بسْـمِ اللهِ الرَّحمَـنِ الرَّحِيـم
الحَمدُ لِله رَبِّ العَالمينِ ، وَالصَلاةُ والسَلامُ علَى نبِينَا مُحمدٍ وعلَى آلهِ وصحبهِ والتَابعين أمَا بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعتنى الإسلامُ بالخُلُقِ الحَسَنِ غايةَ الاعتناءِ ، ورَكَّزَ في أوامِرِهِ ، ونواهيه ، وعِباداتِهِ ، وطاعاتِهِ على ثِمارِها الإيجابيةِ في النَّفْسِ وحياةِ الناس ،
الاهتمامُ بالجانبِ الخُلُقِيِّ ( من اهم اسباب الاستقامة)
ومن أعظمِها في حَقِّ اللهِ تعالى : تقواه وخشيتُهُ ، ومَحَبَّتُهُ والأُنسُ بِهِ ، وفي حَقِّ العِبادِ : حُسنُ الخُلُقِ معهم ، والإحسانُ إليهم ( فالدِّينُ المُعامَلَة ) .
قال اللهُ عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) المائدة / 42 . وقال أيضا ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران / 134 .
وقال سبحانه ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ... ) فصلت / 34 . وقال تعالى ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر / 10 .
وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما مِن شيءٍ أثقلُ في ميزان العبدِ المُؤمِنِ يوم القيامةِ مِن خُلُقٍ حَسَن ) صحيح الجامع .
ومِن هُنا كان مِن الوسائل المُهِمَّةِ لتربيةِ النَّفْسِ بصورةٍ مُتكامِلةٍ ، أنْ يُرَبِّي المُسلِمُ نَفْسَهُ على الأخلاق التي دعانا إليها دينُنا العظيم ،
كالحِلْمِ والصبرِ ، والمَحَبَّةِ والتواضع ، والكرم والمُواساة ، والصِّدقِ والأمانةِ ، والعدل واحتمال الأذى ، وبِرِّ الوالدين ،
وصِلةِ الرَّحِمِ ، واحترام الكبير ، والعطفِ على الصغير ، ومُساعدةِ المُحتاج والفقير والمظلوم ،
ليعيشَ كُلُّ فردٍ مِن أفرادِ هذا المُجتمع المُسلِم في جَوٍّ مِنَ المَحَبَّةِ والمَوَدَّةِ ، وبعِلاقةٍ تسودُها المَحَبَّةُ والوِئامُ ، والثِّقةُ ، والاحترامُ ، والتعاطفُ ، والتكافُل .
قال ابنُ القيِّم رَحِمَهُ الله : ( الدِّينُ كُلُّهُ خُلُق ، فمَن زاد عليك في الخُلُقِ ، زاد عليكَ في الدِّين ) مدارج السالكين
وحتى تُرَبِّي نَفْسَكَ - أيُّها المُسلِمُ - تربيةً أخلاقيةً ، إليكَ هـذه التوجيهات :
الحِلْمُ بالتَّحَلُّمِ :
مبدأٌ تربويٌّ عظيمٌ علَّمنا إيَّاهُ نبيُّنا محمدٌ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - في هذا الجانبِ وكُلِّ جانب ،
وهو مِن إصلاح كُلِّ سلوكٍ خاطئٍ عندنا ، أو صِفةٍ ذَميمةٍ لدينا ، يكونُ عن طريق المُحاولةِ المُتكررةِ ، والمُجاهدةِ الصادقة ،
حيثُ لا يَصِحُّ الاعتذارُ عن ذلك بأنَّ تِلكَ الصفاتِ عادةٌ مُستحكَمَةٌ فينا ، أو طبيعةٌ مُتأصِّلَةٌ لدينا ،
إذ لو أنَّ كُلَّ إنسانٍ عنده خُلُق شيءٍ احتَجَّ بهذا القول في عدم التغيير لَمَا كان للأوامرِ والنواهي ، والعقل والإرادة ،
والترغيب والترهيب في الإسلام مِن فائدةٍ تُرجَى .
تطهيرُ القلبِ مِنَ الأخلاق الذميمة :
وهذه إحدى أمهات الأخلاق في الإسلام ، لأنَّ المُسلِمَ إذا لم يستطيع أن ينفعَ الآخرين ، ويُقَدِّمَ لهم ما يَستحقون مِن خيرٍ ومُساعدة ،
ويتعاملَ معهم بأحسن الأخلاقِ والآدابِ ، فلا أقلَّ مِن أن يُصبِحَ ويُمسِي وقلبُهُ طاهِرٌ نظيفٌ مِنَ الغِلِّ والحِقدِ ،
والكِبْرِ والحَسَدِ ، وجميع أخلاقِهِ الذميمة .
الامتدادُ والتكاملُ الخُلُقِيُّ :
قد يتوقف بعضُ المُسلِمين عن التَّخَلُّقِ بالمَزيدِ مِنَ الأخلاق والآدابِ ، أو أن يَصِلَ مِنها إلى أعلى مُستوياتِها ودَرجاتِها ،
بحُجَّةِ أنَّ أخلاقَه كَمُلَت ! وصِفاتَه قد عَلَت ! وهذا غيرُ صحيحٍ مُطلَقًا ،
لأنَّ الأخلاقَ والمُثُلَ التي دَعانا إليها الإسلامُ هِيَ مِنَ الكثرةِ والعُمقِ والسَّعةِ ، بحيثُ لا تكادُ تُحصَر ،
ولو سألَ الإنسانُ نَفْسَهُ : هل اتَّصَفَ بها كُلّها على أحسنِ مُستوى وأكملِهِ ؟ لأخجلته الإجابةُ إنْ كان صادِقًا .
الاختلاطُ بأهلِ الأخلاقِ الحَسَنَةِ :
مِن الوسائل المُؤثِّرةِ في تربيةِ المُسلِمِ لِنَفْسِهِ خُلُقِيًّا ، وإكمال ما نَقَصَ مِنها لَديه هِيَ :
الخُلْطَةُ بأهل القِيَمِ العُليا ، والصفاتِ الحَسَنَةِ ، ليَكسِبَ ما لَديهم مِن أخلاق ، ويَتَّصِفَ بما عندهم مِن آداب ، لأنَّ الإنسانَ بطبيعتِهِ يتأثَّرُ بِمَن حولَهُ ومَن يُعاشِرُه ،
لأجل ذلك حَرصَ الإسلامُ على أنْ يُصاحِبَ المُسلِمُ أهلَ الخير والصلاح ، وشَبَّهَهُم بحاملي المِسْكِ ، وحَذَّرَهُ مِنَ الصُّحبةِ السَّيئةِ ، وشَبَّهَهُم بنافِخِي الكِير ..
فهلَّا كانت صُحبتُكِ – أختي المُسلِمة – صالحةً ، لَعلَّكِ تَرَيْنَ مِن إحداهُنَّ خُلُقًا واحِدًا حَسَنًا ، أو صِفَةً كريمةً ينفعُكِ اللهُ بِها نفعًا كبيرًا في دُنياكِ وأُخراكِ !!
مُراعاةُ الآدابِ العَامَّة :
لا يليقُ بالمُسلِمِ أنْ يَرتكِبَ ما يُعَدُّ خَرقًا لقواعِدِ المُروءةِ ، أو تجاهُلاً لآدابِ التَّعامُلِ مع الناس ، أو الحديثِ معهم ،
أو في أيِّ جانِبٍ مِن جوانِبِ السلوكِ والآدابِ العامَّةِ وإنْ قَلَّ ،
كرفعِ الصوتِ لغير حاجة ، أو الغضبِ لأتفه الأسباب ، أو كثرةِ الكلامِ والمِزاح ، أو غير ذلك ..
لأنَّ المُسلِمَ المُتَرَبِّي مَطلوبٌ مِنه أنْ يَكونَ شامَةً مُتَمَيِّزَةً بين الآخرين ، وذا إحساسٍ مُرهَفٍ ، وأدبٍ جَمٍّ ، كيف لا ؟
وهو يُمَثِّلُ أُمَّتَهُ الإسلاميةَ الرفيعةَ الخُلُقِ ، ويَسعَى لبناءِ حَضارةٍ راقيةٍ ، وحركاتُه وتصرُّفاتُهُ مَحسوبةٌ على الإسلام .
من الوسائل المهمة لتربية النفس ، أن يربي المسلم نفسه على الأخلاق التي دعانا إليها ديننا العظيم ..
فكيف نتخذ من رسولنا الكريم قدوة ونتحلى بخلقه ؟!
لكي نتخذ نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم - قدوة لابد من محبته , فمحبة الشخص توجب
اتباعه والإقتداء بفعله قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ)) البخاري ومسلم
ومحبته -صلى الله عليه وسلم - ليس مجرد ميل قلبي , بل معناها : طاعته فيما أمر , وتصديقه فيما اخبر , واجتناب مانهى عنه وزجر
ثم بدراسة سيرته العطره وكيف كان يتعامل مع الجميع بصدق وأمانة حتى قبل نبوته حتى أن الجميع كان يلقبه بالصادق الأمين
ونتعرف على أخلاقه الكريمة ويكفي أن خلقه كان القرآن الكريم , وأن الله عزوجل أثنى على
خلقه فقال : {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(4) سورة القلم
وكان يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق) أحمد. وصححه الألباني في " السلسة الصحيحة" رقم (45).
فنتعرف على هذه الأخلاق الفاضلة ونقتدي به
نسألُ اللهَ جل وعلا أن يُحسِّنَ أخلاقنا
المفضلات