قال المنفلوطي -رحمه الله- : "لقد كنّا وكانت العفـّة في سِقاءٍ من الحجاب موكوء، فما زالوا به يثقبون في جوانبه كل يوم ثقباً ، والعفة تتسلل منه قطرة قطرة حتى تقبّض وتكرّش ، ثم لم يكفهم ذلك حتى جاؤوا يريدون أن يحلـّوا وكاءه حتى لا تبقى فيه قطرة واحدة" .
مقدمة في الاختلاط :
الاختلاط ، لغة : من خلط الشيء بالشيء ، ويطلق على الامتزاج ، والاجتماع ، والمداخلة بالأبدان ، والانضمام والضم ، والمجاورة ، والاشتراك . .
واصطلاحاً : انضمام واجتماع ومداخلة الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد يمكنهم فيه من الاتصال فيما بينهم : بالنظر أو الإشارة أو الكلام أو البدن ، من غير حائل أو مانع ، يدفع إلى الريبة والفساد . .
أقسام الاختلاط:
يقول الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- :
اختلاط الرجال بالنساء له ثلاثة حالات :
1- اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال ، وهذا لا شك في جوازه .
2- اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد وهذا لا إشكال في تحريمه .
3- اختلاط النساء بالأجانب في : دور العلم ، والحوانيت والمكاتب ، والمستشفيات ، والحفلات ، ونحو ذلك ، فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى إفتتان كل واحد من النوعين بالآخر ، ولكشف حقيقة هذا القسم فإننا نجيب عنه من طريق : مجمل ، ومفصل .
أما المجمل : فهو "أن الله تعالى جبل الرجال عن القوة والميل إلى النساء ، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف بان ، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيء ، لأن النفوس أمارة بالسوء ، والهوى يعمي ويصم ، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر" .
أما المفصل : فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها ، ووسائل المقصود الموصلة إليه لها حكمه ، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال ، وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر ، وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة .
أما الأدلة من الكتاب فستة :
والأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر تسعة أدلة :
انتهى كلام الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-
وهذه فتوى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ، فقال:
انتهى كلامه رحمه الله . .
وأختم القول في الأدلة بما رواه البيهقي : أن مولاة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها دخلت عليها فقالت لها: يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا ، فقالت لها عائشة رضي الله عنها: "لا آجرك الله ، لا آجــرك الله . تدافعين الرجال؟ ألا كبّرتِ ومررتِ" .
وهذا في البيت الحرام حيث العبادة والطواف فكيف بغيرها ؟؟
ولهذا فإن أهل الإسلام لا عهد لهم باختلاط نسائهم بالرجال الأجانب عنهن، وإنما حصلت أول شرارة قدحت للاختلاط على أرض المسلمين من خلال: المدارس الاستعمارية الأجنبية والعالمية، التي فتحت في بلاد الإسلامية .
وقد علم تاريخياً أن ذلك من أقوى الوسائل لإذلال الرعايا وإخضاعها، بتضييع مقومات كرامتها، وتجريدها من الفضائل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال ابن القيم : "أن ولي الامر يجب عليه أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق ، والفُرَج ، ومجامع الرجال" . .
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال ، أصل كل بلية وشر ، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة ، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا ، وهذا معلوم بالفطرة . .
ولما اختلط البغايا بعسكر موسى عليه السلام وفشت فيهم الفاحشة ، أرسل الله عليهم الطاعون فمات في يوم واحد سبعون ألفاً . .
بداية الإباحية :
قال الشيخ بكر أبو زيد :
"ولابد من التنبيه هنا إلى أن دعاة الإباحية لهم بدايات تبدو خفيفة ، وهي تحمل مكايد عظيمة : في وضع لبنة الاختلاط ، يبدؤون بها من رياض الأطفال ـ وتقديم طاقات وليس (باقات) الزهور من الجنسين في الاحتفالات .
وإذا كان الاختلاط في رياض الأطفال مرفوضاً لأنه ليس من أعمال المسلمين على مدى تاريخهم الطويل في تعليم أولادهم في الكتاتيب وغيرها ، ولأنه ذريعة إلى الاختلاط فيما فوقها من مراحل التعليم .
فالدعوة إلى الاختلاط في الصفوف الأولى من الدراسة الابتدائية مرفوضة من باب أولى ، فاحذروا أن تخدعوا أيها المسلمون ..
وهكذا من دواعي كسر حاجز النُفرة من الاختلاط ، بمثل هذه البدايات التي يستسهلها بعض الناس ، فليتق الله أهل الإسلام، وليحسبوا خطوات السير في حياتهم ، وليحفظوا ما استرعاهم الله عليه من رعاياهم ، والحذر من التفريط والاستجابة لفتنة الاستدراج إلى مدارج الضلالة ، وكل امرئ حسيب نفسه ... وأحمد لطفي الهالك سنة 1382هـ هو أول من أدخل الفتيات المصريات في الجامعات مختلطات بالطلاب ، سافرات الوجوه لأول مرة في تاريخ مصر ، يناصره في هذا عميد التغريب طه حسين الهالك سنة 1393هـ " ا.هـ
إجماع علماء الأمة على حرمة الاختلاط :
يقول أبوبكر العامري (المتوفي سنة 530هـ) : "اتفق علماء الأمة أن من اعتقد حِلّ هذه المحظورات ، وإباحة امتزاج الرجال بالنسوان الأجانب فقد كفر واستحق القتل بردته ، وإن اعتقد تحريمه وفعله وأقر عليه ورضي به فقد فسق ، ولا يسمح له قول ولا تقبل شهادته" .
وعلى هذا اجمع علماء السلف والأئمة الأربعة ، ولا يمكن تصور عالم يحلّ الاختلاط ويروج له ويفعله وهو مع هذا صحيح العقل سليم الفطرة لأنه لا يتصور فعله بعد إن عرف الحق ورأى الصواب . .
يقول الشيخ فريح البهلال: "ويؤيد الاتفاق والإجماع المذكورين ، توارد أهل العلم على إفراد هذه المسألة بالتأليف . . . والتي اتفقت على وجوب ستر وجوه المؤمنات عن الأجانب ، وخطر السفور والتبرج والاختلاط" .
ولو استزدت لما انتهيت من إيراد نصوص أهل العلم الكثيرة في المنع والتحريم والتحذير من شرور الاختلاط ،، {لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}
أقول: طالب الحق يكفيه دليل ، و صاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل ، الجاهل يُعلّم و صاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل .
وهناك صنفان ممن يحلل الاختلاط ، أحدهم جاهل بأمور الشريعة لا يفقه من الحلال والحرام شيء إلا العبث ، أما الآخر الذي يُنظِّر وينافح عن إفساد المجتمع بدعوى التعليم ثم الضرورة حتى نَصِل إلى ما وصل إليه العالم الإسلامي والعالمي من فجور وفساد منتشر ومستفحل في كل مكان . . وبعدها يدرك من كان له قلب صحيح وما زالت فطرته سليمة أن الاختلاط لا يأتي بخير . . ومن كان يهوى الفجور سيفرح لأنه أصبح مثل الغرب متفتح ومثقف ووجد الحرية والمساواة . . !!
بعض الجهلة ؛ يستدل على إستحلال اختلاط الرجال بالنساء ما يحدث في الطواف -بالمسجد الحرام- وكذا حضور الصلاة في المسجد في زمن القديم والحديث، وهذا والله من قمة الجنون والبله وأكثر الاستدلالات غرابة ، وهناك ماهو أغرب منه ؛ هو دخول الصحابة على سيدتنا عائشة ، وجهل هؤلاء الحمقى أنها تكلمهم من وراء حجاب -وهذا يرد عليهم ودليل على الحرمة- وأيضاً هي من تكون؟ (أم المؤمنين وزوجة خاتم الأنبياء والمرسلين) وهي في بيتها فأين الدليل على الاختلاط ، ليت شعري على من يفكر بمثل هذا تفكير : لا علم ولا عقل ودفاع بالباطل . .
جهل مركب ، وسخف لا دواء له كــ {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}
أما الطرف الآخر فما زلنا نقول: الحمد لله ؛ بقاء مجتمعنا متخلف همجي -بنظر التنويريين- ، ومازال هذا المجتمع بغالبيته يريد أن يبقى على عهد أهل الإسلام بحجابه وستره ويمنع الاختلاط ومواطن الفساد، خير من أن يصبح عندنا كما هو عند الغرب المتفتح (أسواق لبيع النساء والرجال للفجور ، وبيوت دعارة رسمية ، وخنازير بهيئة بشر تمشي في الشوارع بلا غيرة ولا كرامة ، قد نزعوا الحياء وأصبحوا كالبهائم)
ومن لا يعجبه هذا الإنغلاق والتخلف في بلاد الحرمين ، فطريق السفارات مفتوحة لأمثالكم؛ فاذهبوا لتنعموا بعيش الديمقراطية هناك حيث المكان الذي ترغبون به ، وتفعلون ما تشتهون . .
وأعوذ بالله من انتكاسة الفطرة وسوء العاقبة
يقول الدكتور / أحمد محمد جمال :
(إن السبب الحقيقي في جميع مفاسد أوروبا ، وفي انحلالها بهذه السرعة هو إهمال النساء للشئون العائلية المنزلية ، ومزاولتهن الوظائف والأعمال اللائقة بالرجال في المصانع والمعامل والمكاتب جنباً إلى جنب)
كتب نفيسة لمن له فطرة سليمة وعقل واع ؛ ليعرف الحق ويتبعه:
كتاب: الاختلاط بين الجنسين ..أحكامه وأثاره.. لخالد السبت
http://ia600300.us.archive.org/20/it...035/107035.pdf
كتاب: الاختلاط -تحرير وتنقيب وتقرير- لعبد العزيز الطريفي
http://ia700303.us.archive.org/7/ite...alekhtelat.pdf
كتاب: هل يكذب التاريخ؟ لعبد الله الداود
http://ia700303.us.archive.org/8/items/HYT-HYT/HYT.pdf
كتاب: حراسة الفضيلة للشيخ بكر أبو زيد
http://d1.islamhouse.com/data/ar/ih_...the_virtue.pdf
ومن صدق مع نفسه وأراد أن يقف على الصواب فليقرأ ولو واحد من هذه الكتب
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعل فتنتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
المفضلات