الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة على خير المرسلين وآله الطاهرين وأصحابه الغرّ الميامين ، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، ، وسلم تسليماً كثيرا وبعد . .

التاريخ نذير قوم لا يغفل ، وشاهد حق لا يكذب ، هو عبرة لمن تذكر وادكر ، ولولا التاريخ لم يصل إلينا خبر ولا أثر ، فهو غذاء الأرواح ، وعنوان الأمم ، وخزانة أخبار الناس والرجال .
من تأمل التاريخ استنار قلبه ورشد عقله وحسن رأيه لأنه يعيش عصره بتجارب غيره ، ومن حوى التاريخ في صدره أضاف أعماراً إلى عمره .

قال ابن الأثير : "وإنه لا يحدث أمر إلا وقد تقدم هو أو نظيره ، فيزداد الإنسان بذلك عقلاً ، ويصبح لأن يقتدي به أهلا " . .

المسلمون مرّوا بتجارب كثيرة وظروف مريرة ، تعلموا فيها وتيقنوا من سبب المُصاب . .

وتكرار الأحداث في عصور متفاوة سنة كونية ماضية لله سبحانه وتعالى . .

فلو أبصر المسلمين الآن ما أصابهم من ذل وخنوع وأعادوا النظر لتاريخهم لأدركوا معضلتهم وسبب نكستهم . .

الأمر يطول وما أردته هنا هو قضايا المسلمين الكثيرة والتي لن تنتهي ولن ينتهي معها سُنّة البلاء والتمحيص التي بها تتساقط الأقنعة ويكشف الزيغ والبهتان . .

قضايا المسلمين ليست للثقافة العامة ومعرفة الأخبار ، بل هي تأدية واجب ونصرة مظلوم وجبر مصاب . .

أخي أختي ؛ "المسلمون جسد واحد" ثم "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ، فكيف بالجسد الذي يذبح من الوريد إلى الوريد وبقية الأجزاء لا تشعر ولا تتألم ولا تقف مع بقية الجسد ؟!!

وعلمنا أن "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا" فكيف بهذا البنيان أن يتهاوى ، والشد يتفكك ويتشتت ؟!!

وإن من حق المسلم عليك أن تهتم لأمره وتسأل عن حاله ، فهو منك وأنت منه . . {إنما المؤمنون إخوة}

يا إخوة ما لقلوبنا أصبحت قاسية وبخلت نفوسنا بكل شيء حتى الكلمة الطيبة والدعاء !!

فإلى متى يبقى فؤادك قاسياً . . وإلى متى تبقى بغير شعور

هلا قرأت ملامح الأم التي . . ذبلت محاسن وجهها المذعور

هلا استمعت إلى بكاء صغيرها . . وإلى أنين فؤادها المفطور

هلا نظرت إلى دموع عفافها . . وإلى جناح إبائها المكسور






قضايا المسلمين ليست بجديدة ومآسيهم ما زالت مستمرة ، كل يوم يذبح مسلم ويقتل ويشرد !!

والله إن مما يحزنني ويحزن المستضعفين في كل مكان أن يغفل عنهم أبناء جلدتهم وإخوانهم ، ويركنوا للعب واللهو . . ولا يلقوا لهم بالاً ، حتى أنهم لا يكلّفوا أنفسهم عناء متابعة أخبارهم حتى لا تتعكر صفوة مزاجهم !!

عجباً ، كيف يأتي النصر ؟؟ وكيف ستقوم الأمة من رقادها ، وتعود لقيادة الأمم ، وأبناءها في خِضم الخزعبلات والمنكرات !!

كيف يأتي النصر ونحن لم ننصر الله في نفوسنا ؟!! كيف تقوم دولة الإسلام على أقوام أشغلتهم الشهوات والملذات ؟؟

كيف ننتصر ونحن لم ننصُر إخواننا وتركناهم يتجرعون الظلم والمعاناة وحدهم !!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، ويَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ»

وقال عليه الصلاة والسلام :
«مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ.
وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ»


ديار المسلمين تنزف ولا من مجير ، وليت أقوام ينتهوا عند السكوت ، بل زادوها تنكيل وتخذيل بإخوانهم المصابين !!

تعددت يا بني قومي مصائبنا . . فأقفلت بابنا المفتوح إقفالا
كنا نعالج جرحا واحداً فغـدت . . جراحنا اليوم أشكالا وألواناً






هنا وفي هذه السلسلة سنتعرف بإذن الله على بعض قضايا المسلمين ومعاناتهم ، وسيكون مختصر . .

لكن قبل أن نبدأ
لنعلم إننا وعندما ذكر ما يحدث للمسلمين من مصائب ومآسي وقتل وتشريد ودمار ..

حدث وما زال يحدث ويتجرعه المسلمين ....

ليست دعوة للتخاذل والخنوع والذل ، كما يستخدمها بعض الهالكين !!

ليس هي دعوة للبكاء والعويل ..

بل للعظة والعبرة أولا ، ونصرتهم وتقديم العون ثانيا ، وكذا استنهاض الهمم وتحريك روح الجهاد والدفاع عن حياض الإسلام ومحارمه .

والله ما حصل لنا هذا إلا لتركنا للجهاد وشرع الله ، وتقاعسنا عن نصرة المظلوم وإغاثة المكلوم . .

ثم أصبحنا ننتظر الأوامر من الكفار ، ونأخذ الأذن منهم في كل خطوة !!

متى نتوقف عن الشعارات والهتافات والكذب صُراح .. متى كان الغرب يهتم لأمر المسلمين ؟!!

بل متى كان يريد لهم أن يتحدوا ويجعلوا من دينهم الإسلامي الحاكم لهم وتعلوا راية لا إله إلا الله في ديارهم ؟؟

لنكتفي وأكتفي عند هذا . .

نسأل الله أن يغفر لنا ويرحمنا ، ويجبر مصابنا بضمائرنا الميّتة

وينصر دينه ويعلي كلمته . . ويمكن للمجاهدين في ديار المسلمين وينصرهم بنصره ، ويهدي ضال المسلمين . .