يوم الخميس الموافق 9 \ 5 \ 1430
في تمام الساعة 5 عصرا .. ( المشفى المركزي )
" كيف حالكِ اليوم ؟ "
" بخير ^__^ "
" تبدين نشيطة اليوم ، أمستعدة لبدء الدوام يوم السبت ؟ "
" أجل ^^ "
" الآن ، هل أنتي خائفة أو متوترة ؟ "
" لما الخوف والتوتر الآن ؟ "
" امم نتائج الفحوصات قد ظهرت ، ألستِ مضطربة "
" كلا "
" غريب ! ، لو أنها كانت سيئة فلن تكون هذه آخر زيارة لكِ "
" أعلم "
" تبدين متأكدة ، بل واثقة من النتيجة "
" أجل ^^ "
" حسنا ، لقد انخفض بنسبة 80% ^^ "
" هاه حقا ؟ "
" أجل ^^ "
" الحمد لله "
" احذري ، فلم يرحل بشكل كامل ، حتى هنا يمكنك القول أنه قد انتهى دور الأدوية ، وقد بدأ دورك "
" لا اعتقد أن العلاج كان يفيد بشيء ، دوري قد بدأ منذ مدة "
" امم ربما عموما أحسنتِ ، والحمد لله أنه انخفض بهذه النسبة الكبيرة + هناك شيء أشارت إليه أشعة الرنين المغناطيسي "
" آآه ما هو ؟ "
" لا تقلقي ، ليس بالشيء الخطير ، فقط كوني حريصة على نفسكِ أكثر ، هناك عصبين مرهقين ، ربما بسبب تفكيرك الكثير + تأثير الأدوية ، حاولي أن تبتعدي عن أي انفعال في الفترة الحالية وإلا ... "
" وإلا ماذا ؟ "
" ستصابين بانهيار عصبي ، لا تقلقي سيكون لفترة مؤقتة ، بعدها سيعود العصبين لوضعهما الطبيعي "
" ماذا عنه ؟ "
" من هو ؟ "
" الشيء الذي انخفض بنسبة 80% "
" لا تفكري به ، بقاء نسبة 20 % ، أنا متأكد بأن هذه النسبة البسيطة ستزول "
" 6 سنوات وأنا أعالج ، لقد حفظت أسلوبكم أيها الأطباء جيدا ، فكما كنتم تدرسون حالتي كنتُ أدرسكم "
" صدقيني ، كل ما عليكِ هو فقط نسيان الأمر ، حاولي التقليل من ساعات جلوسك وحدك ، وسيكون كل شيء بخير ، الآن لديكِ عوامل محفزة أكثر للقضاء على النسبة الباقية "
" ماذا تقصد ؟ "
" أخوتك ، الآن أنتِ لستِ وحدكِ ، اجعلي من أخوتكِ سلاح ضد النسبة المتبقية ، ولا تقولي لي أنكِ لستِ مندمجة معهم ، الشجار وإحداث ضجة معهم سيكون كافيا ^^ "
" شجار ! "
" نعم ، أنتِ لم تتشاجري من قبل صح ؟ "
" آه ربما "
" جربي ذلك ، صدقيني سيكون ممتع خصوصا أنهم أطفال لكن لا تحدثي شجارا جديا قد يؤذيهم "
" لا تقلق ، في هذه اللحظة، إنني واعية أكثر من أي لحظة عشتها قبلا "
" جيد ، إذن سأشتاق إليكِ "
" ماذا؟ تشتاق ؟ "
" أجل ، فأنا دائما أصنع من مريضي صديقا لي ^^ "
" اها فهمت ، حسنا وداعا "
" أما زال كما هو ؟ "
" امم أجل ^__^ "
" إذن قولي إلى اللقاء ، فلربما تقابلنا غدا ، لكنك ستكونين طبيبتي حينها ^^ "
" احرص على أن تبقي قلبك سليما ، بدلا من أن أمزقه لك جراء ما فعلته بي خلال الست سنوات الماضية "
" أوه النساء أشرار دائما ^__^" "
لقد أنهيت ما قد بدأ معي ، ودفنت كل ما كان متعلقا به ، عدا الذكريات ، أحببت أن أدفنها هنا ، ذكريات ذلك المخادع الذي مثل أنه صديق لا يظهر إلا وقت الضيق ..
لا يجب أن ألوم نفسي لأني استسلمت له ، كنت طفلة حينها ، ولم يكن بتلك اليدين الصغيرتين حيلة ، فلقد ولدت اليوم من الجديد ، وانتهى ذلك القسم من حياتي ..
( الوسواس القهري ) كان هذا هو اسم الصديق المخادع ، الذي كذب علي وأراني صور غير موجودة ، الذي جعلني أؤمن كل ليلة بوجود أشياء مخيفة كتلك ، مفزعة كتلك ، تشبه تلك ، وستأخذ مني أشيائي الغالية كما أخذت روح أختي وهي نائمة بجانبي ..
أختي الوحيدة ، الغالية ، التي كنت بانتظارها بشوق ، هللت فرحا بقدومها ، وبكيت دما لفراقها ، في الليلة الوحيدة التي تحققت فيها أعذب أمنية ، ( أن يكون لي أخت تنام بجانبي ) ، مزقت تلك الأمنية أمام عيني ، وكسرت زجاجة الأمنيات كلها ، وتلاشت أمنياتي الواحدة تلو الأخرى .
لم أدرك أنها كانت مصابة بمرض في رأسها منذ ولادتها ، وكنت أمقت والداي لأنهما يمنعانني من اللعب معها بشكل دائم ..
لقد كانت أكثر شيء أراه كاملا في حياتي ( والكمال لله وحده ) ، مهما حدقت إلى تلك العينين وذلك الوجه وحفظ نسخة من صورة تلك الابتسامة لن أمل أبدا ، لأنها لم تكن باقية فقد كانت شديدة الجمال ، جمال كذاك وكأنه يقول لا أستحق العيش وسط هذا العالم القبيح ..
" أرجوكم ، ليلة واحدة فقط ، دعوها تنم بجانبي فقط هذه الليلة ، [ فقط هذه الليلة ] "
لقد وافقا بعد فعل المستحيل معهما ، لقد سمحا لها بإمضاء الليلة بغرفتي ، في سرير وعلى وسادتي ، أجسادنا كانت متلاصقة ، كنا نهمس في آذن بعضنا ، كنا نضحك ، لقد كانت تقول أشياء مضحكة وكأنها شخص بالغ .
" غدا سأكبر وسأتزوج ، وأنتِ هكذا كما أنتِ "
" هههههههه مستحيل أنا أكبر منكِ بثلاث سنوات ، سأتزوج قبلك "
" كلا ، أنا أول "
" لكني ولدت قبلك ، هذا غش "
" هههههههه أمزح ، هذا مضحك تخيلي أنا أكبر وأنتِ تبقين هكذا "
" هههههههههههه كفي عن ذلك يجب أن ننام قبل أن تقتلنا ماما "
" بنات يا لا ناموا كذا تقول ههههههههههه "
التفت ذراعيها حولي وابتسمت وقالت ( أحبكِ ) ، رنت تلك الكلمة في أذني ذلك الأسلوب في التحدث وتلك النبرة ، أغمضنا أعيننا وذهب كلا منا في سبات عميق ..
عصفور الساعة خرج من منزله يعلن أنها 12:30 منتصف الليل وإذ بي افتح عيني لأشعر بشيء بارد يعتنقني ، كانت لا تزال جانبي حتى تلك اللحظة ، لكن جسدها كان ابرد من قطعة جليد ، سحبت الغطاء كاملا وغطيتها به ، وبقيت أنا مكشوفة ، فاليحدث ما يحدث إنها اصغر مني ولن تستطيع تحمل البرد ..
استيقظت ، فتحت عيني ببطء شديد وبتكاسل كالعادة ، لكنها لم تكن بجانبي ، اعتقدت لوهلة أنها قد سبقتني في الاستيقاظ ، فخرجت من الغرفة وإذ بذاك الهدوء القاتل يعم المنزل ..
" ماما ، أين مدى ؟ "
لا رد ..
" ماما ، هل تسمعينني أين مدى ؟ "
" مع والدكِ "
" لما لم ينتظراني ، أريد الخروج أنا أيضا "
" سيعود بعد قليل "
" تقصدين سيعودون "
" ارحلي عودي إلى غرفتكِ "
أوشكت على طاعة الأمر مثله مثل أي أمر تأمرني به أمي حتى تملكت جسدي تلك القشعريرة التي أوقفتني فجأة ودخل أبي للمنزل في نفس اللحظة ..
" ألم أقل لكِ عودي إلى غرفتك "
" حـ حاضر "
خطيت خطوتي ، وإذ بي سمعتها ، الكلمة التي كنت خائفة من أن أسمعها ، سمعتها فعلا ، لقد كانت هي ذاتها ، سمعتها ..
" دفنتها ، كان بالقبر امرأة فدفنت بجانبها "
لاآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ
صرخت ، بأعلى صوت خلق لي صرخت ، لأول مرة أصرخ بألم ، بمرارة ، وكأني أعذب ، جسدي يرتعد ، ولساني يهتف ( مدى ، أختي ، عودي ) ................................... سكت ، عم المكان الصمت ..
منذ تلك اللحظة ، تلبسني المرض ، وانقلبت حياتي ، وانتكست أموري ، لم أعد أرى ، لم أعد أسمع ، لم أعد أشعر بشيء من الواقع ، فقط كان ذلك الوسواس يراقبني من بعيد منتظرا اللحظة المناسبة ليسكن ذلك العقل ويتحكم بذلك الجسد الهزيل ، ليقتل كياني ، ويجردني من نفسي ، لأعيش في ظلام مدة 6 سنوات ...
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هايبرا@آي
عزووز + جان دارك
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هايبرا@آي
انظرا إلى ما سأكتب ربما قد يتغير شيء حينها ^___^
أصبت بوسواس قهري عندما كنت طفلة ، بسبب أنني شهدت موت أختي الصغرى بجانبي ، وبقيت منعزلة عن الناس حتى بلغت الثامنة من عمري ، فكرت بالانتحار عدة مرات وكنت أظن أن الموت سيرفق بالأطفال فهو لا يأذي ولن يكون قاسيا على الأطفال ..
وكما كنت أرى بالأفلام يذهبون إلى المطبخ ويحضرون سكينا ويقطعون الوريد ، أمسكت بالسكين وظللت أبكي بسبب أنني سأموت وأترك أهلي ولكني كنت أضحك لأني سألحق بأختي المتوفية وقتها قبل سنتين ..
أعمت الدموع بصيرتي وجعلتني اخدش أصابع يدي بدلا من قطع الوريد وفقدت الوعي بعدها ..
استيقظت فوجدت نفسي بالمشفى ومحاطة بثلاثة أطباء ، جن جنوني ولم أكن أريد رؤية أحدا وقتها حتى أمي وأبي ..
خرج اثنين من الأطباء وبقي الثالث ، آملا على أن ينجح في معرفة سبب الانتحار وتهدأتي ..
انتهت تلك المحنة على خير وخرجت من المشفى لكن دون أشفى بشكل كلي من المرض ..
أصبحت بعدها في الحادي عشرة ولا تزال الوساوس تلاحقني ، كل يوم أنهض من النوم بمشكلة وموال وصراخ بسبب أني سأذهب إلى المدرسة ..
كان مستواي متدني ولو كنت في نظام حكومي لكنت قد رسبت خلال الخمس سنوات الماضية ولكن والداي وضعاني في مدرسة أهلية حتى يضمنا أنني لن أرسب وسيهتمون بي بشكل خاص ..
لا المدرسة ولا المنزل ، لم ينجح أحدهم حتى في تغيير فكرة واحدة رسخت في رأسي ..
حتى أتى ذلك اليوم الذي أفاقني وأراني من أكون وحفزني على محاربة المرض من الداخل ..
في تلك الفترة كنت أجبر على الذهاب لزيارة جدي وجدتي ، وكالعادة كنت أبحث عن مكان ما خالي من الأشخاص وإلا سأجن إن بقيت وسط الآخرين ..
لم يكن هناك مكان خالي وقتها سوى صالة صغيرة أمام غرفة جدي الذي كان وقتها يتابع التلفاز ولم يعلم بوجودي عند باب الغرفة ..
لم يمر الكثير من الوقت حتى سمعت بشيء ما ارتطم بالأرض ، فنهضت مفزوعة وانظر من خلف الباب ببطئ ماذا جرى في الغرفة ، وإذ بجدي واقعا على الأرض يحاول الاستنجاد بأحد ما ولم يكن هناك شخص سواي ، لوهلة مرت صورة أختي أمام ناظري فهز ذلك وتدا في نفسي وجعلني اصرخ بأعلى صوت ..
( لن أدعك ترحل كما رحلت أختي ، لن ادعك ترحل كما رحلت أختي ، ... ) فركضت نحوه وحاولت أن أفهم مالذي يجري معه فأخبرني بصوت خافت ( قلبي ، إن قلبي مريض أسرعي ونادي جدتك لأجل الدواء قلبي مريض ) ( قلبي مريض ) سكت بعدها ، لم يقل كلمة واحدة مما جعلني اصرخ كالمجنونة مجددا ، كنت أعتقد أنه لا وقت للذهاب وإخبارهم بحالته ، ففتحت الثلاجة وأول دواء رأيته أمامي أخذته ووضعته في فمه دون أن أعلم أنه الدواء المناسب ..
سحبته وأنا ابكي ، وجسدي الهزيل كله يرتعد ، وبالكاد تمكنت من وضعه على السرير ..
أغلقت النوافذ وباب الغرفة وأصبحت أصرخ ( ارحل يا ملك الموت ارحل ، لن تأخذ شخص أمامي الآن ارحل ) فإذ باحدهم يضحك ، التفت ووجدت جدي فائقا وكان يقول ( إن ملك الموت لن يستمع لكلام أحد حتى لو كان طفلا ، فإذا أردتِ منعه كلمي آمره وأطلبي منه ذلك ^__^ )
كسرت حينها أحد الحواجز المتينة ، أصبحت أحتك بالناس قليلا لآخذ حكما وأشياء جميلة كتلك التي قالها جدي ، بعد ذلك بفترة خضعت جدتي لعملية تغيير أوردة القلب ، مما عقدني اكثر ولكني جعلت تلك العقدة تمشي بشكل إيجابي فمنذ ذلك اليوم اخترت أن أتغلب على هذا المرض وأكون جراحة القلب الأولى في المستقبل ^__^
ربما حدث معي هذا في سن مبكرة وجعلني أتخذ قرارا سليما لذلك لا تستعجلا فقد يحصل شيئا في الغد يجعلكما تتخذان من ذلك الموقف هدفا تسعيان لأجله ...
ومن الأمس جعلت من نفسي عبرة لكل متشائم اليوم ، فمن ذلك الظلام ولد فجرا جديد معه زجاجة أمنيات جديدة عوضا عن التي فقدتها قبل 7 سنوات ..
وأصبحت هذه الأحداث هي قصة ما قبل النوم أرويها لأخوتي الصغار ..
واليوم أصبحنا 6 ، أبي وأمي ، أخواي وأختي ،
أجل صار لدي شقيقة صغرى أخرى عوضا عن التي فقدتها قبل 7 سنوات ..
شكرا لكل من دخل وقرأ ، وأعطاني شيء من وقته .
هايبرا@آي 9\11\1431
المفضلات