السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
كان يوماً جميلاً هادئاً استيقظتُ مع أذان الفجر متثاقلاً أحاول فكَّ عقدِ الشيطان واحدةً تلو أخرى .
ذكرتُ الله ثم نهضتُ من مرقدي وتيممتُ المغاسلَ لأتوضأ للصلاة .
خرجتُ متثاقلاً في ليلةٍ شتويةٍ باردة وكلُّ أملي هو الوصولُ إلى المسجد سالماً لأنِّي نمتُ متأخراً فأصبحَ النعاس يحجب عني الرؤيةَ كأنَّ الدنيا قد اكتست بالضباب.. أخيراً وصلتُ سالماً .
أقيمت الصلاة وصلى الناس خلف الإمام ولم أكد أسلمُ حتى جثا النومُ على عيني فأسندتُ ظهري على حائطٍ في المسجد وأسلمتُ للنوم العينين .
قمتُ متأخراً بعد ساعةٍ تقريباً فقلتُ في نفسي ما شاء الله مكثتَ إلى الشروق
خفتُ أن يكون الحارسُ قد أغلق أبواب المسجد فنهضت مسرعاً ولما أدرتُ وجهي لأخرج من المسجدٍ إذ بشيخٍ يقاربُ عمرهُ الستين قد أخذ مكانهُ المعتادُ من المسجد وإذ بجموع الطلاب حولهُ يقرءون القرآن وهو جالسُ يقرءهم حتى هذا الوقت ..
كان بودي أن أشاركهم متعة التدارس غير أنَّه قد حان موعد الذهاب للجامعة .
خرجت مسرعاً وأدرتُ مفتاح السيارةِ ليعمل المحرك ثم انطلقتُ حتى أتيت الجامعة ..
دخلتُ القاعةَ وأخذت مقعدي في انتظار بدايةِ المحاضرة .. أشارت الساعةُ إلى الثامنة وهو موعدُ بداية المحاضرة الأولى .
مضت عشر دقائق ولم يأت الأستاذ الموقر ,, مضت عشرون ثم ثلاثون وإذ بذلكم السيد يطلُّ علينا بحقيبته متأسفاً للتأخر ..
قلنا لا بأس .. أخرج كشفَ الحضور والغياب وبدأ ينادي بأسماء الطلاب ليغيِّب الغائب ..
قلنا هذه نسكت ..
وبعد دقيقة أتى أحد الطلاب مسرعاً يطرق الباب مستأذناً بالدخول فأجاب الأستاذ بأنك قد تأخرتَ ولا أسمح لك بحضور المحاضرة !!!
خرجتُ من صمتي ثم قلت : ولم أيها الأستاذ الموقر !!!
أيصحُ تأخرك نصف ساعةٍ ثم لا يصحُ أن يدخل الرجلُ بعدك بدقيقةٍ !! هل هذا يقبلُ عقلاً ونظاماً بل وهل يسمحُ لك ضميرك بهكذا إجراء .
أجابني بنظرةٍ حاقدة قائلاً ما اسمك ؟؟ قلتُ ولم ؟ فأعاد السؤال فأخبرته ..
فقال لي هو غائبٌ هذه المحاضرة وأنت غائبٌ هذا الفصلَ واحسب نفسك في عداد الراسبين
أخذتني الدهشةُ كلَّ مأخذٍ وهل هو جادٌ أم مازحٌ ..
تساءلتُ بحيرةٍ ماهي رتبتك العلمية أيها الأستاذ ؟؟
فقال لي ولم ؟ قلتُ للعلم فقط . فأجاب بأنَّهُ البطل ابن البطل الذي لا يشق له غبار ، بعد سيرةٍ حافلةٍ بال.... قال : أستاذ دكتور ..
قلت : بل أنت نصَّاب ديكتاتور .
ضحكَ الطلاب بملء أصواتهم ولم أكن أريدُ ذلك بل أردتُ أن أوصل الرسالة إلى تلك الصلعة المتغطرسة ..
اندهش من جرأتي ثم قام وأزبد وأرعد وأخذ يهدد ويتوعد ويصب مكاييل الكلام والتهم وووو ...
قلتُ لا يهم ،، ولكن يجب عليكَ أن تعلم أنَّك كاذبٌ ظالمٌ أمام الله ثم أمام عباده وأمام نفسك بعد ذلك ،
خرجتُ من القاعة وقد انتزعتني نشوةُ أخذ الحق والانتصار ومرارةُ الظلم والرسوب
تأملتُ قليلاً في حال المشهد الأول لذلك الكهل الذي ما طلبَ من مكوثه إلى شروق الشمس درهماً ولا دينارا والبسمةُ لا تفارق محيَّاه ، وبين ذلك الديكتاتور العقيم الذي يأخذُ المال ويدعي العلمَ وهو أبعدُ الناس عنه ..
مضيتُ عائداً ولم يزل يتردد في خاطري
ولو أنَّ لحمي إذ هوى لعبت به .... كرامُ ملوكٍ أو أســودٌ وأذؤبُ
لهوَّن من وجدي وسلَّى مصيبتي . ولكنما أهوى بلحمي أكلبُ
شكراً لكم
المفضلات