ومِنَ الذُّنُوبِ ما يُهْلِكْ .

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 20 من 20

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية ابن الفاتح

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    984
    الــــدولــــــــة
    السودان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي ومِنَ الذُّنُوبِ ما يُهْلِكْ .

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

    تحيَّةٌ طيبةٌ لكم جميعا بني مسومس . و أخصُّ أبناء القلم بها ...





    هذه بِضْعَةُ قَفَشَاتٍ جمعتها من أجزاء متفرقة لإحدى الكتب >>> ركبتها بما أرى مع بعض التعديل >>> رائعة المعاني صعبة الألفاظ قليلا >>> فهلموا أيها الأدباء >>> ففيها من الأدب الشيء العجيب >>> ومن عرف الكتاب فهذا رائع .

    اعلموا إخواني ومن يقبل نصحي أن للذنوب تأثيرا قبيحا ، مرارتها تزيد على حلاوتها أضعافا مضاعفة .

    و المجازي بالمرصاد لا يسبقه شيء ولا يفوته . فربما يعجل وربما يؤجل أو لعله يعفو .

    ومن لم ير العواقب غلب عليه الحِسَ ، فعاد عليه بالألمِ ما طلبَ منهُ السلامةَ وبالنصبِ ما رجا منه الراحة .

    و بيان هذا في المستقبل ، بما يتبين في الماضي ، وهو أنك لا تخلو أن تكون عصيت الله في عمرك أو أطعته .

    فأين لذة معصيتك ؟ و أين تعب طاعتك ؟ هيهات رحل كلٌّ بما فيه ! فليت الذنوب إذا تخلَّت خلَّت !

    فوا أسفا لمضروب بالسياطِ ما يُحِسُّ من الألم ،و لمثخنٍ بالجراح وما عنده خبر .

    ولمتقلبٍ في عقوبات ما يدري بها ، ولَعمري إنَّ أعظمَ عقوبةٍ أن لا يدريَ بالعقوبةْ .

    فواعجبا للمغالط نفسه ؛ يُرضِى نفسه بشهوة ثمَّ يُرضي ربَّه بطاعة و يقول حسنة بسيئة .

    فرُبَّ زلةٍ أوقعت في بئر بَوَارْ و رُبَّ أثرٍ لم ينقطِع و الفائتُ لا يَستدرك على الحقيقىة .

    ويحكْ مِن كيسِك تُنفق ومن بِضاعتك تَهدم و وجهَ جَاهِك تَشِينْ

    رُبَّ جِراح قَتَلَتْ و رُبَّ عَثْرةٍ أهلكت و رُبَّ فارطٍ لا يُستدرَك

    و ربما رأى العاصي سلامة بَدَنِه ومالِه فظنَّ أن لا عقوبة ، و غَفِلَ عما عُوقِب به عُقوبَة .

    و إن كان حِلْمُ الله يسع الذنوب ، إلا أنه إذا شاءَ عَفا فَعفا عن كُلِّ كثيفٍ مِنَ الذنوب ، و إذا شاءَ أخذَ فأخذَ باليَسيرْ ، فالحذر الحذر .

    و قَدْ قيل : المَعصيةُ بعد المعصِيَةِ عقابُ المعصيةْ ، و الحسنةُ بعد الحسنةِ ثوابُ الحسنةْ .

    وقيلَ أيضاً أن أحدهم قال : يا ربِّ كم أعصيكَ ولا تُعاقِبُني ؟ فقيل له : كَم أُعاقِبُكَ وأنت لا تَدري ؟ أليس قد حَرَمتُكَ حَلاوَةَ مُناجاتي ؟!

    و سُئل أحدُ العلماءِ ذاتَ مرَّة أيَجدُ لذَّةَ الطاعةِ منْ يعصي ، فقال : و لا من هَمَّ .

    وَيحَك انتبه لنفسك ما الذي تنتظر بأوبتك ؟ وماذا تترقَّبُ بتوبك ، المشيبْ ؟! فها هو ذا أوهنَ العظمُ ، و هل بعد رحيل الأحبابِ إلا اللَّحاقْ .

    قَدِّرْ أن ما تُؤَمِّلُهُ من الدنيا قد حَصَل ، فكانَ مَاذا ؟ ما هُوَ عَاجِلٌ فشَغَلَكَ عَاجِلاً .

    ثم آخرُ جُرعةِ اللذَّةِ شَرْقَةْ ، و إما أن تُفارِقَ محبوبكَ أو يفارقكْ .

    فيا لها من جُرْعَةٍ مريرةْ تَودُّ عِنْدَهَا أنْ لو لم تَرَهْ .

    آهٍ لمحجوبِ العقلِ عن التأمُّل ، ولمصدودِ عن الورودْ ، و هو يرى المَنْهَل .

    أما في هذه القبور من نذير ؟ أما في كرور الزمان من زاجر ؟

    أين من مَلَكَ و بلغ المُنَى فيما أمِل ، نادهِم في ناَديهم ، هَيهَات صَمُّوا عن مُنادِيهم .

    فلو أن ما بِهِمُ المَوتْ ، إنَّمَا هُنِيهَةٌ ..... ثمَّ القُبُورْ .

    فالعَمَلُ حصلَ يا معدوماً بالأمسْ ، يا متلاشِيَ الأشلاءِ في الغَد .

    يا من قَلَبَ الغُرُورُ عليه الصِّنجَةَ و وُزِنَ له و المِيزانُ رَاكِبْ .

    بأيَ وجهٍ تلقى ربَّك ؟ أيساوي ما تنالهُ من الهَوى لفظُ عِتابٍ ؟

    آهٍ لكَ لقد بِعْتَ أحمالَ ندَمٍ لا يُقِلُّها ظَهْر ، و تنكيسَ رأسٍ أمسَى بعيدَ الرَّفعِ ودُموعَ حُزنٍ على قُبحِ فِعْلٍ ما لِمَدَدِهَا انقطاع .

    بالله إن الرَّحمة بعد المُعَاتَبَةِ ، رُبَّمَا لَم تَسْتَوْفِ قَلْعَ البَغْضَةِ مِنْ صَمِيمِ القَلْبْ . فكما ترى لَيْسَ مَن رَقَعَ وخاطْ كَمَنْ ثَوبُه صَحِيحْ .

    و رَّب عَظْمٍ هَيِّضٍ لم يَنْجَبِر ، فإن جُبِرَ فعلى وَهيْ . فاستوثِقُوا مِن لُجُمِ الخَيل .

    وانتبهو للغَيمِ إذا تراكمَ بالصُّعُودِ إلى تَلعةْ ، فرُبَّما مَدَّ الوادي فرَاحَ بالرَّكْب .

    أفٍّ للذنوبِ ما أقبحَ آثارها وما أسوأ أخبارها ، و لا كانت شهوةٌ تُنالُ إلا بمقدارِ الغَفْلَة .

    و الدنيا مفازة ؟ فينبغي أن يكون السابق فيها العقل ، فمن سلَّم زِمَامَ راحِلَتِهِ إلى طَبعِهِ وهَواه - فيا عجلة تلفه - .

    احذَرُوا من نَفخَةِ تُحْتَقَر و شَررِةٍ تُسْتَصْغَر فرُبَّما أحرَقَتْ بلدا . و إيَّاكُم و الاغترارُ بحلمه فَكَمْ قدِ اسْتَدْرَجْ .

    فالخائفُ آخذٌ بالحَزْم ، و الرَّاجي مُتَعَلِّقٌ بحبلِ الطَّمَعْ ، وقد يُخْلَفُ الظّنَّ .

    فليعتبِر ذو الفهمِ بما قُلتْ ، وليعمل بمقتضى الدليلِ و قد سَلِمْ .

    نسأل الله عزوجل أن ينبهنا من رقدات الغافلين و أن يُريَنا الأشياء كما هي لنعرف عيوب الذنوب

    و في أمان الله وحفظه ورعايته .



    على فكرة لمن أراد أن يستزيد فالكتاب هو صَيْدُ الخَاطِرْ لابْن الجَوْزِيّ .
    التعديل الأخير تم بواسطة ابن الفاتح ; 20-10-2009 الساعة 06:06 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...