عالم الجاسوسية....حيث الظلام هو المطبق..والألغاز هي ألعاب الموت فإما فك اللغز والمضي للغز آخر وإلا فالموت من اول مرة...لامجال للأخطاء لأنها وبكل بساطة لن تكلفك إلا حياتك فقط.... فلا مجال لأنصاف الحلول ولا وجود للعواطف فيه فإن لم تكن مستعداً للتضحية بكل قريب منك لأجل بلوغ هدفك فأتركه لغيرك... فإنك لستَ من أهله...
شخصيتنا في هذا اليوم هي شخصية لم يُخلف تاريخ التجسس لغزاً أكبر من هذه الشخصية
إنه
سيدني ريلى
من هو سيدني ريلى؟
قال عنه إيان فلمنج مساعد رئيس المخابرات البحرية الإنجليزية السابق و مبتدع شخصية {جيمس بوند}:
{إن جيمس بوند الذي تصورته على أنه أخطر شخصية بوليسية يمكن أن يصل إليها الخيال ، هو فقط جزء من سيدني ريلي...الشخصية الحقيقة}.
فسيدني ريلي هو بالفعل من أبرز الشخصيات التي ظهرت على مسرح الجاسوسية ، لما أتصف به من شجاعة و ذكاء و جاذبية لن تتوافر في غيره من الجواسيس كما توافرت فيه، ويكفي لتصور ذلك من سيدني ريلي هو ذلك الجاسوس الذي ذكر عنه أنه كان يمتلك 11 جواز سفر و11 زوجة..حيث كان يقوم في كل مرة يسافر فيها لعملية جديدة بأصطحاب جواز سفر مختلف مع زوجة مختلفة ، إمعاناً في التنكر.
فعلى الرغم من أن سيدني ريلي كان مطارداً من السوفييت بعد إدانته بالتجسس لحساب إنجلترا ، إلا أنه استطاع أن يمر عبر حدودها عدة مرات بجوازات سفر مختلفة وبزوجات مختلفات ، وأن يعيش في مدنها المختلفة في أمان ، دون أن يدري به رجال المخابرات السوفيتية.
شخصية في غاية الغموض!
وسيدني ريلي هو شخصية في غاية الغموض . فلا يعرف أحد قصة حياته بشكل واضح ، حتى أسمه الحقيقي وجنسيته الحقيقية لايعرفها أحد على وجه التحديد . فقد عُرف بعدة أسماء مختلفة مثل: جورجي ـ روزينبلم ـ بيدرو... وغيرها من الأسماء. فكانت تسميته لنفسه هي شيء خاضع للظروف ، فاسم بيدرو على سبيل المثال هو الأسم البرازيلي الذي اختاره لنفسه حين كان يقيم في البرازيل وبالمناسبة كان سيدني يجيد سبع لغات عالمية كان قد تعلم معظمها أثناء دراسته في روسيا! لكن كان اسم سيدني جورجي ريلي هو الأسم الشائع لذلك الرجل الغامض. كذلك اختلفت الأراء حول جنسيته الأصلية فيذكر البعض أنه من أصل روسي، ويشير الأغلبية إلى أنه يهودي روسي.
اليهودي البائس:
ومن الطريف في قصة حياة سيدني ريلي أنه لم يكن يعرف هو بنفسه جنسيته الحقيقية إلى أن بلغ سن التاسعة عشر. فقد كانت امه على علاقة غير شرعية ولفترة طويلة مع الطبيب المعالج لها ، والذي كان بالفعل هو أباه الحقيقي. ولم يعلم ريلي بسر تلك العلاقة وبحقيقة جنسيته إلا عندما أخبرته أمه المريضة بذلك قبل فترة قصيرة من رحيلها.
كانت تلك المفاجأة كفيلة بأن تغير الدنيا من حوله تماماً ، بعد أن أصبح أبوه ليس هو أبوه الحقيقي، وبعد أن أصبحت أخته الصغيرة من دم آخر غير دمه. ويذكر أن ريلي ـ اليهودي البائس ـ قد رحل عن روسيا بعد تلك المفاجأة ، وسافر على ظهر السفينة إلى بلاد عديدة اشتغل فيها بأشغال مختلفة وبأسماء مختلفة، حتى وضع قدمه على طريق الجاسوسية..
الداهية:
ولم يكن سيدني ريلي غامضاً للعامة فحسب، لكنه كان أيضاً غامضاً للمخابرات الإنجليزية والتي عمل لحسابها لفترة طويلة لم يتمكن أحد خلالها من معرفة أسمه أو جنسيته على وجه التحديد.
أماأصدقاء ريلي، فقد وصفوه بالداهية نسبة إلى الدهاء الشديد و المكر الذي اتصف به فلم يستطع أحد منهم ممن رافقه لفترة طويلة أن يُلم بخفاياه أو أن ينفذ إلى قرارة نفسه.
سيدني ريلي.. معشوق النساء:
أما عن السحر والجاذبية التي اتصف بهما ريلي فكانا بلا حدود. فكان من الصعب أن تقاومه أي أمرأة تقع في طريقه ، فكان وسيماً لبق الحديث ، يجيد معاملة النساء ، علاوة على شجاعته الفائقة التي كانت مصدر إعجاب الكثيرات به لذلك كان من السهل على ريلي أن يغير من النساء كما كان يغير من ملابسه. وإن كانت زوجته الثالثة بيبيتا هي أقرب من عرفهم إلى قلبه وفي نفس الوقت كانت هي الأخرى أشد المتعلقات به وأوفاهن له عن غيرهن. ففي سنة 1931 ، أصدرت بيبيتا كتاباً من تأليفها عن سيدني ريلي بعد رحيله، كان يحمل عنوان {مغامرات سيدني ريلي..أخطر جاسوس لإنجلترا}. كان واضحاً من ذلك الكتاب حبُ بيبيتا الجارف لريلي، وتعلقها الشديد به. أما ما ذكرته في ذلك الكتاب من مغامرات قام بها زوجها ، فكانت مصدر دهشة لكثير من القراءة، فلم يكن من السهل تصديقها، حتى أن الصحف في ذلك الوقت قد أعربت عن دهشتها من ذلك الكتاب، وشكها في صحة ما جاء فيه. وأمام ذلك الأمر قام أبو بيبيتا بكتابة تعليق في الصحف عن كتاب ابنته، ذكر فيه أن تلك المغامرات ماهي إلا جزء متواضع مما قام به ريلي، فلا يزال هناك الأغرب والأدهش من ذلك..
رجل بسبعة أروابح:
وكما ظهر سيدني ريلي على مسرح الجاسوسية من حيث لايدري أحد على وجه التحديد، فقد أختفى أيضاً من مسرح الحياة بأكملها دون أن يدري أحد على وجه التحديد، فقد أختفى ايضاً من مسرح الحياة بأكملها دون أن يدري أحد أيضاً نهايته على وجه التحديد!
ولم يكن إختفاء سيدني ريلي عن مسرح الحياة شيئاً غامضاً للعامة فحسب، بل للدول نفسها. ففي سنة 1925 أعلنت الصحف عن مقتله على يد المخابرات الروسية، وبالرغم من ذلك أعلنت التقارير الرسمية فيما بعد أن سيدني ريلي لايزال حياً على قيد الحاية حتى سنة 1945 وهي السنة التي مات فيها بالفعل.
كذلك أعلن بعض الصحفيين أن سيدني ريلي قد شارك زوجته بيبيتا في إعداد الكتاب الذي نُشر عنه سنة 1931 مما شير إلى أنه لايزال على قيد الحياة في تلك الفترة.
وفي الحقيقة أن عدم وجود تاريخ محدد لموت سيدني ريلي هو شي ليس غريباً بالنسبة لذلك الرجل الغريب فقد تعرض للموت أكثر من مرة في داخل الملاهي الليلية والمراقص وما إلى ذلك وهو في صحبة واحده من زوجاته او صديقاته وبالرغم من ان تعرضه للموت في أغلب المرات كان يوحي بنهايته الأخيرة ، إلا أنه كان يظهر بعد ذلك مرة أخرى.
أخطر جاسوس لبريطانيا:
على الرغم من أن معظم ما نُشر في روسيا عن سيدني ريلي كان بعيداً عن الحقيقة ، إلى حد ما، حتى لاتهتز مكانة جهاز المخابرات السوفيتية، بعد أن استطاع ريلي أن ينفذ خلاله بمهارة ليأتي بأدق الأسرار إلى الأنجليز بل إنه استطاع في سنة 1918 أن يسقط حكومة بولشيفكسي، فعلى الرغم من ذلك ظهر في سنة 1966 مقال في إحدى الصحف الروسية للكاتبة نيديليا ، حيث تذكر فيه جزءاً مما ذكره سيدني ريلي عن نفسه . ويدل ظهور ذلك المقال الذي جاء تحت عنوان{المياه المنزعجة} بالترجمة الحرفية أن ملف سيدني ريلي لايزال متواجداً لدى الروس، لكنهم لايريدون التصريح بكل ما يحمله ذلك الملف من حقائق قد تقلل من شأن جهاز المخابرات السوفيتية..
ماذا قال سيدني ريلي عن نفسه؟
ذكر سيدني ريلي عن نفسيه في ذلك المقال، انه ولد في سنة 1874 في مدينة كونيمارا بإيرلندا. وأن حياته العملية قد بدأت في ميناء آرثر بالشرق الأقصى، كعامل بشركة أخشاب{جرونبرج وريلي}. وفي نفس الميناء، استطاع مع الوقت أن يصبح مديراً للشركة الدانمركية الأسيوية الشرقية لأخشاب السفن.
وعقب إنتهاء الحرب الروسية ـ اليابانية، اشتغل ريلي بشركة أخشاب{ميندروتشوفيتش و شوبرسكي} واستطاع من خلال عمله بتلك الشركات الروسية أن يساهم في إمداد الجيش الروسي بالذخيرة. كما استطاع ان يتقاضى عمولات كبيرة في نفس الوقت من الشركة الألمانية لأخشاب السفن{بلوهم وفوس} والتي كانت تساهم هي الأخرى في إعادة بناء السفن الحربية الروسية.
كل ذلك النشاط التجاري الدولي {الغريب} الذي قام به سيدني ريلي والذي برز من خلاله إلمامه الواضح بالأسلحة والذخائر إلى جانب إتقانه لعدة لغات عالمية ، قد شد إليه إنتباه المخابرات الإنجليزية والتي سعت إلى تجنيده لصفها، ونجحت بالفعل في ذلك.
وقد ظهر أكبر نشاط لريلي كجاسوس إنجليزي، في السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الأولى حيث استطاع أن ينضم بحيلهِ الماكرة إلى صفوف البحرية الألمانية وأن يمد الإنجليز بأدق أسرار الجيش الألماني وفي سنة 1918 كلفته المخابرات الإنجليزية بمهمة أخرى. ففي تلك الفترة أرادت إنجلترا أن تستفيد من المؤامرات والمظاهرات التي ظهرت في روسيا بتغير نظام الحكم.
فكان سيدني ريلي هو أحد المتآمرين البارزين الذي استطاع أن يوجد مزيداً من العداء والكراهية ضد الحكومة الروسية بناء على تعليمات المخابرات الإنجليزية وأن يسقط حكومة بولشيفكسي المعادية للإنجليز في تلك الفترة، هكذا ظهر لسيدني ريلي دور فعال في مجرى السياسة العالمية من خلال عمله بالجاسوسية.
وفيما يبدو أن الصدمة القديمة التي واجهها ريلي حين اعترفت له أمه بحقيقة جنسيته، قد ولدت في نفسه تلقائياً الرغبة في الإنتقام من روسيا بأكملها.
بعض الصور له أمدني بها بلاك فوكس فشكراً له
صورة له عام 1898
وهذه سنة 1911 م..
وهذه سنة 1924 م.
وهذه الصورة وجدت في ملف سري لشرطة روسيا....ولكن للأسف مهي مكتوبة سنة كم....^ ^"
<سجين العالمين>
المفضلات