انهار جهازها العصبي حينما سمعت بخبر خطبته، فتداعت قواها مما أفقدها الإحساس بالعالم، فتم نقلها إلى المستشفى حيث أدخلت العناية المركزة. لم يطل بها المقام في عالم الغدر فانتقلت إلى رحمة الله. ولم تمض ساعات على وفاتها، وإذا بالزوج الخمسيني وبعناد عجيب يجد السير في إتمام مراسم زواجه الثاني..!!!
هذا الخبر ورد على صفحات الزميلة جريدة الرياض يوم الاثنين الموافق 22 نوفمبر 2009.
الخبر كان صادما للقراء، فكيف لشخص يصنف على أنه إنسان يصل فيه تحجر القلب أن يصفع بكل الاعتبارات الإنسانية، وفيه من العنجهية ما يكفي أن لا يحترم جلال الموت ولا يقيم وزنا لحزن الآخرين وفجيعتهم ليعيش بهجته الخاصة..؟!! أي نوع من الأنانية يملك هذا الرجل لتسمح له أن يقيم فرحا وهو يعلم أن هناك من يذرف الدمع..؟!! كيف له أن يهنأ بسعادة بنيت على حساب تعاسة..؟؟!!
متحجر القلب والمشاعر، ميت الضمير، فاقد الإحساس، الله سوف يعاقبه...كانت هذه الكلمات هي مضمون أغلب تعليقات القراء على الخبر، وقد اكتفى احدهم بكتابة الآية الكريمة (ثم قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة).
إن هذا الخبر هزّ الناس، وجعلهم يصرخون بالإدانة، واصفين الرجل بما تمليه عليهم قيم المنطق والضمير والحق.. ولقد تساءلتُ: لِمَ كل هذا الهجوم والأحكام القاسية على رجل تزوج للمرة الثانية مع أن فكرة الزواج الثاني فكرة قائمة في الذهنية العربية ويغذى بها الذكر وهو في المهد.؟ نعم، إن الشيء الذي أجبرهم على اتخاذ هذا الموقف لأنه ترتب على ذلك الفعل موت فيزيائي.
في الواقع أن الزواج الثاني في حقيقته يتضمن قتلا.. فالزوج الذي يتزوج على زوجته في الحقيقة هو يقتلها، يوجه إليها طعنة قاضية في صميم قلبها الذي أحبه، في خاصرة روحها التي ربطت سبب وجودها به. وكما يحدث في الحياة المادية، فإن بعض الناس يموتون من الطعنة القاتلة، وبعضهم ينجو ولكنهم يعيشون بإعاقة ما؛ تجعل الحياة بالنسبة لهم مسيرة عذاب مستمر ومشوار قهر مقيم ودرب دموع لا تجف.
كذلك تماما النساء اللاتي يتلقين طعنة الزواج الثاني، والتي هي طعنة مميتة بلا ريب.. بعض النساء كالتي ورد خبر مفارقتها الحياة، فموتها المادي لحق بموتها المعنوي، والبعض الآخر يجبرن على الأصعب والأمرّ. وإذ أحزنني خبر وفاة المذكورة في الخبر، لكن حالها ليس بأسوأ حالا من النساء اللاتي يحملن في دواخلهن كائناً ميتاً يحيل حياتهن إلى حلقة متصلة من العذاب، ويبقي أعماقهن ملبدة بغيوم دمع لا ينضب. ويحولهن من نساء تسير على الحياة إلى كائنات تسير عليها الحياة.
وبعدها ألا يحق لنا أن نتساءل بحيرة: أي قسوة يملكها الرجل؟!!!
جريدة الوطن === الجمعة 10 ذو الحجة 1430 ـ 27 نوفمبر 2009 العدد 3346
المفضلات