للوهلة الاولى فوجيء كريم للغاية من اتصال مريم خوري بة ولم يعرف كيف يفسرة.
لكنة مالبث ان اعتبر هذا الاتصال هدية من السماء . وصلة وصل رائعة بينة وبين حبيبتة نور: من أفضل من الصديق لاداء دور وسيط الخير , وجمع شمل الاحباء ؟ فما كان منة الا أن تواعد على اللقاء مع مريم بعد ظهر ذلك اليوم , ظنا منة أنها لابد أن تحمل لة أخبارا من نور , ومؤمنا بأن هذا الاتصال غير المتوقع قد يساعدة علي التقرب من حبيبتة. كان كريم مصمما على البوح بكل عذابة لمريم , وما ان راها في المقهى حتى بادرها بالسؤال فورا :
# ماذا تحملين لي من أخبار عن نور ؟
# نور ؟ أنت ادرى مني بأخبارها ياكريم على ما اعتقد ! فأنا لم اعرف عنها شيئا منذ التقينا في تلك الجلسة البحرية ... لم السؤال ؟ هل ثمة خطب ما ؟ أما عدتما على اتصال ؟
# لقد طرأت بعض المشاكل و بصراحة أنا بحاجة الى مساعدتك يا مريم !
# طبعا يا كريم ! كل امكاناتي تحت في تصرفك . انا كنت طلبت مقابلتك لمشروع عمل في غاية الأهمية , يمكننا ان نتعاون فية معا , أنت تتولى هندسته المعمارية و أنا هندسة الديكور ...
# مريم اعذريني لكن ... الهندسة هي اخر ما افكر فية الان !
# لا بأس افهمك تماما. لكن اخبرني ما الذي حدث ؟
# حسنا ... في الواقع سوف اطلعك على كل شيء , بل على كل ما اعرفة انا عن نفسي , كي تتضح لك الصورة تماما...
# كلي اذان صاغية !
# أنا شاب لبناني , عشت حياتي تقريبا في الولايات المتحدة . والدتي توفيت عند ولادتي , الا أن والدي تزوج مرة ثانية امرأة امريكية تعرف اليها في نيويورك حيث فر بي عند اندلاع الحرب . كنت انذاك في الثالثة من العمر , ولم تحرمني زوجة أبي من الحنان , لب كانت حقا اما ثانية لي بكل مافي هذه الكلمة من معنى . وقد رزق والدي منها ابنا و ابنة هما بمثابة أخ وأخت لي .
لطالما كنت من صغري احمل ميولا ادبية , و اهوى الكتابة الا ان سعيد ناصر أبى الا أن ادرس الهندسة , وفعلا تخرجت حديثا كمهندس معماري كما تعلمين . منذ وقت قريب . انفصل والدي عن زوجتة الثانية , وقرر العودة الى هذة البلاد . واشترى جريدة ((الحقيقة)) التي كانت تعاني مشكلات مالية على ان يتولى اطلاقها من جديد. وعدت انا معة , متشوقا لمعرفة وطني و اكتشافة والاحساس بالانتماء الية . هكذا التقيت نور من جراء عملها في صحيفة والدي و وأغرمت بها على الفور , مثلما قد يغرم أي عصفور تائة بغيمة بيضاء نقية تضيء له درب السماء ... الا ان والدي العزيز اعترض على هذة العلاقة , معتبرا أن مستوى نور الاجتماعي و المادي لا يليق بي . وما ان علمت نور بذلك حتى ابتعدت عني نهائيا . وصممت على الفراق . أفهم ان يكون كبرياؤها مجروحا . لكن لم يكد يجد واحدنا الاخر حتى افترقنا . وهذا مصدر عذاب لا يوصف لي ! هل تتصورين مدى معاناتي يامريم ؟
# كريم. أنت شاب رائع حقا , فمن النادر ان يلتقي كل هذا الصدق وكل هذة النزاهة في شخص واحد . لا افهم كيف استطاعت نور أن تجد القدرة للتخلي عنك... هل انت متأكد من ان مشاعركما متبادلة ؟
# متأكد ؟ لا احد في وسعة ان يجزم في موضوع الحب . لكني اعرف اننا كنا قد بدأنا ايجاد فسحة مشتركة للالفة والانسجام , وان كل شيء بات يتمحور الان بالنسبة الي حول هذة المسألة . من دون نور أشعر وكأن الحياة قد اغلقت فعلا ابوابها ولم تترك ورائها سوى اليأس المخيف...
المفضلات