قال لي أحدهم إنَّهُ ينتظرُ الموزون والمقفى - لعلهُ سئمَ التفعيلةَ - الذي كتبتهُ في فترةٍ خلت والشيءُ بالشيئِ يذكر فهذا الذي طلبَ مني قصيدةً عموديَّةً - موزونةً ومقفَّاة - ممن يعزُّ عليَّ ألاَّ أجيبهُ إلى سؤلِه والحقُّ أنَّ طلبهُ وافق شيئاً كنتُ مزمعاً على كتابته
فمن أجل ذلك كانت هذه البائية .
بائيةُ قُطرب
هو الدهرُ لا يلهيكَ حُسنُ وصالهِ .
فإنَّ لـــهُ كفَّـــاً إلى العُــــسرِ تُقلبُ
....................
فطَـــوراً ترى هذي الحـياةَ هنيَّةً
وطوراً ترى كأسَ الممـــاتِ يُحـبَّبُ
....................
لحى اللهُ دنياً أثقلَ الظـهرَ حِملُها
فباتَ الردى مما دهى الروحَ يُطلبُ
...................
لحى الله من بي كلما أورق الهنا
سريعاً إلى حصدِ الهنا جاء يحطُبُ
...................
لحى اللهُ من أقصاهُ عنِّـــي بغربةٍ
وأوردَهُ نـــــاراً تفـــــورُ وتلـــــهبُ
....................
كــوى القلبَ من بُعدِ الحبيبِ اعتلالُهُ
وذلَّ الذي قد كان بالعــزِّ يقطُبُ
..................
فمن يجبرُ البنيانَ بعد انصداعِه
ومن ينجدُ العظمَ الذي باتَ يُشعَبُ "2"
..................
كأنِّي إذا مالليـــلُ ينشرُ ثوبَهُ
أبـــوحُ سهيلاً ســـرَّ عانٍ "3" يُعـــذَّبُ
...................
أنـــوحُ كما ناحَ الذي ذاقَ مثلَهُ
وأسكـــبُ دمعـــي مثلما كان يسكبُ
..................
صـــروف الأماني عادياتٌ لغدوةٍ
وليـــس يروحُ العصرَ إلا المـــصائبُ
...................
ومالي عـــزاءٌ غيرَ من كان ملجأي
أفرَّ لهُ والخـــلقَ إن خفتُ أهربُ
....................
أقولُ له ياربُّ لطـــفكَ بالفــــتى
ومن غيـــر ربِّ الــناس للضرِّ يُذهبُ
....................
فيا نفس صبراً إنَّ طول النوى لهُ انــ ...قضاءٌ وذاكَ العسـرُ يُسراً سيقلبُ
-------------------------------------------------------------------------
"1" : قال صاحبُ الصِّحاح : وقولهم: لَحاهُ الله، أي قبَّحه ولعنه.
"2" :يُشعبُ : أي الصدع وفي الحديث: اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسلةً؛ أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الذي فيه .
"3" :عانٍ : أي العاني وهو الأسير أصلُهُ بالياء لأنه اسمٌ منقوص والمنقوصُ إذا نُون حُذفت ياؤه لفظا وخطا في الرفع والجر وبقيت في النصب وهو هنا مجرورٌ لأنهُ مضافٌ إليه .
عسى ألاَّ نكونَ أثقلنا
المفضلات