فخرج عمر ليغتسل .
وخرج إليها خبّاب فقال : أتدفعين كتاب الله إلى عمر وهو كافر ؟
قالت : نعم . . إني أرجو أن يهدي الله أخي .
فدخل خبّاب البيت . . وجاء عمر . . فدفعت إليه الصحيفة ، وكان فيها (طه) وسورةٌ أخرى ، فرأى فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم
فلما مر بالرحمن الرحيم ذعر فألقى الصحيفة من يده ، ثم رجع إلى نفسه فأخذها فإذا فيها :
{طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلا تذكرةً لمن يخشى (3) تنزيلاً ممن خلق الأرض والسماوات العلى (4) الرحمن على العرش استوى (5) له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى (6) وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى (7) الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} [ طه : 1-8 ]
إلى أن وصل لقوله تعالى :
{فلا يصُدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى} [ طه : 16 ]
قال : ينبغي لمن يقول هذا أن لا يُعبد معه غيره . . دلوني على محمد .
فلما سمع خبّاب قول عمر ، خرج من البيت . فقال : أبشر يا عمر . فإني أرجو أن تكون سبقت فيك دعوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
قال : دلوني على مكان رسول الله .
فلما عرفوا منه الصدق . . قالوا هو في أسفل الصفا .
فأخذ عمر سيفه فتوشحه ، ثم عمد إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ، فضرب عليهم الباب.
فلما سمعوا صوته وجلوا . . وكان حمزة وطلحة على الباب . والنبي (صلى الله عليه وسلم) داخل يوحى إليه . . ولم يجترئ أحد منهم أن يفتح له ، لما قد علموا من شدته على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما رأى حمزة وَجَلَ القوم ، قال : مالكم ؟
قالوا : عمر بن الخطاب !
قال : عمر بن الخطاب . . . افتحوا له . فان يرد الله به خيراً يُسلم ، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هيناً .
ففتحوا له ، وأخذ حمزة ورجل آخر بعضديه حتى أدخلاه على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . . .
فقال : أرسلوه . . .
فأرسلوه ، فنهض صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثوبه ، وحمائل سيفه ، فما تمالك عمر أن وقع على ركبتيه ، وقد ارتعد من هيبته صلى الله عليه وسلم .
فقال له : ما أنت بمنتهٍ يا عمر حتى يُنزل بك ما أنزل بالوليد بن المغيرة ! (يعني الخزي والنكال).
ثم قال : أسلِم يا ابن الخطاب ، اللهم اهد قلبه .
---------------------------- تعليق// عِش معي يا قارئ الموضوع الحدث تخيل أنك هناك معهم ----------------------------
فقال عمر : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله !
فكبّر المسلمون تكبيرة واحدة سُمعت في طرق مكة !
وكانت هذه هي ساعة الصفر ، في حياة عمر . . واللحظة الخالدة من شخصيته . لحظة تم فيها الإنقلاب ، ونفذت فيها الثورة . .
انتقل بعدها من اليسار إلى اليمين . . من النار إلى الجنة . .
ومن يومها . . وعمر يتمدد في التاريخ ، موجات من نور ، تضيء للعالمين.
الفاروق :
قال عمر : يارسول الله ، ألسنا على الحق إن متنا ، وإن حيينا ؟
قل صلى الله عليه وسلم : بلى والذي نفسي بيده ، إنكم على الحق ، إن متم وإن حييتم .
قال : ففيمَ الإختفاء ؟ . . والذي بعثك بالحق لنخرجن . .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما معناه : ياعمر أنت الفاروق يفرق الله بك يوم القيامة بين الحق والباطل .
---------------------------- تعليق// أنظر معي أخذ عمر لقب الفاروق في يوم إسلامه وليس بعد سبعة أو عشرة أعوام وهذا دليل على قوة إيمانه (الله وأكبر) ----------------------------
أول يوم في إسلامه :
عندما خرج ابن الخطاب مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الصفوف معلنين عن الإسلام لم يعلم من أهل مكة عن إسلامه إلا القليل .
فذهب لأبي جهل وطرق عليه الباب فخرج له وقال ابن الخطاب : أما علِمتَ يا ابن هشام ؟ لقد اسلمت ، فقال أبا جهل : تباً لك سائر اليوم .
وكذلك فعل مع أبي لهب وقيل مع كبار قريش من الكفار .
ولكن أغلب الناس لم يعلموا بإسلامه ، فسأل عن أكثر أهل قريش إفشاءً للسر فقيل له عن رجلٍ يسمى جميل بن معمر الجمحي فذهب إليه وقال له : يا جميل ألا أخبرك سراً ولا تخبر به أحداً -هو يستفزه لكي يزيد في الإفشاء- قال : بلى .
فقال : ياجميل إني قد أسلمت وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
يقول ابن الخطاب : والله ما أتممتها حتى قام يصيح "صبأ ابن الخطاب ، صبأ ابن الخطاب" .
وعمر يسير وراءه ويقول كذب فأنا لم اصبأ بل أسلمت .
عندما عاد عمر لبيته في آخر النهار جمع أولاده وأهل بيته فقال : أنتم مني حرام إلى أن تسلموا .
فخرج عبدالله أصغر أبناءه حينها وقال : يا أبتي أنا مسلمٌ منذُ عام .
فيقول عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - : والله مازال أبي يضربني طوال تلك الليلة وهو يقول : أترضى أن يموت أبوك وهو على الضلال.
هجرته :
وكما كان إسلام عمر - رضي الله عنه - جهرة وعلانية ووسط مجامع قريش وعلى رؤوس الأشهاد ، اختار عمر أن تكون هجرته إلى المدينة علانية غير مستخفٍ بظلام الليل ، أو متستر بشعاب مكة وجبالها ، ولم يكتف بذلك بل إنّه وقف موقفاً أذلّ فيه أنوف المشركين وأظهر عجزهم وألقى الرعب في قلوبهم .
فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال قال لي علي بن أبي طالب : ماعلمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا متخفيّاُ إلا عمر بن الخطاب لإنه لما همّ بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه (حمله) وانتضى في يده أسهماً واختصر عنزته ( أي أمسك عصا أقصر من الرمح ) ومضى قبل الكعبة ، والملأ من قريش بفنائها فطاف في البيت سبعاً متمكناً ثم أتى المقام فصلى ركعتين ثم وقف على الحلق واحدة واحدة وقال لهم شاهت الوجوه (قبحت) لا يرغم الله إلا هذه المعاطس (الأنوف) من أراد أن تثكله أمه ويوتم ولده ويرمل زوجه فليلقني وراء هذا الوادي)) من كتاب أصحاب الرسول - صحيح التوثيق - الفاروق تحقيق دار الصحابة .
بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
عندما وافت المنية رسول الله تقلد عمر سيف وأقسم على أن يضرب عنق كل من ينطق بموته عليه أفضل الصلاة والسلام .
إلى أن قال أبا بكرٍ مقولته الشهيرة : (( من كان يعبد محمداً فإنّ محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيٌ لا يموت)).
فهدأ بعدها عمر .
خلافته :
تولى عمر ابن الخطاب الخلافة عام 13 من الهجرة .
حيث كثرت الفتوحات في عده ففتحت فلسطين ومصر وفارس والروم .
استشهاده :
كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سائر بين ضواحي المدينة وكان حينها قد أطفأ نيران المجوس وفتح فارس .
فالتقى عبداً مجوسياً إسمه أبو لؤلؤة المجوسي .
سأله عمر قائلاً : سمعت أنك تستطيع صنع رحاة تتحرك بفعل الريح .
فقال : لأصنعنّ لك رحا يتحدث عنها أهل المشرق والمغرب .
فقال عمر : توعدني العبد ( أي أقسم بقتلي ) .
فقام أبو لؤلؤة إلى بيته فصنع خنجراً مقبضه من المنتصف فأحسن حد الخنجر وأشبعه بالسم ، فإن لم يقتل بالطعن مات بالسم .
فقام إلى المسجد واستتر بأحد زواياه .
وعند صلاة الفجر وعمر يأمُّ الناس في الصلاة . خرج الكافر من بين الصفوف وطعن الفاروق ثلاث طعنات في جنبه وفخذه وتحت بطنه .
وطار بين الصفوف وطعن عدداً من المصلين حتى انتهت الصلاة فحاصره المسلمون في أحد الزوايا وهو يلوح بخنرجه ويحاول طعن كل من يقترب منه فألقوا عليه ردائاً فلما علم أنهم تمكنوا منه طعن نفسه فمات .
وأغشيّ على ابن الخطاب ، وعندما قام كان أول ما قال : أصلى الناس ؟ قالوا نعم يا أمير المؤمنين .
ثم سأل عن المجوسي فقصوا عليه ماحصل فقال : الحمدلله الذي مات ولم يحاجني عند الله بسجدة سجدها لله قط .
وعندما أيقن عمر أنه ميت لا محالة أرسل إلى عائشة يأذنها بأن يدفن عند صاحبيه .
فأذنت له ، فعندما مات ، دفن بجانب صاحبيه .
قالوا عنه :
ماذا قال رسول الله ؟
عن ابن عمر قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر فقال : هكذا نبعث .
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في دين الله عمر .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه .
ماذا قال أبو بكر ؟
((ما على ظهر الأرض رجلٌ أحب إليّ من عمر))
ماذا قال عثمان ؟
(( لن تلقى مثل عمر ، ولن تلقى مثل عمر ، ولن تلقى مثل عمر))
ماذا قال علي ؟
((خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وخير الناس بعد أبي بكر عمر))
ماذا قال أبو عبيدة ؟
(( ما أحب أن لي ماتطلع عليه الشمس أو تغرب ، وأن أبقى بعد عمر))
ماذا قال عبدالله بن عباس ؟
((كان والله حليف الإسلام . ومأوى الأيتام . ومحل الإيمان . ومنتهى الإحسان ونادي الضعفاء . ومَعْقِل الخلفاء))
ماذا قال عبدالله بن مسعود ؟
(( لو أعلم عمر كان يحب كلباً لأحببته))
ماذا قال العباس ؟
(( مارأيت أحداً من الناس كان أفضل من عمر ، إن ليله صلاة ، ونهاره صيام ، وفي حاجات الناس ))
ماذا قال حذيفة ؟
(( والله لا أعرف رجلاً لا تأخذه في الله لومة لائم إلا عمر))
ماذا قال عمرو بن العاص ؟
((لله در عمر بن حَنْتمة ، أي امرئ كان ؟!))
ماذا قال عبدالله بن عمر ؟
((مارأيت أحداً قط بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين قبص أجد ولا أجود من عمر))
ماذا قال معاوية ؟
(( أما أبوبكر فلم يُرد الدنيا ولا ترده ، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها ، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهراً لبطن))
ماذا قال عبدالله بن سلام ؟
((نعم أخو الإسلام كنت يا عمر ، جواداً بالحق ، بخيلاً بالباطل))
ماذا قالت عائشة ؟
(( كان والله أحوذياً ، نسيج وحده))
ماذا قال الحسن البصري ؟
(( إذا أردتم أن يطيب المجلس فأفيضوا في ذكر عمر))
**************
وقالوا . . . وما أكثر ما قالوا . . . ولسوف تبقى البشرية تقول في عمر ، لأن الدنيا لم تشهد مثل عمر .
وفي الختام
أقول لكم اعذروني ان زلّ مني خطأ ، وإن كان من الشك في موضوعي شيء فأرسلوا لي واستروا علي ستر الله عليكم
وها أنا بعد ما كتبت موضوعي عندكم ذرفتُ دمعة حق مطالباً من الله أن يجمعني بعمر في جنته .
فلتسمحوا لي عدم إطالتي في بعض الأحداث وإهمالي لبعض غيرها .
والسبب يعود إلى أني لو أردت أن أحكي عن ابن الخطاب ما وسعت قاعدة البيانات الخاصة بالمنتدى ما أقول .
والسلام خير ختام
أخاكم في الله
أحــــمــــــد
المفضلات