الفصل الثالث عشر
سر [أرابيلا]
مر الاجتماع التالي دون أن تقول [إليزابيث] شيئا. كانت في حالة مزرية و محتارة جدا في ما يجب أن تفعله مما جعلها في النهاية تقرر ألا تقول شيئا، حتى الآن على الأقل.كان يوم ميلاد [أرابيلا] قد اقترب. وعدتها أمها بأن ترسل لها كعكة ميلاد كبيرة، و أي شيء تريده من الطعام و الشراب. كانت السيدة [بكلي] في أمريكا، لكن كان بوسع [أرابيلا] أن تطلب ما تشاء من الأسواق الكبيرة في لندن.
تحدثت [أرابيلا] عن هذا الاتفاق الجيد طوال الوقت و عن كل الطعام اللذيذ الذي ستطلبه، فقد أحبت أن تتباهى.
ثم واتتها فكرة و قالتها لـ[روزماري] : "ماذا عن وليمة في منتصف الليل يا [روزماري]؟ قمنا بواحدة في مدرستي القديمة و كانت ممتعة جدا. سيكون لدينا الكثير لأكله، و فكري كيف سيكون من الممتع أن نجعلها في منتصف الليل!"
وافقتها [روزماري] ثم سألت : "هل نجعلها في منتصف الليل؟ لا نستطيع جعلها في أي وقت قبل ذلك فقد يكون المعلمين مستيقظين."
ردت [أرابيلا] : "أجل، سنجعلها بعد منتصف الليل تماما. لكننا لن ندعو [إليزابيث]! إنها فظيعة جدا و قد تشي بنا و تفسد الوليمة!"
قالت [روزماري ]: "حسنا، من ستدعين إذن؟"
ردت [أرابيلا] : "الكل باستثناء [إليزابيث] و القليل من أصدقائها القدامى. لن ندعو [كاثلين]، أو [هاري] أو [روبرت]. فهم ما زالوا يدافعون عن [إليزابيث]. و على أية حال، لا أظن [إليزابيث] ستأتي حتى إذا دعوناها، فقد تظن بأنه ضد القوانين أن نقيم وليمة في منتصف الليل، و هي عريفة."
و هكذا، فقد كان لطلاب الفصل الأول سر آخر، و بدؤوا يتهامسون به فيما بينهم. سمعت [إليزابيث] الحديث، و لاحظت بأنه توقف عندما مرت. فكرت بأنهم يتهامسون عنها مجددا، و شعرت بالحزن و الغضب.
كان [جوليان] مدعوا بالطبع، و كذلك [مارتن]. لمعت عينا [جوليان] عندما سمع عن الوليمة. كان هذا هو نوع التحدي الذي أحبه.
و ناقش الطلاب عن الأمكنة التي يمكنهم أن يخبؤوا الأطعمة فيها، فهم لم يريدوا أن يحزر المعلمون ما كانوا سيفعلونه.
قالت [أرابيلا] : "سنأكل بعضا من الكعكة في وقت الشاي، لكننا لن نقول شيئا عن باقي الأشياء."
قال [مارتن] : "خبئوا إحدى العصيرات في أحد المخازن التي في الحديقة. أنا أعرف مكانا جيدا. و سأضعهم هناك و أحضرهم في الليل."
قال [جوليان] : "و ضعوا البسكويت في مخزن الألعاب الذي في الممر. لا أحد يستعمله، و بالتالي لن يراه أحد هناك. سآخذه إلى هناك الآن."
و هكذا، فقد تمت تخبئة الأطعمة هنا و هناك، و شعر الطلاب بالحماس. أما البقية الذين لم تتم دعوتهم لم يعلموا شيئا عن الأمر، لم يعلموا سوى أنه كان سر [أرابيلا]، و أن الكل متلهف له.
قامت [أرابيلا] بالحديث بصوت خافت كلما رأت [إليزابيث] تقترب. ثم تتظاهر بالفزع عندما ترى [إليزابيث] و تلكز الشخص الذي تتحدث إليه بمرفقها، و تغير الموضوع سريعا و بصوت عال.
و قد أزعج هذا [إليزابيث] كثيرا فقالت : "ليس عليكِ أن تظني بأني أريد أن أسمع سركِ الغبي. فأنا لا أريد ذلك على الإطلاق. لذا تحدثي عنه كما تشائين، سأسد أذني!"
على الرغم من ذلك، لم يكن أمرا سارا أن تشعر بأنها غير مرغوب بها. و لا أن ترى [جوليان] يضحك و يتحدث مع [روزماري] و [أرابيلا]. لم تعلم بأنه لم يفعل ذلك إلا ليغيظها أحيانا. فهو لم يستطع أن يحب [أرابيلا] المتباهية. لكن إن كانت صداقته معها ستزعج [إليزابيث]، فهو سيفعلها بكل تأكيد!
أتى وقت عيد ميلاد [أرابيلا]. تمنى لها الكل أمنيات سعيدة، و أعطوها هدايا صغيرة و قبلتها هي بسعادة و كلمات شكر مهذبة. لا شك في أن [أرابيلا] تعرف كيف تتهذب فعلا عندما تسير الأمور كما تريد هي! لم تقم [إليزابيث] بإعطاء [أرابيلا] أي شيء. و لم تهنئها يبوم ميلادها حتى. و رأت [جوليان] يعطيها دبوسا جميلا صنعه بنفسه. و وضعته [أرابيلا] على ملابسها بسعادة.
و قالت بصوت عال عالمة بأن [إليزابيث] ستسمعها : "أوه، [جوليان]! أنت صديق رائع حقا! شكرا جزيلا لك."
كانت الوليمة ستقام في الغرفة المشتركة، كانت هذه الغرفة بعيدة عن غرف المعلمين بما يكفي حتى لا يسمعوا شيئا، و شعر الطلاب بأنهم سيكونوا بأمان هناك.
شعروا جميعا بالحماس في ذلك اليوم، و تساءلت الآنسة [رينجر] عما طرأ على فصلها فجأة.
بالصدفة، فتحت [إليزابيث] مخزن الألعاب الذي في الممر. كانت تبحث عن كرة تتدرب بها في ملعب اللاكروس، و فكرت بأنه قد يكون هناك واحدة في مخزن الألعاب. و حدقت في كيس البسكويت بدهشة.
ثم فكرت : "أظن بأن الآنسة [رينجر] وضعته هنا، و ربما نسته. علي أن أخبرها بالأمر. فربما كانت تريده لتوزعه في الفسحة."
لكن [إليزابيث] نست كل شيء عن البسكويت و بالتالي، لم تستطع إخبار الآنسة [رينجر] بأي شيء. و لم تكن لديها أدنى فكرة بأن البسكويت لـ[أرابيلا]، و سيُؤكل في وليمة منتصف الليل.
كان سر [أرابيلا] محفوظا جيدا. فقد خشي الطلاب المدعوون أن تعلم [إليزابيث] بالأمر و توقفهم لكونها عريفة. لذا فهم لم يذكروا أي شيء عن الموضوع لها.
عندما حان منتصف الليل، كان كل الطلاب نائمين باستثناء [أرابيلا]. فقد أخبرتهم بأنها ستبقى مستيقظة، و تخبر الجميع عندما يحين الوقت. و كانت متلهفة جدا للأمر فلم يغمض لها جفن حتى سمعت ساعة المدرسة تعلن منتصف الليل.
جلست على سريرها بسرعة، و وضعت عليها مِبْذلَها و خُفَّها، ثم أخذت مصباحا يدويا صغيرا قبل أن تبدأ بإيقاظ البقية بهزهم بخفة. و استيقظوا كلهم بقزع. همست [أرابيلا] لكل منهم : "صه! لا تصدري صوتا! إنه وقت الوليمة."
بدا أن [إليزابيث] نائمة، و كذلك بدت [كاثلين]. و لم يستيقظا عندما تسلل بقية البنات خارج الغرفة ليقابلوا الأولاد الذين كانوا خارجين من غرفة نومهم الخاصة إلى الغرفة المشتركة. كانت الهمسات و الضحكات في كل مكان في الممر.
تزاحم الطلاب في الغرفة المشتركة و أشعلوا شموعا. فقد كانوا يخشون أن يظهر الضوء القوي من تحت الباب.
قالت [أرابيلا] في جذل : " على أية حال، من الممتع أكثر أن نستعمل الشموع." كان هذا هو نوع الأشياء الذي أحبته. كانت ملكة الحفلة! و قد ارتدت مبذلا حريرا جميلا و خفا أزرق ليناسب لونه مما جعلها تبدو جذابة، و قد عرفت ذلك.
وضع الأطفال طعامهم و شرابهم. و كان من الممتع أن يجتمع الفصل هكذا!
قالت [رث] : "سردين! آه كم أحبه!"
"مشمش معلب! أوه، هذا رائع!"
"أعطوني بعضا من كعكة الشوكولاتة هذه، تبدو و كأنها تسيح في الفم!"
"فليعطني أحدكم ملعقة، سأقوم أنا بتوزيع المشمش."
"لا تصدري صوتيا يا [بليندا]، هذه المرة الثانية التي تسقطين فيها الشوكة! ستجلبين الآنسة [رينجر] هنا إن لم تكوني حذرة."
بدأ الطلاب بفتح العصيرات واحدا تلو الآخر و هم ينظرون إلى بعضهم بسرور. كان هذا ممتعا حقا. كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بينما هم هنا يأكلون و يشربون كل ما لذ و طاب!
قالت [أرابيلا] : "أين هو البسكويت؟ أشعر بأن البسكويت سيكون لذيذا جدا مع المشمش. لكنني لا أراه. أين هو؟"قال [جوليان] قبل أن يقف : "أوه، لقد نسيت إحضاره، سأفعل ذلك الآن يا [أرابيلا]. لن أستغرق دقيقة واحدة. إنه في مخزن الألعاب القديم."
ذهب [جوليان] لإحضار البسكويت متحسسا طريقه في الممر. ثم صعد السلم حيث كان مخزن الألعاب في الركن.
لم يكن معه مصباح يدوي و المكان كان مظلما. تعثر قليلا لكن بهدوء. و بالصدفة، اصطدم بكرسي فسقط مصدرا صوتا مزعجا. فتجمد في مكانه، متسائلا عما إذا كان أحد قد سمعه.
لم يكن هذا بعيدا عن الغرفة التي تنام بها [إليزابيث]. و عندما سقط الكرسي، استيقظت الأخيرة بفزع. جلست في سريرها، متسائلة عن كنه الصوت.
و فكرت : "الأفضل أن أذهب و ألقي نظرة." قامت من سريرها و ارتدت مبذلها. و لم تلاحظ على الإطلاق بأن نصف الأسرة كانت خالية في المهجع. ارتدت خفها بسرعة و أسرعت خارج الغرفة دون أن تشعل مصباحها بعد.
مشت في الممر قليلا ثم توقفت هناك لتفكر قليلا. أكملت مشيها بعد برهة في ممر صغير مفكرة بأنها سمعت الصوت قادما من مكان ما هنا. تحركت في الممر بنعومة و هدوء.
لقد دخل الشخص إلى مخزن الألعاب القديم. فقد سمعت [إليزابيث] صوتا خفيفا داخله. من يمكن أن يكون؟ و ماذا يفعل في مثل هذا الوقت من الليل؟
مشت [إليزابيث] ببطء إلى المخزن. أشعلت مصباحها فجأة، و هذا جعل [جوليان] يقفز من الخوف.
"[جوليان]! مالذي تفعله هنا؟ أوه أيها السارق المقرف، أنت تسرق البسكويت الآن! أظنك مقرفا بدرجة لا يمكن وصفها! ضع البسكويت في الداخل بسرعة!"
همس [جوليان] بحدة : "صه! ستوقظين الجميع أيتها الغبية."
و لم يحاول إعادة البسكويت إلى مكانه. فقد أراد أن يأخذه إلى الوليمة. لكن [إليزابيث] لم تعلم ذلك بالطبع. و فكرت بكل جدية بأنه أتى إلى هنا لسرقة البسكويت في منتصف الليل.
و هتفت : "حسنا، لقد أمسكتك بالفعل هذه المرة! أمسكتك بالبسكويت المسروق في يديك! لا تستطيع إنكار هذا! و الآن أعطني إياه!"
لكن [جوليان] سحب البسكويت بسرعة، و سقط الغطاء مصدرا صوتا مدويا انتشر صداه في كل أرجاء الممر.قال [جوليان] بيأس : "حمقاء! لقد أيقظتي الجميع الآن!"
المفضلات