تابع : البِدآية ؛

في آخر ليلة من ليالي شهر أغسطس , كانت "رحيل" تَلعب في الرمال أمام منزلها
برغم برودة الطقس مُنتظرة عودة "جـاك" .
وفجأة ؛ سمعت صوت بكاء "طِفل " قادم من جِهة مَقبرة ضخمة خلف منزلها "مَقبرة عمق" ,
فتركت ما بيدها وركضت تجاه السور وظلت تنظر بالداخل ولكنها لم تلحظ شيئاً بالرغم من أن
صوت البكاء عال فحاولت تسلق السور وما أن وصلت للمنتصف : إنزلي حالاً
نظرة يمنة ويسرة ولم تجد أحداً , فتجاهلت الأمر وأكملت صعودها ثم قفزت للأسفل ,
كان الظلام شديداً وغرفة "الحارس" هيا وحدها التي تُنير جزء يسيرٍ جداً من المقبرة .
في تلك اللحظات أختفى صوت البكاء , فأكملت طريقها في السير ببطء شديد فظهر صوت البكاء مُجدداً ,
فواصلت السير تجاه الصوت وإذا بشيء يسحبها بقوة إلى داخل كومة من الاشجار الصغيرة
ويقبض يده على فمها .
حاولت أن تبعد يده وبدأت الدموع تتجمع في عينيها , : ماذا تفعلين هنا ؟ ألم تقرأي اللوحة في الخارج ؟ !!
حاولت أن تنظر لمن يحدثها , ولكنها لم تستطع , وبعد لحظات أبعد يده عن فمها , : يجب أن تخرجي من هنا حالاً !
مَسحت الدم النازف من فمها , ونظرت خلفها فإذا بفتىً شديد البياض بعين مُرعبة ينظر إليها
والدمُ يسيل مِن رأسه , فتراجعت إلى الوراء : من أنت ؟
أمسك بيدها وأوقفها بقوة وركض بها حتى وصل إلى بيت خشبي صغير هُدم نصفه
فأدخلها وقبل أن يغلق الباب : لا تخرجي من هنا , سأعود في غضون دقائق .-وأغلق الباب-
--
بدأت الصغيرة في الأرتجاف والبكاء بصوت خافت وفجأة شعرت بشيء يُمسك قدمها
فضمت قدمها بسرعة لجسمها وكتمت صوتها .
--
" رحيل , رحيل , رحيل "
فتحت عينيها فإذا بنفس الفتى الذي رأته مُسبقاً , نظرت حولها : أين أنا ؟
جلس بجانبها : أعتذر على ما فعلته لك سابقاً .
: لا بأس , سمعت صوت بكاء طفل قريب من هنا لذا أردت الاطمئنان فقط .
: هذا الطفل يُدعى "وحيد"
: وحيد ؟
: نعم , أمه "جنية" وأبوه "بشري"
: ماذا ؟ أتمزح معي ؟
: لم أمزح معك في أمور كهذه ؟ -ثم أخرج علبة عصير من جيبه- خُذي
: شكراً , كيف عرفت إسمي ؟
: انا أعرفك جيداً , كثيراً ما كنت أراقبك من شرفة منزلي وأنتي تلعبين في الطين .
: آه , أخبرني أكثر بشأن "وحيد " ؟
قال -بنظرة غامضة- : لا تسألي عنه كثيراً , ولا تنطقي إسمه أبداً .
: ولِمَ ؟
: ---
: أتخاف منه لهذه الدرجة ؟
قال بصوت مُرعب : بالطبع !
: ماذا تعني ؟
تجاهلها وأكمل شرب عصيره , ثم وقف : يجب أن ترحلي من هنا .
: حسناً , ولكن لِمَ كنت تنزف مُسبقاً ؟
: لا دخلْ لَك ! لنعد .
وفجأة سقطت خشبة كبيرة أمامهما فتراجعا إلى الوراء , : ماهذا ؟
نظرت رحيل للأعلى فصرخت بأعلى صوتها فوضع يده على فمها : أمجنونة أنتي ؟
أشارت له بأصبعها للأعلى , فنظر فإذا بأيادٍ بشرية كثيرة مُعلقة تقطر دماً , هلع مما رآه ثم أمسك يدها : يجب أن نخرج من هنا .
وركض بها إلى باب المقبرة وقبل أن يخرج , : رحيل , لا تتركيني وحدي
رحيل : من هذا ؟
: لا تتركيني وحدي ,
لا تتركيني وحدي , لا تتركيني وحدي
رحيل : من أنت ؟
صرخ الفتى : ليس وقت للسؤال , لنخرج .
رحيل : وما أدراك أن كان هناك شخص يريد المُساعدة ؟
: عن أي مساعدة تتحدثين ؟ هذه مقبرة تأوي أموات فقط !!! لا أحياء فيها , لنخرج
-وسحبها بقوة وركض بها بعيداً عن المقبرة-
--
في غضون لحظات تغير الجو وبدأت قطرات المطر تنهمر عليهما حتى وصلا إلى منزل "جاك"
الذي كان يقف أمام المنزل وينظر بعين قلقة , فتركت رحيل يد الفتى وركضت تجاه جاك
الذي فرح عندما رآهـا وحضنها بين ذراعيه : أين كنتي ؟
: كنت ألعب بعيداً عن هنا
: لا يجب أن تذهبي بعيداً عن المنزل , حذرتك أكثر من مرة
: آسفة , تعرفت على صديق جديد !
:حقاً , أين هوَ ؟
: لم يُخبرني بأسمه-ثم نظرت خلفها- أختفى ؟
: لا بأس , ربما سيعود في الغد , لقد تأخر الوقت كثيراً , يجب أن تنامي .
اومأت رأسها بنعم , فانزلها وأمسك بيدها مُتجهان إلى المنزل ,فإذا بنفس الصوت يتكرر مُجدداً :
رحيل , لا تتركيني وحدي –نظرت خلفها بسرعة-
جاك : ماذا هناك ؟
: سمعت صوتاً قبل قليل !
: صوتاً , ربما تتوهمين , لنذهب .
--
يُتبع | ~