السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مرحبـــــــــــــــــــــأً بكم جميعاً...
عندما كنت صغيرة ،كنت دائماً أحلم بأن أذهب في رحلة بعيدة،محفوفةٌ بالمخاطر،أواجه فيها المجهولمن غير خوف،وبكل شجاعة، أعود منها سالمة ،ولا أنساها أبداً...
لذا..عندما كنت في الصف السادس الإبتدائي قمتُ يتأليف هذه القصة،وقد كانت أولى قصصي...
فأحببتُ أن أُقدمها لكم....بعد أن أدخلت الكثير من التعديلات إليها...
أرجو أن تستمتعوا بها...
^_________________________________^
..*يــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــارا إندرسون*..
هبت نسائم الهواء الرقيقة تداعب خصلات شعرها الأسود الطويل ،وتمنحها إحساساً رائعاً..
جعلها تفتح عينانها الواسعتان الزرقاوتان،وترسم على شفتيها الحمراوتان حمرة الورود إبتسامةٌ هادئة،وتتنهد بإرتياح شديد..
وهي تتكأعلى حافة الشرفة داخل غرفتها ذات الأثاث الثمين..
وتنظر بشغف إلى ذلك البحر الواسع ،ومياهه الزرقاء تتلألأ أسفل أشعة الشمس الساطعة ..
وطيور النورس البيضاء تفرد أجنتحتها وتجوب فوق سطحه الأملس،ومن حين لآخر تصدر أصواتاً تعبر عن إمتنانها العميق ،وإخلاصها الصادق لذلك البحر المتألق....
وبينما هي مستغرقة في تأملاتها، أخذت أحلامها تمر عبر خيالها ..فمنذ نعومة أظافرها وهي تحلم دوماً بذلك اليوم الذي ستركب فيه على متن ذلك القارب الصغير،وتذهب في رحلة ،لتعبر البحر وتكتشف ما تخبأ لها تلك الأرض البعيدة الواقعة خلفه ..
وتنهدت مرة أخرى ، وأحست بحزن شديد يكتنف قلبها ...فعلى الرغم من أن والدها من أكبر تجار القرية وأكثرهم ثراءً،وعلى الرغم من حرصه الدائم على تلبية جميع رغباتها ..إلا أن حلمها هو الشيء الوحيد الذي أبى أن يحققه لها ..
أما والدتها ،فكل ما كانت تأبى له هو أن تعلمها كيف تتصرف كآنسة مهذبة وعاقلة ،وأن تتراعي عادات وقواعد وأصول سكان القرية...
وتحول حزنها إلى غضب جارف وهي تفكر بالقرية التي تعيش فيها ،إنها تكره سكانها،تكره تلك الحفلات التي يقيمونها والتي تضطر دائماً مرغمة على حضورها ،والإستماع إلى ثرثرة النساء التي لا طائل منها...
ثم عاودها التفكيرفي حلمها الذي تشعر أنه لن يتحقق ليعاودها حزنها من جديد...
ومما زاد الأمر سوءاً أن سمعت في تلك اللحظة صوت مربيتها العجوز (مامي) وهي تنادي عليها ...فرفعت صوتها مجيبة أنا في الشرفة)..
وماهي إلا لحظات حتى كانت معها في الشرفة..
كانت تلك المربية دائماً ما تقسو على (يارا) وتدعوها بـ(الشاذة،غريبة الأطوار) ،ودائماً ماتشمخ بأنفها وترمقها بنظرات حادة من عيناها الصغيرتان المختبأتان دائماً خلف زجاج سميك،وتلوي شفتاها الرفيعتان في مقت شديد...
مما جعلها تدخل ضمن إطار الأشياء التي تكرهها (يارا)..
وقالت بصوت كالصفير حالما رأتها : (آه،ها أنت ا هنا)..فالتفتت (يارا) إليها وقالت بضيق شديد : (ما الأمر؟)..فقالت المربية العجوز إن والدك السيد (إندرسون) ووالدتكي السيدة (هان) يريدانكي حالاً)...
وعلى الفور زال الضيق من (يارا) ليتحل الدهشة مكانه وقالتيريداني!!أنا؟؟لم؟)..فوفعت المربية رأسها قائلةستعلمين حالما تذهبين إليهما)...
ولم تعلم (يارا)لماذا رودها ذلك الشعور بالخطر الوشيك...وغادرت الشرفة ،ومن بعدها غرفتها ،ثم إجتازت بهو واسع لينتهي بها بباب ضخم بني اللون...
وترددت قليلاً قبل أن تمد يدها وتطرق الباب ببطء ،وتريثت حتى سمعت صوت خشن يجيب إدخلي (يارا) ) ففتحت الباب ودلفت إلى الغرفة الواسعة .كانت -كالعادة- مظلمة وقد أُسدلت الستائر لتغطي النوفذ وتحجب أشعة الشمس الدافئة..
وكانت قطع الأثاث الثمينة منتثرة في الغرفة من غير تنسيق...
كان والدها يجلس على مقعده الوثير الفضل المفضل بجانب المدفأة ،ووادتها تجلس على مقعد آخر في مواجهته...
كان والدها أشيب الشعر قصير القامة ممتلأ الجسم ،وقد ورثت (يارا)عيناها من والدها ،يتسم بالفظاظة دائماً..
أما والدتها ،فكانت عكس والدها تماماً ..رشيقة الجسد ،هادئة الملامح، رقيقة، وشعرها وشفتاها مثل (يارا)...
قال والدها حالما رآهاإقتربي يا إبنتي ) فدنت (يارا) منه وجلست على مقعد مجاور له ،وشعرت بالقلق يملأ نفسها..
ورأت والدها يشبك أصابع يديه ويقولأنتي تعلمين كم أنكي غالية علي ،وكم أحبكي حباً جماً،فأومأت (يارا)برأسها،وأكمل والدهاوأنتي تعلمين أيضاً مدى شوقي لأن أراكي في أحضان رجل يحتضنكما منزل واحد ،ويحميكي من مخاطر المستقبل)..
وشعرت وكأن صاعقةٌ قد عبرت كيانها ،وجمدت في مكانها ،ولم تقو على النطق بكلمة واحدة...
وسمعت صوت والدتها من بعيد يقولإنه إبن حاكم البلاد ،وهو وسيم ،وقوي ،وشجاع،و...)لااااااااااااااااااااا!!
صرخت (يارا)بتلك الكلمة من غير وعي منها وشعرت كأن ما يحدث حولها ليس حقيقي ولم تستطع منع دموعها فتركتها تسيل على وجنتيها وقالت بصوت كالأنينلا.لا أريد .لا لا ترغماني على فعل هذا،أتوسل إليك أبي ،لا أريد)...
وفوجئت بصوت والدها وقد غدى قاس فجأةمالذي لا تريدينه؟ (يارا) آن الأوان لتتخلي عن أحلام الطفولة السخيفة تلك ،وتتصرفي كفتاة ناضجة، ستتزوجين غداً ، وليس لكي أبداً أن ترفضي)...
فرفعت وجهها نحوه ونظرت إليه برجاء، ولكنه نهض متجاهلاً نظراتها وهو يقول ستكوني سعيدة معه ،إنه الأنسب لكي )...
وشعرت (يارا) في تلك اللحظة ببغض شديد تجاه والدها فأحنت رأسها وقالت بخنوع حسناً ،هل تسمح لي الآن بالعودة إلى غرفتي)...
وسمعته يقوللا بأس)،فنهضت وإتجهت بخطوات ثقيلة خارج الغرفة وعادت مرة أخرى إلى غرفتها ،وما إن أغلقت الباب خلفها حتى شعرت وكأن على وشك الإنفجار،فركضت نحو سريرها وإنطرحت،وأُجهشت بالبكاء...
وأخذت تصرخ لا .لا .لا يمكن أن يكون ذلك حقيفي .لا يمكن.لاااا)...وأخيراً شعرت بجسدها منهكاً بشدة، فتوقفت عن الصراخ وأخذت تأن بصوت منخفض وأحرقت دموعها وجنتيها ...
وشعرت برأسها يكتنفه الدوار ،فاعتدلت وجلست على السرير ،وحانت منها نظرة نحو الشرفة..
فعادت إليها ،وأخذت تتأمل قرص الشمس وهويغيب عن الأفق تاركاً ظلالاً ضخمة على الساحل البارد...
ومن جديد عاودتها أحلامها،ولكنها شعرت بها هذه المرة وكأنها مجرد سراب بعيد إختفى...
وأخذت تغمغم أريد أن أذهب معك ،خذني أرجوك)...
وفجأة جال بخاطرها فكرة.وشعرت بدقات قلبها ترتعد.لكنها أبعدتها على الفور ..ولكنها في ذاتها أخذت تصارعها...
نعم.لم لا؟ إن والدي لا يهتم سوى بالثروة التي سيجنيها من وراء زواجك..
ولكنه أبي!
وعلى الرغم من ذلك لم يفكر يوماً في سعادتي..
ولكن..
لايوجد وقت للتردد علي أن أتسلل في الليل وأذهب بعيداً عن هنا ...
ولكن..
سأذهب إلى البحر،إلى حيث حلمي...
وأحست باليقين يملؤها...
نعم لن أتردد...اللية...
وغادرت الشرفة بخوات ثابتة ملؤها الثقة...
^______________________________________^
سأكمل فيما بعد بإذن الله تعالى...
وأرجو أن تكون القصة قد حازت على إعجابكم...
::في حفظ الرحمن::
لينزي..
المفضلات