محبكم في الله جميعا .. ابنُ الفاتح ..
النصُّ :-
أما بعد ..
فتحية معطرة بالورد والزهر وعبق المحبة في الله وأريج الأخوة الصادقة و نسيم الصداقة أبثها إلى كل الأعضاء الفاضلين وجميع المتصفحين بكلمة محبة للجميع .. أهلا ومرحبا ..
ها قد دخلت الموضوع الشائك وأمسكت الحبل المزعزع وفتحت النافذة الغامضة بسؤال بسيط أوجهه للجميع :
هل تجهزت لرمضان ؟ وهل سينتهي رمضان كغيره ؟
إخوتي في الله .. أنا لا أقصد أي ذم أو انتقاد لأي منكم فيما أقول وما سأقول ان شاء الله .. وعذرا إن كان في تعابيري شيء من السخرية والنقد لكم .. ولكن لم أطق الانتظار .. ولم أجد أفضل بديل للتهربِ من نطق الكلمات .. و لا مفر من قول الحقيقة .. لأنها حقٌّ لابد منه .. و لكن سأحاول التخفيف من حدّةِ ريشتي لعل ذلك يساعد على قبول دعوتي .. لعله ..
إنه رمضان .. شهر الرحمة والقرآن .. و لن أخيط في دلائي تلك الكلمات القديمة من جديد .. لن أعود لأنهاك عن فعل المعاصي و ترك النواهي .. فتلك عبارات حفظناها عن ظهر قلب وعن رمشة عين .. ولكن قولي هذا لا يعني أنني أتفق مع فعل هذا أو ذاك .. لا ، و لكن قولي هذا يعني أن ما تكتب به أنغامي ستكون نشيد للقاء القديم مع مرحلة التغيير .. إنها أصوات نداءات تتردد في صدى العوالم .. إنها إيماءات تشير إلى حلقةٍ أخرى .. إلى القطعة المفقودة ..
ها قد أتى رمضان .. إنه قادم .. ضيف جديد يطرق على الأبواب .. يعلي الأجراس .. صدىً لنا للاستيقاظ .. و صوتا فينا للنضال .. ليشعل فينا الحماس .. لدخول مرحلة جديدة .. ليؤجِّجَ فينا نار السَّخَط .. فتغلق الأبواب .. و تتقطع أعناق الزهور .. زهور الكذب ..
أكان رمضان كغيره ؟! .. فنبدأ ننسج ثوبا من المسلسلات والأعياد .. ونصوم أياما بلا ظنٍّ أو استفهام .. ونقرأ آياتٍ في أسابيع أربعٍ فتغلق صفحاتها مع الأفراح .. أصبح رمضان عيدا يعجُّ بالمغارب و العجائب .. أصبح عيداً تغمره ألوان المرح و الضحكات .. و إذا ولى شهر الصيام أتى العيد و خارتِ القوى .. وشاهدت الشوارع بيضاء وسوداء .. نعم فهذا لا كذبٌ ولا خيال .. و لكن الناس قد ناموا فقد سهروا طول عيدهم الشهري الطويل .. حيث تزاحمت المسليات فلم تجد الأنفس لأوقاتها فراغا .. وتباعدت النسمات فقالوا شهرنا ثم عودة قديمة ... تلك العودة الفارغة إلى وهم الأيام ..
ماذا بعد ؟ هذا السؤال هو ما بدا تحت طبقات الوجوه العابسة .. إنه ما يحرك النفوس المجتهدة .. وما يوقظ الأرواح النائمة .. هو ما يشدني لأملأ أوراقي الناعمة بسواد ريشتي المتراقصة ..
ماذا بعد ؟
حسناً .. ها قد انقسمنا لنصفين ... ها قد تلاعبنا بالغيوم العالية .. فأهطلنا على قلوبنا القطرات السوداء .. وها قد ظل آخرنا يتلو ويناجي في ظلمات الليل الباردة .. و الموحشة على من تقافز منتشيا بحلاوة عيده الشهري .. انقسمنا لجزئين .. فأيهما تبعت ؟
تعبت !! أتعبت من لحظاتك النادمة !! .. على أنفاسك المهدرة في مصائب الأمور ومتاعب الهموم .. تعبت من ذكرياتك كل مرة تأوي إلى فراشك فتحاربك ذكرياتك ويؤنبك فؤادك !! أتعبت من البحث في زوايا ذاكرتك جاهدا ومحاولا ايجاد أيامك المنارة المملوءة ببرهة من الندم والاتصال بربك وإدراكك معاني دينِك في أعماقها !! .. في كل مرة تحاول أن تطفر إلى روحك .. إلى ما وراء أفقك الغامض .. فتقطعها لذات أفعالك ومعاجبك .. حلاوة معصيتك المتقطعة ؟! ..
ها هي فرصتك .. لحظتك .. مستقبلك .. رمضان .. ها قد أتى ليمد لك أيادياً لا يدا للعون .. فيحملك على ظهره و يوصلك إلى بر الأمان مع الراضين و الصالحين .. ثم يغادر من جديد بعد توصياته الدائمة لك بقطع وعد على نفسك الغالية بسلوك الطريق الوعرة .. التي تكون كالجبل للضعيف .. الذي ينظر من بُعد فيرى الجبل شاهقا .. وينظر الآخر الذي على قمته نظرة ازدراء .. فيقول : ما أقصر هذا الجبل !! .. ولكن ما أجمل المنظر عندما أراه من هنا .. لأنك إن سلكت ذلك الطريق يكون المنظر حياتك الهانئة .. المرحة .. الجميلة .. العفوية و المرضية ..
أرجو أن لا تظن الورقة أن ريشتي تحملها أحرفي وتنظر إليها نظرة كره و سخرية ممزوجة بازدراءٍ كبير .. كما أرجو أن لا يعتقد من قرأ حروفي أو يحمل المعنى الخاطئ من جملي .. إن رسالتي بسيطةٌ للغاية .. تعبر عنها جمل متواضعة .. إحداها لاريب إلا أن تعني ..
لا تغادر رمضان كما جئته
هناك حكمة تقول .. أو تعني : لا يمكنك حلُّ المشكلة بالتفكير نفسه الذي كنت تستعمله عندما أنشأتها .. هذا الأمر قد يكون بعيدا بعض الشيء ولكنه قريب عندما أحدق فيه .. فما قصدته خيوطي المتناثرة البهيمة .. أنها تمايلت بفن حتى تكون الجملة السابقة ( الملونة ) ..
فما أعنيه هو : أن رمضان قادم .. و قد يكون مرحلة عظيمة لأي منا .. قد يكون مرحلة التغيير .. تلك المرحلة التي تُصيب معظمنا في مرحلة من حياته .. تغير حياته .. تفكيره .. و ربما حتى هدفه و رؤيته .. فلمَ لا نجعله مرحلة لمستقبل مختلف ؟! .. مرحلة لتغيير الموازينِ .. وقلب الطرق .. مرحلة للتغيير !!
حياتنا مليئة بمختلف الأمور .. مركزيَّتُها لبعضنا مختلة ( و بمختلة أعني مهزوزة أو غير متوازنة .. أي أنني لا أقصد مجنونة أو ما شابه ) لذا ما رأيكم بدلا من أن نسير على الطريق لا نحمل حتى أنفسنا .. بدلا من أن نقع .. نتقلب ولا نتمكن من التركيز على الطريق و المضي قدما .. أن نخلق دنيا جديدة .. مستقبلا جديدا ... وهذا كله يبدأ بخلقٍ حاضر جديد .. أي بالبدء من يوم جديد ... والذي هو هذا اليوم .. قال قائد : الأمس انتهى الأمس فانسوه ... وبالنسبة إإلى الغد فأنا لا أعلم ما هو قادم لذا سأواجهه بكل قوة و لكن غدا .. ولهذا السبب فإن هذا اليوم وحده هو المهم .. لذا لليوم أهميته .. وإن لم أكن أعرف بعد .. فها أنا سأعرف .. لذا فهو مهم .. وإن من هذه اللحظة ..
وفي الختام : رمضان .. إن شاء الله .. هو قريب من محطته القادمة .. والتي هي هنا .. لذا فلا نجعله عيدا فللعيد وقته .. و لا نجعله مسلسلا .. فللمسلسل عيده .. و لكن لنجعله الخطوة الأولى .. في رحلة الألف ميل .. محطة للتزود بالوقود ؟ لا .. بل محطة لتغيير المفاهيم ... لتغيير التفكير .. ما سينعكس على أسلوب الحياة .. فيغيرها .
أن أقول حياة .. وأن أقول دين .. لا يعني الملل و المسؤوليات المزعجة .. بل يعني أسلوب الحياة المتوازن .. الذي يعيش الشهواتِ ( الحلال ) و الطاعات و المسؤوليات .. في باقةٍ .. لأسلوب حياتنا ..
لذا ..
لا تغادر رمضان كما جئته
خاتمة :-
اللهم بلغنا رمضان .. و اجعله محطةً نستقل فيها طريقك المستقيم .. فننال بذلك سعادة الدارين ..
الكاتبة : أختي الصغرى
المفضلات