بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
الفشل الكلوي يعتبر من أخطر الأمراض ومعظم أسباب الفشل الكلوي المزمن مجهولة أو شبه مجهولة والوقاية من بعضها ممكن، أما أكثرها فيصعب توقيه لأنه مرتبط بالوراثة.
وفي المملكة العربية السعودية ٦٣ مركزا لإجراء الغسيل الكلوي، فيها ٥٤٦ جهازا لمعالجة ٢١٣٦ شخصا مصابين بالفشل الكلوي النهائي المزمن[إحصائيات سنة ١٤١٠هـ/١٩٩٠م].
ويضاف إليهم كل سنة حوالي ٧٠٠ شخص وتتكلف الدولة مبالغ طائلة حيث يكلف المريض الواحد عشرين ألف دولار سنويا .
لذا أحببت أن أضع موضوعايتحدث عن الفشل الكلوي وقد نقلت الموضوع باختصار من
كتاب الدكتور/محمد علي البار (الفشل الكلوي وزرع الأعضاء) وقد أتى بارك الله فيه
على العديد من الأمور الهامة وأعترف أن اختصارها كان من الصعوبة بمكان ولكن
حاولت وأرجو أن يعنني المولى على ذلك .
سنبدأ بداية في شرح تكوين الكلى كما بداء الكتاب حتى نفهم طبيعة المرض.
تشريح وظائف الكلى
الجهاز البولي في الأنسان مكون من :
- الكليتين .
- الحالبين.
- المثانة.
- تقع الكلية في الخاصرة في مقابل الفقرة الظهرية الثانية عشرة.
- ومستوى الكلية اليسرى أعلى من اليمنى لوجود الكبد من الجهة اليمنى.
- ويبلغ طول الكلية ١٣ سم وعرضها نصف طولها وسمكها نصف عرضها.
- وفي كل كلية تقعر من الناحية التي تتصل بالأوعية الدموية والحالب والأوعية اللمفاوية والأعصاب.
- وتغطيها محفظة ليفية وبعدها لفافة من الشحم، تزن الكلية مابين ١٣٠-١٧٠جراما
تركيب الكلية :
عند فحص مقطع طولي في الكلية نشاهد أنها تتكون من :
- جزء خارجي يدعى القشرة .
- وجزء داخلي يسمى النخاع.
وتحتوي القشرة على الوحدات الكلوية المعروفة باسم نيفرون (وهو مصغر لاسم كلية) .
وتحتوي كل كلية على مليون ونصف المليون من هذه الوحدات الكلوية التي تقوم بتنقية الدم من السموم.
أما النخاع يتكون منمجموعة فصوص على شكل أهرامات تتجه قمتها إلى حوض الكلية
الذي يتلقى قمم الأهرامات ويصب فيه البول الذي يسير للأسفل حتى يفتح بزاوية
في المثانة تجعله يعمل على هيئة صمام يسمح للبول بالنزول من الحالب إلى المثانة
ولا يسمح له بالرجوع إلا في حالات مرضية.
الأوعية الدموية وتروية الكلى
رغم أن وزن الكليتين لا يزيد عن ٤ في الألف من وزن الأنسان البالغ، إلا أن ٢٥ في المئة من كمية الدم التي يضخها القلب تصل إلى الكليتين.
يضخ القلب ٥ لترات من الدم في الدقيقة) أثناء الراحة وتزداد أضعاف مع المجهود العضلي) يصل منها إلى الكلى ١،٢٥٠ مليلتر عبر الشريان الكلوي؛
ويرجع السبب في ذلك إلى أن الكلى تقوم :
- بتصفية الدم من السموم .
- كما تحافظ على قلوية الدم(P H).
- وتحافظ على مستويات الصوديم والبوتسايوم والهدروجين في الدم بنسبة شبه ثابتة، وذلك عن طريق إفرازها في البول أو التقليل منه حسب الحاجة.
"كمية الدم التي تدخل الكلى لتر وربع في الدقيقة أو ٧٥ لتر في الساعة أو ١٨٠ لتر في اليوم"
وظائف الكلية:
للكلية وظائف عدة أهمها مايلي:
1 / التخلص من المواد السامة مثل البولينا والتي تنتج من عملية هضم وتمثيل المواد
الغذائية، ويؤدي تراكم هذه المواد إلى تسمم الجسم ولذا تقوم الكلية بإفراز هذه المواد المذابة في البول.
2/ السيطرة على توازن الماء والأملاح والشوارد في الجسم، وهذه الكميات موجودة في
الجسم والدم بصورة دقيقة متوازنة فإن زاد أحدها عن الحد المعين له حدث مرض أو الموت وإن نقص كذلك، فلا بد من حفظ هذا الميزان الدقيق الذي جعله
الله سبحانه وتعالى موجودا في كل شيء قال تعالى {إنا كل شيء خلقناه بقدر{
3 / المحافظة على كون الدم متعادلا بين الحموضة والقلوية والدم قلوي بصورة بسيطة
وأي اختلال في حموضة أو قلوية الدم تؤدي إلى عواقب وخيمة في وظائف
خلايا الجسم وقد جعل الله للكلى القدرة على المحافظة على درجة تعادل الدم بصورة شبه ثابتة.
وذلك بإفراز البول الذي يكون به مواد حامضة، أو قلوية عند زيادة أيا منهما فيبقى الدم في
صورة ثابتة.
4 / وظائف هرمونية وهي وظائف هرمونية متعددة فالكلى تقوم بالحفاظ على ضغط الدم
بدرجة ثابتة عن طريق إفراز :
- هرمون يدعى الرنين الذي يتحكم في مواد بالدم فيحولها إلى النوع النشط لزيادة الضغط عند الحاجة.
- أو يفرز البروستاجلاندين التي تخفض من ضغط الدم وخاصة في الشريان الكلوي لتروية الكلية بالدم المطلوب.
- وهناك مادة تفرزها الكلية تحول فيتامين (د) الخامل إلى فيتامين (د) النشط الذي يساعد على ترسيب الكالسيوم في العظام وبالتالي منع حدوث الكساح ولين العظام.
- كما أن الكلى تقوم بإفراز مادة تسمى مولدة الحمر أي : مولدة كريات الدم الحمراء وهذه المادة تنشط نقي العظام (مصنع خلايا الدم) ليقوم بتكوين المزيد من كريات الدم الحمراء.
"يستطيع الإنسان أن يعيش حياة طبيعية تماما بكلية واحدة طالما كانت تلك الكلية سليمة..
وتستطيع الكلية الواحدة أن تؤدي جميع الوظائف المنوطة بالكليتين دون حدوث أي مضاعفات.
بل أن الكلية الباقية تستطيع أن تقوم بتنقية الدم حتى لو فقدت نصف قدرتها على العمل.
أي أن الأنسان يستطيع العيش بنصف كلية دون حرج كبير"
الفشل الكلوي
هناك نوعان من الفشل :
- 'القصور' الكلوي أحدهما يظهر بسرعة نتيجة أسباب قد لايكون للكلى بها أي علاقة والأمل في استعادة الكلية لوظائفها كبير.
- فشل كلوي مزمن وينتج من أسباب مرضية مزمنة أصابت الكلى بالتالي فإن استعادة الكلى لوظائفها أمر بعيد الأحتمال.
أسباب الفشل الكلوي الحاد
ينقسم إلى ٣ كالآتي
أ) أسباب ما قبل الكلى :
في هذه الحالة تكون الكلى سليمة ولكن تقل التروية الدموية للكليتين بدرجة شديدة
بسبب نقص كمية الدم أو البلازما أو السوائل أو بسبب انخفاض ضغط الدم الشديد أو هبوط القلب.
ومن أقوى أسباب المؤدية إلى فقدان الدم النزف الداخلي أوالخارجي بأي شكل
من الأشكال مثال : النزف الداخلي قرحة الأثنى عشر أو أثناء العملية الجراحية، أو حوادث
والحوادث والبواسير.
حوادث السيارات من أهم أسباب الفشل الكلوي الحاد ذلك لأنها تسبب النزف الشديد الداخلي والخارجي وتسبب الصدمة وينخفض بذلك ضغط الدم انخفاضا شديدا والأسهال الشديد مع القيء المتكرر خاصة عند الأطفال يسبب في فقدان كبير في سوائل الجسم مؤديا إلى الجفاف ويؤدي إلى قلة تروية الكلى ومن ثم إلى الفشل الكلوي الحاد.
ب) أسباب متعلقة بـ إصابة الكلى ذاتها .
هناك أمراض عدة تسبب إلتهاب شديد للكلى ومن ثم قد تسبب قصورا حادا في وظائف الكلى كالعقاقير، التهابات، تجلط في الشريان الكلوي.
ج) أسباب ما بعد الكلى:
في هذه الحالة تكون الكلى سليمة في الأساس لكن الأصابة تنتج عن انسداد مجرى البول.
"وكل هذه الأسباب وغيرها يمكن أن يؤدي إلى قصور حاد في وظائف الكلى وأن كان الأكثر شيوعا هو أصابة مزمنة للكلى و يضاف إليها عامل حاد يجعل الإصابة أشد وأسرع "
العلاج:
- ينبغي توقي حدوث قصور حاد في جميع الحالات التي يحدث فيها انخفاضا في ضغط الدم وخاصة في الحوادث التي يصحبها هرس للعضلات..
- وفي جميع الحالات ينبغي إعطاء المحاليل عن طريق الوريد ويعتمد نوع المحلول على الحالة. ويتمثل في العلاج في إعطا مادة المنيتول بالوريد في محلول بتركيز 25% على جرعات 200مليلتر .ويمكن إعطاء مدر البول كما يقلل في هذه الفترة كمية البروتينات المعطاة بحيث لا تزيد بحال من الأحوال عن جرام واحد لكل كيلوا جرام من وزن المريض ويمنع تناول البوتاسيوم في الطعام وعند مرحلة كثرة البول ينبغي تعويض جميع السوائل والأملاح والبروتين المفقود في البول.
الغسيل الكلوي
إن لم تجد كل هذه الوسائل في معالجة القصور الكلوي الحاد خاصة عند وجود مرض مزمن إضافة إلى قصور حاد فإن الأمر يستدعي إجراء ديلزة (غسيل كلوي)
دواعي اللجوء إلى الغسيل في حالات القصور الحاد:
- عدم جدوى العلاج السابق ذكره ( المحاليل، والغذاء..إلخ(
- ارتفاع تركيز البولينا في الدم إلى 200 ملجرام / 100 مليلتر من الدم
- ارتفاع نسبة البوتاسيوم في الدم إلى 6،5 مل مكافي في الليتر
- ازدياد حموضة الدم وارتفاع نسبة الهيدروجين انخفاض PH إلى مستوى ينذر بالخطر
- حدوث فقدان للوعي أو نوبات تشنج بسبب القصور الكلوي
وهناك أسباب عديدة من ضمنها:
- السكري
- النقرص
- الجفاف
- العقاقير و المسكنات
كما أن الإفراط في استخدام الأدوية المسكنة و بعض العقاقير الأخرى وهناك قائمة طويلة بالعقاقير التي يمكن أن تؤدي إلى إصابة الكلى وقد تنتهي بالفشل الكلوي
وأول من تنبه إلى أن تعاطي العقاقير المسكنة قد تؤدي إلى الفشل الكلوي :
طبيبان من سويسريان هما / الدكتور زولينجر و الدكتور سلفر وذلك عام 1953 عند تشريحهما مجموعة من الجثث فوجدا زيادة كبيرة في الإصابة بتغيرات مرضية شديدة في الكلى وعند البحث وجدا أن معظم المصابين بهذه التغيرات كانوا من العاملين في أحد مصانع الأدوية والذي يصنع أحد المسكنات وتكاثرت التقارير بعد ذلك التي تتهم مجموعة كبيرة من العقاقير المسكنة وأدوية الروماتيزم وبعض المضادات الحيوية.
أهم العقاقير المسببة لإصابة الكلى:
الفيناستين، الأسبرين، البارستايمول "البنادول" وفينو بروفين ومشتقاته، أندوميثاسين، حامض الميكلوفيناميك، نابروكسون..إلخ
بإختصار كل الأدوية المسكنة وأدوية الروماتيزم إذا استخدمت لفترة طويلة وبكمية كبيرة نسبيا يمكن أن تؤدي للأصابة بالكلى ومن ثم الفشل الكلوي ، و المضادات الحيوية، والعقاقير المستخدمة لمعالجة السرطان، عقاقير التخدير.
الخلاصة :
تعتبر العقاقير وبالذات المسكنات من أهم أسباب الفشل الكلوي في كثير من الدول الأوربية وفي أستراليا ويذكر كتاب مرجع أمراض الكلى أن 20 % من المرضى الذين يعالجون بالغسيل في أستراليا كان سبب الفشل هو تعاطي المسكنات بكثرة لمدة طويلة وثبت في بحث أن 20% من حالات الفشل الكلوي بمصر ناتجة عن استخدام العقاقير وتلوث البيئة والجدير بالذكر أن نسبة حدوث الفشل الكلوي في مصر عالية جدا بحيث تبلغ 190 حالة في كل مليون من السكان سنويا بينما هي 40-60 من كل مليون من السكان سنويا في معظم بلاد العالم.
الإحصائيات بلغ عدد مرضى الفشل الكلوي في المملكة والذين يتلقون الغسيل في عام 1420هـ 5700 يضاف إليهم كل سنة 110 مريض جديد لكل مليون نسمة.
في أروبا تبلغ نسبة '80-40 فرد في المليون
في الجزيرة العربية 70- 110
شمال أفريقيا 90 -160
الهند 40-150
ومصر تعتبر أكبر دولة يصاب شعبها بالفشل الكلوي.
وبهذا أنتهى هذا الموضوع سائلا المولى أن أكون أفدتكم في هذا الطرح كما أسأله تعالى أن يلبسكم لباس العافية وجميع المسلمين
وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
المفضلات