***السلام عليكم ورحمة الله وبركاته***
هذه القصة القصيرة المتواضعة كتبتها منذ فترة من الزمن بعد تعرفي على فتاة مميزة شجعتني للكثير.. لكن أخبارها انقطعت فجأة.. أدعو الله أن يحفظها ويوفقها أينما كانت...
في ذلك اليوم.. استيقظت على صوت حركة في غرفتي.. فتحت عيناي ببطء وأنا أقول "هل تأخرت كثيراً في نومي يا أمي؟" لكنها كانت مفاجأة بالنسبة لي عندما وجدت أنها لم تكن أمي، بل كانت.. يا إلهي.. من هذه الفتاة؟! إنها تبدو كنسخة طبق الأصل مني.. إن كانت هي أنا.. فمن أكون أنا؟!
بينما كنت مستغرقة في التفكير.. أتاني صوتها.. أو صوتي على الأرجح؟! "أوه.. لقد استيقظتِ" لكنها لم تتلق جواباً مني غير "من أنتِ؟! ماذا تفعلين هنا؟! ولماذا تبدين مثلي تماماً؟!" أجابتني بهدوء وبرود معاكس للنار التي كانت تشتعل داخلي "أعتذر على ذلك.. كما يبدو لي.. أنا نسختكِ من المستقبل.. أو ربما يمكنكِ أن تقولي بأنكِ نسختي من الماضي".
بدأت باستيعاب كلامها شيئاً فشيئاً.. ومن غير أن أدرك.. طرحت سؤالاً "إن كنتِ كذلك.. ماذا تفعلين هنا؟! لماذا أتيتِ إلى الماضي بالنسبة لكِ؟!" سألت بحزن "اسمكِ سوسن، صحيح؟" أجبتها بحيرة "أجل، لكن ما علاقة اسمي بالسؤال الذي طرحته؟!" سكتت لبرهة ثم أجابت "علاقة وثيقة.. وثيقة جداً.. أتيت إلى هنا لرؤية السوسن.. ليس هو فقط.. إنما كل أصناف الورود والنباتات الأخرى" رددت بهدوء مشوب بحيرة "رؤيتها؟! لماذا تكلفين نفسكِ عناء الحضور إلى هنا بينما يمكنكِ مشاهدتها ورؤيتها في زمنكِ؟!"
أجابت والدموع تملأ مقلتيها "أنتِ لم تريّ المستقبل الكئيب الذي نعيش به.. كل شيء قد تدمر.. بقيت أنواع قليلة من النباتات –تلك التي تم تعديلها وراثياً وإكثارها لتضمن بقاء الجنس البشري.. لكن الوضع سيء.. سيء جداً.. كل ما يمكن رؤيته الآن هو المباني والآلات.. أيُّ حياة نعيش؟! بعدما دمرت الحروب الأرض.. بدؤوا يدعون إلى السلام.. أيُّ سلام هذا الذي حصلنا عليه؟! لقد فات الأوان.. دُمِرت الأرض.. ولم يبق إلا القليل".
أثرت بي كلماتها كثيراً لدرجة أني أوشكت على البكاء.. لكني تمالكت نفسي وهتفت "إذاً.. إن توقفت الحروب الآن.. سيكون المستقبل أفضل، صحيح؟" أجابت باختصار "أجل" عندها قلت بصوت يغمره الأمل "هذا ما سأفعله من الآن فصاعداً.. سأحاول تغيير ذلك قدر استطاعتي.. ودفع الجميع لفعل ذلك.. سننشر السلام.. بالتأكيد سنفعل.. سنعمل جميعاً من أجل السلام.. ومن أجل الأرض".
عندها هدأت قليلاً وقالت "سيكون ذلك رائعاً.. أرجو أن يتحقق ذلك.. ونعيش حياة أفضل" ثم قالت وابتسامة صغيرة تعلو محياها "لم أكن أتوقع أن تكون نسختي من الماضي بهذه الروعة وهذا التفاؤل.. أشكركِ حقاً على ذلك.. أتمنى أن تتمكني من فعلها.. أنا أثق بكِ" أجبتها "لا بأس.. من الجيد أن أعمل من أجل مستقبل أفضل.. ومن الجيد أن يكون اسمي محبوباً أيضاً" استدركت بعدها وسألتها "صحيح.. ما اسمكِ؟ أنتِ لم تخبريني به" أجابتني "قمر.. الجسم المنير الذي طالما تواجد في السماء لينير الظلام الحالك الذي كان يلفنا" أجبت "يا له من اسم جميل!"
بعدها اختفت فجأة ولم يعدّ لها أي أثر.. ماعدا الأثر الذي تركته بقلبي.. شعرت حينها بأني كنت أحلم واستيقظت للتو.. لكن حتى وإن كان ذلك صحيحاً.. سيبقى هذا ذكرى في قلبي.. سأعمل وأعمل.. من أجل الأرض.. من أجل المستقبل.. ومن أجل السلام...
~تمت~
المفضلات