كيف حالكم إخواني ؟ إن شاء الله بألف خير وعافــيــة ..
مع وعد مني بقصيدة ثانية و موضوع ثاني في "منتدى اللغة العربية" بالذات قسم "شظايا أدبية" ، يسرني أن أقدم لكم قصيدة"نفحـة من بستــان الوحــي" للشيخ الدكتور : عبد الرحمن العشماوي ..
~ نبذة عن الشـاعر ~
~ القَـــــصــيـــــدة ~
قام فيها الصَّباحُ بعد المساءِ *** فبنى فوقها حصون الضياءِ
وأدار السِّياج حول رُباها *** فحماها من سَطْوةِ الدُّخلاءِ
ودعا نحوها السَّحاب فأعطى *** ماءه صافياً بدون غثاءِ
وَحَبا الأمن للعصافير حتى *** أمتعتْ روضَها بشدو الصفاءِ
لم يدعْها في غَيْهب الليل، لكنْ *** سكب النورَ فوقَها من حراءِ
ودعاها إلى الشموخ فسارتْ *** تتسامى بخاتم الأنبياءِ
لم يكنْ صوتُه سوى صوتِ حقّ *** أسمع الغافلينَ أحلى نداءِ
حينَها ازدانتِ الجبالُ وأحيا *** صوتُه العَذْبُ بَهْجَةَ الصحراءِ
حينَها صارت العقيدةُ أُماً *** وأباً للعبيد والضعفاءِ
دارت الأرضُ دورةً أيقظتْها *** من سُباتِ الجهالةِ الجَهْلاءِ
واستدار التاريخُ لما رآنا *** ننقش النور في يدِ الجوزاءِ
وانتشى المجدُ حين أصغى *** إلينا نتحاكى بقصَّةِ الإسراءِ
كبرياءُ الطُّغاةِ ماتت لأنا *** قد سجدنا لصاحب الكبرياءِ
ولأنَّ القرآن نَبعُ يقينٍ *** ترتوي منه أنفسُ الأتقياءِ
حين تُتلى آياتُه يَتجلَّى *** كلُّ معنىً من التُّقى والنَّقاءِ
تلتقي الأرضُ بالسماءِ لقاءً *** لم تَر الأرضُ مثلَه من لقاءِ
رفع الناس من عبادةِ صخرِ *** وترابٍ إلى مقام السَّماءِ
خرجوا من براثنِ الكفر لمَّا *** بَدَأ المصطفى بكشف الغطاءِ
نشر الحبَّ فوقهم فاستظلُّوا *** واستراحوا من قَسْوة الرَّمضاءِ
واستلذُّوا البلاءَ فيه احتساباً *** إنَّ في الحقِّ لذَّةً للبلاءِ
مََنْ أبو جهلَ، مَنْ أميَّةُ إلاَّ *** أنفسٌ غُذِّيت بشرِّ غذاءِ
صنعوا تمرَهم إلهاً أراقوا *** عند رجليه دمعةَ استجداءِ
ثمَّ جاعوا فحوَّلوه طعاماً *** فتأمَّل عبادةَ الأهواءِ
إنَّه الكفرُ يجعل الحرَّ عبداً *** ويُريه الأَمام مثلَ الوراءِ
يا رياضَ القرآنِ فيكِ احتمينا *** من لظى القيظ أو صقيع الشتاءِ
ووجدنا الأمانَ من كلَّ خوفٍ *** ولقينا الشِّفاءَ من كلِّ داءِ
يا رياضَ القرآن، نهرُكِ يجري *** صافياً في مشاعر الأَتقياءِ
لم يزلْ يمنح النُّفوسَ ارتقاءً *** عن مَهاوي الرَّدَى وأيَّ ارتقاءِ
لم يزلْ يمنح الصدور انشراحاً *** ويُريح القلوبَ بعد العَناءِ
يا أبا خالدٍ أرى النور يَهمي *** صافياً، من تلاوة القرَّاءِ
إنَّه الوحي سرُّ كلِّ نجاحٍ *** وفلاحٍ، ومُؤْنسُ الغرباءِ
حينما يلتقي كتابٌ كريمٌ *** بسيوفٍ للحقِّ ذاتِ مَضاءِ
يصبح العدلُ منهجاً للبرايا *** وغصوناً ممدودةَ الأَفياءِ
إنَّه الوحي، يصرف الشرَّ عنَّا *** ويَقينا تسلُّط الأَعداءِ
يا أبا خالدٍ، أرى القدسَ تبكي *** لها الحقُّ في شديد البكاءِ
كبَّلَ المعتدي يديها ونادى *** كلَّ لص، وقال: هذا فنائي
فخذوا كلَّ ما أردتم وذوقوا *** مُتْعة الشُرْب من دموع النساء
واستلذُّوا بقتل طفلٍ بريءٍ *** وبما تشربونه من دماءِ
أشعلوا بالرَّصاص ثوب فتاةٍ *** سجنتْ فيه موجةَ الإغراءِ
وانثروا بالرَّصَاص جَبْهةَ شيخٍ *** واستلذُّوا بمنظر الأَشلاءِ
إنَّه الغدر من سجايا يهودِ *** منذ تاهوا في لجَّة الصحراءِ
حاجةُ القدس أنْ ترى جيشَ حقٍ *** حافظاً للكتابِ صَلْبَ البناءِ
حين يتلو الأنفالَ يفتح منها *** أَلْفَ بابٍ إلى طريق الفداءِ
يرفع الحقَّ في سراديب عصرٍ *** لم يزلْ يستبيح كلَّ الْتواءِ
يا أبا خالدٍ، هنا البذلُ بَذْلٌ *** وهنا يرتقي مقامُ العطاءِ
وهنا يصبح السَّخاءُ سخاءً *** تتسامى به معاني السَّخاءِ
أنتَ أََجْرَيْتَ ها هنا نهرَ خيرٍ *** وجزاء الرحمن خيرُ الجَزاءِ
إنَّ أقوى جيشٍ على الأرض جيشٌ *** غُذِّيَتْ روحُه بوحي السَّماءِ
أتمنى أن تنال القصيدة على إعجابكم
المفضلات