السلام عليكم
اقدم لكم الجزء 27:
(يا للروعة, وكان هذا ما كان ينفصنا, لغز بلا حل) (على فكرة, الالغاز تحتاج الى ذكاء) (ماذا تقصد يا ولد؟) (لا اقصد شيئا) (لقد فهمت ما ترمي اليه, تريد ان تقول اني غبي اليس كذلك؟) (ومن قال ذلك؟) (لقد لمحت الى ذلك) (حقا؟ لم اعلم) (الان صرت تعلم, كفاك مراوغة ودعنا نبحث عن حل) مضى الاثنان في تلك الكثبان بلا هدى, فإذا بالرياح تعصف, والرمال تتطاير هنا وهناك: (يبدو أن عاصفة قادمة نحونا) (عاصفة؟) قالها بكل انفعال, ثم أردف: (وأين سنحتمي منها؟ ويا ترى أين تلك المدينة التي أشارت إليها الورقة؟ ياإلهي) (ما بك؟ لا ينقصك شيء الان غير صرخة جزع) (يبدو أنك على وشك الصراخ بدلا مني) (مالذي تقوله؟ لماذا؟) (تكاد قدمك تطأ على أفعى) (ماذا؟!) وصرخ صرخة مدوية عاد صداها إليهما, ثم قال سامي ببرود: (لقد اختفت!) (ماذا؟ لقد كاد قلبي يقف قبل لحظة, والان تقول لي بكل بساطة وبرود شديد لقد اختفت؟) (ليس قصدي هذا) (ماذا قصدك اذا؟) (يجب أن يكون هنالك مكان ذهبت إليه تلك الأفعى, لا يمكن لها أن تختفي هكذا) (هذا صحيح, أتعلم؟ دعنا يحفر قليلا في المكان الذي اختفت فيه, لربما نجد شيئا ما) وبدآ بالحفر حتى وصلا إلى عمق لا يتجاوز نصف متر, فإذا بهما يحدقان في باب يشبه أبواب السراديب, وكانت مرسومة عليه نقوش غريبة, أشبه بالأحافير: ( وكأنها أفاعي) كان مصنوعا من الصخور الصلبة جدا: (أيا ترى, هل سنستطيع تحريكه لمعرفة ما تحته؟) (ومالذي يجعلك متاكدا جدا هكذا من وجود شيء تحت هذه الصخرة؟) (ومالذي يجعلك متشائما هكذا؟ هيا, ساعدني على تحريكه) أمسك كل منهما بقبضة, وكأنما كانتا موجودتين لهما خصيصا, وبعد جهد طويل, استطاعا أن يحركا الصخرة, فإذا بهما يريان العجائب: (هل... هل من المعقول ان تكون هذه هي المدينة؟) (اجل, هيا بنا لننزل هناك) (اتعلم؟ انا متردد جدا) (ولماذا التردد؟) (لقد كدت تطا قبل عشر دقائق على افعى, والان نجد مكانا مليء بالافاعي) (أتعلم يا سامي؟ يجب أن أخاف أنا, لأن الذي كاد أن يطأ على الأفعى هو أنا, والآن لا تكون جبانا, ولندخل) (ماذا ماذا؟ جبان؟ سنرى من الجبان الآن) ودخل سامي قبل رامي بكل شجاعة مصطنعة, فذهل أكثر مما كان من قبل: (مابالك واقف بلا حراك يا... شجاع؟) (كفاك استفزازا يا رامي, انت فقط انظر امامك ولا تسخر مني) نظر رامي كما قال له سامي, فاذا بدهشته أكثر من دهشة سامي نفسه, ثم غمغم بكلمات لم ينطقها جيدا من فرط الدهشة: (ما...هـ... لكـ...) (ماذا؟ مابالك واقف بلا حراك؟ ولماذا لا تستطيع أن تنطق؟ هل أكل القط لسانك؟) (الا ترى؟ أنظر مالذي امامك, الافاعي في كل مكان, والناس يتعاملون معها وكان شيئا لا يحدث!!! ماهذا؟) (غربة هذه المدينة, إن بها اسواقا و بيوتا, و.... سكان!!!) وفجاة سمعا بصوت اشبه بصوت شبح يقول من خلفهما: (ومالذي تتوقع ان تجده في مدينة؟) فارتعب الاثنان, والتفتا ببطء الى الخلف, فاذا برجل كهل قد ارتدى ثياب رثة غطى راسه بقلنسوة, وقف خلفهم, ثم أردف: (يبدو انكما قد قدمتما من مكان بعيد جداً, لعل وعسى ان تخلصانا من محنتنا التي نعاني منها, فكما تريان, مديتنا غير المدن الاخرى, فهي تحت الارض, رملية, مليئة بالثعابين ذات السم القاتل, اسواقها لا تعتبر اي شيء اساسي غير المزامير, وصوت المزمار لو تلاحظان لا يتوقف ابدا) (ولكن لماذا تقول لنا كل هذا؟) (ربما تستطيعان الدخول الى وكرها, وتمسكان بها) (وما هي؟) (انها الافعى الام, الافعى التي سببت لنا كل هذا, الافعى التي باضت كل تلك البيوض, وباتت تتكاثر بيننا, تعاليا الى منزلي, فان الفجر يوشك ان ينبلج) تبع الاثنان الرجل بكل حذر ويقظة, فتاهمسا بين بعضهما البعض: (ولكن ما امر هذا الرجل؟ يبدو غريبا بالنسبة الي) (لست مرتاحا له ابدا) قال سامي مخاطبا الكهل: (يا عم, كيف للسماء ان تنعكس هنا؟ ان الامر غريب بعض الشيء) (كما انكم تحت الارض, فكيف تصل اشعة الشمس اليكم؟) (لقد وصلنا) تهامس الاثنان مرة اخرى: (هل يتعمد تجاهلنا؟) (اصبر قليلا, لربما سيخبرنا بكل شيء في منزله) كان المنزل مظلما, وعندما اضاء الانوار: (ان... ان.. الافاعي داخل منزله ايضا!!!!) (يا الهي!!) (عليكما ان تعتادا على هذا الامر, فالافاعي في كل مكان, تفضلا بالجلوس) فكر رامي في نفسه: (اخشى ان تظهر لي افعى من تحت الكرسي الذي ساجلس عليه) (اسمعا, لقد دخلتما الى هذه المدينة, ويستحيل عليكما الخروج منها, فاما البقاء في هذا العذاب, واما ان تخاطرا بحياتكما, واما الموت, فاختارا) (مهلا يا عم, من قال باننا سنبقى هنا؟) (ومن ناحية عذاب, فهو بالفعل عذاب, ولكن مالذي تعنيه بان نخاطر بحياتنا؟) (حسنا, ساروي كل شيء بالتفصيل, منذ زمن, جاء رجل غريب الى هنا, لا نعرف من هو حتى الان, جاء حاملا معه افعى) (والتي هي الافعى الام؟) (بالضبط, اراد ان يختبر شجاعة اهل المدينة كما قال, واغرى الجميع بالمبلغ المالي الذي عرضه, لقد كان كبيرا, وقد سحر جميع رجال القرية به, قال انه سيضع هذه الافعى في وكر مكانه ليس الوصول اليه صعب, وعندما يذهب اليها اول شجاع ويموت, ستبدا بوضع بيوضا لا تعد ولا تحصى الى ان يصل اليها شجاع اخر ويحمل الصولجان الذي تحميه, ولكن هذا الشجاع الثاني الذي يخقف سيتسبب في نزول المدينة الى تحت رمال الصحراء, وذهب اثنان من شجعان المدينة الذين انتقاهم كبار المدينة بكل دقة, فبنجاحهما ستغنى المدينة, ولكن احدا لم يتجرا احد بعدهما, فلقد اخفقا, بل ودفعا حياتهما ثمنا لذلك, ونحن بانتظار اي شخص ياتي ليحمل هذا الصولجان, فهو الذي سيوقف تكاثر هذه الافاعي, ويعيدها الى سابق عهدها, بل وافضل من ذلك, وقرر كبار المدينة بان يعطوا ذلك الصولجان لهذا الشخص كمكافاة له, ولكن حتى الان, لم يات احد قلبكما) (ولكن يا عم, كيف تاقلمتم مع هذا الوضع الصعب؟) (كان علينا ذلك, فلا مفر لنا, ونسبة الى السؤال الذي سالتماني اياه بداية, بدا لي ان ذلك الشخص علم باننا لن نستطيع ان نصل الى تلك الافعي, فوفر لنا كل شيء, حتى الضوء, من خلال مرايا تعكس السماء الى هنا, اذا, مالذي اخترتماه؟) قال سامي مخاطبا رامي: (رامي, انا لن اتوقف عن مسيري في رحلتي) (وانا كذلك, فهذا يعني ان نخاطر) (ولكن, هل نخاطر لانفسنا؟ ام لهم؟) (دع نيتك صافية, ولنخاطر للجميع) (حسنا, يبدو انكما قد اجتمعتما على امر واحد, ساجهز لكما مكانا تنامان فيه) (اشكرك).
ترقبوا الاثارة في الجزء القادم
في امان الله
المفضلات