لمْ أنسَ تلكَ الليلة حينما عصفتْ رياحُ التغيير على أشرعةِ نفسٍ ضعيفة غايةُ أمرها أنها في جوفِ إنسان !
رياحٌ أبتْ عليَّ مكاني وآثرتْ أن تسرحَ بي إلى مكانٍ بعيد .. لا أعرفُهُ من قبل .. وأسمعُ به كثيراً ..
عالمٌ هو النور والرحمة .. يغشاهُ القلب فلا يخشى شيئاً إلا أن يُقلبَ عنه ..
آآآه ما ألذ ذلكَ العالمْ لو عرفناه كما يجب !! .. ولكننا رضينا بأرضٍ دونه بفراسخ بل بسنين ضوئية !
تنبهتُ في ذلكَ اليومْ لأسرجَ عزيمتي إلى ذلكَ العالمْ الذي تحتوي القدسيةُ كلَّ ذراتِه .. وتحفُه ملائكةُ السماء وتغشاهُ الرحمات ..
ولكن !!
تنبهتُ قبلَ الرحلةِ أنني واحدٌ من أثقلِ من نام نوماً
لا يوقظهُ من نومه إلا يَقظتُه !!
لا ماء ولا هواء ولادواء .... فقط فقط إذا ملَّ النومُ ورحل ....
حسناً إذاً.
محمد صديقي القديم يعرفُ هذه الخصلةَ فيَّ فلم يتوانَ لحظةً أن يُقدمَ لي نصحهُ وتجاربه ؟!
قدمَ إلي ساعةَ " خرَّاش " ألمانية الصنع من شركةٍ معروفة لا أذكرُ اسمها ..
أخذتها وكلي شوقٌ للتجربة
وسبحتْ خيالاتي بأني انتهيتُ من سحرِ النوم ...
غــير أنها أمنيةٌ
..
أمنيةٌ ..
دونها خرطُ القتاد ..!
قلتُ لساعتي الجديدة : يا حبيبتي إن عزفَ عقربُك الصغير على وتر الرابعة فلا تذخري جهداً في الصياحْ .. ولا تغفلي عني كما غفلتُ عن نفسي ..
وسأكافئُكِ ببطاريتين من نوع ... ألمانيٍ أيضاً
كأنها فرحت بذلكَ
فمن يدري ربما هي أيضاً لاتحب أن تحيا صراعَ حضارات بجوفها ... !!
نمتُ وقد أوكلتُ أمري إلى الخراش الجديدة .
ودارت دائرةُ الليل وزقزقت المسكينةُ حتى بُحَّ صوتها فلم تجد خلاً مجيبا !!
...
ولعلها وجدت من يجيبها من الغرفة البعيدة في آخر الطابق !!
وإذا بأبي يدخلُ بابَ غرفتي وبيده خيزرانٌ أثرية ... لا أذكر مَن مِن أجدادي ورّثهُ إياها ...
طرقني بها طرقاتٍ سلبت مني كلَّ طلاسمِ وعُقدِ النوم وأوقعتني قعيدَ فراشي مستيقظاً ... ولكنْ ..
وآآ أسفاه .. فقد مضتْ الرحلةُ إلى تلكَ البلاد ...
أما أنا فصليتُ الفجرَ في السابعةِ صباحاً !!
المفضلات