هذه القصيدة للشاعر السعودي عبد الرحمن العشماوي....
وهي معارضة لقصيدة عنتر بن أبي شداد ( هل غادر الشعراء من متردم)
قصيدة معبرة تحكي مأساة الوجود العربي



هل غادر الرؤساء من متردم=أم هل عرفت حقيقة المتكلم

سنة على سنة تراكم فوقها=تعب الطريق وسوء حال المسلم

سنة على سنة وأمتنا على=جمر الغضى والحزن يشرب من دمي

قمم تُشَيَّدُ فوق أرض خضوعنا=أرأيت قصراً يُبتنى في قمقم؟!

يا دار مأساة الشعوب تكلمي=وعمي صباح الذل فينا واسلمي

إنا على المأساة نشرب ليلنا=سهراً وفي حضن التوجس نرتمي

ما بين مؤتمر ومؤتمر نرى=شبحاً يعبر عن خيال مبهم

التوصيات تنام فوق رفوفها=نوم الفقير أمام باب الأشأم

شجب وإنكار وتلك حكاية=ماتت لتحيا صرخة المستسلم

أ أبا الفوارس وجه عبلة شاحب=وأمام خيمتها حبائل مجرم

أ أبا الفوارس صوت عبلة لم يزل=فينا ينادي : ويك عنترة أقدم

ترنو إليك الخيل وهي حبيسة=تشكو إليك بعبرة وتحمحم

هلاّ غسلت السيف من صدأ الثرى=وعزفت في الميدان ركض الأدهم

هلاّ أثرت النقع حتى ينجلي=عن قبح وجه الخائن المتلثم

وأرحتنا من كل صاحب زلة=يوحي إليك بقصة ابني ضمضم

أ أبا الفوارس أمطرت من بعدكم=سحب الهدى غيثاً هنيء الموسم

لو أبصرت عيناك وجه محمد=ورأيت ما يجري بدار الأرقم

ورأيت مكة وهي تغسل وجهها=بالنور من آثار ليل مظلم

وفتحت نافذة لتسمع ما تلا=جبريل من آي الكتاب المحكم

ورأيت ميزان العدالة قائماً=يُقتص فيه ضحىً من ابن الأيهم

ورأيت كيف غدا بلال سيداً=ومضى الطغاة إلى شفير جهنم

لو أن عينك أبصرت إسلامنا=لخرجت من كهف الضلال المعتم

وحملت عبلة والحجاب يزيدها=شرفاً وأطفأت اللظى في زمزم

لو عشت في الإسلام ما عانيت من=لون السواد ولا نضحت بمنشم

أ أبا الفوارس قد عرفتك حافظاً=حق الجوار تغض طرف الأكرم

ولقد رأيتك في خيالي والوغى=تشتد حين كررت غير مذمم

فأَدَرْتُ دولاب الأماني أن أرى=في عصرنا وجه الشجاع المقدم

لكنَّ دولاب الأماني لم يدر=إلا بصورة خائف متوهم

كم فارس من قومنا لما رأى=لهب الرصاص أدار مقلة غيلم

ترك الضحايا خلفه وسعى إلى=قبو ليغمض مقلتيه ويحتمي!!

أ أبا الفوارس قف مكانك إننا=لنعيش في زمن الخداع المبرم

لم يدرك العربي في أيامنا=كرم الجدود ولا يقين المسلم

طُعِنَت كرامة أمتي في قلبها=ليس الكريم على القنا بمحرّم

وصراخ أسئلتي يجسد ما حوى=قلبي من الجرح العميق المؤلم

يا أمة الإسلام هل لك فارس=يغشى الوغى ويعف عند المغنم

إني ذكرتكِ والجراح نواهل=مني وحرفي قد تلجلج في فمي

فوددت تمزيق الحروف لأنها=وجمت وجوم جبينكِ المتورم

يا أرض ( داكار ) اسألي عن حالنا=إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

يخبرك مَنْ شهد الهزيمة أننا=بتنا على حال الأصم الأبكم

يا أرض داكار المشوقة ربما=رَفَعَت إليك الريح صوت اليُتَّم

ولربما فتحت لكِ الباب الذي=زمن السكوت بسرّه فتفهمي

وتأملي كل الوجوه ورددي=ما تسمعين من الهتاف، ونغّمي

وإذا رأيت بشائر الفرح التي=ماتت لدينا فاصرخي وتكلمي

يا قادة الدول التي لم تتخذ=لغة موحدة أمام المجرم

في الكون دائرتان واحدة لها=ألق وأخرى ذات وجه أسحم

يا قادة الدول التي لولا الهوى=وخضوعها لعدوها لم تهزم

القمة الكبرى، صفاء قلوبكم=من قبضة الدنيا وأسر الدرهم

القمة الكبرى، انتشال شعوبكم=وبناء صرح إخائنا المتهدم

أما مطاردة السراب فإنها=وهم يجرعنا كؤوس العلقم

مدوا إلى الرحمن أيديكم فما=خابت يد تمتد نحو المنعم

ودمتم بخير يا أبناء مسومس الكرام