السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن ،، إخواني الكرام ، لما لمسته من حاجة لهذا الموضوع وبحثت عن هذا الموضوع المهم في الإنترنت فلم أجد ما يمكنني كتابته هنا ،، فقمت بتلخيص كتيب نادر للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله وجدته عندي وكتبته لكم لعدم توفره على موقع الشيخ رحمه الله ..
أرجو أن تقرأوها وتوزعوها للمعلمين ، وتخبرون بها من تعرفونه من زملائكم لعظم الفائدة ، بارك الله فيكم وكتب لنا ولكم التوفيق والسداد ..
aboalwleed
=====================
الحمدلله أحمده وأشكره وأتوب إليه سبحانه وأستغفره ، قضى بالحق وأمر بالعدل وهو السميع البصير ..وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي قام بعبادة ربه ونصح أمته وبلغ البلاغ المبين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ..
أما بعد أيها المسلمون ..
قال الله تعالى : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إنه كان سميعاً بصيراً ) وقال جل ذكره ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً) سبحان الله ، ماأظلم الإنسان وأجهله ، تعرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال فيمتنعن عن حملها ، ثم يتحملها الإنسان ، نعم إن الإنسان هو الذي تحملها بما وهبه الله من عقل ، وما أعطاه من إرادة وتصرف ، {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ }الأعراف172
وقال تعالى : {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }الروم30
إن الأمانة مسؤولية عظيمة وعبء ثقيل على غير من خففه الله عليه . إن الأمانة التزام الإنسان بالقيام بحق الله وعبادته على الوجه الذي شرعه مخلصاً له الدين {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ }الزمر11
إن الأمانة كذلك هي التزام الإنسان بحقوق الناس من غير تقصير ، ونحن بني الإنسان قد تحملنا الأمانة وحملناها على عواتقنا والتزمنا بمسؤوليتها وسنسأل عنها يوم القيامة ، فياليت شعري ما هو الجواب إذا سئلنا في ذلك اليوم العظيم ، اللهم إنا نسألك تثبيتاً وصواباً ، أيها المسلمون : إن الله أمرنا أن نؤدي الامانات إلى أهلها وأمرنا إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل ، هذان أمران لا تقوم الأمانة إلا بهما ، أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل .
-{ حكم الغش والتمكين منه }-
وإننا على أبواب اختبار الطلبة من الذكور والإناث وإن الإختبارات أمانة وحكم ..فهي أمانة حين وضع الأسئلة وأمانة حين المراقبة وهي حكم عند التصحيح ، أمانة حين وضع الأسئلة ، يجب على واضع الأسئلة مراعاتها بحيث تكون على مستوى الطلبة المستوى الذي يبين مدى تحصيل الطالب في عام دراسته بحيث لا تكون سهلة لا تكشف عن تحصيل ولا صعبة تؤدي إلى التعجيز . والإختبارات أمانة حين المراقبة فعلى المراقب أن يراعي تلك الأمانة التي ائتمنته عليها إدارة المدرسة ومن ورائها وزارة أو رئاسة وفوق ذلك دولة ، بل ائتمنه عليها المجتمع كله .
فعلى المراقب أن يكون مستعينا بالله .يقظاً في رقابته . مستعملاً حواسه السمعية والبصرية والفكرية . يسمع وينظر ويستنتج من الملامح والإشارات ، على المراقب أن يكون قوياً لا تأخذه في الله لومة لائم ..يمنع أي طالب من الغش او محاولة الغش
لأن تمكين الطالب من الغش خيانة وتمكينه من ذلك هو تمكينه من امر محرم . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من غش فليس منا) .رواه الترمذي وصححه الألباني
وإن تمكين الطالب من الغش ظلم لزملائه الحريصين على العلم المجدين في طلبه الذين يرون من العيب أن ينالوا درجة النجاح بالطرق الملتوية . إن المراقب إذا مكن أحداً من أولئك المهملين الفاشلين في دراستهم ، إذا مكنه من الغش فأخذ درجة نجاح يتقدم بها على الحريصين الجادين وكان ذلك ظلماً للطالب الغاش وهو في الحقيقة مغشوش حيث انخدع بدرجة نجاح وهمية لم يحصل عليها بثقافة ولا علم ،ليس له من الثقافة والعلم سوى هذه البطاقة التي يحمل بها شهادة مزيفة لا حقيقية .
إن تمكين الطالب من الغش ، خيانة للمجتمع وهضم لحقه حيث تكون ثقافة المجتمع ثقافة مهلهلة يظهر فشلها عند دخول ميادين السباق ويبقى مجتمعنا دائمأً في تأخر وفي حاجة إلى الغير ، ذلك لأن كل من نجح عن طريق الغش لا يمكن إذا رجع الأمر إلى اختياره ان يدخل مجال التعليم والتثقيف لعلمه أنه فاشل فيه ، إن تمكين الطالب من الغش كما أنه خيانة وظلماً من الناحية التقديرية والعلمية كذلك يكون خيانة وظلماً من الناحية التربوية ، لان الطالب بممارسته الغش يكون مستسيغاً له هيناً في نفسه فيتربى عليه ويربي عليه أجيال المستقبل ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ..
إن على المراقب أن لا يراعي شريفاً لشرفه ولا قريباً لقرابته ولاغنياً لماله ، بل عليه ان يراقب الله عزوجل الذي يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور ، عليه أن يؤدي الأمانة كما تحملها ، لأنه مسؤول عنها يوم القيامة ، ولربما قال مراقب ، إذا أديت واجب المراقبة إلى جنب من يضيع ذلك فقد أرى بعض المضايقات فجوابنا عليه أن نقول : اتق الله تعالى فيما وليت عليه ، واقرأ قول الله تعالى : {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً }الطلاق2 وقال: ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً )
أيها الإخوة : إن الإختبارات حكم حين التصحيح ، فإن المعلم الذي يقدر درجات أجوبة الطلبة ويقدر درجات أجوبة الطلبة ويقدر درجات سلوكهم هو حاكم بينهم لأن أجوبته بين يديه بمنزلة حجج بين الخصوم بين يدي القاضي فإذا أعطى طالباً درجات أكثر مما يستحق فمعناه أنه حكم له بالفضل على غيره مع قصوره وهذا جور في الحكم ..
إن من الأساتذة من لا يتق الله عزوجل في تقدير درجات الطلبة فيعطي أحدهم مالا يستحق إما لأنه ابن صديقه ، أوابن قريبه ، أو ابن شخص ذي شرف أو مال أو رئاسة ويمنع بعض الطلبة ما يستحقه من الدرجات ، إما لعداوة شخصية بينه وبين الطالب ، أو بينه وبين أبيه ، أو لغير ذلك من الأغراض السيئة ، وهذا كله خلاف العدل الذي أمر الله ورسوله به فإقامة العدل واجبة بكل حال على من تحب ومن لا تحب ، فمن استحق شيئاً وجب إعطاؤه إياه ومن لا يستحق شيئاً وجب حرمانه منه .
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله بن رواحة -رضي الله عنه - إلى اليهود في خيبر ليخرص عليهم الثمار والزروع ويضمنهم ما للمسلمين منها فأراد اليهود أن يعطوه رشوة فقال رضي الله عنه منكراً عليهم : تطعموني السحت ، والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلييعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير ولايحملني بغضي لكم وحبي إياه أن لا أعدل عليكم ، فقال اليهود : بهذا قامت السماوات والأرض .
تأملوا رحمكم الله هذا الكلام العظيم من عبدالله بن رواحة -رضي الله عنه- كان يحب النبي -صلى الله عليه وسلم - أعظم من محبة أي إنسان ويبغض اليهود أشد من بغض القردة والخنازير. حب بالغ للنبي صلى الله عليه وسلم وبغض شديد لليهود ، ثم يقول: لايحملني بغضي لكم وحبي إياه أن لا أعدل عليكم ..
رضي الله عن عبدالله بن رواحة ورضي عن جميع الصحابة ورضي الله عن جميع التابعين لهم بإحسان ..
إن العدل أيها الإخوة لا يجوز أن يضيع بين عاطفة الحب وعاطفة البغض .
يقول الله عزوجل :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8
وشرحه : أن الله يقول لا يحملنكم بغض قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا ولو كنتم تبغضونهم هو أقرب للتقوى .ويقول جل وعلا : {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين }
وقال تعالى : {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً }الجن15
* القاسطون : هم الجائرون الظالمون وهم من حطب جهنم .
* المقسطون : هم العادلون وهم من أحباب الله .
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عزوجل وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) صحيح مسلم ..
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أهل الجنة ثلاثة : ذو سلطان مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم عفيف متعفف ذو عيال) رواه مسلم
فاتقوا الله عباد الله وكونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ..
-{ رسالة إلى الطلاب والطالبات }-
وأنتم أيها الشباب ..
لاتنزلوا بأنفسكم إلى الحضيض ..
لا تنالوا تلك الشهادات بالغش والخيانة .
اربؤوا بأنفسكم عن مثل هذه الأخلاق ..
كونوا قوامين لله بالقسط ..
لا تصلوا إلى درجات لا تبلغوها على وجه الحقيقة .
إن الأمر خطير ، فالإنسان لو اعتمد على شهادة مزيفة وصار له راتب من أجل هذه الشهادة فإنه على خطر .إنه يخشى أن يكون أكله لهذا المال أكلاً للمال بالباطل ، فاتق الله أيها الشاب ولا تحرم نفسك أن تكون من المصلحين ، الذين يريدون بعلومهم وجه الله والدار الآخرة ..
اللهم وفقنا جميعاً لأداء الأمانة والحكم والعدل والإستقامة . اللهم ثبتنا جميعاً على الهدى وجنبنا أسباب الهلاك والردى ..إنك جواد كريم ، بر رحيم .
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد خاتم النبيين وإمام المتقين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ...
كتبه الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين ، رحمه الله
في 6 -4- 1411 هـ
======
نقلته من كتيبه بعنوان / نصائح في الإختبارات ..
تنبيه هام ، إذا كان هناك خطأ أو نقص فأنا الذي أتحمله ، ونرجوا نقل الموضوع لمن يستفيد منه .
المفضلات