عمّار ، تغير صوتك كثيراً وأصبحت شاباً يافعاً ومشهوراً أيضاً، يا لنجاحك يا عمّار. لو كان والدك بقي على قيد الحياة لكان فخوراً بك حقاً، وكذلك والدتك " .


تغيرت ملامح عمّار فوراً وقال بحزم :
-" هل لي أن أعرف من تكون ؟ وماذا تريد مني ؟ "
-" لا شيء، لا شيء فعلاً سوى سماع صوتك والتأكد من أنك ما زلت على قيد الحياة فمن يعرف ماذا يحدث لنا اليوم أو في الغد ، كنت أود زيارتك حقاً لكنني و للأسف مرتبط بظروف خاصة جداً ولا يمكنني ذلك ، لكن سأقوم بتكليف رجل ممن أثق بهم لينوب عني ، أتمنى أن تحسن ضيافته يا عمّارفهو ضيف من نوع خاص جداً .


وقبل أن يفتح عمّار فمه قام الرجل بإنهاء المكالمة وإغلاق الهاتف في وجهه ، و عمّار ينظر إلى الهاتف بحيرة وهو يفكّر كثيراً في ما قاله الرجل .
" من يكون يا ترى ؟ هل هو صديق أم عدو ؟ وماذا يقصد بالضيف الخاص جداً ؟ لم يقل حتى متى سيأتي لزيارتي ! يبدو أنه يعرفني جيداً ، تباً ! هذا ليس الوقت ولا المكان المناسب أبداً ، لا أستطيع التفكير في هذا الآن " ..


ثم هز رأسه وقرر تركيز فكره في وضعه الحالي وتأجيل التفكير في المحادثة الغريبة لاحقاً .


كان ديزموند يقف قرب الباب المؤدي للصالة السابعة حيث يقام معرض -أرض السلام- منتظراً عمّار الذي كان في طريقه سائراً إليه فاستقبله ديزموند معاتباً على التأخير واكتفى عمّار بالاعتذار ثم دلفا إلى الصالة معاً .


في طرف الصالة المجاور للمجسمات المعروضة كان هناك منصة متوسطة عُلّق خلفها لوحة إعلانية كبيرة تعلن عن المشروع وعن موعد الكلمة المقرر ألقاؤها بعد قليل و أمام المنصة عدد من الكراسي للمدعوين والزائرين المهتمين بالاطلاع على المشروع ، وكان هناك رجل يقف أمام المنصة يتحدث إليهم ويعرّف لهم عن المشروع وصاحبه والعاملين عليه وفي أثناء ذلك كان عمّار يقف مستعداً للصعود في أي لحظة وبجانبه ديزموند الذي كان يهمس له قائلاً :
-" أما زلت تذكر الكلمة ؟ متأكد أنك لم تنسَ أي جملة منها ؟ هل أنت مضطرب ومتوتر ؟ "


فأجابه عمّار مبتسماً :
-"بالله عليك يا ديزموند ، هل تظن أنها المرة الأولى التي نلقي فيها كلمة كهذه ؟ لا تقلق فكل شيء بخير "


ثم تقدما نحو المنصة عندما سمعا الرجل يقدمهما إلى الحضور ويطلب صعودهما .
أمسك ديزموند بمكبر الصوت واسترسل في حديثه موضحاً فكرة العمل وهدفه وما إلى ذلك بينما عمّار يقف بجانبه ولم يكن يصغي له فقد كان مشغول البال بالنظر إلى شخصين غريبين يقفان قرب باب الصالة وقد كان أحدهما يتحدث بالهاتف بينما كان الآخر يبادل عمّار النظرات .


لم يطل عمّار التفكير في ذلك ولا النظر إليهما فقد كان في موقف صعب وعليه التركيز فيما يقوله فها هو ديزموند ينهي فقرته ويعطي مكبر الصوت لعمّار الذي أمسكه وبدأ فقرته مكملاً على ديزموند :
- " نود أن نشكر صاحب المشروع السيد عاصم كمال مدير محافظة السلام على فكرته الرائعة لتطوير محافظة السلام بهذا المشروع الضخم ونشكر له جهوده وكل ما بذله وقدّمه لنا والشكر موصول لجميع من عمل على بناء كل مبنى وطريق و زاوية من -أرض السلام الجديد-.


ثم أردف شارحاً :
-" يتميز مشروع -أرض السلام-بموقعه الواقع على أطراف محافظة السلام وقرب الشاطئ تماماً ، ويضم أكبر مستشفى ومختبرات في المنطقة كلها والتي تتميز بخدماتها التكنولوجية المتطورة جداً ، إضافة إلى جامعة طبية تقع في وسط الماء حيث تحوطها المياه من جميع جوانبها عدا الجهة الشمالية المتصلة مع المكتبة التي تتصل هي الأخرى بالمستشفى ذاته الواقع على الشاطئ مشكلين بذلك شبه حلقة مميزة . "


أنهى عمّار فقرته معيداً مكبر الصوت لديزموند الذي كان أنهى الكلمة كلها شاكراً الحضور على حسن استماعهم لهما متمنياً بأن يكونا قد خدما الوطن والبشرية بما قدماه وأن يُوفَّقا لما يرضي الله ويفيد الناس جميعاً .


أسرع عمّار بالنزول عن المنصة وهو يلتفت يميناً وشمالاً كمن يبحث عن شيء ما ، لكن لم يترك له المدعوين مجالاً لذلك فقد أحاطوا به وهم يمطرونه مرة أخرى بالعديد من الأسئلة والطلبات وغيرها ، ثم التفت نحو ديزموند متأملاً بأن يأتي ويساعده بالهرب من هذا المأزق لولا أن الآخر كان بنفس المأزق أيضاً ، فاستسلم عمّار لذلك وبقي لأكثر من ساعة ونصف يرد عليهم ويجيب على استفساراتهم وطلباتهم .


كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر ليلاً عندما كان عمّار يقف مع ديزموند جوار طاولات الطعام وهما يتناولان شيئاً ليسد جوعهما بعد كل ذلك الجهد والتعب ، ثم تذكر ديزموند موعد عمّار مع السيد مراد فسأله :
-" هل التقيت بالسيد مراد أم أنك نسيت موعدكما ؟ "
-"لا لم أنس ذلك ، اتصل بي قبل بدء الكلمة معتذراً عن القدوم لانشغاله ببعض الأمور "


تقدم ديزموند نحو عمّار قليلاً وهو يحدق في وجهه ثم قال بخبث :
-"أرى علامات الفرح مرسومة على وجهك يا صاح "


كاد عمّار يغص باللقمة الذي وضعها بفمه ، فأحمّر وجهه قليلاً ثم قال وهو يسعل:
-" لا ليس كذلك بالطبع !، فقط كنت أفكر في أخذ إجازة صغيرة من هذا المشروع وعدم قبول أي مشروع جديد حالياً "


فضحك ديزموند وقال :
-"نعم .. نعم، وما الفرق ؟ تفكر في أخذ إجازة واعتذار السيد مراد، يا لك من محتال يا صاحبي، هيا أخبرني ما الحيلة التي استخدمتها عليه حتى جعلته يعتذر بحجة انشغاله ؟ "


عندها رمقه عمّار بنظرة غريبة جعلت الآخر يضحك قائلاً :
- " لا بأس ! لا بأس ،كنت أمزح صدقني !! لا أريد الحصول على كدمة في عيني الآن ! "


فابتسم عمّار بهدوء وتمتم قائلاً وهو يقرب كوباً العصير من فمه :
-" وكأني أعرف القتال "
-"هييي ، لقد سمعتك ! ولا تتصنع البراءة ، من الذي كان يقاتل ذلك الغريب ليلة الأمس وجعله يهرب كالدجاج كما أنك لم تصب بأية جروح ؟! قلها وبكل فخر يا صاحبي ، أنت بطل ! "


التفت إليه عمّار وقد فتح عيناه من الدهشة وهو ينفي قول صاحبه بقوله:
-" مــــــــاذا ؟! من الذي أخبرك بكل هذا ؟! أنت لم ترَ شيئاً لذلك تقفز إلى الاستنتاج الخاطئ !! لا تجعل مني بطلاً من لا شيء ! "


ثم تنهد وقال بنبرة حزن خفيفة :
-" لم أستطع فعل شيء سوى التصدي له، كما هو المعتاد مني "
وأضاف في نفسه " لم أستطع حماية آيا ولا مساعدة والدتي وتركتها تموت وهي تصارع المرض وحدها ،والآن لا أعلم أين آيا أو إن كانت على قيد الحياة !يا لضعفي وفشلي "


قرأ ديزموند ملامح عمّار فعرف أن هناك ما يشغل باله ويكدّر عليه مزاجه فلم يتطفل بأسئلته بل اكتفى بالتربيت على كتفه مواسياً فانتبه عمّار إليه وعاد يبتسم له كأن لم يكن هناك ما يقلقه .





http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg




كانت الساعة قد قاربت على الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل عندما كان ديزموند يقف خارج سيارته وهو يتحدث مع عمّار قائلاً :
- " هل أنت متأكد ؟ "
- " نعم ، تماماً "
-" هيا لا تكن عنيداً ، إنها فرصتك الأخيرة ! ولا تجعلني أسحب طيبتي ! "
- " شكراً لك يا ديز ، لكني سأستقل القطار لأنني سأمر على السوق المركزي قبل عودتي للمنزل " .
-" لقد ضيعت فرصتك بنفسك، حسناً، لن أتناقش في هذا معك ، يا إلهي كم أنت عنيد ! "


فابتسم عمّار وقال :
-" لا تقلق ، سأكون بخير ، شكراً لك مرة أخرى " .
-" إياك والتأخر بالعودة ! بانتظارك غداً في المكتب " .


كان عمّار يخطو خارجاً فالتفت يقول :
-" أنا لست طفلاً !" .


ضحك ديزموند عالياً ولوّح إليه مودعاً وهو يقود سيارته إلى الخارج .


كان عمّار بحاجة إلى التفكير بجدية في أمور كثيرة تشغل باله هذه الأيام خصوصاً الاتصال الغريب الذي وصله والرجلين الغريبين.


" هناك ما يدور حولي فعلاً وأنا أجهله،ما قصة حازم وما هو الشيء الذي يريده ؟ من كان المتصل اليوم ومن هو الضيف الخاص هذا ؟ هل كان ذلك الرجل يبادلني النظرات فعلاً أم أني كنت أتوهم هذا ؟ ، كل هذا يضاف إلى قائمة الألغاز المحيطة بي والتي أغلبها متعلقٌ بوالدي ، ماذا كنت تفعل يا أبتاه وماذا يريد كل هؤلاء الآن ! يا إلهي "


نزل عمّار من القطار بعدما أنهى تسوقه القصير في السوق المركزي وهو عائد الآن إلى شقته .


كان يسير في الطريق المختصر الضيق الذي يحب أن يسلكه كل مرة لخلوه من المارة كما أنه أسرع من الطريق العام !
وقد كان لا يزال سارحاً بأفكاره التي لا تنتهي ولم يشعر بأن هناك 3 كانوا يراقبونه ويتبعونه بخفة إلا عندما لمح ظلاً سريعاً تحرك من بعيد خلفه لكنه لم يستدر بل أكمل مسيره وهو متيقظ تماماً ومستعد لأي حركة مفاجأة ..
ولم يطل الأمر كثيراً فقد انتبه إلى شيء ما مرّ قربه من الأعلى وبالتحديد من سطح المبنى المجاور له واستقر على الأرض محدثاً ثقباً واضحاً فأسرع ملتصقاً بالجدار مبتعداً عن مكان الثقب الذي بدا واضحاً أنه طلق ناري ولم يكن لديه مجال للتفكير فقد جاء طلق آخر استقر على الجدار بجانبه !
" تباً ! ها قد بدئوا ، لم أسمع صوت الإطلاق ، إذن فهو مسدس كاتم للصوت ! يا إلهي، واحد في الأعلى وواحد من الخلف ، كم عددهم ؟! هل هم حقاً اثنان فقط ؟! "


وبينما هو كذلك إذ رأى خيالاً يتحرك بسرعة من بداية الزقاق فأسرع يدخل من الباب الذي يقف خلفه ولم يحسب حساباً إلى أين يؤدي أصلاً !


وقف يحدّق حوله متعرفاً على المكان المظلم الذي هو به والذي يبدو إنه مخزن قديم،ثم رفع هاتفه محاولاً الاتصال بأي شخص لكن توقف عندما أحس بأصوات تأتي من الخارج فبقي يصغي بدقة لكل صوت و حركة وكان صوت دقات قلبه واضحاً في ذلك الهدوء المخيف الذي قُطع فجأة بصوت تحطم زجاج نافذة المخزن ودخول أحدهم منها وطلق ناري آخر على الباب ..


ظلّ عمّار مكانه متسمراً ممسكاً أنفاسه اللاهثة حتى لا يشعر به الغريب وما زال الهاتف في يده فأسرع يخفيه بخفة وهدوء في جيب سترته حتى لا يفضحه الضوء .


بقي الرجل يدور في المكان المظلم وهو يركل كل ما أمامه حتى وصل إلى حيث يقف عمّار لكن لم يره جيداً فانتهز عمّار الفرصة وباغته بضربة قوية على وجهه جعلت الرجل يترنح إلى الخلف ثم هوى ساقطاً وهو يئن من الألم وحاول الرجل الإمساك بقدم عمّار لكن الآخر قفز خارجاً من المخزن وبقي ملاصقاً للجدار عندما فاجأه طلق رصاص آخر استقر على الأرض وآخر كاد يصيب قدمه فأسرع يجري حتى وصل إلى الجهة الخلفية من مواقف السيارات التابع لمحل سكنه .


لم يكن يريد الدخول إليه لكنه كان محاصراً من قبل أولئك الرجال الذين كانوا يجرون مسرعين باتجاهه فلم يكن أمامه إلا القفز داخله مختبئاً بين السيارات .
جلس عمّار على الأرض يلتقط أنفاسه وهو يصغي لصوت خطوات الرجال الذين تفرقوا بهدوء للبحث عنه ثم سمع صوت خفيف واضح أنه إطلاق نار ، يبدو أنهم اعتقدوا أنهم نالوا منه ، كان أحدهم يقترب شيئاً فشيئاً من المكان الذي كان مختبئاً فيه حتى أصبح على بعد ثماني سيارات منه ، بقي يفكر سريعاً في طريقة للتخلص من هؤلاء الثلاثة ، لم يكن يود قتالهم هنا فربما يسمع الحرّاس الإزعاج وتزيد المشكلة ، و .... أووه ها قد وصل إليه الرجل الذي فتح فمه لينادي أصحابه لكن عمّار أسرع قافزاً إليه ممسكاً بفمه ، حاول الرجل التخلص من عمّار بتحريك يده التي تحمل المسدس بعشوائية فاضطر عمّار لضربه بقوة حتى أفقده الوعي ثم مدده خلف إحدى السيارات .


ماذا سيفعل الآن سيكتشف الآخران وجوده سريعاً بما أن صاحبهم قد اختفى وقد يكونان سمعا شيئاً !


وبدا أن شكوكه كانت في محلها إذ رأى خيال الرجلين يتحرك سريعاً من بعيد باتجاهه وقد جهّزا مسدساتهما استعداداً لقتله ، بقي أقل من 3 أمتار ويكون الرجلان قد نالا من عمّار لولا صوت الخطوات القادمة من الخارج والتي أوقفت الجميع عن الحركة فأسرع الرجلان بالاختباء خلف السيارات بينما بقي عمّار في مكانه مقطّب الحاجبين وهو يفكّر
" تباً ! هل جاء أعوانهم أيضاً ؟! لا مجال للهرب الآن ، ماذا أفعل يا إلهي ؟! حقاً إني في وضع أحسد عليه ! "



http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg


نهاية الفصل الثالث ..

**ReLeNa**
30-9-2009, 02:43 AM
الفصــــــــــــل الرابــــــــــــــــع


http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg





الساعة: 01:40 بعد منتصف الليل ، اليوم: السبت ، التاريخ : 17 نوفمبر 2007
المكان: مواقف السيارات التابع لمجمع [الأمواج] السكني .





بقي عمّار متسمراً في مكانه عندما سمع صوت طلقتي مسدس تتجهان نحو المخرج أو بالتحديد نحو صوت الخطوات الغريبة
" ماذا يجري ؟! هل يطلقون على أعوانهم ؟! أليس واحداً منهم ؟! إذن من يكون هذا الغريب ؟! "


بعدها أطّل برأسه من تحت السيارة ليرى ماذا يحدث فشاهد الغريب يرمي بنفسه خلف إحدى السيارات القريبة منه مختبئاً من طلقات الرجلين..


" هل هو صديق أم عدو ؟! "
انتبه الغريب على وجود عمّار على بُعد سيارتين منه فما زال الآخر مطلاً برأسه ..


أسرع الغريب بخفة يزحف تحت السيارات متجهاً صوب عمّار الذي عاد للخلف حتى اصطدم ظهره بالسيارة الأخرى ..


أخرج الغريب رأسه من تحت السيارة ولم يتمكن عمّار من التدقيق في وجهه جيداً بسبب الظلام ولم يكن الوقت يسعفه لذلك فقد التفت بحدة نحو الرجلان اللذين وصلا بسرعة ووقفا أمام عمّار والغريب وهما يصوبان باتجاههما ..


مرّت دقيقتين وصوت أنفاس الجميع متسارع والكل يحدّق بالآخر مترقباً مصيره حتى قطع أحد الرجلين هذا الصمت وقال :
- " أخيراً أمسكت بك يا عمّار ، لم أكن أتوقع أن تكون بهذا العناد والمقاومة " .


"هذا الصوت !؟ .. أعتقد أني سمعته في مكان ما ! الوجه غير واضح ، تباً من يكون هذا !؟ "
دار هذا في نفس عمّار ولم يعلّق بشيء بل آثر الصمت وظّل جالساً مقطّب الحاجبين وعقله يدور بسرعة ..


ثم وجّه الرجل حديثه نحو الغريب قائلاً :
-" ومن تكون أنت ؟ وما الذي جاء بك إلى هنا ؟ "


التفت عمّار ينظر إلى الغريب الذي بقي صامتاً أيضاً ثم فتح فمه ضاحكاً وكأنه مجنون والرجلان يحدّقان به بدهشة وغضب شديد أما عمّار فتح عينيه مندهشاً وهو يراقب الغريب يقف ببطء على قدميه والرجلان يوجهان المسدس عليه فقال :
-" أهكذا تعامل من لم تره منذ زمن ؟ تتصل بي فجأة ولا تنطق بكلمة واحدة والآن عندما آتي إليك أجدك في مأزق ؟ "


كاد عمّار يصرخ من الدهشة " يا إلهي !! إنّه ..يــا ـــ ... "
لكنه تماسك وبقي مفتوح العينين محدّقاً بالشاب الذي استأنف حديثه قائلاً للرجلين :
- " وماذا تريدان أنتما ؟ هل من الطبيعي أن تواجها عابر طريق عاديّ مثلي ؟ أم أن لديكما مشكلة مع هذا الشاب المسكين هنا ؟ "


كاد عمّار يقف على قدميه ويشبع هذا الشاب ضرباً على ما قاله لكنه قرر تأجيل ذلك فالوقت ليس مناسباً الآن !


فتح أحد الرجلين فمه صارخاً :
-" وما شأنك أنت إن كانت لدينا مشكلة مع هذا أم ذاك ؟! "


فأوقفه الرجل الآخر ويبدو أن صبره قد نفد فتقدم خطوتين وصوّب المسدس نحو رأس الشاب قائلاً :
- " إياك والمزاح معنا يا هذا ، أجب على سؤالي السابق وكن هادئاً ولا تضطرني لقتلك مع هذا الذي يبدو أنك تعرفه " .
ابتسم الشاب ثم قال :
-" أتعلم ؟ مسدسك يبدو أنه من النوع الذي يحوي 6 طلقات فقط ، ومما أعرفه من مطاردتي لكم جميعاً بخفة ، أستطيع القول إنه بقي لديك طلقة واحدة فقط ، أما زميلك فبقيت معه طلقتان ، وحتى لو كانت المسدسات معكما ، هذا لا يعني إننا لن نستطيع التغلب عليكما ! "


فهم عمّار المقصود من كلام الشاب فبدأ يتقدم بخفة نحو الرجل الذي معه طلقتين دون أن يشعر به فما زال الرجلان مركزان على الشاب الذي ما زال يتحدث ويتحدث ، كان واقفاً وظهره باتجاه الرجلان ثم استدار فجأة بحدة صارخاً "الآن !" وخفض جسمه بسرعة وهو يمد قدمه راكلاً الرجل القريب الذي أطلق الطلقة الأخيرة في الهواء بحيث لم يفكر أن الشاب سيفاجئه من الأسفل ، والآخر أيضاً لم يتمكن من الإطلاق فقد فاجئه عمّار بوقوف سريع وضربه على معدته واستحوذ على سلاحه .
وقف الرجل مرة أخرى واستطاع عمّار تمييز وجهه فعرفه على الفور وصرخ منبهاً الشاب:
-"احذر منه فهو قوي!"


وقبل أن يجيب الشاب أو ينتبه على ما قاله عمّار فوجئ بالرجل وهو يصوّب قبضته الحديدية على وجهه ويلقي بالشاب أرضاً ، ثم قال الرجل صارخاً بغضب:
-" إياك والاستهانة بي !! من تظنني يا هذا ! هـــــاه ؟! تباً لكما أنتما الاثنان !! كل المشاكل بدأت منك يا عمّار !! لو كنت أصغيت إليّ وأعطيتني ما طلبته منك بهدوء لما حصل كل هذا !! ولا كنت سأقتل هذا المغفل الآن أمام عينيك !! ولسوء حظك فلن أقتلك الآن فهم بحاجة لك !!"


جلس الشاب وهو يمسك بفمه الذي بدا أن به دماء من أثر الضربة ثم ابتسم وهو يقوم قائلاً :
-" شكراً عمّار على التنبيه المتأخر "


ثم وجه حديثه إلى الرجل قائلاً وهو ينسخ كلامه :
-" هاي أنت ! إياك والاستهانة بي !! تقتلني هنا ؟؟؟؟!! من تظنني يا هذا ! هـــــــاه ؟! تباً لك أنت ، كيف تجرؤ على ضربي وتشويه وجهي !! "


كان جواب الشاب أشبه بصفعة قوية على وجه "حازم" الذي احمّر وجهه غيظاً وبدا وكأنه بركان ثائر ! فأسرع يهجم على الشاب الذي ما زال يبتسم ابتسامة خبث واستفزاز وهو مستعد لمواجهة "الثور الهائج" !


وقف عمّار يراقب بذهول قتال حازم مع الشاب بوحشية مستخدماً كل أساليب العنف حتى ينال منه والآخر يرد له الصاع صاعين وهو ما زال مبتسماً حتى في نفس اللحظة !!
فمرة يوجه حازم ضربة على الوجه والآخر يتصدى لها ويوجه ضربة قوية على صدره فيسقط حازم ويعاود القيام والهجوم راكلاً الشاب بعنف فيسقطه أرضاً ويعاود القيام بسرعة مكملاً القتال وهو مبتسم !!


كان عمّار منشغلاً بالنظر إلى القتال ولم ينتبه على الرجل الثالث -الذي كان قد ضربه ومدده خلف السيارة –وهو يصحو أخيراً ويوجه مسدسه نحو عمّار الذي انتبه عليه متأخراً ورمى بنفسه على الأرض مبتعداً عن الطلقة التي مرّت قرب كتفه وخدشته ثم قام سريعاً صوب الرجل الذي حاول الهرب وما زال يوجه مسدسه هنا وهناك !
فلحق به عمّار وركله بقوة على رجلِه فسقط الآخر والتفت يحاول الهجوم على عمّار الذي وجه له عدة ضربات أخرى بقبضته والرجل يصّد بعضها ويستقبل غيرها !


توقف عمّار وقلبه يدق بسرعة وأنفاسه لاهثة وهو يمسك بالمسدس موجهاً إياه نحو صاحب المسدس الذي جلس على الأرض يلتقط أنفاسه بصمت وعيناه تنظران إلى عمّار بحقد بينما كان ياسر وحازم ما زالا يتقاتلان بعنف !


وفجأة قطع قتالهما صوت خطوات لأربعة أشخاص تتحرك قادمة من المدخل الرئيسي لمواقف السيارات ، يبدو أن الحرّاس قد استيقظوا وها هم يبدؤون دورياتهم ، فأسرع حازم ينادي على تابعيه وهو يجري مغادراً المكان من خلال الباب الفرعي الخلفي ، لكنه توقف للحظة واحدة ينظر إلى عمّار بحقد ثم مضى في طريقه ، وكذلك قام عمّار وأشار على الشاب بأن يغادرا المكان فوراً بهدوء .




http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg



فتح عمّار باب شقته الواقعة في الدور السابع عشر من مجمع "أمواج " السكني وخلفه الشاب يتبعه ثم رمى بنفسه على الكنبة وهو يتأوه بصوت عالِ، بينما تركه عمّار وأسرع باتجاه الحمّام يغسل جرحه ويربطه بالضماد.
كانت شقة عمّار صغيرة الحجم لكن رائعة فعلاً ينعكس بها اهتمام صاحبها بها و نوع عمله !
إذ أن تصميمها الهندسي و ديكوراتها مميزة فعلاً ..


كانت الشقة مستطيلة الشكل يقابل الباب الرئيسي دهليز صغير ضيق يؤدي إلى الصالة المستطيلة ذات الأرض الخشبية فاتحة اللون والجدران المغطّاة بورق الجدران المزخرف بألوان ممزوجة ما بين الرمادي الفاتح و درجات البرتقالي وعلى جوانبها صور ولوحات معلّقة، و يتوسط الصالة سجّادة خفيفة بسيطة تحدّها الكنبات التي تبدو مريحة جداً للاستلقاء عليها ! يقابلها شاشة تلفاز عريضة مثبتة على الحائط في الجهة اليمنى وتحتها طاولة صغيرة بها ما يتبع التلفاز ! وعلى الجانب الشمالي مكتب عملي بجانبه خزانة مكدّسة بالملفات والأوراق وغيرها .


أما على الجهة اليمنى من الدهليز فنرى المطبخ التحضيري الأنيق شبه المفتوح على الصالة وباب بعده يؤدي إلى غرفة صغيرة يستخدمها عمّار في تخرين أغراضه وغيرها ، أما في الجهة الشمالية من الدهليز فهناك باب يؤدي إلى الحمّام وبجانبه باب يؤدي إلى الغرفة الرئيسية الواسعة -تقابله الغرفة الصغيرة في الجهة اليمنى- و بها شرفة متصلة مع شرفة الصالة الكبيرة .
في الجهة الأمامية من الشقة نرى شرفة كبيرة مزينة ببعض نباتات الزينة وتطّل على الشارع الرئيسي والحديقة الصغيرة التي تقع في وسط المنطقة، المنظر حقاً بديع من الدور السابع عشر !


دخل عمّار إلى الصالة وهو يعاتب صاحبه قائلاً:
-" ألم تستطع نزع قميصك المتسخ على الأقل أو غسل وجهك ودمائك قبل الجلوس على كنبتي النظيفة،يا.. ياسر ؟ "
-" آآآآآآآآآآه ، اصمت يا صاحب المشاكل !! "


عدّل ياسر جلسته على الكنبة وهو يقول :
-" منذ تركتك قبل شهرين وأنت ما زلت مع المشاكل ؟! هل هذا الشيء يجري في دمائك أم ماذا ؟ ذكّرتني ببداية المشاكل حادثة العربة السخيفة ، آه لماذا تذكرتها الآن!! ثم من هؤلاء الآن وماذا يريدون منك ؟؟ "
-" اترك هذا حالياً وقل لي ما الذي جاء بك وماذا قصدت بقولك إني اتصلت بك ؟ "
-" مــــاذا ؟! ألا تشعر بنفسك وأنت تتصل على الناس ؟! انظر لهاتفك يا أحمق ، من الواضح أنه ما زال مفتوحاً حتى الآن !!"


لم يعر عمّار انتباهاً لكلمات ياسر فهو بذيء اللسان منذ وُلد ! التفت عمّار بسرعة نحو هاتفه وإذا به يراه مفتوحاً !
-" ها ؟! كيف ؟! متى ؟؟ أ .... "


فجأة تذكر أنه كان يستعد للاتصال بأي شخص ويبدو أن القائمة فُتحت على اسم ياسر وتم الاتصال به بينما كان الهاتف في جيب عمّار وهو يتعارك مع أولئك الرجال !!


كان ياسر يقف أمام المرآة في الحمّام ثم قال :
-" هل تذكرت الآن ؟ يا إلهي ، انظر ماذا فعلت بوجهي ؟ كل ذلك بسببك !"


كان ياسر في السادسة والعشرون من عمره و يكبر عمّار بسنة واحدة ، أطول من عمّار بسنتيمترين فقط ! شعره قصير بني اللون مقارب للاحمرار، عيناه واسعتان عسليتان داكنتان وله حاجبان كثيفان قليلاً ، وفم كبير ! وهو مغرور قليلاً لا يهتم لما يدور حوله كثيراً لكنه يكنّ لعمّار اهتماماً خاصاً .


ثم عاد إلى عمّار الذي كان يحمل علبتي عصير ويقدم إحداهما لياسر ، فبادره ياسر قائلاً:
-" والآن، ألن تخبرني ماذا يجري ؟ "


أومأ عمّار برأسه موافقاً ، فقد كان يتمنى التحدث في الموضوع الذي يقلقه مع شخص يثق به جيداً وها قد جاء صديقه ورفيق عمره منذ الصغر ياسر الذي يثق به تماماً ويأتمنه جيداً ، فقرر إلقاء كل الهموم التي بقلبه وإخبار ياسر بها .


جلس عمّار وهو يروي لياسر ما حدث معه وكل شكوكه وكل ما في جعبته و ياسر يصغي إليه بانتباه .
وبعدما انتهى عمّار من سرد ما حدث معه والاتصال الغريب أردف قائلاً :
-" الأمر يبدأ من قضية والدي ، فكما قال حازم ، العجوز -يقصد والدي-أخذ شيئاً مهماً منهم ولا يعلمون أين هو الآن لكنهم يعتقدون أنه معي أنا ، وهذا يفسر سبب ملاحقة الغرباء لنا طوال هذه السنين ، وسبب انفصالي عن والدتي وأختي حتى لا يتعرضوا للخطر ، فهدف هؤلاء هو أنا فقط والشيء الذي من المفترض أن يكون معي من والدي . "


وقال ياسر مكملاً على عمّار :
- " والمتصل الغريب ، من يكون ؟ هل هو معهم أم لا ؟ ولماذا يعتقدون أن ما يبحثون عنه معك ؟ "
-" الأفضل أن نبدأ منذ البداية ، ما سبب كل هذا ؟ ومن المستفيد وراءه ؟ "
-" ماذا فعل والدك أو ماذا سرق منهم ؟ أهو بذلك الأهمية بحيث يأتي هذا ويريد قتلك ببساطة ؟!"
- " والدي لا يسرق أيها .. !"
لم يكمل عمّار جملته فقطعها متنهداً و هو يقول :
-" من الذي سيجيب على كل هذا يا إلهي "


بقي ياسر يفكّر في أمر ما ثم سأل عمّار:
-" قبل وفاة والدك هل كان يذهب إلى مكان ما باستمرار أو يأتي لزيارته أحد ما دائماً؟ "
-" باستثناء الجامعة ، كان يتردد إلى عدة أماكن كلما تم استدعاؤه للمساعدة أو البحوث ، ولا أظن أنه كان يأتي لزيارته أحد في المنزل "


وقبل أن يوجّه سؤاله الثاني تردد قليلاً ثم قال :
-" ذكرّني كيف .. آ .. توفي ..؟ "
-" يا لذاكرتك القوية ! .. قيل أنه توفي بحادث عندما كان في معامل النفط يساعد أحد المختصين هناك أو أن أحداً استدعاه ليقوم بعمل ما ، لست أعرف الحقيقة تماماً ، لكنني واثق تماماً أنه لم يكن حادثاً "
-"متى شاهدته آخر مرة ؟ "
-" قبل الحادث بـستة أشهر ، لم يتصل ولم يظهر ولم يفكر بزيارتنا "
-" هل كان لا يزال يعمل كدكتور/أستاذ للكيمياء وقتها ؟؟! "
-" على ما أعتقد نعم ، فذلك عمله واختصاصه الوحيد "


عاد ياسر للتفكير مرة أخرى وعمّار يراقبه باستغراب وهو يرفع أحد حاجبيه إلى الأعلى ، ثم قال :
-" ما سبب هذا الاستجواب المفاجئ ، هل بدأت تعمل محققاً وأنا لا أعلم ؟ "


لم يعقّب ياسر بكلمة بل بقي صامتاً منشغلاً بالتفكير ، ثم التفت إلى ساعته وإذا بها تشير إلى الثالثة بعد منتصف الليل فقال لعمّار :
- " هاي ! أليس لديك عمل غداً ؟! انظر إلى الساعة ! إنها الثالثة فجراً ! "


فقام عمّار فجأة ينظر إلى ساعته بصدمة كبيرة ثم قال:
-" يا إلهي !!! تأخر الوقت كثيراً ! لن يرحمني ديز غداً ! "


فضحك ياسر قائلاً :
-" هه ! حياة العاملين ، يا لكم من مساكين "
-" اسكت أنت ، لا تعرف شيئاً عن العمل ، حياة الأغنياء ! عد لشركة والدك وتعلم كيف تعمل بنفسك وبجهدك !"


عندها استرسل ياسر ضحكاً وقال :
-" مللت من أعمال الشركة المتعبة وأريد الاستقلال بنفسي ، لدي مال يكفيني طوال عمري ولا أحتاج للعمل والتعب "
-" هارب مرة أخرى ؟ "


ابتسم ياسر قائلاً :
-" سمِّها ما شئت ، أفضل القول (متحرر من القيود ) مرة أخرى "


عندها تنهد عمّار وهو يقول :
-" يا إلهي، لا أصدق إنك تكبرني بعام ، متى ستعقل يا ياسر ؟! عد لمنزلك وأسرتك، العيش بوحدة ليس مدعاةً للتفاخر ولا أمراً سهلاً و مفرحاً !! "
-" سهل بالنسبة لي ، ومفرح لي أيضاً لأنها تجربة جديدة أحب الخوض بها "
-" كما تشاء ، والآن هلاّ عدت إلى منزلك ، أريد النوم بسرعة حتى استيقظ غداً مبكراً ولا أتلقى توبيخاً من ديز "


ضحك ياسر وهو يقوم متجهاً نحو الباب :
-" احذر منه فذلك الانجليزي يعرف تماماً كيف يُوّبخ ! "


ابتسم عمّار وهو يتبعه قائلاً :
-" كف عن المزاح، ديز طيب جداً ومسالم ، وليس مثلك ! "
-" حسناً حسناً ، يبدو أن زمن ياسر انتهى وجاء زمن ديزموند بدلاً منه ! يا لغدر الزمن وخيانة الأصحاب !"


ضحك عمّار قائلاً :
-" لا تقلق ، حتى لو كنتَ أحمق بعض الشيء لكنك ما زلت أفضل منه وأقرب منه لي يا ياسر " .
-" لا حاجة للتذكير ، أعرف نفسي جيداً ! "


توقف عمّار ممسكاً بباب الشقة وياسر يقف خارجاً فأردف قائلاً :
-" يا للتواضع ! حسناً ، خذ حذرك وانتبه على نفسك " .
-" نعم نعم ، أراك لاحقاً ، طابت ليلتك "
-" طابت ليلتك ، إلى اللقاء "


أغلق عمّار الباب وعاد داخلاً والابتسامة تعلو وجهه فقد أعاد ياسر روحه قليلاً وخفّف عنه همومه كما هي عادته دائماً ، وحمَد الله أن الهاتف ضغط اسم ياسر وليس غيره !
بعدما استحم سريعاً -ليزيل آثار العراك الذي حدث معه خصوصاً آلام رأسه ! - رمى بنفسه على سريره وتنهد بقوة ثم أغلق عينه وراح في سبات عميق سريعاً من أثر التعب والإرهاق .


http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg



نهاية الفصل الرابع ..

**ReLeNa**
30-9-2009, 02:47 AM
http://img41.imageshack.us/img41/2618/44304199.jpg


تابع .. الفصل الخامس .. يـأتيكم .. في يوم ما من الأيام / الاسابيع القادمة ... ^^" .