اليكم:
~.~.~.~.~.~
((إنني أسمع صوت تغريد خافت, هل يا ترى أشرقت الشمس؟ هل يا ترى نحن في الصباح؟ هل يا ترى... وصل البريد؟)) أتجه مسرعة إلى صندوق البريد, لأجدها موجودة: ((إنني مترددة, مترددة جداً, فأنا أريد قراءة كلماتها, ولكني أخشى من أن لا تكون الرسالة منها, فأبقى ضائعة, لابد من معرفة ذلك)) أخطفها مسرعة, ويدي تتعرق وترتجف بشدة, أحملها معي إلى المنزل, وقلبي يدق كما لو لم يدق من قبل, أجلس على أقرب كرسي, وأفتحها...
~.~.~.~.~.~
((قرة عيني وعزيزتي الغالية ميساء:
أكتب لك سطور رسالتي بحزن بالغ وأسىً عظيم, داعية المولى عز وجل أن يفرّج همّك وينفّس كربك برحمته وقدرته, وبعد..))
بدأت عيناي تغرورقان بالدموع, فهي تعرف حالي حتى وهي غير موجودة, ولكني أواصل القراءة:
((أعلم تماماً يا غاليتي أنه عند قراءتك لرسالتي هذه سأكون قد لقيت المنى, هذا ليس المهم, المهم هو أن لا تذرفي المزيد من الدموع حزناً وحسرة علي, ففي النهاية كلنا سننتقل إلى الرفيق الأعلى, عزيزتي, لا تقولي: لقد تركتِني ورحلتِ, فانا دائماً معكِ, كل يوم, كل ساعة, كل دقيقة, كل ثانية... في قلبك, في الواقع, لقد كنتُ أشمّر للرحيل منذ شهرين, قد تتساءلين كيف علمتُ بأنني سأموت, سأوضح لك أكثر, لقد كنتُ مريضة, ليست مهمة ماهيّة مرضي, بل الأهم هو أن تعلمي لماذا لم أخبِركِ, لم أخبِركِ لأني أردتُ أن أقضي كل دقيقة معك بسعادة, فإن أخبرتُك, سيبقى وجهُكِ العبوس موجوداً حتى رحيلي, مع يقيني التام بأن وجهَكِ عابس الآن, لا تعبسي, أبداً, فلا شيء في هذه الدنيا يستحق العبوس, ولا تطأطئي رأسكِ خوفاً, أو رهبة, بل ارفعيه, عالياً, ثقة وسعادة, وكوني قنوعاً بما قسم الله لك, وانظري خلفكِ بعين التسامح والصفح, وتحتكِ بعين الشفقة, وفوقكِ بعين الشكر, وأمامكِ بعين الأمل, فلا حياة مع اليأس, ولا يأس مع الحياة, ولا تقولي وحيدة, فالله دائماً معكِ, ولا تقولي حائرة, فالله دائماَ يرشدكِ, ولا تقولي خائفة, فالله دائماً يحميكِ, ولا تقولي أشعر بالملل, فكتاب الله دوماً معكِ, ولا تقولي حزينة, فلا شيء في الدنيا يستحق دمعتكِ, ولا تكوني عجول, بل تأني, كوني صابرة, كوني عابدة, كوني ذاكرة, كوني مؤمنة, فستزاح كل هموم الدنيا عنك, كوني منطلقة, نشيطة, مبتسمة كما عهِدتُكِ, واعملي لآخرتك في دنياك, فهذا الضريح الذي أنا فيه ما هو إلاّ بداية لحياة أخرى تعتمد على دنياكِ, لذا, لا تبخلي على نفسكِ يا غاليتي... عزيزتي, لم ينتهِ العالم بموتي, إنه اختبار لكِ, لذا, تجاوزيه بكل ابتسام وتفاؤل.
~.~.~.~.~.~
وفي الختام, أحمل لكِ خالص قبلاتي ودعواتي راجية من العلي القدير حمايتكِ برحمته ومكنون عاطفته, إلى اللقاء في فردوس الرحمن كما قال نبينا الكريم.
وسلمت لأمكِ إلى الأبد
المخلصة: والدتُك إلهام))
~.~.~.~.~.~
يتبع...
في امان الله
المفضلات