السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
تحيَّةٌ طيبةٌ لكم جميعا بني مسومس . و أخصُّ أبناء القلم بها ...
هذه بِضْعَةُ قَفَشَاتٍ جمعتها من أجزاء متفرقة لإحدى الكتب >>> ركبتها بما أرى مع بعض التعديل >>> رائعة المعاني صعبة الألفاظ قليلا >>> فهلموا أيها الأدباء >>> ففيها من الأدب الشيء العجيب >>> ومن عرف الكتاب فهذا رائع .
اعلموا إخواني ومن يقبل نصحي أن للذنوب تأثيرا قبيحا ، مرارتها تزيد على حلاوتها أضعافا مضاعفة .
و المجازي بالمرصاد لا يسبقه شيء ولا يفوته . فربما يعجل وربما يؤجل أو لعله يعفو .
ومن لم ير العواقب غلب عليه الحِسَ ، فعاد عليه بالألمِ ما طلبَ منهُ السلامةَ وبالنصبِ ما رجا منه الراحة .
و بيان هذا في المستقبل ، بما يتبين في الماضي ، وهو أنك لا تخلو أن تكون عصيت الله في عمرك أو أطعته .
فأين لذة معصيتك ؟ و أين تعب طاعتك ؟ هيهات رحل كلٌّ بما فيه ! فليت الذنوب إذا تخلَّت خلَّت !
فوا أسفا لمضروب بالسياطِ ما يُحِسُّ من الألم ،و لمثخنٍ بالجراح وما عنده خبر .
ولمتقلبٍ في عقوبات ما يدري بها ، ولَعمري إنَّ أعظمَ عقوبةٍ أن لا يدريَ بالعقوبةْ .
فواعجبا للمغالط نفسه ؛ يُرضِى نفسه بشهوة ثمَّ يُرضي ربَّه بطاعة و يقول حسنة بسيئة .
فرُبَّ زلةٍ أوقعت في بئر بَوَارْ و رُبَّ أثرٍ لم ينقطِع و الفائتُ لا يَستدرك على الحقيقىة .
ويحكْ مِن كيسِك تُنفق ومن بِضاعتك تَهدم و وجهَ جَاهِك تَشِينْ
رُبَّ جِراح قَتَلَتْ و رُبَّ عَثْرةٍ أهلكت و رُبَّ فارطٍ لا يُستدرَك
و ربما رأى العاصي سلامة بَدَنِه ومالِه فظنَّ أن لا عقوبة ، و غَفِلَ عما عُوقِب به عُقوبَة .
و إن كان حِلْمُ الله يسع الذنوب ، إلا أنه إذا شاءَ عَفا فَعفا عن كُلِّ كثيفٍ مِنَ الذنوب ، و إذا شاءَ أخذَ فأخذَ باليَسيرْ ، فالحذر الحذر .
و قَدْ قيل : المَعصيةُ بعد المعصِيَةِ عقابُ المعصيةْ ، و الحسنةُ بعد الحسنةِ ثوابُ الحسنةْ .
وقيلَ أيضاً أن أحدهم قال : يا ربِّ كم أعصيكَ ولا تُعاقِبُني ؟ فقيل له : كَم أُعاقِبُكَ وأنت لا تَدري ؟ أليس قد حَرَمتُكَ حَلاوَةَ مُناجاتي ؟!
و سُئل أحدُ العلماءِ ذاتَ مرَّة أيَجدُ لذَّةَ الطاعةِ منْ يعصي ، فقال : و لا من هَمَّ .
وَيحَك انتبه لنفسك ما الذي تنتظر بأوبتك ؟ وماذا تترقَّبُ بتوبك ، المشيبْ ؟! فها هو ذا أوهنَ العظمُ ، و هل بعد رحيل الأحبابِ إلا اللَّحاقْ .
قَدِّرْ أن ما تُؤَمِّلُهُ من الدنيا قد حَصَل ، فكانَ مَاذا ؟ ما هُوَ عَاجِلٌ فشَغَلَكَ عَاجِلاً .
ثم آخرُ جُرعةِ اللذَّةِ شَرْقَةْ ، و إما أن تُفارِقَ محبوبكَ أو يفارقكْ .
فيا لها من جُرْعَةٍ مريرةْ تَودُّ عِنْدَهَا أنْ لو لم تَرَهْ .
آهٍ لمحجوبِ العقلِ عن التأمُّل ، ولمصدودِ عن الورودْ ، و هو يرى المَنْهَل .
أما في هذه القبور من نذير ؟ أما في كرور الزمان من زاجر ؟
أين من مَلَكَ و بلغ المُنَى فيما أمِل ، نادهِم في ناَديهم ، هَيهَات صَمُّوا عن مُنادِيهم .
فلو أن ما بِهِمُ المَوتْ ، إنَّمَا هُنِيهَةٌ ..... ثمَّ القُبُورْ .
فالعَمَلُ حصلَ يا معدوماً بالأمسْ ، يا متلاشِيَ الأشلاءِ في الغَد .
يا من قَلَبَ الغُرُورُ عليه الصِّنجَةَ و وُزِنَ له و المِيزانُ رَاكِبْ .
بأيَ وجهٍ تلقى ربَّك ؟ أيساوي ما تنالهُ من الهَوى لفظُ عِتابٍ ؟
آهٍ لكَ لقد بِعْتَ أحمالَ ندَمٍ لا يُقِلُّها ظَهْر ، و تنكيسَ رأسٍ أمسَى بعيدَ الرَّفعِ ودُموعَ حُزنٍ على قُبحِ فِعْلٍ ما لِمَدَدِهَا انقطاع .
بالله إن الرَّحمة بعد المُعَاتَبَةِ ، رُبَّمَا لَم تَسْتَوْفِ قَلْعَ البَغْضَةِ مِنْ صَمِيمِ القَلْبْ . فكما ترى لَيْسَ مَن رَقَعَ وخاطْ كَمَنْ ثَوبُه صَحِيحْ .
و رَّب عَظْمٍ هَيِّضٍ لم يَنْجَبِر ، فإن جُبِرَ فعلى وَهيْ . فاستوثِقُوا مِن لُجُمِ الخَيل .
وانتبهو للغَيمِ إذا تراكمَ بالصُّعُودِ إلى تَلعةْ ، فرُبَّما مَدَّ الوادي فرَاحَ بالرَّكْب .
أفٍّ للذنوبِ ما أقبحَ آثارها وما أسوأ أخبارها ، و لا كانت شهوةٌ تُنالُ إلا بمقدارِ الغَفْلَة .
و الدنيا مفازة ؟ فينبغي أن يكون السابق فيها العقل ، فمن سلَّم زِمَامَ راحِلَتِهِ إلى طَبعِهِ وهَواه - فيا عجلة تلفه - .
احذَرُوا من نَفخَةِ تُحْتَقَر و شَررِةٍ تُسْتَصْغَر فرُبَّما أحرَقَتْ بلدا . و إيَّاكُم و الاغترارُ بحلمه فَكَمْ قدِ اسْتَدْرَجْ .
فالخائفُ آخذٌ بالحَزْم ، و الرَّاجي مُتَعَلِّقٌ بحبلِ الطَّمَعْ ، وقد يُخْلَفُ الظّنَّ .
فليعتبِر ذو الفهمِ بما قُلتْ ، وليعمل بمقتضى الدليلِ و قد سَلِمْ .
نسأل الله عزوجل أن ينبهنا من رقدات الغافلين و أن يُريَنا الأشياء كما هي لنعرف عيوب الذنوب
و في أمان الله وحفظه ورعايته .
على فكرة لمن أراد أن يستزيد فالكتاب هو صَيْدُ الخَاطِرْ لابْن الجَوْزِيّ .
المفضلات