أولاً
كل عام و انتم بخير
بمناسبة عيد الأضحى المبارك
ثانياً
آسف لاني تأخرت ( كثيييييييييييرا) على وعدي لكن لم يكن الامر بيدي صدقا
فقد انقطع النت من يوم الاربعاء و حتى اليوم ( حبكت يقطع ايام العيد -- حاجة تفقع المرارة بصراحة)
ثالثاً
اخيرا جاء الوقت الذي تقتصوا مني فيه ... ها انا ذا القي اليكم اول ما انتجه عقلي الصغير مداه و اقدم لكم اولى قصصي القصيرة
اعلم اني لست اهلا لذلك بيد اني احببت ان اشارككم ... اعتذر لهؤلاء الجحافل كتاب القصص في منتدانا لاني ازاحمهم فيما بضاعتي قليلة فيه
و لا اريد ان اطيل عليكم
---------------------------------------------------------------------------[ أترككم مع القصة ]----
" "يبدو أن الجو صحو اليوم.. لكن علينا أن نعود فقد تأخر الوقت."
كانت هذه إجابتي على أمي و أنا ادفع كرسيها المتحرك أمامي عائدين إدراجا إلى منزلنا...
نمر خلال هذه الشوارع شبه الخالية من الناس على حافة هذا الجبل الذي يقع بيتنا عند سفحه...
فقد تعودت أن اخذ أمي القعيدة في جولة كل يوم لنستنشق هذا الهواء الطيب،
و حتى لا تصاب بالاكتئاب... هكذا وصاني الأطباء...
كنا نتأمل منظر الغروب أثناء سيرنا قبل أن يلفت انتباهنا صوت مستغيث
" النجدة!! أنقذوني أرجوكم!!"
تركت أمي على احد جوانب الطريق و هرولت إلى مصدر الصوت... ذهبت حيث السياج الحديدي المحيط بالطريق
فوجئت بهذا الشاب الذي بدا عليه التعب و ق تعلق بطرف السياج و كاد أن يسقط
السقوط من هذا المكان لا يعني إلا شيئا واحدا.. الموت
ساعدته على الصعود حتى استقر على الطريق
كانت تلك أول كلمات قالها لي قبل أن انظر إلى وجهه.. و فجأة بدت لي ملامحه
انه هو.. أخي.. نعم أخي... الذي سافر منذ عدة سنوات
ترددت صورة هذا الحلم بكل تفاصيل مشاهده أمامي حين سألتني أختي الصغيرة ذات السنوات الاثنى عشر
" أميمة، ألن يعود إلينا أخي مرة أخرى؟ "
لقد كان سؤالا مؤلما حقا.. فقد سافر أخي للعمل بالخارج بعد وفاة أبي منذ خمس سنوات... كان يرسل إلينا بعض النقود التي تعيننا على متطلبات الحياة... كان يتصل بنا على فترات.. صحيح أنها فترات متباعدة.. لكنه كان يتصل
كانت آخر مرة يرسل إلينا أو حتى نعرف عنه أي خبر منذ سنتين.. سنتين لا نعرف عنه أي شيء
مما دفعني لان اترك دراستي الجامعية و أضحي بحلمي الذي كنت أتمنى أن أحققه... و التحقت ببعض الوظائف البسيطة !!
لكن، ما يساوي ذلك في سبيل إنقاذ أمي المريضة و أختي الصغيرة.. اثنتان لا ذنب لهما في كل ما يحدث.. حقا، إن ما اسميه بالتضحيات يهون على النفس في سبيل دفع شبح الموت و الضياع عن هذه الأسرة الصغيرة
من الصعب علي أن انظر إلى أختي الحائرة حين سألتني... من الصعب أن أرى هذا اليأس الذي ملأ وجهها..
" سيعود إن شاء الله يا صغيرتي... سيعود قريبا... بأذن الله "
أجبتها و أنا أضمها إلى صدري حتى اخفي عنها دموع عيني التي عجزت عن كفّها
لا ادري هل سيعود أم لا... بل لا ادري احيّ هو أم ميت .. لكني أظن في الله خيرا
منذ عدة اشهر رأيت هذا الحلم و لم أقف على تفسيره حتى لحظتي هذه... لكني اشعر بان له معنى ما..
صليت العشاء و اطمأننت أن أمي قد تناولت دواءها في موعده..
جلست اقرأ القران و أدعو الله – كعادتي – قبل أن اتجه إلى سريري لأستريح قليلا بعد عناء عمل استمر طوال النهار
لم انم... ولو شئت فقل: عجزت عيني عن أن تنام... فقد أخذت أفكر في حال هذه الأسرة من خمس سنوات، قبل وفاة أبي
لقد كان يحاول أبي جاهدا أن يسعدنا بقد ما يستطيع، و إن لم نكن من الأغنياء أو أصحاب الأملاك... لكننا كنا راضين عن حالنا و كنا نشعر بالسعادة بما في أيدينا من القليل...
مات أبي.. ترك لنا بضعة آلاف من الجنيهات، كانت هي كل ما نملك حينها
أصر أخي على السفر للعمل بالخارج، فقد كان حال الشباب في بلادنا يرثى له من جهة العمل، و لو أردت أن تعرف ذلك عيانا فما عليك إلا أن تنظر على احد المقاهي المنتشرة في كل شارع لترى صفوف الشباب العاطلين قد أصبحوا يجلسون في تلك المقاهي أكثر من أصحابها أنفسهم!!!
سافر أخي، و ترك لنا القليل من المال... اشتريت به ماكينة خياطة عملت عليها مساءا.. فلم يكن ما يرسله لنا أخي يكفي لسد متطلباتنا الكثيرة خاصة و أن أمي تحتاج إلى شراء الدواء باستمرار
لكن حتى هذا القليل الذي كان يرسله... انقطع منذ سنتين... تركت دراستي و عملت في احد المحال المتوسطة... نسيت أحلامي و طموحاتي... نسيت كل شيء.. و لم يبق لي في الحياة إلا هدفا واحدا... أن ابقي أمي و أختي على قيد الحياة بقدر ما أستطيع!!
ظلت تلك الأفكار تذهب و تجيء في رأسي... لم يقطعها إلا دق الباب.. من يا ترى قد يأتينا في ساعة كهذه ؟؟
قمت مهرولة نحو الباب... وقفت خلفه و سالت
" أنا يا أميمة... أنا محسن "....
محسن !! .. تسمرت في مكاني حين سمعت هذا الصوت.. عجزت عن الحركة بل و توقف لساني عن الكلام... لم يُفك قيدي هذا إلا حين سمعت أمي تناديني
نظرت بجواري فرأيت أختي الصغيرة تنظر إليّ و تترقب ما سأفعل..
فتحت الباب.. نظرت إلى الطارق ... محسن !! ... محسن .. انه أخي الذي سافر منذ زمن... تغيرت ملامحه كثيرا و بدا عليه و كأنه من أبناء الستين... لكن ما كنت لأخطئه أبدا... انه أخي... محسن.
لم أتمالك نفسي.. ارتميت في أحضانه و أخذت ابكي..
أغلق هو الباب و اتجه إلي أختي.. وضع على جبينها قبلة احسبها لم تر مثلها من قبل..
" ها قد كبرت أيتها الشقية!!"
قال لها تلك الكلمات ثم ضمها ضمة حانية كما كان يضمها في صغرها من قبل
"من بالباب يا اميمة ؟" سالت أمي مرة أخرى..
توجه أخي إلى حجرتها.. فتح الباب.. لحظة صمت عمت منزلنا الصغير... رأيت دموع أمي لأول مرة بعد كل هذه السنين... لقد كانت تتمالك نفسها و تمنع عينيها من البكاء مهما كان السبب... كانت تخشى على مشاعرنا و تحاول أن تبث فينا الأمل و القوة.
سالت دموع أمي على وجنتيها رغما عنها.. لا ادري أهي دموع فرح بعودة ابنها الذي غاب عنها سنوات طوال و كادت أن تفقد الأمل في أن تراه مرة أخرى!! ... أم أنها دموع عتاب لهذا الابن على ما فعله في حقنا !! .. أم أنها دموع الحزن على ما فات من عمر ابنها دون أن يحصّل شيء يذكر؟؟؟
لا ادري، لكن تبقى الحقيقة أنها أم.. أم بكل ما تحمل تلك الكلمة من المعاني و الأحاسيس.
اندفع إليها يقبل يديها باكيا.. كأنما يطلب منها العفو و الصفح على ما اقترفت يداه... مشهد عجزت كلماتي كلها عن وصفه مهما ابتغيت إلى ذلك سبيلا...
تعانقا عناقا حارا.. يحمل شوق خمس سنين من الفراق... عناق أم بابنها الذي لم ينفك عن كونه ابنها يوما من الأيام... عناق يأذن بمرحلة جديدة في حياة هذه الأسرة..
أنها اللحظة التي تحولت بعدها أسرتي إلى أعظم مما كانت تحلم بكثير..
" لن أترككم بعد اليوم أبدا.... "
قد يكون أخي عاد كما ذهب أو لنكون أدق ، خسر زهرة عمره ... فترة الشباب ... يجري وراء السراب ... وراء لاشيء .. لكن الأهم أنه عاد .. رجع إلينا سالماَ .. هناك آلاف الشباب الأخرين الذين لا يعرف أهليهم عنهم أدنى شيء ...
تمنيت لو كل من أراد أن يخطو خطوة يعلم ما سيجنيه منها و إلا فستجني عليه هي ...
و في النهاية يقضي على أحلامه بيده .. يقتل أحلام السراب..
------------------------------------------------------------------------------------------[ تمت بحمد الله ]----
و اخيرا اطلب منكم اراءكم بصراحة
المفضلات