{{ قبل أعوام.. قُتلت طفلةٌ صغيرة في العاشرة من عمرها ولم تُعرف هوية قاتلها.. وقرر والداها التبرع بقلبها..

القلب كان من نصيب طفلةٍ صغيرة أخرى في الثامنة من عمرها كانت تحتاج زراعة قلب..

تمت عملية النقل بنجاح.. ولكن الطفلة بدأت برؤية كوابيس مفزعة لقاتلٍ يقوم بقتلها..

أرهقها هذا جداً وأخذها والدها لطبيبٍ نفسي..

استمع الطبيب لها باهتمام.. وصفت له ما تراه.. القاتل.. والجريمة..

أخيراً.. قال الطبيب بأنه من المحتمل أنها ترى قاتل الفتاة الصاحبة الأصلية للقلب.. وأشار على والديها بإعلام الشرطة!

الشرطة تمكنت من القبض على القاتل باستخدام الوصف الدقيق الذي أمدتهم به هذه الفتاة..!!
}}










"وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" (الأعراف 179)


قرأنا كثيراً هذه الآية وآياتٍ أخرى شبيهةٍ بها..

البصر في العين..

السمع في الآذان..

والفقه أو الفهم والإدراك في القلب..



وهناك آيات كثيرة أخرى تنسب العقل والعلم إلى القلب..

كقوله تعالى: "
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا" (الحج 46 )


أحياناً كنا نفهم هذا على أن المقصود بالقلب هو الدماغ أو النفس أو الروح.. أو دواخل الإنسان عامةً.. ولكن تتمة الآية.. تؤكد على ما قصدته.. وتقطع الشك باليقين:


"
فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" (الحج 46 )


القلوب التي في الصدور..










قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ, وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ, أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ" (أخرجه البخاري في الصحيح)


أكد -صلوات الله وسلامه عليه- هنا على أنه يتحدث عن عضو محدد من أعضاء الجسم..

عن القلب..

ذُكر القلب في القرآن الكريم أكثر من مئة مرة.. فما الأسرار التي يحملها هذا العضو والتي استحق عليها أن يحظى بكل هذه الأهمية؟؟

إعجازٌ علمي جديد.. من داخل أجسادنا.. من العضو الذي يُعلمنا يومياً أننا ما زلنا على قيد الحياة.. من الذي يستمر بالنبض والنبض بغير توقفٍ أو تعب، ودونما تدخلٍ منا حتى آخر نفسٍ في حياتنا..



من قلوبنا..!









{{ عانت فتاةٌ من اعتلالٍ في عضلة القلب.. وتمت زراعة قلبٍ لها..

ولكنها أصبحت كل يوم تحس وكأن شيئاً يصطدم بصدرها..

شكت لطبيبها هذه الحالة فقال بأن هذا بسبب تأثير الأدوية.. ولكن شعور الفتاة لم يتوقف..

اكتشفوا أخيراً أن صاحبة القلب الأصلي صدمتها سيارة في صدرها وأن آخر كلمات نطقت بها أنها تحس بألم الصدمة في صدرها..!
}}









على مدى سنواتٍ طويلة اقتنع العالم بأن القلب مجرد مضخة للدم لا أكثر ولا أقل..

ولكن مع تطور عمليات زراعة القلب والقلب الصناعي احتاج العالم إلى أن يغيّر نظرته للقلب طبياً!

القرآن الكريم أخبرنا سلفاً أن الإحساس والمشاعر الإنسانية وغيرها موجودة في القلب.. وأن القلب ليس مجرد مضخة..



فمن المشاعر الإيجابية:


السكينة في القلب.. "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ" (الفتح 4)

الرأفة والرحمة في القلب.. "وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً" (الحديد 27)

الاطمئنان في القلب.. "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (الرعد 28)

الأُلفة في القلب.. "وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ" (الأنفال 63)

الثبات في القلب.. "وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ" (الكهف 14)


ومن المشاعر السلبية:

الفظاظة والغلاظة في القلب.. "وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" (آل عمران 159)

الاشمئزاز في القلب.. "وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ" (الزمر 45)

الرعب في القلب.. "سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ" (آل عمران 151)

الغفلة في القلب.. "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا" (الكهف 28)

الشك في القلب.. "وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ" (التوبة 45)

الحسرة في القلب.. "لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ" (آل عمران 156)


لقد تحدث القرآن كثيرا.. عن أمراض القلوب..










{{ حدث للعديد من المرضى أن استبدلت قلوبهم بقلوب اصطناعية..

ولكنهم بعدها.. فقدوا الإحساس والعواطف والقدرة على الحب!


يقول المرضى بعد العملية مباشرة: "إن مشاعرهم تغيرت بالكامل، فلم يعودوا يعرفون كيف يحبون أو يعبرون عن عاطفتهم وحتى مشاعرهم تغيرت تجاه أفراد أسرهم"..
}}









معظم الذين يزرعون قلباً صناعياً يشعرون بأن قلبهم الجديد قد تحجَّر ويحسون بقسوة غريبة في صدورهم، وفقدوا الإيمان والمشاعر والحب..

وهذا ما أشار إليه القرآن في خطاب الله تعالى لليهود: "ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً" (
البقرة 74)


فقد حدّد لنا القرآن صفتين من صفات القلب وهما القسوة واللين، وهذا ما لم يكتشفه العلماء بعد!


يقول تعالى عن الكافرين: "فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" (الزمر 22)

ثم يقول تبارك وتعالى في المقابل عن المؤمنين: "ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" (الزمر 23)









{{ امرأة تدعى كلير سيلفيا تم زراعة قلب ورئة لها من شاب كان عمره 18 سنة مات في حادث سير..

بعد الزراعة أخذت تتصرف بطريقة ذكورية وتحب بعض الأكل الذي لم تكن تطيقه من قبل مثل الفلفل الأخضر والبيرة وقطع الدجاج.. كما بدأت تحلم بشخص مهم جدا لها اسمه تيم..

وعندما قابلت أهل الشخص المتبرع بالقلب تبين أن تصرفاتها أشبه ما تكون مرآة لتصرفات المتبرع، والذي كان اسمه تيم!
}}









بدأ الباحثون يلاحظون أن القلب في الواقع هو من يؤثر على الدماغ وليس العكس!

وقد اعترف العلماء أنهم لم يدرسوا القلب كما يجب سابقاً..




يقول البرفسور Arthur Caplan رئيس قسم الأخلاق الطبية في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية:

"
إن العلماء لم يعطوا اهتماماً لهذه الظاهرة، بل إننا لم ندرس علاقة العاطفة والنفس بأعضاء الجسم، بل نتعامل مع الجسم وكأنه مجرد آلة"..

~

يؤكد الدكتور J. Andrew Armour

أن هناك دماغاً شديد التعقيد موجود داخل كل خلية من خلايا القلب، ففي القلب أكثر من أربعين ألف خلية عصبية تعمل بدقة فائقة على تنظيم معدل ضربات القلب وإفراز الهرمونات وتخزين المعلومات ثم يتم إرسال المعلومات إلى الدماغ، هذه المعلومات تلعب دوراً مهماً في الفهم والإدراك..

~

يقول الدكتور Paul Pearsall بعد تجارب ومشاهدات استمرت سنوات طويلة:

إن القلب يحسّ ويشعر ويتذكر ويرسل ذبذبات تمكّنه من التفاهم مع القلوب الأخرى، ويساعد على تنظيم المناعة، ويحتوي على معلومات يرسلها إلى كل أنحاء الجسم مع كل نبضة من نبضاته“..

~

يؤكد بعض الباحثين اليوم على أن القلب لا يغذي الجسد بالدم النقي فحسب، إنما يغذيه أيضاً بالمعلومات مع كل نبضة!

كما وجدوا أن القلب يبث مجالاً كهربائياً هو الأقوى بين أعضاء الجسم، لذلك فهو من المحتمل أن يسيطر على عمل الجسم بالكامل..!


يتحدث العلماء اليوم جدّياًّ عن دماغ موجود في القلب يتألف من 40000 خلية عصبية، أي أن ما نسميه "العقل" موجود في مركز القلب، وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه.. ولذلك فإن الله تعالى جعل القلب وسيلة نعقل بها..


قال تعالى: "
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" (الحج 46 )









{{ أحب شابٌ امرأةً فتزوجها..

وبعد سنوات من زواجه وبسبب إلحاده أراد أن يتخلص من حياته فانتحر بمسدس في رأسه فمات..

ولكن قلبه بقي يعمل.. فقام الأطباء باستئصاله وتمت زراعته لمريض مؤمن يحب فعل الخير..

هذا المريض وقع في حب نفس المرأة أرملة الشاب المنتحر وتزوجها..

ولكنه انقلب من الإيمان إلى الإلحاد فجأة..

والعجيب أنه بعد سنوات انتحر بالطريقة ذاتها التي انتحر بها الشاب صاحب القلب الأصلي!!
}}









أكّد لنا القرآن الكريم في أكثر من موضع أن القلب هو محل الإيمان..

قال تعالى: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ" (النحل 106)


والكفر والإنكار في القلب.. "فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ" (النحل 22)


وحتى النفاق في القلب.. "فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ" (التوبة 77)



ولم يكتشف العلم هذا إلا متأخراً بعد القصص الكثيرة التي مرت به.. ووقف مصدوماً من اكتشافه!










قال العلم أن كل خلية من خلايا القلب تشكل مستودعاً للمعلومات والأحداث، ولذلك بدأ الحديث يكثر عن ذاكرة القلب..

وقال تعالى: "وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" (آل عمران 154)


~


قال العلم أن للقلب دور كبير في التعلّم لأن القلب يؤثر على خلايا الدماغ ويوجهها..

وقال تعالى: "وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" (التوبة 93)


~


قال العلم أن مركز الكذب هو في منطقة الناصية في أعلى ومقدمة الدماغ، وأن هذه المنطقة تنشط بشكل كبير أثناء الكذب، أما المعلومات التي يختزنها القلب فهي معلومات حقيقية صادقة، وهكذا فإن الإنسان عندما يكذب بلسانه، فإنه يقول عكس ما يختزنه قلبه من معلومات..



وقال تعالى
عن القلب: "يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ" (
الفتح 11)

وقال عن الناصية: "نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ" (
العلق 16)










سقتُ لكم في هذه السطور بحثاً أُدهش كلما قرأتُه.. ويحتار ذهني فيه كلَّ مرة وكأنما أقرأه لأول مرة..

ويبقى السؤال يحيّر العلماء حتى اليوم.. أين العقل؟ في القلب أم في الدماغ؟

نثق نحن أنه في القلب! و "
قلوبٌ يعقلون بها" هي خير دليل على ذلك..!



قرآننا وسنة نبينا مليئة بشتى أنواع الإعجاز.. فلماذا لا نتعب في البحث عنها؟ ولماذا ننتظر الغرب ليكتشف اكتشافاته ثم نبتسم نحن لهم ونقول: أوه! نعرف هذا منذ 1400 سنة!


في الواقع ورد هذا قبل 1400 سنة ولكننا لم نعرفه أو ننتبه له إلا عندما اكتشفوه هم!

جهود العلماء كبيرة في مجال الإعجاز ولكنها تحتاج المزيد..



إذا كان لنا نحن الأفراد دور فهو التدبر الحقيقي في معاني آيات القرآن.. ومكافحة الخرافات التي تُطل علينا تحت مسمى معجزات وما هي إلا أغصان شجرة أو بضع خضراوات أو علامة على وجه طفل..!



المعجزات الحقيقية هي في الكتاب المسطور وفي الكتاب المنظور.. في قرآننا وفي الأسرار التي يكشفها لنا عن الكون من حولنا وعن أنفسنا من داخلها........ وعن قلوبنا..!


وأخيراً نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على الإيمان.. ونتذكر أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك" (صححه الألباني في صحيح الترمذي)..


وندعو بدعاء المؤمنين: "رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ" (آل عمران 8)



وصدق الحق إذ قال: " تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ"
(الجاثية 6)..









المرجع:


موقع الدكتور عبد الدائم الكحيل للإعجاز العلمي – بحث أسرار القلب والروح..