السلام عليكم ورحمة الله وبركاته !
خطر في بالي قبل مدة أن أجمع بعض كتابات الكاتب "فاروق جويدة" في موضوع هنا في قسم اللغةِ العربية لا أعلم
لِمَ ولكن ما شجعني للتنفيذ هو قراءتي لرأي حنين به حين قالت " رائع" !
شاعر يتميز بالبساطة وسلاسة الأسلوب, يسهل على الجميع القراءة له! (:
سأعتبر هذا الموضوع رحلةٌ بين حروف الكاتب ليس للنقد بل للتأمل .. لا أجيد المقدمات فعلًا لكن في الحقيقة
لا أطمح لردود مشجعة وشاكرة لجهدي في قراءة أحدَ عشرَ كتاب له في يومين ومحاولة اختيار الجميل من
كتاباته !
لكن بحق أودُ فقط أن ينال استحسانكم ما اخترتُ وأُذكر قبل كل شيء" أن ليس بالضرورة أني أتبنى أو أؤيد
كل ما نقلته عنه.. وربما يكون سطر واحد أو عبارة وحيدة حملتني نقل نصٍ كاملٍ إليكم" !
وقبل أن أنسى أشكر أسامة لمساعدتي في الكتابة فقد كانت متعبةً بحق وهو السبب الثاني لتشجيعي على المتابعة
فلست أحب تضييع جهد أي أحد سدى!
. . .
ما أصعب أن تنتظر حبيبًا ..
أسوأ الأشياء في الدنيا هو الانتظار .. أن تنتظر حلمًا .. أو ردًا أو جوابًا عن سؤال .. أن تنتظر حبيبا وأنت تعتقد أنه ربما عاد يوما .
أن تنتظر حلما سقط منك في زحمة الحياة .. وما زال يراودك بريقه القديم .
ولقد عشت حياتي كلها لا أحب الانتظار .. لأن الانتظار يعني أن أقدارك وحياتك وظروفك في يد شخص آخر .. وأنا لا أحب أن أضع مصير حياتي في أيدي الآخرين مهما كانت مكانتهم عندي .
من الصعب أن تنتظر ترقية من رئيسك في العمل لأن ذلك قد يعني تنازلات كثيرة قد لا ترضاها لنفسك وتفرضها عليك الظروف .. ومن الأصعب عليك أن تنتظر من أحد شيئا وأنت تشعر في قرارة نفسك أن الكبرياء يمنعك من هذا الانتظار .
ومن أصعب الأشياء على الإنسان أن ينتظر حلما خذله .. وهو لا يستطيع استعادته .. إنه يشعر أن الحلم يوشك أن يموت في أعماقه وهو عاجز أن يفعل له شيئا .. إنه يترنح في لحظات النهاية وهو لا يملك غير الدموع .
وما أصعب أن تنتظر حبيبا .
في بعض الأحيان يكون انتظار الحبيب أجمل شيء في الحياة لأنك تعرف متى سيعود .. وتتحول لحظات الانتظار إلى سيمفونية جميلة من الشوق واللهفة والحنين .. ثم تصل إلى ذروتها والأيدي تبحث عن الأيدي والعيون تحتضن نظرات العيون ، وما بينهما أنهار من الشوق الجارف والحنين الصاخب المجنون .
وفي أحيان أخرى يتحول الانتظار إلى كابوس طويل .. لأن الذي تنتظره اختار طريقا غير طريقك ورضي لك ما لا ترضاه أنت لنفسك وهانت عليه كل الأشياء .
وما أطول ساعات الانتظار وأنت تجلس وحيدًا تحدق أحيانا في وجهك ، وأحيانا أخرى تنظر للهاتف في عتاب .
وتحاول أن تبعث في نفسك الأمل الواهن الذي يذوب أمامك كأنه شمعة حزينة تعيش لحظاتها الأخيرة قبل أن يطويها الظلام .
وتحاول أن تستعيد ذكريات الأمس وتراها حولك أشباحا صامتة لا تتكلم .. إنها تماثيل من الشمع تحولت إلى هياكل أثرية لأيام جميلة .
وتقرر بينك وبين نفسك ألا تنتظر أحدًا .. وتقول لنفسك لمَ أبقيه وما أبقى عليّ .. ثم تتفجر في داخلك شلالات الحنين وتجد نفسك مرة أخرى تعيد قصة الانتظار .
وفي أحيان أخرى تطفو على الأفق سحابات من اليأس تغطي كل شيء حولك .. وتجد من يقول لك : لقد مضى كل شيء .. ولم يبق أي شيء يمكن أن تعيد معه هذا الماضي الجميل .
وتحاول أن تبعد عن عينيك هذه الأشباح المخيفة .. وتفحص عينيك مرة أخرى وأنت تستعيد صورة آخر لقاء .. وأول لقاء .
وكيف كانت البداية زهورًا جميلة .. وكيف كانت النهاية سهاما دامية .. وما بين لون الزهور الحمراء الزاهية .. ولون الدماء التي حملتها السهام القاسية .. تجلس وحيدا تنتظر .
بعض الناس يقولون .. لا تنتظر حبيبا باع .
وبعضهم يقول .. ربما أعاده حنينه ..
وهناك من يقول .. العمر أقصر من أن نضيعه على الأطلال .
وأقول لنفسي شيئًا وأفعل غيره .
بالأمس عاهدني قلبي أن نحاول معًا النسيان .. وكلما انطلق صوت الهاتف انتفض قلبي بين جوانحي في لحظة انتظار لا أجد لها نهاية .
كل عام وأنتِ حبيبتي!
الأيام تجمع أوراقها وترحل.. وهاهو العام يطوي حقائب أسفاره
ويمضي في رحلة أبدية.. بينما يظل في الأفق عام جديد.
إذا كان هناك عام حمل ذكرياته ومضى فهناك عام آخر
نستقبل معه أحلامًا جديدة.
ولن ننسى ذكريات عامنا الذي رحل.
في هذا العام عشنا لحظات توحدنا فيها رغم انشطارنا في
بلاد الله شرقًا وغربًا وفي كل اتجاه استطعنا أن نلملم شظايانا
المتناثرة في كل مكان. الأوراق المبعثرة صارت كتابًا.. والنغمات
الحائرة صارت لحنًا.. والجدران المحطمة صارت قصرًا..
والأحلام القليلة منحتنا القدرة على أن نواجه الحياة جمعنا كل
هذه الأشياء وصنعنا منها عالمًا جديدًا.
في هذا العام تجسدت أحلامنا ورأيناها تتجاوز الحدود
والظروف والألم. كان كل واحد منا يحاول أن يحلق بجناح واحد,
فيسقط وحينما حلقنا معًا استطعنا أن نطير رغم أن كل واحد
فينا يحمل جناحًا مكسورًا.. واكتشفنا أننا استعدنا قدرتنا على
الطيران رغم أننا تصورنا يومًا أننا لن نعود للسماء مرة أخرى.
رسمنا أحلامًا صغيرة.
إننا لا نريد شيئًا من الآخرين.. ولكننا نريد أنفسنا.. لا
نحمل كرهًا ولا حقدًا لأننا لا نعرف كيف نكره ولم نتعلم كيف
نحقد.. ولكننا اخترنا الحب طريقًا.
حاولنا أن نجد أنفسنا في أشياء صغيرة.
في لحظة تتجاوز حدود الزمن والناس.
وفي حلم يتجاوز حدود الأشياء.
وفي غد يمكن أن يمنحنا الأمان.
وفي ماضٍ يمكن أن يعلمنا الدرس.
وفي اختيار ننقذ به أنفسنا قبل أن يأتي الطوفان.
وأدركنا ربما بحكم الزمن والتجربة أن ما يسعدنا قليل..
وأنه ممكن. وأن ما تصورناه السعادة يومًا... كان حلمًا زائفًا..
وأملًا كاذبًا.
أدركنا أن حولنا وجوهًا كثيرة ولكن في النهاية نحن نحتاج
لوجه وحيد يؤنسنا ويسعدنا ويحتوينا.
تعلمنا أننا قد نملك أشياء كثيرة.. ولكن ربما تغنينا أشياء
قليلة.
في هذا العام اقتربنا من أنفسنا أكثر.. لقد اكتشفنا أن هذا
الضجيج الكاذب لا يغني عن لحظة صفاء مع النفس يشعر فيها
الإنسان أنه أكبر من كل الإغراءات.. وأسمى من كل هذا الزيف..
وفي هذا العام أحببتك أكثر.
ابتعدنا أحيانًا واكتشفنا أن البعد يزيدنا شوقًا .. وأن لحظات
البعد علمتنا كيف نحافظ على المشاعر الجميلة التي جمعت
بيننا.. وأن الأيام زادتنا تماسكًا.. وأن البعد قربنا أكثر وأكثر.
وحينما كنا نقترب كنا نشعر بأن الزمن يحاول أن يكون
كريمًا معنا, وأن الحياة ما زالت تعلمنا.. وأدركنا يومها أن ما بيننا
يستحق أن نضحي من أجله وأن نتحمل المشاق في سبيله. في هذا
العام أحببتك أكثر.
إن المشاعر أمام قسوة الظروف.. والألم.. والمعاناة يمكن أن
تتراجع أو تتغير أو تصيبها موجات اليأس.. ولكنني اكتشفت في
هذا العام أن الظروف زادتنا إصرارًا.. وأن البعد زادنا قدرة.. وأن
اللحظات التي توحدنا فيها كانت تغنينا عن كل سنوات العمر الذي
تسرب من بين أيدينا وضاع.
سوف أظل مدينًا لهذا العام الذي رحل.. لقد حلمنا فيه
كثيرًا وحقق بعض أحلامنا .. وتناثرنا فيه.. وانشطرنا.. ثم تلاقينا
وتوحدنا.. وتجاوزنا محنة الظروف.
كان عامًا غريبًا في كل شيء, في مفاجآته.. وتقلباته..
رأيناه يتنكر لنا حينًا.. ويعانقنا أحيانًا.. ويشقينا حينًا.. ويسعدنا
أحيانًا.. أخذ منا وأعطانا.. ولكن أجمل ما كان فيه أنني أودعه
الآن وأنا أشعر أني أحبك أكثر.
الأيام التي تمنحنا الحب لا يمكن لنا أن ننساها!
نحن وأخطاء الآخرين
يحاول الإنسان أحيانًا أن يجمل صورة إنسان أساء له يوما .. ربما كان حبيبا .. ربما كان صديقا .. ربما كان زميل عمل أو رفيق مهنة .. وتحاول بينك وبين نفسك أن تغير ملامح صورته المشوهة على امتداد سنوات العمر .. تحاول مثلا أن تبرر أخطاءه معك .. أو تعطيه عذرًا فيما فعل فتقول كان الطموح يسيطر عليه .. أو كانت حساباته خاطئة .. أو كان فهمه للناس محدودًا بحكم العمر والتجربة .. وتنجح محاولاتك .. وتتغير مشاعرك وتتلاشى من خيالك كل صور الماضي القبيح .. تجد مكانًا جديدًا في قلبك لإنسان أساء إليك .. وتشعر أنك نسيت إساءته وغفرت له خطاياه .. ولم يبق داخلك إلا كل إحساس جميل .. تفعل هذا وأنت مؤمن بأن الغفران أجمل كثيرًا من الحقد .. وأن الحب أبقى من الكراهية .. وأن النبل أعظم من السفه والترخص .. وتفتح صفحة جديدة تنسى بها كل ما فعل الآخرون .
وتكتشف الكارثة .. أن الذين أساءوا إليك في البداية لديهم إصرار غريب أن يسيئوا لك ألف مرة وحتى نهاية العمر .. وأن الذين غرسوا السهام في قلبك لديهم استعداد لأن يغرسوا في نفس القلب ألف سهم جديد .. وتقف حائرًا مع نفسك وتتساءل .. أيهما كان أفضل: ما فعلته أنا أم ما يفعله الناس عادة في مثل هذه المواقف .. بألا تتوقع حبا من إنسان كرهك يوما .. ولا تتوقع شهامة من إنسان خذلك يوما ولا تتوقع من البخيل كرما ولا من الوضيع ترفعا .. ولا من القاتل إحساسا بالذنب .. هكذا يتصور الناس عادة .. ولكنني كنت دائما أقول إنه ليس هناك شر مطلق وليس هناك أيضا خير مطلق .. ولكن هناك أشياء تتغير .. وتتغير معها طباع الناس .. إن اللص الفقير يحلم بأن يجد ما يكفيه فيمتنع عن السرقة .. والإنسان الذي حرمته الحياة من الحب يمكن أن تختلف طباعه إذا وجد من يحبه .. والصفح والنسيان والغفران أجمل كثيرًا في إيقاعها ككلمات .. وأثرها كسلوكيات .. وقيمتها كأفعال .
فإذا كنت قادراً على الحب فلماذا أكره ؟ وإن كنت قادرًا على العطاء فلماذا أبخل ؟ وإذا كنت قادرًا على نسيان خطايا الآخرين فلماذا أعيش بها وأظل أحمل عبثًا ثقيلاً على قلبي ؟
كنت أتخيل أن الناس يمكن أن تتغير .. وأن من كرهك يمكن جدًا أن يحبك خاصة إذا لم يكن هناك ما يبرر الكراهية .. واكتشفت أنني واهم وأن ما يقوله الناس هو الأسلم والأصدق .. فالثعبان لن يكون يوما قطا أليفا .. والكلب لن يكون أبدًا عصفورًا مغردًا .. والعقرب لن يكون في يوم من الأيام نحلة تعطي الشهد أو فراشة تعطي الجمال .
اكتشفت أنه من الصعب جدًا أن يغير الزمن أساسيات السلوك في البشر .. لأن الذي اعتاد أن يكون بخيلاً طوال حياته لا يمكن أن يصبح كريما بين يوم وليلة .. والذي أدمن القتل لا يمكن أبدا أن يترك العصافير تلهو في السماء وتغني في الحدائق .
من الصعب جدًا أن يصير الخفاش بلبلا يغني في ضوء النهار ، وإذا طلعت على الخفاش الشمس فإنه يبحث عن أقرب "خرابة" يختفي فيها .. وهناك خفافيش تحمل وجوها آدمية مهما حاولت أن تكون إنسانا معها فلن تفيد إنسانيتك .. إن في أيدي هذه الخفافيش الآدمية سهاما جاهزة وفي عيونهم حقدًا أبديًا .. وفي أظافرهم بقايا من دماء الأبرياء .
فإذا حاولت أن تضع بدلاً من السهم زهرة .. وبدلاً من الحقد محبة وبدلاً من الانتقام تسامحًا وغفرانًا .. إذا حاولت ذلك سوف تكتشف أن المحبة خذلتك .. وأن التسامح خدعك لأن الأيدي لم تتغير والوجوه هي نفس الوجوه والعيون التي اعتادت الكراهية لن تعرف أبدًا طرق الحب .
فإذا كان من الأفضل ألا تكره فمن الأفضل أيضًا ألا تحب هؤلاء ، وإذا كان التسامح مطلوبا .. فإن الحذر والخوف من الخفافيش مطلوب أكثر ، ولا تكن ساذجا مثلي حينما تصورت أن من أساء لي في البداية يمكن أن يكون نبيلاً معي ونحن على اعتاب النهاية .. لأن ذلك وهم كبير .
هل يقتل البعد .. الحب ؟
حين يصبح البعد رغبة واختيارًا فهذا يعني أن الحب قد
وضع أقدامه على أول طريق للنهاية.. فماذا تفيد رغبتي في
البقاء مع من أحب إذا كان قد قرر الرحيل؟.. وماذا يفيد حرصي
عليه إذا كان هو قد قرر بينه وبين نفسه أن يقطع كل خيوط الود.
وفي هذه الحالة يمكن أن يكون البعد هو النهاية..
أما إذا كان البعد نتيجة ظروفٍ قهرية فرضتها الحياة ..
فإن ذلك يعني أن الحب يتعرض لظروف صعبة.. لأن البعد
الاختياري يعني بداية النهاية.. أما البعد القهري فيعني أن الحب
يواجه ظروفًا صعبة .. قد يخرج منها سليمًا معافى .. وقد يخرج
منها مكسورًا .. وقد يخسر فيها الكثير.. وقد يزداد معها قوة
وعمقًا وتواصلًا.
إن البعد يمكن أن يكون أقصر الطرق للنسيان.. وقد يكون
أيضًا اختبارًا دقيقًا للمشاعر..
قالت وماذا تقول عن شخص اختار البعد لينسى؟.. هل
يمكن أن ينجح في ذلك؟ ..
قلت: إن ذلك يرجع إلى مدى قوة المشاعر.. فإذا كان هذا
الشخص قد ابتعد لينسى فربما عاد وهو أكثر قربًا ممن ابتعد
عنه. وقد ينجح أيضًا في النسيان لأن ذلك يرتبط في الأساس
بمدى عمق المشاعر.
ولكن البعد في كل الحالات عبء ثقيل على الحب.. لأنه
يضع المشاعر في امتحان كل يوم.
والمشكلة الأساسية أننا قد نحفظ بيننا وبين أنفسنا صورة
من نحب ونبقيه داخلنا رغم المسافات.. ثم تمضي الأيام ونكتشف
أن الطرف الآخر قد تغير وأننا وقفنا وحدنا أمام تمثال للذكرى
نسترجع أيامنا .. بينما أصبح هذا التمثال أمام من نحب صورة
باهتة لعمر مضى وأيام عابرة..
البعد يمكن أن يحول الحلم إلى وهم وسراب مضى وغاب
ويمكن أن يبقيه داخلنا حلمًا عزيزًا غاليًا ربما أصبح في يوم
حقيقة.
وما بين الحلم والوهم .. ومابين الواقع والسراب .. تبقى
مشاعر الإنسان حائرة بين البقاء واللا بقاء .. والحب .. واللا حب.
لكنني أكره البعد ولا أحبه .. فإذا لم ينجح في اقتلاع جذور الحب
فهو على الأقل يتركنا مشاعًا للظنون.
لم أحاول أن أقول لك شيئًا .. فلم يعد لدي ما أقوله .. ولم أسمع منك
شيئًا لأن خيوط الكلام ذابت مع قسوة القلوب.
يا صديقي .. لست وحيدًا
لا تحزن كثيرًا إذا وجدت نفسك وحيدًا في الطريق .. لا تحزن إذا وجدت سحابة سوداء داكنة تبدد صفاء أيامك وتغوص بك في بحر من الأحزان .. لا تحزن إذا تخلى عنك حلم .. أو رفيق .. أو حبيب .. أو صديق عمر .
إذا حاصرتك ليلة شتوية باردة .. واقتحم أيامك مارد من اليأس .. فلا تنس أن لكل شيء في الحياة وجهين .
لا يمكن أن تبقى وحيدًا .. سوف يخرج من تلال هذا الحزن الطويل وجه جميل بشوش يبدد وحشة الأيام وسوف تظهر نسمة باردة جميلة تنعش زمانك الذي اكتوى بنار الصحراء .. وسوف يطل خلف الأفق ضوء جديد يزيل تلك السحابات السوداء التي اقتحمت سنين عمرك وأنت أحوج ما تكون لقلب صغير يؤنس أيامك .
لا تقلق يا سيدي إذا تغيرت ملامح الزمن .. وساءت وجوه الحياة وتبدلت أخلاق الناس واختلت موازين البشر .. لأن الأساس في الحياة هو الجمال .. وليس القبح .. والأساس في الأشياء هو التوازن وليس الخلل .. والأساس في المشاعر هو الحب وليس الكراهية .. والنبل وليس الخداع .
فإذا تغيرت أحوال النشرة الإنسانية .. وأصبح الجو غيما .. وتكدست السماء بالسحب .. واختفى وجه الشمس .. وغابت حرارة الكون .. فلا تنزعج .. سوف يعود الجو إلى حالته مرة أخرى .
سوف تظهر الشمس وتضيء كل شيء .. وتعيد الحياة .. سوف تنبت أشجار جديدة في تلك المساحات الصفراء التي أصابها العطب .. وتخرج من هذه الأرض التي ظننتها أجدبت زهورًا تحمل العطر والجمال والسعادة ..
إذا كان هناك رفيق تخلى عنك فسوف تلتقي برفيق آخر وإذا كان هناك صديق خدعك في منتصف رحلة العمر .. فهناك صديق آخر سوف يحفظك إلى آخر العمر .
إذا كانت هناك أيادٍ طاوعت نفسها واغتالت أجمل المشاعر فيك فهناك أيادٍ أخرى سوف تلملم جراحك وتعيد للقلب الكسير نبضه الجميل ..
إذا كانت هناك أشواك أدمت أقدامك في رحلة حب مجنونة ، فهناك زهور سوف تستقبل أيامك في مظاهرة حب كبيرة ..
لا تحزن لشيء مضى .. لأن القادم أجمل ..
ولا تحزن على جرح أصابك .. لأن الزمن والأيام كفيلة بأن تداوي كل الجراح مهما كانت عميقة ..
في نفس الطريق الذي سلكته وحيدًا ستجد هناك قلوبًا وحيدة مثلك .. وسوف تجد أيضًا دماء ضحايا خدعتهم الأيام والمشاعر .. سوف تكتشف في هذا الطريق المظلم لؤلؤة جديدة داستها أقدام عابثة كما داستك يوما قلوب لم تعرف الراحة .. سوف تمتزج دماء ضحايا هذا الزمن العابث المجنون .. وسوف تنبت منها أشجار وطلال .. وسوف تخرج منها وجوه مضيئة تعطي للحياة جمالا .. وللبشر إيمانا عميقا بقيمة الأشياء .. ها هي لؤلؤة جميلة تطل من بعيد في آخر الدرب الموحش .. ضع جراحك على جراحها .. واخلط دماءك بدمائها .. وافتح عينيك وحاول أن ترى الأفق من جديد ..
لا يمكن أن يعيش الإنسان سجين ذكرى لا يجد منها غير الألم .. ولا يمكن أن يبقى سجين إحساس تخلى عنه .. ولا يمكن أن يظل وحيدًا في الطريق وحوله أكثر من رفيق .. يخطئ الإنسان إذا تصور أن الحياة تنتهي أمام كبوة جواد أو خطيئة قلب .. أو قصة حب عابثة .. افتح عينيك يا صديقي لضوء الشمس .. وسوف تكتشف أنك لست وحيدًا ..
.
.
المفضلات