بعد التحة والسلام
كلنا يشغل بالنا الاخرة ونحاول ونسعى بكل ما نملك من اجل حصد رصيد عالى من الحسنات حبا لله وشوقا لرؤية وجهه الكريم ومحبتا فى رسول الله ورغبتا عالية فى ان نجتمع معه فى جنة عاليه قطفوها دانية
ولكن كثيرا منا ينوى على فعل شىء معين ولكن يقف ون ان يقوم به وتخبره نفسه كيف امر بخير وان لا اقوم به وتذهب العزيمة والحماس
والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابا من عنده، ثم لتدعنه، فلا يستجاب لكم. حديث حسن
لا يختلف اثنان على وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، حتى و لو بالقلب - و ذلك أضعف الإيمان. و الحث على الدعوة، حتى و لو بتبليغ آية : بلغوا عني ولو آية. حديث صحيح
و لكن ما يلتبس على الكثيرين، و يمنعهم من القيام بواجبهم الدعوي هو تفسير قوله تعالى :
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ. البقرة 44
*****
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ . الصف3
أَتَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَاب أَفَلَا تَعْقِلُونَ
الغرض من الآية الكريمة ، كما جاء في تفسير ابن كثير، هو ذمهم على خطئهم بحق أنفسهم بعدم فعلهم للخير الذي يأمرون به. أي ليس المراد ذمهم على أَمرهم بالبر مع تركهم له، بل على تركهم له. فإن الأمر بالمعروف معروف وهو واجب على العالم ولكن الواجب والأولى بالعالِم أن يفعله مع من أمرهم به ولا يتخلف عنهم كما قال شعيب علَيه السلام "وَمَا أُرِيد أَنْ أُخَالِفكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيد إِلَّا الْإِصْلَاح مَا اِسْتَطَعْت وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاَللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ أُنِيب".
فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب لا يسقط أحدهما بترك الآخر على أَصح قَولي العلماء من السلف والخلف.
لكنه والحالة هذه مذموم على ترك الطاعة و فعله المعصِية لعلمه بها ومخالفته على بصِيرة، فإِنه ليس من يعلم كمن لا يعلم. ولهذا جاءت الأَحاديث في الوعيد على ذلك.
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّر أُولُو الْأَلْبَاب. الزمر 9
و روى ابن عساكر عن النبي صلى الله عليه وسلَم
إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْل الْجَنَّة يَطَّلِعُونَ عَلَى أُنَاس مِنْ أَهْل النَّار فَيَقُولُونَ بِمَ دَخَلْتُمْ النَّار ؟ فُو اللَّه مَا دَخَلْنَا الْجَنَّة إِلَّا بِمَا تَعَلَّمْنَا مِنْكُمْ فَيَقُولُونَ إِنَّا كُنَّا نَقُول وَلَا نَفْعَل.
يقول سيد قطب رحمه الله :
...المطابقة بين القول والفعل , وبين العقيدة والسلوك , ليست أمرا هينا , ولا طريقا معبدا . إنها في حاجة إلى رياضة وجهد ومحاولة . وإلى صلة بالله , واستمداد منه , واستعانة بهديه . فملابسات الحياة وضروراتها واضطراراتها كثيرا ما تنأى بالفرد في واقعه عما يعتقده في ضميره , أو عما يدعو إليه غيره . والفرد الفاني ما لم يتصل بالقوة الخالدة ضعيف مهما كانت قوته , لأن قوى الشر والطغيان والإغواء أكبر منه ; وقد يغالبها مرة ومرة ومرة ; ولكن لحظة ضعف تنتابه فيتخاذل ويتهاوى , ويخسر ماضيه وحاضره ومستقبله ; فأما وهو يركن إلى قوة الأزل والأبد فهو قوي قوي , أقوى من كل قوي . قوي على شهوته وضعفه . قوي على ضروراته واضطراراته . قوي على ذوي القوة الذين يواجهونه.
قيل للحسن البصري: إن فلاناً لا يعظ , ويقول: أخاف أن أقول ما لا أفعل.
فقال الحسن: وأينا يفعل ما يقول؟ ودّ الشيطان لو ظفر بهذا, فلم يُؤمر بمعروف ولم يُنه عن منكر.
لئن لم يعظ العاصين من هو مذنبُ ،، فمن يعظ العاصين بعد محمدُ
"إن العبد المؤمن الفقير ليقول: يا ربّ ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير، فإذا علم الله عزّ وجل ذلك منه بصدق نية كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله إن الله واسع كريم".
وفي رواية أخرى قال: "من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشراً، ويضاعف الله لمن يشاء إلى سبعمائة" وفي الحديث المروي عن رسول الله
فالعامل إذا أراد بعمله مع الله شيئاً غيره فقد أحبط عمله مهما بلغ ما قصده من الضآلة، وأبى الله أن يتقبله منه. ففي الحديث القدسي قال الله سبحانه وتعالى (أنا خير شريك ومن أشرك معي غيري في عمل عمله، لم أقبله إلاّ ما كان لي خالصاً)
الهم ارزقنا النية وصدق فى العمل وجعل اعمالنا خالصة لوجهك الكريم
" اللهُمَّ لا تجعلنا ممن يدل عليك ثُمَّ يعرض عنك ، ويدعو إليك ثمَّ يفر منك "
و الحمد لله رب العالمين
المفضلات