الجمعة 26 كانون الأول 2008
أسعد الله أوقاتكم بكل خير.
إليكم موضوعي الأول في المنتدى.
قصة طويلة أزمع كتابتها على فصول متلاحقة (من الإجحاف في حق الأدب أن أسميها بالرواية).
بعد قراءتكم للفصل الأول ، أرجو منكم التصويت على الاستطلاع المفتوح في الأعلى ، لا ترحلوا دون أن تتركوا تعليقاً أو انتقاداً ، مع أهمية التشديد على نقطة تعنيني: لا لردود مثل "مشكووووووووووور" ، أو"تسلم إيديك" أو " في انتظار التكملة" ، ردود كهذه تشعرني بالأسف على حال كاتبيها ، وأفضل ألا أرى ردوداً على أن أمتع عيني بردود كتلك .
على كل حال ، عندما ترد ، اكتب ما يدل على أنك أعملت عقلك كما يفترض بأي مسلم ( وإذا أردت التخصيص هنا بأي عربي) ، أو... فلترحل بصمت.
ملاحظة:عذراً على تكرار الموضوع (آلاف المرات) ، كنت أواجه بعض المشاكل على الحاسب.
الفصل الأول :
أحاديث ما قبل البدء
أو
على جناح الألباتروس
كان الطريق كما قلبها ، يتغير بجنون عند كل منعطف ، وكان عليها أن تتابع المسير.
وحيدةًَ على الطريق مضت... وأظلم ألف شعاع.
تطاولت اللحظات بقسوة ، وامتدت الثواني رتيبة لتحشرها وسط السرداب، ولكنها ، رغم ذلك ، مضت.
كان في قلبها هاجس ما ينبئها بأن الأمر لن يكون خدعة هذه المرة ، بأن دهليز الظلمة الممتد هذا سينشق عن"وحيد"، وبأن الفتى البائس الذي رحل صادقٌ لأول مرة.
تسارعت نبضات قلبها عندما استرجعت خاطرها الأخير ... الفتى البائس؟ كيف عنّ لها أن تدعوه بذلك؟ ألم يكن منذ لحظات قليلة ، منذ سويعات معدودة... ألم يكن يمثل في ذهنها مارد القسوة المطلق؟
ألم تكن تتمنى اجتثاثه من واقعها كنسمة باردة في حر الصيف؟
أي حر وأي صيف؟ وهل ترك لها منهما شيئاً؟ألم تكن ليالي الأرق المضنية التي قضتها ساهدة تبحث عن إجابات لأسئلته الساخطة، كافية لإقناعها بأن البرد لا غيره عنوان العيش في جحيم الموت هذا؟
رباه كم كرهته!
لمّا رمت دموعها أمامه أخيراً ، استشاط في نفسها ألف شيطان ساخط ، لكنها كتمت غيظها باستسلام عجيب .
كان عليها أن تصمد أمام جنونه المتغطرس ذاك كما فعل وحيد، لكنها استسلمت بعد لأي.
أورثها استسلامها المهين ذاك ألماً غامراً ،وامتلأ قلبها بالجراح... كان عليها أن تعوض خسارتها تلك، فتشبثت بقرارها بعناد جارف.
"لن أعمل في جحركم الغبي هذا بعد اليوم".
كلما نظرت إلى عينيه بعد ذلك ، ساورها شعور جارف بالتناقض، كانت قسوته كاذبة ، كانت ابتساماته الساخرة كاذبة ، كان الاستمتاع السادي الذي يظهره وهو يجبر أقوى العقول على تفريغ مكنوناتها كاذباً ، كان دوره بأسره مهزلة هائلة !
صدقت ذلك نواحي قلبها المائجة بالألم ، لكن عقلها لم يفعل... وعندما مثلت أمامه ذلك اليوم أدركت على الفور أنها خدعة جديدة ، طريقة مبتكرة لإيقاعها في شرك العمل.
"الألباتروس" ، همس أمامها وقد خلع وجهُه كل خلجة من قسوة كان يرتديها ، "العمل أو الألباتروس، وعليك أن تختاري!".
امتلأ وجهه بتقلصات تشي بالفزع ثم أردف : " سيكون الموت أرحم ، صدقيني !".
لم تستطع منع ضحكتها الساخرة من الانزلاق عبر شفتيها: لقد كان يكذب ، وكان كذبه مثيراً للشفقة... هل فقد المارد الذي أخضع الجميع قدراته حتى يلجأ إلى وسيلة مكشوفة كهذه؟
عادت بنفسها إلى الحاضر عندما انشق الدهليز عن حزمة من خيوط النور فجأة ، أبصرت "وحيداً" ، ملقىً في الزاوية ككومة من العظام ، يتنفس بألم ويشهق بخوف.
شلتها صرخاته التالية تماماً ، بدا الأمر كابوساً لن تطأه نقطة النهاية.
"أنتِ أغبى من قابلت! لم أظن أن عقلكِ قاصر إلى درجة كهذه! كم دليلاً على المرء أن يعطيك حتى يقنع فكرك المأفون بوجود الألباتروس؟".
كانت على وشك الحديث ... لكن نظراته الحانقة سمّرتها في مكانها وعقدت لسانها.
"أجل... كنت هناك!" ، قال كمن يجيب على تساؤلاتها.
تابع هاتفاً والشرر يملأ الغرفة بجو مغرق في الكره: "وكنتِ على وشك الذهاب لولا أنّ ذلك المارد تدخل وأنقذك ، أتسمعين؟ ذلك الوحش الكاذب كان شهماً بما يكفي ليمضي بقدميه إلى ما هو أسوأ من الموت".
كانت السخرية تقطر من كلماته حين تابع :" أوصاني وحشك الطيب أن أخبرك بأن عليك الموافقة إن سألك أحدهم عن رغبتك بالمتابعة ، ولا أظنك تفرّطين بعد ما شهدتِه بنصيحة كهذه... والآن هلا أرحتِني من رؤيتك ورحلتِ؟"
استدارت لترحل ، لكن صوته عاد ليوقفها : "لست أرغب برؤيتك على الإطلاق ، لكن هناك بعض الأمور التي يتحتم عليك معرفتها ... عودي غداً واحرصي على أن لا يعلم أحد بقدومك..."، صمت قليلاً ، ثم نطق الكلمات التالية ببطء مؤلم :" أو بأمر معرفتك للألباتروس".
سرت في جسدها قشعريرة باردة، وبدا لها الدهليز في طريق العودة أكثربؤساً ، وأكثر مرارة... وأكثر ظلمة.
تم بحمد الله ، الفصل الأول.
قبل البدء بكلمات ما بعد الفصل ينبغي أن أنبه أن القصة لا تتكلم عن علاقة حب ، وقد يتخيل أحدكم عند القراءة ذلك ، إلا أنني لا ألجأ إلى إثارة المشاعر كما يفعل البعض ، لذا أضطر آسفة لإخبار رواد هذا النوع أن القصة ليست ما يبتغونه.
كلمات أخيرة:
ما هو الألباتروس؟
ما هي العلاقة التي تجمع أبطال القصة؟
وما هوالعمل الذي تقحم فيه أكبر العقول ، ويسبب هذا الكم من المشاكل؟
ستتضح بعض من أجوبة هذه الأسئلة في الفصل القادم بإذن الله ، لكنني أرغب برؤية استنتاجاتكم.
دمتم في حفظ الله وصونه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المفضلات