"سلام قولا من رب رحيم"
نعم إنه رأس محمود يتدلى كالعادة مع سلسلة مفاتيحي , و محمود هذا ، دمية مثل بقية الأشياء التي لا تستطيع أن تنكر واقعها لأنها بالأصل تعجز عن إثبات ذاتها ..فغير المثبت يقبع خارج مظلة الجدل, ولذا فهو يقبع بين القضية والنفي ؛ فلا يصح نفي نفيه أو تركيبه مع حالته التي لم تحدث بالأصل..! <نطاق شبه فلسفي>
أعلم أنه من واجباتي أن أتجاوب فيزيائياً مع حركات القفز الإجباري داخل حافلة النقل (الباص الجامعي) حتى أصل بفضل الله سالما غانما إلى بر الأمان.. أو إلى منتصف الطريق بجانب الدوَّار لا يهم , و أنه من واجباتي أيضاً أن لا أزعج الدكتور (فراغ) بأي سؤال قد يكون جوابه بــ ما المسؤول عنه بأعلم من السائل.. و لكني حتماً لست مجبراً على أن أشاهد رأس صاحبي الكبير يرتطم بين الفينة والأخرى - حين يغفو - برأس صاحبه الآخر من الحماس.. والدكتور يكمل شرحه الرتيب بشكله الرتيب وأسلوبه الرتيب في حصة حوت كل معاني الرتابة الرتيبة.. وعلى الرغم من ذلك فأنا أستشعر في أحيان كثيرة مدى الإحباط السائد في جوِّ تلك القاعة و الذي تبثه الأنوف الكبيرة القادرة على تحويل كل قبائل الأكسجين إلى غازات سامة تجعل الشجر يفكر ألف مرة بطريقة أفضل للحصول على غذائه قبل أن يبدأ بعملية البناء الضوئي. ولذا وجب علي دفاعاً عن تلك الأشجار أن أقول بأن هذا الطريق تآمر مع شجاعتي المفقودة ليحولا كوب القهوة بيدي إلى رعب متأرجح يهدد في كل لحظة بالاندلاق على واقعي المهلهل, فالرعب في يدي والواقع في محفظتي والأمل يقبع في المساحة المتقلصة والمتمددة التي تفصل رأس صاحبي الحالم عن رأس صاحبه الصابر.
في أحيانٍ كثير أسأل زملائي فأقول لهم بغض النظر عن إمكانية حمل البقر للديناصور لماذا ولد الديناصور أعوراً.. فتعلو وجوههم الدهشة لا أقصد أن أكون غريبا و لكنه سؤال يروادني !! و لو جوابني أحدهم يوما , لما تشاركت الغضب معك يا” رأس محمود” ولما تمنيت يوما أن يلتصق رأس صاحبي مع “صاحبه”ليصبحا مخلوقا سرياليا قرر الهرب ذات صحوة من مخيلة مسطول.
إنها الشيء البائس الذي يأتي مع رنين الهاتف في ساعة متأخرة.. إنها ملايين الأسماك التي لن تجد بداخلها خاتماً واحداً, إنها ابن الجيران الذي قرر أخيراً الإفصاح عن حبه العذري على جدار منزلك؛ إنها اعتباطية وفردية و إنها حذاء البقال الذي يركض بيأس خلف لصوص الظهيرة..
نحن يا “رأس محمود” حين تبدأ بالتقمص أعيننا المتخمة بالصور المركولة على أبواب المنامات المخزنة في إنسانيتنا المنقرضة ننسى أننا محاولة طموحة لإعادة تصنيع فلسفة الهراء الاستهلاكي..! يا زميل الوجود, في البدء كانت الأمور تنتهي خلف حضوري.. لم أكن محاصراً بالورق و الأرق.. كنت كالبقية ,لم أكن يوماً لعنة يتلوها الأبرار ليتوارثها المبالون..ولكن كان ما كان.. ولذا سأضع يدي على عيني الآن ليختفي عندها كل شيء..المشهد و الشخصيات، المكان و الكون.. حتى أنت يا رأس محمود نعم حتى أنت فإن يديَّ سحريتان..!!
وحي..
كنت هنا،، e067" class="inlineimg" />
المفضلات