كيف حالكم ؟
أعانني الله على إكمال ماعزمت على بدأه
المرة القادمة سأضع الجزئين السادس والسابع معاً





{ سورة النساء }


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}
{التكرار }


كرر النظم الفعل [
أَطِيعُوا] بالرغم أن حرف العطف يغني عن ذلك
والمراد .. اطيعوا الله ، وأطيعوا الرسول طاعة مستقلة حتى إن أمر ونهى عن ما لم يرد في القرآن الكريم أمره أو نهيه
فقد أوتي الكتاب ومثله السنة .
فتكرار الفعل ليبين أن طاعة الرسول طاعة مستقلة وأنها مساوية لطاعة الله
أما في طاعة أولى الأمر لم يُكرر الفعل لأن طاعتهم فقط بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله ولاتجب طاعتهم فيما سواهما





{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
{أساليب التأكيد }

أكد سبحانه على ضرورة تحكيم رسولنا - صلى الله عليه وسلم - وسنته في القضاء بين الخصوم.
وذكر ابن قيم الجوزية عدة وجوه استخدمها النظم لصياغة التوكيد منها:
{1..
بداية الجملة بقسم [ بلا حرف النفي التي تدل على توكيد القسم ، القسم بنفسه سبحانه وتعالى ]
{2..
الإتيان بصيغة الفعل المضارع في [
يُؤْمِنُونَ] ليدل على التجدد والحدوث : أي لا يكونون مؤمنين حتى يحكومك.
{3..
استخدام (
حَتَّىٰ) دون (إلا) حتى يكون المعنة لا يحصل الإيمان إلا بعد التحكيم .
{4..
تأكيد الرضى بالقضاء بقوله [
حَرَجًا] وهو من التسليم والرضى بالقضاء ، كما أنه أتى به نكرة ليدل على أنه لا يحصل أي نوع من أنواع الحرج
{5..
قوله تعالى: [
مِمَّا قَضَيْتَ ] ليدل على أن كل قضاء يقضيه الرسول -صلى الله عليه وسلم - يعمم كل فرد منهم عموماًَ .. تأكيداً على أن مايقضي به الرسول -صلى الله عليه وسلم - هو قضاء الله تعالى
{6..
أن أتى بالفعل والمصدر ليزيد التأكيد [
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا]

وهذا كله للحاجة الشديدة للتأكيد على هذا الأمر العظيم وحتى يكون أبلغ في نفوس العباد.

. . .

فائدة:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلاً من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة.
فقال اليهودي: تعال نتخاصم إلى محمد ، فقال المنافق: بل نتحاكم إلى [ كعب بن الأشرف ] -وهو الذي سماه الله طاغوت -
فأبى اليهودي أن يخاصمه إلا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقضى رسول الله لليهودي على المنافق،
فلما خرجا من عنده لم يرضَ المنافق وقال: تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب. فأتيا عمر
فقال اليهودي: كان بيني وبين هذا خصومة فتحاكمنا إلى محمد فقضى لي عليه فلم يرضَ بقضائه وزعم أنه
يخاصمني إليك.

فقال عمر - رضي الله عنه - :أكذلك هو؟ فقال المنافق: نعم. فقال عمر -رضي الله عنه - : مكانكما حتى أخرج إليكما.
فدخل عمر فاشتمل عليه سيفة -أي حمله - ثم خرج وضرب به المنافق حتى برد -أي مات -
وقال: هكذا أقضي فيمن لم يرضَ بقضاء الله ورسوله. فنزلت الآية:
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ
وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا
}




{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}
{خطاب الجمع خطاب المفرد }

ظاهر الخطاب في الآية هو للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن المقصود عموم المسلمين
ولهذا فائدة بيانية حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الموجه لأمته بما يوحي إليه ربه ، وهو المبلغ
وإمام الخلق أجميعن

فالخطاب له دعوة للمؤمنين أن يقتدوا به ..
وأمثلة هذا كثير في القرآن.

. . .

تنبيه :
ورد على لسان الكثيرين من الناس في العصر القديم والحديث أن الخطاب الذي يكون موجه للنبي صلى الله عليه وسلم
يكون خاصاً به هو وحسب .... وليس على المسلمين أن يتبعوا ذلك حتى لا يضعوا أنفسهم في منزلة الرسول الكريم!!!
قد يكون نوعاً من الغلو من طرفهم أو نوع من التهرب من الدين!
نسأل الله العافية من هذه الأقوال والأفكار والشبهات





{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا }
{فائدة في الآيتين 145-146 }

المنافق أخطر من الكافر ولهذا كان عذابه أشد [ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ]
وقد شرط تعالى للتوبة على الكافر الانتهاء عن الكفر فقط . [ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ]الأنفال:38
وأما المنافق فشرط عليه أربعاً: التوبة ، الصلاح ، الاعتصام، إخلاص الدين له
فقال: [إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ ] فدل على أن المنافقين
شرً من كفر به وأولاهم بمقته وأبعدهم من الإنابة إليه ثم قال: [فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ] ولم يقل [ أولئك هم المؤمنين ]
ثم قال: [وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا] ولم يقل [ وسوف يؤتيهم ] بغضاً وإعراضاً عنهم وتفظيعاً لما كانوا عليه
من عظم كفر النفاق.