(4)

قل: وقَفتُ السيارة، ولا تقل: أَوقفتُها



من أكثر ما يلحن فيه الّلاحنون الخلط بين الثلاثي والرباعي ..
وأخبرني أحد الظرفاء أنه جلس إليه رجل لا يدري، ويدري أنه يدري، أخذَ ينعَى على الذين لا يحسنون الإعراب،
وقال: إن جمهورهم «يُلحِنون» وضم الياء،
فقال له جليسه: نعم؛ لأنهم لا يفرقون بين الثلاثي والرباعي..
وانفض المجلس وهو لا يزال عاذلًا غير عاذر.. ومسألتنا هذه من هذا الباب،

قال أبو عمرو بن علاء: «لم أسمع في شيء من كلام العرب: أوقفت فلانًا»..
وقال الصفدي في «تصحيح التصحيف وتحرير التحريف»: «والعامة تقول: أوقفت دابتي والصواب: وَقَفْتُ.. وحكى الكسائي: ما أوقفك هنا، أي: أيُّ شيء صيّرك إلى الوقوف»..
واتفق المحققون أنها لغة رديئة. واستعمال الرديء عند اللغويين كاستعمال المكروه عند الفقهاء،
كل منهما يطمح الذوق السليم إلى تركه، فلا حاجة إلى أن يدع الإنسان العربيّ المبينُ الفصيحَ إلى الرديء،
ولم يستعمل في القرآن إلا الثلاثي: قال عز وجل:
(وقِفُوهُمْ إنَّهُم مَّسْئُولُونَ) [الصافات24] ولم يقل: أوقفوهم،
وقال:
(ولَوْ تَرَى إذْ وقِفُوا عَلَى النَّارِ) [ الأنعام27] ولم يقل: أوقفوا، وقال: (إذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ) [سبأ31]
ولم يقل: موقَفُون. ونسب الفيّومي «أوقفَ» إلى تميم..
فإن صحّت نسبتها إليهم فلا يصحّ أن يقال عنها: رديئة..
ومما يضعف هذه النسبة كلام أبي عمرو في أنه لم يسمعها،
وأبو عمرو تميمي مازني يبعد أن يخفى عليه ذلك الأمر.
وفرّق بعضهم بين الفعلين، فجعل «أوقف لما يمسك باليد، ووقف لما لا يمسك بها».