حياكم الله وبياكم رواد قسم اللغة العربية ، وطبتم وطاب ممشاكم ..
قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - : " الخط الحسن يزيد الحق وضوحاً "
وقال دونسون روس : " إن حروف العربية مرنة سهلة لها في النفوس ما للصور من الجمال الفني ولا سيما حين تنقش على المباني سواءاً كان ثلثاً ، كوفياً أو نسخاً "
التقي بكم اليوم لنقوم سوياً برحلة عبر التاريخ .. ولنبحر عبر الكتب لنتعرف علي الخطوط العربية فهيا بنا ...
الخط هو كتابة الحروف العربية المفردة والمركبة بصورة حسنة وجميلة وحسب قواعد وضعها كبار من عرف هذا الفن الجميل وعمل به.
والخط يعتبر من الفنون الجميلة التي يجب أن يعني بها حفاظاً على لغتنا العربية الجميلة.
وقد تدرج الخط العربي في التحسن بعد أن عرف العرب نوعين من الخط الكوفي أما الخط الآخر فيتميز بحروف مستديرة وهو ما يعرف بخط النسخ.
لقد أدت كتابة القران الكريم بالخط العربي إلى إعلاء شأن هذا الخط وإجلاله؛ لذا كان لا بد في هذا المجال من التطرق إلى أصل الخط العربي ونشأته وتطوره ومن ثم تحسينه وتجويده ولقد تضاربت الآراء حول أصل الخط العربي ونشأته ، إلى أن استقر الرأي بعد اكتشاف بعض النقوش الكتابية، التي يعود أقدمهاوهو نقش أم الجمال الأول إلى سنة 250 م على أنه اشتق من الخط النبطي الذي نشأ بدوره من الخط الآرامي . ويعتقد بأن مسار هذا الاشتقاق قد وجد سبيله إلى بلاد العرب عن أحد طريقين أحدهما أو كليهما حيث يحتمل أن يكون قد بدأ رحلته من حوران في بلاد الأنباط ، ثم اتجه نحو الحيرة والأنبار في العراق ومنهما إلى المدينة فالطائف .
أو أن يكون قد جاء من البتراء عاصمة الأنباط وسار جنوبا إلى شمال الحجاز فالمدينة فمكة.
ومهما يكن من أمر فقد مر الخط العربي منذ اشتقاقه من الخط النبطي برحلة تطور طويلة بدأت قبل الإسلام بطور الاقتباس والتنظيم تلتها بعد الإسلام مراحل عدة أملتها الظروف المتغيرة التي واجهت لغة القرآن الكريم، استهلت بمواجهة مشكلة اللحن الذي أخذ يتسرب إلى القرآن نتيجة لدخول الكثير من الأعاجم في الإسلام، حيث اضطلع أبو الأسود الدؤلي ( ت 69 هـ/ 688 م) بهذه المهمة فوضع الشكل لضبط الكلمات ( أي تقييد الحروف بالحركات، أو إزالة الإشكال أي عدم الوقوع في اللحن عند القراءة ).
وكانت في أول الأمر على هيئة نقط تنوب عن الحركات الثلاث - تكرر في حالة التنوين - وتكتب بمداد يخالف مداد الكتابة ، وكان على الأغلب باللون الأحمر.
ولم تشتهر طريقة أبي الأسود هذه إلا في المصاحف حرصا على إعراب القرآن .. أما بالنسبة للكتب العادية فكان نقطها ( تشكيلها) يعتبر إهانة وتجهيلا للقارئ .
والمشكلة الثانية هي مشكلة التصحيف ، إذ ظل خاليا من النقط لوقت متأخر ؛ مما أدى إلى خطوة أخرى من التطور تمثلت في الإعجام أي النقط ؛ ذلك أن عدم تمييز الحروف المتشابهة الصورة بعلامة تفرق بينها كالدال والذال مثلا أدى إلى اللبس ومن ثم إلى تغيير الكلمة وحتى المعنى أحيانا.
وقد قيل إن أول من أعجم المصاحف هو نصر بن عاصم الذي لقب ب " نصر الحروف " (ت 89 هـ/ 707 م) أو يحيى بن يعمر (ت 129 هـ/ 746 م) وهما من تلاميذ أبي الأسود الدؤلي .
وهكذا أدخلت النقط على الحروف حرصا على سلامة القرآن. وقد يكون هذان الكاتبان هما أول من نقط المصاحف بصورة كاملة لكنهما لم يكونا أول من اخترع النقط في الكتابة العربية، حيث إن النقط كان معروفا في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إذ ورد أنه طلب من معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه وهو يكتب بين يديه أن يرقش الخط أي ينقطه.
وبديهي أن يمر الخط العربي بهذه المشاكل - من اللحن والتصحيف - نتيجة لخلوه أصلا من الشكل والاعجام متبعا في ذلك جذوره التي اشتق منها.. فالخط النبطي نفسه لم يكن مشكولا ولا معجما، ولا نعرف متى دخل الاعجام إلى القلم العربي الشمالي إذ تخلو النقوش التي عثر عليها تماما من الاعجام.
خلاصة القول أن العرب تمكنوا - بسبب التعديلات والإضافات التي أدخلوها على الكتابة العربية - من المحافظة على لغتهم لغة القران الكريم..
وينقل ان أبا نواس هجا رجلاً بعث اليه برسالة أكثر فيها من الاعجام والاعراب، لأنه شعر في الأمر اهانة له، فأنشد:
يا كاتباً كتب الغداة يسبني من ذا يطيق براعة الكتاب
لم ترض بالاعجام حين كتبته حتى شكلت عليه بالاعراب
أحسست سوء الفهم حين فعلته أم لم تثق بي في قراء كتاب
لو كنت قطعت الحروف فهمتها من غير وصلتهن بالأنساب
المفضلات