بعيون مﻷى بالنعاس .. يحاول الدخول في ذلك الطقس المقدس ..
الغرفة مظلمة ؛ فهو قد قيّد جفنيه
لا صوت يتردد في جدرانها ؛ فهو قد شدّ على أذنيه بلحافه ..
ولا يأتي ذلك الزائر المتأخر ..
يستعيد أحداث الصباح المملّة علّ ذلك الطيف يأتي لحمله إلى حلمٍ زاه ..
لكنه لبرهة لم يعد يتذكر شيئًا .. وارتخت قبضته عن لحافه فهو لم يعد يسمع شيئًا أيضا ..
وحدهما جفناه ضلّا مطبقين ولكن بسلام ..
مرّ هواءٌ باردٌ داعب جبينه وأرنبة أنفه .. ثم صوتُ قَرعٍ خافتٍ متناغم .. خافتٍ كما لو أن الذرَّ يقرعُ الحصى ..
ثم رائحةٌ مبلولةٌ أفعمت صدره عن آخره ..
قصرٌ قديم .. شموعٌ وأعمدة .. سجاجيدُ حمراء .. شخصٌ ملفعٌ بالظلِّ يستحمُّ بالمطر ..
مطر ..
مطر ..
مطر ؟
هل نزل المطر ؟ يحاول أن يستبين ملامح ذاك الغارقِ في البلل ..
وانفرج جفناه رويدًا رويدًا ليختفي كل ذلك المنظر .. ولكن تلك الرائحة المبلولة علقت بأنفه ، والصوت الخافت كان يخبو مثبتًا كينونته ..
استفاقَ بالكامل على رنين هاتفه :
"رسالة جديدة"
خفق جنَانُه حين قرأ اسم المرسل ..
علِقَت حدقتاه في حروف الرسالة المضيئة ..
مرت نسمة أعلنت انتهاء الغيث .. وأخرى .. وثالثة ..
مرّ زمنٌ مديد .. قرأها .. أعادها .. ثم أعادها ....
"قصرٌ عتيق" "أعمدةٌ حائلة" "سيمفونيةُ المطر"
قصَّت تلك الرسالة حلمه الذي انمحى فور استيقاضه ..
ونقلت له همس ذلك الظلِّ مع نفسِه :
" بلل جبيني يا مطر ! "
المفضلات