الذكرى الرابعة
كانت أول
دمية أتلقاها في حياتي وكذلك كانت الأخيرة ...
كنتُ دائما أغبط أختي الصغرى على كثرة الدمى التي تحصل عليها فأنا لم أحظ بدمية حتى جاء ذلك اليوم.
جاء أحد أقرباء أمي وبحوزته هدية ولكن هذا لم يكن مفاجئا فهو لم يأتنا خالي اليدينِ قبلًا ولكن المفأجأة أنه لم يعط الهدية لأختي الصغرى و أنما أهدانيها أنا!
سعدتُ بالهدية كثيرا فهي أول دمية أتلقاها ، ليس هذا وحسب فهي تتحرك وتغني أيضا ، كما أنها كانت بمائة ريال أي أن سعرها يساوي سعر
الكثير مما حازت عليه أختي دفعة واحدة والأكثر من هذا أنها هدية فلو كانت بربع ريال لفرحت بها فرحا شديدا!
قامت أمي بتجربة الدمية بعد أن شرحَ لها طريقة عملها ، كنت أراقب الدمية في دهشة وهي تتحرك جيئة وذهابا!
طلبتُ من أمي وألححتُ عليها في الطلب "مرة واحدة يا أمي ... أقسم أني لن أطلب أكثر من ذلك!".
-"يجب أن تذهبي إلى الفراش فغدا
يومٌ دراسي" ردت أمي بحزم.
-"لكنني أريد تجربتها ..." لم تجد توسلاتي نفعا فذهبتُ إلى فراشي على مضض!
غادر بعد ذلك الرجل متوجها إلى بيته.
قلبي
لم يطاوعني أن أترك الدمية في مكانٍ مكشوف ، مالذي يضمن لي أن لا يحصل لها مكروه خاصة أن أختي "الحبيبة" ستبقى في المنزل فهي لم تدخل إى المدرسة بعد ، صدقوني هي
لن تقصر أبدا وستقوم بالواجب على أكمل وجه.
فكرت في دميتي التي لن ترى نور الشمس إن وجدتها هي أو وجدها أخي الصغير فهو يعود إلى المنزل قبلي.
فكرتُ مليا ثم خطرت على بالي فكرة عبقرية ، حلٌ لهذه المشكلةِ العويصة ليهدأ بالي وأستطيع الذهاب إلى المدرسة مطمئنة.
بعد أن أوى أخوتي إلى الفراش ، أخفيت الدمية في مكان لن يخطر على بالِ أحد وذهبت إلى النوم!
ذهبتُ إلى المدرسة كالعادة ، لكني لم أكن أطيق صبرا ..."أريد أن أعود إلى المنزل بسرعة وألعب بدميتي" هذا ما كنت أفكر فيه طيلة الوقت!
إنها الحصة الأخيرة ، لم يبق الكثير ! يجب أن أصبر ، دقائق وينتهي كل هذا العذاب ... لم تكن المدرسة مملةً ولا الدروس طويلةً كما كانت في ذللك اليوم!
رن الجرس أخيرا ، خرجت مسرعة كالريح ... كانت المدرسة تبعد شارعين عن بيتنا ، قليلًا بعدا ...قليلًا بعد وألعب بدميتي كأي فتاة في مثل عمري.
عدتُ إلى المنزل بلهفة ، عندما فُتح الباب اندفعتُ مسرعةً باتجاه الأحذيةِ الموضوعةِ أمام الباب لم أكن أريد وضع حذائي فهو ملقى على الأرض هناك.
رفعتُ حذاء أبي بلهفة ولدهشتي لم تكن الدُميةُ هناك ... "ربما كانت في فردة الحذاء الأخرى" بحثت جيدا ولكنها لم تكن هناك أيضا!
ناديتهما بسرعة وسألتهما عن المجني عليها (الدميه) ، أخبراني أن الرجل الذي بات معنا تلك الليلة قد مزقها إربا وأخفاها بعيدا عن الأنظار!
الأدهى والأمر من ذلك أن جثة المجني عليها لم تكتشف حتى عودتنا إلى الوطن وبقي سر إختفاها لغزا يصعب حله ، بكيتُ كثيرا يومها وكنت "أندب حظي" عى دُميتي التي لم أستطع حتى لمسها والتي كانت الدميةَ الأولى والأخيرة!
المفضلات