( وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي )
( وخير الهدي هدي محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وشر الأمور ومحدثاتها )،
أما بعد :
جاء رجل إلى ابن عمر فقال له يا ابن عمر إني أحبك في الله، فقال له ابن عمر: أما أنا فأبغضك في الله، قال له الرجل: ولم يا ابن عمر ؟!! قال ابن عمر : لأنك تلحن في آذانك وتأخذ عليه أجرا
ونهى ابن مسعود رجلا يصلي بعد الفجر، فقال له الرجل: هل يعذبني الله على الصلاة ؟!! فقال ابن مسعود : بل يعذبك لمخالفتك السنة .
بهذه الآيات الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، والآثار السلفية.
ابتدأت كلامي مستدلا بها على صحة المقال وتبيانا على ما ينبغي أن يكون عليه الحال
فلقد طالعتنا وسائل الإعلام بقناة فضائية جديدة اسمها الرسالة، وهذا ما يقر العين ، ويثلج الصدر وجود أمثال هذه القنوات الفضائية ( الإسلامية ) !! على شاشات التلفاز،
ولكن من المؤسف جدا أن نرى هذه القنوات غالبا لا تحمل من الإسلام إلا اسمه ، بل وتكون معاول هدم للإسلام والمسلمين .
قناة الرسالة الفضائية تدعي أنها قناة إسلامية مميزة ودعوة الناس لفهم الإسلام الصحيح وبزعمهم في ثوب عصري جديد ؟!! .
وقد ذكر مديرها ( طارق سويدان ) إنه يريد إيصال مفهوم الإسلام إلى الناس بثوب وروح عصري جديد
وهذا مما ينكر عليه في فضائيته ولذلك ،
أقول :
ما هذا الثوب العصري الجديد الذي تريد أن تلبسه للإسلام لتوصله للناس ؟؟!!! .
هل هذا المفهوم مأخوذ من الكتاب والسنة النبوية وفهم السلف الصالح لهذا الإسلام
هل إيصال الدعوة إلى الناس يكون بهدي جديد غير هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفهم صحابته لهذا الفهم، أم أن هناك فهما جديدا آخر غير ما كان عليه النبي وصحابته تريد أن تحيد به عن طريقهم لتوصله للناس
وهل اسلوب إيصال مفهوم الإسلام سكت عنه القرآن والسنة وانتظر قناة الرسالة الفضائية لتنفرد بهذا الإسلوب من دون القرون الخالية وعلماء الأمة المتقدمين منهم والمتأخرين
والله تعالى يقول :
** الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ } (3) سورة المائدة
ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القائل : " ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم "
فهل هذا الإسلوب العصري الذي ابتدعته من الخير أم من الشر ، فإن كان من الخير ، فهل مما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أم نسيه
فإن كان مما علمنا إياه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فكيف تدعي عصريته وإن كان قد نسيه الرسول فقد كذبت عليه وإلا من أين لك أنه من الخير ، وكيف عرفت أنه نسيه
وإن كان من الشر ، فما حاجتنا به ، وكيف أدعيت إسلاميته ؟!! .
ما هذا الثوب العصري الذي تريد أن تلبس الإسلام به لتوصله إلى الناس ؟؟!!! .
نعم هو اسلوب بثوب عصري جديد يا طارق سويدان ، ويا قناة الرسالة ، ولكن ....... ليس كما يريده الإسلام، لأنه كما بينت أن الإسلام لم يُترك فيه شيء إلا وقد بينه القرآن والسنة وفهمه سلف الأمة
قال أبو ذر رضي الله عنه : " لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما "
فهل أخبرهم عن ذلك وترك أساليب الدعوة في القرن الواحد والعشرين لطارق السويدان ليكتشفها للناس
ولكنه إسلام عصري كما يريده من عاش في زيف الحضارة الغربية وارتمى في أحضانها ، ومن غرته الحياة المادية ، ومن دق أبواب السلاطين ، ونام على جميل الفراش وأراح رأسه على لين الوسائد
إسلام من تذوق طيب الطعام، وحسن الشراب، وداس على أفخم السجاد
إسلام من اتخذ من النصارى أصدقاء ، وجعل من الأعداء ضحايا الإرهاب
من كان هذا حاله لا بد له وأن يضع لهم الإسلام في أي ثوب يراه ، لتسلم له الحياة على ما يراه من حاله لا مما ينبغي أن يكون عليه الإسلام .
ولدينا وقفات مع هذه القناة ولنحكم عليها من خلال شرع الله ولنعلم أي رسالة تريد إيصالها هذه القناة للمسلمين وغيرهم ، وهل فعلا تستحق لقب ( إسلامية ) !! .
1 _ الرسالة العصرية الأولى:
من المؤسس لهذه القناة والمالك المباشر لها وبطلب من قامت هذه القناة ؟؟!!! .
الكل منا يعلم أنها قامت بناء على طلب الوليد بن طلال صاحب القنوات الهابطة والتي نشرت الرذيلة في معظم بيوت المسلمين، وأضاعت خلقا كثيرا بسببها، وكانت من أسباب الصد عن سبيل الله عز وجل ومن وسائل الإفساد في الأرض.
فكيف بالله عليكم نريد أن نسلم بأن هذه القناة إنما أراد صاحبها بها الخير ، مع دعمه لقنوات الرذيلة
أو كما قيل :
ألقاه في اليم مكتوفا ثم قال له ........ إياك إياك أن تبتل بالماء
وأن صاحبها يريدها لله ومخلصا في ذلك كما يقول السويدان عنه ؟!! لمجرد قوله ذلك . والفعل أبلغ من القول فإن كان ولا بد لك أن تحكم على النيات من الأقوال فالحكم عليها بالأعمال أدق وأبلغ _ ولولا كلامه على النيات والحكم عليها لما عرجت على ذلك _ .
وكما قيل :
والدعاوى ما لم يقيموا عليها ........ بينات أبناؤها أدعياء
ورحم الله القائل :
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ....... ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أهانوه فهان ودنسوا .......... محياه بالأطماع حتى تجهما
ومن المعلوم أن من أكثر من يفسد الدين الملوك والعلماء
كما قال ابن المبارك
وهل أفسد الدين إلا الملوك ..... وأحبار سوء ورهابنها
وقناة الرسالة قد جمعتكما فما ظنكم بحالها ؟؟!!! .
2 _ الرسالة العصرية الثانية
حديثه على محاربة الإرهاب والتطرف من خلال هذه القناة .
نجد قناة الرسالة بقيادة السويدان تتحدث بلسان الغرب وملة الكفر في حديثها عن الإرهاب والتطرف _ وهذا الثوب العصري الذي تريد القناة أن تلبس الإسلام به وتوصله للناس _ وإن كان مصطلح الإرهاب معروف ولكن تداوله جديد ، ومفهوم الإرهاب بالشرع غير مفهومه بلغة العصر ، ولما كان لفظ الإرهاب غير معروفا للناس إلا من خلال لغة العصر وكان خاصا بفئة من المسلمين وطائفة من المجاهدين الذين يقاتلون الأمريكان ، أصبحت كلمة الإرهاب غير مقبولة على الإطلاق عند الأغلبية ، وعند نبذ هذا اللفظ من هذه القناة ودعوى محاربتها للإرهاب والتطرف، فإن هذا يعني بالضرورة المجاهدين الذين يقاتلون أعداء الدين ، وبالتالي فإنه يعكس صورة سيئة عن هؤلاء الذين يجاهدون في سبيل الله ضد الصليبيين ، وأنهم إرهابيون مجرمون متطرفون كما يحلو للغرب أن يصفهم ، وبالتالي يصبح قتال هؤلاء الأعداء باطل ولا يجوز ، وهذا الضلال بعينه
ولو رجع السويدان للفظ الإرهاب الشرعي وليس العصري لعلم أن استعمال لفظ الإرهاب منه ما هو محمود في الشرع ولما حاول التملص والتخلص منه ، ولعله خشي أن يبين لهم حقيقة الإسلام الشرعي ، فاختار لغة العصر لعلها أنسب حضاريا مع فكره ، وأكثر إرضاء لسيده ؟؟!!! .
قال تعالى :
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (60) سورة الأنفال
ويقول صلى الله عليه وآله وسلم:
" نصرت بالرعب مسيرة شهر "
فهل هذا إرهاب أو ليس إرهاب ؟؟!!! .
3 _ الرسالة العصرية الثالثة.
لقاء مع الممثلين والممثلات لإبداء الرأي حول القناة
من المؤسف جدا بل وإن شئت قل من المخزي أن يستفتى سفلة الناس والسقط منهم في أمور الدين وأن تجعل من آرائهم وأفكارهم مقياس أو رأيا يؤخذ به على حكم ما ينفع الناس وما يضرهم ، ففي الوقت الذي يعادي فيه الإسلام الفن المتمثل حاليا بالفنانين والفنانات بأفلامهم ومسلسلاتهم التي تعرض على شاشات التلفاز ودعوة الشرع على معاداتهم والعمل على تغيير منكرهم يخرجهم لنا السويدان كأنهم نجوما وأبطالا يطلب رأيهم في هذه القناة ويجعل لهم مكانا يرفع من شأنهم ويرفع من قدرهم بظهورهم بقناة إسلامية يشاركون بنقدهم أو بثنائهم على ذلك
وكأنه يريد أن يلغي جانب الحب والبغض في الله ليجعل منهم ومن أعمالهم أمرا مستحسنا بل ومرغوبا عند الآخرين حتى لا يروا في أعمالهم مخالفة للشرع وأحكامه، وإلا لما كان لهم مكانا في قناة إسلامية
بل وأخذ يدندن حول الفن والتمثيل وأهميته في نشر الدعوة وأنه وسيلة لذلك.
ويعجبني كلام الشيخ محمد قطب حفظه الله في تلك الفئة من الناس والتي طالما أحب أن أكررها حيث قال :
«ورجال الفن ونساؤه الذين يقومون بدور الترويج والترفيه عن الجماهير كلهم بطبيعة الحال ـ من الذين انحلت أخلاقهم من قبل ، فكان الانحلال ذاته هو المؤهل الذي يؤهلهم لدخول عالم الفن! وهؤلاء قد جعلت منهم الصحافة «نجوماً)) و «أبطالاً)) يسعى الأولاد والبنات إلى تقليدهم والتشبه بِهم ، ولا يَكُفُ المجتمع عن التطلع إليهم ، والإشادة بهم، والتحدُّث عنهم ، والاهتمام بشأنهم .
بل أصبحوا «الطبقة)) المرموقة التي تحظى بالاحترام وتحظى بالتقدير !
فأي شيء بقي في حياة الناس لا تشكله أيدي المنسلخين من الدين، الداعين إلى التغريب تحت عنوان من العناوين؟!))
4_ الرسالة العصرية الرابعة:
تغييب الوجه الإسلامي الملتزم من خلال الاستفتاءات :
لاحظت أمرا غريبا في هذه القناة وهو تغييب الشباب الملتزم من خلال السؤال والجواب وإبداء الرأي في هذه القناة ، وكأنه يريد أن يوصل رساله مضمونها أن هؤلاء الأشخاص وذلك الصنف من الناس أصحاب اللحى الطويلة والأثواب القصيرة من يشكل الإرهاب في مجتمعاتنا وهم أصحاب التطرف والتزمت ، أو أن هؤلاء هم من يعطي صورة سلبية عن الإسلام ، أو أن ظهورهم ليس من باب المصلحة العصرية حتى لا تفقد القناة زبائنها فلا مكان لوجودهم بيننا .
5_ الرسالة العصرية الخامسة :
طمس الهوية الإسلامية
يحاول القائمون في هذه القناة طمس الهوية الإسلامية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وانتهجها سلفنا الصالح ، والقضاء على الثوابت التي عرفها المسلمون وجعل الباطل أمرا مقبولا بين الناس .
فخروج المرأة متبرجه أصبح أمرا سهلا ولا إشكال فيه ، وتعلمها في الجامعات المختلطة وهدفها من التعليم أن تخرج مذيعة أو صحفية أو ممثله لا اعتراض عليه ، وتباهي المتبرجات الكاسيات العاريات أصبح بالعصرنه أو العرصنة إن شئت لا دياثة فيه ، والغيره على دين الله من هؤلاء أشباه الرجال تخلف وتزمت
لا حقيقة لحكم الدين فيه ، وجلوسك مع النساء المتبرجات وغير المتبرجات على شاشات التفاز وأعين الناس لا غبار عليه طالما العلاقة واللقاء ودي ويعالج مشاكل عصرية
لأن الإسلام عند هؤلاء مفرغ لا جوف فيه فهو عبارة عن شكليات لا وجود لحقيقة العمل فيه ، والدعوة إلى التسامح في الإسلام تبيح لنا العمل لكل محظور ، والابتعاد عن كل مأمور . فديننا دين التسامح ؟؟!!! .
6 _الرسالة العصريه السادسة
تسويغ المعصيه
مما لا شك فيه أن الذي سيتابع هذه القناة سيجد مسوغا لارتكاب الحرام
فمن جهة أن الغناء أصبح مباح والحجة أنه إسلامي ** كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}
والاختلاط ليس بمحرم فهو يمارس في الجامعات والنوادي
والإنكار على أهل البدع والمعاصي تخلف لا يناسب العصر الحالي
ونبذ المنكر وتحذير الناس من أهله وإقصائهم عن المجتمع حتى لا يتأثروا بأفكارهم عمل إجرامي
وإسلامنا هو دين تسامح لا وجود لما يسمى بالجهاد ومقاتلة الأعداء حتى وإن دنسوا المقدسات واحتلوا البلاد واغتصبوا الشريفات العفيفات
فهل هذه الرسالة التي تريد القناة أن توصلها للناس ؟؟!!! .
إخواني وأخواتي كما يظهر لكم جليا حال هذه القناة
غناء وتبرج وسفور ولقاء ممثلات وممثلين وإقصاء لأهل الالتزام والدين ومحاربة للجهاد بما يسمى الإرهاب
وابتعاد عن نهج السلف في طريقة إيصال الدين لهم ، وانعدام الغيرة على دين الله في إظهار أهل المعاصي وتحسين صورتهم في قناة إسلامية زعموا ، وانعدام الحب في الله والبغض في الله لفتح المجال للفساق لتسويق بضاعتهم الرخيصة للناس ، وتقريب محبتهم لهم بسماع كلامهم ومن ثم عدم القدرة على الإنكار عليهم لتسلطهم على القلوب في ظهورهم على أنهم أهل صلاح وإيمان
فكل هذه الأشياء دلائل على ضلال هذه القناة وأنها لا تعكس الصورة الحقيقية للإسلام
وإنما تعكس رغبات أصحابها ليتناسب الدين مع طروحاتهم وأفكارهم
فكل واحد منكم على ثغرة من ثغرات الإسلام فلا يؤتى من قبله
المفضلات