بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعدَه ، وآله وصحبه ومن سار على ملتهم – إلى يوم الدين . اللهم اجعلنا هداةً مهتدين غير ضالّين ولا مُضِلّين ، وأرنا اللهم الحق حقًّا وارزقنا اتّباعه وأرنا الباطلَ باطلاً وارزقْنا اجتنابَه ، واجعلنا ممن دعا إليك وعمِل صالحًا وقال : " إنني من المسلمين " ، ونعوذ بك ربَّنا من علم لا ينفع وعمل لا يُرفَع ودعاء لا يُسمَع ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وله الحمد أبد الآبدين .
~*~
أما بعدُ ..
فعساكم بالخـــير والعـــافية والهمّة القوية الصالحة والعزم الجادّ المُخلِص أعضاءَ منتديات محمّد شريف - خاصّةً قرّاء هذه السّطور
اعذروا أخاكم في غيابه غير الجيّد والمُزعِج ، والغائب حجتُه معه ، والكريم أهل العذْر .. وأنتم كذلك ^ ^ !
لندخلَ في صلب موضوعِنا المرير ولبابه ..
فقد ابتُلِيت العربية في الآونة الأخيرة بموجة هائلة من إتاحة الكتابة العلنيّة والتي يظهَر انعكاسُها على الملأ – لأغلب صنوف المجتمع – سواءٌ كان تقسيمهم من ناحية السنّ أو من ناحية التعليم أو غير ذلك – ، وفيهم العالِم بالعربية وقواعدها والمتحرّي لضبطها ، وفيهم المتنافي مع ذلك تمامًا . بل من الطبيعيّ أن تجد من لا يُحسِن الكتابة بالعربيّة صحيحة بقواعدها ورسمها السليم ما دمت أمام كافّة الشرائح من أطفال ومراهقين وسواهم ، فكيف لكلّ هؤلاء أن يُتقِن قواعد العربية وكل أساساتها ؟!
ومع كثرة الكتابة والتراسُل غير المعقول الكميّة والكثيف بشكل غير طبيعيّ – فإنه قد ضاع في خضمّ كل ذلك الكثير من أساسيّات وأعراف الكلام العربي – ولا أقول : " الكتابة " حتّى – ، ولم تهبَّ في كثير من الشرائح أيّ همّة للذّبّ عن عِرض اللّغة السليمة والثّأْر لها ، حيث قد ضاع فيما ضاع مظاهر بسيطة جدًّا وأولويّة ومن أسهل ما تكون معرفتُه من أعراف اللّغة ، من ذلك قواعدُ وتراكيب نحْويًّا وصرفيًّا .
لن نخوض في رفع الفاعل أو نصب المفعول والألف الفارقة وما إلى ذلك ، سنتكلّم عن جرائم ارتُكِبتْ تجاه ألفاظ وأعراف كانت تتحلّى بكونها من أسهل ما يكون منالاً في بحر اللّغة العربية اللُّجِّيّ . فلنلقِ بعض الضّوء على بعض ما وقعت عليه الأنظار من ذلك :
1- " يمكن – يمقن " ( القتْل العمْد ) :
ظهر فيما ظهر تحويلُ كاف كلمة " يُمكِن " التي تستعمَل في الكلام العامّيّ والفصيح على السواء دون أي تحريف – ولله الحمد – إلى قاف . وذلك من أغرب ما يكون ، إذ لم نعلمْ أيًّا من اللّهجات تنطق كاف هذه الكلمة قافًا – سواء مِصريّةً أو غيرها – .
2- " يا – يَ " ( عذر بذنب ) :
دفع من حذف ألف " يا " النّداء تشبيهها بتاء المخاطب – مثل التي في " أنتَ " – ، حيث أنّ تلك التاء عليها فتحة ولا تُلحَق بألف ، وكذلك تاء المخاطَبة تُلحَق بكسرة بلا ياء ، وكذلك كاف المخاطب وكاف المخاطَبة . ولا تدري هل قصدوا بذلك مطابقة العربيّة الفصيحة ، أم مطابقة المنطوق بالمكتوب في العربي العامّيّ – مثلما يُنادى بالعامّيّة : " يعبد الله " ( بقضم ألف ياء النّداء ) – ؟ إذا كانت الحالة الأولى فهذا خطأٌ محض ، وقد انتشر هذا الأمر . وأما إذا كانت الحالة الثانية فهم قد يكونون معذورين ؛ فهم لم يقصدوا العربية الفصحى أصلاً .
3- تسكين أواخر الكلمات والمُعْرَبات نطقًا وكتابة :
ظهر أمرُ تسكين الفواصل في الكتابة مطابقةً للنطق ، حيث عُرِف أنّه ما كان مُحرَّكًا في آخر الجملة يُسكَّن نطقًا إذا سُكِت عليه ، ولكن هذا لا يجعله ساكنًا في الأصل والكتابة ، فلا تقول : " يا عبد اللهْ " ، بل تقول : " يا عبد اللهِ " ، مع كونك لم تنطق بتلك الكسرة بعد لفظ الجلالة . وربما شابه ذلك القوافي السّاكنة في الشّعر ، مثل قوله : " مع الله حين يطيب النظرْ " ، فهذا السّكون لأجل القافية فحسب ، ولكن يظلّ موقع كلمة " النظر " الإعرابي كما هو وعلامتها كما هي ( الضمّة للرّفع ) .
4- الألَِفات والهَمَزات المُحَلّيَات :
راق للكتبة أن تُحلّى الألف والهمزة أثناء الكتابة أيًّا كان موقعُها ونوعها ، وأيًّا كانت تلك التحلية ، فصارت كلمة " الكتاب " : " آلكتاآأإب " ، وقد يقتصِر بعضهم على ألف محلاّة واحدة ( " الكتآب " ) ، وهذا أمرٌ لا داعيَ له سوى التزيِين صراحةً ، ولو كان نصٌّ كهذا نصًّا رسميًّا أو مُحكّمًا لعُدّ هذا التزيين عيبًا صريحًا فيه . وهو زيادة بلة لطينة الأخطاء التي لم تُحصَ بعد بين همزات الوصل وهمزات القطْع .
( تحديث - 27/ 2 )
5- " عظيم - عضيم ، مُزرٍ - مُذْرٍ " ( عذرٌ آخر بذنب آخر ) :
ومن ضمْن ما ظهر أيضًا على السّطح بسُفور قلْبُ حرف الظاء إلى حرف الضاد ، والعكس عندهم صحيح كذلك . والداهية أنّ المناهج الدّراسيّة لم تخلُ من ذلك أيضًا ! ( فأين المراجَعة والتّدقيق ؟! )
والدافع إلى هذا القلْب هو التّورّع الّذي انقلب ضدّ المقصِد الأساس منه ، فبدلاً من عدم الخطأ كان الوقوع في الخطأ ، فلأنّه من الشائع في الكثير من اللّهجات - الخليجيّة خاصّةً - قلب الضاد إلى الظاء ، حتّى شعروا أنّ كل ظاء ينطقونها هي في الأصل ضاد ، فعند الكتابة خافوا أن يقعوا في الخطأ فحوّلوا كل ما ينطقونه ظاء إلى ضاد !
وكذلك الأمر بالنسبة إلى الزاي والذال بالنسبة إلى لهجاتٍ أخرى .
( تابع )
6- زخارفُ لا تُبدِي من القصْدِ حاجةً :
أمّا هذه ففي أوساط التّوت الأسود (BlackBerry) ، حيث تحلو الزّخارف وتسهُل . وحقيقتُها أنْ ليس بينَها وبين إعراب الكلمات أو تصريفاتها والحركات الصحيحة لها - أيّ رابط .. وربما وجدتَ فوق الحرف الواحد أكثرَ من حركة ، فما عليك إذا أردت تنطق إحدى تلك الكلمات إلا أن تستعير لسانًا وتضمّه إلى لسانك لتنطق الحروف متعدّدة الحركات إن وُجِدتْ !
لمثال : 3# ( شكرًا THE-KING ^ ^ )
( تحديث - 1/ 3 )
7- فصْل الأدوات واختزالُها :
مثل : على - ع ، بالكتاب - بـ الكتاب ، سنمضي - سَ نمضي ، للقمر - لـ القمر ...
والعلّة الوبائيّة المشترَكة بين هذا الخطأ وسواه هي غرض التّزيين ، إذ تبدو الكلمات هكذا بها طابع جماليّ أكثر من الكتابة الاعتياديّة ، قد يكون ذلك مستساغًا أحيانًا ، ولكنّه خطأ لا يُعذَر عندما يكثُر ويُصبِح الفصْل عادةً تجري في كلّ الكتابات . وأخطر ما يكون ذلك في مثل : " سَ نفعل " أو " لـ الكلام " ؛ فإضافة اللاّم على الكلمة المعرّفة بـ" أل " يوجب حذف الألف ، ولكنها هنا لا تُحذَف ، يعني أنّ هناك قاعدة تمّ إقصاؤها بالكامل ، فهنا تكمن الخطورة .
( تابع )
8- تعْريبُ الإنكليزيّة وتغْريب العربيّة ( العربيزيّة ) :
مثل " 2hlan ، 3jeeb ، ... " .
وهذا يوهم أنّ العربي بها نقْص ، لذلك نلجأ لغيرها حتّى نكتب ونعبّر ، والحقيقة أنْ لا سبب وراءَ ذلك إلا التمنظُر واتّباع الجاري .. ولا اختلاف على الخلل العظيم الّذي يعتري العربيّة عندما تكتَب بهذه الصّورة ، وهي أكثر ما تكون انتقاصًا للعربيّة وانتمائنا لها بغضّ النّظر عن أيّ شيء آخر ، وكيف يكون وجْه العربيّ الذّليل أمام الأجنبيّ المعتزّ بلُغته الإنكليزيّة أو ما كانت ؟! سيشعُر قطعًا باتّساع نفوذه ويتوهّم قوّته وضعْف هذا العربيّ الذي أمامه .
هذه ما تزال مسودة لمثْل هذه البِدَع البواطل ..
وسيكون لها تحديث - إن شاء الله - كلّما وقع النّظر على شيء يشاكلها أو يشابهها .. ومن وقع نظره على واحدة فلا يبخلْ علينا وليؤدّ زكاة نظره
لنمضِ معًا إجابةً للمسؤولية نحو أعظم الألسُن واللّغات وأفصحها - لغة القرآن
ولا تبخلْ بالنّشْر ما استطعْت في وسائل النشر التي غرقْنا في عبابها .. ولو بشكل مبسّط ، ولا يزعجنّك إذا لاحظتَ أسلوبًا فيه شيءٌ من سخرية .. فإنما هي ملطّفات .. والمقصِد هو ذبّ عن فصيح اللغة العربية النّاصعة وبيانٌ لبعضٍ ممّا أُبهِم منها
~*~
( إضافة حُلوة من أبي الوليد - جزاه الله خيرًا - )
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى وأصلح لنا ولكم النيّة والسّعْيَ ..
والله أعلى وأعلم - سبحانه - ، ولا حول ولا قوّة إلاّ به
نستودعكم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..........للأخت (|[ سّمـاء . .) شكرٌ جزيل على تعنّيها في تصميم الـ"بنر"
بُورِك فيكم وكُتِب لكم مضاعَف الأجر ~
المفضلات