•,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•

[ منتدى نور على نور ]


صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 63
  1. #1

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Smile •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•






















    ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، والصلاة والسلام على نبينا القائل :
    "أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" رواه مسلم.

    الحج ركن من أركان الاسلام تهفو إليه القلوب المسلمة وتلبي له الأفئدة المؤمنة الموحدة على اختلاف أجناسها وتعدد ألوانها واختلاف قبائلها وأنسابها قائلة: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لم والملك لا شريك لك مستجيبة لذلك النداء الذي أذّن به أبونا ابراهيم عليه السلام فجاءت قوافل المؤمنين من كل فج عميق ليطوفوا بالبيت العتيق (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) الحج)

    وقد نصّ الرسول صلى الله عليه وسلم على الحج في الحديث الشريف: "بُني الاسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان" صحيح الجامع الصغير.










    تعريف الحج

    الحج لغة: قصد الشيء المعظم وإتيانه.


    وشرعا:قصد البيت الحرام والمشاعر العظام وإتيانها، في وقت مخصوص، على وجه مخصوص،
    وهوالصفة المعلومة في الشرع من: الإحرام، والتلبية، والوقوف بعرفة، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة،
    والوقوف بالمشاعر ورمي الجمرات وما يتبع ذلك من الأفعال المشروعة فيه، فإن ذلك كله من تمام قصد البيت.

    حكم الحج

    الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وهو خاصة هذا الدين الحنيف، وسرالتوحيد. فرضه الله على أهل الإسلام
    بقوله سبحانه: ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) .

    فسمى تعالى تاركه كافرا، فدل على كفر من تركه مع الاستطاعة، وحيث دل على كفره فقد دل على آكدية ركنيته.
    وقد جاءت السنه الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتصريح بأنه أحد أركان الإسلام،
    ففي الصحيحين عن ابن عمر- رضي الله عنهما - ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام ).

    وفي حديث جبريل في رواية عمر- رضي الله عنه- عند مسلم، ( أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما الإسلام؟
    قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت
    إن استطعت إليه سبيلا ). وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم
    قال: ( أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ) . وأحاديث كثيرة - في الصحيحين وغيرهما - في هذا المعنى،
    وبفرضه كمل بناء الدين وتم بناؤه على أركانه الخمسة ).

    وأجمع المسلمون على أنه ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه، إجماعا ضروريا، وهو من العلم المستفيض الذي توارثته الأمة خلفا عن سلف.

    وفي مسند أحمد وغيره بسند حسن عن عياش بن أبي ربيعة مرفوعا : ( لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة - يعني الكعبة حق تعظيمها، فإذا تركوها وضيعوها هلكوا ) .

    قال بعض أهل العلم: الحج على الأمه فرض كفاية كل عام على من لم يجب عليه عينا. فيجب الحج على كل: مسلم، حر، مكلف، قادر، في عمره مرة واحدة. وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم.

    والقدرة :هي استطاعة السبيل التي جعلها الشارع مناط الوجوب. روى الدارقطني بإسناده عن أنس- رضي الله عنه
    - عن النبي - صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ( من استطاع إليه سبيلا ) . قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟
    قال: الزاد والراحلة . وعن ابن عباس عند ابن ماجة، والدارقطني بنحوه .

    وعن جماعة من الصحابة يقوي بعضها بعضا للاحتجاج بها، ومنها عن ابن عمر- رضي الله عنهما-: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة. قال الترمذي : العمل عليه عند أهل العلم .

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد سرد الآثار فيه: هذه الأحاديث مسندة من طرق حسان مرسلة وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة.

    قلت: المراد بالزاد: ما يحتاج إليه الحاج في سفره إلى الحج ذهابا وإيابا من: مأكول، ومشروب، وكسوة ونحو ذلك، ومؤونة أهله حال غيابه حتى يرجع.

    والمراد بالراحلة: المركوب الذي يمتطيه في سفره إلى الحج ورجوعه منه بحسب حاله وزمانه.

    وتعتبرالراحلة مع بعد المسافة فقط وهو ما تقصرفيه الصلاة لا فيما دونها. والمعتبر شرعا في الزاد والراحلة في حق كل أحد، ما يليق بحاله عرفا وعادة لاختلاف أحوال الناس.

    ويشترط للوجوب سعة الوقت عند بعض أهل العلم، لتعذر الحج مع ضيقه. واعتبر أهل العلم من الاستطاعة أمن الطريق بلا خفارة، فإن احتاج إلى خفارة لم يجب، وهو الذي عليه الجمهور.

    قلت: وقد أوضح الله تبارك وتعالى في سياق ذكر فرض الحج على الناس وإيجابه عليهم بشرطه، محاسن البيت
    وعظم شأنه بما يدعو النفوس الخيرة إلى قصده وحجه، فقال سبحانه: (إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ) . وفي موضع آخرأخبر سبحانه أنه إنما شرع حج البيت
    (ليشهدوا منافع لهم )الآية. وكل ذلك مما يدل على الاعتناء به والتنويه بذكره والتعظيم لشأنه،
    والرفعة من قدره، ولو لم يكن إلا إضافته إليه سبحانه بقوله: ( وطهر بيتي للطائفين ) لكفى بذلك شرفا وفضلا.

    فهذه النصوص وأمثالها هي التي أقبلت بقلوب العالمين إليه حبا له وشوقا إلى رؤيته فلا يرجع قاصده منه إلا وتجدد حنينه إليه وجد في طلب السبيل إليه.

    أما من كفر بنعمة الله في شرعه وأعرض عنه وجفاه فلا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئا: ومن كفر فإن الله غني عن العالمين فله سبحانه الغنى الكامل التام عن كل أحد من خلقه من كل وجه وبكل اعتبار فإنه سبحانه هو الغني الحميد






    من اكتملت له شروط وجوب الحج، وجب عليه أداؤه فورا عند أكثرأهل العلم.

    والفورية: هي الشروع في الامتثال عقب الأمر من غيرفصل، فلا يجوز تأخيره إلا لعذر، ويدل على ذلك ظاهر
    قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. وقوله صلى الله عليه وسلم :أيها الناس، إن الله فرض
    عليكم الحج فحجوا رواه مسلم فإن الأمر يقتضي الفورية في تحقيق المأموربه، والتأخير بلا عذرعرضة للتأثيم.

    وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له .

    وروى سعيد في سننه عن عمربن الخطاب- رضي الله عنه- أنه قال: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج ليضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين .

    وروي عن علي - رضي الله عنه - قال:من قدرعلى الحج فتركه فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا .
    وعن عبد الرحمن بن باسط يرفعه: من مات ولم يحج حجة الإسلام لم يمنعه مرض حابس، أو سلطان جائر، أ
    و حاجة ظاهرة، فليمت على أي حال يهوديا أو نصرانيا . وله طرق توجب أن له أصلا.

    ومما يدل على أن وجوب الحج على الفورحديث الحجاج ابن عمرالأنصاري - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كسرأوعرج- يعني أحصرفي حجة الإسلام بمرض أو نحوه - فقد حل، وعليه الحج من قابل .
    رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وغيرهم قال فيه النووي : رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة،
    والبيهقي، وغيرهم بأسانيد صحيحة.

    فالحديث دليل على أن الوجوب على الفور، وهناك أدلة أخرى عامة من كتاب الله دالة على وجوب المبادرة إلى
    امتثال أوامره جل وعلا، والثناء على من فعل ذلك، مثل قوله سبحانه: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة
    عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .

    وقوله سبحانه:فاستبقوا الخيرات . ولا شك أن المسارعة والمسابقة كلتيهما على الفور، ويدخل فيه الاستباق
    إلى امتثال أوامره تعالى؛ فإن صيغة افعل إذا تجردت من القرائن اقتضت الوجوب،
    كما هو الصحيح المقررفي علم الأصول، ومما يؤكد ذلك تحذيزه سبحانه من مخالفة أمره
    بقوله: فليحذرالذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .
    وقال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم
    ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا . فصرح سبحانه أن أمره قاطع للاختيار موجب للامتثال.

    وكم في القرآن من النصوص الصريحة الحاثة على المبادرة إلى امتثال أوامره سبحانه، والمحذرة من عواقب التواخي
    والتثاقل عن فعل ما أمرالله به، وأن الإنسان قد يحال بينه وبين ما يريد بالموت أو غيره،
    كقوله سبحانه: أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم .
    فقد يقترب الأجل فيضيع عليهم الأجر بعدم المبادرة قبل الموت، حيث يعاجلهم الموت ولما يفعلوا فيصبحوا من الخاسرين النادمين، ففي الآية دليل واضح على وجوب المبادرة إلى الطاعة خشية أن يعاجل الموت الإنسان قبل التمكن منها.

    فهذه الأدلة العامة مع ما سبق من الأدلة الخاصة، تفيد وجوب الحج على الشخص فور استطاعته، وأنه إذا تأخرعن ذلك كان في عداد المفرطين الجديرين بفوات الخير إلا أن يتداركهـم الله برحمة منه وفضل، فاغتنموا فرصة الاستطاعة والإمكان على هذه الفريضة قبل فواتها وعجزكم عن أدائها بحادث موت أو غيره من العوارض المانعة. ولأحمد عنه صلى الله عليه وسلم
    قال: تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له .

    وكان فرض الحج على الصحيح سنة تسع من الهجرة ولكن لم يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من الحج تلك السنة لاسباب ذكرها أهل العلم منهـا:

    1- أن الله تعالى كره له أن يحج مع أهل الشرك وفيهم الذين يطوفون بالبيت عراة، ولهذا بعث الصديق رضي الله عنه
    تلك السنة يقيم الحج للناس ويبلغهم أن لا يحج العام مشرك ولا يطوف بالبيت عار.

    2- أن ذلك من أجل استدارة الزمان حتى يقع الحج في وقته الذي شرعه الله.

    3- أو لعدم استطاعته صلى الله عليه و سلم الحج تلك السنة لخوف منعه و منع أكثر اصحابه

    4- أو لأجل أن يتبلغ الناس أنه سيحج العام القادم ويجتمع له الجم الغفير من الناس ليبين لهم المناسك ويوضح لهم الأحكام ويضع أمور الجاهلية، ويودعهم ويوصيهم في خاصة أنفسهم وأهليهم وذويهم وغير ذلك.


    قلت: ولعل هذه الامور كلها مرادة له صلى الله عليه وسلم ومن ذلك أن يوسع على الناس،
    ويبين لهم جواز التأخير مع العذر رحمة بهم وشفقة عليهم والله أعلم.


    ~
    التعديل الأخير تم بواسطة rain bird ; 18-11-2009 الساعة 12:38 AM

  2. #2

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•





    تعريف العمرة

    العمرة لغة: الزيارة.

    وشرعا: زيارة بيت الله الحرام على وجه مخصوص وهو النسك المعروف المتركب من الإحرام والتلبية، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير

    حكم العمرة

    أجمع أهل العلم على أن العمرة مشروعة بأصل الإسلام، وأن فعلها في العمر مرة، وهل هي واجبة أم لا ؟
    قولان:

    الأول: وجوبها وهو المشهور عن أحمد والشافعي وجماعة من أهل الحديث وغيرهم - رحمهم الله -
    ومن أدلتهم على ذلك:

    * ما رواه أهل السنن وغيرهم عن أبي رزين العقيلي - وافد بني المنتفق-
    أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، فقال: حج عن أبيك واعتمر .
    صححه الترمذي. وقال أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا، ولا أصح منه.
    * وبحديث عمر في رواية الدارقطني، وفيه قال صلى الله عليه وسلم:
    وتحج البيت وتعتمر .
    * واستأنسوا بقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله .

    الثاني : أنها سنة وليست بواجبة، وهومذهب مالك وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن الشافعي وأحمد،
    وقول أكثرأهل العلم، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن أدلة ذلك:

    * حديث جابر- رضي الله عنه - مرفوعا:سئل- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- عن العمرة: أواجبة هي؟
    قال: لا وأن تعتمر خير لك
    . صححه الترمذي .

    ولأن الأصل عدم وجوبها، والبراءة الأصيلة لا ينتقل عنها إلا بدليل يثبت به التكليف، ولا دليل يصلح لذلك، مع اعتضاد الأصل بالأحاديث القاضية بعدم الوجوب.

    * ويؤيده اقتصار الله تعالى على فرض الحج بقوله: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا . ولفظ الحج في القرآن لا يتناول العمرة، فإنه سبحانه إذا أراد العمرة ذكرها مع الحج كقوله:وأتموا الحج والعمرة لله .

    ففي الآية الأولى آية آل عمران: أوجب سبحانه الحج ولم يذكر العمرة.


    وفى الآية الثانية آية البقرة: أوجب تمام الحج العمرة، فإنهما يجبان بالشروع فيهما، وإيجاب الإتمام لا يقتضي
    إيجاب الابتداء، فإن إيجاب الابتداء يحتاج إلى دليل خاص به - فإنه محل النزاع - ولا دليل يخصه سالم
    من العلة حتى يصلح للاستدلال به على المراد.


    * وأيضا فإن قوله سبحانه: وأتموا الحج والعمرة لله نزلت عام الحديبية سنة ست من الهجرة باتفاق أهل العلم،
    وليس فيها إلا الأمر بإتمام الحج والعمرة لمن شرع فيهما،
    وقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع
    إليه سبيلا
    نزلت متأخرة سنة تسع أو عشر، وقد اقتصرت على ذكر فرض الحج دون العمرة،
    ولهذا كان أصح القولين عند المحققين من أهل العلم أن فرض الحج كان متأخرا.


    * ومما يؤيد ذلك اقتصارالنبي صلى الله عليه وسلم على ذكرالحج دون العمرة، كما في حديث ابن عمر- رضي الله عنه -
    في الصحيحين وغيرهما:
    بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة،
    وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام
    *

    وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح - للذي قال بعد أن سأله عن الإسلام وبين له النبي صلى الله عليه وسلم
    أركانه:
    والله لا أزيد على هذا ولا أنقص : لئن صدق ليدخلن الجنة .

    مع أن العمرة ليس فيها عمل غيرأعمال الحج، والحج إنما فرضه الله مرة واحدة، فبذلك يترجح - والله أعلم -
    أن الله لم يفرض العمرة وإنما فرض حجا واحدا هو الحج الأكبر، الذي فرضه على عباده وجعل له وقتا معلوم
    لايكون في غيره، فلم يفرض الله الحج إلا مرة واحدة، كما لم يفرض شيئا من فرائضه مرتين، فالأظهر أن العمرة ليستبواجبة - لهذه الأدلة وغيرها - وأن من لم يعتمر فلا شيء عليه، وإنما هي سنة يطلب بها
    المزيد من فيضل الله وعظيم مثوبته.








    الأحاديث الدالة على فضل العمرة وعظيم ما رتب الله عليها من الثواب، تدل على فضل الإكثار من الاعتمار،
    وأنه ليس للعمرة وقت خاص بها لاتصح إلا فيه، بل كل السنة وقت لها سوى أيام الحج.
    وحديث عائشة - رضي الله عنها - الثابت في الصحيحين وغيرهما، أنه صلى الله عليه وسلم أعمرها من التنعيم سوى عمرتها التي
    كانت أهلت بها معه،
    أصل في جواز وقوع عمرتين في شهر واحد أو أقل
    ،
    ويدل على التفريق بين العمرة والحج في التكرار في نفس العام،
    فمن فضل الله تعالى على عباده أن العمرة لا تختص بوقت- من العام- دون وقت، بل تفعل سائر شهور السنة.


    وقد استحب بعض أهل العلم وقوع العمرة في رمضان وأنه أفضل لأدائها من غيره،لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم
    أمر أم معقل - لما فاتها الحج- أن تعتمرفي رمضان، وأخبرها أن:
    عمرة في رمضان تعدل حجة . وفي لفظ:معي .
    أي حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فالحديث دال على فضل العمرة في رمضان، لكن قيده بعض أهل العلم
    فيمن كان قد عزم على الحج فلم يتيسر له، لمرض أو نحوه كما هو ظاهر في سياق الحديث.


    قلت: والأولى عدم التقييد فإن فضل الله واسع، لكن من كان قد عزم على الحج ولم يتمكن لمانع منعه ثم اعتمر
    في رمضان كان أوفر حظا من هذا الفضل، ومن لم يكن كذلك فيرجى له ذلك فإن للعبد على ربه ما احتسب.


    وذهب جماعة من أهل العلم أن العمرة في أشهرالحج أفضل من عمرة في غيرأشهرالحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمرعمرة كلها في أشهر الحج.

    قلت: وأذن لعائشة رضي الله عنها أن تعتمربعد فراغها من الحج حين راجعته في ذلك . قالوا: لم يكن الله ليختار
    لنبيه إلا أولى الأوقات وأحقها بها. فكان وقوع العمرة في أشهرالحج نظير وقوع الحج في أشهره،
    وهذه الأشهر قد خصها الله بهذه العبادة، وجعلها وقتا لها، والعمرة حج أصغر فأولى الأزمنة بها أشهر الحج. والله أعلم.




    ~
    التعديل الأخير تم بواسطة rain bird ; 18-11-2009 الساعة 12:37 AM

  3. #3

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•




    قال تعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا
    اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام
    .

    وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله

    فالمقصود من تشريع الحج والعمرة أن يحضروا منافع لهم أي يحصلوها وإقامة ذكرالله عزوجل في تلك البقاع التي عظمها سبحانه وشرفها وجعل زيارتها على الوجه الذي شرعه من تعظيم حرماته وشعائر دينه، وذلك خير لصاحبه في العاجلة والآجلة، وأمارة على تقوى القلوب، التي - جعل الله لأهلها البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة وذلك من أعظم المنافع.

    روى الإمام أحمد في مسنده وابن ماجة حديث جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه .

    وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
    سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الإيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله . قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور . متفق عليه .

    وروى البخاري عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:قلت:
    يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل من الجهاد حج مبرور .

    وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
    سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه . والمعنى: غفرت ذنوبه فلم يبق عليه منها شيء.

    وفيهما عنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .

    وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    "ما من يوم أكثرمن أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء" أخرجه مسلم بهذا اللفظ .

    وفي الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    عمرة في رمضان تعدل حجة

    وعند الترمذي وصححه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرخبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة .

    ومن أحاديث الجامع الصغير للسيوطي وزياداته للنبهاني، والتي صححها الشيخ العلامة محمد ناصرالدين
    الألباني - حفظه الله تعالى-:


    قوله صلى الله عليه وسلم :
    من طاف بهذا البيت أسبوعا - يعني سبعا- فأحصاه كان كعتق رقبة، لا يضع قدما
    ولا يرفع أخرى إلا
    حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة
    .

    قوله صلى الله عليه وسلم :
    ما أهل يعني لبى مهل ولا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة .

    وقوله صلى الله عليه وسلم :
    ما ترفع إبل الحاج رجلا ولا تضع يدا إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع له درجة . وهذا يدل على فضل السفر إلى الحج والعمرة.

    وقوله صلى الله عليه وسلم :
    الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم . وفي ذلك تنبيه على ما لهم عند الله من الضيافة وإجابة الدعاء.

    وقوله صلى الله عليه وسلم :
    أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحوعنك بها سيئه. وأما وقوفك بعرفة، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور، وأما حلقك شعرك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت ذنوبك كيوم ولدتك أمك .

    فكل هذه الفضائل من المنافع العظيمة التي يحصلها الحجاج بحجهم إلى بيت الله الحرام.

    ومن المنافع العظيمة: أن الحج اجتماع عام للمسلمين يلتقون فيه من شتى أقطارالأرض، يكون من أسباب جمع كلمتهم ووحدة صفهم، وإصلاح ذات بينهم، وتقوية أواصرالمودة والإخاء فيما بينهم، مع ما يحصل فيه من التفقه في الدين والتعاون على مصالح الدنيا، وقيام كل شخص وطائفة بما يجب عليه نحوإخوانه مغ الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمغروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر والمرحمة، والتفاهم في القضايا المهمة والحوادث المستجدة وتحصيل مارتب الله على القيام بهذه الطاعات من الأجورالعظيمة.

    ومن المنافع الدنيوية: ما يصيبونه من لحوم الهدي من البدن وغيرها- مع عبوديتهم لله فيها بذكراسمه عليها -، فيأكلون ويهدون ويتصدقون،قال تعالى:
    لكم فيها منافع إلى أجل مسمى .

    ومن المنافع الدنيوية أيضا: ما يحصل لمن اتجر في الحج من الأرباح- غالبا - وزيادة الفضل من الله تعالى، وقد اتفق علماء التفسير على أن معنى قوله تعالى:
    ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم . أنه ليس على الحاج حرج ولا إثم إذا ابتغى فضل الله - خلال موسم الحج- بالتجارة والكرى- أي الإجارة- ما دام ذلك لا يشغله عن شيء من نسكه، ولا يعرضه ذلك إلى الوقوع في شيء مما يخل بالحج، من الرفث والفسوق والجدال ونحو ذلك.







    1- ينبغي لمن نوى السفر أو غيره من العبادات أن يستحضر نية التقرب إلى الله تعالى في جميع أحواله، لتكون أقواله وأفعاله ونفقاته مقربة إلى الله تعالى. قال صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى متفق عليه . فيقصد بحجه وعمرته وتعبه ونفقته وجه الله تعالى والدار الآخرة، والتقرب إلى الله تعالى بما يرضيه من الأقوال والأعمال والإحسان إلى عباد الله، بالقول والفعل في هذه الأزمان الفاضلة والمواطن الشريفة والبقاع المباركة والمشاعر المعظمة،

    قال تعالى: بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقال تعالى:إلا الذين
    تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما
    .

    2- وليحذر كل الحذرون أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك، فإن ذلك من أقبح المقاصد ومن الموجبات لحبوط العمل ورده وعدم قبوله، قال تعالى: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعلمون . وقال تعالى: من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه .

    3- ومما ينبغي له- أيضا- أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته، وأثناء سفره وإقامته من الأحكام والآداب، ويتفقه في ذلك، ويسأل أهل الذكر عما أشكل عليه ليكون على بصيرة من دينه، وليجتنب الوقوع في المحظور، أو التقصير في مشروع،

    فإنه يشترط لقبول العمل شرطان:

    أحدهما: الإخلاص لله.
    وثانيهما: موافقة العامل فيه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .

    ومن أدلتهماقوله تعالى: بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون . فإسلام الوجه لله هو الخضوع لله تعالى والانقياد له رغبة ورهبة، والإحسان هو العمل بالقرآن على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال تعالى في الحج: حنفاء لله غير مشركين به وقال النبي صلى الله عليه وسلم : خذوا عني مناسككم
    وقال أيضا: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .

    فلا يكون العمل صالحا وحسنا إلا إذا تحقق فيه الإخلاص لله تعالى والمتابعة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم للناس أحكام المناسك بقوله وفعله وتقريرهوقال: خذوا عني مناسككم . وكثير من الناس يعرض نفسه للحرج والمشقة والشك والحيرة والخسارة المالية الباهظة بسبب عدم عنايته لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .

    4- فإذا عزم على السفر للحج أو العمرة- أو أي سفر آخر- فينبغي أن يوفر لأهله ما يحتاجون إليه من مؤنة ونحوها، حتى لا يحتاجوا إلى الناس وليذكر ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها فهي له صدقة. متفق عليه.

    5- وينبغي أن يوصيهم بتقوى الله: وهي فعل أوامره واجتناب نواهيه، رغبة ورهبة، فإن تقوى الله سبب لحصول كل خير والوقاية من كل شر في العاجلة والآجلة، وهي وصية الله للأولين والآخرين والمسافرين والمقيمين.

    وقد رتب الله على التقوى تيسير الأمور وتنفيس الكروب، وتفريج الهموم، وسعة الرزق، وحصول الهدى، وتكفير السيئات، وعظم الأجور، والتوفيق لكل خير، والحفظ من الله لعبده في الدنيا والآخرة، والنجاة من النار، والفوز بالجنة، وتوالي البشارات بأنواع المسرات في سائر الأوقات، وكذلك فإن عليه- كما يوصي بها غيره- أن يتزود بها فإن الله أمر بها الحجاج على وجه الخصوص، وأخبر أنها خير الزاد وحلية أولي الألباب من العباد، كما
    قال سبحانه: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب .

    6- ومما ينبغي له أيضا التوبة إلى الله من جميع الذنوب: فإن الله تعالى أمر جميع أهل الإيمان بالتوبة بقوله: وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون فمن تاب توبة نصوحا أفلح وفاز بكل محبوب مرغوب، وسلم من كل مكروه مرهوب، وقد وعد الله تعالى التائبين الصادقين بقبول التوبة بقوله: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم .

    وحقيقة التوبة الاعتراف بالخطيئة، وتركها، والندم على ما مضى منها، والعزيمة على عدم الرجوع إليها، وإن كان عنده مظالم للناس في نفس أو عرض أو مال رد المظالم إلى أهلها، أو تحللهم واستباحهم منها، وإن كان يترتب على ردها مفسدة أكبر فإنه يكثر الدعاء لهم بكل خير، والاستغفار لهم، والصدقة عنهم، ولاسيما في تلك البقاع الطاهرة والمشاعر المعظمة، فقد صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه .

    7- وينبغي كذلك أن يهيئ لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال لا شبهة فيه: فإن أكل الحلال يصلح القلب، وينشط على الطاعة، ويكون من أسباب وجل القلب وخوفه من الله، مما يعينه على الانكفاف عن المعصية والحياء من الله أن يجاهره بمخالفته، وقد صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا .

    وروى الطبراني عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة، فوضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور .

    فينبغي للحاج أن يطيب نفقته ليبر حجه وتقبل نفقته ويستجاب دعاؤه، وحتى يستغني بفضل الله عن الحاجة إلى ما في أيدي الناس، بل ويحسن إليهم بما فضل عن حاجته ويتصدق بما تيسر، اغتناما لشرف الزمان والمكان والعبادة، ولكن عليه أيضا أن يقتصد فلا يتوسع في المباحات حتى لا يحتاج إلى منة الناس، بل عليه أن يتعفف عن سؤالهم أو التطلع إلى ما في أيديهم، قال صلى الله عليه وسلم : ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله متفق عليه . وقال عليه الصلاة والسلام:القصد القصد تبلغوا وقال صلى الله عليه وسلم : ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس متفق عليه .
    وقال صلى الله عليه وسلم :
    من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا أتكفل له بالجنة . رواه أبو داود.

    وذكر أهل التفسير أن أناسا كانوا يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة أخذوا يسألون الناس،

    فأنزل الله تعالى فيهم قوله تعالى: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى يعني تزودوا لحجكم ما يكفيكم من النفقة على حسب حالكم.


    ما ينبغي لسفر المرأة


    لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج وغيره إلا ومعها محرم، سواء كان السفر طويلا أم قصيرا، وسواء كان معها نساء أولم يكن معها، وسواء كانت شابة أو عجوزا، لعموم نهيه صلى الله عليه وسلم بقوله: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم .

    والحكمة من لزوم المحرم أن المرأة عورة، وضعيفة، وذات عاطفة، ومطمع للرجال، فتفتن أو تفتتن، والمحرم يغار عليها فيصونها ويحافظ عليها ويمنعها مما يضرها، ويدافع عنها، وتهاب من أجله، ولذا يشترط أن يكون المحرم بالغا عاقلا.

    والمحرم هو الزوج وكل من تحرم عليه تحريما دائما بقرابة أو رضاعة أو مصاهرة كالأب والجد والابن وابنه والأخ من أي جهة وابنه، وابن الأخت من أي جهة وابنه، والعم والخال، ومن هو بمنزلتهم من الرضاع،
    لقوله صلى الله عليه وسلم :
    يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وأبي زوجها وجده وأبناؤه وأبناء بناته،
    وأزواج البنات وبنات الأبناء وبنات البنات، أزواج الأمهات والجدات الذين دخلوا بهن.


    فوجود المحرم للمرأة شرط في وجوب الحج عليها، فإذا توفر لها المحرم مع الزاد والراحلة وأمن الطريق، وجب عليها الحج وتستأذن زوجها وليس لزوجها منعها من الحج، فإن أذن وإلا حجت بغير إذنه، وعليه نفقتها.



    ~
    التعديل الأخير تم بواسطة rain bird ; 18-11-2009 الساعة 12:36 AM

  4. #4

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•





    المواقيت : جمع ميقات، وهو الزمان والمكان المضروب للفعل، أو هو الوقت المعين استعير للمكان المعين. فالتوقيت: التحديد، وبيان مقدار المدة. وأصله أن يجعل للشيء وقت يختص به، ثم اتسع فيه فأطلق على المكان.

    وهي في الاصطلاح: موضع العبادة من زمان أو مكان، والمقصود به هنا: ما جعله الشارع للإحرام من زمان أو مكان فعلق الإحرام به بالشروط المعتبرة له شرعا.

    فالمواقيت نوعان:
    أ زمانية: وهي أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وهي التي يقع فيها التمتع بالعمرة إلى الحج. قال ابن عباس- رضي الله عنهما-:
    من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج وقال ابن عمر- رضي الله عنهما-: أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة

    ب مكانية: وهي الأمكنة التي عينها النبي صلى الله عليه وسلم ، ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة وهي خمسة:

    الأول: ذو الحليفة:
    ويسمى أبيار علي، وبينه وبين مكة نحو عشر مراحل، وهو ميقات أهل المدينة، ومن مر به من غيرهم.

    الثاني: الجحفة: وهي قرية قديمة: بينها وبين مكة نحو خمس مراحل، وقد خربت فصار الناس يحرمون بدلها من رابغ ، وهي ميقات أهل الشام، ومن مر بها من غيرهم.

    الثالث: يلملم: وهو جبل أو مكان بتهامة، بينه وبين مكة نحو مرحلتين، وهو ميقات أهل اليمن، ومن هربه من غيرهم.

    الرابع: قرن المنازل:ويسمى السيل وبينه وبين مكة نحو مرحلتين، وهو ميقات أهل نجد ومن هربه من غيرهم.

    الخامس: ذات عرق: ويسمى الضريبة، بينها وبين مكة نحو مرحلتين، وهي ميقات أهل العراق، ومن هربها من غيرهم.

    ومن كان أقرب إلى مكة من هذه المواقيت فميقاته مكانه يحرم منه، حتى أهل مكة يحرمون بالحج من مكة، أما للعمرة فمن أدنى الحل. ومن كان طريقه يمينا أو شمالا من هذه المواقيت فإنه يحرم حين يحاذي أقرب هذه المواقيت إليه.

    فهذه المواقيت وقتها النبي صلى الله عليه وسلم ، باتفاق أهل العلم، إلا ذات عرق فاختلف فيه، وقد روى النسائي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم وقته لأهل العراق وثبت بتوقيت عمر- رضي الله عنه- ولعله خفي النص فوقته باجتهاده، فوافقه برأيه فإنه- رضي الله عنه- موفق للصواب.

    فالصواب أن هذه المواقيت الخمسة منصوصة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، للأحاديث الصحيحة والحسان والجياد، التي يجب العمل بمثلها عند أهل العلم.

    روى الشيخان عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- قال:
    وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها .

    وروى مسلم في صحيحه عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- يسأل عن المهل، فقال: سمعت- أحسبه رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
    مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة- يعني أهل الشام -، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم .

    وأما حديث النسائي فروي في سننه بسنده عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل نجد قرنا، ولأهل اليمن يلملم .

    قال المحققون من أهل العلم عن هذا الحديث: لا شك في صحة سنده ومتنه.

    قال الخطابي- رحمه الله-:ومعنى التحديد في هذه المواقيت أن لا تتعدى ولا تتجاوز إلا بإحرام .

    قلت: فمن أتى على أحد هذه المواقيت، أو حاذاه- برا أو بحرا أو جوا-، وهو مريد للحج أو العمرة، لزمه الإحرام بما نوى، ولا يحل له مجاوزته بغير إحرام.

    وقال غير واحد من أهل العلم: لما كان بيت الله تعالى معظما مشرفا جعل الله له حصنا هو مكة، وحمى وهو الحرم، وللحرم حرما وهو هذه المواقيت حتى لا يجوز لمن دون هذه المواقيت أن يتجاوزها إلا بإحرام، تعظيما لبيت الله الحرام. وقد ورد الشرع بكيفية تعظيمه، وهي الإحرام على هيئة مخصوصة، فإن ذلك من تعظيم حرمات الله وشعائر دينه،وقد قال تعالى:
    ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه . ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . وروي عن ابن عباس مرفوعا- وفيه ضعف-: لا يدخل أحد مكة إلا بإحراموصح من قوله - رضي الله عنه- واختاره الأكثر من أهل العلم، قالوا: لا يحل لمسلم مكلف حر أراد مكة أو الحرم تجاوز الميقات إلا بإحرام، قالوا: لأنه من أهل فرض الحج ولعدم تكرر حاجته .

    وأما من أراد النسك من حج أو عمرة فوجوب الإحرام عليه باتفاق أهل العلم،قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس لأحد أن يجاوز الميقات- إذا أراد الحج أو العمرة- إلا بإحرام، وإن قصد مكة للتجارة أو الزيارة فينبغي له أن يحرم، وفي الوجوب نزاع، وظاهر مذهب الشافعي ورواية عن أحمد عدم الوجوب. وقال ابن عباس- رضي الله عنهما-:
    لا يدخل إنسان مكة إلا محرما إلا الحمالين والحطابين وأصحاب منافعها احتج به الإمام أحمد.

    قلت: وكذا مكي يتردد على قريته في الحل، ومثله أصحاب التاكسي- اليوم - ، وسائقوا الشاحنات، وذوو الوظائف الذين يترددون عليها يوميا داخلين مكة أو خارجين منها، فكل هؤلاء من ذوي الحاجات المتكررة.

    فالحاصل أن من مر على أحد هذه المواقيت أو حاذاه برا أو جوا أو بحرا له ثلاث حالات:
    أحدها: أن يكون مريدا للحج أو العمرة، فهذا يجب عليه الإحرام من الميقات الذي أتى عليه أو حاذاه، فإن تجاوزه
    دون إحرام أثم ولزمته الفدية، إلا أن يرجع فيحرم منه،
    لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما-
    أن النبي صلى الله عليه وسلم
    وقت المواقيت ثم قال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن
    ممن كان يريد الحج أو العمرة
    متفق عليه .

    الثانية: أن لا يكون مريدا للحج والعمرة وليس ممن يتكرر مجيئه وذلك كمن جاء لزيارة أو حاجة ونحو ذلك، فإنه لا يجب عليه الإحرام، فإن مفهوم حديث ابن عباس السابق أن من لا يريد الحج والعمرة لا يجب عليه الإحرام منها، وإرادة الحج والعمرة غير واجبة على من سبق، وإن أدى فرضه، فإن الحج لا يجب في العمر إلا مرة،لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
    الحج مرة فما زاد فهو تطوع . لكن الأولى أن لا يحرم نفسه التطوع بالنسك- ما دام أن الله يسر له المرور على الميقات، وهو في أمن وعافية- ليحصل له أجر الحج أو العمرة، وثواب تعظيم حرمات الله، فإن ذلك كما قال تعالى: فهو خير له عند ربه وقال فإنها من تقوى القلوب . ولا يدري المرء ما في الغيب هل يفسح له في الأجل، ويمد له في العمر حتى يرجع مرة أخرى إلى هذه البقاع الطاهرة والشعائر المعظمة.

    وجمع من أهل العلم- كما سبق- يوجبون على من مر بأحد هذه المواقيت أو حاذاها الإحرام، ويؤثمونه على تركه إذا لم تكن حاجته متكررة، ومن هؤلاء ابن عباس- رضي الله عنهما-.

    الثالثة: أصحاب الحاجات المتكررة، كالحطابين والحمالين والرعاة، ومثلهم- في هذا الزمان- سائقو سيارات النقل كسيارات الأجرة والشاحنات، وكذلك الموظفون الذين يمرون بهذه المواقيت يوميا من أجل الوظائف، فهؤلاء لا يلزمهم الإحرام لما فيه الحرج والمشقة.






    الإحرام لغة: نية الدخول في التحريم، فإن المحرم يحرم على نفسه بالإحرام ما كان مباحا له قبله، من النكاح، والطيب، والحلق، وأشياء من اللباس ونحو ذلك.

    الإحرام شرعا: نية الدخول في النسك مع التلبية وسوق الهدي، فذات الإحرام مع النية وجودا وعدما. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يكون الرجل محرما بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته. فإن القصد ما زال في قلبه منذ خرج من بلده، بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرما- يعني كالتلبية أو سوق الهدي- هذا هو الصحيح من الأقوال.

    قلت: فإذا وصل من يريد الحج أو العمرة الميقات، فيستحب له قبل إحرامه:

    1- أن يتجرد مما ينهى المحرم عن لبسه من الثياب، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد من المخيط كما في سنن الترمذي ومستدرك الحاكم وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل .

    2- أن يغتسل، لما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل، وصح أنه أمر بذلك عائشة- رضي الله عنها- لما حاضت وقد أحرمت بالعمرة، فأمرها أن تغتسل، وتحرم بالحج، وكذلك أمر أسماء- رضي الله عنها- لما ولدت بذي الحليفة، أمرها أن تغتسل وتستثفر- أي تتحفظ- بثوب وتحرم فدل ذلك على:

    أ- أنه يشرع لمن أراد الإحرام أن يغتسل ويتنظف.
    ب- أن المرأة إذا وصلت الميقات، وهي حائض أو نفساء أو مستحاضة، يشرع لها أن تغتسل وتحرم مع الناس بما أرادت من نسك، وتفعل ما يفعله الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت، حتى تطهر، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم . بذلك عائشة وأسماء- رضي الله عنهما- وقال لعائشة:افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري .
    وأما المستحاضة فلها أن تطوف بالبيت، إذا أمنت من تلويثها للمسجد.

    3- أن يأخذ ما تدعو الحاجة إلى الأخذ منه من الأظفار وشعر الإبط والعانة، ويتعاهد الرجل شاربه، حتى لا يحتاج المرء إلى أخذ شيء من ذلك بعد عقد الإحرام، فإن المحرم ممنوع من أخذ شيء من ذلك قبل أن يتحلل من العمرة، وقبل التحلل الأول من الحج.

    ولأن النبي صلى الله عليه وسلم شرع للمسلمين تعاهد هذه الأشياء كل وقت، كما في الصحيحين عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الفطرة خمس: الختان، والاستحداد- يعني حلق العانة-، وقص الشارب، وقلم الأظفار ونتف الأباط متفق عليه .

    وعن أنس- رضي الله عنه- قال: وقت لنا في قص الشارب، وقلم الأظفار ونتف الإبط، وحلق العانة، ألا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة رواه مسلم . وأخرجه النسائي وغيره بلفظ: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ... .

    وأما الرأس فلا يشرع أخذ شيء منه عند الإحرام، لا في حق الرجال ولا في حق النساء.

    وأما اللحية فيحرم حلقها أو أخذ شيء منها في جميع الأوقات، بل يجب إعفاؤها وتوفيرها، لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب .

    وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس . فما كان يحلق لحيته أو يأخذ منها، فعليه أن يتوب من ذلك ولا يعود إلى الحلق أو التقصير منها بعد التحلل من الإحرام، فإن الله تعالى قال: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم


    4- التطيب في الرأس والبدن لما ثبت في الصحيحين عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت . وقالت أيضا- رضي الله عنها-: كأني أنظر إلى وبيص- أي بريق- الطيب،- وفي لفظ: المسك- في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم متفق عليه .

    قال شيخ الإسلام:إن شاء المحرم أن يتطيب في بدنه فهو حسن، ولا يؤمر المحرم بذلك قبل الإحرام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولم يأمر به الناس، وظاهره كراهة تطييب ثوبه انتهى.

    ودل الحديث على تخصيص البدن بالطيب، واستحباب استدامته، ولو بقي لونه ورائحته بلا نزع، ودل كذلك على وجود عين الطيب باقية لا الريح فقط. وإن أصاب لباس إحرامه شيء من الطيب تعين غسله كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.


    قال ابن القيم:ومذهب الجمهور جواز استدامة الطيب، للسنة الصحيحة أنه كان يرى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إحرامه، ولأنه غير متطيب بعد الإحرام .


    ~

  5. #5

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•

    تآبع للمراد بالاحرام ..,



    5- ثم بعد ذلك يلبس ملابس إحرامه، وهي إزار ورداء نظيفان، فإن كانا أبيضين فهو أفضل، لحديث: ألبسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم رواه أبو داود والترمذي


    وقال: حديث حسن صحيح. وعند النسائي: فإنها أطهر وأطيب . ولو أحرم في غيرها جاز إن كان مما يجوز لبسه. وقال ابن قدامة: ولو لبس إزارا موصلا أو اتشح بثوب مخيط كان جائزا.

    قلت: لأن المنهي عنه من المخيط هو ما كان مخيطا على قدر البدن أو العضو الملبوس عليه، كالقميص ونحوه، وأن يلبس على هيئة لبسه المعتادة، ويستحب أن يحرم في نعلين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين أخرجه الإمام أحمد .

    قلت: فمن لم يجد إزارا فإنه يلبس السراويل السروال في لغة العامة فقد صح عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في عرفات، يقول: السراويل لمن لم يجد الإزار متفق عليه . فيلبس السراويل ولا يحتاج إلى فتق كما هو الأصح من قولي العلماء، وكما قال شيخ الإسلام.

    قلت:وهذه مسألة يخطئ فيها كثير من الناس، فيحدث أن ينسى أحدهم ملابس إحرامه أو يطرأ عليه الحج أو العمرة وهو في الطائرة، فنتيجة جهلهم أو غفلتهم عن هذه المسألة يؤخرون الإحرام إلى جدة، فيرتكبون محظورا، وهو تجاوزهم الميقات دون إحرام. والواجب على من هذه حاله أن يخلع ملابسه ما عدا السراويل، وأن يجعل ثوبه أو غيره على كتفيه عرضا ليكون بدلا عن الرداء، وإن احتاج إلى أن يتزر به عرضا، ثم يلبي بالحج أو العمرة وهو كذلك، ولا حرج عليه في ذلك، فإذا وصل إلى أقرب مكان يجد فيه ملابس الإحرام اشتراها ولبسها، وبهذا يحصل له الإحرام من الميقات والسلامة من ارتكاب المحظور وصدق الله العظيم إذ يقول: وما جعل عليكم في الدين من حرج. ويقول: فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا . وهكذا من لم يجد النعلين فإنه يلبس الخفين، ولا يقطعهما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في عرفات في لبس الخفين دون قطع لمن لم يجد النعلين . فلو كان القطع واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الجمع العظيم، ولهذا كان الصحيح أن للمحرم أن يلبس ما دون الكعبين من الخفاف، سواء كان واجدا لنعلين، أو فاقدا لها.

    وأما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من الثياب، من أسود وأخضر أو غيرهما، مع الحذر مما فيه تبرج من شفاف، أو ضيق، أو قصير أو شهرة، وكذلك ما فيه تشبه بالرجال في لبسهم، أو ما هو من ألبسة الكفار أو ما كان مفصلا للوجه كالبرقع والنقاب، أو لليدين كالقفازين. وأما تخصيص العامة لونا معينا لإحرام المرأة، فهذا لا أصل له في الشرع.

    6- ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف ولبس ثياب الإحرام، إن كان وقت صلاة فريضة صلى، أو كان غير وقت صلاة فريضة وليس وقت نهي وأحب أن يصلي نفلا مطلقا كصلاة الضحى، أو الليل، أو أحب أن يصلي بعد تطهره ركعتي الوضوء فله ذلك، من أجل أن يقع إحرامه بعد صلاة. فقد ثبت: أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل- أي لبى بنسكه- بعد الصلاة على خلاف بين الصحابة- رضي الله عنهم- هل كان إهلاله صلى الله عليه وسلم في المسجد، أم كان حين استوى على راحلته، أم كان في البيداء؟ وإن كان الذي يترجح- والله أعلم- أنه لبى حين استقلت به راحلته كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث ابن عمر وغيره، وقد بين ذلك ابن عباس- رضي الله عنهما- وبين اختلاف الصحابة- رضي الله عنهم- في ذلك، فقال: فلما صلى- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - في مسجد ذي الحليفة ركعتين،- أوجب من مجلسه فأهل بالحج حين فرغ منه فسمع منه- قوم فحفظوه ثم ركب فلما استقلت به راحلته أهل، وأدرك ذلك منه قوم لم يشهدوه في المرة الأولى، فسمعوه حين ذلك، فقالوا: إنما أهل حين استقلت به راحلته، ثم مضى فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك قوم لم يشهدوا، فنقل كل واحد ما سمع، وإنما كان إهلاله في مصلاه وأيم الله ثم أهل ثانيا وثالثا رواه أبو داود والحاكم .

    قلت: والمقصود أنه يستحب الإحرام بعد صلاة إن تيسر له- ولا يصلي من أجل الإحرام- قال الترمذي- رحمه الله-: والذي يستحبه أهل العلم أن يحرم دبر الصلاة. وذكر النووي رحمه الله: أن استحبابه قول عامة العلماء. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن كان وقتها وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه . وقال ابن القيم- رحمه الله-: ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى للإحرام ركعتين غير فرض، و إن لم يتفق له بعد فريضة وأراد أن يصلي- يعني ركعتي نافلة- فلا يركعهما وقت نهي للنهي عنه وليس من ذوات الأسباب .




    قلت: فإذا انتهى مما يشرع للإحرام وعزم على المسير ينوي الدخول في النسك الذي يختاره ويلبي به، فلا بد من النية مع التلبية، كما تواتر عنه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه - أو سوق الهدي - كما هو رواية عن أحمد وغيره، واختاره شيخ الإسلام، وقال: بل متى ما لبى قاصدا للإحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع شيئا من ذلك، ولا كان يتكلم بشيء من ذلك، ولا كان يتكلم بشيء من ألفاظ النية، لا هو ولا أحد من أصحابه، بل كان يقول: لبيك عمرة وحجا. وكان يقول للواحد من أصحابه: بم أهللت؟

    ويخير الشخص بين أنواع النسك الثلاثة وهي:

    أ - التمتع: وهو أن يحرم بالعمرة وحدها في أشهر الحج: وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة، فيقول: لبيك عمرة وإنما يقع التمتع فيما قبل غروب الشمس يوم عرفة، والأحوط له أن لا يتمتع إذا ضاق الوقت.

    فإذا وصل مكة طاف وسعى للعمرة، وحلق أو قصر فإذا كان يوم التروية- وهو اليوم الثامن من ذي الحجة- أحرم بالحج وحده، وأتى بجميع أفعاله. ولا يوصف الناسك بالتمتع إلا إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج أما من أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج كرمضان فإنه يقال عنه معتمر ولا يقال متمتع وهكذا من أحرم بالحج وحده في أشهر الحج يقال له مفرد ولا يقال له متمتع.
    ب - الإفراد: وهو أن يحرم بالحج وحده في أشهر الحج فيقول: لبيك حجا فإذا وصل مكة طاف للقدوم، ثم سعى للحج، ولا يحلق ولا يقصر ولا يحل من إحرامه بل يبقى محرما حتى يحل منه بعد رمي جمرة العقبة والحلق يوم العيد، وإن أخرسي الحج إلى ما بعد طواف الحج يوم العيد أو بعده فلا بأس.

    جـ - القران: وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعا فيقول: لبيك عمرة وحجا أو يحرم بالعمرة أولا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، وعمل القارن كعمل المفرد، إلا أن القارن يلبي بالعمرة والحج معا، وعليه الهدي شكرا لله تعالى إذ يسر له العمرة والحج عبادتين في سفر واحد، والمفرد يلبي بالحج وحده، وليس عليه هدي.

    ودليل التخيير بين هذه الأنساك الثلاثةما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت:خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج... . الحديث. وفي صحيح مسلم عنها- رضي الله عنها- قالت:خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل الحديث . وقد حكى النووي وابن قدامة وغيرهما - رحمهم الله تعالى- إجماع العلماء على جواز الأنساك الثلاثة.

    ~


  6. #6

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•






    1- إن تيسر للشخص أن يأتي بالهدي معه من بلده دون حرج ومشقة، أو من الطريق ولوعن أدنى الحل وأراد عمرة وحجا في أشهر الحج في سفرة واحدة فإن القران أفضل له، لأن هذا هو النسك الذي أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد اختاره الله له ولم يكن الله ليختار للنبي صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل.

    2- فإن تعذر سوق الهدي، أو صار فيه حرج ومشقة- كما هو الحال في هذا الزمان- فالتمتع أفضل له، فإنه هو الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم - لمن لم يسق الهدي من أصحابه آخر الأمر وأمرهم به وحثهم عليه، وتمنى أنه لم يسق الهدي حتى يحل من إحرامه بعد العمرة، ليصير متمتعا مثلهم، موافقة لأصحابه وتطييبا لقلوبهم لما تبين له ما في نفوسهم من كراهية أن يحلوا من إحرامهم بعمرة، وهو صلى الله عليه وسلم باق على إحرامه كما في حديث جابر- رضي الله عنه- قال: أمرنا- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - لما قدمنا مكة أن نحل من إحرامنا ونجعلها عمرة، فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا . وحديث ابن عباس: فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، وقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: الحل كله فكبر عليهم أن يحلوا، وهو صلى الله عليه وسلم لم يحل وثقل التمتع عليهم، لأنهم لم يسبق لهم أن تمتعوا مع الحج، فقال تطييبا لقلوبهم: لولا أن معي الهدي لأحللت . وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة . وفي رواية: افعلوا ما أمرتكم فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله . ففعلوا

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- في التفضيل بين أنواع النسك-: التحقيق أنه يتنوع باختلاف حال الحاج:

    فإن كان يسافر سفرة للعمرة، وللحج سفرة أخرى أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج، ويعتمر ويقيم بها، فهذا الإفراد أفضل له باتفاق الأئمة.


    وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس، وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة، ويقدم مكة في أشهر الحج، فهذا إن ساق الهدي فالقران أفضل.

    وإن لم يسق الهدي- يعني وجمع بين العمرة والحج، وقدم مكة في أشهر الحج- فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل له، وهو التمتع.

    فإنه قد ثبت بالنقول المستفيضة التي لم يختلف في صحتها أهل العلم بالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما حج حجة الوداع هو وأصحابه أمرهم أن يحلوا في إحرامهم ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدي فإنه أمره أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله يوم النحر .

    قلت: ومما رجح به أهل العلم التمتع:

    1- أن الله تعالى نص عليه في القرآن

    2- وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به - من لم يسق الهدي من أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة- وتأسف أنه لم يوافقهم لكونه ساق الهدي، وهو صلى الله عليه وسلم لا يختار لهم فيأمرهم إلا بالأفضل، ولا يتأسف إلا على الأفضل.
    وأحاديث التمتع متواترة رواها أكابر الصحابة.


    3- و لإتيانه بأفعالهما كاملة على وجه اليسر و السهولة

    قال الترمذي- رحمه الله: وأهل الحديث يختارون التمتع بالعمرة إلى الحج، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.

    النسك الذي أهل به النبي صلى الله عليه وسلم

    تقدمت الإشارة فيما سبق إلى أن القران وهو الجمع بين العمرة والحج بتلبية وبإحرام واحد دون فصل بينهما بتحلل هو النسك الذي أهل به النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو النسك الذي اختاره الله له فإنه ساق الهدي معه من المدينة وهذا هو الذي منعه صلى الله عليه وسلم من التحلل بالعمرة وأن يفعل مثل الذي أمر به أصحابه.

    وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما فعن ابن عمر- رضي الله عنهما-: أنه- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - قرن الحج إلى العمرة متفق عليه. وقال عمران بن حصين. في مرضه الذي توفي فيه- لمطرف: اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حج وعمرة رواه مسلم .

    وفي البخاري عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم - بوادي العقيق- يقول: أتاني آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة . وعند مسلم عن أنس- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا: لبيك عمرة وحجا، لبيك عمرة وحجا .






    ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن تلبية النبي صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك .

    وقد أجمع المسلمون على لفظ التلبية في حديث ابن عمر- كما حكاه غير واحد- واختلفوا في الزيادة عليه مثل ما روي عن عمر و ابنه- رضي الله عنهما- أنهما كانا يزيدان: لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل . فكرهها بعض أهل العلم وأجازها طائفة منهم واستحبها آخرون.

    ولعل الذي يترجح- والله أعلم- الجواز لأنه ثبت في صحيح مسلم عن جابر- رضي الله عنه- وذكر تلبية النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأهل الناس بهذا الذي يهلون به- يعني من الزيادة على تلبيته صلى الله عليه وسلم - فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئافهذا يدل على جواز الزيادة التي أقرهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا من السنة التقريرية وهي أحد أنواع السنة لكن الاقتصار على تلبيته صلى الله عليه وسلم أفضل.

    ومما ينبغي أن يعلم:

    1- أن التلبية هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم، ففيها ما يشعر بإكرام الله لعباده بأن كان إيفادهم باستدعاء منه عز وجل في قوله: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر
    يأتين من كل فج عميق
    .
    فإن معنى لبيك اللهم لبيك : أي إجابة لك بعد إجابة، أو أنا مقيم على طاعتك وإجابة دعوتك وأمرك لنا بالحج ،
    فإن الملبي هو المستسلم المنقاد لداعيه.


    2- و أنها شعار الحج,ففي الحديث:أفضل الحج و العج و الثلج

    والعج: هو رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة دماء الهدي. ولهذا يستحب رفع الصوت بها من الرجال ما لم يفض إلى مشقة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولأنها شعار الحج، وليقتدى به.

    قال أبو حازم:كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغون الروحاء حتى تبح حلوقهم من التلبية. وفي الموطأ والسنن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي، أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال يعني التلبية . ولفظ الموطأ: أن آمر أصحابي، أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال .

    ولأحمد وابن ماجة وصححه ابن حبان عن زيد بن خالد رضي الله عنه مرفوعا: أتاني جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج .

    3- وأنه يستحب الإكثار من التلبية والاستمرار حال الإحرام، فلا يقطعها في العمرة إلا عند الشروع في الطواف، ولا يقطعها في
    الحج إلا إذا شرع في رمي جمرة العقبة، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: استحباب الإكثار من التلبية عند اختلاف الأحوال وتستحب في مكة، والبيت، وسائر مساجد الحرم، كمسجد منى وعرفات، لأنها مواضع النسك، وتتأكد دبر الصلوات المكتوبات، ولو في غير جماعة. روي عن جابر- رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبي في حجته إذا لقي راكبا أو علا أكمة أو هبط واديا، وفي أدبار الصلوات المكتوبة، وفي آخر الليل


    قلت: وروى الشافعي عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه كان يلبي راكبا ونازلا و مضطجعا وروى ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال: كان السلف يستحبون التلبية في أربعة مواضع: في دبر الصلوات، وإذا هبطوا واديا أو علوه، وعند التقاء الرفاق وثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما موسى كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي .

    فينبغي الإكثار من التلبية خصوصا عند تغير الأحوال والأزمان، إذا علا مرتفعا أو هبط منخفضا وعند الدخول والخروج، والركوب والنزول، وإقبال الأوقات وأدبارها، وعند تلاقي جموع الناس في الطرقات، فإن الاشتغال بالتلبية ورفع الصوت بها من الرجال إعلانا للتوحيد وتعظيما لتلك الشعيرة، وشغلا للوقت بالذكر، واشتغالا عما لا يفيد أو يضر من الكلام.

    واستحب بعض أهل العلم الدعاء بعد التلبية والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه موضع يشرع فيه ذكر الله تعالى فشرعت فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كالصلاة والأذان وقد روى الدارقطني وغيره: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من تلبيته سأل الله الجنة واستعاذ برحمته من النار .


    ~

  7. #7

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•




    إذا خاف المحرم أن لا يتمكن من أداء نسكه لعارض من مرض، أو مطر أو خوف، أو غلب على ظنه أن يمنع من قبل ولاة الأمر بسبب الإجراءات النظامية، ونحو ذلك من العوائق، يستحب له أن يشترط عند الإحرام،فيقول ما ورد في الحديث:لبيك اللهم لبيك ومحلي من الأرض حيث حبستني رواه الترمذي وغيره وصححه .

    وفي الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: أن ضباعة بنت الزبير قالت:
    يا رسول الله، إني أريد الحج وأنا شاكية- أي مريضة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني . ولأحمد قال صلى الله عليه وسلم : فإن حبست- يعني مرضت- فقد حللت من ذلك بشرطك على ربك فمتى حبس عن الحج بمرض أو عدو أو مطر أو نظام، حل من إحرامه، ولا شيء عليه، وهذه فائدة الاشتراط عند الإحرام. أما من لا يخاف من عائق يعوق عن أداء الحج أو العمرة، فإنه لا ينبغي له أن يشترط، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط ولم يأمر به إلا من كان مريضا.








    أصل الحظر المنع، فالمحظور الممنوع، ومحظورات الإحرام هي: الأمور التي يمنع المحرم من فعلها بسبب الإحرام مدة الإحرام ففعلها حال الإحرام من غير عذر حرام، وتلزم بها الكفارة وهو أنواع:


    أولا محظورات الإحرام المشتركة بين الرجال والنساء


    1- إزالة شعر الرأس بحلق أو نتف أو قلع ونحو ذلك- وإنما عبر بالحلق لأنه الغالب- قال تعالى: ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله . فنهى سبحانه عن حلق الرأس حال الإحرام، إذ حلق الشعر يؤذن بالرفاهية، وهي تنافي الإحرام لكون المحرم أشعث أغبر قيس على شعر الرأس شعر البدن اتفاقا- من أهل العلم- فإنه في معناه في حصول الترفه به، بل أولى، فإن الحاجة لا تدعو إليه.
    ونص أهل العلم على أن تقليم الأظفار ممنوع منه المحرم حال الإحرام، أشبه إزالة الشعر . حكى الإجماع عليه غير واحد من أهل العلم. قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره، لكونه مؤذنا بالرفاهية وهي منافية لحال المحرم .
    لكن لو انكسر ظفره وتأذى به فقال جماعة من أهل العلم لا بأس أن يزيل المؤذي منه فقط ولا شيء عليه.

    2- لبس القفازين، وهما شراب اليدين وشبههما مما هو مخيط، أو مصنوع لليدين
    ففي صحيح البخاري رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين .

    3- ويمنع المحرم من قتل الصيد حال الإحرام، وفي الحرم، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم أي لا تقتلوا الصيد وأنتم محرمون بالحج أو العمرة، ولا تقتلوا الصيد عند الحرم، فكلاهما مراد بالآية، فيحرم الاصطياد حال الإحرام، وفي الحرم، بإجماع المسلمين وعليه الجزاء.

    والمراد كل حيوان متوحش مأكول اللحم، مثل الظباء والأرانب والحمام والجراد والحمار الوحشي. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يصطاد- يعني المحرم- صيدا بريا، ولا يعين عليه، ولا يذبحه، ولا يصطاد بالحرم صيدا وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح بل ولا ينفر صيده، مثل أن يقيمه ليقعد مكانه .

    4- تعمد استعمال الطيب بعد الإحرام في الثوب أو البدن أو غيرهما

    أما الطيب الذي يتطيب به قبل الإحرام، فإنه لا يضره بقاؤه بعد الإحرام، لأن الممنوع بعد الإحرام، ابتداء الطيب دون استدامته. وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ولا يلبس- أي المحرم- ثوبا مسه ورس ولا زعفران لأنهما من الطيب.
    وقد حكى ابن رشد والنووي- رحمهما الله- إجماع الأمة على تحريم لبس ما مسه الورس والزعفران، والرجل منهي عن التزعفر خارج الإحرام، ففيه أشد، وألحقوا بهما جميع ما يقصد به الطيب، فإن الشارع نبه بهما على اجتناب الطيب وما يشبههما في ملاءمة الشم، فيؤخذ منه تحريم الطيب مطلقا على المحرم من رجل أو امرأة، وهو مجمع عليه فيما يقصد به التطيب كما سبق.

    وقال بعض أهل العلم: نبه النبي صلى الله عليه وسلم بالورس والزعفران على ما هو أطيب منهما كالمسك والعنبر ونحوهما، وإذا حرم في الثوب ففي البدن أولى . وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم ليعلى بن أمية:انزع قميصك واغسل هذه الصفرة عنك . وفى البخاري قال صلى الله عليه وسلم : اخلع عنك الجبة واغسل أثر الخلوق عنك واتق الصفرة . وقال في الذي وقصته راحلته يوم عرفة: ولا تحنطوه، ولا تمسوه طيبا، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا . وذكر بعض أهل- العلم أن من حكمة تحريم الطيب كونه داعيا إلى الجماع، ومنافيا لحال الحاج، فإن الحاج أشعث أغبر قد أعرض عن زينة الدنيا وملاذها، وجمع همه على الآخرة، وظهر بمظهر الخاشع الذليل المتذكر للقدوم على ربه.

    5- ومن أعظم محظورات الإحرام على الرجل والمرأة الجماع في الفرج، ويفسد به الحج- إذا كان قبل التحلل الأول- ويلزم إكمال مناسك حجه، وإن كان فاسدا، وعليه فدية بدنة، وقضاؤه في العام الذي بعده، وذهب جمع من الصحابة والتابعين وغيرهم من فقهاء الأمة، أنه يجب التفريق بين الزوجين في حجة القضاء من المكان الذي حصل فيه الجماع، حتى يفرغا من أداء مناسكهما، إذا لم يترتب على تفريقهما مفسدة أكبر، والقصد من ذلك ألا يقع منهما الجماع في النسك مرة أخرى، فإن للأماكن تأثيرا على النفوس.


    ومن دواعي الجماع و مقدماته وتحريمها في الإحرام من باب الذرائع:

    1- عقد النكاح والموافقة عليه:

    في صحيح مسلم عن عثمان- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب . يعني لا يعقد المحرم بحج أو عمرة النكاح لنفسه، ولا يتولى العقد لغيره بولاية ولا وكالة، بالجزم فيهما على النهي، وهو الرواية الصحيحة، وهو مذهب جمهور أهل العلم: مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. مع أن النفي بمعنى النهي بل أبلغ. وفرق عمر- رضي الله عنه- بين رجل تزوج بامرأة وهو محرم. رواه مالك وغيره .

    وحكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن المحرم لا يعقد لنفسه ولا لغيره، ويفسد العقد بالإحرام، فإن الإحرام يمنع الوطء ودواعيه، فمنع صحة العقد حسما لمواد النكاح عن المحرم، لأنه من دواعيه- كالطيب- لكن لا فدية عليه، لأنه عقد فسد لأجل الإحرام فلم يجب به فدية.


    2- النظر والمباشرة والتقبيل والغمز:

    فإنها من الرفث المنهي عنه، بقوله تعالى: الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث . وفي الحديث الصحيح: من حج فلم يرفث...، . والمعنى من حج أوجب على نفسه الحج بالشروع فيه، فعليه أن يجتنب الرفث.
    قال الأزهري: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة . وقال شيخ الإسلام: الرفث اسم للجماع قولا وعملا . وحكى ابن المنذر الإجماع من أهل العلم عليه.



    ~


  8. #8

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•


    ثانيا محظورات الإحرام الخاصة بالرجال

    1- لبس المخيط، وهو أن يلبس الثياب ونحوها مما هو مفصل على هيئة البدن، أو العضو على صفة لباسها في العامة كالقميص، والفنيلة، والسروال، فلا يجوز للمحرم لباسها على الوجه المعتاد.فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم؟ فقال: لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف . وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس السراويل . والمعنى أنه يلبس الخفين حتى يجد النعلين، ويلبس السراويل حتى يجد الإزار.

    2- تغطية الرأس بملاصق، كالطاقية ونحوها، فإنه من محظورات الإحرام، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن لبس العمائم والبرانس متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته راحلته: ولا تخمروا- يعني تغطوا- رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا متفق عليه . أما غير الملاصق كالشمسية والخيمة وسقف السيارة فلا بأس به لما ثبت: أنه صلى الله عليه وسلم رفع عليه ثوب- حين ذهب يرمي جمرة العقبة- يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة . رواه مسلم. قال ابن القيم: كل متصل ملامس يراد لستر الرأس كالعمامة والطاقية والقبعة والخوذة ونحوهما، ممنوع بالاتفاق، وكان ابن عمر- رضي الله عنهما- يقول: إحرام الرجل في رأسه، والأذنان منه للإخبار، فما كان منه حرم على الذكر تغطيته.
    قلت: وهكذا تغطية الرجل وجهه فإنها من محظورات الإحرام على الصحيح فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله الذي وقصته راحلته: ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا متفق عليه واللفظ لمسلم.


    ثالثا محظورات الإحرام الخاصة بالنساء


    وأما الذي تنفرد به النساء دون الرجال من محظورات الإحرام فهو لبس البرقع والنقاب ونحوهما، مما هو مفصل للوجه قال صلى الله عليه وسلم لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين رواه البخاري .

    ويباح لها من المخيط ما سوى ذلك كالقميص و السراويل والخفين والجوارب للرجلين ونحو ذلك، ويباح لها سدل غطاء على وجهها من رأسها، ولا يضرها مماسته لوجهها. قالت عائشة- رضي الله عنها: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أبو داود وغيره .
    وعن فاطمة بنت المنذر رحمها الله قالت: كنا نخمر- تعني نغطي - وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها صححه الحاكم وأقره الذهبي.

    وكذلك يباح لها تغطية يديها بثوبها أوعباءتها أو غيرهما سوى القفازين، إذا كانت بحضرة رجال أجانب وضابط الأجنبي هنا: هو كل من يحل له التزوج بالمرأة، إذا كانت غير ذات زوج فإن الوجه واليدين من أعظم زينة المرأة، والناس يستدلون بهما- عند النكاح- على غيرهما،
    وقد قال تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن او آبائهن . وأمر الرجال بقوله: وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن






    من ارتكب محظورا من المحظورات السابقة، فله أحوال، لكل حال حكم يليق بها:

    أولا:
    فإن فعل المحظور جاهلا أو ناسيا أو مكرها فلا إثم عليه، ولا فدية، لقوله تعالى وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم . وقوله سبحانه: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا . وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى قال: قد فعلت أي لا أؤاخذكم على الخطأ والنسيان. وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . فإن هذه نصوص عامة تفيد رفع المؤاخذة عن المعذور بالجهل والنسيان والإكراه، فيدخل فيها من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام وغيره.

    ثانيا: أن يفعل المحظور لحاجة إلى ذلك، مثل أن يحتاج إلى لبس القميص لدفع برد يخاف منه الضرر، أو يحلق رأسه لمرض ونحوه. وهكذا قص الشعر و تقليم الأظافر و نحوه مما أطلق عليه الفقهاء رحمهم الله تعالى اصطلاح فدية الأذى فيجوز أن يفعل ذلك المحظور- من هذا القبيل- ولا إثم عليه ولكن عليه فديته وهي على التخيير: إما ذبح رأس من الضأن أو الماعز يجزيء في الأضحية، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد،
    لحديث كعب بن عجرة- رضي الله عنه-: حين حمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر من رأسه على وجهه، فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه ويفديولا يلحقه الإثم لعذره. والحديث نص في حلق الرأس وقاس عليه الفقهاء المحظورات التي سبق ذكرها.

    ثالثا: أن يفعل المحظور بلا عذر ولا حاجة، فهذا آثم متعرض للوعيد فيحتاج إلى توبة نصوح عن فعله مع الفدية التي سبقت الإشارة إليها، لقوله تعالى: ولكن ما تعمدت قلوبكم . يعني تؤاخذون عليه. وقوله في الصيد: ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم حيث جعل سبحانه الجزاء على متعمد القتل فقط.




    1- لبس النعلين، وإن كان حين عقد الإحرام حافيا

    2- عقد إزار الإحرام وربطه بخيط، أو كمر أو سبتة ونحو ذلك، لسترعورته، وحفظ نقوده و غيرها.

    3- لبس ساعة اليد، والنظارات، والخاتم، وسماعة الأذن ونحوها، فإن هذه الأمور و شبهها مما ليس ساترا للعضو أو البدن، لكونه مفصلا على هيئة لم يرد فيها منع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليست في معنى المنصوص عليه منعه بل إن تحديد النبي صلى الله عليه وسلم ، لما لا يلبسه المحرم فيه تنبيه على أن كل ما سوى المذكورات فإن للمحرم لبسه، ولا سيما عند الحاجة.

    4- غسل ملابس الإحرام إذا اتسخت، وتبديلها بمثلها إذا احتاج إلى ذلك.

    5- الاغتسال بالماء وغسل رأسه وبدنه- عند الحاجة- بما ليس فيه روائح عطرية، وحك رأسه وجلده برفق وسهولة، ولو سقط منه شعر بسببه فلا حرج عليه. ويجب عليه الغسل من الجنابة.

    6- حمل المتاع على رأسه، إذا لم يكن قصده ستر رأسه.

    7- الاستظلال بغير ملاصق للرأس، كالشمسية والخيمة ونحوهما.

    8- الحجامة في الرأس وغيره للحاجة- ولو احتاج إلى قطع شيء من الشعر- والافتصاد، وكذلك إجراء عملية جراحية له عند الحاجة،فإنه صلى الله عليه وسلم : احتجم في وسط رأسه وهو محرم . ولا يمكن ذلك إلا مع قطع بعض الشعر.

    9- قتل ما يضر ويؤذي، إذا لم يكن دفعه بأقل من ذلك، لما ثبت في الصحيح عن عائشة- رضي الله عنها- مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحرم : الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور متفق عليه . وللبخاري: والحية. فنبه بذكر هذه الخمس المؤذية على جواز قتل المضر- ما سوى بني آدم فيدافعه مهما أمكن- واتفقوا على قتل ما في معنى هذه الفواسق لخروجها بالإيذاء و الإفساد عن معظم الدواب، بل اشتمل الخبر على السباع الضارية والهوام القاتلة، والطير الذي هو من الهوام المستخبثة اللحم ومحرم الأكل بجمع الكل، فاعتبروه ورتبوا عليه الحكم.

    ~

  9. #9

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•








    1- إذا وصل المحرم مكة شرفها الله استحب له أن يغتسل إن تيسر له ذلك قبل دخولها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك . فإن لم يتيسر له الغسل توضأ ليطوف على طهارة لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه أول شيء بدأبه حين قدم، أنه توضأ ثم طاف بالبيت

    2- يجوز للمحرم أن يدخل مكة والمسجد من جميع الجهات، لكن الأفضل أن يأتي من وجه الكعبة من باب بني شيبة باتفاق أهل العلم، فإن باب بني شيبة من جهة المسعى قريبا من الصفا جهة باب الكعبة- والبيوت تؤتى من أبوابها- ومن ثم كانت جهة باب الكعبة أشرف جهاتها الأربع، وفيها الحجر الأسود، لما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم : أناخ راحلته عند باب بني شيبة. قال معنى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

    3- إذا وصل الحاج أو المعتمر المسجد الحرام يقدم رجله اليمنى عند دخوله ويقول عند دخوله ما صح به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم رواه أبو داود وغيره ويقولبسم الله والصلاة والسلام على رسول الله رواه مسلم وابن السني اللهم افتح لي أبواب رحمتك رواه مسلم وإذا خرج من المسجد قدم رجله اليسرى وقال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم إني أسألك من فضلك رواه مسلم وغيره . اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم رواه ابن ماجة وهذه الأذكار تقال عند سائر المساجد إذ لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر خاص بدخول المسجد الحرام دون غيره.

    4- وإذا رأى الكعبة البيت الحرام يستحب أن يقول كما قال سعيد بن منصور في سننه،والشافعي في سننه عن ابن جريج مرسلا وعن عمر موقوفا وسمعه سعيد بن المسيب عن عمر ورواه البيهقي عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وكبر وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا، وزد من عظمه وشرفه ممن حجه واعتمره تكريما وتشريفا وتعظيما ومهابة وبرا .وإن زاد:الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله. والحمد لله الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهلا والحمد لله على كل حال. اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام وقد جئت لذلك. اللهم تقبل مني واعف عني وأصلح لي شأني لا إله إلا أنت فحسن ذكر ذلك إبراهيم الحربي والأثرم وغيرهما.

    5- أول ما يبتدئ به داخل مكة الطواف بالبيت فإن كان معتمرا أو متمتعا بالعمرة إلى الحج فهو طواف العمرة، وإن كان قارنا أو مفردا فهو طواف القدوم.

    6- إذا وصل المحرم بالعمرة الكعبة قطع التلبية قبل أن يشرع في الطواف، أما القارن والمفرد فيقطع التلبية عند الشروع في رمي جمرة العقبة يوم العيد.








    يتقدم من يريد الطواف إلى الحجر الأسود، ليبتدئ الطواف باستلامه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فيستقبله ثم يستلمه بيمينه ويقبله، ويقول عند استلامه: "بسم الله والله أكبر" فإن لم يتيسر له استلامه وتقبيله لمشقة الزحام، استلمه بيده، بأن يضع طرف يده أو أصابعه عليه ولو عن بعد، أو استلمه بعصى وقبل ما استلمه به وقال: "الله أكبر " فإن لم يستطع استلامه لا بيده ولا بشيء أشار إليه وكبر ولا يقبل ما يشير به، ولا يزاحم من أجل الاستلام والتقبيل فيؤذي الناس، فإن ذلك مما يوجب الإثم.روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه:إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله وهلل وكبر

    وكذلك المرأة يحرم عليها ان تزاحم الرجال من أجل الاستلام، فإن مفسدة مزاحمتها للرجال وما يترتب على ذلك من الفتنة، أعظم من مصلحة استلامها ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح .

    ثم بعد ذلك يتجه في طوافه ذات اليمين- جاعلا الكعبة وحجر إسماعيل عن يساره- ويقول في ابتداء طوافه: اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعا سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فإن ذلك قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم . كما في سنن البيهقي ومصنف عبد الرزاق وغيرهما .


    فإذا بلغ الركن اليماني استلمه، بأن يضع يده عليه من غير تقبيل، فإن لم يتيسر له فلا يزاحم عليه ولا يشير إليه.

    ويدعو بين الركن اليماني والحجر الأسود قائلا:
    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وإن زاد:اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة فلا بأس. فإذا وصل الحجر الأسود أو حاذاه فقد تم شوطه.

    فكل دورة كاملة على الكعبة وحجر إسماعيل من عند الحجر الأسود أو محاذاته إلى أن يرجع إلى ما ابتدأ منه فهي شوط، فإذا فعل ذلك سبع مرات فقد أتم طوافه. والمشروع أن يستلم الحجر الأسود ويقبله في ابتداء كل شوط ويقول: الله أكبر فإن لم يتيسر له ذلك فإذا حاذه استقبله وأشار إليه. وفي البخاري عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال:
    كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا طاف الطواف الأول- يعني القدوم- خب ثلاثا ومشى أربعا وفيه عنه: طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين .








    الأول: في الصحيح عن عائشة- رضي الله عنها: حج النبي صلى الله عليه وسلم فكان أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت والذي عليه الجمهور أن الوضوء شرط في الطواف لفعله صلى الله عليه وسلم ، وقوله: خذوا عني مناسككم .
    وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة- رضي الله عنها- وقد حاضت: افعلي كما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري .

    الثاني: ليس للطواف ذكر معين- غير ما سبق عند استلام الحجر، وابتداء الطواف، وبين الركنين- بل على الطائف أن يدعو في طوافه بسائر الأدعية الشرعية المأثورة، من الذكر والدعاء وقراءة القرآن، وأن يخفض صوته بذلك فإنه أبعد عن الرياء، وأسلم من التشويش على الآخرين وإيذائهم.

    الثالث: من سنن طواف العمرة، أو القدوم بالنسبة للقارن والمفرد الاضطباع في جميع أشواط هذا الطواف السبعة وهو أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه فعله هو وأصحابه في عمرة الجعرانة. قال بعض أهل العلم: وحكمته على هيئة أرباب الشجاعة، وإظهارا للجلد في ميدان تلك العبادة وللاستعانة، بذلك على الرمل
    وليرى المشركون قوتهم ،ثم صار سنة في كل طواف قدوم.

    الرابع: ومن سنن طواف القدوم أيضا الرمل، وهو مسارعة المشي مع تقارب الخطا، في الثلاثة الأشواط الأولى فقط منه. لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: ق
    دم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وقد وهنتهم- أي أضعفتهم- حمى يثرب. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط، وأن يمشوا بين الركنين- يعني بين الركن اليماني والحجر الأسود-. ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء- أي الرفق والشفقة- عليهم ولما رملوا في حجة الوداع أسرعوا في جميع كل طوفة فكانت سنة مستقلة.

    فكان هذا أصل سنة الرمل في طواف القدوم، وسببه إغاظة المشركين، وكان في عمرة القضاء ثم صار سنة ثابتة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم له في حجة الوداع، مع زوال سببه فكان كالسعي والرمي، ويختص الرمل بالرجال دون النساء، ولا رمل في غير طواف القدوم.

    الخامس: لا يستلم من أركان الكعبة إلا الحجر الأسود والركن اليماني. لحديث ابن عمر- رضي الله عنهما-:
    أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في طوافرواه أبو داود .

    وعند مسلم عنه قال:
    ما تركت استلام هذين الركنين منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما . وروي عنه مرفوعا: إن مسح الركن اليماني والحجر الأسود يحط الخطايا حطا . وقال سمعته يقول: إن مسحهما كفارة للخطايا .

    قلت: فالحجر الأسود يستلم لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقبل أيضا لثبوته كذلك. ففي الصحيح عن عمر- رضي الله عنه-:
    أنه قبل الحجر وقال: أما والله لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك رواه البخاري . وعن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله رواه البخاري . ولأنه على قواعد إبراهيم.

    وأما الركن اليماني فيستلم لثبوت استلام النبي صلى الله عليه وسلم له، ولكونه على قواعد إبراهيم، ولا يقبل لعدم ثبوت تقبيله عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الركنان الآخران وهما الشامي والعراقي فلم يستلمهما النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم فإنهما داخل البيت.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
    وأما سائر جوانب البيت، ومقام إبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد، وحيطانها، ومقابر الأنبياء، والصالحين، وصخرة بيت المقدس، فلا تستلم، ولا تقبل، باتفاق الأئمة، فإن التقبيل والاستلام تعظيم، والتعظيم خاص بالله تعالى فلا يجوز إلا فيما أذن فيه .

    السادس: من أعظم المنكرات والكبائر الموبقات تبرج النساء فى الطواف والسعي وسائر الحرم بالتعطر وإظهار الحلي وما فيه الشهرة من اللباس، وكشفهن لوجوههن وخاصة عند استلام الحجر وتقبيله. فإن الفتنة من أعظم الإلحاد والإفساد في الحرم، قال تعالى:
    ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم . والإلحاد هو الميل عن الحق قصدا، فالسيئة معظمة في الحرم بمكة، فرب امرأة طافت تبتغي الغفران فخرجت بسبب تبرجها وفتنتها محملة بالأوزار، حيث استحوذ عليها الشيطان: استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله .

    السابع: إذا فرغ من الطواف ارتدى بردائه- أي جعله على كتفيه وطرفيه على صدره- ثم ذهب إلى خلف المقام- إن تيسر له- فيصلي ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة ب: قل يا أيها الكافرون وفي الثانية بعد الفاتحة ب: قل هو الله أحد . لحديث ابن عمر في البخاري: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا ثم صلى خلف المقام ركعتين .

    فإن لم يتيسر له صلاتهما خلف المقام لشدة الزحام وإيذاء الناس، صلى في أي موضع في المسجد، ولو صلى خارج المسجد خشية فوات رفقته أو لنحو ذلك، جاز له ذلك. ففي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم سلمة- رضي الله عنها:
    إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون- ففعلت ذلك- فلم تصل حتى خرجت وفيه أيضا: طاف عمر بعد الصبح فركب حتى صلى الركعتين بذي طوى .



    ~

  10. #10

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•




    ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الركعتين بعد طوافه خرج إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية فقال: ابدأ بما بدأ الله به فرقى الصفا حتى رأى البيت فاستقبله- يعني بوجهه وجسده، فوحد الله وكبره ثلاثا وقال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحدهوفي لفظ: أنه صلى الله عليه وسلم قاله ثلاث مرات- ثم دعا بين ذلك .

    فيشرع للحاج والمعتمر إذا صعد على الصفا أنه يتوجه بوجهه وجسده إلى البيت ثم يرفع يديه على هيئة الدعاء بحيث يجعل بطونهما قبل وجهه وجسده إلى البيت ثم يرفع يديه على هيئة الدعاء بحيث يجعل بطونهما قبل وجهه وظهورهما نحو الأرض فيكبر هذا الذكر ويدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة يصنع ذلك ثلاث مرات. قال الإمام أحمد وغيره: يدعو بدعاء ابن عمر رضي الله عنهما، وهو اللهم اعصمني بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك. اللهم جنبني حدودك. اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك وأولياءك وعبادك الصالحين. اللهم يسر لي اليسرى، وجنبني العسرى، واغفر لي في الآخرة والأولى، واجعلني من أئمة المتقين، واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لي خطيئتي يوم الدين.
    اللهم انك قلت: ادعوني أستجب لكم وإنك لا تخلف الميعاد. اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعه مني ولا تنزعني منه حتى توفاني وأنا على الإسلام، اللهم لا تقدمني للعذاب ولا تؤخرني لسوء الفتن .

    قلت: ثم ينزل ماشيا متوجها من الصفا إلى المروة فإذا وصل العلم- أي العمود- الأخضر فيشرع للرجل- دون المرأة- الإسراع إن تيسر له وهو السعي أي شدة الركض حتى يصل إلى العلم- أي العمود- الأخضر الثاني، ثم يعود إلى المشي.

    فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم :
    كان يسعى ببطن المسيلقلت: وهو ما بين العمودين الأخضرين فإنهما جعلا علامة عليه. وعند أحمد وغيره عن حبيبة بنت أبي تجرأة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى وإن مئزره ليدور به من شدة السعي، وسمعته يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي . والعمدة في وجوبه، سعيه صلى الله عليه وسلم مع قوله: خذوا عني مناسككم

    ومن حكمة شرعية السعي ما ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما سعى رسول صلى الله عليه وسلم بالبيت، وبين الصفا والمروة ليري المشركين قوته رواه البخاري .

    وأما المرأة فالمشروع في حقها المشي في كل المسعى فإنها عورة. وليس للسعي بين الصفا والمروة ذكر مخصوص غير ما سبق، بل يستحب أن يكثر في سعيه من الذكر والدعاء وقراءة القرآن، فإنما شرع الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله تعالى.

    وقد ثبت عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يقولان في السعي: رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز والأكرم .

    فإذا وصل إلى المروة رقى عليها- إن تيسر له- وقال ما قاله عند الصفا، وفعل كما فعل، فإن الدعاء على الصفا والمروة محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا تم له الشوط الأول.

    ثم يرجع متوجها من المروة إلى الصفا بنفس الكيفية التي جاء بها إلى المروة، يمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه، ويشتغل بذكر ربه ودعائه حتى يصل إلى الصفا فيرقى عليه، فيفعل كما فعل في المرة الأولى وبهذا تم له الشوط الثاني.

    وهكذا يتردد بين الصفا والمروة، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر، حتى يتم له من ذلك سبعة أشواط، ينتهي منها بالمروة، وبذلك يتم سعيه فإن النبي - صلى الله عليه وسلم بدأ بالصفا وانتهى بالمروة،
    وقال: أبدأ بما بدأ الله . وفي لفظ: ابدءوا بما بدأ الله به . وقال: خذوا عني مناسككم . وفي الصحيح عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة سبعا وقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .





    الأول: يستحب أن يسعى المحرم وهو على طهارة كاملة من الأحداث والنجاسات، فإن ذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه توضأ قبل أن يطوف ويسعى، ولذلك فهي مستحبة عند أكثر أهل العلم. وجمهور أهل العلم على أن السعي لا تشترط له الطهارة، فلو سعى المحرم على غير طهارة أو حاضت- المرأة بعد الطواف فالسعي صحيح ومجزئ، ومن أدلة ذلك قوله-صلى الله عليه وسلم للحائض والنفساء: افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري .فقد استنبط أهل العلم من هذا التوجيه النبوي الكريم أن غير الطواف من المناسك لا تشترط له الطهارة، فيصح من غير طهارة .

    الثاني: الأفضل أن يسعى المحرم بعد الطواف مباشرة ، وأن يتم سعيه حتى ينتهي منه فإن هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكن لو أخر السعي عن الطواف لمرض أو عجز أو نحو ذلك من الأمور الضرورية، ثم سعى في نفس اليوم ولو فى الليل فقد رجح جواز ذلك بعض أهل العلم. وهكذا لو احتاج إلى قطع السعي لصلاة فريضة، أو جنازة، أو ليستريح من تعب ونحو ذلك قطعه، ثم أتم ذلك إذا زال سبب القطع، ويبدأ من المكان الذي انتهى عنده من الشوط، فلا يحتاج أن يعيد من أول الشوط الذي قطعه، وسعيه صحيح على الصحيح من أقوال أهل العلم.

    الثالث: إذا شك في عدد أشواط الطواف أو السعي:
    فإن كان كثير الشك أي من عادته كثرته فلا يلتفت إلى ذلك، فإنه من الوسواس.


    أما إن لم يكن كثير الشك:
    فإن كان شكه بعد أن أتم الطواف والسعي، فإنه لا يلتفت إليه إلا إن استيقن أنه ناقص فيكمل النقص.

    وأما إن كان الشك وهو في أثناء الطواف أو السعي، فلا يدري مثلا هل هو في الشوط الثالث أو الرابع، فإن ترجح عنده أحد الأمرين عمل بالراجح، وإن لم يترجح عنده شيء عمل باليقين وهو الأقل، فإذا تردد هل هو في الثالث أو الرابع ولم يترجح عنده شيء اعتمد أنه في الثالث وكمل ما بقي.

    إذا أكمل السعي :

    فإن كان معتمرا- في غير أشهر الحج- أو متمتعا بالعمرة إلى الحج لأنه في أشهره، فإنه يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل، إلا أن يكون متمتعا وكان قدومه قريبا من وقت الحج فيقصر ليترك شيئا من شعره للحج، فإنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالرحمة-. وفي لفظ: المغفرة ثلاث مرات، وللمقصرين مرة . وأمر صلى الله عليه وسلم الذين لم يسوقوا الهدي من أصحابه- وكان قدومهم صبح رابع من ذي الحجة- أن يحلوا بعد طوافهم ويقصروا، ولم يأمرهم بالحلق.


    ولا بد من تعميم التقصير عض الجهال الذين يخدعهم الصبيان في المسعى، بأخذ شعرتين أو شعرات من أطراف الرأس، فإن هذا لا يجزئ و، يحصل به التحلل وكمال النسك.

    والمرأة الواجشعر رأسها فتأخذ منه قدر أنملة وهي رأس الإصبع الذي فيه الظفر ويكفي ذلك في تحللها.

    وبالحلق أو التقصير من المعتمر والمتمتع يكون قد تحلل من عمرته وفرغ من إحرامه فيحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام. ويكون حلال حلا تاما كهيئته في بلده.


    وأما المفرد أو القارن الذي ساق الهدي فإنه لا يحلق ولا يقصر بعد السعي بل يبقى على إحرامه حتى يرمي الجمرة يوم العيد، ويحلق أو يقصر أو يطوف طواف الإفاضة وبذلك يتحلل التحلل الأول فإذا فعل الثلاثة كلها حل الحل التام.

    ويشرع لمن أحرم بالحج وحده أو بالحج والعمرة ولم يسق الهدي إذا فرغ من السعي أن يقصر من رأسه ويحل من إحرامه فيجعلها عمرة،
    لما في الصحيح عن جابر- رضي الله عنه-: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يجعلوها عمرة، ويطوفوا ثم يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي .
    وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، منهم ابن عباس وغيره.




    ~

  11. #11

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•




    أولا : يوم التروية

    أ- إذا كان يوم التروية- وهو اليوم الثامن من ذي الحجة- استحب للمحلين بمكة من المتمتعين، ومن أراد الحج من أهلها ومجاوريها الإحرام بالحج من مساكنهم ومواطن إقامتهم، ويشرع لهم قبل الإحرام الاغتسال والتنظف والتطيب والإحرام بعد صلاة فريضة أو نافلة- إن تيسر ذلك- ثم يحرمون، بأن ينوي أحدهم النسك بقلبه ثم يلبي به كما يفعل عند الميقات فيقول: لبيك حجا، وإن كان حاجا عن غيره قال عن فلان، يعني الذي ينوب عنه ولو لم يذكر اسمه فلا حرج إذ تكفي فيه النية والله يعلم ما في القلب.

    فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع أقاموا بالأبطح بعد طوافهم وسعيهم يوم قدومهم مكة، وأحرموا منه يوم التروية بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذهبوا إلى الحرم ليحرموا منه أو من تحت الميزاب، أو ليطوفوا الوداع قبل خروجهم- كما يعتقده بعض العوام وأشباههم- إذ لو كان ذلك مشروعا لعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم إياه، فلما لم يذهبوا من مقر إقامتهم إلى الحرم ليحرموا منه أو ليوادعوه، علم أن ذلك ليس مشروعا فالخير كل الخير في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

    ب- ثم بعد الإحرام يتوجه الجميع ممن أحرم ومن كان على إحرامه من مفرد أو قارن إلى منى، قبل الزوال أو بعده من يوم التروية، فيصلون بها الظهر و العصر و المغرب والعشاء والفجر كل صلاة في وقتها، ويقصرون الرباعية ركعتين، وأهل مكة وغيرهم في ذلك سواء. وهكذا في عرفة ومزدلفة ومنى أيام العيد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أهل مكة بالإتمام، ولو كان ذلك واجبا لبينه صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

    والإقامة بمنى يوم التروية والمبيت بها ليلة عرفة سنة، فلو تركه الحاج فليس فيه فدية لكن يكون قد ترك الأفضل.

    ومما ينبغي للحاج الإكثار من التلبية حال مسيرهم إلى منى، وإقامتهم في يوم الثامن، وليلة التاسع، فإن التلبية شعار الحج ومن أفضل الذكر هذه الأيام.




    ثانيا: التوجه إلى عرفات

    أ- ثم بعد طلوع الشمس من يوم عرفة يتوجه جميع الحجاج من منى إلى عرفات بسكينة ووقار ملبين ومكبرين ذاكرين لله تعالى متصفين بالضراعة والعبودية له سبحانه، مظهرين الذل. قال أنس رضي الله عنه: كان يهل- أي يلبي- منا المهل ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه متفق عليه . لكن الأفضل ملازمة التلبية لأن ذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم .

    ب- ويسن النزول بنمرة- لمن تيسر له ذلك- فإن الوقوف بعرفة إنما يكون بعد الزوال، فإن ذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم .

    ويشرع لولي الأمر أو نائبه في الحج أن يخطب الناس بعد الزوال خطبة تناسب الحال، يوصيهم فيها بتقوى الله تعالى في أمورهم عامة وفي مناسكهم خاصة، ويحثهم فيها على توحيد الله والإخلاص له، في الأقوال والأعمال، ويحذرهم من ارتكاب المحرمات والوقوع في المحظورات وأنواع المنكرات، ويوصيهم بالتمسك بكتاب الله تعالى، ولزوم سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، والاجتماع على ذلك، والحذر من الاختلاف والفرقة، وما يسبب ذلك من الأهواء والباع. ويوصي عموم ولاة أمر المسلمين بالحكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بين الناس في جميع الأمور وعلى عامة المسلمين أن يتحاكموا إلى من يحكم بهما، وأن يحذروا ما يخالفهما ويضادهما من الأوضاع الجاهلية والأمور الشركية، وأن يحذروا كيد أعداء الإسلام من أهل الكتاب والأمم الوثنية، ويبين فيها للناس ما يشرع للحجاج في ذلك اليوم وما بعدها من المناسك، وما يحتاجون إلى بيانه من أحكامها وآدابها.

    جـ - وينبغي للحجاج وغيرهم ممن أمكنه الاستماع إلى خطبة يوم عرفة الإصغاء إليها فإنها من خير وأنفع الذكرى، ومن أسباب الهدى في ذلك اليوم العظيم المبارك.

    وليس في عرفة على الحجاج جمعة، ولو وافق يوم جمعة بل يصلون الظهر ركعتين ثم العصر ركعتين جمعا وقصرا في وقت الظهر بأذان وإقامتين، فإن ذلك هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولعل من حكمة الجمع والتقديم أن يطول الوقت من أجل الوقوف والدعاء، وينبغي للحاج الحرص على الصلاة مع الجماعة في هذا الموطن وغيره، فإن الصلاة مع الجماعة مشروعة في الحضر والسفر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الجماعة لا حضرا ولا سفرا إلا لعذر من مرض شديد ونحوه.
    د- ثم بعد الصلاة والخطبة يبتدئ وقت الوقوف بعرفة
    ففي صحيح مسلم رحمه الله عن جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم ركب- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - ناقته حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلا . وينبغي للحاج أن يتأكد أنه داخل حدود عرفات، إما بمعرفته إن كان عنده علم، أو بسؤال الذين يعلمون. ويمتد الوقوف إلى طلوع الفجر من يوم العيد، فمن وقف بعرفة من ذلك ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه بنص النبي صلى الله عليه وسلم .

    هـ- والوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم، لا يصح الحج بدونه، فمن فاته الوقوف فاته الحج بإجماع المسلمين، لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحج عرفة، فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج . وفي لفظ قال: الحج عرفة، من جاء عرفة قبل صلاة الفجر من ليلة جمع- يعني مزدلفة- فقد تم حجه وعند أبي داود: من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا، فقد تم حجه، وقضى تفثه .

    وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة وهو الوادي الذي يلي عرفة من جهة مزدلفة ومكةقال صلى الله عليه وسلم : وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة .

    و- ومما يجب التنبيه له وتنبيه الناس بشأنه أن الجزء الأمامي من مسجد نمرة ليس من عرفة بل هو خارج عنها، فلو جلس أحد فيه حتى غربت الشمس ثم انصرف فاته الحج.

    ويستحب- لمن تيسر له- أن يجعل منزله في عرفة خلف الصخرات ويسمى جبل إلال التي يسميها العامة جبل الرحمة من جهة الطائف فيجعل الصخرات بينه وبين القبلة، فإن ذلك هو موقف النبي صلى الله عليه وسلم .

    لما سبق من حديث جابر عند مسلم وفيه قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة .الحديث.

    ز- وعلى الحاج أن يغتنم هذا الموقف العظيم في هذا اليوم المبارك، بكثرة ذكر الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله، والاجتهاد في دعائه والتضرع إليه وصدق الذل والانكسار بين يديه، ويرفع يديه حال الدعاء، ففي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات يدعو ويداه إلى صدره- يعني رافعا يديه- كاستطعام المسكين

    ح- ولم يعين النبي صلى الله عليه وسلم لعرفة دعاء ولا ذكرا، بل يدعو المحرم بما شاء من الدعاء، ولكن يختار الأدعية الواردة في القرآن والسنة، والمأثورة عن سلف الأمة، فإنها أجمع للخير وأحرى بالإجابة، وأعظم أثرا على القلب، وأبعد عن الاعتداء في الدعاء ونحو ذلك مما قد يمنع رفع الدعاء إلى السماء، وليكرر الدعاء ثلاثا ويفتتح دعاءه بتحميد الله وتمجيده والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويختمه أيضا بمثل ذلك فان هذه الأمور من أسباب الإجابة وتحصيل المطلوب ويغتنم آخر النهار، وليحرص على الاجتهاد في الدعاء ولذويه ولعموم المسلمين الأحياء والأموات، وليلح على الله أن يظهر الدين وأن يصلح أحوال المسلمين، وأن يرد كيد أعداء الدين وأن يخذل المنافقين والمفسدين، وأن يدعو لنفسه ووالديه وأهله وذريته وقرابته وذويه ولمن أوصاه من إخوانه المسلمين بكل خير من أمور الدنيا والآخرة فإن من دعا لأخيه المسلم بدعوة في ظهر الغيب وكل الله به ملكا يقول: آمين ولك بمثل.

    وهذا يوم عظيم مبارك ونسك كريم له شأن عند الله تعالى فينبغي أن تغتنم فرصته وأن لا يفرط بشيء من لحظاته.

    ومما ينبغي أن يكون الحاج مفطرا في هذا اليوم اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم أتى بلبن - أرسلته إليه أم الفضل- فشرب رواه البخاري .ليكون أنشط له على أداء النسك وأعون له على الخير ويسن أن يكثر من قول: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير . لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير . وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر .

    فينبغي الإكثار من هذا الذكر وتكراره بخشوع وحضور قلب، وينبغي الإكثار أيضا من الأذكار والأدعية الواردة في الشرع في كل وقت ولاسيما في هذا الموضع، وفي هذا اليوم العظيم ويختار جوامع الذكر والدعاء ومن ذلك:

    سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم .

    لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .

    لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولوكره الكافرون .

    لا حول ولا قوة إلا بالله .

    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار..

    اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير والموت راحة لي من كل شر.

    أعوذ بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.

    اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، ومن العجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن المأثم والمغرم، ومن غلبة الدين وقهر الرجال, أعوذ بك اللهم من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام .

    اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

    اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي .

    اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي.

    اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني .

    اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطيئتي وعمدي وكل ذلك عندي .

    اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير.

    اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم إنك علام الغيوب .

    اللهم رب النبي محمد عليه الصلاة والسلام اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأعذني من مضلات الفتن ما أبقيتني .

    اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، أقض عني الدين وأغنني من الفقر.

    اللهم أعط نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر.

    اللهم لك أسلمت، وبك امنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، أعوذ بعزتك أن تضلني، لا إله إلا أنت، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون .

    اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لأتشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها.

    اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء.

    اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي .

    اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك .

    اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

    اللهم إني اسألك الهدى والسداد.

    اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم .

    اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا.

    لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

    اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.


    تنبيهات تتعلق بما سبق :


    فهذه دعوات مأثورة وهي عامة وجامعة، فيدعى بها في هذا الموطن وفي غيره من المواطن التي يشرع فيها الدعاء كمزدلفة وعند الجمرات الأولى والثانية بعد الرمي.

    ويستحب في هذا الموقف العظيم أن يكرر الحاج ما تقدم من الأذكار والأدعية، وما كان في معناها من الذكر والدعاء، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويلح في الدعاء، ويسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعى كرر الدعاء ثلاثا، فينبغي التأسي به في ذلك عليه الصلاة والسلام.

    ويكون المسلم في هذا الموقف مخبتا لربه سبحانه متواضعا له، خاضعا لجنابه، منكسرا بين يديه، يرجو رحمته ومغفرته، ويخاف عذابه ومقته، ويحاسب نفسه، ويجدد توبة نصوحا، لأن هذا يوم عظيم ومجمع كبير، يجود الله فيه على عباده ويباهي بهم ملائكته، ويكثر فيه العتق من النار وما يرى الشيطان في يوم هو فيه أدحر ولا أصغر ولا أحقر منه في يوم عرفة إلا ما رؤي يوم بدر، وذلك لما يرى من جود الله على عباده وإحسانه إليهم وكثرة إعتاقه ومغفرته.
    وفي صحيح مسلم عن عائشة- رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ .

    * فينبغي للمسلمين أن يروا الله من أنفسهم خيرا، وأن يهينوا عدوهم الشيطان ويحزنوه بكثرة الذكر والدعاء وملازمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والخطايا.

    * ولا ينصرف من عرفة حتى تغرب الشمس، وتذهب الصفرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة حتى غربت الشمس، وكان يقول: خذوا عني مناسككم .

    وفي صحيح مسلم عن جابر- رضي الله عنه- في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث- وفيه قال جابر فلم يزل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا .


    ~

  12. #12

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•

    ثالثا : الانصراف إلى المزدلفة


    1- اذا غربت الشمس وتحقق غروبها فإن السنة أن ينصرف الحجاج من عرفة إلى مزدلفة مخالفين لهدي المشركين الذين كانوا ينصرفون قبل. غروب الشمس لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: وإنا ندفع بعد أن تغيب الشمس مخالفا هدينا هديهم

    2- وعليهم أن يتحلوا بالسكينة والوقار لما في الصحيحين عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل فقال: أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع - يعني الإسراع - ولما في صحيح مسلم أيضا عنه رضي الله عنه قال: ويقول- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بيده: أيها الناس السكينة السكينة . يعني الزموا السكينة والطمأنينة والرفق.

    ومن خطبة لعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى بعرفات أنه قال: ليس السابق من سبق بعيره وفرسه، ولكن السابق من غفر له

    ولا شك أن لزوم سنة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بنصحه في هذه المناسك من أسباب المغفرة.- لكن إذا رأى الحاج وخصوصا قادة السيارات فرجة أمامه في الطريق فإنه يسرع فيها قليلا مع الحذر من أذية الحجاج وإزعاجهم،
    لما في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسير العنق- وهو سير غير سريع - فإذا وجد فجوة نص- أي أسرع قليلا

    3- وعليه أن يشتغل حال انصرافه إلىمزدلفة بالتلبية والتكبير والاستغفار والاشتغال بأنواع الذكر والإلحاح على الله تعالى بالدعاء، يسأله من خيري الدنيا والآخرة، فان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقطع التلبية في مسيره وقال تعالى: فإذا أفضتم من عرفات - يعني صدرتم ودفعتم إلى مزدلفة- فاذكروا الله عند المشعر الحرام أي بالدعاء والتلبية والتسبيح والتحميد والتكبير والاستغفار.

    4- وليحذر الحاج من أذية أحد من الحجاج حال انصرافه فإن أذية الناس وخاصة الحجاج وترويعهم بأبواق السياقات وأصوات محركاتها وآلالات ومضايقتهم في الطريق- مع إمكان الرفق- من أعظم الذنوب وأشد الظلم وهذا يعظم إثمه وتشتد العقوبة عليه في حال الإحرام والبلد الحرام، والشهر الحرام، واليوم الحرام، فإن يوم العيد هو يوم النحر يوم الحج الأكبر فالإيذاء والظلم فيه أعظم وأخطر، ومن لا يرحم الناس لا يرحمه الله، والناس حال انصرافهم فيهم من الضعف نتيجة التعب والإرهاق ما لا يعلمه إلا الله، فرحمتهم والرفق بهم والإحسان إليهم وكف الأذى عنهم من أعظم ما يتقرب به إلى الله، خصوصا بعد هذا الموقف العظيم- وفي ليلة يوم النحر يوم الحج الأكبر.

    5- فإذا وصل الحاج إلى مزدلفة نزل في أي مكان تيسر له منها، فإنها كلها موقف لكن الوقوف عند قزح- وهو المسجد الآن- أولى إن تيسر فإنه هو المكان الذي وقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، ويصلي ساعة وصوله المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين ولا يصلي بينهما نافلة، لما ثبت في الصحيحين وغيرهما: أنه صلى الله عليه وسلم لما أتى مزدلفة، أسبغ الوضوء وصلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يصل بينهما شيئا، ثم اضطجع صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر في أول وقته حين تبين له الصبح بأذان وإقامة .

    لكن إن لم يتمكن من وصول مزدلفة قبل نصف الليل فإن الأحوط له أن يصلي المغرب والعشاء قبل الوصول إلى مزدلفة احتياطا للوقت، ولا يشتغل قبل ذلك بشيء، لا لقط حصى الجمارولا غيره، فإن ذلك من الملاحظ على العامة، وهو لا أصل له في الشرع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أن يلتقط له حصى الجمارإلا بعد انصرافه من مزدلفة في أثناء مسيره إلى منى
    .

    6- وإذا فرغ من الصلاة وما يحتاج إليه، يشرع أن ينام مبكرا ليمكنه القيام آخر الليل نشيطا للصلاة والذكر والدعاء.
    ولا يجوزلأحد من الحجاج الانصراف من مزدلفة إلى منى قبل منتصف الليل ومغيب القمر فإذا غاب القمر جاز للضعفة من النساء والصبيان والمرضى وأشباههم- ممن يشق عليه الرمي مع الناس لضعفه أو علته- أن ينصرفوا،
    لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن سودة رضي الله عنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة جمع- أي مزدلفة- أن تدفع قبل حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة- أي ثقيلة- فأذن لها .وفي سنن أبي داود عنها أيضا قالت:-أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت وأفاضت . وهكذا من يحتاج إليه هؤلاء لمرافقته وخدمته لقول ابن عباس رضي الله عنهما: أنا ممن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة أهله .

    ومثله من يلحقه حرج شديد بترك مرافقتهم من ضياع أو نحوه، أما أهل القوة والجلد ومن لا يحتاج إليه الضعفة ونحوهم، ولا يلحقه حرج بفراقهم فلا ينبغي لهم أن ينصرفوا من مزدلفة إلا بعد أن يصلوا بها الفجر ويسفروا جدا أسوة بنبيهم صلى الله عليه وسلمففي حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم صلى الفجر- يعني في مزدلفة- حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده رواه مسلم .

    فيقفون عند المشعر الحرام أوحين نزلوا من مزدلفة مستقبلين القبلة، ويكثرون من ذكر الله وتكبيره ودعائه والتضرع إليه، رافعين أيديهم حتى يسفروا جدا وحيثما وقفوا من مزدلفة جاز لقول النبي صلى الله عليه وسلم : وقفت هاهنا- يعني على المشعر الحرام- وجمع كلها موقفرواه مسلم .

    ~

    رابعا :الدفع إلى منى


    فإذا أسفروا جدا انصرفوا إلى منى قبل طلوع الشمس- إن أمكن- فإنه صلى الله عليه وسلم دفع قبل أن تطلع- الشمس وذلك لتحقيق مخالفة أهل الشرك في الجاهلية، فإنهم كانوا لا ينصرفون إلا بعد طلوع الشمس، يقول قائلهم: أشرق ثبيركيما نغير. والسنة أن تلتقط حصى الجمرات التي ترمي بها جمرة العقبة يوم العيد- وعددها سبع- من الطريق في مسير الحجاج إلى منى فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الفضل بن عباس أن يلقطها له غداة العقبة وهو على ناقته فلقط له سبع حصيات مثل حصى الخذف ومن أي موضع التقطها من الحرم أجزأ من منى أو غيره.

    وعليهم أن يكثروا من ذكر الله تعالى وتكبيره واستغفاره في مسيرهم، فإذا وصلوا محسرا- وهو واد بين مزدلفة ومنى- أسرعوا قليلا قدر رمية بحجر.



    ~

    خامساً :رمي جمرة العقبة


    فإذا وصلوا منى اتجهوا إلى جمرة العقبة لرميها، فإن رميها هو أول عمل يقوم به الحاج- إن أمكن- فإنه تحية منى والأولى أن لا يشتغل قبله بشيء وهو يوافق صلاة العيد في الأمصار ولذا ليس في منى صلاة عيد على الحجاج. فعن جابر رضي الله عنه قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس .

    فإذا وصلوا إلى الجمرة قطعوا التلبية قبل الشروع في رميها، فإنهم حينئذ شرعوا في التحلل، ثم يرمونها بسبع حصيات متعاقبات. ويستحب له عند رميها أن يجعل منى عن يمينه والكعبة عن يساره وجمرة العقبة أمامه ثم يرقيها بسبع حصيات متعاقبات يرفع يده مع كل حصاة ويكبر مع كل حصاة.

    وينبغي أن يراعى في رمي الحصى ما يلي:

    1- أن تكون كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم، ابن عباس بقوله:القط لي حصى. قال: فلقطت له مثل حصى الخذف . وحصى الخذف قريب في الحجم من حب الزيتون الذي ليس بكبير، وقريب من الأنملة وهي رأس إصبع اليد الذي فيه ظفر.

    قلت: وفي الحديث: فجعل صلى الله عليه وسلم يقبضهن في كفه، ويقول: أمثال هؤلاء فارموا، ثم قال: أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين .

    ومن الغلو الرمي بالحصى الكبار، والله يعلم كم يؤذون بها من عباده عند الرمي.

    قلت: ومن الغلو رمي الجمرات بالحذاء ونحو ذلك.

    2- أن يكون الرمي من جهة المرمى وهو الذي فيه الحوض فإن ذلك هو الأفضل، ولو رماها من الجهات الأخرى أجزأ إن وقع الحجر في المرمى.

    3- أن يدنو من المرمى قدر المستطاع ليطمئن على وقوع الحجر في المرمى، ولو دحرجت الحصاة من الحوض فسقطت خارجه أجزأ ذلك عند جمع من أهل العلم.

    4- وليحذر من أن يرقي الحجارة دفعة واحده، فإنهن يكن كالحجر الواحد، فلا بد من أن يرمي كل حجر وحده، يرفع يده عند رميه ويكبر مع كل حصاة، وإن شاء قال: اللهم اجعله حجا مبرورا، وسعيا مشكورا، وذنبا مغفورا.

    5- وعليه بالرفق عند الرمي، والحذر من العنف، فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يكون العنف في شيء إلا شانه، وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه وليحذر من أذية المؤمنين أو التسبب في هلاك أحد، فإن الله تعالى قال:والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا . ومن أعظم الموبقات التسبب في إهلاك نفس معصومة محرمة في البلد الحرام، وعليه أن يحتسب في تحمل أذى الجاهلين والصبر عليهم.



    سادساً : نحر الهدي

    وبعد الرمي ينحر هديه- إن تيسر له ذلك- إن كان عليه هدي لكونه قارنا أو متمتعا. وينبغي أن يراعي في هديه:

    أ- تحقق السنن الشرعية في الهدي بأن يكون جذعا من الضأن- وهو ما له ستة أشهر- أو ثنيا من المعز- وهو ما له سنة- وإن أراد أن يشترك مع غيره في بقرة أو بدنة فالثني من البقر ما تم له سنتان ودخل في الثالثة، ومن الإبل ما تم له خمس سنين ودخل في السادسة.

    ب- أن تكون سليمة من العيوب التي تخل بالأضحية من عور بين أو عرج أو كسر قرن أو قطع أذن أو نحو ذلك.

    جـ- أن تكون سمينة جميلة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر أصحابه أن يستسمنوا الأضاحي ويستحسنوها وأن يستشرفوا القرن والأذن للتأكد من سلامتها من العيوب.

    ويستحب أن يقول عند نحره أو ذبحه: بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك اللهم تقبل مني رواه مسلم والبيهقي . ويوجهه إلى القبلة، فإن ذلك سنة، ولو ذبح إلى غير القبلة ترك السنة وأجزأته ذبيحته، ويستحب أن يأكل من هديه أو أضحيته، ويهدي ويتصدق لقوله تعالى: فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير .

    ووقت الذبح أربعة أيام يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وينتهي بغروب الشمس يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، ويجوز ذبح الهدي ليلا ليلة الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر فقط. وحيثما نحر من منى أو فجاج مكة جاز لقوله صلى الله عليه وسلم:كل منى منحر و كل فجاج مكة طريق ومنحر .

    وكان منحره صلى الله عليه وسلم عند الجمرة الأولى بينها وبين الوسطى على يمين الصاعد إلى عرفة ومنزله بين منحره ومسجد الخيف. وقال: نحرت ها هنا ومنى كلها منحر و انحروا في رحالكم .


    ~


  13. #13

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•

    سابعاً : الحلق أو التقصير


    ثم بعد النحر أو الذبح يحلق الرجل رأسه أو يقصره، والحلق أفضل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة والمغفرة للمحلقين ثلاث مرات، وللمقصرين واحدة، أما النساء فليس عليهن حلق إنما عليهن التقصير
    لما روى أبو داود بسند حسنه الحافظ عن ابن عباس رضي الله عنهما: ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير للترمذي وغيره عن علي رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها وتقصير المرأة أن تجمع شعرها ثم تأخذ من أطرافه قدر أنملة. وإن اختار التقصير فلا بد من أن يعم رأسه بالتقصير كالحلق، فلا يجزئ تقصير بعضه أو جوانبه.

    وينبغي أن يأخذ من شاربه وأظفاره كذلك، إن احتاج إلى أخذ شيء من ذلك، قال ابن المنذر صح أنه صلى الله عليه وسلم : لما حلق رأسه قلم أظفاره ولأن هذه الأمور من التفث، فيستحب قضاؤه، قال تعالى:ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق .

    وبعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يكون قد تحلل التحلل الأول، الذي يحل للمحرم لبس ملابسه العادية، والطيب، وتغطية الرأس، وقلم الأظفار ونحو ذلك مما يحرم بالإحرام، إلا زوجته فإنه لا يحل له الجماع حتى يتحلل التحلل التام، بالطواف بالبيت والسعي إن كان عليه سعي.

    ~

    ثامناً : الطواف والسعي


    يسن له بعد هذا التحلل- وهو الأول- التطيب، والتوجه إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة أو الزيارة، لحديث عائشة- رضي الله عنها - قالت:
    كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت . رواه البخاري ومسلم. وهذا الطواف ركن الحج، لا يتم إلا به، وهو المراد بقوله سبحانه: ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق .

    ثم بعد هذا الطواف يصلي خلف المقام- ولو بعيدا عنه- ركعتي الطواف، وإن لم يتيسر له صلى في أي جهة من الحرم ولو خارجه، ويستحب أن يشرب من زمزم بعد ذلك قبل السعي لفعله صلى الله عليه وسلم ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا أو لم يسع بعد طواف القدوم إن كان قارنا أو مفردا.

    والقارن والمفرد يكفيهما طواف واحد- هو طواف الإفاضة أو الزيارة يوم العيد أو بعده- وسعي واحد إما بعد طواف القدوم قبل يوم عرفة، وإما بعد طواف الإفاضة.

    وأما المتمتع فالجمهور على أنه يلزمه طواف وسعي لعمرته، وطواف وسعي لحجته، فيكون عليه طوافان وسعيان.
    الخلاصة


    أن أعمال يوم العيد التي يشترك فيها جميع الحجاج ثلاثة هي:

    * رمي جمرة العقبة.

    * الحلق أو التقصير.

    * طواف الإفاضة والسعي بعده لمن عليه سعي.


    فمتى ما فعل اثنين من هذه الثلاثة أيا كانت حل التحلل الأول، الذي يحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، فإذا فعل الثالث حل التحلل التام، الذي يحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام حتى النساء. وأما نحر الهدي فإنه لا يلزم من الحجاج إلا المتمتعين والقارنين فليس مما يشترك فيه كل الحجاج.

    وينبغي أن تكون أعمال يوم النحر مرتبة- إن تيسر- كما يلي:

    الرمي، ثم ذبح الهدي لمن عليه هدي، ثم حلق الرأس أو تقصيره، ثم الطواف والسعي لمن عليه سعي.

    فإن ذلك أفضل وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن قدم شيئا منها على الآخر أو أخره عنه فلا حرج في ذلك.



    ~

    تاسعاً : أعمال التشريق

    ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى . فإقامة الحجاج بمنى يوم النحر وأيام التشريق مشروعة إجماعا، وكذلك المبيت معظم ليلتي الحادي عشر والثاني عشر وهو واجب- على غير السقاة والرعاة ومن في حكمهم- عند أحمد وغيره، لما في السنن وغيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة في البيتوتة عند منى، وفي الصحيحين:أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته . وكان عمر رضي الله عنه يقول: لا يبيتن أحد من الحجاج ليالي منى وراء العقبة. فدلت هذه الآثار على أن المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشرو الثالث عشر لمن غربت الشمس بها واجب يتعرض تاركه للإثم ويلزمه فدية إلا من عذر ولهذا رخصه النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الأعذار

    ويرمون الجمرات الثلاث يومي الحادي عشر ويسمى يوم القر- وذلك لاستقرار الناس فيه في منى- وكذلك يرمون الجمرات يوم الثاني عشر كل ذلك بعد الزوال- ويمتد وقته إلى غروب الشمس- كل جمرة بسبع حصيات، ففي كل يوم يرمون إحدى وعشرين حصاة. ودليل ذلك ما في صحيح مسلم عن جابر- رضي الله عنه- قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد- يعني في أيام التشريق- فإذا زالت الشمس . وفي البخاري عنه قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى، ورمى بعد ذلك بعد الزوال . وفيه عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: كنا نتحين - ننتظر- فإذا زالت الشمس رمينا

    وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: لا ترموا الجمار في الأيام الثلاثة يعني أيام التشريق- حتى تزول الشمس رواه مالك وغيره. فدلت هذه النصوص الصحيحة على أن ابتداء الرمي بعد الزوال هذه الأيام من النسك الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم وأخذه عنه أصحابه.

    ويجب الترتيب في رمي الجمرات أيام التشريق، فيبدأ بالجمرة الأولى وهي الصغرى أقرب الجمرات لمسجد الخيف فيرميها بسبع حصيات- وتقدم أن الحصاة بحجم الأنملة وهي رأس أصبع اليد الذي فيه الظفر- ، يكبر مع كل حصاة، ثم يقف فيدعو طويلا، ثم ينصرف إلى الجمرة التي تليها وهي الوسطى فيرميها كالتي قبلها، ثم يقف ويدعو طويلا، ثم ينصرف إلى جمرة العقبة أبعد الجمرات من منى فيرميها كذلك ولا يقف عندها بل ينصرف إذا رمى، فهذا فعله صلى الله عليه وسلم .ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-: أنه كان يرمي الجمرة الدنيا الصغرى بسبع حصيات يكبر على أثر كل حصاة أي: يقول: بسم الله والله أكبر- وإن قال: اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا فحسن، ثم يتقدم يعني أمامها ويجعلها عن يساره حتى يسهل- يعني في الوادي- فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل- يعني الوادي- ويجعل الجمرة عن يمينه ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .


    ~


    كيفية التعجل والتأخر :


    ثم بعد الرمي يوم الثاني عشر بعد الزوال، من أحب أن يتعجل جاز له ذلك، ويخرج من منى قبل غروب الشمس ويسمى النفر الأول، ومن تأخر وبات بمنى ليلة الثالث عشر ورمى الجمرات يوم الثالث عشر بعد الزوال فهو أفضل وأعظم أجرا، سمى النفر الثاني
    لقوله تعالى:فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون . فالتعجل إنما يكون يوم الثاني عشر وأما الحادي عشر فهو يوم قر لا نفير فيه، لان النبي صلى الله عليه وسلم رخص في التعجل يوم الثاني عشر وأما هو صلى الله عليه وسلم فلم يتعجل، بل أقام بمنى حتى رمى الجمرات يوم الثالث عشر بعد الزوال، ثم ارتحل قبل أن يصلي الظهر فعلى الحجاج أن يتقوا الله في جميع مناسكهم والتقوى إنما تكون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وترك مخالفته، فمن اتقى الله فلا إثم عليه سواء تعجل أو تأخر ومن لم يتق الله لحقه الإثم وتعرض للخطر.



    ~

    تنبيهات تتعلق برمي الجمرات


    الأول: شرع رمي الجمرات لإقامة ذكر الله واتباع إبراهيم خليل الله، روى الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله . وروى البيهقي في سننه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- رفعه قال:لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له في الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض . قال ابن عباس: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم تتبعون . رواه الحاكم في المستدرك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وصححه وقال: على شرط الشيخين ولم يخرجاه .

    الثاني:
    ينبغي لزوم السكينة والوقار و الخشوع، وهو في الطريق إلى الجمرات وحال رميها، وأن يتجنب إيذاء الخلق، لما في المسند وغيره عن قدامة بن عبد الله بن عمار- رضي الله عنه- قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر يرمي جمرة العقبة على ناقة له صهباء، لا ضرب، ولا لطم، ولا إليك إليك . وفي صحيح مسلم من حديث الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عشية عرفة وغداة جمع يعني يوم النحر حين دفعوا: عليكم بالسكينة . وروي عنه صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس، لا يقتل بعضكم بعضا .

    الثالث: بعض العوام يعتقد أنه لا بد من لقط حصى الجمار من مزدلفة، وليس لذلك- فيما أعلم- أصل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم يعتمد عليه، فعلى الحاج إذا أراد رمي الجمرة أن يلتقط حصى كل يوم من موضع إقامته بمنى، أو من طريقه إذا ذهب لرمي الجمرة.

    الرابع: كثير من الناس يظنون أنه لا بد من رمي العمود القائم على الجمرة، وهذا وهم فإن المتعين أن ترمى الحصى فى الحوض، وإنما جعل العمود علامة على الحوض فقط، ولا يشترط استقرار الحصى في الحوض، فلو تدحرجت منه أجزأ عند جمع من أهل العلم وهو الصحيح إن شاء الله.

    الخامس: على الحاج أن يتقي الله في نسكه بأن يباشره بنفسه، ويأتي به على الوجه المأمور به شرعا ، إخلاصا لله تعالى، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يستعين بالله على ذلك، وأن يصبر لله ويحتسب عند الله ما يصيبه من مشقة أو أذى، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :الحج جهاد كل ضعيفرواه أحمد وابن ماجة . فإن شق عليه لكبر سن أو مرض أو خاف على نفسه، أو كون المرأة حاملا، جاز أن يوكل من يرمي عنه، لقوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم . ولقوله سبحانه: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت . ولما ثبت في المسند وغيره عن جابر رضي الله عنه في صفة حجهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قال: فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم .

    السادس: يجوز للإنسان أن يرمي كل جمرة عن نفسه، ثم يرمي عن موكله في موقف واحد.
    السابع: بعض الناس يخطئون في رمي الجمرات أيام التشريق، حيث يرمونها قبل الزوال، وهذا مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يرم إلا بعد الزوال،
    وكان يقول: خذوا عني مناسككم . وكان الصحابة- رضي الله عنهم- يتحينون الزوال- أي ينتظرونه- فإذا زالت الشمس رموا، وكثير من أهل العلم يرون أن من رمى قبل الزوال، فعليه أن يعيد بعده وإلا لزمه دم.

    ومما يتعلق بأيام التشريق أيضا:

    أ- السنة أن يكون الحاج أيام التشريق مفطرا لأنها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى لكن لو عجز القارن والمتمتع عن الهدي لضياع نفقة أو نحوها و لزمه الصيام فلا بأس بصيام الثلاثة الأيام التي في الحج في أيام التشريق فإنه مخير في صيامها إن شاء صامها قبل يوم النحر، وإن شاء صامها أيام التشريق لحديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي رواه البخاري .

    ب- اذا غربت الشمس على الحاج يوم الثاني عشر وهو بمنى لم ينفر و لم يتهيأ للنفير تعين عليه أن يبيت بمنى ليلة الثالث عشر وأن يرمي الجمرات يوم الثالث عشر بعد زوال الشمس لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: من غربت له الشمس من أوسط أيام التشريق وهو بمنى، فلا ينفرن، حتى يرمي الجمار من الغد أخرجه مالك وغيره. أما لو تأخر عن النفير بسبب زحام السيارات ونحو ذلك فينفر ولا حرج.

    ج- إذا تيسر للحاج أن ينزل بالمحصب- وهو الأبطح- بعد فراغه من رمي الجمرات يوم الثالث عشر و يبيت به ليلة الرابع عشر فذلك سنة لقوله صلى الله عليه وسلم : نحن نازلون غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر يعني بالمحصب. رواه البخاري .

    وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون بالأبطح وكان ابن عمر يرى أن التحصيب سنة وقال نافع رحمه الله: قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده . روى هذه الآثار مسلم رحمه الله .



    ~

  14. #14

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•





    إذا أراد الحجاج- غير أهل مكة- النفر من مكة إلى أهليهم بعد فراغهم من نسكهم وجب عليهم أن يطوفوا بالبيت طواف الوداع بأن يطوفوا بالبيت سبعة أشواط ويصلوا خلف المقام ركعتين ختما للمناسك وتكميلا لها واقتداء بينبيهم صلى الله عليه وسلم وطاعة له وليكون آخر عهدهم بالبيت مودعين له قبيل انصرافهم إلى أهليهم وأوطانهم لما ثبت في الصحيح عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال:
    أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض متفق عليه. فالحائض ومثلها النفساء لا وداع عليها ولا فدية- وفي صحيح مسلم عنه- رضي الله عنه- قال: كان الناس ينصرفون من كل وجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت . ففي ذلك دليل على وجوب الوداع وهو قول الجمهور قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم.

    وقال النووي: وهو قول أكثر العلماء وورد فيه أمره صلى الله عليه وسلم به ونهيه عن تركه وفعله الذي هو بيان للمجمل الواجب.

    ومن حديث الحارث- رضي الله عنه-:
    من حج هذا البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت .وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ارتحل من الأبطح فمر بالبيت فطاف به، ثم سار متوجها إلى المدينة من أسفل مكة من ثنية كدي . ففي البخاري عن ابن عمر- رضي الله عنهما-:أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر- يعني يوم الثالث بعد أن رمي الجمرات عقب الزوال- والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمحصب- نام يسيرا - ثم ركب إلى البيت فطاف به . ولو لم يفعله الحاج أجزأه دم، ولم يبطل الحج بتركه.

    وذهب جمع من أهل العلم إلى أن طواف الوداع واجب على كل من أراد الخروج من مكة، سواء كان حاجا أو غير حاج، ولهذا من أقام بمكة بعد الحج لا وداع عليه على الصحيح، فوجوبه من أجل أن يكون آخر عهد الخارج من مكة بالبيت، كما وجب الدخول في الإحرام في أحد قولي العلماء بسبب عارض هو الدخول إلى مكة، لا كون ذلك واجبا في الإسلام كوجوب الحج.





    الأول:تبين مما سبق أن طواف الوداع ليس واجبا على كل أحد من الحجاج، بل يسقط عن الحائض، والنفساء مقيسة عليها، لحديث ابن عباس السابق، ولما في صحيح مسلم عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
    لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفر إذا صفية- رضي الله عنها- على باب خبائها كئيبة حزينة.- وفي رواية: فقالوا: إنها حائض يا رسول الله- فقال: عقرى، حلقى، إنك لحابستنا، ثم قال لها: أكنت أفضت يوم النحر؟ قالت: نعم. قال: فانفري .

    الثاني: من ترك طواف الوداع من الحجاج- غير الحائض والنفساء- فإن لم يمكنه الرجوع إليه لبعده عن مكة، فإنه لا يرجع ويجبره بفدية، لقول ابن عباس: من نسيي شيئا من نسكه أو تركه، فليهرق دما - يعني يذبح رأسا من الضأن أو الماعز يصلح أضحية ويطعمه الفقراء والمساكين فدية عما ترك من نسكه وجبرا لنقصه- ولم يعرف له مخالف من الصحابة رضي الله عنهم فدل على أن ذلك مما تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

    الثالث: بعض الناس يطوف للوداع يوم الثاني عشر قبل رمي الجمرات استعدادا للسفر ثم بعد طوافه يرجع فيرمي الجمرات، وهذا عمل منكر مخالف لسنه النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية ،
    فإنه صلى الله عليه وسلم قال:
    لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت . وهو صلى الله عليه وسلم لم يطف بالبيت إلا بعد أن فرغ من رمي الجمرات، وبعد طوافه الوداع انطلق إلى المدينة، وقد قال تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا . وكان عليه الصلاة والسلام يقول للناس- عند كل مشعر خذوا عني مناسككم . والذي يقدم طواف الوداع على رمي الجمرات لم يكن آخر عهده بالبيت بل بالجمرات ، فعليه أن يعيد الطواف بعد رمي الجمرات، وإلا كان عليه فدية مع الإثم، فيحتاج التوبة والاستغفار.

    الرابع: وقت طواف الوداع قبل السفر فإذا عزم على السفر شرع له أن يودع البيت قبل سفره ثم يسافر ليكون آخر عهده بالبيت فمن أقام بمكة بعد الوداع لم يكن آخر عهده بالبيت، وإنما كان آخر عهده بمكة، لكن لا بأس بالإقامة اليسيرة لأداء الصلاة إذا أقيمت، أو الصلاة على الجنازة إذا حضرت، أو أقام لانتظار أصحابه، أو إصلاح خلل طرأ على راحلته، أو شراء حاجة لأبد منها وهو في طريقه، فإن طال المقام فالأحوط له إعادة طواف الوداع.







    تستحب زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه فإنه المقصود بقوله تعالى:
    لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه . ومعنى تقوم فيه تصلي فيه. وإن كان مسجد قباء مرادا في الآية أيضا،
    ولكن مسجد قباء يدخل تبعا، وإنما تشرع زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ،
    لما ورد في فضله وفضل الصلاة فيه.


    ففي مسند البزار من رواية عائشة- رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    أنا خاتم الأنبياء، ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء، أحق المساجد أن يزار ويشد إليه الرواحل المسجد الحرام ومسجدي .

    وفي الترمذي عن أنس- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    من صلى في مسجدي أربعين صلاة كتب الله له براءة من النار وبراءة من العذاب، وبراءة من النفاق .

    وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيرا أو ليعلمه، كان كالمجاهد في سبيل الله .

    وفي الصحيحين عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام . وفي صحيح مسلم عن ابن عمر- رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام .

    وفي الصحيحين عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة . وفي رواية عند أحمد قال صلى الله عليه وسلم : وإن منبري على ترعة من ترع الجنة .

    وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
    لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى متفق عليه . فدل هذا الحديث على مشروعية شد الرحال إلى هذه المساجد الثلاثة ، لشرفها وفضلها وفضل الصلاة فيها، ودل بمفهومه أنه لا يجوز شد الرحال إلى بقعة من بقاع الأرض على وجه التعبد فيها غير هذه المواطن الثلاثة، فلا يجوزالسفر لزيارة قبورالأنبياء أو الأولياء أو غيرهم.

    وزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة سائر العام فليس لها وقت مخصوص، وليست من الحج لا واجبة ولا شرطا- كما يظنه بعض العامة- لكن ينبغي للوافدين من أقطار الأرض البعيدة أن يغتنموا فرصة قدومهم لأرض الجزيرة لأداء مناسك الحج والعمرة لزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، لتحصيل فضيلة زيارة المسجد والصلاة فيه، فإنه أيسر لهم وأرفق، والنبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه مع أنه قد لا يتيسر لهم الوصول إلى هذه البقاع في المستقبل، فلا يعلم الغيب إلا الله وقد قال صلى الله عليه وسلم :
    احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز .

    فإذا وصل زائر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد قال الذكر المشروع عند دخول سائر المساجد، إذ ليس لدخول مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ذكر يخصه، فيقدم رجله اليمنى عند الدخول، ويقول: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج قدم رجله اليسرى وقال ذلك إلا أنه يقول:
    افتح لي أبواب فضلك، ثم يصلي ركعتين يدعو فيهما بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، وإن تيسر له صلاتهما في الروضة الشريفة بين منبره صلى الله عليه وسلم وبيته حجرة عائشة- رضي الله عنها- فهو أفضل، لما سبق في فضلها.

    ثم بعد الصلاة يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر- رضي الله عنهما- فيقف- تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم بأدب وخفض صوت، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قائلا:
    السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته لما في سنن أبي داود بإسناد حسن عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام .ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لما ورد من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه، عملا بقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .

    ثم يسلم على صاحبيه أبي بكر وعمر ويدعو لهما ويترضى عنهما، وكان ابن عمر- رضي الله عنهما- إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لا يزيد غالبا على قوله: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتا .

    وينبغي لمن يسر الله له زيارة طيبة الطيبة أن يغتنم مدة إقامته فيها بالمحافظة على الصلوات الخمس مع الجماعة في مسجده صلى الله عليه وسلم ، وأن يكثر فيه من الذكر و الدعاء وصلاة النافلة، وكثرة الصلاة والسلام عليه فيه وحضور مجالس العلم وحلق الذكر، لما في ذلك من الخير الكثير والأجر الكبير ويستحب لزائر المدينة أن يزور مسجد قباء، فإنه قد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما-:
    أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور مسجد قباء راكبا وماشيا، ويصلي فيه ركعتين . وفي المسند وغيره عن سهل بن حنيف- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة .

    وكذلك تشرع زيارة قبور البقيع وقبور الشهداء وقبر حمزة- رضي الله عنهم-، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزورهم ويدعو لهم،
    ولقوله صلى الله عليه وسلم :
    زوروا القبور فإنها تذكر الموت رواه مسلم . وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية . رواه مسلم. وخرج الترمذي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال:مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور في المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر .






    الأول: ما يروى من الأحاديث التي فيها الربط بين الحج وزيارة المدينة أو طلب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فكلها أحاديث ضعيفة أو موضوعة، لا يثبت منها شيء عند أهل العلم المعتبرين بهذا الشأن، كما قال ذلك الأئمة الحفاظ، كابن حجر والعقيلي وابن تيمية وغيرهم رحمة الله عليهم جميعا ولو كان شيء من ذلك صحيحا لكان الصحابة رضي الله عنهم أسبق الناس إليه وأحرصهم عليه.

    الثاني: ليس للنساء زيارة القبور مطلقا، فهي محرمة عليهن كما هو مذهب الجمهور، لما ثبت:
    أنه صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور من النساء، والمتخذين عليها المساجد والسرج .

    الثالث: بعض الناس يرفعون أصواتهم عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويطيلون الوقوف والمقام عنده، وهذا من المنكرات العظيمة، فإن الله سبحانه وعد الذين يغضون أي يخفضون أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالمغفرة والأجر العظيم، وتوعد الذين يرفعون أصواتهم عنده عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون . فرفع الصوت عند النبي صلى الله عليه وسلم من أسباب حبوط العمل، لأنه سوء أدب معه صلى الله عليه وسلم ، وقلة احترام له عليه الصلاة وا لسلام.

    الرابع: وكذلك طول القيام عند قبره وتكرار السلام عليه صلى الله عليه وسلم يفضي إلى الزحام وكثرة الضجيج وارتفاع الأصوات عند قبره صلى الله عليه وسلم ، وذلك مما يخالف الأدب الشرعي الذي ينبغي لنا أن نلتزمه نحوه صلى الله عليه وسلم .

    الخامس: الطواف بالكعبة عبادة عظيمة.أمر الله تعالى بها وأثنى على أهلها، وأمر أن يطهر البيت من أجلها، والطواف بأي بناية غير الكعبة بدعة محرمة وفعلة منكرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم :
    وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وفي رواية: وكل ضلالة في النار رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن .وبذلك يعلم أن الطواف على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم أوعلى غيره من القبور من البدع والضلالات وأنواع الشركيات. وقد قال تعالى:قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاالآيات .

    السادس: ومن شر المحدثات وأعظم المنكرات، التي يرتكبها بعض الناس عند الزيارة:

    * أن بعض الزائرين يدعو النبي صلى الله عليه وسلم فيسأله الشفاعة ويطلب منه قضاء الحاجة وتنفيس الكرب، ويشكو إليه الحال. وهذا مخالف لقوله تعالى: وقال
    ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين فأمر سبحانه بدعائه وحده لا شريك له، ووعد بالإجابة، وسمى الدعاء عبادة، ووصف الذي يدعو غيره بأنه مستكبرعن عبادته، وتوعده بدخول النار صاغرا مهانا.

    وقد قال تعالى:
    وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا . وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا . فمن دعا غير الله كائنا من كان فقد جعله شريكا لله، وقد قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به .وقال سبحانه: إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار . وقال تعالى: لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين .

    فهؤلاء الذين يدعون النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أو بعيدين عنه، إنما فعلوا الشرك الذي يحول بين صاحبه وبين المغفرة، ويحبط عمله ويحرم عليه الجنة، ويدخله النار وذلك هو الخسران المبين، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على من قال له: ما شاء الله وشئت، قائلا:
    أجعلتني لله ندا ؟! .

    فكيف بمن يدعوه مع الله أو من دونه غيره؟! وذلك هو الضلال المبين، فإنه تسوية للمخلوق برب العالمين وهو الذي أوجب على أهله الخلود في النار، كما
    قال تعالى عنهم:
    قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون .

    فمن دعا غير الله كما يدعو الله أو سأله من الحاجات والمطالب ما لا يقدر عليه إلا الله فقد سوى من دعاه بالله العظيم التسوية الشركية التي تردى أهلها في نار الجحيم فإن دعاء غير الله- كائنا من كان- شرك بالله وعبادة لغير الله قال تعالى:
    والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير سبحانه دعوة غيره شركا، وقال تعالى: ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين .

    فليحذر الحاج أن يقع في هذا الشرك الأكبر والذنب الذي لا يغفر، إلا من تاب إلى ربه وأناب، وذل لإلهه الكريم الوهاب فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم؟ قال:
    أن تجعل لله ندا وقد خلقك . والند كل مدعو مع الله أو من دون الله. وقال تعالى بعد أن ذكر الشرك والقتل والزنا التي هي أعظم الذنوب:ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما .


    ~

  15. #15

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•








    و هُنــا ننتهي من فريضة الحجِ و العُمرة ..,~

    ...

    أعلم أن الموضوع كبير أو ضخم بعضُ الشيء ^^

    لكن هذه فريضة و هي من الأركان الخمسة ..

    فأحببت أن أوأديها على أكملِ وجه : )

    ,,


    و الأن ننتقل لبعضِ الفوائِد أو فتاوى .. أو اي شيء يتعلق بالحجِ و العُمرة ,,

    فأحببت أن تستفيدوالا أكثر من ذلك .. =)




  16. #16

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•





    إذا ذكر يوم عرفة، فقد ذكر أفضل الأيام وأبركها، فليس ثمة يوم طلعت فيه الشمس، أو غربت، هو خير من يوم عرفة أبدا،
    فقد ورد أن صيامه لغير الحاج يكفر ذنوب سنتين وقد ورد أنه ما رئي إبليس في يوم هو أصغر و لا أحقر،
    ولا أغيظ من عشية يوم عرفة.

    وقد صح أيضا:أن هذا اليوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه، غفر له.

    وصح كذلك: خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير و هو على كل شيء قدير. وأخرج ابن ماجة في سننه عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي أن أباه أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب: أني قد غفرت لهم ما خلا المظالم، فإني آخذ للمظلوم منه، قال: أي رب إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم، فلم يجب عشية عرفة. فلما أصبح بالمزدلفة، أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سألي. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: تبسم فقال أبو بكر وعمر: بأبي أنت وأمي إن هذه الساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك، أضحك الله سنك؟ قال: إن عدو الله إبليس لما علم أن الله عز وجل قد استجاب دعائي، وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه، ويدعو بالويل والثبور، فأضحكني ما رأيت من جزعه

    وأخرج أيضا عن ابن المسيب عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثر من أن
    يعتق الله عز وجل فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو عز وجل، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هـؤلاء؟.


    لا شك أن ما أوردناه من هذه الأحاديث كاف في الدلالة على فضل هذا اليوم العظيم. والغرض من ذلك أن يعظم أخي
    الحاج هذا اليوم، وأن يكبره لأنه من شعائر الله، والله تعالى يقول:ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

    وتعظيم هذا اليوم كما يكون بالإكثار فيه من فعل الخيرات وضروب الطاعات، يكون باجتناب
    الإثم والفواحش، والضلالات والمنكرات.





    والمبيت بالمزدلفة، والحلق والرمي والإقامة بمنى أيام التشريق.

    من غير المشكوك فيه أن إبراهيم عليه السلام لما بنى البيت بأمر الله تعالى طلب إليه أن يؤذن في الناس بالحج
    وأذن في الناس بالحج الآية، فأذن، وأسمع الحق جل وعلا نداءه من شاء من خلقه، فكان على إبراهيم النداء،
    وعلى الله تعالى البلاغ.

    فما أشبه الحج بدعوة رسمية وجهها أحد الملوك إلى خدمه وعبيده بواسطة أحد خواصه والمقربين إليه ليزوروا
    بيته وليحظوا منه بالنوال والعطاء.

    ونظرا لتفاوت استعداد المدعوين، واختلاف مساكنهم قربا وبعدا، جعل مدة هذه الزيارة شهرين وعشر ليال من شوال
    وذي القعدة وعشر من ذي الحجة ليتسنى الحضور في هذه المدة لكل المدعوين مهما تناءت ديارهم، وبعدت أقطارهم،
    وأخذ المدعوون يتوافدون، ومن كل حدب وصوب يتقاطرون وينسلون، حتي تكامل الوفد، ووجب الرفد،
    حدد لهم موعدا، وخصص لهم مشهدا. ألا وهو:

    يوم عرفة: ليتجلى لهم فيه، ويمنحهم بحسب إخلاصهم في خدمته جوائز إحسانه، وعطايا إفضاله، فحسن أن يخرجوا
    يوم التروية في ملابسهم الرسمية التي دخلوا بها حرم مولاهم، وحمى من دعاهم فينزلوا بمنى استعدادا، حتى إذا
    طلعت شمس يوم الموعد المحدد، كانوا على أتم الاستعداد لحضور ذلك المشهد، فينزلوا بنمرة أول النهار، وما أن تزول
    الشمس وتدنو ساعة الحضور، وقد طعموا وشربوا، وتطهروا، ونزلوا المصلى فصلوا فرضيهم معا جمعا وقصرا كل ذلك
    تفرغا منهم للمناجاة، واستعدادا للملاقاة، واندفعوا متدفقين على ذلك الميدان الرحب الفسيح (الموقف)
    فوقفوا -وكلهم رجاء- باكين خاشعين، سائلين متضرعين، ولم يزالوا كذلك حتى يتجلى لهم مولاهم ويعطيهم سؤلهم
    ومناهم، فيكرم المحسنين منهم، ويعفو عن المسيئين، وقد باهى بهم ملأ السماء، وأشهدهم على ما منحهم وأعطى.

    ولما تنقضي تلك الساعات التي تزن الدهور بغروب شمس ذلك اليوم الذي فضل العصور، يأذن لهم مولاهم
    بالانصراف، وقد أرشدهم إلى محل النزول:

    مزدلفة ليبيتوا ليلتهم في بهجة وفرحة حتى إذا أصبحوا وقفوا بالمشعر الحرام، ذاكرين لمولاهم رفده وإحسانه،
    شاكرين له إفضاله وإنعامه.

    قال تعالى : فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم .

    وقبل أن يسفروا يخفون عائدين إلى بيت مولاهم، ومكان تجمعهم ولقياهم وفي طريقهم يشفون صدورهم ويذهبون غيظ قلوبهم من عدوهم فيرمونه بالحصى، وحق أن يرموه بالشهب والنيران، لأنه حرمهم الأنس بربهم ومجاورة مولاهم عندما غزا أمهم وأباهم فأخرجهم من رياض الجنان، وفراديس الخلة والإنعام، فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه فهم لذلك ومن تلك الساعة في حيرة فكر، ووحشة نفس قد لا تزولان إلا بالرجوع إلى الوطن الذي هو حضرة القدس، ومكان الأنس،
    ويرحم الله ابن القيم إذ يقول:

    ولكننــا سبـي العــدو فهل تــرى ........................................... نعــود إلـى أوطاننــا ونسلـــم

    ولذا رأيتهم لما عاشوا ساعات في ذلك الأنس، تذكروا من حرمهم المكان المقدس، فعرضوا له في طريقهم
    يلعنونه بالأفعال ويهينونه بالأ قوال.

    وهناك بمنى وقبل زيارة بيت مولاهم يلقون تفثهم، ويوفون نذورهم، فيذبحون وينحرون، فرحين مكبرين مهللين.

    ويحلقون، أو يقصرون إلقاء للتفث، وإزالة للشعث، ثم يقبلون على البيت زائرين، ولإنعام مولاهم شاكرين، فيطوفون ببيته، ويسجدون بحمده، وبذا يكونون قد أشهدوا على أنهم حضروا الحفل المشهود، ونالوا الرفد الموعود، وها هم أولاء
    قد عادوا ليسجلوا أسماءهم في سجل الحضور، وليعلنوا أنهم من أكرم الزور .

    ومعلوم أنه ما تم لهم حضور المشهد المفضل الذي شهدوا، ولا تمكنوا من إجابة الدعوة التي أجابوا إلا بعد جهد جهيد،
    وعناء وتعب شديد، لبعد ديارهم ولخروجهم عما اعتادوا من ملبس ومسكن، ومأكل ومشرب، فما أحوجهم والحال
    هذه إلى أيام راحة واستجمام في مكان هادئ ومنزل طيب مريح وفسيح، حتى إذا استراحوا واستردوا
    من قواهم ما فقدوا، ودعوا بيت مولاهم وانصرفوا.

    وما أكرم مولاهم، وما أعظم حفاوته بهم ! إذ أعد لهم فجاج منى الفسيحة ورحابها الطيبة الفريحة، وعزمهم لإقامة
    ثلاثة أيام، ومن تعجل في يومين فلا يلام، فيقضونها في متع كثيرة بين ترويح للروح، وغذاء للبدن، فيأكلون ويشربون
    ويهللون ويكبرون، حتى إذا قضوا أيامهم وأراحوا أرواحهم وأجسامهم، عادوا إلى البيت فودعوا وانصرفوا،
    والكل يضرب في طريق بلاده، عائدا إلى وطنه وموضع ميلاده.




    1- في وقوف عرفة: إن قصد البيت لزيارته كان هو المقصد الأول من الحج وإن يوم عرفة هو أشبه بحلقة أقامها رب البيت للزائرين في فناء واسع ليتجلى لهم فيها، وهناك تجري الجرايات الربانية، والهبات الإلهية للمحتفلين، ولما كان هذا اليوم هو اليوم الخاص بتوزيع المنح والعطاءات اعتبر من لم يحضره كأن لم يحضر الحج، ولذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم :الحج عرفة . هذا وفي جمع الناس في هذا المكان إشارة إلى جمعهم يوم القيامة لفصل القضاء.

    2- في مزدلفة: قد يكون من حكمة النزول بالمزدلفة إراحة أهل الموقف الذين طال عناؤهم بالوقوف طوال نصف يوم كامل، فرحمة بهم شرع لهم المبيت بمزدلفة، أو على الأقل النزول بها ساعات ريثما يستريحون ويصلون العشاءين، أما سر الوقوف بالمشعر الحرام فإنه يتلخص في ذكر نعم المنعم وشكره والثناء عليه بالتهليل والتكبير لما سبق أن منحه أهل الموقف بعرفات.

    3- في رمي الجمرة: شفاء الصدور، وإغاظة إبليس، حيث أن الأنس الذي حظي به أهل الموقف لم يكن ليحرمهم منه في كلتى حياتيهم إلا إبليس لعنه الله، فاستوجب لذلك سخطهم، فلما رأوا مكانا عرفوا أنه وقف فيه معترضا طريق الخليل، لعنوه فيه، فرموه بالحجارة، احتقارا له وإهانة.

    4- في النحر والحلق: إعلان شكر، وإظهار سرور وفرح على ما تم لهم من أسمى المطالب، وأشرف الغايات، فذبحوا الذبائح شكرانا لله تعالى، وألقوا التفث وأزالوا الشعث استعدادا لزيارة بيت الله.

    5- في الإقامة بمنى: استرداد ما فقد الوافدون من قواهم البدنية، وتمتعا بالراحة والأكل والشرب تعويضا
    عما فاتهم أيام أداء المراسيم والخدمات.
    وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله رواه مسلم


    هذا بعض ما فتح الله به علي من أسرار هذه العبادة التي سرها الأعظم وحكمتها الكبرى طاعة الله المزكية للنفوس التزكية الموجبة لسعادة الإنسان وفلاحه في الدنيا والآخرة، والله أعلم بأسرار شرعه، وأحوال خلقه، وفوائد أمره ونهيه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

    ~

  17. #17

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•




    فهذه بعض الفتاوى المهمة والتي يحتاج إليها كل حاج وحاجة يريد أن يحج على بصيرة من أمر دينه قد جمعناها واخترناها من مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ليعم نفعها ولتكن دليلاً واضحاً لمن لم يتيسر له التفقه في أحكام الحج.

    ندعو الله أن يثيب كل من قرأها أو ساهم في نشرها.



    حكم وضع الطيب على الإحرام

    سؤال: ما حكم وضع الطيب على الإحرام قبل عقد النبية والتلبية؟

    الجواب: لا ينبغي وضع الطيب على الرداء والإزار، إنما السنة تطيب البدن كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو ذلك، أما الملابس فلا يطيبها عند الإحرام لقوله عليه الصلاة والسلام: {لا يلبس شيئاً من الثياب مسته الزعفران أو الورس}. فالسنة أن يتطيب في بدنه فقط أما ملابس الإحرام فإنه لا يطيبها وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها.



    الأشياء التي يتجنبها المحرم

    سؤال: ما هي الأشياء التي يجب أن يتجنبها المحرم؟ الجواب: المحرم يجتنب تسعة محظورات بينها العلماء وهي: اجتناب قص الضعر، والأظافر، والطيب، ولبس المخيط، وتغطية الرأس، وقتل الصيد، والجماع، وعقد النكاح، ومباشرة النساء. كل هذه الأشياء يمنع عنها المحرم حتى يتحلل، وبالتحلل الأول يباح له جميع هذه المحظورات ما عدا الجماع، فإذا كمل الثاني حل له الجماع.


    كشف الكتف

    سؤال: هل الأفضل للمحرم تغطية الكتفين أم الكشف عن أحدهما أثناء الإحرام؟

    الجواب: السنة للمحرم أن يجعل الرداء على كتفيه جميعاً، ويجعل طرفيه على صدره، هذا هو السنة، وهو الذي فعله النبي ، فإذا أراد أن يطوف طواف القدوم اضطبع فجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وأطرافه على عاتقه الأيسر وكشف منكبه الأيمن في حالة طواف القدوم خاصة، أي أول ما يدم مكة للحج أو العمرة، فإذا انتهى من الطواف عدل الرداء وجعله على منكبيه وصلى ركعتي الطواف، والذي يكشف منكبه دائماً فهذا خلاف السنة، وكذلك كشف المنكبين، وإنما السنة أن يسترهما بالرداء حال كونه محرماً، ولو وضع الرداء ولم يسترها وقت جلوسه أو أكله أو تحدثه مع إخوانه فلا بأس، لكن السنة إذا لبس الرداء أن يكون على كتفيه وأطرافه على صدره.



    تحديد المخيط من اللباس

    سؤال: ما هو تحديد المخيط من اللباس؟ وهل يجوز لبس السراويل المستعملة الآن تحت الإحرام؟

    الجواب: لا يجوز للمحرم بحج أو عمرة أن يلبس السراويل ولا غيرها من المخيط على البدن كله أو نصفه الأعلى كالفنيلة ونحوها، أو نصفه الأسفل كالسراويل لقول النبي ، لما سئل عما يلبس المحرم قال: { لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فيلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين } [متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما] وبهذا يعلم السائل ما هو المخيط الممنوع في حق المحرم.

    ويتضح بالحديث المذكور أن المراد بالمخيط ما خيط أو نُسج على قدر البدن كله كالقميص أو نصفه الأعلى كالفنيلة أو نصفه الأسفل كالسراويل، ويلحق بذلك ما يخاط أو ينسج على قدر اليد كالقفاز أو الرجل كالخف، لكن يجوز للرجل أن يلبس الخف عند عدم النعل ولا يلزمه القطع على الصحيح، لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، خطب الناس بعرفات، فقال: { من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين } [متفق على صحته]، ولم يذكر القطع المذكور في الحديث الأول منسوخاً بحديث ابن عباس رضي الله عنهما.

    وهذا في حق الرجل، أما المرأة المحرمة بحج أو عمرة فيجوز لها لبس السراويل ولبس الخفين مطلقاً، وتنهى عن لبس النقاب أو القفازين، لأن النبي ، نهانا عن ذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، لكن تستر وجهها وكفيها بغير النقاب والقفازين عن الرجال الأجانب كالخمار ونحوه، والله ولي التوفيق.



    إذا أحصر الحاج بعد الإحرام

    سؤال: إذا عزم المسلم على الحج وبعد الإحرام تعذر حجه ماذا يلزمه؟

    الجواب: إذا أحصر الإنسان عن الحج بعدما أحرم بمرض أو غيره جاز التحلل بعد أن ينحر هدياً ثم يحلق رأسه أو يقصره لقول الله سبحانه وتعالى: وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [الحج:196]. ولأن النبي لما أحصر عن دخول مكة يوم الحديبية نحر هديه وحلق رأسه ثم رحل وأمر أصحابه بذلك. لكن إذا كان المحصر قد قال في إحرامه: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني حل ولم يكن عليه شيء ولا هدي ولا غيره، لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية، فقال لها النبي : { حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني }.



    تقديم الطواف والسعي قبل الرمي والوقوف بعرفة

    سؤال: هل يجوز تقديم طواف الإفاضة والسعي قبل رمي جمرة العقبة أو قبل الوقوف بعرفة؟ أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: يجوز تقديم الطواف والسعي للحج قبل الرمي، لكن لايجزئ طواف الحج قبل عرفات ولا قبل نصف الليل من ليلة النحر، بل إذا انصرف منها ونزل من مزدلفة ليلة العيد يجوز له أن يطوف ويسعى في النصف الأخير من ليلة النحر، وفي يوم النحر قبل أن يرمي. سأل رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: أفضت قبل أن أرمي، قال: { لا حرج }، فإذا نزل من مزدلفة صباح العيد أو في آخر الليل ولا سيما إذا كان من العجزة ونزلوا في آخر الليل كالنساء أو أمثالهم جاز لهم البدء بالطواف لئلا تحيض المرأة، وهكذا الرجل الضعيف يبدأ بالطواف ثم يرمي بعد ذلك ولا حرج في ذلك، ولكن الأفضل أن يرمي ثم ينحر الهدي إن كان عنده هدي، ثم يحلق أو يقصر، والحلق أفضل، ثم يطوف الطواف الأخير كما فعل الرسول ، حينما رمى الجمرة يوم العيد ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه ثم تطيّب، ثم ركب إلى البيت فطاف، ولكن لو قّدم بعضها على بعض بأن ينحر قبل أن يرمي أو طاف قبل أن يذبح أو طاف قبل أن يحلق كل ذلك مجزئ بحمد الله، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام سُئل عن التقديم والتأخير فقال:
    { لا حرج، لا حرج }.



    حكم استلام الركن اليماني أو الإشارة إليه

    سؤال: ما حكم المسح أوالإشارة إلى الركن الجنوبي الغربي للكعبة المشرفة أثناء الطواف؟ وكم عدد التكبيرات التي تقال عنده وعند الحجر الأسود؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

    الجواب: يشرع للطائف أن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط من أشواط الطواف، كما يستحب له تقبيل الحجر الأسود خاصة في كل شوط مع الاستلام حتى في الشوط الأخير إذا تيسر ذلك من دون مشقة، أما مع المشقة فيكره الزحام ويشرع أن يشير إلى الحجر الأسود بيده أو عصاه ويكبر، أما الركن اليماني فلم يرد فيما نعلم ما يدل على الإشارة إليه، وإنما يستلمه بيمينه إذا استطاع من دون مشقة، ولا يقبله ويقول: بسم الله والله أكبر أو الله أكبر، أما مع المشقة فلا يشرع استلامه ويمضي في طوافه من دون إشارة أو تكبير لعدم ورود ذلك عن النبي ، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، كما أوضحت ذلك في كتاب (التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة)، أما التكبير فيكون مرة واحدة ولا أعلم ما يدل على شرعية التكرار، ويقول في طوافه كله ما تيسر من الدعوات والأذكار الشرعية ويختم كل شوط بما ثبت عن النبي ، أن يختم كل شوط وهو الدعاء المشهور: { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار }. وجميع الأذكار والدعوات في الطواف والسعي سنة وليست واجبة، والله ولي التوفيق.



    حكم الجمع بين طواف الإفاضة والوداع

    سؤال: هل يجوز جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع في حالة الخروج مباشرة من مكة والعودة إلى الوطن؟

    الجواب: لا حرج في ذلك، لو أن إنساناً أخّر طواف الإفاضة فإذا عزم على السفر طاف عند سفره بعدما رمى الجمار وانتهى من كل شيء، فإن طواف الإفاضة يجزؤه عن طواف الوداع، وإن طافهما (طواف الإفاضة وطواف الوداع) فهذا خير إلى خير ولكن متى اكتفى بواحد ونوى طواف الحج أجزأه ذلك وليس عليه بعد ذلك طواف وداع، أو نوى بطوافه الطواف عنهما جميعاً طواف الإفاضة وطواف الوداع أجزأه ذلك.



    حكم تأخير الطواف ورمي الجمرة الكبرى

    سؤال: هل يجوز تأخير طواف الإفاضة عن يوم النحر وكذلك رمي جمرة العقبة؟ هل يجوز تأخير رميها وبقية الجمرات عن مواعيدها؟

    الجواب: طواف الحج (الإفاضة) وقته واسع فله تأخيره إلى الثالث عشر أو إلى آخر الشهر ما دام في مكة، أما الرمي فيجوز له أن يؤخره إلى آخر نهار اليوم الثالث عشر فيرميه كله في ذلك اليوم مرتباً، فيبدأ برمي جمرة العقبة بسبع عن يوم العيد، ثم يرجع إلى الصغرى فيرميها بسبع عن اليوم الحادي عشر، ثم الوسطى كذلك ثم جمرة العقبة كذلك، ثم يرجع فيرميهن عن اليوم الثاني عشر ولا شيء عليه للعذر.



    حكم الوقوف بعرفة

    سؤال: إذا وقف الحاج خارج حدود عرفة قريباً منها حتى غربت الشمس ثم انصرف فما حكم حجه؟

    الجواب: إذا لم يقف الحاج في عرفه وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي : { الحج عرفة } فمن أدرك عرفة بليل قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج، وزمن الوقوف ما بعد الزوال من يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم ليلة النحر، هذا هو المُجمع عليه بين أهل العلم.

    أما قبل الزوال ففيه خلاف بين أهل العلم، والأكثرون على أنه لا يجزئ الوقوف فيه إذا لم يقف بعد الزوال ولا في الليل، ومن وقف نهاراً بعد الزوال أو ليلاً أجزأه ذلك، والأفضل أن يقف نهاراً بعد صلاة الظهر والعصر جمع تقديم إلى غروب الشمس، ولا يجوز الانصراف قبل الغروب لمن وقف نهاراً، فإن فعل ذلك فعليه دم عند أكثر أهل العلم لكونه ترك واجباً وهو الجمع في الوقوف بين الليل والنهار لمن وقف نهاراً.



    حكم من انصرف من عرفة قبل الغروب

    سؤال: ما حكم من حج وانصرف من عرفة قبل غروب الشمس لظروف عمله؟

    الجواب: على من انصرف من عرفة قبل الغروب فدية عند أكثر أهل العلم إلا أن يعود إليها ليلاً فتسقط عنه الفدية، وهي دم يوزع لمساكين الحرم.



    من فاته الوقوف بعرفة في النهار فهل له الوقوف في الليل

    سؤال: شخص شارك في أعمال الحج ولم يمكنه عمله من الوقوف بعرفة في النهار فهل يجوز له أن يقف بعد انصراف الناس في الليل؟ وكم يكفيه في الوقوف؟ وهل لو مر بسيارته في عرفة يجزئه ذلك؟

    الجواب: يمتد زمن الوقوف بعرفة من طلوع فجر اليوم التاسع إلى طلوع فجر يوم النحر، فإذا لم يتمكن الحاج من الوقوف في نهار اليوم التاسع، فوقف في الليل بعد الانصراف كفاه ذلك، حتى لو لم يقف بعرفة إلا آخر الليل قبيل الصبح ويكفيه ولو بضع دقائق، وكذا لو مر من عرفات وهو سائر على سيارته أجزأه ذلك، ولكن الأفضل له أن يحضر الوقت الذي يقف فيه الناس ويشاركهم في الدعاء عشية عرفة، ويظهر منه الخشوع وحضور القلب، ويرجو مثل ما يرجون من نزول الرحمة، وحصول المغفرة، فإن فاته النهار فوقف بالليل فالأفضل له أن يبكر بالوقوف مهما استطاع، فينزل بعرفة ولو قليلاً ويمد يديه إلى ربه ويتضرع إليه في السؤال، ثم يذهب معهم إلى مزدلفة ويمكث بها إلى آخر الليل حتى يتم حجه.



    ما ضابط المبيت بمزدلفة؟ وما الحكم إذا تعذر؟

    سؤال: ما هو ضابط المبيت في مزدلفة وإذا تعذر المبيت واكتفى الحاج بالمرور بها فقط، فما حكم حجه؟

    الجواب: يجب على الحاج المبيت بمزدلفة إلى أن ينتصف الليل، وإذا كمل المبيت وصلى بها الفجر وذكر الله بعد الصلاة واستغفر حتى يسفر كان أفضل وأكمل، ويجوز للضعفة من النساء والشيوخ ومن يلزمهم الدفع في النصف الأخير من الليل، لأن الرسول ، رخّص للضعفة من أهله في ذلك، أما هو ، فبات بها وصلّى بها الفجر وذكر الله بعد الصلاة، وهلله واستغفره، فلما أسفر جداً دفع إلى منى، والأكمل للحاج التأسي به ، في ذلك، وللضعفة الترخيص في الدفع قبل الصبح كما تقدم، ومن ترك المبيت في مزدلفة من غير عذر شرعي وجب عليه دم لكونه خالف السنة، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما من ترك نسكاً أو نسيه فيهرق دماً، ولا شك أن المبيت في مزدلفة نسك عظيم حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ركن من أركان الحج، وذهب بعضهم إلى أنه سنة، وأعدل الأقوال أنه واجب من الواجبات في الحج يجب بتركه دم مع التوبة والاستغفار ممن ترك ذلك عمداً من غير عذر شرعي.



    حكم المبيت بمزدلفة

    سؤال: هل يكفي المرور بمزدلفة دون المبيت إلى منتصف الليل؟

    الجواب: المبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج، فإذا لم يبت الحاج بها يلزمه فدية، (أي دم يُذبح لمساكين الحرم)، ولكن إذا مر الحاج بمزدلفة ولم يبت بها، ثم عاد إليها مرة أخرى قبل الفجر، مكث بها ولو يسيراً فإنه لا فدية عليه.



    الاستنابة في رمي الجمار

    سؤال: هل يجوز الاستنابة في رمي الجمار للعاجز عن مباشرة الرمي لمرض أو نحوه؟

    الجواب: نعم يجوز الاستنابة في رمي الجمار للعاجر عن مباشرة الرمي وذلك لمرض أو كبر سن أو صغر، وكذا لمن يخشى على غيره كالحامل وذات الطفل التي لا تجد من يحفظ طفلها حتى ترجع، لما عليها من الخطر والضرر في مزاحمة الناس وقت الرمي، وقد نص أهل العلم على هذه المسألة واحتجوا عليها بما رواه أحمد وابن ماجه عن جابر أنه قال: حججنا مع رسول الله، ، معنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم، ومن الحُجّة على ذلك أيضاً قوله تعالى: فَاتَّقُواْ اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] وقول النبي : { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم }، وقوله عليه الصلاة والسلام: { لا ضرر ولا ضرار }.



    حكم من وكّل في رمي الجمار وهو قادر وسافر

    سؤال: ما حكم من وكّل في رمي الجمار وهو قادر وسافر بعد يوم العيد ولم يمكث في منى يومين؟

    الجواب: الوكالة لا تجوز إلا على علة شرعية مثل كبير السن والمريض ومثل الحبلى التي يخشى عليها وما أشبه ذلك، أما التوكيل من غير عذر شرعي فهذا لا يجوز، والرمي باق عليه حتى لو كان حجه نافلة على الصحيح؛ لأنه لما دخل في الحج والعمرة وجب عليه إكمالهما وإن كانا نافلة لقوله سبحانه وتعالى: وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ [الحج:196]. فهذا يعم حج النافلة وحج الفرض كما يعم عمرة الفرض وعمرة النافلة لكن إذا كان معذوراً لمرض أو كبر سن فلا بأس، والنائب يرمي عنه وعن موكله في موقف واحد الجمرات كلها هذا هو الصواب، وكذلك إن سافر قبل طواف الوداع فهذا أيضاً منكر ثان لا يجوز لأن طواف الوداع بعد انتهاء الرمي وبعد فراغ وكيله من الرمي إذا كان عاجزاً وكونه يسافر قبل طواف الوداع وقبل مضي أيام الرمي هذا فيه شيء من التلاعب فلا يجوز هذا الأمر بل عليه دمّان: دم عن ترك الرمي يُذبح في مكة، ودم عن ترك طواف الوداع يُذبح في مكة أيضاً، ولو طاف في نفس يوم العيد لا يجزؤه ولا يسمى وداعاً، لأن طواف الوداع يكون بعد رمي الجمار، فلا يطاف للوداع قبل الرمي لقول النبي : { لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت }. ولما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( أمر الناس أن يكون آخرعهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) [متفق على صحته].



    وقت رمي الجمار والرمي ليلاً

    سؤال: متى يبدأ وقت رمي الجمار، جمار أيام التشريق الثلاثة؟ وإلى متى ينتهي؟ وهل يصح أن يرمي الحاج ليلاً هذه الجمار خاصة هذه الأيام ونحن نرى الزحام الشديد والمشقة الصعبة في الرمي نهاراً وذلك لأن بعض الناس يستدلون بالحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: { كان رسول الله ، يسأل يوم النحر بمنى فيقول: لا حرج فسأل رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح، قال: اذبح ولا حرج، فقال: رميت بعدما أمسيت، فقال: لا حرج } فهم يقولون إنه إذا كان رسول الله ، قد أجاز للرجل الرمي ليلاً حيث أن الرمي في يوم النحر من أوجب الواجبات على كل حاج حتى يتحلل التحلل الأول فكيف ببقية أيام التشريق الثلاثة التي تقل وجوباً عن يوم النحر، فهذا دليل على أن الرمي أيام التشريق الثلاثة جائز ليلاً، فما حكم من رمى الجمار ليلاً هل عليه شيء أم لا؟ نرجو من سماحتكم توضيح هذه النقطة مع ذكر الدليل؟

    الجواب: وقت رمي الجمار أيام التشريق من زوال الشمس إلى غروبها لما روى مسلم في صحيحه أن جابر قال: { رمى رسول الله ، يوم النحر ضحى، ورمى بعد ذلك بعد الزوال }. وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن ذلك فقال:
    { كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا } وعليه جمهور العلماء
    ، لكن إذا اضطر إلى الرمي ليلاً فلا بأس بذلك، ولكن الأحوط الرمي قبل الغروب لمن قدر على ذلك أخذاً بالسنة وخروجاً من الخلاف، وأما حديث ابن عباس المذكور فليس دليلاً على الرمي بالليل، لأن السائل سأل النبي ، نص صريح يدل على عدم جواز الرمي بالليل، والأصل جوازه، ولكنه في النهار أفضل وأحوط ومتى دعت الحاجة إليه ليلاً فلا بأس به في رمي اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل، أما اليوم المستقبل فلا يرمي عنه في الليلة السابقة له ما عدا ليلة النحر في حق الضعفة في النصف الأخير، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يكون رميهم جمرة العقبة
    بعد طلوع الشمس، كما تقدم، جمعاً بين الأحاديث الواردة في ذلك، والله أعلم.




    حكم المبيت خارج منى

    سؤال: إذا لم يجد الحاج مكاناً يبيت فيه بمنى فماذا يفعل؟ وهل إذا بات خارج منى عليه شيء؟

    الجواب: إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت فيه ليالي منى فلم يجد شيئاً فلا حرج عليه أن ينزل في خارجها لقول الله عز وجل: فَاتَّقُواْ اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ولا فدية عليه من جهة ترك المبيت في منى لعدم قدرته عليه.



    حكم من ترك المبيت بمنى أيام التشريق بدون عذر

    سؤال: ما حكم من ترك المبيت في منى ثلاثة أيام أو اليومين المذكورين للمتعجل فهل يلزمه دم عن كل يوم فاته المبيت فيه في منى؟ أم أنه عليه دم واحد فقط لكل الأيام الثلاثة التي لم يبت فيها بمنى؟ نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟

    الجواب: من ترك المبيت بمنى أيام التشريق بدون عذر فقد ترك شيئاً شرعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بقوله وفعله وبدلالة ترخيصه لبعض أهل الأعذار مثل الرعاة وأهل السقاية، والرخصة لا تكون إلا مقابل العزيمة، ولذلك اعتبر المبيت بمنى أيام التشريق من واجبات الحج في أصح قولي أهل العلم، ومن تركه بدون عذر شرعي فعليه دم لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( من ترك نسكاً أو نسيه فليرق دماً ) ويكفيه دم واحد عن ترك المبيت أيام التشريق، والله أعلم.



    حكم من ترك طواف الوداع

    سؤال: ما حكم حج من ترك طواف الوداع؟

    الجواب: حجه صحيح بإجماع أهل العلم، ولكن فيه نقص يجبر بدم، لأن طواف الوداع واجب في أصح قولي العلماء،
    لقول النبي : { لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت } [خرجه مسلم في صحيحه]، إلا الحائض والنفساء
    فليس عليهما وداع، لما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: { أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت
    إلا أنه خفف عن المرأة الحائض }.




    هل يشترط للإحرام ركعتان؟

    سؤال: هل يشترط للإحرام ركعتان أم لا؟

    الجواب: لا يشترط ذلك وإنما اختلف العلماء في استحبابها فذهب الجمهور إلى استحباب ركعتين، يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يلبي، واحتجوا على هذا بأن الرسول ، أحرم بعد الصلاة، أي أنه صلى الظهر ثم أحرم في حجة الوداع، وقال : { أتاني آتي من ربي وقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة }. وهذا يدل على شرعية صلاة الركعتين وهذا قول جمهور أهل العلم. وقال آخرون: ليس هذا في نص، فإن قول: { آتاني من ربي آت وقال: صل في هذا الوادي المبارك } يحتمل: أن المراد صلاة الفريضة في الصلوات الخمس، وليس بنص ركعتي الإحرام وإنما يدل على إنه إذا أحرم بالعمرة أو بالحج بعد صلاة، يكون أفضل إذا تيسر ذلك.



    ~

  18. #18

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•





    فهذه مجموعة من فتاوى العلماء تتعلق بالحج نقدمها للأخت المسلمة، لعلها تكون مرشداً لها في أداء فريضة الحج
    على النحو الذي أمر به النبي .
    ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الحج والعمرة وسائر الأعمال.


    الإحرام من الميقات

    السؤال: أنا ذاهبة للعمرة ومررت بالميقات وأنا حائض فلم أحرم، وبقيت في مكة حتى طهرت فأحرمت من مكة، فهل هذا جائز أم ماذا أفعل؟ وما يجب علي؟

    الجواب: هذا العمل ليس بجائز، والمرأة التي تريد العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات إلابإحرام حتى لو كانت حائضاً؛ فإنها تحرم وهي حائض، وينعقد إحرامها ويصح. والدليل لذلك أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنهما ولدت والنبي نازل في ذي الحليفة يريد حجة الوداع فأرسلت إلى النبي : كيف أصنع؟ قال: { اغتسلى واستثفري بثوب وأحرمي } ودم الحيض كدم النفاس؛ فنقول للمرأة الحائض إذا مرت بالميقات وهي تريد العمرة أو الحج نقول لها: اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي، والاستثفار معناه أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة، ولكنها إذا أحرمت ووصلت إلى مكة لا تأتي إلى البيت ولا تطوف به حتى تطهر، ولهذا قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لعائشة حين حاضت في أثناء العمرة، قال لها: { افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري } هذه رواية البخاري ومسلم، وفي صحيح البخاري أيضاً: ذكرت عائشة أنها لما طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة، فدل هذا على أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو العمرة وهي حائض، أو أتاها الحيض قبل الطواف؛ فإنها لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وتغتسل، أما لو طافت وهي طاهرة وبعد أن انتهت من الطواف جاءها الحيض فإنها تستمر وتسعى ولو كان عليها الحيض، وتقص من رأسها وتنهي عمرتها؛ لأن السعي بين الصفا والمروة لا يشترط له طهارة [الشيخ ابن عثيمين].



    الإحرام ومحظوراته

    السؤال: هل يجوز للمرأة أن تحرم في أى ثياب شاءت؟

    الجواب: نعم، تحرم فيما شاءت، ليس لها ملابس مخصوصة في الإحرام كما يظن بعض العامة، لكن الأفضل أن يكون إحرامها في ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر؛ لأنها تختلط بالناس، فينبغي أن تكون ملابسها غير لافتة للنظر وغير جميلة بل عادية، ليس فيها فتنة.

    أما الرجل فالأفضل أن يحرم في ثوبين أبيضين، إزار ورداء، وإن أحرم في غير أبيضين فلا بأس. وقد ثبت عن الرسول أنه طاف ببرد أخضر، وقد ثبت عنه أنه لبس العمامة السوداء، فالحاصل أنه لا بأس أن يحرم في ثوب غير أبيض [الشيخ ابن باز].

    السؤال: أحرمت زوجتي للعمرة وقبل أن تخرج من الحمام وتلبس ثيابها قصّت شيئاً من شعرها، ماذا يجب عليها؟

    الجواب: لا حرج عليها في ذلك ولا فدية، فإن المنع من أخذ الشعر إنما يكون بعد عقد نية الإحرام، وهذه لم تكن قد عقدته ولا لبست ثيابها؛ فلا بأس عليها مع أنها لو فعلته بعد الدخول في الإحرام عن جهل أو نسيان لم يكن عليها فدية للعذر بالجهل. والله أعلم [الشيخ ابن جبرين].

    السؤال: ما حكم إحرام المرأة في الشُراب والقفازين، وهل يجوز لها خلع ما أحرمت فيه؟

    الجواب: الأفضل لها إحرامها في الشُراب أو في مداس، هذا أفضل لها وأستر لها، وإن كانت في ملابس ضافية كفى ذلك، وإن أحرمت في شُراب ثم خلعته فلا بأس كالرجل يحرم في نعلين ثم يخلعهما إذا شاء لا يضره ذلك، لكن ليس لها أن تحرم في قفازين ؛ لأن المحرمة منهية أن تلبس القفازين؛ وهكذا النقاب لا تلبسه على وجهها، ومثلة البرقع ونحوه؛ لأن الرسول نهاها عن ذلك، لكن عليها أن تسدل خمارها أو جلبابها على وجهها عند وجود غير محارمها، وهكذا في الطواف و السعي لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: { كان الركبان يمرون بنا و نحن مع رسول ، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه } [أخرجه أبو داوود و ابن ماجة] [الشيخ ابن باز].

    السؤال: ما حكم الشرع فيمن جامع زوجته وهي محرمة؟

    الجواب: إن كان هذا الرجل جامع زوجته في تحلله بين العمرة والحج، أي أنه قد انتهى من أعمال العمرة ولم يحرم بالحج فليس عليه شيء، وأما المرأة فإذا كان جماعه لها قبل سعيها للعمرة فسدت عمرتها، وعليها دم وقضاء العمرة من الميقات الذي أحرمت منه بالأولى، أما إن كان ذلك بعد الطواف والسعي وقبل التقصير فالعمرة صحيحة، وعليها عن ذلك إطعام ستة مسكين، أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام [اللجنة الدائمة].

    السؤال: هل يجوز للمرأة أن تلبس البرقع وهي محرمة؟ وهل يصح للمرأة أن تتطيب وهي محرمة؟ وهل يصح للمرأة أن تأكل حبوب منع العادة في الحج؟ وهل يصح لها مثلاً أن تمسك برجل غير محرم لها بسبب الزحام خوفاً من الضياع؟ وهل يصح لها الإحرام بالذهب؟

    الجواب: أولاً: لبس البرقع لا يجوز للمرأة في الإحرام؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: {... ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين } [رواه البخاري]، ولا شيء على من تبرقعت في الإحرام جاهلة للتحريم، وحجتها صحيحة.

    ثانياً: لا يجوز للمحرم التطيب بعد الإحرام، سواء كان رجلاً أو امرأة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: { ولا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس }، وقول عائشة رضي الله عنها: ( طيبت رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت ) [متفق عليه]، ولقوله في الرجل الذي مات وهو محرم: { لا تمسوه طيباً } [متفق على صحته].

    ثالثاً: يجوز للمرأة أن تأكل حبوباً لمنع العادة الشهرية عنها أثناء أدائها للمناسك.

    رابعاً: يجوز للمرأة إذا اضطرت في زحام الحج أو غيره أن تمسك بثوب رجل غير محرم لها أو بشته أو نحو ذلك؛ للإستعانة به للتخلص من الزحام.

    خامساً: يجوز للمرأة أن تحرم وبيدها أسورة ذهب أو خواتم ونحو ذلك، ويشرع لها ستر ذلك عن الرجال غير المحارم؛ خشية الفتنة بها [اللجنة الدائمة].



    اشتراط المحرم للمرأة

    السؤال: امرأة لا محرم لها، هل يجوز لها أن تحج مع رجل تقي معه نساؤه على أن تبقي مع النساء؟

    الجواب: المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج؛ لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلاً [آل عمران:97]. ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها؛ لما رواه البخاري ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي يقول: { لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم } فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: { انطلق فحج مع امرأتك }، وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي، وهو الصحيح؛ للآية المذكورة مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج أو محرم، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة لهم عليه، قال ابن المنذر: ( تركوا القول بظاهر الحديث، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه ) [اللجنة الدائمة].

    السؤال: هل يجوز للمرأة الحائض أن تطوف؟

    الجواب: الطواف بالبيت العتيق كالصلاة؛ فيشترط له ما يشترط لها، إلا أنه أبيح في الطواف الكلام، فالطهارة شرط لصحة الطواف، فلا يصح من الحائض الطواف حتى تطهر، ثم تتغسل، فقد ثبت في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله لا نذكر إلا الحج، حتى جئنا سَرِف فطمثت، فدخل عليّ رسول الله وأنا أبكي، فقال: { مالك؟ لعلك نفست؟ } فقلت: نعم، قال: { هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، إفعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري } وفي روايه لمسلم: { فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي } [اللجنة الدائمة].

    السؤال: هل يجوز للمرأة الحاجة أو المعتمرة الطواف حول الكعبة وهي كاشفة عن وجهها بحضرة الرجال الأجانب؟

    الجواب: وجه المرأة عورة لا يجوز كشفه لغير محرم، لا في الطواف ولا في غيره، ولا وهي محرمة أو غير محرمة، وإن طافت وهي كاشفة لوجهها أثمت بكشف وجهها، وصح طوافها، ولكن تستره بغير النقاب إن كانت محرمة [اللجنة الدائمة].

    السؤال: هل يصح للمرأة حين تقبل الحجر أن تتعرى وبجوارها الرجال؟

    الجواب: تقبيل الحجر الأسود في الطواف سنة مؤكدة من سنن الطواف إن تيسر فعلها بدون مزاحمة أو إيذاء لأحد بفعلك ؛ اقتداء برسول الله في ذلك، وإن لم يتيسر إلا بمزاحمة وايذاء تعين الترك والاكتفاء بالإشارة إليه باليد، ولا سيّما المرأة؛ لأنها عورة؛ ولأن المزاحمة في حق الرجال لا تشرع، ففي حق النساء أولى، كما أنه لا يجوز لها عند تيسر التقبيل بدون مزاحمة أن تكشف وجهها أثناء تقبيل الحجر الأسود؛ لوجود من ليس هو بمحرم لها في ذلك الموقف [اللجنة الدائمة].

    السؤال: هل الحائض والنفساء والعاجز والمريض يلزمهم طواف الوداع؟

    الجواب: ليس على الحائض ولا على النفساء طواف الوداع، وأما العاجز فيطاف به محمولاً، وهكذا المريض؛ لقول النبي : { لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت } ولما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفف عن المرأة الحائض، وجاء في حديث آخر ما يدل على أن النفساء مثل الحائض ليس عليها وداع [اللجنة الدائمة].



    الحائض والنفساء في الحج

    السؤال: ما حكم المرأة المسلمة التي حاضت في أيام حجها أيجزئها ذلك الحج؟

    الجواب: إذا حاضت المرأة في أيام حجها فإنها تفعل ما يفعل الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت، ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر، فإذا طهرت واغتسلت طافت وسعت، وإذا كان الحيض حصل لها ولم يبق عليها من أعمال الحج إلا طواف الوداع فإنها تسافر، وليس عليها شيء لسقوطه عنها، وحجها صحيح، والأصل في ذلك ما رواه الترمذي وأبوداود عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال: { النفساء والحائض إذا أتتا على الميقات تغتسلان وتحرمان وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت } وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها حاضت قبل أداء مناسك العمرة فأمرها النبي أن تحرم بالحج غير ألا تطوف بالبيت حتى تطهر، وأن تفعل ما يفعله الحاج وتدخله على العمرة. وما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها: أن صفية زوج النبي حاضت فذكرت ذلك لرسول الله ، فقال : { أحابستنا هي؟ } قالوا: إنها قد أفاضت، قال: { فلا إذاً } وفي رواية: قالت: حاضت صفية بعدما أفاضت، قالت عائشة: ذكرت حيضها لرسول الله ، إنها كانت أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة. فقال رسول الله : { فلتنفر } [اللجنة الدائمة].

    السؤال: كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام؟

    الجواب: الحائض لا تصلي ركعتي الإحرام، بل تحرم من غير صلاة، وركعتا الإحرام سنة عند الجمهور، وبعض أهل العلم لا يستحبها؛ لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص، والجمهور استحبوها لما ورد في بعض الأحاديث أن النبي يقول: { قال الله جل وعلا: صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة } أي في وادي العقيق في حجة الوداع، وجاء عن أحد الصحابة أنه صلى ثم أحرم فاستحب الجمهور أن يكون الإحرام بعد صلاة، إما فريضة وإما نافلة، يتوضأ ويصلي ركعتين، والحائض والنفساء ليستا من أهل الصلاة فتحرمان من دون صلاة، ولا يشرع لهما قضاء هاتين الركعتين [اللجنة الدائمة].

    السؤال: المرأة المتمتعة إذا أحرمت ثم قبل وصولها البيت الحرام جاءها الحيض، فماذا تفعل؟ وهل تحج قبل أن تعتمر؟

    الجواب: تبقى على إحرامها بالعمرة، فإن طهرت قبل اليوم التاسع وأمكنها إتمام عمرتها أتمتها، ثم أحرمت بالحج وذهبت إلى عرفة لإكمال بقية المناسك، فإن لم تطهر قبل يوم عرفة فإنها تدخل الحج على العمرة بقولها: ( اللهم إني أحرمت بحج مع عمرتي ) فتصير قارنة وتقف مع الناس وتكمل الأعمال، ويكفيها إحرامها وطوافها يوم العيد أو بعده للزيارة وسعيها عن الحج والعمرة، وعليها هدي قِران كما على المتمتع [الشيخ ابن جبرين].

    السؤال: هل يجوز للمرأة الحائض أن تجلس في المسعى؟

    الجواب: نعم، يجوز للمرأة الحائض أن تجلس في المسعى؛ لأن المسعى لا يعتبر من المسجد الحرام، ولذلك لو أن المرأة حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى؛ لأن السعي ليس طوافاً، ولا تشترط له الطهارة. وعلى هذا فنقول: إن المرأة الحائض لو جلست في المسعى تنتظر أهلها فلا حرج عليها في ذلك [الشيخ ابن عثيمين].

    السؤال: امرأة حاضت ولم تطف طواف الإفاضة وتسكن خارج المملكة، وحان وقت مغادرتها المملكة ولا تستطيع التأخير، ويستحيل عودتها للمملكة مرة أخرى، فما الحكم؟

    الجواب: إذا كان الأمر كما ذكر: امرأة تطف طواف الإفاضة وحاضت ويتعذر أن تبقى في مكة أو أن ترجع إليها لو سافرت قبل أن تطوف، ففي هذه الحالة يجوز لها أن تستعمل واحداً من أمرين: فإما أن تستعمل إبراً توقف هذا الدم وتطوف، وإما أن تتلجم بلجام يمنع من سيلان الدم إلى المسجد وتطوف للضرورة، وهذا القول الذي ذكرناه هو القول الراجح، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وخلاف ذلك واحد من أمرين: إما أن تبقى على ما بقى من إحرامها بحيث لا تحل لزوجها، ولا أن يعقد عليها إن كانت غير متزوجة، وإما أن تعتبر محصورة تذبح هدياً وتحل من إحرامها، وفي هذه الحال لا تعتبر هذه الحجة لها، وكلا الأمرين أمر صعب؛ فكان القول الراجح هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مثل هذه الحال للضرورة، وقد قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدّينِ مِن حَرَجٍ [الحج:78] وقال الله تعالى: يُريدُ اللّه بِكُم اليُسر ولا يُريدُ بِكم العُسر [البقرة:185]. أما إذا كانت المرأة يمكنها أن تسافر ثم ترجع إذا طهرت فلا حرج عليها أن تسافر، فإذا طهرت رجعت فطافت طواف الحج، وفي هذه المدة لا تحل للأزواج؛ لأنها لم تحل التحلل الثاني [الشيخ ابن عثيمين].

    السؤال: هل المسعى من الحرم؟ وهل تقربه الحائض؟ وهل يجب على من دخل الحرم من المسعى أن يصلي تحية المسجد؟

    الجواب: الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد، ولذلك جعلوا جداراً فاصلاً بينهما ولكنه جدار قصير، ولا شك أن هذا خير للناس ؛ لأنه لو أُدخل في المسجد وجُعِل منه لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى، والذي أفتى به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى، لأن المسعى لا يعتبر من المسجد. وأما تحية المسجد فقد يقال إن الإنسان إذا سعى بعد الطواف ثم عاد إلى المسجد فإنه يصليها، ولو ترك تحية المسجد فلا شيء عليه، والأفضل أن ينتهز الفرصة ويصلي ركعتين لما في الصلاة في هذا المكان من الفضل [الشيخ ابن عثيمين].



    التوكيل في الحج

    السؤال: مجموعة من النسوة ذهبن ليطفن طواف الوداع ومعهن أزواجهن، وكان الحرم مزدحماً، فوكلن أزواجهن عنهن إلا واحدة نذرت أن تطوف، فما حكم التوكيل في الطواف؟ وما حكم هذا النذر؟

    الجواب: لا يجوز التوكيل في الطواف سواء كان طواف الزيارة أو طواف الوداع، فمن تركه لم يتم حجه، لكن طواف الوداع يجبره بدم يذبح بمكة لمساكين الحرم، كما أن طواف الوداع يسقط عن المرأة الحائض أو النفساء إذا كانت قد طافت للزيارة، فأما هذا النذر فلا أهمية له، والطواف الواجب لا يحتاج إلى نذر ؛ لأنه واجب بأصل الشرع؛ فمن نذر طوافاً غير واجب عليه لزمه وصار واجباً بالنذر؛ لقوله تعالى: ثُم ليًقضُوا تَفَثَهُم وَليُوفُوا نُذُورَهُم وَليَطَوَفُوا بِالبًيتِ العَتِيقِ [الحج:29]
    [الشيخ ابن جبرين].


    السؤال: ما حكم التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي؟

    الجواب: لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحُبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار، فلا بأس بالتوكيل عنهم، أما القوية والنشيطة فإنها ترمي بنفسها، ومن عجز عنه نهاراً بعد الزوال رمى في الليل، ومن عجز يوم العيد رمى ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد، ومن عجز يوم الحادي عشر، رمى ليلة اثنتي عشرة عن يوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمى في الليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر، وينتهي الرمي بطلوع الفجر. أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق [الشيخ ابن باز].

    السؤال: هل يجوز أن توكل المرأة في رمي الجمرات خشية الزحام، وحجها فريضة، أو ترمي بنفسها؟

    الجواب: يجوز عند الزحام في رمي الجمرات أن توكل المرأة من يرمي عنها، ولو كانت حجتها حجة الفريضة، وذلك من أجل مرضها أو ضعفها، أو المحافظة على حملها إن كانت حاملاً، وعلى عرضها وحرمتها حتى لا تنتهك حرمتها شدة الزحام
    [اللجنة الدائمة].




    الإحرام في الثياب للمرأة

    سؤال: هل يجوز للمرأة أن تحرم في أي الثياب شاءت؟

    الجواب: نعم، تحرم فيما شاءت، ليس لها ملابس مخصوصة في الإحرام كما يظن بعض العامة، لكن الأفضل أن يكون إحرامها في ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر، لأنها تختلط بالناس، فينبغي أن تكون ملابسها غير لافتة للنظر وغير جميلة بل عادية ليس فيها فتنة، ولو أحرمت في ملابس جميلة صح إحرامها لكنها تركت الأفضل.
    أما الرجل فالأفضل أن يحرم في ثوبين أبيضين - إزار ورداء - وإن أحرم في غير أبيضين فلا بأس، وقد ثبت
    عن الرسول صلى الله عليه و سلم، أنه لبس العمامة السوداء عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنه لا بأس
    أن يحرم في ثوب غير أبيض.




    امرأة خلعت ملابس الإحرام بعد الإحرام بالعمرة بسبب الحيض

    سؤال: امرأة أحرمت للعمرة ثم جاءها الحيض فخلعت إحرامها وألغت العمرة وسافرت فما هو الحكم؟

    الجواب: هذه المرأة لم تزل في حكم الإحرام وخلعها ملابسها التي أحرمت فيها لا يخرجها عن حكم الإحرام، وعليها أن تعود إلى مكة فتكمل عمرتها وليس عليها كفارة عن خلعها ملابس وعودتها إلى بلادها إذا كانت جاهلة، لكنه إن كان لها زوج فوطأها قبل عودتها إلى أداء مناسك العمرة فإنها بذلك تفسد عمرتها، ولكن يجب عليها أن تؤدي مناسك العمرة وإن كانت فاسدة، ثم تقضيها بعد ذلك بعمرة أخرى، وعليها مع ذلك فدية وهي سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم جذع ضأن أو ثني معز يذبح في الحرم الملكي ويوزع بين الفقراء في الحرم عن فساد عمرتها بالوطء. وللمرأة أن تحرم فيما شاءت من الملابس وليس لها ملابس خاصة بالإحرام كما يظن بعض العامة، لكن الأفضل لها أن تكون ملابس الإحرام غير جميلة حتى لا تحصل فيها الفتنة،
    والله أعلم.




    حكم حل ضفائر شعر المرأة أثناء إحرامها

    سؤال: هل حل ضفائر شعر المرأة أثناء إحرامها يعتبر محظوراً عليها أو إستعمالها الحناء في يدها أو قدميها؟

    الجواب: ليس فيه بأس، حل الضفائر ليس فيه شيء ولا تتعمد قطع الشعر، أما أن تنقض ضفائرها للغسل أو غير ذلك من الأسباب فلا بأس، المحرم قطع الشعر حتى تحل من إحرامها أما كونها تحل الضفائر أو تغسل الرأس بشيء أو تختضب بالحناء أو ما أشبه ذلك فلا يضر، فليس فيه محظور، ولكن إذا خضبت يديها أو رجليها تسترها عن الناس، تكون ساترة
    لهما بالثياب أو الملابس هذه فتنة.

    فلو خلط الحناء بما يشبة الطيب؟
    لا. الطيب لا. ممنوع، لكن الحناء ليس معها شيء فلا بأس لكن تكون اليد مستورة؛ مستورة اليد والرجل عند
    الطواف والسعي والوجود بين الرجال.




    حكم سقوط شعر من الرأس

    سؤال: ماذا تفعل المرأة المحرمة إذا سقطت من رأسها شعرة رغماً عنها؟

    الجواب: إذا سقطت من رأس المحرم ـ ذكراً أو أنثى ـ شعرات عند مسحه في الوضوء أو عند غسله لم يضره ذلك، وهكذا من لحية الرجل أو من شاربه أو من أظفاره شيء لا يضره إذا لم يتعمد ذلك، إنما المحظور أن يتعمد قطع شيء، أما شيء يسقط من غير تعمد فهذه شعرات ميتة تسقط عند الحركة فلا يضر والله أعلم.

    سؤال: هل يجوز للحائض قراءة كتب الأدعية يوم عرفة على الرغم من أن بها آيات قرآنية؟

    الجواب: لا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء الأدعية المكتوبة في مناسك الحج، ولا بأس أن تقرأ القرآن على الصحيح أيضاً، لأنه لم يرد نص صحيح صريح يمنع الحائض والنفساء من قراءة القرآن، إنما ورد في الجُنب خاصة بأن لا يقرأ القرآن وهو جنب، لحديث على وأرضاه أما الحائض والنفساء فورد فيهما حديث ابن عمر ( لاتقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)، ولكنه ضعيف لأن الحديث من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازين وهو ضعيف في روايته عنهم.
    ولكنها تقرأ بدون مس المصحف عن ظهر قلب، أما الجنب فلا يجوز له أن يقرأ القرآن لا عن ظهر قلب ولا من المصحف حتى يغتسل، والفرق بينهما أن الجنب وقته يسير وفي إمكانه أن يغتسل في الحال من حين يفرغ من إتيان أهله فمدته لا تطول والأمر في يده متى شاء اغتسل، وإن عجز عن الماء تيمم وصلى وقرأ، أما الحائض والنفساء فليس بيدهما وإنما هو بيد الله عز وجل فمتى طهرت من حيضها أو نفاسها اغتسلت، والحيض يحتاج إلى أيام والنفاس كذلك، ولهذا أبيح لهما قراءة القرآن لئلا تنسيانه، ولئلا يفوتها فضل القراءة، وتعلم الأحكام الشرعية من كتاب الله، فمن باب أولى أن تقرأ الكتب التي فيها الأدعية المخلوطة من الأحاديث والآيات إلى غير ذلك. هذا هو الصواب، وهو أصح قولي العلماء رحمهم الله في ذلك.



    حكم تناول حبوب منع الحيض

    سؤال: هل من المباح للمرأة أن تأخذ حبوباً تؤجل بها الدورة الشهرية حتى تؤدي فريضة الحج؟ وهل لها مخرج آخر؟

    الجواب: لا حرج أن تأخذ المرأة حبوب منع الحيض تمنع الدورة الشهرية أيام رمضان حتى تصوم مع الناس، وفي أيام الحج حتى تطوف مع الناس ولا تتعطل عن أعمال الحج، وإن وجد غير الحبوب يمنع من الدورة فلا بأس إذا لم يكن فيه
    محذور شرعاً أو مضرة.

    سؤال: كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام؟ وهل يجوز للمرأة ترديد أي الذكر الحكيم في سرها؟

    الجواب: أ ) الحائض لا تصلي ركعتي الإحرام، تحرم من غير صلاة، وركعتا الإحرام سنة عند الجمهور، وبعض أهل العلم لا يستحبها، لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص، والجمهور استحبوها لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال له عن الله عز وجل: { صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة } [رواه البخاري في الصحيح] أي: في وادي العقيق في حجة الوداع، وجاء عن الصحابة أنه صلى ثم أحرم فاستحب الجمهور أن يكون الإحرام بعد صلاة إما فريضة وإما نافلة يتوضأ ويصلي ركعتين.

    والحائض والنفساء ليستا من أهل الصلاة فتحرمان من دون الصلاة، ولا يشرع لهما قضاء هاتين الركعتين.

    ب) يجوز للمرأة الحائض أن تردد القرآن لفظاً على الصحيح، إما في قلبها فهذا عند الجميع، إنما الخلاف هل تتلفظ به أم لا؟
    بعض أهل العلم حرم ذلك وجعل من أحكام الحيض والنفاس تحريم قراءة القرآن ومس المصحف، والصحيح جواز قراءتها للقرآن عن ظهر قلب لا من المصحف، لأنهما لم يرد فيهما نص صحيح يمنع ذلك بخلاف الجنب، فإنه ممنوع حتى يغتسل أو يتيمم عند عدم القدرة على الغسل كما تقدم.

    سؤال: لا شك أن الإفاضة ركن من أركان الحج، فإذا تركته الحائض لضيق الوقت ولم يتسع الوقت لانتظار الطهر فما الحكم؟

    الجواب: الواجب عليها وعلى وليها الانتظار حتى تطهر وتتطهر وتطوف طواف الإفاضة لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لما قيل له إن صفية قد حاضت: { أحابستنا هي؟ } فلما أخبر أنها قد أفاضت قال: { انفروا } لكن إذا لم يمكنها الانتظار وأمكنها العودة لأداء الطواف، جاز لها أن تسافر ثم تعود بعد الطهر لأداء الطواف، فإن لم يمكنها العودة أو خافت أن لا يمكنها ذلك كسكان البلاد البعيدة عن مكة المكرمة كأهل المغرب وأندونيسيا وأشباه ذلك جاز لها على الصحيح أن تتحفظ وتطوف بنية الحج، وأجزأها ذلك عند جمع من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم ـ رحمة الله عليهما ـ
    وآخرون من أهل العلم.



    حاضت أثناء طواف الإفاضة وأكملته حياء

    سؤال: سافرت امرأة إلى الحج وجاءت العادة الشهرية منذ خمسة أيام من تاريخ سفرها وبعد وصولها الميقات اغتسلت وعقدت الإحرام وهي لم تطهر من العادة، وحين وصولها إلى مكة المكرمة ظلت خارج الحرم ولم تفعل شيئاً من شعائر الحج أو العمرة، ومكثت يومين في منى ثم طهرت واغتسلت وأدت جميع مناسك العمرة وهي طاهرة، ثم عاد الدم إليها وهي في طواف الإفاضة للحج، إلا أنها استحت وأكملت مناسك الحج، ولم تخبر وليها إلا بعد وصولها إلى بلدهم، فما حكم ذلك؟

    الجواب: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فعلى المرأة المذكورة أن تتوجه إلى مكة وتطوف بالبيت العتيق سبعة أشواط بنية الطواف عن حجها بدلاً من الطواف الذي حاضت فيه، وتصلي بعد الطواف ركعتين خلف المقام أو في أي مكان من الحرم وبذلك يتم حجها. وعليها دم يذبح في مكة لفقرائها إن كان لها زوج قد جامعها بعد الحج لأن المحرمة لا يحل لزوجها جماعها إلا بعد طواف الإفاضة ورمي الجمرة يوم العيد والتقصير من رأسها، وعليها السعي بين الصفا والمروة إن كانت لم تسع إذا كانت متمتعة بعمرة قبل الحج، أما إذا كانت قارنة أو مفردة للحج فليس عليها سعي ثان إذا كانت قد سعت مع طواف القدوم. وعليها التوبة إلى الله سبحانه وتعالى مما فعلت من طوافها حين الحيض ومن خروجها من مكة قبل الطواف، ومن تأخيرها الطواف هذه المدة الطويلة، نسأل الله أن يتوب عليها.




    من نزل بها الحيض قبل طواف الإفاضة

    سؤال: امرأة حجت مع زوجها وفي يوم عرفة فوجئت بالحيض والمعلوم أنها تفعل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت، وشاهد ذلك حديث عائشة ولكن هل تبقى في مكة حتى تطوف طواف الإفاضة أم ماذا تفعل؟ وماذا يلزمها في حالة بقائها إذا كان من معها قد ذهبوا من مكة؟

    الجواب: الواجب على من نزل بها الحيض أو النفاس قبل أن تطوف طواف الإفاضة البقاء في مكة حتى تكمل حجها لقوله صلى الله عليه و سلم، لما أخبر عن صفية يوم النحر أنها حائض قال: { أحابستنا هي؟ } فقالوا: يا رسول الله قد أفاضت

    فقال: { انفروا } [متفق عليه]، لكن ذكر أهل العلم أن من لم يستطع البقاء إلى أن تطهر جاز لها النفير ثم الرجوع
    إلى مكة لتكمل حجها لقول الله سبحانه: فَاتَّقُواْ اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ - وقول النبي صلى الله عليه و سلم

    : { ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم } [متفق عليه].

    وليس لزوجها إن كانت ذات زوج أن يقربها حتى تعود إلى مكة وتكمل حجها، أما طواف الوداع فيسقط عن الحائض والنفساء، لما ثبت في الصحيحن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: { أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض } والله ولي التوفيق.




    حاضت قبل طواف الإفاضة

    سؤال: إذا حاضت المرأة قبل أن تطوف طواف الإفاضة فما حكمها؟ علماً بأنها فعلت كل بقية المناسك واستمر
    حيضها حتى بعد أيام التشريق؟

    الجواب: إذا حاضت المرأة قبل طواف الحج أو نفست، أنه يبقى عليها الطواف حتى تطهر فإذا طهرت تغتسل وتطوف لحجها ولو بعد الحج بأيام ولو في المحرم ولو في صفر حسب التيسير وليس له وقت محدود، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز تأخيره عن ذي الحجة، ولكنه قول لا دليل عليه، بل الصواب جواز تأخيره، ولكن المبادرة به أولى مع القدرة، فإن أخره عن ذي الحجة أجزأه ذلك ولا دم عليه، والحائض والنفساء معذورتان فلا حرج عليهما، لأنه لا حيلة لهما في ذلك، فإذا طهرتا طافتا سواء كان ذلك في الحجة أو في المحرم.




    إتيان النساء بعد طواف الإفاضة

    سؤال: إذا طاف الحاج طواف الإفاضة فهل يحل له النساء مدة أيام التشريق؟

    الجواب: إذا طاف الحاج طواف الإفاضة لم يحل له إتيان النساء إلا إذا كان قد استوفى الأمور الأخرى كرمي الجمرة والحلق أو التقصير وعند ذلك يباح له النساء وإلا فلا.
    والطواف وحده لا يكفي بل لا بد من رمي الجمرة يوم العيد، ولا بد من حلق أو تقصير، ولا من الطواف والسعي إن كان عليه سعي، وبهذا يحل له مباشرة النساء أما بدون ذلك فلا، ولكن إذا فعل اثنين من ثلاثة بأن رمى وحلق أو قصر، فإنه يباح له اللبس والطيب ونحو ذلك ما عدا النكاح، وهكذا لو رمى وطاف أو حلق فإنه يحل له الطيب واللباس المخيط ومثله الصيد وقص الظفر وما أشبه ذلك لكن لا يحل له جماع النساء إلا باجتماع الثلاثة: أن يرمي جمرة العقبة، ويحلق أو يقصر، ويطوف طواف الإفاضة ويسعي إن كان عليه سعي كالمتمتع، بعد هذا كله تحل له النساء. والله أعلم.




    الإستنابة في رمي الجمار

    سؤال: هل يجوز الإستنابة في رمي الجمار للعاجز عن مباشرة الرمي لمرض ونحوه؟

    الجواب: نعم يجوز الإستنابة في رمي الجمار للعاجز عن مباشرة الرمي وذلك لمرض أو كبر سن أو صغر، وكذا لمن يخشى على غيره كالحامل وذات الطفل التي لا تجد من يحفظ طفلها حتى ترجع، لما عليهما من الخطر والضرر في مزاحمة الناس وقت الرمي، وقد نص أهل العلم على هذه المسألة واحتجوا عليها بما رواه أحمد وابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال: حججنا مع رسول الله، صلى الله عليه و سلم ، معنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم، ومن الحُجَّة على ذلك أيضاً قوله تعالى: فَاتَّقُواْ اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]

    وقول النبي صلى الله عليه و سلم: { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم }،

    وقوله عليه الصلاة والسلام: { لا ضرر ولا ضرار }.




    حكم لباس المرأة للجوربين في الإحرام

    سؤال: ألبس في الإحرام الجوارب السوداء حتى تستر قدمي وأطوف بهن وقيل إن هذا يبطل الإحرام وعليك دم، أرجوا من سماحتكم إفادتي عن حكم لبسي لهن في الإحرام والطواف والصلاة؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: هذا عمل طيب تشكرين عليه لما فيه من ستر العورة والبعد عن أسباب الفتنة، والذي قال لك إن عليك دماً في ذلك قد أخطأ وغلط وإنما الممنوع في حق المحرمة لبس القفازين خاصة، أما لبس الجوربين في القدمين فلا بأس به في حق المرأة بل لابد منه في الطواف والصلاة، ولا مانع أن تحتاط عن ذلك بالملابس الضافية التي تستر قدميها في الطواف والصلاة ولا يشترط أن تكون الجوارب سوداء بل لا مانع من لبس غير السود مع مراعاة أن تكون ساترة للقدمين، وفق الله الجميع لإصابة الحق إنه سميع مجيب.



    إذا نفست المرأة في اليوم الثامن وطهرت بعد عشرة أيام

    سؤال: المرأة النفساء إذا بدأ نفاسها يوم التروية وأكملت أركان الحج عدا الطواف والسعي إلا أنها لاحظت أنها طهرت مبدئياً بعد عشرة أيام فهل تتطهر وتغسل وتؤدي الركن الباقي الذي هو طواف الحج؟

    الجواب: نعم إذا نفست في اليوم الثامن مثلاً فلها أن تحج وتقف مع الناس في عرفات ومزدلفة، ولها أن تعمل ما يعمل الناس من رمي الجمار والتقصير ونحر الهدي وغير ذلك، ويبقى عليها الطواف والسعي تؤجلهما حتى تطهر، فإذا طهرت بعد عشرة أيام أو أكثر أو أقل اغتسلت وصلت وصامت وطافت وسعت.
    وليس لأقل النفاس حد محدود فقد تطهر في عشرة أيام أو أقل من ذلك أو أكثر لكن نهايته أربعون يوماً فإذا تمت الأربعون ولم ينقطع الدم فإنها تعتبر نفسها في حكم الطاهرات، تغتسل وتصلي وتصوم وتعتبر الدم الذي بقي معها على الصحيح ـ دم فساد ـ تصلي معه وتصوم وتحل لزوجها، لكنها تجتهد في التحفظ منه بقطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء كما أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حمنة بنت جحش بذلك.



    حكم من أحرمت بالعمرة وهي حائض

    سؤال: امرأة تسأل وتقول: كان عليها العذر أي حائض، وأراد أهلها الذهاب للعمرة حيث لا يبقى عندها أحد فيما لو تأخرت عنهم، وذهبت معهم للعمرة وأكملت كل شروط العمرة من طواف وسعي كأن لم يكن عليها عذر وذلك جهلاً وخجلاً من أن تعلم وليها بذلك لا سيما أنها أمية لا تعرف القراءة والكتابة. ماذا يجب عليها؟

    الجواب: إذا كانت أحرمت معهم بالعمرة فعليها أن تعيد الطواف بعد الغسل وتعيد التقصير من الرأس، أما السعي فيجزئها في أصح قولي العلماء، وإن أعادت السعي بعد الطواف فهو أحسن وأحوط، وعليها التوبة إلى الله سبحانه من طوافها وصلاتها ركعتي الطواف وهي حائض.

    وإن كان لها زوج لم يحل له وطئها حتى تكمل عمرتها، فإن كان قد وطئها قبل أن تكمل عمرتها فسدت العمرة وعليها دم وهو رأس من الغنم، جذع ضأن أو ثني معز يذبح في مكة للفقراء، وعليها أن تكمل عمرتها كما ذكرنا آنفاً، وعليها أن تأتي بعمرة أخرى من الميقات الذي أحمرت منه بالعمرة الأولى بدلاً من عمرتها الفاسدة، أما إن كانت طافت معهم وسعت مجاملة وحياء وهي لم تحرم بالعمرة من الميقات فليس عليها سوى التوبة إلى الله سبحانه لأن العمرة والحج لا يصحان بدون إحرام، والإحرام هو نية العمرة أو الحج أو نيتها جميعاً.


    ~

  19. #19

    الصورة الرمزية rain bird

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    6,766
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•


    ~


    و بهذا ننهي موضوعنا .. فإن أصبنا فمن الله , و إن أخطأنا فمن أنفسنا و من الشيطان

    اسأل الله عز وجل ان يكتب لنا فيه الاجر و الثواب , و اتمنى اننا افدنا احدهم و لو بالقليل

    ..

    فشكرا للهِ عز وجل .. و ثم نقدم الشكر الخالص لأمنا الغاليه التي ساندتنا في جميع مواضيعنا

    ونشكر الاخوان الكريمان . ابو الوليد و عثمان بالقاسم . و اتمنى ما ازعجناكم بشيء ^^"

    و اخيرا نشكر الغاليه ليان على الفواصل الرائعه .. جزيتي الخيرات =)

    ..

    و الحمد لله رب العالمين على اتمامنا لهذا الموضوع .. او المواضيع التي قبلها

    من شهر شعبان الى شهر الحج


    و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ^__________^

    وفقنا الله و اياكم في هذا الشهر الطيب ..

    و عيد مبارك عليكم و علينا =)


    نلقاكم في مواضيع آخرى إن شاء ربي ^.^

    في حفظ الكريم ..,~




  20. #20

    الصورة الرمزية [ اللــيـــث ]

    تاريخ التسجيل
    Sep 2009
    المـشـــاركــات
    4,329
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: •,¸ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالـاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ¸,•

    الحج المبرور هو مرضاة الربّ وغفران الذنب ورفعة للدرجة ومحوٌ للسيئات وطريق إلى الجنة

    وفقّق الله تعالى ويسّر لك وتقبّل منك

    لإنه سميع مجيب رحيم رقيب وجعل حجّكم حجاً مبروراً مقبولاً وسعيكم مشكوراً لإنه غفور شكور


    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وخاتم المرسلين سيدنا محمد وعلى آله

    وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...