شرح الاربعين النووية

[ منتدى نور على نور ]


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 40
  1. #1

    الصورة الرمزية سُلوان

    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المـشـــاركــات
    2,001
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي شرح الاربعين النووية


    كيف حالكم اخواتى واخوانى بخير ان شاء الله بالتاكيد واضح الموضوع من عنوانه
    باذن الله سوف ابدا فى شرح الاربعين النووية اذا ماقدر الله ويسر لى سوف اقوم بعمل هذا الموضوع
    عسى ان يستفيد منه الاعضاء
    ساقوم باذن الله بادراج الحديث بشرحه لاربعة من الائمة
    الامام /يحيى بن شرف النووى
    العلامة/ عبد الرحمن بن ناصر السعدى
    العلامة/ ابن دقيق العيد
    العلامة /محمد بن صالح العثيمين
    ان شاء الله سيكون الموضوع متجدد وساضع كل يومين مثلا حديث جديد بفوائده
    ننتظر ردودكم باذن الله
    ونريد ان نعرف رايكم
    وساقوم بوضع اول حديث غدا باذن الله

    التعديل الأخير تم بواسطة سُلوان ; 13-6-2010 الساعة 05:46 PM

  2. #2

    الصورة الرمزية أم مودة

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    755
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    ما شاء الله
    ما هذه الهمة
    الله يدمها علينا وعليكى
    بإنتظارك يا أبلة
    ياريت ما تتأخرى إمتحناتى أتحددت
    ومعاى الجدول 17/1/2009
    ماشى
    فى امان الله

  3. #3

    الصورة الرمزية [ اللــيـــث ]

    تاريخ التسجيل
    Sep 2009
    المـشـــاركــات
    4,329
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    اللهم زد رحمة ايمانا

    ورضى عنها وادخلها مع الابرار

    باذن الله نتواصل معك اخيتي

  4. #4

    الصورة الرمزية سُلوان

    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المـشـــاركــات
    2,001
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    ما شاء الله
    ما هذه الهمة
    الله يدمها علينا وعليكى
    بإنتظارك يا أبلة
    ياريت ما تتأخرى إمتحناتى أتحددت
    ومعاى الجدول 17/1/2009
    ماشى
    فى امان الله



    نسال الله الاخلاص
    ربى يكرمك حبيبتى
    ياستى ده انا والله كان نفسى ابئه مدرسة اطفال بس ربنا مقدرش الا بئه لو كانوا ناوين يدرسوا للاطفال عبرى وفارسى
    اللهم امين
    اه انا بعديكى بيوم علطول
    ان شاء الله
    فى حفظ الرحمن حبيبتى

    اللهم زد رحمة ايمانا

    ورضى عنها وادخلها مع الابرار

    باذن الله نتواصل معك اخيتي

    اللهم امين
    امين
    جزاك الله خيرا
    ولك بمثل مادعوت


  5. #5

    الصورة الرمزية qoot_syria

    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المـشـــاركــات
    1,655
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    واو .. موضوع حلو من الأخت : رحوم .!

    كيف حالكم اخواتى واخوانى بخير ان شاء الله
    منيحة و الحمدالله .. انتي كيفك ؟

    بالإنتظار أختي الكريمة .

    بس انا كمان بتمنى ما تتاخري لانه امتحاناتي 13/1/2010


  6. #6

    الصورة الرمزية سُلوان

    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المـشـــاركــات
    2,001
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    واو .. موضوع حلو من الأخت : رحوم .!

    اقتباس:كيف حالكم اخواتى واخوانى بخير ان شاء الله
    منيحة و الحمدالله .. انتي كيفك ؟

    بالإنتظار أختي الكريمة .

    بس انا كمان بتمنى ما تتاخري لانه امتحاناتي 13/1/2010

    ربى يكرمك حبوبتى ويعزك يارب
    الحمد لله انا بخير ونعمة والله
    والله ربى يعين انا بعمل اول حديث اهو على شوية كده هانزله عشان هو طويل شوية
    دعواتك
    ربى يعينك فى الامتحانات انا بعدك باسبوع تقريبا
    ربى يوفق كل اللى بيمتحنوا ويوفقنى يارب

  7. #7

    الصورة الرمزية سُلوان

    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المـشـــاركــات
    2,001
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بحمد الله انتهيت من شرح النووى للحديث الاول
    وهو حديث انما الاعمال بالنيات
    ولطول شرح هذا الحديث لانه يقوم عليه نصف العبادات فلسوف اضع شرح الامام النووى ومن ثم ساضع بقية الشرح فى وقت اخر ان شاء الله
    واريد ايضا ان اشكر حبيبة قلبى ليدى على الفواصل الرائعة
    جزاها الله خيرا وكل من ساعد فى عملها
    بسم الله الرحمن الرحيم


    عَنْ عُمَرَ رَضِى اللهُ عنهُ،قال :سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ((إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنَّيَّاتِ ،وَإِنَّمَا لِكُلَّ امْرِئ مَا نَوَى،فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ اِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فهِجْرَتُهُ اِلَى الله ِوَرَسُولِهِ،وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَة يَنْكِحُهَا فَهِجْرِتُهُ اِلَى مَا هَاجَرَ اِلَيْهِ)).رواهُ البُخارىّ ومُسلِمُ




    قال :دل الحديث على ان النية معيار لتصحيح الاعمال .فحيث صلحت النية صلح العمل ،وحيث فسدت فسد العمل ،واذا وُجد العمل وقارنته النية


    فله ثلاث احوال :


    الاول:ان يفعل ذلك خوفا من الله تعالى ،وهذه عبادة العبيد


    الثانى :ان يفعل ذلك لطلب الجنة والثواب ،وهذه عبادة التجار


    الثالث :ان يفعل ذلك حياء من الله تعالى وتادية لحق العبودية


    وتادية للشكر ،ويرى نفسه -مع ذلك -مقصرا ،ويكون مع ذلك قلبه خائفا ،لانه لا يدرى هل قُبل عمله مع ذلك ام لا ؟وهذه عبادة الاحرار


    واليها اشار رسول الله صلى الله عليه وسلم ،لما قالت عائشة رضى الله عنها حين قام من الليل حتى تورمت قدماه :يارسول اللهاتتكلف هذا وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وما تاخر ؟قال ((أفلا أكون عبدا شكورا ))


    فان قيل :هل من الافضل العبادة مع الخوف ،او مع الرجاء ؟


    قيل :قال الغزالى رحمه الله :العبادة مع الرجاء افضل ؛لان الرجاء يورث المحبة ،والخوف يورث القنوط ،وهذه الاقسام الثلاثة فى حق المخلصين


    واعلم ان الاخلاص قد تعرض له آفة العجب ،فمن اعجب بعمله حبط عمله ،وكذلك من استكبر حبط عمله


    والحال الثانى :ان يفعل ذلك لطلب الدنيا ولآخرة جميعها ،فذهب بعض أهل العلم الى ان عمله مردود ،واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم فى الخبر الربانى (يقول الله تعالى :انا اغنى الشركاء عن الشرك.فمن عمل عملا اشرك فيه غيرى فانا برئ منه))والى هذا ذهب الحارث المحاسبى فى كتاب ((الرعاية ))فقال :الاخلاص ان تريده بطاعته ولا تريد سواه .


    والرياء نوعان :


    احدهما :الا تريد بطاعته الا الناس



    والثانى :ان يريد الناس ورب الناس ،وكلاهما محبط للعمل ونقل هذا القول الحافظ ابو نعيم فى (0الحلية ))عن بعض السلف ،واستدل بعضهم على ذلك ايضا بقوله تعالى((الْجَبَّارُالْمُتَكَبِّرُسُبْحَانَاللَّهِعَمَّايُشْرِكُونَ))


    فكما انه تكبر عن الزوجةوالولد والشريك تكبر ان يقبل عملا اشرك فيه غيره فهو تعالى اكبر ،وكبير ،ومتكبر



    ،وقال السمرقندى رحمه الله تعالى :مافعله لله تعالى قُبل ،ومافعله من اجل الناس رُد ،ومثال ذلك من صلى الظهر مثلا وقصد اداء مافرض الله تعالى عليه ،ولكنه طول اركانها وقرائتها وحسن هيئاتها من اجل الناس فأصل الصلاة مقبول واما ماطوله وحسنه من اجل الناس فغير مقبول لانه قصد به الناس .
    وسئل الشيخ عز الدين بن عبد السلام عمن صلى فطول صلاته من اجل الناس ؟فقال :ارجو الا يحبط عمله وهذا كله اذا حصل التشريك فى صفة العمل ،فان حصل فى اصل العمل –بان صلى الفريضة من اجل الله تعالى ومن اجل الناس –فلا تقبل صلاته ؛لاجل التشريك فى اصل العمل .وكما يكون الرياء فى العمل يكون فى ترك العمل .
    قال الفضيل بن عياض :ترك العمل من اجل الناس رياء ،والعمل من اجل الناس شرك ،والاخلاص ان يعافيك الله منهما .ومعنى كلامه رحمه الله تعالى ان من عزم على عبادة وتركها مخافة ان يراها الناس فهو مُراء ،لانه ترك العمل لاجل الناس ،اما لوتركها ليصليها فى الخلوة فهذا مستحب ،الا ان تكون فريضة او زكاة واجبة او يكون عالما يقتدى به ،فالجهر بالعبادة فى ذلك افضل
    وكما ان الرياء محبط للعمل ،كذلك التسميع ،وهو ان يعمل لله فى الخلوة ،ثم يحدث الناس بما عمل ،قال صلى الله عليه وسلم ))من سَمّع ؛سمع الله به ،ومن راءى ؛راءى الله به ))
    قال العلماء :فان كان عالما يقتدى به وذكر ذلك تنشيطا للسامعين ليعملوا به فلا باس .
    قال المزربانى –رحمه الله تعالى -:يحتاج المصلى الى اربع خصال حتى ترفع صلاته :
    الاولى :حضور القلب
    الثانية :شهود العقل
    الثالثة :خضوع الاركان
    الرابعة :خشوع الجوارح
    فمن صلى بلا حضور القلب فهو مصل لاه ،ومن صلى بلا شهود عقل فهو مصل ساه ،ومن صلى بلا خضوع الاركان فهو مصل جاف ،ومن صلى بلا خشوع الجوارح فهو مصل خاطئ ،ومن صلى بهذه الاركان فهو مصل واف
    قوله صلى الله عليه وسلم(انما الاعمال بالنيات )):اراد به اعمال الطاعات دون اعمال المباحات
    قال الحارث المحاسبى :الاخلاص لا يدخل فى مباح ،لانه لا يشتمل على قربة ولا يؤدى الى قربة ،كرفع البنيان لا لغرض بل لغرض الرعونة ،اما اذا كان لغرض كالمساجد والقناطر والاربطة فيكون مستحبا .قال :ولا اخلاص فى محرم ولا مكروه ،كمن ينظر الى مالايحل له النظر اليه ويزعم انه ينظر اليه ليتفكر فى صنع الله تعالى ،كالنظر الى الامرد ،وهذا لا اخلاص فيه بل لاقرابة البته .قال :فالصدق فى وصف العبد فى استواء السر والعلانية والظاهر والباطن والصدق يتحقق بتحقق جميع المقامات والاحوال ،حتى ان الاخلاص يفتقر الى الصدق ،والصدق لا يفتقر الى شئ ،لان حقيقة الاخلاص هو ارادة الله تعالى بالطاعة فقد يريد الله بالصلاة ولكنه غافل عن حضور القلب اليه
    والصدق هو ارادة الله بالعبادة مع حضور القلب اليه فكل صادق مخلص وليس كل مخلص صادق ،وهو معنى الاتصال والانفصال ،لانه انفصل عن الله واتصل بالحضور بالله
    وهو معنى التخلى عما سوى الله ،والتحلى بالحضور بين يدى الله سبحانه.
    قوله صلى الله عليه وسلم ((انما الاعمال ))يحتمل :انما صحة الاعمال ،او تصحيح الاعمال او قبول الاعمال ،او كمال الاعمال وبهذا اخذ الامام ابو حنيفة رحمه الله تعالى ،ويستثنى من الاعمال ،ماكان من قبيل التروك ؛كازاله النجاسة ورد المغصوب والعوارى ،وايصال الهدية وغير ذلك فلا تتوقف صحتها على النية المصصحة ،لكن يتوقف الثواب فيها على نية التقرب ،ومن ذلك ما اذا اطعم دابته ان قصد باطعامها امتثال امر الله تعالى فانه يثاب ،وان قصد باطعامها حفظ المالية فلا ثواب .ذكره القرافى ،ويستثنى من ذلك فرس المجاهد اذا ربطها فى سبيل الله فانها اذا شربت –وهو لا يريد سقيها –اثيب على ذلك كما فى صحيح البخارى وكذلك الزوجة وكذلك اغلاق الباب واطفاء المصباح عند النوم اذا قصد به امتثال امر الله اثيب وان قصد به امرا اخر فلا
    واعلم ان النية لغة :القصد يقال :نواك الله بخير ،اى قصدك به
    والنية شرعا :قصد الشئ مقترنا بفعله فان قصد وتراخى عنه فهو عزم وشرعت النية لتمييز العادة من العبادة او لتمييز رتب العبادة بعضها عن بعض
    مثال الاول :الجلوس فى المسجد قد يقصد للاستراحة فى العادة وقد يقصد للعبادة بنية الاعتكاف فالمميز بين العبادة والعادة هو النية وكذلك الغسل قد يقصد به تنظيف البدن فى العادة وقد يقصد به العبادة فالمميز هو النية والى هذا المعنى اشار النبى صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الرجل يقاتل رياء ويقاتل حمية ويقاتل شجاعة اى ذلك فى سبيل الله ؟فقال ))من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله تعالى ))
    ومثال الثانى :وهو المميز رتب العبادة :فمن صلى اربع ركعات ،قد يقصد ايقاعها عن صلاة الظهر وقد يقصد ايقاعا عن السنن فالمميز هو النية وكذلك العتق قد يقصد به الكفارة وقد يقصد به غيرها كالنذر ونحوه فالمميز هو النية
    وفى قوله صلى الله عليه وسلم ))وانما لكل امرئ مانوى ))دليل على انه لا تجوز النيابة فى العبادات ولا التوكيل فى نفس النية وقد استثنى من ذلك تفرقة الزكاة وذبحالاضحية فيجوز التوكيل فيهما فى النية والذبح والتفرقة مع القدرة على النية وفى الحج لا يجوز ذلك مع القدرة ،ودفع الدين اما اذا كان على جهة واحدة لا يحتاج الى نية ،وان كان على جهتين كمن عليه الفان باحدهما رهن فادى الفا وقال :جعلته عن الف الرهن صدق ،فان لم ينو شيئا حالة الدفع نوى بعد ذلك ،وجعله عما شاء .وليس له نية تتاخر عن العمل وتصلح الا هنا
    وقوله صلى الله عليه وسلم ((فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ اِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فهِجْرَتُهُ اِلَى الله ِوَرَسُولِهِ،وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَة يَنْكِحُهَا فَهِجْرِتُهُ اِلَى مَا هَاجَرَ اِلَيْهِ))
    اصل المهاجرة المجافاة والترك .فاسم الهجرة يقع على امور :
    الاول :هجرة الصحابة –رضى الله عنهم- من مكة الى الحبشة :حين اذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم ففروا الى النجاشى ،وكانت هذه الهجرة بعد البعثة بخمس سنين .قاله البيهقى .
    الهجرة الثانية :من مكة الى المدينة :وكانت هذه بعد البعثة بثلاث عشرة سنة وكان يجب على كل مسلم بمكة ان يهاجر الى الرسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة
    واطلق جماعة ان الهجرة كانت واجبة من مكة الى المدينة ،هذا ليس على اطلاقه ،فانه لا خصوصية للمدينة وانما الواجب الهجرة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
    قال ابن العربى :قسم العلماء رضى الله عنهم الذهاب فى الارض :هربا ،وطلبا فالاول ينقسم الى ستة اقسام :
    الاول :الخروج من دار الحرب الى دار الاسلام وهى باقية الى يوم القيامة والتى انقطعت بالفتح فى قوله صلى الله عليه وسلم ((لا هجرة بعد الفتح))هى القصد الى رسول الله حيث كان
    الثانى :الخروج من ارض البدعة .قال ابن القاسم :سمعت ملكا يقول لا يحل لاحد ان يقيم بارض يسب فيها السلف
    الثالث :الخروج من ارض يغلب عليها الحرام ،فان طلب الحلال فريضة على كل مسلم
    الرابع :الفرار من الاذية فى البدن وذلك فضل من الله تعالى ارخص فيه فاذا خشى على نفسه من مكان فقد اذن الله تعالى له فى الخروج عنه والفرار بنفسه يخلصها من ذلك المحذور واول من فعل ذلك ابراهيم عليه السلام حين خاف من قومه ((انى مهاجر الى ربى ))وقال تعالى مخبرا عن موسى عليه السلام ((فخرج منها خائفا يترقب ))
    الخامس :الخروج خوف المرض من البلاد الوخمة الى ارض النزهة وقد اذن صلى الله عليه وسلم للعرنيين فى ذلك حين استوخموا المدينة ان يخرجوا الى المرج
    السادس :الخروج خوفا من الاذية فى المال فان حرمة مال المسلم كحرمة دمه واما قسم الطلب فانه ينقسم الى عشرة ؛طلب دين ؛وطلب دنيا
    وطلب الدين ينقسم الى تسعة انواع :
    القسم الاول :سفر العبرة ؛قال الله تعالى ((اولم يسيروا فى الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ))وقد طاف ذو القرنين فى الدنيا ليرى عجائبها
    القسم الثانى :سفر الحج
    القسم الثالث :سفر الجهاد
    القسم الرابع :سفر المعاش
    القسم الخامس :سفر التجارة والكسب الزائد على القوت ،وهو جائز لقوله تعالى ((ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم ))
    القسم السادس :طلب العلم
    القسم السابع :قصد البقاع الشريفة ،قال صلى الله عليه وسلم (( لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد ))
    القسم الثامن :قصد الثغور للرباط بها
    القسم التاسع :زيارة الاخوان فى الله تعالى ،قال صلى الله عليه وسلم ((ان رجلا زار اخا له فى قرية اخرى فرصد الله له على مدرجته ملكا .فلما اتى عليه قال :اين تريد ؟قال :اريد اخا لى فى هذه القرية :قال :هل لك عليه من نعمة تريدها ؟قال :لا ،غير انى احببته فى الله عز وجل .قال :فانى رسول الله اليك بان الله قد احبك كما احببته فيه ))
    الهجرة الثالثة :هجرة القبائل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعلموا الشرائع :ويرجعوا الى قومهم فيعلموهم
    الهجرة الرابعة:هجرة من اسلم من اهل مكة :لياتى النبى صلى الله عليه وسلم ثم يرجع الى قومه
    الهجرة الخامسة :الهجرة من بلاد الكفر الى بلاد الاسلام :فلا يحل للمسلم الاقامة بدار الكفر .قال المارودى :فان صار له باهل وعشيرة وامكنه اظهار دينه لم يجز له ان يهاجر ،لان المكان الذى هو فيه صار دار اسلام
    الهجرة السادسة :هجرة المسلم اخاه فوق ثلاث بغير سبب شرعى :وهى مكروهة فى الثلاث :وفيما زاد حرام الا لضرورة وحكى ان رجلا هجر اخاه ثلاثة ايام فكتب اليه هذه الابيات فقال :
    ياسيدى عندك لى مظلمة فاستفت فيها ابن ابى خثيمة
    فانه يرويه عن جده ماقد روى عن الضحاك عن عكرمة
    عن ابن عباس عن المصطفى نبينا المبعوث بالمرحمة
    ان صدود الالف عن الفه فوق ثلاث ربنا حرمه
    الهجرة السابعة :هجرة الزوج الزوجة اذا تحقق نشوزها :قال تعالى ))واهجروهن فى المضاجع ))ومن ذلك هجرة اهل المعاصى المكان والكلام وجواب السلام وابتدائه
    الهجرة الثامنة :هجرة مانهى الله عنه وهى اعم الهجرة
    قوله صلى الله عليه وسلم ((،فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ اِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ))
    اى نية وقصدا ،(( فهِجْرَتُهُ اِلَى الله ِوَرَسُولِهِ))حكما وشرعا ،(( وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَاالخ))
    نقلوا ان رجلا هاجر من مكة الى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة وانما هاجر ليتزوج امرأة تسمى ام قيس فسمى ((مهاجر ام قيس ))
    فان قيل :النكاح من مطلوبات الشرع فلم كان من مطلوبات الدنيا ؟
    قيل فى الجواب :انه لم يخرج فى الظاهر لها وانما خرج فى الظاهر للهجرة ،فلما ابطن خلاف ما اظهر استحق العتاب واللوم وقس بذلك من خرج فى الصورة الظاهرة لطلب الحج وقصد التجارة وكذلك الخروج لطلب العلم اذا قصد به حصول رياسة او ولاية
    قوله صلى الله عليه وسلم ((فَهِجْرِتُهُ اِلَى مَا هَاجَرَ اِلَيْهِ))يقتضى انه لا ثواب لمن قصد بالحج التجارة والزيارة ،وينبغى حمل الحديث على ما اذا كان المحرك او الباعث له على الحج انما هو التجارة فان كان الباعث له الحج فله الثواب ،والتجارة تبع له الا انه ناقص الاجر عمن اخرج نفسه للحج وان كان الباعث له كليهما فيحتمل حصول الثواب ،لان هجرته لم تتمحض للدنيا ،لكن الحديث رتب فيه الحكم على القصد المجرد ،فاما من قصدهما لم يصدق عليه انه قصد الدنيا فقط ،والله سبحانه وتعالى اعلم

  8. #8

    الصورة الرمزية أم مودة

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    755
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    رائع
    جزاك الله كل خير
    فى إنتظار الباقى
    ^^لو تعملى فواصل بين الكلمات اللى نسيتيها
    يبدو إنك مشغوله الله يعينك

  9. #9

    الصورة الرمزية ღ ليـــان ღ

    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المـشـــاركــات
    4,099
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    وعليكم السلام ورحمة الله

    موضوع رائع .. تشكرين عليه غاليتي
    بارك الله فيكِ ..
    والشكر أيضاً لـ الدوبااااااا الليدي ع الفواصل الجونـاااان


    وننتظر منكِ البقيه ..

  10. #10

    الصورة الرمزية أبو رويم

    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المـشـــاركــات
    4,560
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    جزاك الله خيرا أختى على الحديث الأول وشرحه
    وننتظر منك باقى الأحاديث إن شاء الله

  11. #11


    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المـشـــاركــات
    553
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    وعليكم السـلام ورحمـة الله وبركاتــه،،،
    أثابكِ الله و رزقكِ الأجر و المثوبة ،، مجهود مبارك
    القلب الحاضر يكون صاحبه عابد ،فشعور المؤمن باطلاع الله على نيته وعمله ، يثير في
    حسه مشاعر حية متنوعة تقوده إلى إخلاص العمل كله لله
    قال ابن القيم رحمه الله فالأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها ، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في
    القلوب ، فتكون صورة العملين واحدة وبينهما من التفاضل كما بين السماء و الأرض
    اللهم اجعل أعمالنا كلها صالحة، ولوجهك خالصة، ولا تجعل لأحدٍ منها شيئاً

  12. #12

    الصورة الرمزية Fifa san

    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المـشـــاركــات
    6,249
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    ما شاء الله عليك رحمة
    والله همتك عالية
    وموضوع في غاية الأهمية
    الله لا يحرمك الأجر
    وواصلي تميزك والى الأمام دائما
    وبانتظار شرح بقية الأحاديث
    جزاك الله خيرا

  13. #13

    الصورة الرمزية أبو رويم

    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المـشـــاركــات
    4,560
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    السلام عليكم ورحمة الله
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحديث الثانى وهو حديث ( بينما نحن جلوس عند رسول الله)


    الحديث الثاني
    عن عمر (رضي الله عنه) أيضاً قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمّد أخبرني عن الإسلام؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً"، قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدّقه، قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك". قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل"، قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: "أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان"، ثم انطلق. فلبثت ملياً، ثم قال: "يا عمر أ تدري من السائل؟" قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "فإنه جبريل أتاكم يعلّمكم دينكم".
    (رواه مسلم)



    قوله صلى الله عليه وسلم : أخبرني عن الإيمان : الإيمان في اللغة : هو مطلق التصديق ، وفي الشرع : عبارة عن تصديق خاص ، وهو التصديق بالله ، وملائكته وكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره . وأما الإسلام فهو عبارة عن فعل الواجبات، وهو الانقياد إلى عمل الظاهر . قد غاير الله تعالى بين الإيمان والإسلام كما في الحديث ، قال الله تعالى :{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤِْمُنوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات :14].وذلك أنَّ المنافقين كانوا يصلون ويصومون ويتصدقون ، وبقلوبهم ينكرون، فلما ادَّعوا الإيمان كذَّبَهم الله تعالى في دعواهم الإيمان لإنكارهم بالقلوب،وصدقهم في دعوى الإسلام لتعاطيهم إياه . وقال الله تعالى: {إِذا جاءك المنافقون قالوا نشهدُ إنكَ لَرَسُولُ اللهِ واللهُ يعلمُ إنَّك لرسولُهُ واللهُ يَشْهَدُ إنَّ المنافقينَ لكَاذبونَ} [المنافقون :1]. أي في دعواهم الشهادة بالرسالة مع مخالفة قلوبهم ، لأن ألسنتهم لم تواطىء قلوبهم ،وشرط الشهادة بالرسالة : أن يواطىء اللسان القلب فلما كذبوا في دعواهم بَّين الله تعالى كذبهم ، ولما كان الإيمان شرطاً في صحة الإسلام استثنى الله تعالى من المؤمنين المسلمين قال الله تعالى : { فأخرجْنا مَنْ كَانَ فيها مِنَ المؤمنينَ فما وَجَدْنَا فيها غير بَيْتٍ مِنَ المسِْلمِينَ} [الذاريات : 35- 36] فهذا استثناء متصل لما بين الشروط من الاتصال ولهذا سمى الله تعالى الصلاة : إيماناً :قال الله تعالى : { وََمَا كَانَ اللهُ ليضيع إيمانكم} [البقرة : 143]. وقال تعالى : {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} [الشورى :52] أي الصلاة .

    قوله صلى الله عليه وسلم : (( وتؤمن بالقدر خيره وشره)) بفتح الدال وسكونها لغتان ، ومذهب أهل الحق : إثبات القدر ، ومعناه أن الله سبحانه وتعالى قدر الأشياء في القدم ، وعلم سبحانه وتعالى أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى ، وفي أمكنة معلومة وهي تقع على حسب ما قدره الله سبحانه وتعالى . واعلم أن التقادير أربعة :
    (الأول) التقدير في العلم ولهذا قيل : العناية قبل الولاية ، والسعادة قبل الولادة ،واللواحق مبنية على السوابق ، قال الله تعالى {يؤفك عنه من أُفِكَ} [الذاريات :9] أي يصرف عن سماع القرآن وعن الإيمان به في الدنيا من صرف عنه في القدم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يهلك الله إلا هالكاً)) أي من كتب في علم الله تعالى أنه هالك .
    (الثاني) التقدير في اللوح المحفوظ ، وهذا التقدير يمكن أن يتغير قال الله تعالى : {يمحو الله ما يشاءُ ويثبت وعنده أم الكتاب} [الرعد :39] وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان يقول في دعائه : (( اللهم إن كنت كتبتني شقياً فامحني واكتبني سعيداً)).
    (الثالث) التقدير في الرحم ، وذلك أن الملك يؤمر بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد .
    (الرابع ) التقدير وهو سوق المقادير إلى المواقيت ، والله تعالى خلق الخير والشر وقدر مجئيه إلى العبد في أوقات معلومة .و الدليل على أن الله تعالى خلق الخير والشر قوله تعالى:{ إن المجرمين في ضلال وَسُعُرُ * يوم يُسحَبون في النار على وجوهِهمْ ذوقوا مَسَّ سَقَر * إنَّا كلَّ شي خلقناهُ بقَدَرِ} [القمر 47-49] نزلت هذه الأية في القدرية ، يقال لهم ذلك في جهنم، وقال تعالى { قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق} [الفلق 1-2]. وهذا القسم إذا حصل اللطف بالعبد صرف عنه قبل أن يصل إليه .
    وفي الحديث : (( إن الصدقة وصلة الرحم تدفع ميتة السوء وتقلبه سعادة )).
    وفي الحديث ( إن الدعاء والبلاء بين السماء والأرض يقتتلان ، ويدفع الدعاء البلاء قبل أن ينزل)).
    وزعمت القدرية : أن الله تعالى لم يقدر الأشياء في القدم ، ولا سبق علمه بها ، وأنها مستأنفة ، وأنه تعالى يعلمها بعد وقوعها ، وكذبوا على الله سبحانه وتعالى جلَّ عن إقوالهم الكاذبة وتعالى علواً كبيراً ، وهؤلاء انقرضوا وصارت القدرية في الأزمان المتأخرة يقولون : الخير من الله والشر من غيره ، تعالى الله عن قولهم ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( القدرية مجوس هذه الأمة)) . سماهم مجوساً لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس ، وزعمت الثنوية أن الخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة فصاروا ثنوية ، كذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله والشر إلى غيره وهو تعالى خالق الخير والشر .

    قال إمام الحرمين في كتاب ((الإرشاد)) إن بعض القدرية تقول : لسنا بقدرية بل أنتم القدرية لاعتقادكم أخبار القدر ،و رد على هؤلاء الجهلة بأنهم يضيفون القدر إلى أنفسهم ، ومن يدعي الشر لنفسه ويضيفه إليها أولى بأن ينسب إليه ممن يضيفه لغيره وينفيه عن نفسه .

    قوله صلى الله عليه وسلم : فأخبرني عن الإحسان قال : (( الأحسان أن تعبد الله كأنك تراه )) وهذا مقام المشاهدة لأن من قدر أن يشاهد الملك استحى أن يلتفت إلىغيره في الصلاة وأن يشغل قلبه بغيره ومقام الإحسان مقام الصديقين وقد تقدم في الحديث الأول الإشارة إلى ذلك .

    قوله صلى الله عليه وسلم : ((فإنه يراك)) غافلاً إن غفلت في الصلاة وحدثت النفس فيها .

    قوله صلى الله عليه وسلم : فأخبرني عن الساعة فقال : (( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)) هذا الجواب على أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعلم متى الساعة؟ بل علم الساعة مما استأثر الله تعالى به ، قال الله تعالى : { إن الله عنده علم الساعة} [لقمان:34]. وقال تعالى : {ثقلت في السماوات والأرض ، لا تأتيكم إلا بغتة} [الإعراف:187}.وقال تعالى :{ وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً} [الأحزاب:63].
    ومن ادعى أن عمر الدنيا سبعون ألف سنة وأنه بقي منها ثلاثة وستون ألف سنة فهو قول باطل حكاه الطوخي في ((أسباب التنزيل)) عن بعض المنجمين وأهل الحساب ، ومن ادعى أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة فهذا يسوف على الغيب ولا يحل اعتقاده.

    قوله صلى الله عليه وسلم : فأخبرني عن أماراتها قال : (( أن تلد الأمة ربتها)) الأمار والأمارة بإثبات التاء وحذفها لغتان ، وروي ربها وربتها ، قال الأكثرون هذا إخبار عن كثرة السراري وأولادهن ، فإن ولدها من سيدها بمنزلة سيدها لأن مال الإنسان صائر إلى ولده ، وقيل معناه الإماء يلدن الملوك فتكون أمة من جملة رعيته ، ويحتمل أن يكون المعنى : أن الشخص يستولد الجارية ولداً ويبيعها فيكبر الولد ويشتري أمه ، وهذا من أشراط الساعة.

    قوله صلى الله عليه وسلم : (( وأن ترى الحفاة العراة العالة ، رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)) إذ العالة هم الفقراء ، والعائل الفقير ، والعيلة الفقر وعال الرجل يعيل عيلة أي افتقر . والرعاء بكسر الراء وبالمد ويقال فيه رعاة بضم الراء وزيادة تاء بلا مد معناه أن أهل البادية وأشباهم من أهل الحاجة والفاقة يترقون في البنيان والدنيا تبسط لهم حتى يتباهوا في البنيان .
    قوله : (( فلبث مليا )) هو بفتح الثاء على أنه للغائب ، وقيل : فلبثت بزيادة تاء المتكلم وكلاهما صحيح . وملياً بتشديد الياء معناه وقتاً طويلاً.وفي رواية أبي داود والترمذي أنه قال : بعد ثلاثة أيام . وفي (( شرح التنبيه)) للبغوي أنه قال : بعد ثلاثة فأكثر ، وظاهر هذا أنه بعد ثلاث ليال. وفي ظاهر هذا مخالفة لقول أبي هريرة في حديثه ، ثم أدبر الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ردوا علىَّ الرجل)) فأخذوا يردونه فلم يروا شيئاً فقال صلى الله عليه وسلم : (( رودا علىَّ الرجل)) فأخذوا يرودنه فلم يروا شيئاً فقال صلى الله عليه وسلم ( هذا جبريل)) فيمكن الجمع بينهما بأن عمر رضي الله عنه لم يحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم لهم في الحال ، بل كان قد قام من المجلس فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم الحاضرين في الحال ، وأخبروا عمر بعد ثلاث إذ لم يكن حاضراً عن إخبار الباقين .

    وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (( هذا جبريل آتاكم يعلمكم أمر دينكم)) ، فيه دليل على ان الإيمان ،و الإسلام ،و الإحسان ، تسمى كلها ديناً ، وفي الحديث دليل على أن الإيمان بالقدر واجب ، وعلى ترك الخوض في الأمور ، وعلى وجوب الرضا بالقضاء . دخل رجل على ابن حنبل رحمه الله . فقال : عظني . فقال له : إن كان الله تعالى قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا ؟ وإن كان الخلف على الله حقاً فالبخل لماذا ؟ وإن كانت الجنة حقاً فالراحة لماذا ؟ وإن كان سؤال منكر ونكير حقاً فالأنس لماذا؟وإن كانت الدنيا فانية فالطمأنينة لماذا ؟ وإن كان الحساب حقاً فالجمع لماذا ؟ وإن كان كل شيء بقضاء وقدر فالخوف لماذا ؟

    (فائدة) ذكر صاحب (( مقامات العلماء)) أن الدنيا كلها مقسومة على خمسة وعشرين قسماً : خمسة بالقضاء والقدر ، وخمسة بالاجتهاد ، وخمسة منها بالعادة ، وخمسة بالجوهر ، وخمسة بالوراثة . فأما الخمسة التي بالقضاء والقدر : فالرزق ، والولد ، والأهل ، والسلطان ، والعمر . والخمسة التي بالاجتهاد : فالجنة ، والنار ن والعفة ،و الفروسية ، والكتابة . والخمسة التي بالعادة : فالأكل ، والنوم ، والمشي ،و النكاح ،و التغوط .و الخمسة التي بالجوهر : فالزهد ، والزكاة ، والبذل ، والجمال ،و الهيبة. والخمسة التي بالوراثة : فالخير ، والتواصل ، والسخاء والصدق ،و الأمانة .وهذا كله لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم (( كل شيء بقضاء وقدر)). وإنما معناه : أن بعض هذه الأشياء يكون مرتباً على سبب ،وبعضها يكون بغير سبب ، والجميع بقضاء وقدر .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو رويم ; 28-4-2010 الساعة 01:59 PM

  14. #14

    الصورة الرمزية أبو رويم

    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المـشـــاركــات
    4,560
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحديث الثالث (بنى الإسلام على خمس)




    الحديث الثالث
    عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "بني الإسلام على خمسٍ؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان". (رواه البخاري ومسلم)






    قوله صلى الله عليه وسلم : (( بني الإسلام على خمس)) أي فمن أتى بهذه الخمس فقد تم إسلامه ، كما أن البيت يتم بأركانه كذلك الإسلام يتم بأركانه وهي خمس ، وهذا بناء معنوي شبه بالحسي ، ووجه الشبه أن البناء الحسي إذا انهدم بعض أركانه لم يتم ، فكذلك البناء المعنوي ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( الصلاة عماد الدين فمن تركها فقد هدم الدين)) ،و كذلك يقاس البقية.
    وقد ضرب الله مثلاً للمؤمنين والمنافقين فقال تعالى : { أفمن أسس بُنيانَهُ على تقوى مِنَ الله ورضوان خيُر أم من أسس بنيانه على شفا جُرُف هارٍ فانهارَ به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين }
    [التوبة109]. شبه بناء المؤمن بالذي وضع بنيانه على وسط طود أي : جبل راسخ ،وشبه بناء الكافر بمن وضع بنيانه على طرف جرف بحر هار ، لا ثبات له فأكله البحر فانهار الجرف فانهار بنيانه فوقع به في البحر ، فغرق ، فدخل جهنم .

    قوله صلى الله عليه وسلم: (( بني الإسلام على خمس)) أي بخمس على أن تكون على : بمعنى الباء وإلا فالمبني غير المبنى عليه فلو أخذنا بظاهره لكانت الخمسة خارجة عن الإسلام وهو فاسد ، ويحتمل أن تكون بمعنى من كقوله تعالى { إلا على أزواجهم}. [المؤمنون:6والمعارج :30]. أي من أزواجهم . الخمسة المذكورة في الحديث أصول البناء وأما التتمات المكملات كبقية الواجبات وسائر المستحبات فهي زينة للبناء . وقد ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله ، قالوأدناها إماطة الأذى عن الطريق)).

    قوله صلى الله عليه وسلم: (( وحج البيت وصوم رمضان)). هكذا جاء في هذه الرواية بتقديم الحج على الصوم ، وهذا من باب الترتيب في الذكر دون الحكم ، لأن صوم رمضان وجب قبل الحج وقد جاء في الرواية الأخرى تقديم الصوم على الحج.

  15. #15

    الصورة الرمزية سُلوان

    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المـشـــاركــات
    2,001
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    اوه جزاك الله خيرا يا ابو رويم
    بارك الله فيك وفى همتك
    ان قدر الله لى ساكمل معك

  16. #16

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    جزاك الله خيرا
    يارحمه
    وبارك الله فيك
    واثابك خير الثواب على اعمالك
    وجعلها فى ميزان حسناتك
    وأعلى من همتك
    وثبتك
    وتقبلى مرورى

  17. #17

    الصورة الرمزية أبو رويم

    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المـشـــاركــات
    4,560
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    الحديث الرابع

    (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما)ً


    عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: حدّثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفةً ثم يكون علقةً مثل ذلك ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكَتْب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالله الذي لا إله غيره إن أحد كم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها".
    (رواه البخاري ومسلم)



    قوله :وهو الصادق المصدوق ، أي شهد الله له بأنه الصادق ، والمصدوق بمعنى المصدق فيه.

    قوله صلى الله عليه وسلم (( يجمع خلقه في بطن أمه)) يحتمل أن يراد أن يجمع بين ماء الرجل والمرأة فيخلق منهما الولد كما قال الله تعالى : { خلق من ماء دافق * يَخْرُج من بين الصلب والترائب} [الطارق:6،7].
    ويحتمل أن المراد أنه يجمع من البدن كله ، وذلك أنه قيل : إن النطفة في الطور الأول تسري في جسد المرأة أربعين يوماً ، وهي أيام التوحمة ، ثم بعد ذلك يجمع ويدر عليها من تربة المولود فتصير علقة ثم يستمر في الطور الثاني فيأخذ في الكبر حتى تصير مضغة ، وسميت مضغة لأنها بقدر اللقمة التي تمضغ ، ثم في الطور الثالث يصور الله تلك المضغ ويشق فيها السمع والبصر والشم والفم ، ويصور في داخل جوفها الحوايا والأمعاء ، قال الله تعالى : { هوالذي يصوَّرُكُم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيزُ الحكيمُ} [آل عمران :6]، ثم إذا تم الطور الثالث وهو أربعون صار للمولود أربعة أشهر نفخت فيه الروح ، قال الله تعالى: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب} يعني أباكم آدم
    { ثم من نطفة} يعني ذريته ، والنطفة المني وأصلها الماء القليل وجمعها نطاف { ثم من علقة} وهو الدم الغليظ المتجمد ، وتلك النطفة تصير دماً غليظاً {ثم من مضغةٍ} وهي لحمة { مُخَلَّقَةٍ وغير مُخَلَّقَةٍ} [الحج:5]. قال ابن عباس مخلقة : أي تامة ، وغير مخلقة أي غيرتامة بل ناقصة الخلق، وقال مجاهد : مصورة وغير مصورة ، يعنيالسقط . وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : (( إن النطفة إذااستقرت في الرحم أخذها الملك بكفه فقال : أي رب مخلقة ، أو غير مخلقة ؟ فإن قال : غير مخلقة ، قذفها في الرحم دماً ولم تكن نسمة ،وإن قال : مخلقة ، قال الملك : أي رب ذكرُ أم أنثى ؟ أشقي أم سعيدُ ؟ ، ما الرزق وما الأجل وبأي أرض تموت ؟ فيقال له اذهب إلى أم الكتاب فإنك تجد فيها كل ذلك . فيذهب فيجدها في أم الكتاب فينسخها فلا تزال معه حتى يأتي إلى آخر صفته)).
    ولهذا قيل : السعادة قبل الولادة .

    قوله صلى الله عليه وسلم : (( فيسبق عليه الكتاب)) أي الذي سبق في العلم ، أو الذي سبق في اللوح المحفوظ ، أو الذي سبق في بطن الأم . وقد تقدم أن المقادير أربعة .

    قوله صلى الله عليه وسلم : (( حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع )) هو تمثيل وتقريب ، والمراد قطعة من الزمان من آخر عمره وليس المراد حقيقة الذراع وتحديده من الزمان ، فإن الكافر إذا قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ثم مات دخل الجنة ، والمسلم إذا تكلم في آخر عمره بكلمة الكفر دخل النار .
    وفي الحديث دليل على عدم القطع بدخول الجنة أو النار ، وإن عمل سائر أنواع البر ، أو عمل سائر أنواع الفسق ، وعلى أن الشخص لا يتكل على عمله ولا يعجب به لأنه لا يدري ما الخاتمة . وينبغي لكل أحد أن يسأل الله سبحانه وتعالى حسن الخاتمة ويسعيذ بالله تعالى من سوء الخاتمة وشر العاقبة . فإن قيل : قال الله تعالى :
    { إن الذين آمنواوعملوا الصالحات إنا لا نُضَيِّع أجر مَن أحسن عملاً}. [الكهف:30] ظاهر الآية أن العمل الصالح من المخلص يقبل ، وإذا حصل القبول بوعد الكريم أمن مع ذلك من سوء الخاتمة .
    فالجواب من وجهين : احدهما أن يكون ذلك معلقاً على شرط القبول وحسن الخاتمة ،و يحتمل أن من آمن وأخلص العمل لا يختم له دائماً إلا بخير ، وأن خاتمة السوء إنما تكون في حق من أساء العمل أو خلطه بالعمل الصالح المشوب بنوع من الرياء والسمعة ويدل عليه الحديث الآخر (( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس )) أي : فيما يظهر لهم صلاح مع فساد سريرته وخبثها ، و الله أعلم .

    وفي الحديث دليل على استحباب الحلق لتأكيد الأمر في النفوس وقد أقسم الله تعالى :
    { فورب السماء والأرض إنه لحق} .[الذاريات:23]،
    وقال الله تعالى :{قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم}. [التغابن:7].

    والله تعالى أعلم .

  18. #18


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

    أين بقية الشروحات يا رحمة ؟؟؟؟

  19. #19

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
    أعتذر إن سمحت لنفسى لهذه الإضافة وإليكم
    شرح حديث " ذهب أهل الدثور بالأجور"

    عن أبي ذر رضي الله عنه : أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم . قال : ( أوليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون ؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة .، ونهي عن منكر صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة ) ، قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ ، قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر ) رواه مسلم .
    الشرح
    يوم أن خلق الله تعالى هذه الدنيا ، بثّ فيها ما يكفل للإنسان عيشا رغيدا وحياة هانئة سعيدة ، إلا أن هذه الحياة على اتساعها وجمال ما فيها مآلها إلى الفناء ، كالزهرة اليانعة في البستان ، سرعان ما تذبل وتسقط أوراقها ، وإنما هيأها الله لبني آدم كي تكون مزرعة للآخرة ، ومجالا واسعا للتنافس على طاعة الله ، والتسابق في ميادين الخير .
    ولقد كان هذا هو همّ الصحابة الأول ، وتطلعهم الأسمى ، فشمّروا عن سواعد الجد ، وانطلقوا مسارعين إلى ربهم ، بقلوب قد طال شوقها إلى الجنة ، ونفوس قد تاقت إلى نعيمها الدائم ، فكان الواحد منهم إذا سمع عن عمل يقرّبه إلى الله ويدنيه من رحمته كان أول الممتثلين له ، عملا بقوله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين } ( آل عمران : 133 ) .
    ولئن كانت ميادين الصلاة والصيام ونحوها مقدورة من أغلب الناس ، إلا أن الصدقة بالمال مقصورة على أغنياء المسلمين القادرين على بذله والجود به ، ومن هنا دخل الحزن قلوب فقراء الصحابة ، إذ فاتهم هذا المضمار من مضامير الخير ، وكلما سمعوا آية أو حديثا يحث الناس على البذل والصدقة ، ويبيّن فضلها وما أعد الله لأهلها ، حزّ ذلك في نفوسهم ، فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاكين له ، ولنعش معا لحظات ماتعة مع هذا الموقف العظيم الذي يرويه لنا أبو ذر رضي الله عنه .
    لقد قال الصحابه : " يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور " ، ولم يكن قولهم هذا انطلاقا من الحسد لإخوانهم ، أو طمعا في الثراء ، ولكنه خرج مخرج الغبطة وتمني حصول الخير ، ليحوزوا المرتبة التي امتاز بها الأغنياء ، ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ) متفق عليه .
    وهنا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ما يدور في نفوس أصحابه من اللهفة إلى الخير ، فعالج ذلك الموقف بكل حكمة ، وبيّن لهم سعة مفهوم الصدقة ، فإنها ليست مقصورة على المال فحسب ، بل تشمل كل أنواع الخير ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ( إن بكل تسبيحة صدقة ) .
    إن ذكر الله تعالى من التكبير والتسبيح والتهليل والتحميد ، هو من الباقيات الصالحات التي ذكرها الله تعالى في قوله : { والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } ( الكهف : 46 ) ، وقد وردت نصوص كثيرة تدل على فضل الذكر ، ففي مسند أحمد وعند الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم ؟ ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا :بلى يا رسول الله . قال : ذكر الله عز وجل ) وقال أبو الدرداء راوي الحديث : " لأن أقول الله أكبر مائة مرة ، أحبّ إليّ من أن أتصدق بمائة دينار " ، وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) رواه مسلم . فذكر الله من أعظم صدقات العبد على نفسه .
    وفي الجانب الآخر : فإن دعوة الناس إلى التزام الأوامر وترك النواهي إنما هو صدقة متعدية إلى أفراد المجتمع ، ودليل على خيرية هذه الأمة ، كما قال الله عزوجل في كتابه : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } ( آل عمران : 110 ) ، وهذا النوع من الصدقة واجب على كل أفراد الأمة كلٌّ بحسبه ، علاوة على أنه ضمان لسلامتها وتصحيح مسارها .
    ويجدر بنا أن نشير إلى أن أبواب الخير غير مقصورة على ما ورد في الحديث ، بل وردت أعمال أخرى أخذت وصف الصدقة : منها التبسم في وجه الأخ ، وعزل الشوكة أو الحجر عن طريق الناس ، وإسماع الأصم والأبكم حتى يفهم ، وإرشاد الأعمى الطريق ، والسعي في حاجة الملهوف ، ونفقة الرجل على أهله ، بل كل ما هو داخل في لفظة ( المعروف ) يعتبر صدقة من الصدقات إما على النفس أو على المجتمع .
    ثم تتضح سعة فضل الله تعالى على عباده ، حينما رتّب الأجر والثواب على ما يمارسه الإنسان في يومه وليلته مما هو مقتضى فطرته وطبيعته ، وذلك إذا أخلص فيه النية لربه ، واحتسب الأجر والثواب ، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرء إذا أتى أهله ، ونوى بذلك إعفاف نفسه وأهله عن الحرام ، والوفاء بحق زوجته ، وطلب الذرية الصالحة التي تكون ذخرا له بعد موته ، فإنه يؤجر على هذه النيّة .
    وهكذا يتسع مفهوم الصدقة ليشمل العادات التي يخلص أصحابها في نياتهم ، فهي دعوة إلى احتساب الأجر عند كل عمل ، واستحضار النية الصالحة عند ممارسة الحياة اليوميّة ، نسأل الله أن يعيننا على طاعته .
    والله تعالى أعلى وأعلم
    ودمتم بحفظ الله ورعايته
    التعديل الأخير تم بواسطة معتزة بديني ; 12-6-2010 الساعة 03:52 PM

  20. #20


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: شرح الاربعين النووية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معتزة بدينى مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
    أعتذر إن سمحت لنفسى لهذه الإضافة وإليكم
    شرح حديث " ذهب أهل الدثور بالأجور"

    عن أبي ذر رضي الله عنه : أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم . قال : ( أوليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون ؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة .، ونهي عن منكر صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة ) ، قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ ، قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر ) رواه مسلم .
    الشرح
    يوم أن خلق الله تعالى هذه الدنيا ، بثّ فيها ما يكفل للإنسان عيشا رغيدا وحياة هانئة سعيدة ، إلا أن هذه الحياة على اتساعها وجمال ما فيها مآلها إلى الفناء ، كالزهرة اليانعة في البستان ، سرعان ما تذبل وتسقط أوراقها ، وإنما هيأها الله لبني آدم كي تكون مزرعة للآخرة ، ومجالا واسعا للتنافس على طاعة الله ، والتسابق في ميادين الخير .
    ولقد كان هذا هو همّ الصحابة الأول ، وتطلعهم الأسمى ، فشمّروا عن سواعد الجد ، وانطلقوا مسارعين إلى ربهم ، بقلوب قد طال شوقها إلى الجنة ، ونفوس قد تاقت إلى نعيمها الدائم ، فكان الواحد منهم إذا سمع عن عمل يقرّبه إلى الله ويدنيه من رحمته كان أول الممتثلين له ، عملا بقوله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين } ( آل عمران : 133 ) .
    ولئن كانت ميادين الصلاة والصيام ونحوها مقدورة من أغلب الناس ، إلا أن الصدقة بالمال مقصورة على أغنياء المسلمين القادرين على بذله والجود به ، ومن هنا دخل الحزن قلوب فقراء الصحابة ، إذ فاتهم هذا المضمار من مضامير الخير ، وكلما سمعوا آية أو حديثا يحث الناس على البذل والصدقة ، ويبيّن فضلها وما أعد الله لأهلها ، حزّ ذلك في نفوسهم ، فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاكين له ، ولنعش معا لحظات ماتعة مع هذا الموقف العظيم الذي يرويه لنا أبو ذر رضي الله عنه .
    لقد قال الصحابه : " يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور " ، ولم يكن قولهم هذا انطلاقا من الحسد لإخوانهم ، أو طمعا في الثراء ، ولكنه خرج مخرج الغبطة وتمني حصول الخير ، ليحوزوا المرتبة التي امتاز بها الأغنياء ، ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ) متفق عليه .
    وهنا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ما يدور في نفوس أصحابه من اللهفة إلى الخير ، فعالج ذلك الموقف بكل حكمة ، وبيّن لهم سعة مفهوم الصدقة ، فإنها ليست مقصورة على المال فحسب ، بل تشمل كل أنواع الخير ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ( إن بكل تسبيحة صدقة ) .
    إن ذكر الله تعالى من التكبير والتسبيح والتهليل والتحميد ، هو من الباقيات الصالحات التي ذكرها الله تعالى في قوله : { والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } ( الكهف : 46 ) ، وقد وردت نصوص كثيرة تدل على فضل الذكر ، ففي مسند أحمد وعند الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم ؟ ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا :بلى يا رسول الله . قال : ذكر الله عز وجل ) وقال أبو الدرداء راوي الحديث : " لأن أقول الله أكبر مائة مرة ، أحبّ إليّ من أن أتصدق بمائة دينار " ، وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) رواه مسلم . فذكر الله من أعظم صدقات العبد على نفسه .
    وفي الجانب الآخر : فإن دعوة الناس إلى التزام الأوامر وترك النواهي إنما هو صدقة متعدية إلى أفراد المجتمع ، ودليل على خيرية هذه الأمة ، كما قال الله عزوجل في كتابه : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } ( آل عمران : 110 ) ، وهذا النوع من الصدقة واجب على كل أفراد الأمة كلٌّ بحسبه ، علاوة على أنه ضمان لسلامتها وتصحيح مسارها .
    ويجدر بنا أن نشير إلى أن أبواب الخير غير مقصورة على ما ورد في الحديث ، بل وردت أعمال أخرى أخذت وصف الصدقة : منها التبسم في وجه الأخ ، وعزل الشوكة أو الحجر عن طريق الناس ، وإسماع الأصم والأبكم حتى يفهم ، وإرشاد الأعمى الطريق ، والسعي في حاجة الملهوف ، ونفقة الرجل على أهله ، بل كل ما هو داخل في لفظة ( المعروف ) يعتبر صدقة من الصدقات إما على النفس أو على المجتمع .
    ثم تتضح سعة فضل الله تعالى على عباده ، حينما رتّب الأجر والثواب على ما يمارسه الإنسان في يومه وليلته مما هو مقتضى فطرته وطبيعته ، وذلك إذا أخلص فيه النية لربه ، واحتسب الأجر والثواب ، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرء إذا أتى أهله ، ونوى بذلك إعفاف نفسه وأهله عن الحرام ، والوفاء بحق زوجته ، وطلب الذرية الصالحة التي تكون ذخرا له بعد موته ، فإنه يؤجر على هذه النيّة .
    وهكذا يتسع مفهوم الصدقة ليشمل العادات التي يخلص أصحابها في نياتهم ، فهي دعوة إلى احتساب الأجر عند كل عمل ، واستحضار النية الصالحة عند ممارسة الحياة اليوميّة ، نسأل الله أن يعيننا على طاعته .
    ودمتم بحفظ الله ورعايته




    لا بأس يا عزيزة الدين فقد كنا نترقب بقية الشرح ، فاجتهدي يا رعاكِ الله

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...