بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مرحباً أعضاء مسومس المبدعين .. كيف حالكم ؟
هذه التجربة الأولى لي في قسم الشظايا الأدبية .. فأرجو أن تنال أستحسانكم

بينما كنت أقلب ما تيسر لي شراؤه من كتب و مجلات
عثرت على قصة .. أعجبني مغزاها .. راق لي أسلوبها
قراءتها لم تأخذ وقتاً طويلاً .. الا أن تأملها أستغرق ساعات طويلة
ففتحت حاسوبي .. و أحببت نقلها لكم فضغطت زر " موضوع جديد "
و بدأ صوت ضغطاتي على لوحة المفاتيح يرتفع



~*¤ô§ô¤*~ حقل الخزامى ~*¤ô§ô¤*~
قصة : هند العيتي

قررت ألا أكتب موضوع التعبير.. لن أكتب عن محنة مررت بها و أجتزتها
فمحنتي ما تزال جاثمة فوق صدري .. و كيف لي أن أتجاوزها ؟!
فأختي الكبيرة تظن نفسها ملكة جمال العالم ..و أخي الأصغر
يعتقد جازماً أنه " سوبر ستار " .. و هما الأثنان مصدر فخر أمي
و أنا مصدر تعاستها الوحيد ! فلا شيء في العالم يكدرها
أكثر من كتفي المتهدلتين و شعري الخشن!
فعن أية محنة لم أتجاوزها سأكتب ! لن أكتب ..
و لتتحدث الأخريات عن بطولاتهن !

ريم و لا شك ستكون متحمسة لتحكي قصة
عائلتها و الأزمة المالية و كيف أستطاعوا
تجاوزها بصبر و عزيمة ! فأكتفوا بخادمة واحدة
و سائق واحد .. و لم يقضوا الصيف في لندن !

أما سمر فستقطع قلوبنا بالحديث عن
محنة شعرها و الأثار المدمرة التي
لحقت به بعد أن اختفى من الأسواق
نوع الشامبو الذي أعتادت عليه !

و الكل متحمسات كما توقعت .. لكن أن
تكون ياسمين هي من وقع عليها الأختيار
لتتحدث عن محنتها فذلك ما لم أتوقعه !

فياسمين الطالبة الجديدة التي تجلس في
آخر الصف و التي ليس لديها سوى صديقة
واحدة و التي يحيط بها الكثير من الغموض
هي آخر من تهمني ! فمظهرها الشاحب لا
يروق لي و البقع البنفسجية على جلدها
تذكرني برائحة الكحول و الدم المتجمد !

اعتلت ياسمين المنصة بخفة .. بدا صوتها خافتاً
وسط هدير الهمهمات لكنها تابعت واثقة
فأسكت الفضول الهمهمة .. و علا صوتها واضحاً :

" كنت أريد أن أتحدث عن محنة .. لكنني عندما أسترجع
تفاصيل حياتي مع مرض التلاسيميا * أجد أنني أعيش
حالة خاصة أختصني الله بها لأنعم بالكثير من الميزات ..

أذهب الى المشفى كل شهر لأحقن بالدم السليم .. و هنالك يستقبلني
الجميع بالكثير من الود و البشاشة ، فيهتز قلبي لحرارة مشاعرهم و أتمنى
لو أستطيع منحهم البهجة كما يمنحونني !

أراقب نسبة الحديد في دمي كل أسبوع و آخذ الحقن تحت الجلد كي لا
يترسب الحديد في أعضائي .. و عندها لن يهمني أن أكون الأجمل أو الأكثر
ذكاءً .. و لن تملأني الحسرة إذا لم أكن الألمع حضوراً ! أليست تلك ميزة !

اختصني الله بأيام فرح إضافية .. فكل صباح أذهب فيه إلى المدرسة
يعني أنني أقرب الى المعافاة و أن المرض لا يعوقني .. فأفرح و أحمد الله !

و كل يوم أساعد فيه أمي و أجلي فيه الصحون دون أن أخشى
خطورة جرح يدي يعني أن مستوى الخضاب في دمي طبيعي ..
فأفرح و أحمد الله ..

أما عندما أتمدد في المشفى كل مرة لأحقن بالدم .. فتلك تجربة
فريدة ! أغمض عيني و أمضي في رحلة عبر شراييني .. تتراءى
لي كريات دمي الهزيلة المتكسرة كزهرات خزامى خجلة ..

و تبدو لي كريات الدم الحمراء الممنوحة لي كحقول شقائق
نعمان تجتاح شراييني .. و تكثر و تكثر حتى تضيع بينها
زهراتي البنفسجية .. و عندما تنتهي رحلتي أشعر أن زهرتي
شقائق النعمان تفتحتا في وجنتي و أن رئتي تتنفسان كل
الأكسجين الذي تمنحه تلك الحقول !

و في كل مرة يشتد علي المرض أو يستبد بي الوهن أدعو الله
فأشعر بقربه و رحمته فتخف آلامي و أشعر أن محنتي ليست الا
محنة أغدو بها إلى ربي أقرب ! "

أنهت ياسمين موضوعها .. و وسط الصمت عادت إلى مقعدها .. مرت
بقربي و خلاف ما كنت أعتقد كانت لها رائحة عطر الخزامى !

*التلاسيميا : مرض وراثي تتكسر فيه خلايا الدم الحمراء بسرعة كبيرة
و يحتاج المريض نقل دم جديد بشكل دائم لتعويض كريات الدم المتكسرة ،
و يؤدي كثرة نقل الدم إلى ترسب الحديد في الجسم مما يضطر المريض إلى
تناول أدوية تساعد على طرد الحديد الزائد من الجسم .




ها قد أنتهيت من سردها لكم
و أتمنى ان تكون قد حازت على رضاكم
لن أعلق على القصة شيئاً .. و سأترك الأمر لكم

فشكراً لمروركم
و في آمان الله و حفظه