الصديقة بنت الصديق.. العتيقة بنت العتيق
حبيبة الحبيب.. وأليفة قلب سيد المرسلين
محمد الخطيب.. عليه أفضل الصلاة والتسليم
المبرأة في كتاب الله من العيوب..المطهرة من ارتياب القلوب
لرؤيتها جبريل رسول علام الغيوب
صاحبة رسول الله، وأحب النساء على قلبه
الصديقة الوفية المخلصة الغيور العتيقة
<عائشة بنت أبي بكر الصديق>
● قبيلتها: كان بنو تيم قوم عائشة رضي الله عنها من القبائل القرشية التي احتلت مكانة في مجتمع مكة، فقد كان فيهم السخاء والكرم وسماحة الخلق، وكانوا مضرب المثل في حسن معاشرة النساء، فكانت أسرهم تعيش في سماحة وود وصفاء.
●والدها:عبد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ابن مره بن كعب بن لؤي القرشي التيمي، وكان من أبرز رجال تيم أبو بكر بن أبي قحافة والد عائشة رضي الله عنهما، فقد كان رجلا تاجرا ميسور الحال عرف بحسن الخلق وطيب المعشر، حتى ألفه كل رجل في قريش، وزاد من هذه الألفة ما عرف عن الرجل من حفظه للأنساب وحفظه للأشعار وعلمه الغزير بتاريخ قريش وما حولها من قبائل العرب.
وكان من رجاحة عقل أبي بكر أنه استجاب لدعوة صديقه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم دون تردد، فآمن وآزر وبذل الوسع في الدعوة إلى الله.
كان أبو بكر شريفا في الجاهلية، فلما جاء الإسلام وبادر إلى الإيمان، ازداد شرفا على شرف، وما زال ذكره ومكانته يزيدان حتى أصبح الرجل الثاني في الإسلام، وحتى رضيه المسلمون خليفة لرسول الله وفوضوا له أمورهم، فكان عند حسن ظنهم وكان كذلك طيلة حياته عند حسن ظن الناس به.
●والدتها: وكان أبو بكر متزوجا من امرأة من كنانة تدعى أم رومان بنت عامر بن عويمر ، بن عبد شمس ، بن عتاب ابن أذينة الكنانية الصحابية الجليلةالمؤمنة ، كانت رضية الخلق محمودة السيرة آمنت إذ آمن زوجها، وأخلصت في هذا الإيمان حتى قال عنها رسول صلى الله عليه وسلم: " من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان".
ذاك هو أبوعائشة وتلك هي أم عائشة، وفي كنف هذين العلمين درجت عائشة وتلقت لبان الرقة والمحبة والكرم، وفي هذه الأسرة الحميدة نبتت زهرة متفتحة ووردة ذات عبير.
عائشة رضي الله عنهما ممن ولد في الإسلام ، وهي أصغر من فاطمة رضي الله عنها بثماني سنين، وكانت تقول : "لم أعقل أبوي إلا وهما يَدينان الدِّينَ" .
ومما زاد في حظ عائشة رضي الله عنهم امن حسن التربية أنها ولدت وأبواها يدينان بالإسلام، فلم تكتحل عيناها إلا بمنظر أبويها يؤديان الصلاة ، ويسعيان من أجل الدعوة سعيهما، ولم يتفتح قلبها إلا على حب الدين والتفاني في هذا الحب ولم يمس أذنيها إلا أصوات أبويها وهما يتلوان القرآن، وكان أبو بكر شديد الرقة في قراءة القرآن حتى إنه ليبكي ويبكي، وحتى أن قريشا خافت على رجالها ونسائها أن تفتنهم قراءة أبي بكر فيتابعونه على دينه فسعوا ليكفوه عن رفع صوته بقراءة القرآن.
وهناك نشأت وعاشت في كنف بيت من أرفع البيوت القرشية ومن أعلاها ثقافة عاشت في بيت كان أول البيوت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلاما وإيمانا وجهادا .
●زواج بأمر إلهي: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر من الله عز وجل إثر وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها وهي بنت ست سنوات، وكذلك تزوج من سودة بنت زمعة رضي الله عنهما ، ولكنه دخل بالسيدة سودة وتفرد بها ثلاثة اعوام حتى بنى بعائشة وهي بنت تسع سنوات وكان دخوله بها في شوال في السنة الثانية للهجرة بعد وقعة بدر.
روى هشام ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت :" تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوفى خديجة ، وأنا ابنة ست ، وأدخلت عليه وأنا ابنة تسع ، جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجممة فهَيَّأْنَنِي وصنعنني ثم أتين بي إليه -صلى الله عليه وسلم ".
ماذا أراد الله بهذه الطفلة الودود، ماذا أراد الله بها من خير ومن بركة..
أراد الله لها منزله أكثر رفعه وأشد سموا فاختارها الله زوجا لرسوله صلى الله عليه وسلم وهي بعد في سن الطفولة .
لقد تفتحت هذه الفتاة على الإسلام في صفائه ونقائه في بيت أبي بكر ثم في بيت النبوة المباركة وشاء الله أن تكون حياتها كلها، دروسا بليغة للأسرة المسلمة كانت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا مفتوحا ليس فيها من سر يطوى عن المسلمين فالرسول عليه السلام قدوة المسلمين، في كل أمر مهما صغر والرسول عليه صلوات الله وسلامه أسوة المسلمين في كل شيء في العبادة والجهاد والمجتمع والأسرة.
لهذا كانت حياة عائشة رضي الله عنهمامع رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا مفتوحا وصفحة مقروءة للناس أجمعين، وكان زواجها رضي الله عنها أول الدروس ومبتدأ العبر
●منزلها: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق على الله في بيت بسيط.. بسيط جدا
ومالي أقول في بيت وهو في الواقع حجرة واحدة كانت هذه الحجرة مبنية من اللبن وسعف النخيل وكان بابها ستارا من الشعر ، وكان أثاثها فراشا من أدم<جلد>حشوه ليف ليس بينه وبين الأرض إلا حصير..
وفي تلك الحجرة المتواضعة من خلال بيت الزوجية غدت السيدة عائشة رضي الله عنهامعلما لكل امرأة في العالم على مر العصور فكانت خير زوجة تؤنس الزوج وتدخل السرور إلى قلبه وتزيل عنه ما يكابده خارج المنزل من مصارعة الحياة والدعوة إلى الله تعالى..
فأي بساطة هذة التي ارتضاها الله لرسوله وزوج رسوله..
قال المستشرق بودلي: " منذ وطئت قدماها بيت محمد كان الجميع يحسون وجودها، ولو أن هناك شابة عرفت ماهي مقبلة عليه لكانت عائشة بنت أبي بكر فلقد كونت شخصيتها منذ اليوم الأول الذي دخلت فيه دور النبي الملحقة بالمسجد ..".
● صفاتها: كانت السيدة عائشة رضي الله عنهاعروسا حلوة، خفيفة الجسم، ذات عينين واسعتين، وشعر جعد ووجه مشرق ، مشرب بحمرة.
ويقال أيضا: كانت امرأة بيضاء جميلة . ومن ثَمَّ لقبت بالحُمَيْرَاء .
●مهرها: قدوة أراد الله أن تكون حياة هذه السيدة الرفيعة حسبا ونسبا المتفردة جمالا وخلقا، ولكن ماذا كان مهر هذة السيدة الجليلة؟
كان خمسمائة درهم .. مهر متواضع لا يعدو أن يكون رمزا..
لم يكن هذا المهر الرمز لامرأة عادية من أخلاط الناس، بل كانت ابنة رجل بني تيم وسيد من سادات قريش وواحد من أثريائها، و لم يكن هذا المهر الرمز لامرأة رجل عادي بل كان مهرا لزوج سيد البشر أجمعين
محمد رسول الله وخاتم رسله إلى البشر أجمعين..
بزواج هذه السيدة الرفيعة بالسيد الجليل الشأن رسول البشرية وسيدها تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما نحرت علي جزور ولا ذبحت من شاة حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم".
ما نحرت في عرس عائشة من جزور، ولا ذبحت في عرس عائشة من شاة، بل ما قدم في عرسها من طعام حتى أرسل أحد الصحابة !!
جفنة فيها طعام طعام اعتاد هذا الصحابي أن يرسله إلى رسول الله كل يوم أي لم يكن طعاما متميزا إنه طعام عادي بسيط..
فأي بساطة هذه وأي تواضع هذا..
●حب الحبيب لها:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يميل إلى عائشة رضي الله عنها إذ كانت ابنة أبي بكر، وإذ كانت تبدو عليها أمارات الفطنة والذكاء وهي لم تزل بعد في سن طفولتها الأولى، وكثيرا ما أوصى أمها بها قائلا :" يا أم رومان استوصي بعائشة خيرا واحفظيني فيها ".
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم رومان واحفظيني فيها، وهذه عبارة تدل على عطف واعجاب ومودة
يا أم رومان احفظيني فيها..
فمراعاة عائشة رضي الله عنها ورعايتها تسر رسول الله صلى الله عليه وسلم وترضيه..
وهذا عمرو بن العاص ، وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة ، سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- : أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ قال : " عائشة " . قال : فمن الرجال ؟ قال : " أبوها ".
وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض ، وما كان عليه السلام ليحب إلا طيبا . وقد قال : " لو كنتُ متَّخِذًا خليلاً من هذه الأمة ، لاتَّخَذْتُ أبا بكر خليلا " رجلٍ من أمته وأفضلَ امرأةٍ من أمته ، فمن أبغض حبِيبَيْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو حريٌ أن يكون بغيضا إلى الله ورسوله.
وحبه عليه السلام عائشة رضي الله عنها كان أمرا مستفيضا ، ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقربا إلى مرضاته .
قال حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة رضي الله عنها. قالت : فاجتمعن صواحبي إلى أم سلمة ، فقلن لها : إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة ، فقولي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر الناس أن يهدوا له أينما كان . فذكرت أم سلمة له ذلك . فسكت ، فلم يرد عليها . فعادت الثانية . فلم يرد عليها . فلما كانت الثالثة قال : " يا أم سلمة ، لا تؤذيني في عائشة ، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها" متفق على صحته .
وهذا الجواب منه دال على آن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها ، وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها .
ولم يتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- بِكْرًا غيرها ، ولا أَحَبَّ امرأة حبها . ولا أعلم في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ، بل ولا في النساء مطلقا ، امرأة أعلم منها.
و نحن نشهد أنها زوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة ، فهل فوق ذلك مفخرة!
●موت الحبيب في حجرها: عندما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عودته من حجة الوداع وشعر أنه قد آن الأوان للرحيل بعد أن أدى الأمانة وبلغ الرسالة كان يقول وهو يطوف على نسائه متسائلا: " أين أنا غدا ؟ أين أنا بعد غد؟"، استبطاءا ليوم عائشة رضي الله عنها ، فطابت نفوس بقية أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا بأن يمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أحب وقلن جميعا يا رسول قد وهبنا أيامنا لعائشة
وانتقل حبيب الله إلى بيت الحبيبة فسهرت على مرضه، وبودها لو تفديه بنفسها وروحها وهي تقول: " فداك نفسي وأبي وأمي يار سول الله" ..
وحانت لحظة الرحيل ورأسه صلى في حجرها تقول أم المؤمنين تصف لحظات وفاة زوجها عليه الصلاة والسلام:" توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي وليلتي وبين سحري ونحري ودخل عبدالرحمن بن أبي بكر ومعه سواك ، فنظر إليه حتى ظننت أنه يريده فأخذته فمضغته ونفضته وطيبته، ثم دفعته إليه فاستن به كأحسن ما رأيته مستنا قط ثم ذهب يرفعه إلي، فسقطت يده فأخذت أدعو له بدعاء كان يدعو به له جبريل وكان هو يدعو به إذا مرض ، فلم يدع به مرضه ذاك، ورجع بصره إلى السماء وقال :" الرفيق الأعلى"، وفاضت نفسه، فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا ".
ودفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قبض في بيت السيدة عائشة رضي الله عنها.
● زوجة للحبيب دنيا وآخرة:عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها، قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" أُرِيتُكِ في المنام ثلاث ليال ، جاء بك الملك في سَرَقة من حرير فيقول : هذه امرأتُك . فأَكْشِفُ عن وجهك فإذا أنت فيه . فأقول : إن يكُ هذا من عند الله يُمْضِهِ" .
وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن علقمة المكي ، عن ابن أبي حسين ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة رضي الله عنها : أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة .
و لك يا عائشة المكانة العظمى عندما قلت: " لقد أعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران : لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتزوجني ، ولقد تزوجني بِكْرًا ، وما تزوج بِكرًا غيري ، ولقد قُبض ورأسه في حجري ، ولقد قَبَّرتُه في بيتي ، ولقد حفت الملائكة ببيتي ، وإن كان الوحي لينزل عليه وإني لمعه في لحافه ، وإني لابنة خليفته وصديقه ، ولقد نزل عذري من السماء ، ولقد خُلِقْتُ طَيَّبَةً عند طيِّب ، ولقد وُعِدْتُ مغفرة ورزقا كريما " ، رواه أبو بكر الآجري ، عن أحمد بن يحيي الحلواني عنه ، وإسناده جيد وله طريق آخر سيأتي .
وفي "مسند أحمد" عن سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : رأيتك يا رسول الله وأنت قائم تكلم دحية الكلبي . فقال : " وقد رأيته ؟ " قالت : نعم . قال :" فإنه جبريل وهو يقرئك السلام ". قالت : وعليه السلام ورحمة الله ، جزاه الله من زائر ودخيل ، فنعم الصاحب ، ونعم الدخيل .
قال حفص بن غياث : حدثنا إسماعيل ، عن أبي إسحاق ، قال : قال مسروق : لولا بعض الأمر ، لأقمت المناحة على أم المؤمنين ، يعني عائشة .
وعن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : أما إنه لا يحزن عليها إلا من كانت أمَّه .
عائشة من أثبتت للدنيا منذ أربعة عشر قرنا أن المرأة يمكن أن تكون أعلم من الرجال.
هذه المرأة التي تتلمذت وتخرجت من مدرسة النبوة، مدرسة الإيمان مدرسة الفرسان، فقد تولاها في طفولتها شيخ المسلمين وأفضلهم أبوها الصديق، ورعاها في شبابها نبي البشرية ومعلمها وأكرم البشر وأفضلهم ، زوجها رسول الله ..
عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، معلمة الرجال الصديقة بنت الصديق ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر عبد الله ابن قحافة، القرشية التيمية المكية، أم المؤمنين ، زوجة سيد ولد آدم، وأحب نسائه إليه، وابنة أحب الرجال إليه..
فجمعت من العلم والفضل والبيان ما جعلها تخلف في التاريخ دويا تتناقل أصداءه العصور، فهذه آثارها تدرس في كلية الآداب كما تدرّس ابلغ النصوص الأدبية وهذه فتاواها تقرأ في كليات الدين وهذه أعمالها الكاملة مجال بحث بحث لكل مدرس لتاريخ العرب والمسلمين..
عاشت عائشة رضي الله عنها في بيت النبوة تشاهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وتسمع حديثه وترافقه في جهاده، وهي في كل أحوالها تحفظ ما تسمع، وتعي ما تشاهد، وتفهم ما ترى، ومع حفظها وفهمها آتاها الله فقها لما تسمع وتعي .
وعاشت أم المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم زمنا طويلا كانت فيه مرجعا للمسلمين في كثير من شؤون المسلمين .
لقد روت أمهات المؤمنين أحاديث، وما روته عائشة رضي الله عنها أربى على ما روته أمهات المؤمنين مجتمعات..
وكان بيتها رضي الله عنها مقصد طلاب العلم يستمعون منها وينقلون علمها وفقهها إلى الأمصار..
هذا وقد كانت رضي الله عنها خير من اهتم بالتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغت من العلم والبلاغة ما جعلها تكون معلمة للنساء بل وحتى للرجال ، ومرجعا لهم في الحديث والسنة والفقه.
فقال الزهري: لو جمع علمعائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل.
وقال هشام بن عروة عن أبيه، قال : لقد صحبت عائشة رضي الله عنها فما رأيت أحدا قط كان أعلم بآية أنزلت ولا بفريضة ولا بسنة ، ولا بشعر ولا أروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ، ولا بقضاء ولا طب منها، فقلت لها : يا خالة ، الطب من أين تعلمته؟ فقالت: كنت أمرض فينعت لي الشئ ويمرض المريض فينعت له، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه.
وعن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال قلنا له: هلكانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال : والله لقد رأيت أصحاب محمد الأكابر يسألونها عن الفرائض.
روى مغيرة بن زياد ، عن عطاء ، قال : كانت عائشة أفقه الناس وأعلمهم ، وأحسن الناس رأيا في العامة .
عن الشعبي : أن عائشة قالت : رويت للبيد نحوا من ألف بيت ، وكان الشعبي يذكرها ، فيتعجب من فقهها وعلمها ، ثم يقول : ما ظنكم بأدب النبوة .
وهكذا عاشت حياتها وحتى بعد وفاة رسول الله تعطي مما اكتسبت وتعلم مما تعلمت وتحدث بما حفظت وقد ذكر لها في كتاب الصحاح ألفان ومائة وعشرة أحاديث جميعها صحيحة ومثبتة، اتفق لها البخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثا ، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين ، وانفرد مسلم بتسعة وستين .
كانت خير زوجة كريمة اليد والنفس صبرت مع الرسول صلى الله عليه وسلم على الفقر والجوع حتى كانت تمر عليها الأيام الطويلة وما يوقد في بيت رسول الله نار لخبز أو طبيخ وإنما كانا يعيشان على التمر والماء.
ولما أقبلت الدنيا على المسلمين أتيت مرة بمائة ألف درهم من معاوية وكانت صائمة وليس لديها ما تفطر عليه، فأخذت المال وفرقته جميعه على الفقراء والمحتاجين فقالت لها مولاتها: أما استطعت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه؟ قالت: لو كنت ذكرتني لفعلت.
فلم يزعجها الفقر ولم يبطرها الغنى، صانت عزة نفسها، فهانت عليها الدنيا فما عادت تبالي إقبالها ولا إدبارها.
وعن عروة بن الزبير قال: " كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة يقول: أول بيت أزوره بيت عائشة رضي الله عنهاقال: أسلم عليها، فغدوت يوماً فإذا هي قائمة تقرأ قول الله عز وجل وتردد وتبكي: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ [الطور:27] وتعيدها وتبكي: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ [الطور:27] يقول: فانتظرتُها، فأطالت وهي تبكي، قال: قلتُ: أذهبت إلى السوق فأقضي حاجتي ثم أرجع، قال: فذهبت فقضيت حاجتي فرجعت وهي تردد الآية وتبكي، رضي الله عنها ].
وقد كانت أم المؤمنين كثيرة الصيام حتى ضعفت كما جاء في السير للذهبي رحمه الله تعالى عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة رضي الله عنها كانت تصوم الدهر .
كما كانت زاهدة في الدنيا فعنه قالت: ما شبع آل محمد يومين من خبز بر إلا وأحدهما تمر. متفق عليه.
وعن عطاء أن معاوية بعث إلى عائشة بقلادة بمائة ألف فقسمتها بين أمهات المؤمنين.
وعن عروة عن عائشة أنها تصدقت بسبعين ألفا لترقع جانب درعها رضي الله عنها.كانت عائشة رضي الله عنها محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تغار عليه ولا تحب أن تشاركها فيه امرأة أخرى، إذ الغيرة من طبائع النساء، وهي فطرة فطرت عليها بنات حواء لا يستطعن التبرؤ منها..
لقد أطلعنا على نماذج من غيرة عائشة رضي الله عنها، نماذج متعددة نستطيع أن نسرد منها عددا وافرا..
ولكن مالنا ولسرد النماذج لغيرة السيدةعائشة رضي الله عنهاممن شاركنها منازل الرسول وممن شهدتهن وكلمتهن، ونحن نستطيع أن نستعيض عن كل ذلك بذكر غيرتها ممن لم ترها من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وممن لم تشاركها المنزل، فغيرتها من السيدة خديجة نموذجا فذا لغيرة الأنثى على زوجها..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الثناء على خديجة حتى إنه ليكرم صديقاتها إكراما لذكراها ..
وقد اشتعلت نار الغيرة في صدر عائشة رضي الله عنها مما رأته من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة وذكره لها بالتجلّة والحب بعد موتها بسنين فما ملكت نفسها أن قالت له: " وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر وأبدلك الله خيرا منها!"
إنها امرأة ولا يعيبها أن تغار على زوجها، وزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس كمثله زوج وحق لها أن تغار عليه
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بوفائه الذي يتجاوز الحدود رد على عائشة رضي الله عنها وهو مغضب فقال:
"والله ما أبدلني الله خيرا منها : آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء".
وسكتت عائشة رضي الله عنها ، ولعلها ندمت على ما بدر منها بحق خديجة..
ولم تخرج عائشة رضي الله عنها عن فطرتها إذ غارت على زوجها فالغيرة من الطبائع التي فطر الله النساء عليها
وفي غيرة عائشة رضي الله عنهادعوة لنا أن لا نضيق بغيرة النساء، وفي معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم وموقفه من هذه الغيرة مثال لنا يحتذى..
ومن أهم المواقف في حياة أم المؤمنين رضي الله عنها: موقف التهمة الشنيعة التي اتهمت بها محنة الإفك
حدث ذلك في نحو السنة السادسة للهجرة بعد أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، فلما كانت غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه كما كان يصنع، فخرج سهم عائشة رضي الله عنهادون باقي نسائه، فانطلقت في صحبته سعيدة هانئة بما أتاها الله من شرف صحبته.
وكانت فألا حسنا على القائد المصطفى فعاد من غزوته منتصرا، وسار ركبه الظافر نحو المدينة المنورة يهزج بأغاني النشيد النصر والفخر.
وعاد صلى من غزوته مضطربا أشد الاضطراب لشيوع الفتنة بين المسلمين، وأتباع عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين وزعيم الخزرج، وذلك عندما تنازع رجلان منهما على المال، كما يحدث على كل بئر وفي كل مورد يكثر حوله القصاد، فصاح صائح: يا للخزرج، وصاح الآخر: يا لكنانة، يا لقريش، وخرج النبي صلى الله غاضبا لهذه العصبية البغيضة وسأل: "مابال دعوى الجاهلية دعوها فإنها منتنة".
ولما أخذ جيش الرسول صلى الله عليه وسلم المسير باتجاه المدينة المنورة عائدا من غزوته منتصرا بما أتاه الله تعالى من فضل واعتلاء لدين الإسلام، و دنا الليل عليهم وهم على مقربة منها ، أناخ الركب للراحة، وما إن مسوا الأرض حتى وقعوا نياما، فخرجت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لبعض حاجتها وقد كان في عنقها عقد فيه جزع ظفار ، فلما فرغت انسل من عنقها وهي لا تدري، وعند عودتها إلى هودجها تفقدت عقدها فإذا به قد انسل منها، فحسبها التماسة هنية، فعادت تبحث عنه في مكان حاجتها إلى أن وجدته ومن ثم عادت إلى مكان هودجها، فإذا بهم قد احتملوه وارتحلوا وهم يحسبون انها فيه لخفتها..
فأقامت رضي الله عنها حيث هي وظنت أنهم سيرجعون إليها لا محالة إذا أحسوا غيبتها وافتقدوها وكان صفوان بن المعطل رضي الله عنه على ساقة الجيش يتخلف عنه ليلتقط ما يسقط من المتاع فلما نهض ليتبع الجيش في ساقته، رأى سوادا على البعد ثم عرف أنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهالأنه كان يراها قبل الحجاب، فجعل يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.. ويكرر ذلك لينبهها باسترجاعه لأنه يتهيب التحدث إليها فما كلمها بكلمة، وإنما أناخ لها الراحلة واخذ بزمام البعير فركبتها وانطلق يقود الراحلة حتى أدرك الجيش في نحر الظهيرة..
وأطمأن رسول الله صلى أن وجدها بخير، وسمع منها حديثها عن سبب تخلفها، فما أنكر منه حرفا، ولكن ابن سلول وهو من الخزرج وكان من أعداء الدين الإسلامي ومن أعداء الله ورسوله ، يأبى أن يأمر حدث إلا ويلفظ فيه ووجد أن الفرصة مهيأة للقيل والقال والافتراء فأطلق لسانه البذيء ، فقال: والله ما نجت منه ولا نجا منها. متوخيا في ذلك أن يوقع بين النبي وأقرب المقربين إليه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أو يفلح في تشكيك المسلمين في كرامة نبيهم.
تقول أم المؤمنين: عائشة بنت أبي بكر الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما:
وكان الذي تولى كبر الإفك عبدالله بن أبي سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت بها شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر، وما يريبني في وجعي، إني لا أرى من النبي اللطف الذي كنت أرى منه حين اشتكي، إنما يدخل فيسلم ثم يقول: " كيف تيكم؟" ثم ينصرف، فذلك الذي يريبني منه ولا اشعر بالشر، حتى نقهت فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع، وهي متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى اليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا.
وحين فرغنا من شأننا نمشي فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت : تعس مسطح. فقلت لها : بئسما قلت، أتسبين رجلا شهد بدرا؟ فقالت: يا هنتاه ألم تسمعي ماقال؟ قلت: وما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضا إلى مرضي.
فلما رجعت إلى بيتي دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسلم وقال: "كيف تيكم؟" فقلت ائذن لي إلى أبوي. قالت وأنا حينئذ أريد أن استيقن الخبر من قبلهما، فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت أبوي، فقلت لأمي: يا أمتاه، ماذا يتحدث الناس به؟ : فقالت: يا بنية هوني على نفسك الشر فو الله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها. فقلت : سبحان الله، ولقد تحدث الناس بهذا؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمه ولا اكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي ولقد بكيت ليليتين ويوما وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي، وبينما هي على تلك الحال استأذنت عليها امرأة من الأنصار فأذنت لها بالدخول فجسلت بجانبها تبكي معها على بكاءها إلى أ دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم وجلس فحمد الله وأثنى عليه وقال:" أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغنني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألمحت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عيه".
تقول عائشة رضي الله عنها: فلما قضى رسول الله مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي: أجب عني رسول الله فيما قال. قال وما أدري ما أقول لرسول الله. فقلت لأمي: أجيبي عني رسول ل الله فيما قال. قالت وما أدري ما أقول لرسول الله. فقلت: إني والله لقد علمت أنكم سمعتم ما تحدث به الناس حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، ولئن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقني فو الله ما أجد لي و لك إلا ما قال أبا يوسف : فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشي وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرأي ببرائتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله ينزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر أن يتكلم الله بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرأني الله بها، فو الله ما رام رسول الله مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل الله على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء/ حتى إنه ليتحدر منه من ثل الجمان من العرق في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه.
قالت :فسري عن رسول الله وهو يضحك وكان أول كلمة تكلم بها أن قال لي: " أبشري عائشة أما والله فقد برأك"
فقالت لي أمي: قومي إلى رسول الله فقلت:لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله هو الذي أنزل براءتي.
فأنزل الله عز وجل:.
وهكذا ينتهي حديث الإفك الذي تعرضت له الجماعة المسلمة لأكبر محنة إذ كانت في الثقة بطهارة بيت رسول الله ومحنة في الثقة ،وفي العقيدة التي تتمثل في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك استحق هذا الحديث العظيم أن ينزل فيه قرآن ليرد المكيدة المدبرة من تلك العصابة المجتمعة على هدف واحد
ولم يكن عبد الله ابن سلول وحده الذي أطلق ذلك الإفك وإنما هو الذي تولى معظمه وهو يمثل عصبة اليهود أو المنافقين الذين عجزوا عن حرب الإسلام جهرة فتواروا وراء ستار الدين ليكيدوا له خفية فكان حديث الإفك إحدى مكايدهم.
● موقف علي من عائشة رضي الله عنهما : ولما انتهت المعركة أخذ علي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرسلها معززة مكرمة إلى المدينة كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، عن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سيكون بينك وبين عائشة أمر"، قال عليّ فأنا أشقاهم يا رسول الله، قال:" لا ولكن إذا كان ذلك فاردها إلى مأمنها".
ففعل - رضي الله عنه - ما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال الإمام أبو بكر بن العربي المالكي: ولما ظهر علي رضي الله عنه جاء إلى أم المؤمنين رضي الله عنها فقال: (غفر الله لك) قالت: (ولك, ما أردتُ إلا الإصلاح). ثم أنزلها دار عبد الله بن خلف وهي أعظم دار في البصرة على سنية بنت الحارث أم طلحة الطلحات، وزارها ورحبت به وبايعته وجلس عندها.
فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلين ينالان من عائشة رضي الله عنها، فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل منهما مئة جلدة وأن يجردهما من ثيابهما ففعل.
●لماذا خرجت عائشة في المعركة: وقال ابن العربي المالكي: أما خروج عائشة رضي الله عنها فهو اجتهاد منها لتحقيق غاية طلحة والزبير، والتعاون مع علي من أجل إطفاء الفتنة، والقضاء على المنافقين من قتلة عثمان رضي الله عنهم جميعاً.
فأين هذه البراءة مما زعمه بعض المفترين بأن عائشة رضي الله عنها يوم الجمل كان انتقاماً من علي رضي الله عنه من أنه حض الرسول -صلى الله عليه وسلم على طلاقها في حادثة (الإفك)، لما رأى من حزنه من كلام بعض الناس... وقد قال غير واحد أنها اجتهدت، ولكنها أخطأت في الاجتهاد، ولا إثم على المجتهد المخطئ، بل له أجر على اجتهاده، وكونها رضي الله عنها من أهل الاجتهاد مما لا ريب فيه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في المنتقى (ص223):" إنعائشة رضي الله عنهالم تقاتل، ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت كلما ذكرت تبكي حتى تبل خمارها.
وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين، ولم يكن لهؤلاء قصد في القتال، ولكن وقع القتال بغير اختيارهم.
لا زال الروافض الأنجاس يطعنون في أمنا عائشة رضي الله عنهاويحاولون تشويه سمعة الطاهرة المبرأة ومن ذلك زعمهم بأن عائشة رضي الله عنهاأباحت رضاع الكبير!!
لن نننقل شيئا عن حكم ذلك فليس هذا بحديثنا كما أن الحكم واضح دينا ومنطقا، ولكن سننقل توضيحا راقناعن موقف عائشة رضي الله عنها من الرضاع وهو المدخل المغلق الذي قام الروافض الأنجاس بتأويله على أهوائهم
.
● موقف عائشة رضي الله عنها في رضاع الكبير: عن نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن عائشة رضي الله عنهاأم المؤمنين أرسلت به وهو رضيع إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق فقالت: أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل عليَّ.
قال سالم: فأرضعتني أم كلثوم ثلاث رضعات، ثم مرضَتْ فلم ترضعني غير ثلاث رضعات، فلم أكن أدخل على عائشة رضي الله عنهامن أجل أن أم كلثوم لم تُتِمَّ لي عشر رضعات.
ولعلنا نلاحظ أن عائشة رضي الله عنها كانت ترغب في دخول سالم بن عبد الله عليها لذلك أرسلت به إلى أم كلثوم لترضعه.
ولكن أم كلثوم لم تتم رضاعته، فلم يدخل على السيدة عائشة رضي الله عنها ، ولو كان الأمر هو جواز إرضاع الرجال لجعلت إحدى بنات أخيها ترضعه؛ ولكنه لما كبر وصار رجلا لم يكن ليدخل على عائشة رضي الله عنها.
ومن الجدير بالذكر أن أصحاب الشبهة أوردوا: أن عائشة رضي الله عنهاأرسلت سالم بن عبد الله لترضعه أم كلثوم دون أن يذكروا أن سالم بن عبد الله كان طفلا رضيعًا كما جاء في الحديث؛ ليفهم الناس أن أم كلثوم كانت تُرضع رجلاً كبيراً!! بطلب عائشة رضي الله عنها.
ويجب تقرير أن طلب عائشة رضي الله عنهابالإرضاع كان لأطفال صغار، وأن ما ذُكر في الرواية (فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال) هو باعتبار ما سيكون منهم بعد أن يصبحوا رجالا.
ودليل ذلك قول نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين أرسلت به وهو رضيع إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق فقالت: أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل عليَّ.
فلم تكن عائشة رضي الله عنها تقصد طبعا حتى يدخل علي وهو رضيع، بل كانت تقصد حتى يدخل علي بعد أن يكبر.
فلا يكون لقولها (حتى يدخل علي) إلا هذا المعنى.
ويؤكد ذلك عملها بهذا القصد، الذي شاركتها فيه حفصة فصنعت كما صنعت عائشة؛ عن مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته: أن حفصة أم المؤمنين أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها فاطمة بنت عمر بن الخطاب ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها وهو صغير يرضع ففعلت فكان يدخل عليها) .
فلا يمكن فهم عبارة "فكان يدخل عليها" إلا بمعني بعد أن كبر كما سبق بيانه في حديث عائشة رضي الله عنها.
وقد جاء هذا المعنى صراحة في أحكام القرآن للجصاص (3/25):
وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ عائشة الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ مَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عائشة كَانَتْ تَأْمُرُ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ تُرْضِعَ الصِّبْيَانَ حَتَّى يَدْخُلُوا عَلَيْهَا إذَا صَارُوا رِجَالًا.
فكانت عائشة تحب أن يدخلوا عليها بعد أن يصيروا رجالا؛ لتعلمهم أمر دينهم؛ التزاما بقوله تعالى: {واذكرن ما يتلى عليكن في بيوتكن من آيات الله والحكمة}.
وفي هذا الموقف دلالة على حرص أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على تبليغ دين رب العالمين، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما تتمتع به من ذكاء وبُعدِ نَظَرٍ .
وعلى ذلك فاختلاف أمهات المؤمنين مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهاليس في إرضاع كبيرٍ أو إدخال رجال عليها بهذا الإرضاع؛ لأن هذا لم يحدث من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهاأصلاً ..!
ولكن كان وجه اعتراض أمهات المؤمنين هو إرضاع الصغار بقصد الدخول .
فكان هذا القصد هو وجه الاعتراض كما في رواية صحيح مسلمٍ وغيره عن زينب بنت أمّ سلمة أنّ أمّ سلمة قالت لعائشة رضي الله عنها : إنّه يدخل عليك الغلام الأيفع الّذي ما أحبّ أن يدخل عليّ. فقالت عائشة : أما لك في رسول اللّه أسوة حسنة؟! قالت : إنّ امرأة أبي حذيفة قالت يا رسول اللّه: إنّ سالماً يدخل علي وهو رجل، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : «أرضعيه حتّى يدخل عليك» وفي روايةٍ لمالكٍ في الموطّأ قال: «أرضعيه خمس رضعاتٍ» فكان بمنزلة ولدها من الرّضاعة. والغلام الأيفع: هو من لم يتجاوز الحلم.
مما يدل على أن احتجاج عائشة رضي الله عنها بحادثة سالم كان: "الإرضاع بقصد الدخول" ولم يكن الاحتجاج برضاعة من بلغ من الرجال مثل سالم.
●بعض الملاحظات:
حيث أورد أصحاب الشبهات عبارات جاءت في الروايات يجب التنبيه عليها:
- مثل عبارة «رضيع عائشة » التي أوردها مسلم:
عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ -رَضِيعِ عائشة - عَنْ عائشة رضي الله عنها.
مما جعل أصحاب الشبهة يقولون: أن عائشة رضي الله عنها كانت ترضع رجلا كبيراً.
أما كلمة «رضيع عائشة» فمعناها: أخوها من الرضاع، يقول الفيروزآبادي في القاموس المحيط: (ورَضِيعُكَ: أخوكَ من الرَّضاعةِ) .
وهو عبد الله بن يزيد، كان تابعيًّا باتفاق الأئمة، وكانت أُمُّه أرضعت عائشة رضي الله عنها ، وعاشت بعد النبي فولدته فلذلك قيل له: رضيع عائشة .
- ومثل عبارة (فمكثت سنة أو قريبا منها لا أحدث به رهبة له):
حيث قيل: إنها من كلام سهلة زوجة أبوحذيفة وأنها ظلت في خجل من إرضاع سالم ولم تخبر به إلا بعد عام!!
والحقيقة: أن هذه العبارة هي من كلام ابن أبي مليكة (راوي الحديث).
يقول النووي في شرحه على مسلم: (قال: فمكثتُ) هذا قول ابن أبي مليكة... (ثم لقيت القاسم) عطفٌ على (فمكثت) فهو من مقول ابن أبي مليكة أيضاً .
ويؤكد ذلك قول القاسم الذي روى عنه أبو مليكة: (حدِّث به ولا تهابه)، ولو كان الكلام لسهلة لكان: (حدِّثي به ولا تهابيه).
والرواية بتمامها:
▪ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ -وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ- عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَقَدْ عَقَلَ مَا يَعْقِلُ الرِّجَالُ وَعَلِمَ مَا يَعْلَمُ الرِّجَالُ؟ قَالَ: «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ».
فَمَكَثْتُ حَوْلاً لاَ أُحَدِّثُ بِهِ، وَلَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقَالَ: حَدِّثْ بِهِ وَلاَ تَهَابُهُ
وأما إن قيل: إن عائشة رضي الله عنهاكانت تُرضع من يدخل عندها !!
فيقال: إن هذا يدل على قمةِ التخلفِ العقلي لماذا ؟ لأن عائشة رضي الله عنهالم تنجب أصلاً كي ترضع.حدث عنها إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلا ، وإبراهيم بن يزيد التيمي كذلك ، وإسحاق بن طلحة ، وإسحاق بن عمر ، والأسود بن يزيد ، وأيمن المكي ، وثمامة بن حزن ، وجبير بن نفير ، وجُميع بن عمير . والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي ، والحارث بن نوفل ، والحسن ، وحمزة بن عبد الله بن عمر ، وخالد بن سعد ، وخالد بن معدان -وقيل : لم يسمع منها- وخباب صاحب المقصورة ، وخبيب بن عبد الله بن الزبير ، وخلاس الهجري ، وخيار بن سلمة ، وخيثمة بن عبد الرحمن ، وذكوان السمان ; ومولاها ذكوان ، وربيعة الجرشي -وله صحبة- ، وزاذان أبو عمر الكندي ، وزرارة بن أوفى ، وزِرّ بن حبيش ، وزيد بن أسلم ، وسالم بن أبي الجعد -ولم يسمعا منها- وزيد بن خالد الجهني وسالم بن عبد الله ، وسالم سبلان ، والسائب بن يزيد ، وسعد بن هشام ، وسعيد المقبري ، وسعيد بن العاص ، وسعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وسليمان بن بريدة وشريح بن أرطاة ، وشـريح بن هانئ ، وشريق الهوزني ، وشقيق أبو وائل ، وشهر بن حوشب ، وصالح بن ربيعة بن الهدير.
وصعصعة عم الأحنف ، وطاوس ، وطلحة بن عبد الله التيمي ، وعابس بن ربيعة ، وعاصم بن حميد السكوني ، وعامر بن سعد ، والشعبي ، وعباد بن عبد الله بن الزبير ، وعبادة بن الوليد ، وعبد الله بن بريدة ، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث البصري ، وابن الزبير ابن أختها ، وأخوه عروة ، وعبد الله بن شداد الليثي ، وعبد الله بن شقيق ، وعبد الله بن شهاب الخولاني ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ، وابن عمر وابن عباس ، وعبد الله بن فروخ ، وعبد الله بن أبي مليكة ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وأبوه ، وعبد الله بن عكيم ، وعبد الله بن أبي قيس ، وابنا أخيها : عبد الله والقاسم ، ابنا محمد ، وعبد الله بن أبي عتيق محمد ، ابن أخيها عبد الرحمن ، وعبد الله بن واقد العمري ، ورضيعها عبد الله بن يزيد ، وعبد الله البهي وعبد الرحمن بن الأسود ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
وعبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني ، وعبد الرحمن بن شماسة ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجمحي ، وعبد العزيز ، والد ابن جريج ، وعبيد الله بن عبد الله ، وعبيد الله بن عياض وعراك - ولم يلقها - وعروة المزني ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء بن يسار ، وعكرمة ، وعلقمة وعلقمة بن وقاص ، وعلي بن الحسين ، وعمرو بن سعيد الأشدق ، وعمرو بن شرحبيل ، وعمرو بن غالب ، وعمرو بن ميمون ، وعمران بن حطان ، وعوف بن الحارث ، رضيعها ، وعياض بن عروة ، وعيسى بن طلحة ، وغضيف بن الحارث ، وفروة بن نوفل ، والقعقاع بن حكيم ، وقيس بن أبي حازم ، وكثير بن عبيد الكوفي . رضيعها ، وكريب ، ومالك بن أبي عامر ، ومجاهد ، ومحمد بن إبراهيم التيمي -إن كان لقيها- ومحمد بن الأشعث.
ومحمد بن زياد الجمحي ، وابن سيرين ، ومحمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وأبو جعفر الباقر -ولم يلقها- ومحمد بن قيس بن مخرمة ، ومحمد بن المنتشر ، ومحمد بن المنكدر -وكأنه مرسل - ومروان العقيلي أبو لبابة ومسروق ، ومصدع أبو يحيي ومطرف بن الشخير ، ومقسم مولى ابن عباس ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، ومكحول -ولم يلحقها - وموسى بن طلحة ، وميمون بن أبي شبيب ، وميمون بن مهران ، ونافع بن جبير ، ونافع بن عطاء ، ونافع العمري ، والنعمان بن بشير ، وهمام بن الحارث ، وهلال بن يساف ، ويحيي بن الجزار ويحيي بن عبد الرحمن بن حاطب ، ويحيي بن يعمر ، ويزيد بن بابنوس ويزيد بن الشخير ، ويعلى بن عقبة ، ويوسف بن ماهك وأبو أمامة بن سهل.
وأبو بردة بن أبي موسى ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وأبو الجوزاء الربعي ، وأبو حذيفة الأرحبي ، وأبو حفصة ، مولاها ، وأبو الزبير المكي -وكأنه مرسل- وأبو سلمة بن عبد الرحمن . وأبو الشعثاء المحاربي ، وأبو الصديق الناجي ، وأبو ظبيان الجنبي ، وأبو العالية رفيع الرياحي ، وأبو عبد الله الجدلي وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وأبو عثمان النهدي ، وأبو عطية الوادعي ، وأبو قلابة الجرمي -ولم يلقها- وأبو المليح الهذلي ، وأبو موسى ، وأبو هريرة ، وأبو نوفل بن أبي عقرب ، وأبو يونس مولاها ، وبهية مولاة الصديق ، وجسرة بنت دجاجة ، وحفصة بنت أخيها عبد الرحمن ، وخيرة والدة الحسن البصري ، وذفرة بنت غالب ، وزينب بنت أبي سلمة ، وزينب بنت نصر ، وزينب السهمية ، وسمية البصرية ، وشُمَيسة العتكية ، وصفية بنت شيبة ، وصفية بنت أبي عبيد ، وعائشة بنت طلحة ، وعمرة بنت عبد الرحمن ، ومرجانة ، والدة علقمة بن أبي علقمة ، ومعاذة العدوية ، وأم كلثوم التيمية . أختها ، وأم محمد ، امرأة والد علي بن زيد بن جدعان . وطائفة سوى هؤلاء .
كانت ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضين من رمضان سنة سبع وخمسين للهجرة أغمضت جفناها رضي الله عنها وانتقلت روحها إلى الرفيق الأعلى، وهي من العمر في السادسة والستين وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه ثم شيعت جنازتها في غسق الليل إلى البقيع مرقد آل بيت النبي وهذا ما أوصت به تحت أنوار المشاعل المصنوعة من جريد مغموس في الزيت، وكانت الناس تسير وراء الجنازة باكية معولة نادبة أم المؤمنين رحمها الله، فلم ترى ليلة في المدينة المنورة أكثر ناسا من تلك الليلة ، وأودع جثمانها الطاهر في البقيع مع أمهات المؤمنين بعد أن نزل معها إلى القبر لتلقي جثمانها ولد أختها أسماء ذات النطاقين عبد الله وعروة أبناء الزبير والقاسم وعبد الله أبناء أخيها محمد وعبد الله ابن أخيها عبد الرحمن وكلهم من رواة الحديث عنها
وهدأت روحها الطاهرة تحت مرقدها بعد أن خلفت من ورائها أجيالا ترصد دقائق حياتها منذ كانت في السادسة من عمرها مستلهمة تلك التربية التي صاغتها فجعلت منها نموذجا فريدا لم تعرف الدنيا مثلها خلال أربعة عشر قرنا خلت.
وقد امتدح شاعر الرسول حسان بن ثابت السيدة عائشة رضي الله عنها بعد أن انتهت من محنة الإفك بأبيات قال فيها:
رأيتُـكِ وليغفِــرْ لَــكِ اللـه حُــرَّة
مِـنَ الْمُحْصَنَـاتِ غـيْـرِ ذَاتِ غَـوَائِـلِ
حَصَـــانٌ رَزَانٌ مــا تُــزَنُّ بِرِيبَــةٍ
وتُصْبِـحُ غَـرْثَي مِـنْ لُحُـومِ الغَـوَافِـلِ
وإنَّ الــذي قــد قِيــلَ ليس بِلائِـــط
ولكنه قَول امْـرئٌ بي مـتمــــَاحــلِ
فـإنْ كُـنْـتُ أَهْـجُـوكُم كمَـا بَلَّغُـوكُـمْ
فَلا رَفَعَــتْ سَــوْطِي إلــيَّ أنَــامِلي
وكـيـفَ وَوُدِّي مـا حَـيِيتُ ونُصْـــرَتِي
لآلِ رَسُــولِ اللــهِ زَيْــنِ المَحَــافِلِ
وإنِ َّلـهُـم عِـزًّا يُـرَى الـنَّـاسُ دُونَـهُ
قِـصَـارًا وطَـالَ العِـزُّ كُـلَّ التَّطَـــاوُلِ
عَقيلــةُ حــيٍّ مِـن لُـؤَيِّ بْـنِ غَـالِبِ
كِـرَامِ المَسَاعِـي مَـجْدُهُمْ غَيْـرُ زَائِــلِ
مُـهَذَّبَــةٌ قَـدْ طَـيَّـبَ اللـهُ خِيمَـهَـا
وطَهَّرَهَــا مِــنْ كُــلِّ سُـوءٍ وبَـاطِلِ
.
▪ الغرثى: الجياع ▪ سورة: شدة ▪ ليس بلائط: ليس بحبيب ▪ متماحل: ماكر
.
قصيدة الدكتور عائض القرني للدفاع عن أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها وعلى أبيها
.
يا أمنا، أنتِ أنتِ ذروة الكرمِ ... وأنتِ أوفى نساء العُرْب والعجمِ
يا زوجة المصطفى، يا خير من حملت ... نور النبوة والتوحيد من قدمِ
أنتِ العفاف فداك الطهر أجمعه ... أنت الرضى والهدى يا غاية الشَّممِ
نفديك يا أمنا، في كل نازلةٍ ... من دون عِرْضِك عرضُ الناس كلهمِ
وهل يضر نباحُ الكلب شمسَ ضحى ... لا والذي ملأ الأكوان بالنعم
الله برَّأها والله طهرها ... والله شرفها بالدين والشِّيمِ
الوحي جاء يزكِّيها ويمدحُها ... تباً لنذلٍ حقيرٍ تافهٍ قزمِ
والله أغيرُ من أن يرتضي بشراً ... لعشرة المصطفى في ثوب متَّهمِ
في خِدْرها نزلت آياتُ خالقنا ... وحياً يبدِّد ليلَ الظُّلمِ والظُلَمِ
عاشت حَصَاناً رَزَاناً همها أبداً ... في الذكر والشكر بين اللوح والقلمِ
صديقةٌ يُعرف الصِّديقُ والدُها ... صان الخلافةَ من بغْيٍ ومن غشمِ
مصونة في حمى التقديس ناسكةً ... من دون عِزِّتها حربٌ وسفك دمِ
محجوبةٌ بجلال الطُّهر صيّنةٌ ... أمينة الغيب في حِلٍّ وفي حرمِ
كل المحاريب تتلو مدحها أبداً ... كل المنابر من روما إلى أرمِ
وكلنا في الفدا أبناء عائشةٍ ... نبغي الشهادة سبّاقين للقممِ
مبايعين رسولَ الله ما نكثت ... أيماننا بيعةَ الرِّضوان في القسمِ
يا أمنا، قد حضرنا للوغى لُجباً ... نصون مجدكِ صونَ الجندي للعلمِ
عليك منا سلام الله نرفعه ... بنفحة المسك بينَ السِّدر والسَلمِ
لا بارك الله في الدنيا إذا وهنت ... منا العزائمُ أو لم نوفِ للقممِ
فالموتُ أشرفُ من عيشٍ بلا شرف ... والقبرُ أكرمُ من قصرٍ بلا كرمِ
قصيدة الإدريسي في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق ، رضي الله عنها وعن أبيها ، وعن الصحابة أجمعين
.
ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي ... هُدِيَ المُحِبُّ لهـا وضَـلَّ الشَّانِـي
إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً عَنْ فَضْلِهـا ... ومُتَرْجِمـاً عَـنْ قَوْلِهـا بِلِسَانِـي
يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ ... فالبَيْتُ بَيْتِـي والمَكـانُ مَكانِـي
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ ... بِصِفـاتِ بِـرٍّ تَحْتَهُـنَّ مَعانِـي
وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّها ... فالسَّبْـقُ سَبْقِـي والعِنَـانُ عِنَانِـي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي ... فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمـانُ زَمانِـي
زَوْجِي رَسـولُ اللهِ لَـمْ أَرَ غَيْـرَهُ ... اللهُ زَوَّجَنِـي بِـهِ وحَبَانِـي
وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي ... فَأَحَبَّنِـي المُخْتَـارُ حِيـنَ رَآنِـي
أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ ... وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِـي قَمَـرانِ
وتَكَلَّـمَ اللهُ العَظيـمُ بِحُجَّتِـي ... وَبَرَاءَتِـي فـي مُحْكَـمِ القُـرآنِ
واللهُ خَفَّرَنِي وعَظَّمَ حُرْمَتِـي ... وعلـى لِسَـانِ نَبِيِّـهِ بَرَّانِـي
واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي ... بَعْـدَ البَـرَاءَةِ بِالقَبِيـحِ رَمَانِـي
واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ تَنَقُّصِي ... إفْكاً وسَبَّـحَ نَفْسَـهُ فـي شَانِـي
إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ ... ودَلِيلُ حُسْـنِ طَهَارَتِـي إحْصَانِـي
واللهُ أَحْصَنَنِـي بخاتَـمِ رُسْلِـهِ ... وأَذَلَّ أَهْـلَ الإفْـكِ والبُهتَـانِ
وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ... مِـن جِبْرَئِيـلَ ونُـورُهُ يَغْشانِـي
أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ تَحْـتَ ثِيابِـهِ ... فَحَنـا علـيَّ بِثَوْبِـهِ خَبَّانـي
مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتِي ... ومُحَمَّـدٌ فـي حِجْـرِهِ رَبَّانـي؟
وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ ... وَهُما علـى الإسْـلامِ مُصْطَحِبـانِ
وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ... فالنَّصْلُ نَصْلِـي والسِّنـانُ سِنانِـي
والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي ... حَسْبِي بِهَـذا مَفْخَـراً وكَفانِـي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ ... وحَبِيبِهِ فـي السِّـرِّ والإعـلانِ
نَصَرَ النَّبيَّ بمالِـهِ وفَعالِـهِ ... وخُرُوجِـهِ مَعَـهُ مِـن الأَوْطـانِ
ثانِيهِ في الغارِِ الذي سَدَّ الكُوَى ... بِرِدائِهِ أَكْرِمْ بِـهِ مِـنْ ثـانِ
وَجَفَا الغِنَى حتَّى تَخَلَّلَ بالعَبَـا ... زُهـداً وأَذْعَـنَ أيَّمَـا إذْعـانِ
وتَخَلَّلَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَـةُ السَّمَـا ... وأَتَتْـهُ بُشـرَى اللهِ بالرِّضْـوانِ
وَهُوَ الذي لَمْ يَخْشَ لَوْمَةَ لائِمٍ ... في قَتْلِ أَهْـلِ البَغْـيِ والعُـدْوَانِ
قَتَلَ الأُلى مَنَعوا الزَّكاةَ بِكُفْرِهِمْ ... وأَذَلَّ أَهْـلَ الكُفْـرِ والطُّغيـانِ
سَبَقَ الصَّحَابَةَ والقَرَابَةَ لِلْهُدَى ... هو شَيْخُهُمْ في الفَضْلِ والإحْسَانِ
واللهِ ما اسْتَبَقُوا لِنَيْلِ فَضِيلَةٍ ... مِثْلَ اسْتِبَاقِ الخَيـلِ يَـومَ رِهَـانِ
إلاَّ وطَـارَ أَبـي إلـى عَلْيَائِهـا ... فَمَكَانُـهُ مِنهـا أَجَـلُّ مَكَـانِ
وَيْـلٌ لِعَبْـدٍ خـانَ آلَ مُحَمَّـدٍ ... بِعَـدَاوةِ الأَزْواجِ والأَخْتَـانِ
طُُوبى لِمَنْ والى جَمَاعَةَ صَحْبِهِ ... وَيَكُونُ مِـن أَحْبَابِـهِ الحَسَنَـانِ
بَيْنَ الصَّحابَةِ والقَرابَـةِ أُلْفَـةٌ ... لا تَسْتَحِيـلُ بِنَزْغَـةِ الشَّيْطـانِ
هُمْ كالأَصَابِعِ في اليَدَيْنِ تَوَاصُلاً ... هل يَسْتَوِي كَفٌّ بِغَيرِ بَنـانِ؟!
حَصِرَتْ صُدورُ الكافِرِينَ بِوَالِدِي ... وقُلُوبُهُمْ مُلِئَتْ مِنَ الأَضْغانِ
حُبُّ البَتُولِ وَبَعْلِها لم يَخْتَلِفْ ... مِـن مِلَّـةِ الإسْـلامِ فيـهِ اثْنَـانِ
أَكْرِمْ بِأَرْبَعَـةٍ أَئِمَّـةِ شَرْعِنَـا ... فَهُـمُ لِبَيْـتِ الدِّيـنِ كَالأرْكَـانِ
نُسِجَتْ مَوَدَّتُهُمْ سَدىً في لُحْمَـةٍ ... فَبِنَاؤُهـا مِـن أَثْبَـتِ البُنْيَـانِ
اللهُ أَلَّـفَ بَيْـنَ وُدِّ قُلُوبِهِـمْ ... لِيَغِيـظَ كُـلَّ مُنَـافِـقٍ طَـعَّـانِ
رُحَمَاءُ بَيْنَهُمُ صَفَتْ أَخْلاقُهُـمْ ... َخَلَـتْ قُلُوبُهُـمُ مِـنَ الشَّنَـآنِ
فَدُخُولُهُمْ بَيْنَ الأَحِبَّـةِ كُلْفَـةٌ ... وسِبَابُهُـمْ سَبَـبٌ إلـى الحِرْمَـانِ
جَمَعَ الإلهُ المُسْلِمِينَ على أبي ... واسْتُبْدِلُـوا مِـنْ خَوْفِهِـمْ بِأَمَـانِ
وإذا أَرَادَ اللهُ نُصْرَةَ عَبْدِهِ ... مَنْ ذا يُطِيـقُ لَـهُ علـى خِـذْلانِ؟!
مَنْ حَبَّنِي فَلْيَجْتَنِبْ مَنْ َسَبَّنِي ... إنْ كَانَ صَـانَ مَحَبَّتِـي وَرَعَانِـي
وإذا مُحِبِّي قَدْ أَلَظَّ بِمُبْغِضِي ... فَكِلاهُمَا في البُغْـضِ مُسْتَوِيَـانِ
إنِّي لَطَيِّبَـةٌ خُلِقْـتُ لِطَيِّـبٍ ... ونِسَـاءُ أَحْمَـدَ أَطْيَـبُ النِّسْـوَانِ
إنِّي لأُمُّ المُؤْمِنِينَ فَمَنْ أَبَـى ... حُبِّـي فَسَـوْفَ يَبُـوءُ بالخُسْـرَانِ
اللهُ حَبَّبَنِـي لِقَلْـبِ نَبِيِّـهِ ... وإلـى الصِّـرَاطِ المُسْتَقِيـمِ هَدَانِـي
واللهُ يُكْرِمُ مَنْ أَرَادَ كَرَامَتِي ... ويُهِيـنُ رَبِّـي مَـنْ أَرَادَ هَوَانِـي
واللهَ أَسْأَلُـهُ زِيَـادَةَ فَضْلِـهِ ... وحَمِدْتُـهُ شُكْـراً لِمَـا أَوْلاَنِــي
يا مَنْ يَلُوذُ بِأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ... يَرْجُو بِذلِكَ رَحْمَـةَ الرَّحْمـانِ
صِلْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ ولا تَحِـدْ ... عَنَّـا فَتُسْلَـبَ حُلَّـةَ الإيمـانِ
إنِّي لَصَادِقَةُ المَقَـالِ كَرِيمَـةٌ ... إي والـذي ذَلَّـتْ لَـهُ الثَّقَـلانِ
خُذْها إليكَ فإنَّمَا هـيَ رَوْضَـةٌ ... مَحْفُوفَـةٌ بالـرَّوْحِ والرَّيْحَـان
صَلَّى الإلهُ على النَّبـيِّ وآلِـهِ ... فَبِهِـمْ تُشَـمُّ أَزَاهِـرُ البُسْتَـان
.
للتحميل والاستماع
هنــا
قصيدة الشيخ حامد العلي عن أمنا عائشة رضي الله عنها
ألاَ نادي بَنِيكِ ألاَ انْتخِينا ... شَرُفْنا أنْ نكـونَ لكِ البنينا
شَرُفنا أن تكوني أمَّ فخـرٍ ... نفاخـرُ فيكِ كلَّ العالميـنَ
فزوجُكِ أحمدُ الهادي نبـيُّ ... خليلُ الله ، خيـرُ المتَّقيـنَ
وأنْتِ كريمةُ الصدِّيق جاءَتْ ... براءَتهُا بوحْـيِ المرْسَلـينَ
ألاَ نادي الفوارسَ من نِزارٍ ... ومنْ قحطانَ نادي الأكْرَمينا
ألاَ نادي القبائلَ من مَعَـدِّ ... ونادي العُـرْبَ طُـرَّا أَجمعِينا
ألاَ نادي حواضرَنا اللَّواتـي ... علتْ فيهـا حضارتُنا قُرُونا
ونادي فارسَ الإسلامِ تأتـي ... ستطحنُ رفضَ إيرانَ اللَّعيـنا
ونادي التُّركَ والسودانَ أيضاً ... ونادي الهندَ، باكستانَ ،صِينا
ونادي أهلَ (أفغـانٍ) جميعـاً ... ونادي طالبانَ مُشَـمِّرينـا
ونادي: يا بنـيَّ بكلِّ أرضٍ ... ونادي في شُعـُوبِ المؤمِنيـنا
ونادي ألفَ مليونٍ وتربـُو ... بَنـُوكِ اليومَ كلُّ المسْلمــينَ
أراهم فيكِ متحدِّيـن ثأراً ... أراهـم فيـكِ متحـدِّين دينا
وقولي كيفَ يا أبنائي عِرْضي ... يهانُ وسيفـكمْ يبقى دفيـنا؟!
وكيفَ محمّدٌ تلقـوْه يومـاً ... وشاتمُ عرضِهِ يمشـي حصينا؟!
عقوقُ الأمِّ أعظمُهُ سُكُـوتٌ ... عن الأنجاسِ تقْذفهـا الميُونـا
لقد صُدِمتْ مسامِعُنا وُجُوماً ... كـلامُكِ أمـَّنا قطـَعَ الوتينا
رويدَكِ أمَّنا لسْنا رِجـَـالاً ... إذا بقـيَ الخبيثُ يعيشُ فينـا
بنوكِ حضارةُ المليارِ جـاءُوا ... وقَبـَّلوْا اليدَيْنِ معاهِــدِين
أياَ زوجَ الرسولِ أيـَا رزانٌ ... أيا بنـتَ الكـرامِ السابقيـنَ
أيا شرفَ النبوِّة يا حصـانٌ ... أيا نـــورَ الطهارةِ مُستبينـا
أيا حِبَّ النبيِّ إليــكِ عهـدٌ ... سنرسلُ من صوارمِنا المنونـا
ونبترُ ألسنَ الأخباثِ بتـْـراً ... ونطفـيءُ فتـنةَ المتمرِّدينـا
الشاعر عبدالخالق الزهراني يقول ذودا عن الصديقة عائشة رضي الله عنها
.
عِرضُ الشّريفةِ طاهِرٌ ومُطهّرُ ... ماذا يُريدُ الفاجِرُ المُستقذَرُ
هيَ كالنُّجومِ الزّاهِراتِ وفضلُها ... واللهِ أعظمُ من غمامٍ يُمطِرُ
هيَ أمُّنا زوجُ النبيِّ المُصطفى ... الفخرُ من شرفِ الكريمةِ يفخَرُ
بِضِياءِ شمسِ الحُبِّ نكتُبُ حُبّها ... وبِنورِ آياتِ الجمالِ نُسطِّرُ
النَّورُ برأها وخلّدَ ذِكْرَها ... وبِبغيهِ فلْيهلَكِ المُستكبِرُ
عِرضُ النبيِّ ككوثرٍ في جنّةٍ ... أينالُ هذا العِرضَ فأرٌ أحقرُ
عِرضُ النبيِّ سماءُ طُهرٍ فوقنا ... والشانئُ المخذولُ وغدٌ أبترُ
بِنتُ العتيقِ فمنْ سيستلِبُ الضُّحى ... أنوارَهُ وهُوَ السَّنِيُّ الأنورُ
كانَ النبيُّ يُحِبُّها وتُحِبُّهُ ... والحُبُّ بينهُما كعِطْرٍ يُنشَرُ
فضلُ الثريدِ مقالةٌ نبويّةٌ ... منْ ذا لِعائشة العفيفةَ يُنكِرُ
ماتَ النبيُّ ورأسُهُ في صدرِها ... المجدُ مِنْ أمجادِها يَسْتَكْثِرُ
يامنْ على عينيهِ ألفُ غشاوةٍ ... إنْ كنتَ أعمى كلُّنا مُسْتَبْصِرُ
ياربِّ زلزِلْ من أساءَ لأُمِّنا ... وليأتِهِ عجِلاً عذابٌ أكبرُ
واجعلْهُ ياربّاهُ أعظمَ عِبْرةٍ ... للموقنينَ بأنّ دينَكَ يُنصَرُ
أعراضُنا واللهِ دونَ نبيِّنا ... ودماؤنا من أجلِهِ تتفجّرُ
يامُسلِمونَ وقدْ دعوتُ أعِزّةً ... باللهِ عائشةَ الشّريفةَ فانصُروا
ذودوا عنِ الحوضِ الكريمِ بِحِكْمَةٍ ... وتيَقَّنوا فالنّصرُ آتٍ وابشِروا
وبِهديِ أهلِ الذِّكرِ في غسقِ الحياةِ ... بِنورِهِمْ فاستمسِكوا واستبصِروا
فهُمُ الدليلُ بِظُلمةٍ وهمُ السّنا ... والليلُ مِنهُمْ لِلْبريّةِ مُسفِرُ
ولْتَعْلَمُواْ أنّ الذيْ نفثَ السُّمومَ ... على السماءِ مُتبّرٌ مُستحْقَرُ
يكفيهِ عاراً أنْ سيصلى ذِلةً ... وإذا تمادى فالجحيمُ تُسعّرُ
يكفيهِ خِزياً أنْ يُحارِبَ ربَّهُ ... واللهُ جلّ جلالُهُ هوَ أكبَرُ
قصيدة الدكتور عبدالرحمن العشماوي عن المبرأة الطاهرة عائشة رضي الله عنها
حَصَانٌ أيّها الأعْمَى رَزَانُ ... يُشِيرُ إلى فـَضَائِلها البَنانُحدث عنها إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلا ، وإبراهيم بن يزيد التيمي كذلك ، وإسحاق بن طلحة ، وإسحاق بن عمر ، والأسود بن يزيد ، وأيمن المكي ، وثمامة بن حزن ، وجبير بن نفير ، وجُميع بن عمير . والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي ، والحارث بن نوفل ، والحسن ، وحمزة بن عبد الله بن عمر ، وخالد بن سعد ، وخالد بن معدان -وقيل : لم يسمع منها- وخباب صاحب المقصورة ، وخبيب بن عبد الله بن الزبير ، وخلاس الهجري ، وخيار بن سلمة ، وخيثمة بن عبد الرحمن ، وذكوان السمان ; ومولاها ذكوان ، وربيعة الجرشي -وله صحبة- ، وزاذان أبو عمر الكندي ، وزرارة بن أوفى ، وزِرّ بن حبيش ، وزيد بن أسلم ، وسالم بن أبي الجعد -ولم يسمعا منها- وزيد بن خالد الجهني وسالم بن عبد الله ، وسالم سبلان ، والسائب بن يزيد ، وسعد بن هشام ، وسعيد المقبري ، وسعيد بن العاص ، وسعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وسليمان بن بريدة وشريح بن أرطاة ، وشـريح بن هانئ ، وشريق الهوزني ، وشقيق أبو وائل ، وشهر بن حوشب ، وصالح بن ربيعة بن الهدير.
رَآها المَجْدُ أولَ مَا رَآها ... مُبَجّلةً لها في الخيرِ شـَانُ
تـَرَى فيها البَراءَةُ مُبْتغاها ... وَيَعْجَبُ مِن بَلاغـَتِها البَيانُ
لها في قلبِ خـَيرِ النـّاسِ حُبٌ ... تـَضـَلـََّعَ مِن مَنابعِهِ الجَنانُ
سَرَى في الأفـْقِ مِنـْهُ شَذاهُ ... حَتـّى تـَعَطـَّرَتْ الغـَمَائِمُ وَالعَنانُ
حَبيبةُ قـَلـْبهِ رُوحَاً وَعَقـَلاً ... أحَاطَ بهَا مِن الهَادِي الحَنانُ
لقدْ شـَهـِدَتْ بحُبـِهـِما البَرَايَا ... وَطـَارَ بـِذِكـْرِهِ الحَسَنُ الـزّمانُ
حَبيبةُ سَيّدِ الأبَرارِ أهْدَى ... إليها الحُبَّ فـَارْتـَفـَعَ المـَكانُ
وأمُّ المُؤمِنينَ بـِأمْرِ رَبّي ... وَتِلكَ أُمُومُةٌ فِينا تـُصَانُ
لَها مِن طِيبِ مَحْتِدِها شُمُوخُ ... بـِهِ تـَارِيخُ أمّتِنـا يُزانُ
لقدْ أعْـلى رَسولُ الله قـَدْراً ... لِعائِشة فـَاسْتـَقرََّ لها الكِيانُ
وَعَن جبريلَ أقـْرَأها سلاماً ... فـَقـُلْ لي كـَيفَ يـَنـْفـَلِتُ العِنانُ
سَلامٌ مِنْ مَلائِكـَةٍ كِرَامٍ ... فـَلا عَاشَ المُكابـِرُ وَالجَبانُ
وَلا عَاشَ الـّذينَ لـَهُمْ قـُلـوبٌ ... لها بـِمَظاهِرِ الكـُفـْرِ افـْتِتانُ
وَمَا كُلُّ الرِجالِ لـَهُمْ عُقولٌ ... بـِها فِي كـُل خـَطـْبٍ يُسْتـَعانُ
فـَفِي النّاسِ العَقارِبُ وَالأفاعِي ... وَمَن هو فِي الخـَدِيْعَةِ ثـُعْلـُبانُ
نَعوذُ بـِرَبـّنا مِن كـُلِّ قـَلـْبٍ ... بـِه مِن سُوءِ نـِيـَّـتِهِ احْتِقانُ
وَمِنْ بَعْضِ النـُّـفوسِ بـِها لـَهيبٌ ... يـَثورُ بـِهِ مِن الحِقـْدِ الدُّخانُ
لقدْ كـَذبُوا عَلى خَيرِ البَرايَا ... وَنَالوا مِن حَبيبتِهِ وَخانوا
وَمَاذا يـَنـْقِمُ السُّفـَهاء مِنْها ... وَفي تـَكرِيمِها كُسِبَ الرِّهانُ
وَكيفَ يَصِحُ فِيها قـَولُ غَاوٍ ... وَعِندَ الله قـَدْ عُقـِدَ القِرانُ
أَتـُرْمَى زَوجَةُ الهادِي بـِسوءٍ ... وَيَبـْقى مَنْ رَمَاها لا يُدانُ
بَغِيضٌ مَنْ يُسِئُ لها بَغِيضٌ ... عَليهِ مِن الخـَنَى وَالإثِمِ رَانُ
إذا أمِنَ الغـُواة عِقابَ ذََنـْبٍ ... تـَمادَوا في الغِوايَة واسْتـَهانوا
أمَا يكـْفي ابـْنـَةَ الصدِّيق وَحْيٌ ... تـَنـَزََّلَ في اللِحَافِ لو اسْتـَبانوا
أيَا بَيتَ النـُُّبُُوةِِ أنتَ رَمْزٌ ... عَليهِ مِن المَهَابَةِ طـَيلسَانُ
وَفيكَ مِن التـُُّقى نـُورٌ مٌبينٌ ... وَ إحْسانٌ وَعَدلٌ واتـِّزانُ
وَفيكَ الحُبُُّ فـَجْرٌ مِن حَنانٍ ... بـِهِ النّاس اسْتـَضـَاؤا حَيثُ كانوا
وَفيكَ تـَدَفــََّقَ القـُرآنُ نـَهْراً ... وَفي جَنـَباتـِك ارْتـَفعَ الأذانُ
وَفيكَ وَشـَائِـجُ القـُرْبَى تـَسامَتْ ... وَعَنـْها صَدََّقَ الخـَبْرُ العَيانُ
سَمَى بـِمَقامِك العالي رَسولٌ ... وَزوجاتٌ كرِيماتٌ حِسَانُ
لِعائش فِيكَ مَنزِلةٌ وَلكِن ... لـَهُنََّ القـَـدْرُ وَالحَقُ المُصانُ
أيَا بيتَ النـُّبُوةِ أنـْتَ صَرحٌ ... عَظيمٌ لا تـُطاولِه الرِعانُ
بـِرَغـْمِ الحاقدينَ تـَـظلُ رَمَزاً ... بـِهِ الإيمانُ يُشـْرِق ُوالأمانُ
وصعصعة عم الأحنف ، وطاوس ، وطلحة بن عبد الله التيمي ، وعابس بن ربيعة ، وعاصم بن حميد السكوني ، وعامر بن سعد ، والشعبي ، وعباد بن عبد الله بن الزبير ، وعبادة بن الوليد ، وعبد الله بن بريدة ، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث البصري ، وابن الزبير ابن أختها ، وأخوه عروة ، وعبد الله بن شداد الليثي ، وعبد الله بن شقيق ، وعبد الله بن شهاب الخولاني ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ، وابن عمر وابن عباس ، وعبد الله بن فروخ ، وعبد الله بن أبي مليكة ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وأبوه ، وعبد الله بن عكيم ، وعبد الله بن أبي قيس ، وابنا أخيها : عبد الله والقاسم ، ابنا محمد ، وعبد الله بن أبي عتيق محمد ، ابن أخيها عبد الرحمن ، وعبد الله بن واقد العمري ، ورضيعها عبد الله بن يزيد ، وعبد الله البهي وعبد الرحمن بن الأسود ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
وعبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني ، وعبد الرحمن بن شماسة ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجمحي ، وعبد العزيز ، والد ابن جريج ، وعبيد الله بن عبد الله ، وعبيد الله بن عياض وعراك - ولم يلقها - وعروة المزني ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء بن يسار ، وعكرمة ، وعلقمة وعلقمة بن وقاص ، وعلي بن الحسين ، وعمرو بن سعيد الأشدق ، وعمرو بن شرحبيل ، وعمرو بن غالب ، وعمرو بن ميمون ، وعمران بن حطان ، وعوف بن الحارث ، رضيعها ، وعياض بن عروة ، وعيسى بن طلحة ، وغضيف بن الحارث ، وفروة بن نوفل ، والقعقاع بن حكيم ، وقيس بن أبي حازم ، وكثير بن عبيد الكوفي . رضيعها ، وكريب ، ومالك بن أبي عامر ، ومجاهد ، ومحمد بن إبراهيم التيمي -إن كان لقيها- ومحمد بن الأشعث.
ومحمد بن زياد الجمحي ، وابن سيرين ، ومحمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وأبو جعفر الباقر -ولم يلقها- ومحمد بن قيس بن مخرمة ، ومحمد بن المنتشر ، ومحمد بن المنكدر -وكأنه مرسل - ومروان العقيلي أبو لبابة ومسروق ، ومصدع أبو يحيي ومطرف بن الشخير ، ومقسم مولى ابن عباس ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، ومكحول -ولم يلحقها - وموسى بن طلحة ، وميمون بن أبي شبيب ، وميمون بن مهران ، ونافع بن جبير ، ونافع بن عطاء ، ونافع العمري ، والنعمان بن بشير ، وهمام بن الحارث ، وهلال بن يساف ، ويحيي بن الجزار ويحيي بن عبد الرحمن بن حاطب ، ويحيي بن يعمر ، ويزيد بن بابنوس ويزيد بن الشخير ، ويعلى بن عقبة ، ويوسف بن ماهك وأبو أمامة بن سهل.
وأبو بردة بن أبي موسى ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وأبو الجوزاء الربعي ، وأبو حذيفة الأرحبي ، وأبو حفصة ، مولاها ، وأبو الزبير المكي -وكأنه مرسل- وأبو سلمة بن عبد الرحمن . وأبو الشعثاء المحاربي ، وأبو الصديق الناجي ، وأبو ظبيان الجنبي ، وأبو العالية رفيع الرياحي ، وأبو عبد الله الجدلي وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وأبو عثمان النهدي ، وأبو عطية الوادعي ، وأبو قلابة الجرمي -ولم يلقها- وأبو المليح الهذلي ، وأبو موسى ، وأبو هريرة ، وأبو نوفل بن أبي عقرب ، وأبو يونس مولاها ، وبهية مولاة الصديق ، وجسرة بنت دجاجة ، وحفصة بنت أخيها عبد الرحمن ، وخيرة والدة الحسن البصري ، وذفرة بنت غالب ، وزينب بنت أبي سلمة ، وزينب بنت نصر ، وزينب السهمية ، وسمية البصرية ، وشُمَيسة العتكية ، وصفية بنت شيبة ، وصفية بنت أبي عبيد ، وعائشة بنت طلحة ، وعمرة بنت عبد الرحمن ، ومرجانة ، والدة علقمة بن أبي علقمة ، ومعاذة العدوية ، وأم كلثوم التيمية . أختها ، وأم محمد ، امرأة والد علي بن زيد بن جدعان . وطائفة سوى هؤلاء .
المفضلات