بسم الله الرحمن الرحيم ..

السلام عليكم ورحمة الله ..

( 1 )

تقبل خدها .. ومن ثم تردف القبلة بإحتضان .. إنها الشمس تقبل الأرض لتحضنها الأرض معلنة عن ميلاد يوم جديد ..

الطيور تغرد بألحانها .. تسأل الوهاب من خير هذا اليوم فتحه ونوره وبصيرته ورزقه .. متكلة ً على من رزقها بالأمس وقبل الأمس وقبل وقبل الأمس !

استيقظ في الموعد المحدد .. لكن لم يكن هو الموعد المحدد !!

فالموعد المحدد لذهابه لعمله .. ولكن موعد تناوله للإفطار قد فاته ..

يقف أمام المرأة بعجلة وسرعه يغسل رجله ويده .. ويأخذ موس الحلاقة ليمرره فوق أسنانه !!

يا رباه .. أهكذا تصنع العجلة .. أخذ يتنفس الصعداء فقد كانت الساعة منكوسة .. لذلك فقد اعتقد أن الموعد قد فاته ..

توجه إلى مطبخ المنزل وكانت أمه قد أعدت له إفطاره .. تناوله ومن ثم استقل الحافلة ليذهب إلى مقاعد الدراسة ..

إنها الثامنة تماماً موعد حصة الرياضيات قد حل !!

لقد نسي لأول مرة أن يحضر القلم الرصاص الذي أكد المعلم أن إحضاره واجب من الواجبات وأن يتغيب الطالب عن اليوم الدراسي بأكمله خير له وأرحم من أن يقول بكل خجل وحياء " نسيت القلم الرصاص يا معلمي " .

وقف المعلم أمام الطلاب .. ينظر بشزر إلى ( خالد ) الذي أحضر كل المطلوبات إلا القلم المنحوس .. أقصد القلم الرصاص !

ثم وبصوت عالي وكأنه قائد كتيبة صرخ قائلاً :

جبت كل هذي الزحمة وعجزت ما تشيل معك قلم رصاص !! قلم بنصف ريال !! قلم قيمته 0.13307 دولار أمريكي !!

أنت طالب مهمل !! ليش حضرت اليوم !! أنت تدري لو تنتحر أحسن لك ...

استمر سيل التوبيخ حتى مضى ثلاثة أرباع الوقت ولم يكتب ذلك المعلم على السبورة سوى تاريخ اليوم واسم ( خالد ) بأنه لم يحضر القلم الرصاص !!

حضر بعدها معلم مادة اللغة الإنجليزية .. ويا لسوء الحظ .. فالدرس كان تحت عنوان مشؤوم !!



كان عن " Pencil " أو عن القلم الرصاص أو عن " القلم الرصاص المنسي " كما أراد المعلم الذي يكن في صدره الكثير ضد ( خالد ) لأنه الطالب المتميز والذي تميز عن كل زملائه في إختبارات المادة .. فكانت فرصة المعلم ليثير أعصاب خالد .. مرت الحصة بسلام بقي خالد محافظاً على هدوءه .. وأخذ يصحح الأخطاء للمعلم ..

فمعلم اللغة بدلا أن ينطق " بنسل " حولها إلى " بنكل " !! إلا أن خبرة خالد وقفت حجر عثرة أمام المعلم الذي عُين بوساطة خاله رئيس قسم اللغة الإنجليزية الذي عُين أيضا بالواسطة !!

انتهت حصة اللغة الإنجليزية لينطلق الطلاب إلى الساحة فهي ساعة الفرج " ساعة الفسحة " .. ووسط حديث الطلاب وصراخ الآخرين وإشعال السجائر في تلك الزوايا .. يصرخ معلم الرياضيات :

يا شباب إلي عنده قلم رصاص يسلف الفقير المحتاج خالد ..

بعد أن أشار له بعصاه التي يضرب بها من يمر بجانبه من الطلاب وربما من المعلمين !!!!!!!


( 2 )

يقف أمام جهاز قارئ البصمة ليسجل حضوره اليومي إلى مقر عمله .. يخطره ذلك الجهاز أنه تأخر دقيقة و12 ثانية عن الموعد المحدد للعمل ..

يدلف إلى مكتبه بإبتسامة لكنها ليست المعهودة عنه فهذا أول تأخر له عن العمل بعد 3 أعوام من العمل بجد وإجتهاد وإخلاص ..

بينما هو منهمك يريد أن ينهي أوراق تركها زميله في العمل من أسبوع لم ينهها رغم أنها فقط بحاجة إلى إشارة واحدة من زميله الموظف !!

وبينما هو يأشر أخذ يتمتم : الله يهديك يا سعود .. كلها تأشيرة بالقلم الحبر ومتكاسل !! يا ليــ ..

قاطعه بصوت عالي ومرتفع جعل الهواتف تصمت والمراجعون في تلك الجهة يقفون لبرهه :

سآآآآآآآآآآآآآآآمي وش هذا التأخير ؟؟ تدري كم معاملة تعطلت ؟؟ تدري كم خطاب ما كتبته ؟؟ أنت تدري كم أثرت في العمل ؟؟

يحاول أن يهدأ الوضع فمن أمامه هو مديره المنفعل :

قل لا إله إلا الله .. أنا متأخر دقيقة وحده .. وهذا أول تأخير لي .. والشغــ ..

ويقاطعه دون أن يكمل :

أنت موظف مهمل !! .. ما عندك رقابة ذاتية !! .. ما تصلح تكون حتى فراش !! .. كل الموظفين في المكتب ينجزون إلا سعادتك !!

أكيد مشغلك الدوري الإيطالي ! لالا .. الأسباني .. يمكن كأس العالم !!

أخذ يوجه له عبارات اللوم والتوبيخ وسامي ينظر إلى مكتب زميله سعود الذي تملأه صور لينويل ميسي وكاظم الساهر وصورة ماردونا وبيليه وكريستانو رونالدو .. ثم وجه نظره إلى مكتبه الممتلأ بـخطاب عاجل .. وخطاب الشكر .. وخطاب الموظف المثالي ! .. أضف لها سياسات العمل ..

ثم يقطع حبل تفكيره المدير قائلاً :

أو أكيد مشغلتك الجرايد .. والكاريكتر إلي فيها والكلمات المتقاطعة .. ومقالاتهم إلي ما غير تنتقدني كمدير !!

فبلا شعور يوجه سامي نظره إلى مكتب فهد .. الذي تملأه صحيفة الوطن السعودية والرياض والجزيرة والغد البحرينية والإتحاد الإماراتية والقبس الكويتية والشرق القطرية أضف لها الثورة اليمنية والإندبنتت البريطانية والنيويورك تايمز الأمريكية واللو فيغارو الفرنسية .. ومكتبه الذي تملأه مقالات الكتاب عن المشاكل التي توجد في إدارته وتوصياته بتحسين مستوى الإدارة وعلاج المشاكل ..

وبعد سيل من التوبيخ و التأمل .. جاءت الصاعقة :

سامي .. إعتبارا ً من الشهر القادم راتبك راح يقل.. لأنك أقل إنجازية !



( 3 )

برأيكم هل مجتمعنا مجتمع محبط ؟؟

ينظر إلى الجانب الفارغ من الكأس ؟؟

ولأجل سيئة تمحى ألف حسنة ؟؟

وما الحل مع مثل هذا الإحباط ؟؟

في الدراسة في العمل في المنزل بين الأصدقاء ؟؟

أنتظر آرائكم يا سادة ,,

:: ولي عودة للتعقيب بإذن الله ::