الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أمّا بعد:
فإنّ الحياة مدرسة كبيرة، مليئة بالدروس والعِبَر، وما أكثر ما تلقننا هذه الحياة دروساً لا تُنسى، لكننا سرعان ما ننساها مع زحمة الأحداث، فنقع في الخطأ طرّة، ونعيد الكَرّة مرّة بعد مرّة.. وهذا ما دفعني إلى كتابة الدروس - سواء ما استفدته من نفسي، أو ممّا حصل لغيري - للنظر فيها بين الفينة والأخرى، والاستفادة منها في حاضر الأيّام ومستقبلها، فإنّ المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرّتين، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلّى الله عليه وسلّم .
1- احفظ لسانك في المجالس، ولا تتعرّض لأحد من الناس ـ كائناً من كان ـ إلا إذا كانت هناك مصلحة راجحة، وبقدر الحاجة. فإنّ اللسان أسهل الأعضاء حركة، وأشدّها خطراً، وهل يكبّ الناس في نار جهنّم على مناخرهم أو على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم.احفظ لسانك
2- لا تدفع أجرة العامل أو الأجير حتّى يفرغ من عمله، ويؤدّيه على وجه التمام، فإنّ العامل إذا قبض أجرته قبل انتهاء عمله كان ذلك من دواعي تراخيه وكسله وعدم إخلاصه في العمل.أجرة العامل
ولا يتنافى ذلك مع قول النبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم - : (( اعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه )) ، فإنّ المقصود: بعد إتمام العمل والفراغ منه.
3- الهدوء والأناة وضبط النفس عند رؤية منكر، ثمّ معالجته بالحكمة والموعظة الحسنة، فإنّ الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه، كما جاء في الحديث الشريف.كن هادئاً
4- إذا أردت التخطيط والإعداد لمناسبةٍ ما، فليكن ذلك قبل تلك المناسبة بوقت كافٍ، واحذر التسويف.احذر التسويف
5- قبل الدخول في أيّ مشروع، أو إبرام أيّ صفقة من الصفقات، مع أيّ جهة كانت، احرص على كتابة العقد، ولتكن بنوده واضحة ومفصّلة، وإذا قدّموا لك عقداً؛ فاقرأه جيّداً، واستشر أهل العلم والخبرة فيما ستقدم عليه، حسماً لمادّة النـزاع والاختلاف، وحفظاً للحقوق.حفظ الحقوق
6- تجنّب الحديث عن نفسك أو عن إنجازاتك أمام الآخرين، فإنّ الناس لا يطيقون ذلك، وإلا أصبحت مكروهاً ثقيلاً. وربّما حسدوك على نعمة منّ الله بها عليك، فتكون قد جنيت على نفسك من غير أن تشعر.حتّى لا تكون مكروهاً
7- بادر بالاغتسال من الجنابة متى ما أمكنك ذلك، ولا تسوّف، فقد يضيق عليك الوقت، فتفوتك صلاة الجماعة، أو تنسى فتصلّي على غير طهارة.بادر بالاغتسال
8- إيّاك أن تثق بالآخرين ثقة مطلقاً، وتمنحهم من الأسرار والصلاحيات ما يصعب عليك استرجاعه فيما بعد، فإن وثقت بأحد فاستبقِ لنفسك من الحذر والصلاحيات ما يضمن لك الحفاظ على مصالحك وحقوقك.الثقة بالآخرين
9- الشراكة في كلّ شيء غالباً ما تؤدّي إلى النـزاع والاختلاف والتفرّق، وربّما البغي، فتجنّبها ما استطعت. وإن اضطررت إليها فليكن ذلك بقدر الحاجة، حتّى تتمكّن من الاستقلال بنفسك.قِدْر الشراكة..
10- إذا كنت في انتظار حدث غير سارّ، فتوقّع أسوأ النتائج، فإنّ ذلك يخفّف عليك وقع المصيبة إذا وقعت..توقّعات
11- لا تفاجىء أحداً بخبر سيء في نفسه أو أهله أو ماله، فإنّ ذلك من الحماقة وسوء التدبير. ولكن تدرّج معه في الإخبار من الأخفّ إلى الأسوأ حتّى يتقبّل المصيبة بنفس راضية.لا تكن أحمق
12- حفاظاً على وقتك وأوقات الآخرين، لا تزر أحداً قبل أن تتصل به وتضربأنفاس لا تعود
معه موعداً. فإن كان بينك وبينه موعد، وطالت المدّة؛ فاتّصل به أيضاً قبل الذهاب إليه لتذكيره بالموعد.
13- مصيبة أمّتنا في خمسة: حاكم جائر، وعالم بائر، ومفكّر حائر، وجاهل ثائر، وامرأة داعر. وكلّهم على غير درب الهدى سائر.خمس مصائب
14- العلم لا يؤخذ عن طريق الكتب، وقد ضلّ من كان شيخه كتابه، وهل بلاء الأمّة اليوم، وقبل اليوم، وبعد اليوم، من قوم تفقّهوا على الكتب، فضلّوا وأضلّوا، وأتوا بالعجائب !!.فقهاء من ورق
15-إذا رأيت عالماً يثني عليه أهل العلمنة والفجور، وشُرّاب الخمور، فاعلم أنّه إمّا عميل مأجور، وإمّا مغفّل ساذج مغرور.
ثناءٌ مُريب
16- إن كان الله قد فتح لك في باب من أبواب الخير، فنفع الله بك؛ فاحذر أن تقلّل من شأن آخرين من إخوانك فُتح لهم في أبواب أخرى من الخير، فكلٌّ على ثغر من ثغور الخير. ولو أنّ الأخيار كلّهم كانوا على باب واحد من أبواب الخير؛ لتعطّل الكثير منها.من فقه الدعوة
17- قبل القيام بأيّ عمل، فكّر في عواقبه المستقبليّة، وما سيؤول إليه، ولا تكن نظرتك قاصرة. وسأضرب لك مثلاً يدلّ على ما فوقه: فبعض الناس عندما يغرس شتلة صغيرة لشجرة كبيرة؛ يضعها في حوض صغير غير ناظر إلى ما سيؤول إليه حال هذه الشتلة في المستقبل من تضخّم جذورها، وتمدّدها، ممّا يؤدّي إلى تصدّع الأرض من تحتها، وتشقّقها.. وقس على ذلك ما سواه.
النظرة القاصرة
18- المبطل إنسان عاجز، لا يملك سوى السِباب والشتائم، أو التلبيس على الناس وقلب الحقائق أو كتمها، ثمّ يجد من يصفّق له!!.
حجّة المبطل..
19- لا تعامل الناس كما تريد أنت أن يكونوا، ولكن عاملهم كما أرادوا هم أن يكونوا، وإلا فإنّك ستخسر جميع الأصدقاء، وستبقى وحيداً فريداً إلا من بعض النوادر.. وستقابل الثقيل، والبخيل، والجبان، والمغرور والحسّاس.. ولا تنس أنّك أنت أيضاً لا تخلو من مثل هذه العيوب أو غيرها، فتقبّل الناس كما هم، مع التلطّف لإصلاحهم بقدر الاستطاعة، بعد إصلاح نفسك.حتّى لا تخسر الأصدقاء..
20- إذا أصابتك مصيبة فلا تلقِ باللائمة على الآخرين، حتّى وإن ظهر أنّهم السبب، ولكن راجع نفسك، وفتّش فيها، فإنّ الله يقول: ((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ))(سورة الشورى :30).راجع نفسك
21- إذا كان لديك عمل، وفي الوقت متّسع، فالمبادرة إلى قضائه في أوّل الوقت خير من التسويف والتأخير، فإنّك إن أخّرته فلربّما ضاق عليك الوقت، أو شُغلت بغيره فلم تتمّكن من قضائه إلا بمشقّة وعسر، وربّما فاتك بالكليّة.
المبادرة خير من التسويف
22- لكلّ مشكلة حلّ، فلا تيأس، ولكن فكّر واستشر والجأ إلى الله عزّ وجلّ في حلّ مشكلتك، وسوف تُحلّ بإذن الله..
لكلّ مشكلة حلّ
23- عند الحاجة أو الاضطرار إلى محادثة امرأة ما من غير محارمك، أو سؤالها عن أمر ما، فاقتصر على سؤال واحد أو سؤالين، ولا تزد على ذلك حفاظاً على كرامتك وسلامتك..
حفاظاً على كرامتك
24- عند الخروج إلى مشوار طويل تتخلّله بعض الصلوات، توضّأ قبل خروجك. فإذا دخل وقت الصلاة فبادر بالوقوف عند أقرب مسجد، فقد لا يتيسّر لك مسجد بعد ذلك، فتفوتك الجماعة.
حتّى لا تفوتك الجماعة
25- لا تدع الفرصة السانحة تفوتك، وبادر باقتناصها فور حصولها، فإنّها قد لا تتكرّر، ولا تنس قبل ذلك الاستشارة والاستخارة، فإنّهما من أعظم أسباب تصويب الأمور وتيسيرها.كن قنّاصاً ماهراً
بقلم : د . محمد بن عبدالعزيز المسند
المفضلات