هذه المسودة
6- تشكلهم وقدراتهم
الجن لهم قدرة خارقة على التشكل بأشكال مختلفة وكثيرة لا تحصر، من الإنسان والحيوان بل حتى الجمادات ؛ فقد يتشكل الجان في صورة حيوان، وخاصة الكلب الأسود والقط الأسود وغير ذلك ومن الحشرات والزواحف كالثعابين ونحوها .قال شيخ الإسلام ابن تيميه : الجن يتصورون في صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وفي صور بني أدم
ولهم قدرات هائلة في القوة والسرعة والانتقال والمهارات والطيران ، ومن قدراتهم، كذلك، عملهم للنبي سليمان أعمالاً كثيرة، تدل على الذكاء والمهارة، كما في قوله تعالى: وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ. ثم قال: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ.
قدرتهم على سرعة الحركة والتنقل
إن سرعة الحركة وطيّ المسافات في مدة قصيرة من بين القدرات التي خص الله بها الجن، وقد أخبرنا الله عز وجل عن ذلك العفريت من الجن الذي طلب منه سليمان عليه السلام أن يحضر عرش الملكة بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس بفلسطين في وقت قصير، قال تعالى: ﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ*﴾ سورة النمل، الآية:39.
قال السدي وغيره: {كان يجلس للناس للقضاء والحكومات وللطعام من أول النهار إلى أن تزول الشمس} تفسير القرآن الظيم/ ابن كثير ج:3 ص:351.
فالمسافة التي كان يقطعها الناس من فلسطين إلى اليمن فقط ذهابًا تستغرق شهوراً وأياماً سيقطعها هذا العفريت ذهاباً وإياباً في ست ساعات تقريباً أو أقل حاملاً عرش الملكة بلقيس العظيم.
صعود بعضهم إلى طبقات السماء العليا
من أصناف الجن صنف له أجنحة تمكنه من الطيران، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿الجن ثلاثة أصناف، صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وصنف يحلون ويظعنون﴾. وهذا الصنف الذي يطير قد يصل إلى أجواء عالية جداً في السماء قال تعالى: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ للِسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعَ الأَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا *﴾ سورة الجن، الآيتان: 8-9.
وقال سبحانه: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ * لاَّ يَسَّمَّعُونَ إلَى الْمَلإَ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ *﴾ سورة الصفات، الآيات: 9-6.
وقال سبحانه: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ *﴾ سورة الشعراء، الآيات: 223-221.
هذه الآيات تبين أن الجن يصعدون إلى السماء لاستراق الكلمة من علم الغيب من الملائكة وينزلون بها إلى أوليائهم من الإنس. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {إن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء فيسمعون الكلمة من الوحي فيهبطون بها إلى الأرض فيزيدون معها تسعاً فيجد أهل الأرض تلك الكلمة حقاً والتسع باطلاً ...} دلائل النبوة/ البيهقي م:2 ص:239.،
وهذا الذي ذكره ابن عباس بينته أحاديث كثيرة منها: ﴿عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الملائكة تنزل في العنان - وهو السحاب - فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم﴾ صحيح البخاري.،
فكل هذه الآيات والأحاديث والآثار وغيرها كثير تخبر بأن هناك صنفاً من الجن يطير في الهواء ويصل إلى السماء فيسمع منها الوحي فمنع من ذلك بسبب بعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
قدرتهم على الأعمال الشاقة
لقد جاءت آيات قرآنية توضح القدرات الكبيرة التي خص الله بها الجن ومن بينها قدرتهم على أعمال عظيمة وشاقة ومن بين هذه الآيات قوله تعالى واصفاً ما وهبه لسليمان عليه السلام من فضل ونعمة ﴿وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُواْ ءَالَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ *﴾ سورة سبأ، الآيتان: 13-12.،
قال مجاهد: {المحاريب بنيان دون القصور وكانت من نحاس (...) وجفان كالجواب ج: جابية وهي الحوض الذي يجبي فيه الماء، والقدور الراسيات: الثابتات في أماكنها لا تتحرك ولا تتحول عن أماكنها لعظمها}، وقال سبحانه ايضاً: ﴿وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ ج وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ *﴾ سورة الأنبياء، الآية: 82.، وقال عز وجل: ﴿وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ *﴾ سورة ص، الآية:37.، فسر ابن كثير هذه الآيات بقوله: {أي منهم من هو يستعمل في الأبنية الهائلة من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات إلى غير ذلك من الأعمال الشاقة التي لا يقدر عليها البشر، وطائفة غواصون في البحار يستخرجون ما فيها من اللآلىء والجواهر والأشياء النفيسة التي لا يوجد إلا فيها}.
قدرتهم في مجال الاتصال
بعض الجن لهم قدرات عجيبة في مجال الاتصال تفوق بكثير ما لدى الإنسان من هوائيات ومعلوميات حيث حيث يقول ابن تيمية رحمه الله: {ولقد أخبر بعض الشيوخ (...) فقال: يرونني - الجن - شيئاً براقاً مثل الماء والزجاج ويمثلون له فيه ما يطلب منه الإخبار به، قال: فأخبر الناس به ويصلون إلي كلام من استغاث بي من أصحابي فأجيبه فيصلون جوابي إليه، ويعقب ابن تيمية على ذلك بقوله:"وكان كثير من الشيوخ الذين حصل لهم كثير من هذه الخوارق إذا كذب بها من لم يعرفها وقال إنكم تفعلون هذا بطريق الحيلة كما يدخل النار بحجر الطلق وقشور النارنج ودهن الضفادع وغير ذلك من الحيل الطبيعية فيعجب هؤلاء المشايخ ويقولون نحن والله لا نعرف شيئاً من هذه الحيل، فلما ذكر لهم الخبير إنكم لصادقون في ذلك ولكن هذه الأحوال شيطانية أقروا بذلك وتاب منهم من تاب الله عليه لما تبين لهم الحق، وتبين لهم من وجوه أنها من الشيطان ورأوا أنها من الشياطين لما رأوا أنها تحصل بمثل البدع المذمومة في الشرع وعند المعاصي لله فلا تحصل عندما يحبه الله ورسوله من العبادات الشرعية} مجموع فتاوى ابن تيمية/ م:11 ص309.
قدرتهم على النفوذ في جسم الإنسان
لقد أعطى الله عز وجل الجن قدرة عجيبة على السريان في جسم الإنسان، بل أكثر من ذلك قد يتخبطه ويتحكم فيه، قال صلى الله عليه وسلم: ﴿إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم﴾ فتح الباري/ ابن حجر ج:6 ص:415-414 رقمه:3281.، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَواْ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ج﴾ سورة البقرة، الآية:274.، فالشيطان له قدرة على الدخول إلى بدن الإنسان، وقد فسر ابن كثير هذه الآية بقوله: {لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له، ذلك أنه يقوم قياماً منكراً} تفسير القرآن العظيم/ ج:1 ص:308.، وقد أجمع العلماء على أن الجن يدخل حقيقة في بدن المصروع وذكر ابن تيمية ذلك فتاواه حيث قال: {وليس من أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع كذب ذلك فقد كذب على الشرع وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك}.
قدرة الجن على اختطاف الإنس والطيران بهم
قد يخطف الجن بعض الإنس ويعيشون معهم في عالمهم الخاص بهم وعندما يعودون يكشفون عن أعاجيب غريبة يشهد لذلك مجموعة من الأحاديث والآثار منها: ﴿عن عامر قال: سألت علقمة: أنا سألت ابن مسعود فقال هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن قال: لا ولكننا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا استطير أو اغتيل قال: فبتنا بشر ليلة... الحديث﴾ صحيح مسلم بشرح النووي/ النووي م:2 ج:4 ص:170-169.، الشاهد من هذا الحديث: "استطير واغتيل"، قال الإمام النووي رحمه الله: "معنى استطير طارت به الجن ومعنى اغتيل قتل سراً" فالصحابة رضوان الله عليهم بحكم معرفتهم بأحوال الجن خاصة وأنهم كانوا يعيشون في مكان على شكل قبائل تحيط به الصحارى ويتناقلون أخبار الجن، كانوا يدركون أن للجن قدرة على اختطاف الإنس والطيران بهم، وروى الأثرم والجوزجاني بإسنادهم عن عبيد بن عمر قال: فقد رجل في عهد عمر فجاءت امرأته إلى عمر فذكرت ذلك له فقال: انطلقي فتربصي أربع سنين ففعلت ثم أتته فقال: انطلقي فاعتدي أربعة أشهر وعشراً ففعلت ثم أتته فقال: أين ولي هذا الرجل؟ فقال طلقها، ففعل، فقال لها عمر انطلقي فتزوجي من شئت، فتزوجت ثم جاء زوجها الأول فقال عمر: أين كنت. قال: يا أمير المؤمنين استهوتني الجن فوالله ما أدري في أي أرض الله أنا كنت عند قوم يستعبدونني حتى اغتزاهم منهم قوم مسلمون فكنت فيما غنموه فقالوا لي: أنت رجل من الإنس وهؤلاء من الجن فما لك وما لهم؟ فأخبرتهم خبري فقالوا: بأي أرض الله تحب أن تصبح؟ قلت المدينة هي أرضي فأصبحت وأنا أنظر إلى الحرة، فخيره عمر إن شاء امرأته وإن شاء الصداق فاختار الصداق وقال: قد حبلت لا حاجة لي فيها المغني والشرح الكبير على متن المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل/ ابن قدامة م:9 ص:135.،
وقد سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين: هل يمكن للجن اختطاف الإنس فأجاب: {يمكن ذلك فقد اشتهر أن سعد بن عبادة قتلته الجن لما بال في جحر فيه منزلها فقالوا:نحن قتلنا سيد الخــــز رج سـعـد بـن عـبـاده ورميناه بسهم فلم نخطىء فـؤاده ووقع في خلافة عمر أن رجلاً اختطفته الجن وبقي أربع سنين ثم جاء وأخبر أن جناً من المشركين اختطفوه فبقي عندهم أسيراً فغزاهم جن مسلمون فهزموهم وردوه إلى أهله} فتاوى العلماء في علاج السحر والمس والعين والجان/ ص:84 ط:الأولى 1418هـ.
قدرة الجن على التشكل بمختلف الأشكال
لقد أعطى الله سبحانه للجن القدرة على التصور بصورة الإنسان والحيوان يقول القاضي بدر الدين الشبلي: ﴿{لا شك أن الجن يتصورون ويتشكلون في صور الإنس والبهائم فيتصورون في صور الحيات والعقارب وفي صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وفي صور الطير وفي صور بني آدم.
تصورهم بأشكال الإنس:
لقد أخبرنا القرآن الكريم عن تجسد الشيطان للمشركين في غزوة بدر في صورة سراقة بن مالك من مدلج، ووعد المشركين بالنصر قال تعالى: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَآءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِّنْكُمْ إِنِّى أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّى أَخَافُ الله ج والله شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ سورة الأنفال، الآية:48.، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: {جاء إبليس يوم بدر في جند الشياطين معه رأيته في صورة رجل من مدلج فقال الشيطان للمشركين لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، فلما اصطف الناس أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه المشركين فولوا مدبرين، وأقبل جبريل عليه السلام إلى إبليس، فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين انتزع يده ثم ولى مدبراً وشيعته فقال الرجل: يا سراقة أتزعم أنك جار لنا فقال: إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب، وذلك حين رأى الملائكة} تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير ج:2 ص:303.
تصورهم بأشكال الحيوانات:
يتشكل الجن بمختلف أشكال الحيوانات لكن يغلب تشكله في صورة الكلاب السود والحيات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم﴾ الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير/ جلال الدين السيزطي ج:1 ص:132.
كما يتصور الجن كثيراً بصور الحيات
وتسمى هذه الحيات بجنان البيوت وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها وقد مر سابقاً حديث الفتى الذي كان حديث عهد بعرس وقتل حية فاضطربت عليه وقتلته. و حدد النبي صلى الله عليه وسلم صفات الحيات التي تقتل فعن عمر بن نافع عن أبيه قال: كان عبد الله بن عمر يوماً عند هدم له فرأى وبيص جان فقال اتبعوا هذا الجان فاقتلوه، فقال أبو لبابة الأنصاري إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتبعان ما في بطون النساء﴾ صحيح مسلم بشرح النووي/ النووي م:7 ج:14 ص:233.
الجن له تأثير على الإنسان، فقد يصرعه ويتكلم على لسانه وهذا أمر واقع ومشاهد. دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة قال تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) [البقرة:275] وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم". وقال عبد الله ابن الإمام أحمد قلت لأبي: إن قوماً يقولون: إن الجن لا يدخلون في بدن المصروع فقال: يابني يكذبون، هذا يتكلم على لسانه. وهذا الأمر مشهور بين الناس فإنه يرى الرجل مصروعاً فيتكلم المصروع بلسان لا يعرفه ويضرب على بدنه ضرباً عظيماً ومع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقال حوله. قدرات الجنذكر الحق سبحانه صورا تبين مدى قوة الجن وقدرتهم التي تفوق قدرة البشر وطاقتهم في جوانب معينة، من ذلك قدرتهم على التأثير بالوسوسة أو الإيحاء دون تدخل مادي، وهذا المعنى يلخصه الشيطان في خطبته لأهل النار الذين اتبعوه، قال تعالى: { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم }(إبراهيم:22)
فالسلطان الذي نفاه الشيطان عن نفسه سلطان الحجة، وسلطان القوة المادية، فهو في وسوسته وإيحاءه للناس لا يستند إلى حجة، أو برهان، أو قوة، أو سلطان، وإنما هي إثارة الشهوات والنعرات، ومع ذلك انظر كم أضل من البشر !!ومن الآيات التي تدل على قدرة الجن، قوله تعالى: { وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا }(الجن:8- 9 ). ولا يخفى أن قعودهم في مقاعد لاستراق خبر السماء يدل على قدرة عظيمة ميزهم الله بها، وهذه القدرة وإن ضعفت بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم إلا أن ضعفها بسبب عامل خارجي؛ وهو الشهب التي يرمون بها، أما القدرة الذاتية فهي قائمة
7- مساكنهم
يسكنون الأماكن الخربة وأماكن المعاصي والصحارى والكهوف والمقابر والمواضع المظلمة، وباطن الأرض. ويسكنون المنازل المهجورة وغيرها ويَسِمون العمار وكذلك مواضع النجاسات، كالحمامات والحشوش والمزابل فَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضِرَةٌ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ } . وَالْمُحْضَرَةُ مَكَانُ حُضُورِ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ . قال رسول الله صلى الله علية وسلم: إن هذه الخشوش محتضرة فاذا أتى أحدكم الخلاء فليقل : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "الخبث : ذكور الجن والخبائث : إناثهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه : وغالباً ما يوجد الجن في الخواب والفوات في مواضع النجاسات كالحمامات والحشوش والمزايل والمقامين والمقابر والشيوخ الذين تقترن بهم الشياطين وتكون أحوالهم شيطانية لا رحمانية يأوون كثيراً إلي هذه الأماكن التي هي مآوي الشياطين وأخرج ابن أبي الدنيا أثراً موقوفاً على يزيد بن جابر أحد ثقات الشامين من صغار التابعيين قال : مامن أهل بيت من المسلمين إلا وفي سقف بيتهم من الجن من المسلمين إذا وضعوا غداءهم نزلوا فتغدوا معهم وإذا وضعوا عشاءهم نزلوا فتعشوا معهم يدفع الله بهم عنهم.
و يشارك الجن الانس منازلهم. ويتأثرون بهم. وفى الغالب يعيش الجن المسلم فى منازل المسلمين والملتزم من الجن يفرح لاْلتزام المسلم جدا... بل إنهم ليصدرون هجمات لاتعد ولاتحصى لشياطين الجن عن بيت الملتزم من المسلمين.
10- عقائدهم و دياناتهم
عقائدهم ودياناتهم منهم الجن المسلم ومنهم النصراني واليهودي والبوذي والهندوسي والشيعي والملحد و الكافر والعاصي وقد أخبر الله عنهم أنهم قالوا (( وأناّ مَنا الصَّالحُون ومنَّا دُونَ ذلك كُنا طرائِقَ قِدَدا )) سورة الجن الآيه (11)
وقال أبن عباس في تفسيرهذه الآية أي منا المؤمن ومنا الكافر وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أي مذاهب شتى مسلمون وكفار وأهل سنة وأهل بدعه .أخبر الله عز وجل أنه بعث نفراً من الجن إلى النبي، ليستمعوا القرآن وينذروا قومهم كما في قوله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَأَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لاَ يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ.و هم مأمورون بالإيمان برسالة محمد مثل الإنس.
المفضلات